المتين
كلمة (المتين) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل على وزن (فعيل) وهو...
العربية
المؤلف | إبراهيم بن محمد الحقيل |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الحج - التوحيد |
وتالله الذي لا يحلف إلا به؛ إن خروجهم من بلادهم إلى مكة مظهر عظيم من مظاهر التوحيد، وإن في خروجهم بهذه الأعداد الهائلة في كل عام، ومن مختلف البلدان حتى لا تكاد توجد بلاد لا يفد منها حجاج، إن فيه دعوةً إلى التوحيد؛ فكم من ملحد ومشرك وضال هداه الله تعالى إلى الإسلام، وكان الحج سبب هدايته حين رأى أهل بلده يحجون، أو رأى جموع الحجيج في المشاعر على شاشات التلفزة، فسأل نفسه ماذا يفعل هؤلاء؟ وماذا يريدون؟!
الحمد لله؛ مالك الملك، ومدبر الأمر؛ فرض على عباده توحيده وطاعته، وحذرهم من الإشراك به ومن معصيته (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء:25]. نحمده فهو أهل الحمد والشكر، وأحق من حمده الحامدون، وشكره الشاكرون (فَللهِ الحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الأَرْضِ رَبِّ العَالَمِينَ وَلَهُ الكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ) [الجاثية:36-37] وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك؛ لا رب لنا سواه، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ بعثه الله تعالى على حين فترة من الرسل، وانقطاع من الوحي؛ فأصلح به القلوب، وزكى النفوس، وأعاد الحنيفية، وقضى على مظاهر الوثنية (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ) [التوبة:33] صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واعرفوا له عز وجل حقه، واقدروه سبحانه قدره؛ فإنه خالقكم ورازقكم، ومحييكم ومميتكم، وباعثكم ومحاسبكم على أعمالكم، يعلم سركم وجهركم، ولا يخفى عليه شيء من أمركم، ولا يريد منكم إلا توحيده وطاعته، ومجانبة الإشراك به، وترك معصيته، لم يخلقكم ليستقوي بكم من ضعف، ولا ليكاثر بكم من قلة، ولا ليقدر بكم من عجز، بل هو القادر القوي الغني عن العالمين (وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ) [الذاريات:56-58].
أيها الناس: الحج ركن من أركان الإسلام، ومبنى من مبانيه العظام، شرعه الله تعالى لمصالح عباده ومنافعهم في الدنيا والآخرة.
والحج في زمانه ومكانه وأعماله شعيرة من الشعائر الكبرى، ومظهر من مظاهر توحيد الله تعالى، ونبذ الشرك والوثنية؛ فزمانه من الله تعالى وليس من البشر (الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ) [البقرة:197]، ومكانه بقعة مباركة مقدسة باركها الله تعالى، وفضلها على سائر البقاع، وأمر عباده بأن يفدوا إليها من فجاج الأرض حجاجا ومعتمرين وزائرين (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) [الحج:27].
هكذا أراد الله تعالى أن يكون زمان الحج ومكانه، ولا معقب لحكم الله تعالى، وليس على المؤمنين إلا القبول والإذعان والامتثال؛ فلبى النداء من أراد الله تعالى بهم خيرا من عباده -ولا زالوا وإلى آخر الزمان-، واستنكف عنه أهل الجهل والشرك والاستكبار.
والحج في أعماله وشعائره مبنيٌ على توحيد الله تعالى وطاعته؛ فالحاج يخرج من بلده، ويفارق أهله وولده وحبه، ولا يدري أيرجع إليهم أم يموت بعيدا عنهم، ويتحمل مشقة السفر ومخاطره، ويبذل نفيس المال، لا لشيء إلا لمرضاة الله تعالى وتلبية لنداء الخليل عليه السلام حين أمره الله تعالى أن يبتني بيتا، وينادي في الناس بأن يحجوا إليه.
مسلمون يفدون إلى مكة للحج من أقاصي البلدان.. شيب وعجائز أخذت السنون منهم حظها، فهزلت أجسامهم، وضعفت حركتهم، وأحاطت بهم الأسقام من كل جانب ما إن يبشروا بأنهم سيحجون حتى تنهض بهم هِمَمٌ عالية دونها همم الشباب وقوتهم..
منهم من ينتظر هذه البشرى منذ عشرين سنة وثلاثين وأربعين..
ومنهم من بذل كل ثروته في هذا السبيل..
ومنهم من باع بيته لأجل الحج..
فهل ترون -يا عباد الله- أن هؤلاء قدموا إلى مكة يريدون عرضا من الدنيا، وقد بذلوا كل دنياهم لأجل الحج؟!
ما إن تطأ أقدامهم أرض الحرم، فيروا الكعبة الشريفة حتى تقشعر جلودهم، وتفيض بالدمع عيونهم؛ شاكرين الله تعالى على بلوغ الهدف، وتحقق الأمنية، وأداء الفريضة!!
وتالله الذي لا يحلف إلا به؛ إن خروجهم من بلادهم إلى مكة مظهر عظيم من مظاهر التوحيد، وإن في خروجهم بهذه الأعداد الهائلة في كل عام، ومن مختلف البلدان حتى لا تكاد توجد بلاد لا يفد منها حجاج، إن فيه دعوةً إلى التوحيد؛ فكم من ملحد ومشرك وضال هداه الله تعالى إلى الإسلام، وكان الحج سبب هدايته حين رأى أهل بلده يحجون، أو رأى جموع الحجيج في المشاعر على شاشات التلفزة، فسأل نفسه ماذا يفعل هؤلاء؟ وماذا يريدون؟! ولماذا كان لباسهم هكذا؟ ولماذا كان لباسا واحدا؛ غنيهم وفقيرهم، شريفهم ووضيعهم؟ ما طوافهم ووقوفهم وبكاؤهم؟ فكانت هذه الأسئلة وبحثه عن أجوبتها سبب هدايته، و كان سبب تلك الأسئلة سفر الحجيج واجتماعهم ومشهدهم!! فما أعظم الحج وشعائره، وما أدله على توحيد الله تعالى وتعظيمه!!
والحاج حين يبلغ الميقات يتجرد من لباسه المعتاد، ويلبس ما لا يعتاد ولو كان فيه مشقة؛ فإن مفارقة المألوف شاق على النفوس.
وهو كذلك يجتنب محظورات الإحرام، لا يفعل ذلك لمصلحة مالية، أو مراعاة طبية، أو غيرها، بل يفعله طاعة لله تعالى، وإيمانا بأنه سبحانه فرض الحج، وأوجب على الحاج أن يفعل ذلك، وهذه الطاعة في ترك ما هو مألوف، وفعل غير المألوف، واجتناب المحبوب ما هي إلا مظهر من مظاهر توحيد الله تعالى والإيمان به.
وأول جملة ينطق بها الحاج حال دخوله النسك هي التلبية، والتلبية إعلان للتوحيد ونبذ للشرك؛ روى ابن عُمَرَ رضي الله عنهما: "أَنَّ تَلْبِيَةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَبَّيْكَ اللهم لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لك لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لك وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لك" وفي رواية: "لَا يَزِيدُ على هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ" متفق عليه.
وهذه التلبية العظيمة هي إهلال بالتوحيد كما قال جابر رضي الله عنه وهو يحكي حجة النبي صلى الله عليه وسلم ويصف حالهم معه: "وما عَمِلَ بِهِ من شَيْءٍ عَمِلْنَا بِهِ فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ: لَبَّيْكَ اللهم لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لك لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لك وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لك، وَأَهَلَّ الناس بهذا الذي يُهِلُّونَ بِهِ، فلم يَرُدَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم شيئا منه وَلَزِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم تَلْبِيَتَهُ" رواه مسلم.
فكانت هذه التلبية المباركة هي أفضل صيغ التلبية؛ لالتزام النبي صلى الله عليه وسلم بها، وعدم زيادته عليها؛ ولما تضمنته من معاني التوحيد، والبراءة من الشرك؛ ولما فيها من الاستجابة لدعوة الخليل عليه السلام حين أذن في الناس بالحج؛ فإن معناها: إجابة لك بعد إجابة، إجابة خالصة لا شرك فيها.
وتضمنت التلبية كذلك حمد الله تعالى، والإقرار بنعمه الظاهرة والباطنة، وبأنه عز وجل مالك الملك، وكل ذلك من مظاهر توحيد الله تعالى في تلك التلبية المباركة.
وهي ردٌ على تلبية المشركين حين كانوا يلبون فيَقُولُونَ "لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لك إلا شَرِيكًا هو لك تَمْلِكُهُ وما مَلَكَ" فكان النبي عليه الصلاة والسلام ينكر ذلك عليهم ويقول: "وَيْلَكُمْ قَدٍ قَدٍ" رواه مسلم. أي: تكفيكم تلبية التوحيد عن هذه الزيادة الشركية في التلبية.
فالحمد لله الذي شرع الحج لعباده المؤمنين، والحمد لله الذي جعل البيت مثابة للناس وأمنا، والحمد لله الذي هدانا لهذا الدين الحنيف (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ العَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ) [الأنعام:163].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم....
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، واعلموا أنكم في أيام عظيمة، العمل الصالح فيها خير وأحب إلى الله تعالى من العمل في غيرها؛ كما روى ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما من أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فيها أَحَبُّ إلى الله من هذه الْأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ، قالوا: يا رَسُولَ الله، ولا الْجِهَادُ في سَبِيلِ الله؟ قال: ولا الْجِهَادُ في سَبِيلِ الله إلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فلم يَرْجِعْ من ذلك بِشَيْءٍ" رواه البخاري وأبو داود واللفظ له.
فاعمروها -أيها المؤمنون-بذكر الله تعالى وطاعته، وتعظيم شعائره (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ) [الحج:32].
أيها المسلمون: إذا تأمل المتأمل مناسك الحج والعمرة بأقوالها وأفعالها وجد أن لها ارتباطا وثيقا بتوحيد الله تعالى؛ فهي أعمال يعملها المسلم انطلاقا من إيمانه بالله تعالى، وتوحيده له عز وجل، منذ خروجه من بلده لأداء هذا النسك العظيم إلى رجوعه بعد أداء المناسك.
وإذا ما بلغ الحاج البيت الحرام استحضر وهو يرى الكعبة أن باني البيت بأمر الله تعالى إبراهيم الخليل عليه السلام، الذي كان إماما في دعوته إلى الحنيفية التي هي التوحيد حتى نسبت إليه (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لله حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ المُشْرِكِينَ) [النحل:120] وأمر الله تعالى عباده باتباعها فقال سبحانه (فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ) [آل عمران:95].
كما يستحضر أن إبراهيم عليه السلام قد شيد البيت على التوحيد؛ كيف وهو من دعا الله تعالى قائلا (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ) [إبراهيم:35].
فإذا استحضر المسلم هذا المعنى العظيم وهو يرى البيت الحرام، لم يشرك مع الله تعالى آلهة أخرى؛ ولذا فإنه يبتدئ طوافه بالبيت بذكر اسم الله تعالى وتكبيره، وهذا من إعلان التوحيد في بداية الطواف، وهو يطوف حين يطوف تعظيما لله تعالى؛ لأن الله تعالى جعل الطواف بالكعبة عبادة وقربة يتقرب بها المؤمنون إليه.
إن الحجاج لا يطوفون بالكعبة؛ لأنها بناء جميل، أو لأنها أقدم بناء على الأرض فهي من التراث، أو لأن أبويهم إبراهيم وإسماعيل قد بنياها، أو لاعتقادهم أنها تنفع وتضر وهي أكوام حجارة كغيرها، بل يطوفون بها لأن الله تعالى أمرهم بذلك، وقضى سبحانه بأن الطواف بها من شعائره سبحانه وتعالى، ومن مناسك الحج والعمرة التي كتبها على عباده، (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالبَيْتِ العَتِيقِ) [الحج:29] ولذا كان الطواف بها قربة إلى الله تعالى، وكان الطواف بأي بناء على وجه التعبد شركا بالله تعالى، فما أعظم هذا المعنى من معاني التوحيد وقد غفل عنه كثير من الناس!!
وإن تيسر للطائف أن يستلم الحجر الأسود ويقبله فإنه يفعل ذلك؛ لأن الله تعالى شرع ذلك وجعله عبادة له سبحانه، لا لأنه يعبد الحجر الأسود أو يعتقد فيه النفع والضر، وفي هذا المعنى ثبت عن عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ جاء إلى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَقَبَّلَهُ فقال: "إني أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ ولا تَنْفَعُ وَلَوْلَا أَنِّي رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُكَ ما قَبَّلْتُكَ" متفق عليه.
ولو أن رجلا قبل حجرا غير الحجر الأسود على وجه التعبد لكان مشركا؛ فسبحان من جعل الطواف بالبيت عبادة، وجعل الطواف بغيره شركا، وسبحان من جعل تقبيل الحجر الأسود عبادة، وجعل تقبيل غيره شركا!!
وهل التوحيد إلا التزام أمر الله تعالى، والعمل بشريعته، والوقوف عندها، والحذر مما أحدثه المحدثون من أنواع الشرك والبدع والضلال؟!
عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنما جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَرَمْيُ الْجِمَارِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ الله" رواه أبو داود.
ولو فقه المسلمون هذا المعنى العظيم في الحج لما كان في كثير من بلاد المسلمين قبور وأضرحة تعبد من دون الله تعالى؛ فيطاف بها، وينذر لها، ويدعى عندها، ويصرف لها ما لا يجوز صرفه إلا لله تعالى من المحبة والتعظيم والخوف والرجاء، فما أشد غربة التوحيد في كثير من بلاد المسلمين؟!
وما أحوجنا إلى معرفة ارتباط العبادات من صلاة وصيام وصدقة وحج وغيرها بتوحيد الله تعالى، وأن الدافع الذي يدفع المسلم إلى هذه العبادات مع ما فيها من مشقة هو توحيده لله تعالى، ولو فقه المسلمون ذلك حق الفقه لما انقلبت العبادات عند كثير من الناس إلى ما يشبه العادات، فلا تتحرك بها قلوبهم، ولا تزكو بها أعمالهم وأخلاقهم.
ألا فاتقوا الله ربكم، واستشعروا في كل عبادة تؤدونها حقه سبحانه عليكم، واستحضروا عظمته وقدرته، وأنه عز وجل ربكم وإلهكم وأنتم عبيده، وأنه تعالى غني عنكم وأنتم مفتقرون إليه في كل أحوالكم وأحيانكم وشؤونكم، فمن استحضر ذلك في كل عبادة يؤديها وجد في قلبه لذة لا يجدها في أي شيء آخر.
وصلوا وسلموا على نبيكم...