النصير
كلمة (النصير) في اللغة (فعيل) بمعنى (فاعل) أي الناصر، ومعناه العون...
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله ﷺ: ((إن أمتي يُدْعَون يوم القيامة غُرًّا مُحَجَلِّين من آثار الوُضُوء)). فمن اسْتَطَاع منكم أن يُطِيل غُرَّتَه فَليَفعل. وفي لفظ لمسلم: ((رأَيت أبا هريرة يتوضَّأ, فغسل وجهه ويديه حتى كاد يبلغ المنكبين, ثم غسل رجليه حتى رَفَع إلى السَّاقين, ثم قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: إنَّ أمتي يُدْعَون يوم القيامة غُرًّا مُحَجَّلِين من آثار الوُضُوء)) فمن استطاع منكم أن يطيل غُرَّتَه وتَحْجِيلَه فَليَفعَل. وفي لفظ لمسلم: سمعت خليلي ﷺ يقول: ((تَبْلُغ الحِليَة من المؤمن حيث يبلغ الوُضُوء)).
[صحيح.] - [الرواية الأولى: متفق عليه. الرواية الثانية: رواها مسلم. الرواية الثالثة: رواها مسلم.]
يبشر النبي ﷺ أمته بأن الله سبحانه وتعالى يخصهم بعلامة فضل وشرف يومَ القيامة، من بين الأمم، حيث ينادون فيأتون على رؤوس الخلائق تتلألأ وجوههم وأيديهم وأرجلهم بالنور، وذلك أثر من آثار هذه العبادة العظيمة، وهي الوضوء الذي كرروه على هذه الأعضاء الشريفة ابتغاء مرضاة الله، وطلبا لثوابه، فكان جزاؤهم هذه المحمدة العظيمة الخاصة. ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه : "من قدر على إطالة هذه الغرّة فليفعل"؛ لأنه كلما طال مكان الغسل من العضو طالت الغرة والتحجيل، ولكن المشروع فقط أن يكون غسل اليدين في الوضوء إلى المرفقين ويستوعب المرفق بالشروع في العضد وغسل جزء منه، وغسل القدمين إلى الكعبين يستوعب الكعبين بالشروع في الساق، ولا يغسل العضد والساق في الوضوء، وفي الرواية الخرى ينقل عن رسول الله ﷺ أن حلية المؤمن في الجنة تبلغ ما بلغ ماء الوضوء.
أمتي | أمة الاستجابة، والمراد: من آمن به واتبعه. |
يُدْعَون | ينادَوْن نداء تشريف وتكريم. |
يوم القيامة | يوم يدعى الناس لرب العالمين من قبورهم مبعوثين للحساب والجزاء. |
غُرّاً | جمع " أغر " أصلها لمعة بيضاء في جبهة الفرس، فأطلقت على نور وجوههم. |
مُحَجَلِّين | من " التحجيل " وهو بياض يكون في قوائم الفرس، والمراد به هنا: النور الكائن في هذه الأعضاء يوم القيامة، تشبيها بتحجيل الفرس. |
من آثار الوُضوء | العلهّ والسبب للغرة والتحجيل. |
اسْتَطَاع | قدر. |
يُطِيل | يمد ويزيد. |
رَأَيت | أبصرت، والرائي: نُعَيم المجمِّر. |
كاد | قارب. |
يَبلُغ | يصل. |
المَنكِبَين | تثنية منكب، وهو ما يجمع رأس الكتف والعضد. |
السَّاقين | تثنية ساق، وهو العظم الذي بين الركبة والكعبين. |
خليلي | من اتخذته خليلا، والخليل: من بلغت محبته أعلى منازل المحبة، والمراد به هنا النبي -صلى الله عليه وسلم-. |
الحِلية | هي ما يتحلى به لكمال الجمال. |
الوُضُوء | هو فعل الوضوء. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".