الكريم
كلمة (الكريم) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل)، وتعني: كثير...
الرجل الذي يشبه المرأة في اللين، والكلام، والنظر، والنغمة، والعقل، لشدة التأنيث في خلقته . ومن شواهده ما ثبت عن أم سلمة، أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - كان عندها، وفي البيت مُخَنَّثٌ، فقال الْمُخَنَّثُ لأخي أم سلمة عبد الله بن أبي أمية : إن فتح الله لكم الطائف غداً، أدلك على بنت غيلان، فإنها تُقبل بأربع، وتُدبر بثمان، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : "لا يَدخُلنَّ هذا عليكن ". البخاري :5235.
رجل يشبه المرأة في اللين، والكلام، والنظر، والنغمة، والعقل، لشدة التأنيث في خلقته.
التَّعْرِيفُ:
1 - الْمُخَنَّثُ لُغَةً: بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا مِنَ الاِنْخِنَاثِ، وَهُوَ التَّثَنِّي وَالتَّكَسُّرِ وَذَلِكَ لِلِينِهِ وَتَكَسُّرِهِ، وَالاِسْمُ الْخَنَثُ، وَيُقَال لِلْمُخَنَّثِ: خُنَاثَةُ وَخُنَيْثَةُ (1) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: مَنْ تُشْبِهُ حَرَكَاتُهُ حَرَكَاتِ النِّسَاءِ خَلْقًا أَوْ تَخَلُّقًا.
وَقَال ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنْ صَاحِبِ النَّهْرِ: الْمُخَنِّثُ بِكَسْرِ النُّونِ مُرَادِفٌ لِلُوطِيِّ.
وَقَال ابْنُ حَبِيبٍ: الْمُخَنَّثُ هُوَ الْمُؤَنَّثُ مِنَ الرِّجَال وَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ مِنْهُ الْفَاحِشَةُ - (2) . الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْخُنْثَى:
2 - الْخُنْثَى فِي اللُّغَةِ: الَّذِي خُلِقَ لَهُ فَرْجُ الرَّجُل وَفَرْجُ الْمَرْأَةِ (3) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُخَنَّثِ وَالْخُنْثَى: أَنَّ الْمُخَنَّثَ لاَ خَفَاءَ فِي ذُكُورِيَّتِهِ.
وَأَمَّا الْخُنْثَى فَالْحُكْمُ بِكَوْنِهِ رَجُلاً أَوِ امْرَأَةً لاَ يَتَأَتَّى إِلاَّ بِتَبَيُّنِ عَلاَمَاتِ الذُّكُورَةِ أَوِ الأُْنُوثَةِ فِيهِ (4) .
ب - الْفَاسِقُ:
3 - الْفَاسِقُ فِي اللُّغَةِ: مِنَ الْفِسْقِ وَهُوَ فِي الأَْصْل خُرُوجُ الشَّيْءِ مِنَ الشَّيْءِ عَلَى وَجْهِ الْفَسَادِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: فَسَقَ الرُّطَبُ: إِذَا خَرَجَ عَنْ قِشْرِهِ.
وَيُطْلَقُ عَلَى: الْخُرُوجِ عَنِ الطَّاعَةِ، وَعَنِ الدِّينِ، وَعَنِ الاِسْتِقَامَةِ.
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: الْفَاسِقُ هُوَ الْمُسْلِمُ الَّذِي ارْتَكَبَ كَبِيرَةً قَصْدًا، أَوْ صَغِيرَةً مَعَ الإِْصْرَارِ عَلَيْهَا بِلاَ تَأْوِيلٍ (5) . وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ الْفَاسِقِ وَالْمُخَنَّثِ إِذَا كَانَ بِتَكَلُّفٍ وَلَمْ يَكُنْ - خِلْقَةُ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ، لأَِنَّ كُل مُخَنَّثٍ بِالْمَفْهُومِ الْمَذْكُورِ فَاسِقٌ، وَلَيْسَ كُل فَاسِقٍ مُخَنَّثًا.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمُخَنَّثِ:
4 - الْمُخَنَّثُ ضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَنْ خُلِقَ كَذَلِكَ وَلَمْ يَتَكَلَّفِ التَّخَلُّقَ بِأَخْلاَقِ النِّسَاءِ وَزَيِّهِنَّ وَكَلاَمِهِنَّ وَحَرَكَاتِهِنَّ، بَل هُوَ خِلْقَةٌ خَلَقَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا، فَهَذَا لاَذِمٌ عَلَيْهِ وَلاَ عَتَبَ وَلاَ إِثْمَ وَلاَ عُقُوبَةَ، لأَِنَّهُ مَعْذُورٌ لاَ صُنْعَ لَهُ فِي ذَلِكَ.
وَالثَّانِي: مَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ خِلْقَةً، بَل يَتَعَمَّدُ التَّشَبُّهَ بِالنِّسَاءِ فِي الأَْقْوَال وَالأَْفْعَال، وَبِاخْتِيَارِهِ، فَهَذَا هُوَ الْمَذْمُومُ الَّذِي جَاءَ فِي الأَْحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ لَعْنُهُ (6) .
وَتَتَرَتَّبُ عَلَيْهِمَا أَحْكَامٌ مُخْتَلِفَةٌ نَتَعَرَّضُ لَهَا فِيمَا يَلِي:
أ - شَهَادَةُ الْمُخَنَّثِ
5 - صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ أَقْوَال غَيْرِهِمْ بِأَنَّهُ لاَ تُقْبَل شَهَادَةُ مُخَنَّثٍ. وَمُرَادُهُ الْمُخَنَّثُ الَّذِي يُبَاشِرُ الرَّدِيءَ مِنَ الأَْفْعَال، أَوْ يَتَشَبَّهُ بِالنِّسَاءِ تَعَمُّدًا لِذَلِكَ فِي تَزْيِينِهِ، وَتَكْسِيرِ أَعْضَائِهِ، وَتَلْيِينِ كَلاَمِهِ لِكَوْنِ ذَلِكَ مَعْصِيَةً، لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَعَنَ اللَّهُ الْمُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَال، والْمُتَرَجِّلاَتِ مِنَ النِّسَاءِ يَعْنِي الْمُتَشَبِّهَاتِ بِالرِّجَال (7) .
وَأَمَّا الَّذِي فِي كَلاَمِهِ لِينٌ، وَفِي أَعْضَائِهِ تَكَسُّرٌ خِلْقَةً، وَلَمْ يَشْتَهِرْ بِشَيْءٍ مِنَ الأَْفْعَال الرَّدِيئَةِ فَهُوَ عَدْلٌ مَقْبُول الشَّهَادَةِ (8) .
ب - نَظَرُ الْمُخَنَّثِ إِلَى غَيْرِ مَحَارِمِهِ مِنَ النِّسَاءِ
6 - صَرَّحَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِأَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلْمُخَنَّثِ الَّذِي يَأْتِي بِالرَّدِيءِ مِنَ الأَْفْعَال النَّظَرُ إِلَى النِّسَاءِ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُخَنَّثِ الَّذِي فِي أَعْضَائِهِ لِينٌ أَوْ تَكَسُّرٌ بِأَصْل الْخِلْقَةِ وَلاَ يَشْتَهِي النِّسَاءَ: فَقَدْ رَخَّصَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ فِي تَرْكِ مِثْلِهِ مَعَ النِّسَاءِ اسْتِدْلاَلاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِْرْبَةِ مِنَ الرِّجَال} (9) وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَال: {غَيْرِ أُولِي الإِْرْبَةِ} هُوَ الْمُخَنَّثُ، وَعَنْ مُجَاهَدٍ وَقَتَادَةَ: الَّذِي لاَ إِرْبَ لَهُ فِي النِّسَاءِ، وَهُوَ مَنْ لاَ شَهْوَةَ لَهُ.
وَقِيل: هُوَ الْمَجْبُوبُ الَّذِي جَفَّ مَاؤُهُ، وَقِيل: الْمُرَادُ بِهِ الأَْبْلَهُ الَّذِي لاَ يَدْرِي مَا يَصْنَعُ بِالنِّسَاءِ، وَإِنَّمَا هَمُّهُ بَطْنُهُ، وَالأَْصْل فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ ﵂ قَالَتْ دَخَل عَلَيَّ النَّبِيُّ ﷺ وَعِنْدِي مُخَنَّثٌ، فَسَمِعْتُهُ يَقُول لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الطَّائِفَ غَدًا فَعَلَيْكَ بِابْنَةِ غَيْلاَنَ، فَإِنَّهَا تُقْبِل بِأَرْبَعٍ، وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ، فَقَال النَّبِيُّ ﷺ: لاَ يَدْخُلَنَّ هَؤُلاَءِ عَلَيْكُمْ (10) .
قَال ابْنُ جُرَيْجٍ: كَانَ اسْمُ هَذَا الْمُخَنَّثِ هِيتُ، وَبِهَذَا صَرَّحَ السَّرَخْسِيُّ حَيْثُ قَال: إِنَّ هِيتَ الْمُخَنَّثَ كَانَ يَدْخُل بُيُوتَ أَزْوَاجِ رَسُول اللَّهِ ﷺ حَتَّى سَمِعَ رَسُول اللَّهِ ﷺ مِنْهُ كَلِمَةً شَنِيعَةً أَمَرَ بِإِخْرَاجِهِ. وَقِيل: كَانَ اسْمُهُ مَاتِعٌ، وَقِيل: صَوَابُهُ هَنَبٌ (11) . ج - الصَّلاَةُ خَلْفَ الْمُخَنَّثِ
7 - صَرَّحَ الزُّهْرِيُّ بِقَوْلِهِ: لاَ نَرَى أَنْ يُصَلَّى خَلْفَ الْمُخَنَّثِ إِلاَّ مِنْ ضَرُورَةٍ لاَ بُدَّ مِنْهَا، كَأَنْ يَكُونَ ذَا شَوْكَةٍ، أَوْ مِنْ جِهَتِهِ، فَلاَ تُعَطَّل الْجَمَاعَةُ بِسَبَبِهِ.
وَقَدْ رَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِغَيْرِ قَيْدٍ، وَلَفْظُهُ: قُلْتُ فَالْمُخَنَّثُ؟ قَال: لاَ وَلاَ كَرَامَةَ، لاَ يُؤْتَمُّ بِهِ.
أَمَّا الْمُخَنَّثُ الَّذِي فِيهِ تَكَسُّرٌ وَتَثَنٍّ وَتَشَبُّهٌ بِالنِّسَاءِ فَلاَ مَانِعَ مِنَ الصَّلاَةِ خَلْفَهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ أَصْل خِلْقَتِهِ (12) .
د - تَعْزِيرُ الْمُخَنَّثِ:
8 - صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ الْمُخَنَّثَ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يُحْدِثَ تَوْبَةً
وَقَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: الْقَاعِدَةُ أَنَّهُ لاَ تَعْزِيرَ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَلَكِنِ اسْتُثْنِيَ مِنْهُ نَفْيُ الْمُخَنَّثِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ لِلْمَصْلَحَةِ (13) .
هـ - حَدُّ مَنْ قَال لآِخَرَ يَا مُخَنَّثُ
9 - صَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهُ يُحَدُّ الشَّخْصُ فِي قَوْلِهِ لِحُرٍّ عَفِيفٍ مُسْلِمٍ: يَا مُخَنَّثُ إِنْ لَمْ يَحْلِفْ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ قَذْفَهُ، فَإِنْ حَلَفَ بِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ قَذْفَهُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُ يَتَكَسَّرُ فِي الْقَوْل وَالْفِعْل كَالنِّسَاءِ فَلاَ يُحَدُّ بَل يُؤَدَّبُ، هَذَا إِنْ لَمْ يَخُصَّ الْعُرْفُ الْمُخَنَّثَ بِمَنْ يُؤْتَى.
وَأَمَّا إِنْ خَصَّهُ الْعُرْفُ بِهَذَا كَمَا هُوَ الآْنُ، فَيُحَدُّ مُطْلَقًا حَلَفَ أَمْ لَمْ يَحْلِفْ، لأَِنَّهُ يُعْتَبَرُ كَمُصَرٍّ عَلَى مَعْصِيَتِهِ (1) .
__________
(1) لسان العرب، ومختار الصحاح، والمعجم الوسيط، والمغرب للمطرزي مادة " خنث "
(2) ابن عابدين 3 / 183، 184 - ط. دار إحياء التراث العربي، ومجمع الأنهر 2 / 189، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 4 / 220 - ط. دار المعرفة، وشرح الزرقاني 8 / 90 - ط دار الفكر، وأسنى المطالب 2 / 58 ط المكتبة الإِسلامية والقليوبي 4 / 320 - ط دار إحياء الكتب العربية، ومطالب أولي النهى 5 / 14 - ط. المكتب الإِسلامي وفتح الباري 9 / 334 - 335. المكتب الإِسلامي.
(3) المصباح المنير مادة: " خنث ".
(4) ابن عابدين 5 / 464 - ط. دار إحياء التراث العربي وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4 / 489 - ط. دار الفكر، ونهاية المحتاج 6 / 31 - ط. مصطفى البابي الحلبي، والمغني لابن قدامة 6 / 253، 677 - ط. الرياض.
(5) لسان العرب، والمصباح المنير، وقواعد الفقه للبركتي، وشرح المحلى على المنهاج مع حاشية القليوبي 3 / 227.
(6) ابن عابدين 3 / 183، 184 - ط. دار إحياء التراث العربي، ومجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر 2 / 189، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 4 / 220 - ط. دار المعرفة، وصحيح مسلم بشرح النووي 14 / 164.
(7) حديث: " ابن عباس: " أن النبي ﷺ لعن المخنثين من الرجال. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 10 / 333) .
(8) فتح القدير 6 / 34 - ط. المطبعة الأميرية، والاختيار 2 / 147 - ط. دار المعرفة، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 4 / 220 - ط. دار المعرفة، والمبسوط للسرخسي 16 / 121 - ط. مطبعة السعادة، ومجمع الأنهر 2 / 189، والفتاوى الهندية 3 / 467 - ط. الأميرية، والحطاب 6 / 151، وما بعدها - ط. دار الفكر، والوجيز 2 / 249 - ط. دار المعرفة، والمغني 9 / 160، ونيل المآرب 2 / 476 ط مكتبة الفلاح.
(9) سورة النور / 31.
(10) حديث أم سلمة دخل عليّ النبي ﷺ وعندي مخنث. أخرجه البخاري (الفتح 8 / 43) ومسلم (3 / 1715، 1716) واللفظ للبخاري.
(11) فتح القدير 8 / 108 - ط. المطبعة الأميرية، والمبسوط للسرخسي 16 / 131 - ط. مطبعة السعادة، وفتح الباري 8 / 43، 45 - ط. دار المعرفة. ومسلم بشرح النووي 14 / 163 - ط. المطبعة المصرية، ومطالب أولي النهى 5 / 141 - ط. المكتب الإِسلامي.
(12) فتح الباري 2 / 188 - ط. دار المعرفة.
(13) فتح القدير 4 / 218 - ط. المطبعة الأميرية، وصحيح مسلم بشرح النووي 14 / 163 - ط. المطبعة المصرية، والإِقناع للشربيني 2 / 182 - ط. مصطفى البابي الحلبي، وفتح الباري 9 / 334، 533. ط. دار المعرفة.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 264/ 36