الخبير
كلمةُ (الخبير) في اللغةِ صفة مشبَّهة، مشتقة من الفعل (خبَرَ)،...
مادة بيضاء يَطِيبُ بِهِا الطَّعَامُ . ومن شواهده حديث عُبَادَة بْن الصَّامِتِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : " سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - يَنْهَى عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرِّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحِ بِالْمِلْحِ، إِلا سَوَاءً بِسَوَاءِ، عَيْنًا بِعَيْنٍ، فَمَنْ زَادَ، أَوِ ازْدَادَ، فَقَدْ أَرْبَى ." مسلم :1575.
ما يَطِيبُ بِه الطَّعامُ، يُؤَنَّثُ ويُذَكَّرُ، والتَّأنِيثُ فيه أكْثَرُ، يُقال: مَلَحَ القِدرَ، يَمْلَحُهُ، مَلْحاً: إذا طَرَحَ فيها المِلحَ بِقَدَرٍ، وأمْلَحَها: أفْسَدَها بالمِلح، ومَلَّحَها تَمْلِيحاً مِثله. والمَلاَّحُ: بائِعُ المِلْحِ أو صاحِبُه. وأصلُ الكَلِمَة يَدلُّ على البياضِ، ومنه سُمِّي المِلحُ لِبَياضِه. والمِلْحُ والمَلِيحُ: خِلافُ العَذْبِ مِن الماءِ. والجَمْعُ: مِلاحٌ بالكَسْرِ.
يَرِد مُصطَلح (مِلْح) في الفقه في عِدَّة مواضِع، منها: كتاب الطهارة، باب: صِفة الوضوء، وباب: صِفة التَّيَمُّم عند الحديث على حكم الوُضوء بِالماءِ المُتغَيِّر بالمِلح، وحكم التَّيَمُّمِ بالمِلْح. ويَرِد أيضاً في كتاب الأطعمة، باب: ما يحلُّ أكله، وغير ذلك.
ملح
جمع مُلْحَة. والملحة كلمة ظريفة تُرَوِّح عن النَّفس.
* العين : (3/243)
* تهذيب اللغة : (5/64)
* مقاييس اللغة : (5/347)
* المحكم والمحيط الأعظم : (3/377)
* مختار الصحاح : (ص 297)
* لسان العرب : (2/599)
* طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية : (ص 69)
* المغرب في ترتيب المعرب : (ص 445)
* المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : (2/578) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْمِلْحُ فِي اللُّغَةِ: مَا يَطِيبُ بِهِ الطَّعَامُ، يُؤَنَّثُ وَيُذَكَّرُ، وَالتَّأْنِيثُ فِيهِ أَكْثَرُ، وَالْجَمْعُ مِلاَحٌ - بِالْكَسْرِ (1) -.
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (2) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمِلْحِ:
أ - التَّوَضُّؤُ بِالْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ بِالْمِلْحِ
2 - قَال الْحَصْكَفِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِمَاءٍ يَنْعَقِدُ بِهِ مِلْحٌ، لاَ بِمَاءٍ حَاصِلٍ بِذَوَبَانِ مِلْحٍ، لِبَقَاءِ الأَْوَّل عَلَى طَبِيعَتِهِ الأَْصْلِيَّةِ وَانْقِلاَبِ الثَّانِي إِلَى طَبِيعَتِهِ الْمِلْحِيَّةِ (3) .
وَنَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنِ الزَّيْلَعِيِّ: وَلاَ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِمَاءِ الْمِلْحِ، وَهُوَ مَا يَجْمُدُ فِي الصَّيْفِ وَيَذُوبُ فِي الشِّتَاءِ عَكْسُ الْمَاءِ، وَأَقَرَّهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَالْمَقْدِسِيُّ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ بِمَاءِ الْمِلْحِ مُطْلَقًا، أَيْ سَوَاءٌ انْعَقَدَ مِلْحًا ثُمَّ ذَابَ أَوْ لاَ، وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدِي (4) .
وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ - كَمَا نَقَل الدُّسُوقِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ - أَنَّ تَغَيُّرَ الْمَاءِ بِالْمِلْحِ لاَ يَضُرُّ وَلَوْ طُرِحَ قَصْدًا. وَقَال الْقَابِسِيُّ: إِنَّهُ كَالطَّعَامِ فَيَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ.
وَقَال الْبَاجِيُّ: الْمِلْحُ الْمَعْدِنِيُّ لاَ يَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ، وَالْمَصْنُوعُ كَالطَّعَامِ يَسْلُبُهُ. وَنَقَل الْحَطَّابُ عَنْ سَنَدٍ أَنَّ الْمِلْحَ الْمَعْدِنِيَّ يَضُرُّ لأَِنَّهُ طَعَامٌ فَيَسْلُبُ الطَّهُورِيَّةَ، وَالْمَصْنُوعُ لاَ يَضُرُّ، لأَِنَّ أَصْلَهُ التُّرَابُ فَلاَ يَسْلُبُ، الطَّهُورِيَّةَ (5) .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي الْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ بِالْمِلْحِ أَوْجُهٌ:
أَصَحُّهَا: يَسْلُبُ الْمِلْحُ الْجَبَلِيُّ الطَّهُورِيَّةَ مِنْهُ دُونَ الْمَائِيِّ.
وَالثَّانِي: يَسْلُبَانِ. وَالثَّالِثُ: لاَ يَسْلُبَانِ (6) .
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّطَهُّرُ بِمَاءٍ مُتَغَيِّرٍ بِالْمِلْحِ الْمَائِيِّ، وَلاَ يَسْلُبُ خَلْطُ هَذَا الْمِلْحِ بِالْمَاءِ طَهُورِيَّةَ الْمَاءِ، لأَِنَّ أَصْلَهُ الْمَاءُ، بِخِلاَفِ الْمِلْحِ الْمَعْدِنِيِّ فَيَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ (7) ، وَقَالُوا: الْمَاءُ الَّذِي خُلِطَ فِيهِ مِلْحٌ مَعْدِنِيٌّ فَغَيَّرَهُ طَاهِرٌ (8) .
ب - التَّيَمُّمُ بِالْمِلْحِ
3 - يَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِالْمِلْحِ لأَِنَّهُ لاَ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ عِنْدَهُمْ إِلاَّ بِالتُّرَابِ (9) .
وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ الْمِلْحَ الْمَائِيَّ لاَ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمِلْحُ جَبَلِيًّا فَفِي التَّيَمُّمِ بِهِ رِوَايَتَانِ صُحِّحَ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَلَكِنِ الْفَتْوَى عَلَى الْجَوَازِ (10) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمِلْحَ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ مَا دَامَ فِي مَوْضِعِهِ (مَعْدِنِهِ) أَمَّا إِنْ نُقِل مِنْ مَحِلِّهِ وَصَارَ مَالاً فِي أَيْدِي النَّاسِ فَلاَ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِهِ (11) . ج - كَوْنُ الْمِلْحِ مَالاً رِبَوِيًّا 4 - الْمِلْحُ مِنَ الأَْعْيَانِ الَّتِي نُصَّ عَلَى تَحْرِيمِ الرِّبَا فِيهَا (12) ، فَقَدْ رَوَى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ ﵁ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَنْهَى عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرِّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحِ بِالْمِلْحِ، إِلاَّ سَوَاءً بِسَوَاءِ، عَيْنًا بِعَيْنٍ، فَمَنْ زَادَ أَوِ ازْدَادَ فَقَدْ أَرْبَى (13) . وَلِلتَّفْصِيل (ر: رِبًا ف 17) .
__________
(1) لسان العرب، والمصباح المنير.
(2) زاد المعاد في هدي خير العباد 4 / 396 ط مؤسسة الرسالة، والآداب الشرعية لابن مفلح 3 / 59 - 60.
(3) الدر المختار 1 / 121.
(4) حاشية ابن عابدين 1 / 121، والفتاوى الهندية 1 / 21.
(5) الشرح الصغير 1 / 32، 33، والحطاب 1 / 57، 58، والدسوقي 1 / 37.
(6) روضة الطالبين 1 / 11، والمجموع 1 / 102.
(7) شرح منتهى الإرادات 1 / 13، والمغني 1 / 13.
(8) كشاف القناع 1 / 31.
(9) المجموع 2 / 212، وكشاف القناع 1 / 172.
(10) الفتاوى الهندية 1 / 27.
(11) الشرح الصغير 1 / 196.
(12) المجموع 9 / 392، والمغني 4 / 4، والاختيار 2 / 30، والقوانين الفقهية ص 253، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 3 / 348.
(13) حديث عبادة: " سمعت رسول الله ﷺ ينهى عن بيع الذهب بالذهب. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1210) .
الموسوعة الفقهية الكويتية: 28/ 39