الأول
(الأوَّل) كلمةٌ تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...
«لما كان علم النفوس بحاجتهم وفقرهم إلى الرب قبل علمهم بحاجتهم وفقرهم إلى الإله المعبود، وقصدهم لدفع حاجاتهم العاجلة قبل الآجلة، كان إقرارهم بالله من جهة ربوبيته أسبقَ من إقرارهم به من جهة ألوهيته، وكان الدعاء له، والاستعانة به والتوكل عليه فيهم أكثر من العبادة له والإنابة إليه. ولهذا إنما بعث الرسل يدعونهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له الذي هو المقصود المستلزم للإقرار بالربوبية وقد أخبر عنهم أنهم ﴿ وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ﴾ [الزخرف: 87] وأنهم إذا مسهم الضر ضل من يدعون إلا إياه وقال: ﴿ وَإِذَا غَشِيَهُم مَّوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [لقمان: 32] فأخبر أنهم مقرون بربوبيته وأنهم مخلصون له الدين إذا مسَّهم الضر في دعائهم واستعانتهم ثم يعرضون عن عبادته في حال حصول أغراضهم. وكثير من المتكلمين إنما يقررون الوحدانية من جهة الربوبية وأما الرسل فهم دعوا إليها من جهة الألوهية وكذلك كثير من المتصوفة المتعبدة وأرباب الأحوال إنما توجههم إلى الله من جهة ربوبيته؛ لما يمدهم به في الباطن من الأحوال التي بها يتصرفون وهؤلاء من جنس الملوك وقد ذم الله عز وجل في القرآن هذا الصنف كثيرًا. فتدبر هذا فإنه تنكشف به أحوال قوم يتكلمون في الحقائق ويعملون عليها، وهم لعمري في نوع من الحقائق الكونية القدرية الربوبية لا في الحقائق الدينية الشرعية الإلهية». ابن تَيْمِيَّة "مجموع الفتاوى" (14 /14-15)
«الرب هو المالك المتصرف، ويطلق في اللغة على السيد، وعلى المتصرف للإصلاح، وكل ذلك صحيح في حق الله تعالى». ابن كَثِير "تفسير القرآن العظيم" (1/23)
«والرب: هو المربي جميعَ عباده بالتدبير وأصناف النعم. وأخص من هذا تربيته لأصفيائه بإصلاح قلوبهم وأرواحهم وأخلاقهم. ولهذا كثر دعاؤهم له بهذا الاسم الجليل، لأنهم يطلبون منه هذه التربية الخاصة». ابن سَعْدي "تيسير الكريم الرحمن" (ص945)