البحث

عبارات مقترحة:

العزيز

كلمة (عزيز) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وهو من العزّة،...

الأكرم

اسمُ (الأكرم) على وزن (أفعل)، مِن الكَرَم، وهو اسمٌ من أسماء الله...

البارئ

(البارئ): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (البَرْءِ)، وهو...

حقوق الجوار

العربية

المؤلف محمد بن صالح بن عثيمين
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات المنجيات
عناصر الخطبة
  1. عناية الإسلام بحقوق الجوار .
  2. حقوق الجار على جاره .
  3. أمور تتنافى مع حقوق الجار .
  4. واجب الجار نحو جاره .

اقتباس

من كمال إيمان العبد، ودليل سعادته؛ حرصه الأكيد على التمشي مع روح القرآن الكريم، وتطبيق ما جاء به من أحكام، فيها سعادة المرء في دنياه وأخراه، فلقد أمر الله بالإحسان إلى الجيران، ومن الإحسان إليهم: كف البصر عن محارمهم، وستر عوراتهم، ومساعدتهم على أفعال الخير، وإرشادهم إلى طريق الحق، والإصلاح بينهم، وصلتهم، و...

الخطبة الأولى:

الحمد لله عالم الغيب والشهادة، المطلع على أسرار عباده، أحمده سبحانه وتعالى على نعمه التي لا تتناهى، وأستغفره وأتوب إليه من جميع الذنوب والخطايا.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين.

أما بعد:

فيا أيها المسلمون: اتقوا الله -تعالى-: وتعاونوا على البر والتقوى.

واعلموا: أن الله -تعالى- قد وثق بيننا الصلة بديننا على نحو يجعل المسلمين كالأسرة الواحدة المتماسكة الأطراف في كل ما فيه الخير والفوز، وكمال الإخاء والمحبة.

من ذلك -معاشر المسلمين-: حقوق الجوار التي اعتنى بها ديننا السمح المبارك، وأرشد إليها، وحث عليها، وراعى فيها ما هو جدير اهتمام وتطبيق، حتى تتقوى الرابطة بين المسلم وأخيه، وحتى يكون من المسلمين حجاب منيع، يرد غائلة الأعداء، فقد جعل الله جلت قدرته، وتعالت عظمته، للجار من الحقوق ما لو تأمله المسلمون لعلموا أن في دينهم كل خير، وأنه اعتنى بحق الجار، وجعله في الذروة، وجعل له من الحقوق ما لو قام به كل فرد مع جاره لأصبح المسلمون إخوة حقا، متألفين، متصافي القلوب.

ولقد أبان الكتاب العزيز ما للجار من حق، وحث عليه، ورغب فيه، قال الله -تعالى-: (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا)[النساء: 36].

فهذه الآية الكريمة: أبانت ما للجار من حق تجب مراعاته، بكل دقة واخلاص.

ومن كمال إيمان العبد، ودليل سعادته؛ حرصه الأكيد على التمشي مع روح القرآن الكريم، وتطبيق ما جاء به من أحكام، فيها سعادة المرء في دنياه وأخراه، فلقد أمر الله بالإحسان إلى الجيران، ومن الإحسان إليهم: كف البصر عن محارمهم، وستر عوراتهم، ومساعدتهم على أفعال الخير، وإرشادهم إلى طريق الحق، والإصلاح بينهم، وصلتهم، وبداءتهم بالسلام، واظهار الطيب لهم، والعفو عن مسيئهم، كل ذلك وأكثر منه من حقوق الجوار، لا ينبغي لمسلم أن يجهله، أو يتغافل عنه، أو يهمل فيه، وقد جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره".

كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الجيران ثلاثة: جار له حق واحد، وجار له حقان، وجار له ثلاثة حقوق، فأما الذي له حق واحد، فهو المشرك، وأما الذي له حقان، فهو الجار المسلم، وأما الذي له ثلاثة حقوق، فهو الجار المسلم القريب".

لذلك كانت عناية الشريعة الاسلامية بحقوق الجار وعلاقته مع جاره عناية فائقة، لا يعدلها شيء.

وهذا كله يدل على روح الإسلام الطيبة العالية، وكفالته لحفظ العلاقة بين الأفراد والجماعات، وتقويتها، حتى يكون المسلمون جسدا واحدا، وروحا واحدة، تقوم معنوياتها، وجميع أمورها على نسق واحد، متكاتفة، مع روح الإسلام وأهله، حتى يصبح الإسلام وأهله سدا منيعا ضد تسرب الفساد، والتفكك والخذلان، وحائلا قويا دون وصول الأعداء إليه.

أيها المسلمون: ليس من مراعاة حقوق الجوار: أن يرتفع صوت مذياع أحدكم في الوقت الذي يأوي فيه الجيران إلى مضاجعهم ليأخذوا قسطهم من الراحة.

ولا من العدل في الجوار: أن يكون المسلم؛ سببا في شهر جيرانه، وإزعاج أطفالهم.

ومن واجب المسلم نحو جاره: أن يكون حريصا على كل أمر فيه فرحة وتطمين خاطر، وطمأنينة نفس، لتتقوى بذلك صلة الجوار، وليكون الأخ من أخيه منسجما متمشيا مع روح الإسلام الذي كفل للفرد والجماعة المصلحة والإسعاد.

عباد الله: لا عذر لكم بعد اليوم عند ربكم، فقد وضح السبيل، واستنار طريق الخير والكمال، فمن أراد الخير فأسبابه موجودة متوفرة في كتاب الله وسنة رسوله، ومن أراد غير ذلك فبئس ما اختار لنفسه، والله -تعالى- يجازي كلا بما عمل.

فاتقوا الله -عباد الله-: وسارعوا إلى الأخذ بأسباب الخير والفلاح تكونوا قدوة صالحة لبلادكم ومجتمعكم.

إن الإسلام -أيها المسلمون-: دين الخير والبركة، ودين الانسانية الكاملة، والإخاء والعدل، بكل معنى طيب، وروح فياضة، بكل معاني الانصاف والرحمة والشفقة والعدل.

وهل تفقهون ما أقول لكم: لن يؤدي حق الجار إلا من رحم الله؟

اللهم إنا نسألك أن توفق عبادك إلى ما فيه رضاك، واتباع هدي الرسول، وأن تعصمهم من الزلل، وتوفقهم لخير العمل.

(إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ)[النحل:128].