البحث

عبارات مقترحة:

المتكبر

كلمة (المتكبر) في اللغة اسم فاعل من الفعل (تكبَّرَ يتكبَّرُ) وهو...

المقدم

كلمة (المقدِّم) في اللغة اسم فاعل من التقديم، وهو جعل الشيء...

المؤمن

كلمة (المؤمن) في اللغة اسم فاعل من الفعل (آمَنَ) الذي بمعنى...

الرحمن

هذا تعريف باسم الله (الرحمن)، وفيه معناه في اللغة والاصطلاح، وأدلته، وتفريقٌ بينه وبين اسمه (الرحيم)، وبعض مسائله وخلاف العلماء فيها.

التعريف

التعريف لغة

اختلف العلماء في اسم الرحمن هل هو جامد أو مشتق؟ والراجح كونه مشتقًا، وأنه مشتق من الرحمة. قال القرطبي: «ذهب الجمهور من الناس إلى أنه مشتق من الرحمة، مبني على المبالغة، ومعناه ذو الرحمة لا نظير له فيها». "الأسنى") 1 /66 (. ومما يدل على اشتقاقه من الرحمة قول النبي : «أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها من اسمي اسمًا؛ فمن وصلها وصلته، ومن قطعها بَتَتُّه». أخرجه أبو داود (1694) والترمذي 1907)). وجذر الكلمة اللغوي (رحم) يعود إلى معنى الرقة والعطف والرأفة. "مقاييس اللغة" لابن فارس (2 /498). وصيغة (فعلان) التي جاء على وزنها اسم الله تعالى (الرحمن) تدل على الامتلاء، فهي تدل على أنَّ اللهَ تعالى ذو النهاية في الرحمة.

التعريف اصطلاحًا

اسم من أسماء الله تعالى، يدل على صفة الرحمة القائمة بالله تعالى. ورحمة الله تعالى تتعلق بالدواب والأنعام والإنس والجن، وتتعلق بالمؤمنين والكافرين، قال تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كلَّ شَيْ ء﴾ [الأعراف: 156 ]، وقال: ﴿رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا﴾ [غافر: 7]، ورحمة الكافر رحمة جسديَّة بدنيَّة دنيويَّة مختصة بالدنيا، فالله يرزقه الطعام والشراب واللباس والمسكن والمنكح وغير ذلك. انظر "شأن الدعاء" للخطابي (ص31) وشرح الواسطية" لابن عثيمين" (1/349). والرحمة المضافة لله تعالى نوعان: الأول: رحمة هي صفة ذاتية، لم يزل الله تعالى موصوفًا بها، نثبتها لله تعالى من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، ولا يصح تأويلها بإرادة النفع، ولا غير ذلك من لوازمها. والنوع الثاني: رحمة مخلوقة، هي من آثار رحمة الله تعالى، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ﴾ [الشورى: 28]، وقول النبي : «إن لله مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام، فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تعطف الوحش على ولدها، وأخر الله تسعًا وتسعين رحمة، يرحم بها عباده يوم القيامة». مسلم (2752).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

إن ما دلت عليه اللغة، وما دلت عليه نصوص الوحي من معنى اسم الله الرحمن متفقان غير مختلفين، وهو إثبات صفة الرحمة لله تعالى، فإن الأسماء تتضمن ثبوت الصفات في اللغة في من وُصف بها. انظر "مختصر الصواعق المرسلة" لابن القيم (ص362).

الصفة التي يدل عليها الاسم

يدل اسم الرحمن على إثبات صفة الرحمة لله تعالى.

الفروق

الفرق بين الرحمن و الرحيم

1- الرحمن يدل على الصفة القائمة بالله سبحانه وتعالى، والرحيم يدل على تعلقها بالمرحوم، وبعبارة أخرى نقول: الله رحيم بعباده، ولا يصح أن نقول: الله رحمن بعباده. فاسم الرحمن يدل على أن الرحمة صفة الباري جل وعلا، واسم الرحيم يدل على أن الله تعالى يرحم خلقه. 2- اسم الرحمن خاص في التسمية، عام في المعنى. والرحيم: عام في التسمية، خاص في المعنى. فاسم الرحمن لا يسمى به غير الله تعالى، إذ لم يرد ذلك في كتاب ولا في سنة، وانعقد الإجماع على منع تسمية غير الله تعالى به، وهو عامٌّ في معناه، أي: يدل على شمول رحمة لله المؤمنَ وغيره. وأما الرحيم: فيصح أن يوصف به المخلوق، بدليل قوله تعالى في وصف محمد : ﴿بِالْمؤْمِنِينَ رَءوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: 128]، وهو َخاصٌّ بالمؤمنين، كما قال جل وعلا: ﴿وكانَ بالمُؤْمِنينَ رَحيمًا﴾ [الأحزاب: 43]. انظر: الرحيم

الفرق بين الرحمن و الرءوف

1- إن الرأفة أخصّ، والرحمة أعم، لأن الرأفة هي أرقُّ أنواع الرحمة وأبلغها. 2- والرأفة أخصُّ من الرحمة من وجهٍ آخر؛ وهو أن رحمة الله قد تكون بالابتلاء والألم، أما الرأفة فلا تكون إلا بالخير، ولذلك قال الله تعالى في حدّ الزاني والزانية: ﴿وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ﴾ [النور: 2] ولم يقل: رحمة، لأن ضرب العصاة على عصيانهم رحمة لهم لا رأفة، فإن صفة الرأفة إذا انسدلت على المخلوق لم يلحقه مكروه، ولذلك يقال في من أصابه بلاء في الدنيا وفي ضِمنه خير في الآخرة: إن الله قد رحمه بهذا البلاء، ولا قال أنه قد رأف به. انظر "الأسنى" للقرطبي (1/173). انظر: الرءوف

الأدلة

القرآن الكريم

الرحمن في القرآن الكريم
جاء اسم الرحمن في القرآن الكريم في (57) موضعًا. يأتي في القرآن الكريم ذكر اسم الله تعالى (الرحمن) لما فيه من الترغيب بعد وصفه بأنه رب العالمين لما فيه من الترهيب كما في قوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة: 2 3]. جاء اسم الله تعالى الرحمن مقترنًا بالرحيم في ستة مواضع من القرآن الكريم، منها قوله تعالى: ﴿وَإِلَهكمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هوَ الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾ [البقرة: 163]. ولم يكن العرب ينكرون رحمة الله تعالى بهم، ومع ذلك أنكروا اسم الرحمن جحودًا وعنادًا، كما أخبر الله عنهم بقوله: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَٰنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَٰنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا﴾ [الإسراء: 60].

السنة النبوية

الرحمن في السنة النبوية
ورد اسم الرحمن في السنة النبوية في العديد من الأحاديث وفي سياقات مختلفة، فمنها: قو ل رسول الله : «كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم». أخرجه البخاري (6304)، (6406)، (7124) ومسلم (2694). وقال : «اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ». أخرجه البخار ي (3803) ومسلم (2466). وقال رسول الله : «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء». أخرجه أبو داود (4941) والترمذي (1924). وقال رسول الله : «ما تصدَّق أحد بصدقة من طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، إلا أخذها الرحمن بيمينه، وإن كانت تملاة، فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل كما يربّي أحدكم فَلُوَّه أو فصيله». مسلم (1014).

الإجماع

قال القرطبي في اسمي الرحمن والرحيم: «وأجمعت عليهما الأمة». "الأسنى" (1/61). وانعقد الإجماع على أن اسم (الرحمن) اسم مختص بالله تعالى لا يتسمى به غيره، كما نقله الطبري في "تفسيره" (1/134).

العقل

الدليل العقلي على إثبات صفة الرحمة لله تعالى التي دل عليها اسم الرحمن هو قياس الأولى، فإن صفة الرحمة صفة كمال، وكل كمال ثبت لمخلوق لا نقص فيه بوجه، فمعطيه إياه أحق به، ولذلك ثبت اتصاف الله تعالى بالرحمة.

الآثار والمظاهر

الآثار السلوكية

من آمن باسم الله (الرحمن) حمله ذلك على: · التعلق برحمة الله: الإنسان ما دام يؤمن برحمة الله فسوف يتعلق بها، ويكون منتظرًا لها، فيحمله هذا الاعتقاد على فعل كل سبب يوصل إلى الرحمة، مثل: الإحسان، قال الله تعالى فيه: ﴿إِنَّ رَحْمَتَ الَّلِّه قَرِيبٌ مِنَ الْمحْسِنِينَ﴾ [الأعراف: 56]، والتقوى، قال تعالى: ﴿فَسَأَكْتبهَا لِلَّذِينَ يَتَّقونَ وَيؤْتونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ همْ بِآياتِنَا يؤْمِنونَ﴾ [الأعراف: 156]، والإيمان، فإنه من أسباب رحمة الله، كما قال تعالى: ﴿وَكَانَ بِالْمؤْمِنِينَ رَحِيماً﴾ [الأحزاب: 43]، وكلما كان الإيمان أقوى، كانت الرحمة إلى صاحبه أقرب بإذن الله عز وجل. ومن رحمة الله أن تحس برحمة الله! فرحمة الله تضمُّك، وتغمرك، وتفيض عليك، ولكن لا بد من شعورك بها، ورجائك فيها، وتطلعك إليها، وثقتك بها، وتوقعها في كل أمر، والعذاب هو العذاب في احتجابك عنها، أو يأسك منها، أو شكك فيها، وهو عذاب لا يصبه الله على مؤمن أبدًا، يقول الله تعالى: ﴿إِنَّه لَا يَيْأَس مِنْ رَوْحِ الَّلِّه إِلَّا الْقَوْم الْكَافِرونَ﴾ [يوسف: 87]. انظر "شرح الواسطية" لابن عثيمين (1/259)، "في ظلال القرآن" لسيد قطب (5/2923). · التخلق بخلق الرحمة: ومعرفة الإنسان برحمة خالقه تحمله على التخلق بتلك الصفة، وفي ذلك يقول القرطبي: «فكن رحيمًا لنفسك ولغيرك، ولا تستبد بخيرك، فارحم الجاهل بعلمك، والذليل بجاهك، والفقير بمالك، والكبير والصغير بشفقتك ورأفتك، والعصاة بدعوتك، والبهائم برعوتك، ورفع عنقك، فأقرب الناس من رحمة الله أرحمهم بخلقه، وقد دخلت البغي الجنة بسقيها كلبًا، فمن كثرت منه الشفقة على خلقه، والرحمة على عباده، رحمه الله برحمته، وأدخله دار كرامته، ووقاه عذاب قبره، وهول موقفه، وأظله بظله، إذ كل ذلك من رحمته، ولا تدلَّ بعملك وكثرته، وإخلاصك فيه فتتكل عليه دون رحمته» "الأسنى" (1/86-87).

المظاهر في الكون والحياة

إن آثار رحمة الله عز وجل في الكون والحياة لا تعد ولا تحصى، قال ابن القيم: إن ظهور آثار هذه الصفة (الرحمة) في الوجود كظهور أثر الربوبية والملك والقدرة، فإن ما لله على خلقه من الإحسان والإنعام شاهدٌ برحمةٍ تامة وسعت كل شيء. انظر "مختصر الصواعق المرسلة" (2/317). وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله يقول: «جعل اللهُ الرحمةَ مائةَ جُزءٍ، فأمسك عنده تسعةً وتسعين جزءًا، وأنزل في الأرضِ جزءًا واحدًا، فمن ذلك الجزءِ تتراحمُ الخلقُ حتى ترفعَ الفرُس حافرَها عن ولدِها خشيةَ أن تُصيبَه» البخاري (6000) ومسلم (2752).

أقوال أهل العلم

(الرحيم والرحمن اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر) ابن عباس رضي الله عنهما "الأسماء والصفات" للبيهقي (82)
(الرحمن مجازه ذو الرحمة، و الرحيم مجازه الراحم، وقد يقدرون اللفظين من لفظ واحد والمعنى واحد، وذلك لِاتِّساعِ الكلام عندهم) أبو عبيدة معمر بن المثنى "مجاز القرآ ن" (1/21)
(فالرحمن: ذو الرحمة الشاملة التي وسعت الخلق في أرزاقهم، وأسباب معاشهم، ومصالحهم، وعمت المؤمن، والكافر، والصالح، والطالح، وأما الرحيم؛ فخاص للمؤمنين، كقوله تعالى: ﴿وَكَانَ بِالْمؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: 43 ]) أبو سليمان الخطابي "شأن الدعاء" (ص38)
(فالرحمن اسمه تعالى ووصفه، لا تنافي اسميته وصفيته، فمن حيث هو صفة؛ جرى تابعًا على اسم الله تعالى، ومن حيث هو اسم ورد في القرآن غير تابع، بل ورودَ الاسم العَلَم. ولما كان هذا الاسم مختصًا به تعالى، حَسُن مجيئه مفردًا غير تابع، كمجيء اسمه الله كذلك، وهذا لا ينافي دلالته على صفة الرحمة كاسم الله فإنه دالٌّ على صفة الألوهية، ولم يجئ قط تابعًا لغيره، بل متبوعًا، وهذا بخلاف العليم والقدير، والسميع والبصير، ونحوها، ولهذا لا تجيء هذه مفردة، بل تابعة. فتأمل هذه النكتةَ البديعةَ؛ يظهرْ لك بها أنّ (الرحمن) اسمٌ وصِفَة، لا ينافي أحدهما الآخر، وجاء استعمال القرآن بالأمرين جميعًا). ابن القيم بدائع الفوائد (1/42)
«الرحيم والرحمن اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر» ابن عباس "الأسماء والصفات" للبيهقي (ص82)
«الرحمن مجازه ذو الرحمة، والرحيم مجازه الراحم، وقد يقدرون اللفظين من لفظ واحد والمعنى واحد، وذلك لِاتِّساعِ الكلام عندهم» أبو عبيدة معمر بن المثنى "مجاز القرآن" (1/21)