البحث

عبارات مقترحة:

الأول

(الأوَّل) كلمةٌ تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...

البصير

(البصير): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على إثباتِ صفة...

المتكبر

كلمة (المتكبر) في اللغة اسم فاعل من الفعل (تكبَّرَ يتكبَّرُ) وهو...

الرب

كلمة (الرب) في اللغة تعود إلى معنى التربية وهي الإنشاء والاعتناء، وتستعمل الكلمة بمعنى الصاحب، والمالك، والخالق، والمصلح للشيء، واسم (الرب) من أسماء الله الحسنى، ويدل على إثبات الربوبية المطلقة لله عز وجل على جميع الموجودات، ولا يقال (الرب) مطلقًا بلا قيد إلا لله سبحانه وتعالى.

التعريف

التعريف لغة

كلمة (ربّ) في اللغة مصدرٌ من الفعل (ربَّ يَرُبُّ) ولكنه مُستعارٌ للفاعل، فيستخدم في معاني عدّة؛ فالرَّبُّ: المالك، والخالق، والصاحب. والرب: المصلح للشيء. "المقاييس" لابن فارس (2 /382)، وهو أيضًا السيد والمدبِّر والقَيِّم على الشيء (أي: القائم عليه)، والأصل في هذه المعاني جميعًا: التربية، قال الراغب الأصبهاني: «الرَّبُّ في الأصل: التربية، وهو إنشاء الشيء حالًا فحالًا إلى حدّ التمام، يقال رَبَّهُ، وربّاه ورَبَّبَهُ. وقيل: (لَأَنْ يربّني رجل من قريش أحبّ إليّ من أن يربّني رجل من هوازن). فالرّبّ مصدر مستعار للفاعل، ولا يقال الرّبّ مطلقًا إلا لله تعالى المتكفّل بمصلحة الموجودات». "المفردات" (ص184).

التعريف اصطلاحًا

هو اسم من أسماء الله الحسنى، يدل على إثبات ربوبية الله تعالى على جميع الموجودات، والمقصود أنه تعالى منشِئٌ ومالك لها، وربوبيّته تتضمن تصرُّفَه في العالم، وتدبيره له، ونفاذ أمره كل وقت، وكونه معه كلَّ ساعة في شأنٍ، يخلق ويرزق، ويميت ويحيي، ويخفض ويرفع، ويعطي ويمنع، ويُعزُّ ويُذِلُّ، ويصرِّف الأمور بمشيئته وإرادته، وإنكار ذلك إنكارٌ لربوبيته وإلهيّته وملكه. انظر "الصواعق المرسلة" (4/1223).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

لا فرق بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي، إلا أن الاصطلاح يأبى اشتراك الله تعالى مع غيره في إطلاق الربوبية، فليس الإطلاق على وجه الكمال إلا لله سبحانه.

الصفة التي يدل عليها الاسم

يدل على إثبات الخلق والملك والتدبير لله تعالى

الأدلة

القرآن الكريم

الرب في القرآن الكريم
لم يرد اسم الله تعالى (الرب) في القرآن الكريم مطلقًا مجرَّدًا عن الإضافة، بل ورد في أكثر من (900) موضع جاء فيها جميعًا مضافًا لما بعده، كقوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الفاتحة: 2]، وكقوله جل جلاله: ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ۚ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ [مريم: 65] وقوله: ﴿قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الشعراء: 26]. وكذلك الأمر في نحو قوله تعالى: ﴿رَّبِّ اْغْفِرْ لِى وَلِوَٰلِدَىَّ﴾ [نوح: 28] فإنها جاءت مضافةً لياء المتكلم المحذوفة، وأصلها: (ربِّي).

السنة النبوية

الرب في السنة النبوية
ورد اسم الله تعالى (الرب) مطلقًا مجرَّدًا عن الإضافة في عدة مواضع، منها: حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا: «ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعًا وساجدًا، فأما الركوع؛ فعظموا فيه الرب جل جلاله …». رواه مسلم (479). حديث عمرو بن عبسة مرفوعًا: «أقرب ما يكون الرَّبُّ من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة؛ فكن». الترمذي (3579) والنسائي (572). كذا حديث أنس بن مالك: قال : «مَن أرادَ أن يَنامَ في فِراشِهِ فَنامَ على يمينِهِ ثمَّ قَرأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ مائةَ مرَّةٍ فإذا كانَ يومُ القيامةِ يقولُ لَهُ الرَّبُّ : يا عَبديَ ادخُل على يمينِكَ الجنَّةَ». الترمذي (2898) وابن عدي في "الكامل في الضعفاء" (2/439)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2549).

الإجماع

اسم الله (الرَّبّ) ثابت بالإجماع، قال القرطبي: «وأجمعت عليه الأمة». "الأسنى" (1/391).

العقل

اسمه تعالى (الرب) متضمّن لكونه المتفرّدَ بالخلق والملك والرزق والتدبير، وكلها ثابتة لله عز وجل عقلًا بأدلة كثيرة، من ذلك: 1- دليل الحدوث: وبيانه أن يقال: الحادث هو ما كان مسبوقًا بعدم، والممكن هو ما كان قابًلا للوجود والعدم. وكل حادثٍ ممكنٍ يفتقر إلى واجبٍ بنفسه، محدِثٍ لا يكون هو مُحدَثًا؛ منعًا للتسلسل. "درء التعارض" لابن تيمية (3/265). 2- دليل التمانُع، وبيّنه ابن أبي العز رحمه الله فقال: «والمشهور عند أهل النظر إثباته - أي: وحدانية الرب - بدليل التمانع؛ وهو: أنه لو كان للعالم صانعان، فعند اختلافهما، مثل أن يريد أحدهما تحريك جسم، والآخر تسكينه، أو يريد أحدهما إحياءَه، والآخر إماتته، فإما أن يحصل مرادهما، أو مراد أحدهما، أو لا يحصل مراد واحد منهما، والأول ممتنع؛ لأنه يستلزم الجمع بين الضدين، والثالث ممتنع؛ لأنه يلزم منه خلوُّ الجسم عن الحركة والسكون، وهو ممتنع، ويستلزم أيضًا عجز كل منهما، والعاجز لا يكون إلهًا، وإذا حصل مراد أحدهما دون الآخر، كان هذا هو الإلهَ القادر، والآخرُ عاجز لا يصلح للألوهية». "شرح الطحاوية" (ص14).

الآثار والمظاهر

الآثار السلوكية

الإيمان بهذا الاسم له الأثر العظيم في نفس العبد وسلوكه: فالإيمان بأن الله ربٌّ له الربوبية المطلقة - وهو ما لا يجادل به أهل الشرك - يلزم منه الإقرار بألوهيته سبحانه، لأن الخالق والمدبّر والرازق والحافظ والمالك هو وحده الذي يستحق العبادة، وهذا أمر عقليٌّ لا ينبغي أن يُنازَع فيه، فكيف يكون هذا ثابتًا له على سبيل التفرد ثم يُعبَد معه غيره، فضلًا عن أن يُترَك هو ويعبد غيره، وهذا الاحتجاج في القرآن الكريم كثيرٌ جدًّا، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 21-22] وقال: ﴿قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ۚ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ۚ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ۚ قُلْ فَأَنَّىٰ تُسْحَرُونَ﴾ [المؤمنون: 84-89]. الإيمان بأنه سبحانه ربٌّ يلزم منه الإيمان بجميع الصفات والأسماء التي أثبتها لنفسه جل وعلا، فتكون آثار الإيمان بهذه الأسماء والصفات من آثار الإيمان باسم (الرب)، يقول ابن القيم رحمه الله في هذا: «إن ربوبيته سبحانه إنما تتحقق بكونه فعّالًا مدبِّرًا متصرِّفًا في خلقه يعلم ويقدر ويريد ويسمع ويبصر، فإذا انتفت أفعاله وصفاته انتفت ربوبيته». "مختصر الصواعق" (2/474).

المظاهر في الكون والحياة

إن الكون والحياة جميعًا هما من مظاهر ربوبيّة الله سبحانه وتعالى، وكل إيجاد وإمداد، وخلق ورزق وتدبير هي من مظاهر كونه سبحانه ربًّا.

أقوال أهل العلم

«لما كان علم النفوس بحاجتهم وفقرهم إلى الرب قبل علمهم بحاجتهم وفقرهم إلى الإله المعبود، وقصدهم لدفع حاجاتهم العاجلة قبل الآجلة، كان إقرارهم بالله من جهة ربوبيته أسبقَ من إقرارهم به من جهة ألوهيته، وكان الدعاء له، والاستعانة به والتوكل عليه فيهم أكثر من العبادة له والإنابة إليه. ولهذا إنما بعث الرسل يدعونهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له الذي هو المقصود المستلزم للإقرار بالربوبية وقد أخبر عنهم أنهم ﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾ [الزخرف: 87] وأنهم إذا مسهم الضر ضل من يدعون إلا إياه وقال: ﴿ وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [لقمان: 32] فأخبر أنهم مقرون بربوبيته وأنهم مخلصون له الدين إذا مسَّهم الضر في دعائهم واستعانتهم ثم يعرضون عن عبادته في حال حصول أغراضهم. وكثير من المتكلمين إنما يقررون الوحدانية من جهة الربوبية وأما الرسل فهم دعوا إليها من جهة الألوهية وكذلك كثير من المتصوفة المتعبدة وأرباب الأحوال إنما توجههم إلى الله من جهة ربوبيته؛ لما يمدهم به في الباطن من الأحوال التي بها يتصرفون وهؤلاء من جنس الملوك وقد ذم الله عز وجل في القرآن هذا الصنف كثيرًا. فتدبر هذا فإنه تنكشف به أحوال قوم يتكلمون في الحقائق ويعملون عليها، وهم لعمري في نوع من الحقائق الكونية القدرية الربوبية لا في الحقائق الدينية الشرعية الإلهية». ابن تَيْمِيَّة "مجموع الفتاوى" (14 /14-15)
«الرب هو المالك المتصرف، ويطلق في اللغة على السيد، وعلى المتصرف للإصلاح، وكل ذلك صحيح في حق الله تعالى». ابن كَثِير "تفسير القرآن العظيم" (1/23)
«والرب: هو المربي جميعَ عباده بالتدبير وأصناف النعم. وأخص من هذا تربيته لأصفيائه بإصلاح قلوبهم وأرواحهم وأخلاقهم. ولهذا كثر دعاؤهم له بهذا الاسم الجليل، لأنهم يطلبون منه هذه التربية الخاصة». ابن سَعْدي "تيسير الكريم الرحمن" (ص945)