البحث

عبارات مقترحة:

الباطن

هو اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (الباطنيَّةِ)؛ أي إنه...

الحافظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحافظ) اسمٌ...

العلي

كلمة العليّ في اللغة هي صفة مشبهة من العلوّ، والصفة المشبهة تدل...

الشاكر

كلمة (شاكر) في اللغة اسم فاعل من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي بمعنى: الرضا بالقليل، كما تقول العرب: فَرَسٌ شَكور، إذا كَفاهُ لِسِمَنِهِ العلف القليل، وقد يقال: إنه بمعنى الظهور والزيادة. واسم (الشاكر) من أسماء الله الحسنى، ويدل على إثبات محبة الله تعالى لعباده وشكره لهم، وهو اسم ثابت في القرآن الكريم والسنة النبوية.

التعريف

التعريف لغة

الشاكر اسم فاعل من الفعل (شَكَرَ يَشْكُرُ)، والشُّكر في اللغة له معنيان، المعنى المشهور له أنه فعل يُنبئ عن تعظيم المنعم والثناء عليه؛ بسبب إنعامه، قال الجوهري: «الشُّكْرُ: الثناء على المحسِن بما أوْلاكَهُ من المعروف. يقال: شَكَرْتُهُ وشَكَرْتُ له، وباللام أفصح، وقوله تعالى : ﴿لَا نُريدُ منكُمْ جَزاء ولا شُكورًا﴾ [الإنسان: 9] يَحتَمِل أن يكون مصدرًا مثل قَعَدَ قُعودًا، ويحتمل أن يكون جمعًا مثل بُرْدٍ وبُرودٍ، وكُفْرٍ وكُفورٍ. والشُّكْرانُ: خلاف الكفران.» "الصحاح" (2/702)، والمعنى الثاني هو الرضا بالقليل، وأصل استخدامه عند العرب هو قولهم: فَرَسٌ شَكور، إذا كَفاهُ لِسِمَنِهِ العلف القليل» انظر "المقاييس" لابن فارس (3/208). وقد يقال: الشكر بمعنى الظهور والزيادة، قال الزجاج: «وأصل الشكر في الكلام: الظهور، وفيه يقال شكير النبت، وشَكِرَ الضرعُ (أي: ثدي الدابة) إذا امتلأ، وامتلاؤه: ظهور، ويقال دابة شكور، وهو السريع السِّمَن، فسرعة سمنه ظهور أثر صاحبه عليه» "تفسير الأسماء" (ص47).

التعريف اصطلاحًا

هو اسم من أسماء الله الحسنى، يدل على إثبات محبة الله تعالى لعباده وشكره لهم، ومعنى الشكر المضاف إليه: الرضى بيسير الطاعة من العبد والقبول له، فهو الذي يشكر اليسير من الطاعة فيثيب عليه الكثير من الثواب، ويعطي الجزيل من النعمة، فيرضى باليسير من الشكر، وقد يكون وصف الله لنفسه بالشكور ترغيبًا للخلق في الطاعة قلّت أو كثرت؛ حتى لا يستقلّوا العمل القليل فيتركوه عندما يعجزون عن الكثير. انظر "شأن الدعاء" للخطابي (ص66)، ويمكن أن يكون المعنى: ثناء الله على المحسن من عباده، كما قال البيهقي: «وشكره قد يكون بمعنى ثنائه على عبده، فيرجع معناه إلى صفة الكلام، التي هي صفة قائمة بذاته» "الاعتقاد" (ص59). ويمكن أيضًا حمله على معنى الظهور والزيادة - وهو قريبٌ مما سبق - لأن الله يقبل قليل الأعمال، ويجازي عليها بالكثير الزائد عنها، وهذا من ظهور أثر هذا العمل، والله أعلم.

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

العلاقة بين المعنيين ظاهرة بيّنة، لأن المعاني الثلاثة التي ذُكرت في اللغة يصح إثباتها لله عز وجل، على وجه الكمال الذي يليق به سبحانه.

الصفة التي يدل عليها الاسم

يدل هذا الاسم على إثبات صفة الشكر لله تعالى

الأدلة

القرآن الكريم

الشاكر في القرآن الكريم
ورد اسم الله (الشاكر) في القرآن الكريم في موضعين هما: 1- ﴿وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 158] 2- ﴿مَّا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا﴾ [النساء: 147] ولعل المعنى الذي يفيده اقتران الاسمين (الشاكر) و(العليم) في ذيل كل من الآيتين أن الله سبحانه عليمٌ بمن يستحق الشكر على عمله، فليس كل داعٍ أو عامل أو متطوع بخيرٍ يقبل الله منه فعله ويشكره عليه، فهو أعلم بحقيقة الأفعال وفاعليها، ولا مطَّلِعَ على القلوب والضمائر إلا هو جل وعلا، كما قال سبحانه: ﴿ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ۖ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَىٰ ﴾ [النجم: 32].

السنة النبوية

الشاكر في السنة النبوية
ورد اسم الله (الشاكر) في حديث أبي هريرة في أسماء الله الحسنى: «إنَّ لله تعالى تِسعةً وتِسعينَ اسمًا من أحصاها دَخَل الجَنَّةَ، فذكَرَها وَعَدَّ منها: الشاكر» وتفرد بهذه الرواية عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان وهو ضعيف الحديث عند أهل النقل. "الاعتقاد" للبيهقي (57) وجاءت صفة الشكر التي يدل عليها اسم (الشاكر) في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة ساقي الكلب ماءً، وفيه: «… فنَزل البئر، فملأ خُفَّه ماءً، ثم أمسكه بفيه حتى رقي، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له …» البخاري (2363) ومسلم (2244).

العقل

يمكن أن نقول أن شكر الله لعباده ثابت لله بالمشاهدة والعقل، لأن طاعة العبد هي أقل بكثيرٍ من نِعم الله عليه، فتكون كثرة نعم الله، واستمرارها دون انقطاع دليلًا على شكر الله عز وجل، ومقابلته القليل بالكثير.

الآثار والمظاهر

الآثار السلوكية

للإيمان بهذا الاسم أثار وفوائد، منها: الحياء من الله عز وجل لأنه جل وعلا يعطي ويمنح العبد الأسباب التي تمكّنه من فعل ما أمره به، وويوفقه إلى طاعته، ثم يشكر له ذلك، فهذا يستلزم الخجل من الله عز وجل والصَّغارَ أمامه، فلا يستكبر العبد بطاعته، ولا يعتزُّ بما قدّم لله من مال أو غيره، يقول سيد قطب في تفسير قوله تعالى: ﴿إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ﴾ [التغابن: 17]: «وتبارك الله ما أكرمه وما أعظمه وهو يُنشئ العبد ثم يرزقه ثم يسأله فضل ما أعطاه قرضًا يضاعفه، ثم يشكر لعبده الذي أنشأه وأعطاه ويعامله بالحلم في تقصيره، هو عن شكر مولاه.. يا لله». "في ظلال القرآن" (6/3591). الإيمان بهذا الاسم يحمل العبدَ على الالتزام بالطاعة وفعل ما يقرّبه إلى الله ولو قلَّ؛ لأنه يعلم أن القليل عند الله كثير، فإن ترك الطاعة العظيمة لم يستصغر الطاعة القليلة. نصيب العبد من اسم الله (الشاكر) الاتصاف بموجَبه، والبعد عن ضده وهو الكفر والجحود، قال تعالى: ﴿بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ [الزمر: 66]، ويقول ابن القيم: «ولمّا كان سبحانه هو الشكور على الحقيقة، كان أحب خلقه إليه من اتصف بصفة الشكر، كما أن أبغض خلقه إليه من عطَّلها واتصف بضدّها». "عدة الصابرين" (ص337).

المظاهر في الكون والحياة

يظهر أثر هذا الاسم في أن الله عز وجل يعطي خلقه كثيرًا مقابل قليل من العمل، والأمثلة والشواهد على ذلك كثيرة جدًا منها على سبيل المثال ما جاء في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أنه قال: «أتى النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلّم رجل مُقنّع (مغطى الوجه) بالحديد، فقال: يا رسول الله، أقاتل أوْ أُسلم؟ قال: أسْلِم ثمّ قاتل، فأسلم ثم قاتل فقُتِل، فقال رسول الله : عمل قليلا وأُجِرَ كثيراً» البخاري (2808)، فكان مجرَّد دخوله في الإسلام وقتالِه في سبيل الله حتى استشهد سببًا في دخول الجنة. وكذلك القصة التي يرويها أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي ، يقول: إن رسول الله قال: «بينا رجل يمشي، فاشتد عليه العطش، فنزل بئرًا، فشرب منها، ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث، يأكل الثرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي، فملأ خُفّه، ثم أمسكه بفيه، ثم رقي، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له، قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجرًا؟ قال: في كل كبد رطبة أجر» البخاري (2363)، وفي رواية له: «فشكر الله له، فأدخله الجنة» البخاري (173)، بل أقل من ذلك، فحتى إماطة الأذى عن الطريق يشكرها الله لعباده ويغفر بها الذنوب، روى أبو هريرة رضي الله عنه: «أنَّ رَسولَ اللَّهِ قالَ: بيْنَما رَجُلٌ يَمْشِي بطَرِيقٍ، وجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ على الطَّرِيقِ، فأخَذَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ له، فَغَفَرَ له» البخاري (652) ومسلم (1914).

أقوال أهل العلم

«ومن أسماء الله تعالى: الشاكر والشكور؛ المخلوق يشكر من أحسن إليه، والله يشكر لنا إحساننا إلى أنفسنا» قِوَام السُّنَّة الحجة في بيان المحجّة (1/130)
«وأما شكر الرب تعالى فله شأن آخر، كشأن صبره، فهو أولى بصفة الشكر من كل شكور، بل هو الشكور على الحقيقة، فإنه يعطي العبد ويوفقه لما يشكره عليه، ويشكر القليل من العمل والعطاء، فلا يستقله أن يشكره ويشكر الحسنة بعشر أمثالها إلى أضعاف مضاعفة، ويشكر عبده بقوله بأن يثني عليه بين الملائكة وفي مَلَئه الأعلى، ويلقي له الشكر بين عباده، ويشكره بفعله فإذا ترك له شيئًا أعطاه أفضل منه، وإذا بذل له شيئًا ردّه عليه أضعافًا مضاعفة، وهو الذي وفقه للترك والبذل وشكره على هذا وذاك» ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة عدة الصابرين (ص240)
«الشاكر والشكور، من أسماء الله تعالى، الذي يقبل من عباده اليسير من العمل، ويجازيهم عليه، العظيم من الأجر، الذي إذا قام عبده بأوامره، وامتثل طاعته، أعانه على ذلك، وأثنى عليه ومدحه، وجازاه في قلبه نورا وإيمانا وسعة، وفي بدنه قوة ونشاطا، وفي جميع أحواله زيادة بركة ونماء، وفي أعماله زيادة توفيق.» ابن سَعْدي "تيسير الكريم الرحمن" (ص76).