البحث

عبارات مقترحة:

الوارث

كلمة (الوراث) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَرِثَ يَرِثُ)، وهو من...

الحفيظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحفيظ) اسمٌ...

الابتلاء والصبر والشكر

العربية

المؤلف خالد بن سعود الحليبي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات المنجيات - المعاملات
عناصر الخطبة
  1. انهيار سوق الأسهم وأحوال الناس في ذلك .
  2. عدم النجاة والسلامة من الابتلاء .
  3. التحذير من طلب البلاء وتمنيه .
  4. قصة رائعة في حسن الظن بالله والصبر على الابتلاء .
  5. كل شيء بقضاء وقدر .

اقتباس

اعلموا أن الله -تعالى- قدّر مقادير الخلائق وآجالهم، ونسخ آثارهم وأعمالهم، وقسم بينهم معايشهم وأموالهم، وخلق الموت والحياة ليبلوهم أيهم أحسن عملاً، وجعل الإيمان بقضاء الله وقدره ركنًا من أركان الإيمان وما في الأرض من حركة ولا سكون إلا بمشيئة الله وإرادته، وما في الكون كائن إلا بتقدير الله وإيجاده، والدنيا طافحة بالأنكاد والأكدار، مطبوعة على...

الخطبة الأولى:

الحمد لله الغفور الشكور، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران: 200].

عباد الله: إننا كثيرًا ما ندّعي الصبر على المصائب ما دمنا في عافية منها، ولكن سرعان ما ينكشف هذا الادعاء حين يقع المصاب، ونجد أنفسنا في وسط الاختبار الصعب، ولاسيما حين يكون المصاب في المال أو الولد أو العزيز في حياتنا.

وقد مر بنا في الأسبوع المنصرم اختبار صعب في أموالنا حين أُصيبت سوق الأسهم بالانهيار المفاجئ، فإذا بالدموع تنهمر، والمصحات النفسية تمتلئ، والتضجر والتذمر هو الذي يسود المجالس، وقليل منا صبر واحتسب وحوقل واسترجع؛ انتظارًا للفرج الذي لم يكن بعيدًا عنا بفضل الله -تعالى-، ولكنه امتحان نجح فيه بعضنا، ورسب آخرون، وكأننا لا نشاهد هذه البلايا التي تنصب على الأرواح في البلاد التي حولنا، بل تلامس حدوها حدودنا.

الابتلاء والاختبار بالخير والشر سُنّة من سنن الله الجارية على البشر، النبي والولي والصالح والطالح كلهم ممتحنون، يقول الله -جل وعلا-: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) [محمد: 31]؛ يرفع الله به درجات الصالحين، ويمحو به خطايا المذنبين، ينبّه به الغافل، ويذكِّر به الناسي، ويعاقب به الظالم، يقول الله -سبحانه-: (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [آل عمران: 186].

ولن يسلم من الابتلاء أحد وهو يعيش في هذه الدنيا، يقول الله -جل وعز-: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ) [البلد: 4]، ولكن هذا الابتلاء يتحول -بالصبر الجميل- إلى منجم ذهبي للعبادة والتقرب إلى الله وتحصيل الأجور؛ ففي الحديث عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفّر الله عنه بها، حتى الشوكة يشاكها" (متفق عليه).

وقد أصاب الابتلاء محمدًا وهو خير البشرية فلا ينجو منه أحد، بل إن رسولنا -صلى الله عليه وسلم- قال: "من يرد الله به خيرًا يُصِب منه" (رواه البخاري)، وقال الله -تعالى-: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) [البقرة: 155]، وماذا يقول الصابرون يا رب: (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ) [البقرة: 156]، هذا هو الصبر الجميل الذي تحلى به يعقوب حين شكا إلى الله بُعد أولاده الثلاثة يوسف وأخاه الصغير وأخاه الكبير فقال: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) [يوسف: 83] فما الصبر الجميل الذي حمل كل أحزان يعقوب ثم كانت العاقبة كلها خيرًا؟

الصبر الجميل هو الذي لا شكوى معه إلا إلى الله، ألم تسمعه يقول وقد عُوتب حين شُوهد الحزن على وجهه وفي عينيه: (قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) [يوسف: 86]، فما الصبر الجميل الذي حمل كل أحزان يعقوب ثم كانت العاقبة كلها خيرًا؟ الصبر الجميل هو الذي لا شكوى معه إلا إلى الله، قال الفضيل بن عياض -رحمه الله-: "من شكا مصيبة نزلت به فكأنما شكا ربه"، وقال حكيم: "أربع من كنوز الجنة: كتمان المصيبة، وكتمان الصدقة، وكتمان الفاقة وكتمان الوجع".

والمؤمن ينبغي ألا يتعرض لبلاء الله وامتحانه، بل يتطلع إلى عافيته ورحمته، فهذا النبي الأعظم -صلى الله عليه وسلم- بأبي هو وأمي يتعرض لامتحان صعب، حين يخرج إلى الطائف يريد دعوتهم إلى الله، فيسلطون عليه سفهاءهم ومجانينهم وصبيانهم يرجمونه حتى أدموا قدميه الشريفتين، فما تذمر، وما شكا إلا إلى الله وحده، رفع دعاءه لمن يملك رفع الأذى والحزن عنه، فقال صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس أنت رب المستضعفين وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني، أو إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب عليَّ فلا أبالي، غير أن عافيتك هي أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن يحل علي غضبك، أو ينزل بي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك"، ولهذا الدعاء أسرار لعل منها: ما انكشف لكثير من المصابين في أموالهم، حين تجردوا من الالتفات إلى البشر، وتوجهوا إلى خالق البشر يخاطبونه بكل حرارة وعفوية وصدق، يقول أحد الكتاب: "مررت بأزمة مالية، وليس من عادتي أن أسأل الناس، فأُصبت بهمّ وغمّ كبيرين، ماذا أفعل؟" فعليَّ التزامات كثيرة، كما أن كثيرًا من الناس يظن أني ميسور الحال، والحمد لله على ذلك.

وبدأ الأمر يزداد شيئًا فشيئًا، فلاحظ علي بعض المقربين ذلك، فأبحت ما في نفسي لهم بعد إلحاح شديد؛ فعرض علي بعضهم أن يعطيني بعض المال ولكني رفضت، ولم يكرر أحد منهم العرض مرة أخرى.

لم أكن أفكر في المال طول حياتي، لكنني اليوم في ضغط شديد، قد سُدت في وجهي جميع الأبواب، فوجدت نفسي مدفوعًا إلى أن أرفع يدي إلى الله أطلب منه، ولكن هالني ما فعلت، كيف لم ألتجئ إلى الله -تعالى- أول ما لجأت. وهو سبحانه وتعالى أقرب إليَّ من حبل الوريد، إنه يعلم سري وعلانيتي، ولا يخفى عليه سبحانه شيء من أمري.

دخلت حجرتي بعد أن توضأت وصليت لله ركعتي حاجة، ثم بدأت أتكلم إلى الله، لم أكن أتحدث باللغة العربية الفصحى، وإنما أتحدث إليه سبحانه بلغتي المعتادة، وجدت مشاعري وأحاسيسي تسبقني قبل كلماتي، وجدت قلبي ينطق لأول مرة مع ربي.. يا له من إحساس جميل، بدأت أستشعر قرب الله مني، وأتذكر بعض آيات من القرآن الكريم، وكأنها تمر بخاطري لأول مرة: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة: 186]، جعلت أقف عند كلمات الآية: (سَأَلَكَ عِبَادِي) أنا من عباد الله، أضافني الله -تعالى- إليه، إنه شرف كبير، كبير جدًّا، أنا عبد لله، مع أني أعرف هذا المعنى، لكنه كثيرًا ما يضيع مني، وما دمت عبدًا له سبحانه، فما الذي يجعلني أنسى مولاي في شدتي؟!

(فَإِنِّي قَرِيبٌ) جعلت أردد كلمة قريب، أستشعر مد الياء في الكلمة قريب".

نعم الله قريب مني، علمه أحاط بكل شيء، ولا يخفى عليه شيء، فأنا منه، وإليه، وما دام سبحانه قريبًا مني، فهو عالم بحالي: (يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى) [طه: 7] (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) [غافر: 19] (وَهُوَ اللّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ) [الأنعام: 3].

ثم نظرت إلى قوله تعالى: (أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) [البقرة: 186] وأنا اليوم في أمس الحاجة إلى الله -تعالى-.

وتذكرت عطاء الله -تعالى- لخلقه، وتبادر إلى ذهني رحلة موسى -عليه السلام- إلى مدين حين هاجر إليها ثم سقى للفتاتين الصالحتين وجلس تحت ظل شجرة وكلم الله -تعالى- سائلا إياه: (إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) [القصص: 24] وكأني وقعت على كنز فظللت أردد: (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)، (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)، (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)، وظللت أكرر الآية وأستشعر فقري وحاجتي إلى الله -تعالى-.

كما تذكرت دعاء قرأته في أحد الكتب: "اللهم هب لي من الدنيا ما تقيني به فتنتها، وتغنيني به عن أهلها، ويكون بلاغًا لما هو خير منها، برحمتك يا أرحم الراحمين".

وتذكرت ذلك الصحابي الذي مكث في المسجد في غير وقت صلاة، فسأله النبي -صلى الله عليه وسلم- عن سبب مكثه في المسجد في غير وقت صلاة، فأخبره الصحابي بما أصابه من هم وما أثقله من دين، فنصحه النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يقول ثلاث مرات عند كل صباح وكل مساء هذه الكلمات النورانية: "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال" (رواه أبو داود وضعفه الألباني)، وبعدها شعرت براحة نفسية. كما جاءني حسن ظن كبير بالله -تعالى- وأنه سيفرج كربي. وبالفعل لم يمضِ وقت طويل حتى فرج الله -تعالى- كربي، وقضى عني ديني".

ويواصل الكاتب وصف قصته الرائعة مع الله فيقول: "لم تكن قضية الدين هي التي شغلتني بقدر ما شغلني أني خرجت بتجربة ناجحة، وهي الكلام إلى الله، والالتجاء إلى الله وقت الشدائد قبل الالتجاء إلى الناس. نعم، من الإسلام أن يتعاون بعضنا مع بعض، وأن المسلم لأخيه كالبنيان، لكن أول ما يلجأ المسلم يلجأ إلى مولاه، العالم بأسراره، المطلع على حاله، الذي بيده كل أمره.

وقد طرأ على ذهني هذا السؤال: لماذا لا نلجأ إلى الله؟ ولماذا لا نجري حوارًا مع ربنا، نشكو إليه فيه همومنا وأحزاننا؟ لماذا نضع هذا الحاجز والحاجب بيننا وبين ربنا؟! فلنطرق باب الله -تعالى-، شاكين له همنا، وشاكين له غلبة نفوسنا علينا، وغلبة أعدائنا، فإن الله -تعالى- سيجعل لنا من أمرنا يسرًا، ويرزقنا الأسباب التي تكون مفتاح فرج لهمنا وكربنا.

فما أحوجنا إلى الله، وما أقرب الله منا، وما أبعدنا عن الله، فهلا اقتربنا من الله، وناجينا الله -تعالى-؟! فلعل الله أن يفتح لنا أبواب يسره، فمن ذا الذي دعاه فلم يجبه، ومن الذي طلبه فأعرض عنه؟! (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ) [الذاريات: 50].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآي والذكر الحكيم.

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله أولاً وآخرًا، ظاهرًا وباطنًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

فاتقوا الله -عباد الله-، واعلموا أن الله -تعالى- قدّر مقادير الخلائق وآجالهم ونسخ آثارهم وأعمالهم، وقسم بينهم معايشهم وأموالهم، وخلق الموت والحياة ليبلوهم أيهم أحسن عملاً، وجعل الإيمان بقضاء الله وقدره ركنًا من أركان الإيمان وما في الأرض من حركة ولا سكون إلا بمشيئة الله وإرادته وما في الكون كائن إلا بتقدير الله وإيجاده، والدنيا طافحة بالأنكاد والأكدار، مطبوعة على المشاق والأهوال، والعوارض والمحن، هي كالحر والبرد لابد للعبد منها محن يتبين بها الصادق من الكاذب: (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ) [العنكبوت: 2]، والنفس لا تزكو إلا بالتمحيص، والبلايا تُظهر الرجال.

وما منعك ربك -أيها المُبتلى- إلا ليعطيك، ولا ابتلاك إلا ليعافيك، ولا امتحنك إلا ليصطفيك، يبتلي بالنعم، وينعم بالبلاء، فلا تضيع زمانك بهمّك بما ضمن لك من الرزق فما دام الأجل باقيًا كان الرزق آتيًا، قال تعالى: (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا) [هود: 6]، وإذا أغلق عليك بحكمته طريقًا من طرقه فتح لك برحمته طريقًا أنفع لك.

إذا ليلة اختلط ظلامها، وأرخى الليل سربال سترها؛ قلب وجهك في ظلمات الليل في السماء، وارفع أكف الضراعة وناد الكريم: أن يفرج كربك، ويسهّل أمرك، وإذا قوي الرجاء وجمع القلب الدعاء لم يرد النداء: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) [النمل: 62]، يقول الفضيل بن عياض: "لو يئست من الخلق لا تريد منهم شيئًا لأعطاك مولاك كل ما تريد..  فمن فوّض أمره إلى مولاه حاز مناه، وأكثر من دعاء ذي النون: (لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) [الأنبياء: 87] يقول العلماء: "ما دعا بها مكروب إلا فرج الله كربه".

أسأل الله العظيم أن يفرج كربك، ويكشف غمك، ويجبر كسرك، وأن يعوضك خيرًا من مصيبتك، وأن يرفعك بها درجات في دنياك وأخراك.

اللهم وفقنا لأحسن الأعمال لا يوفق إليها إلا أنت، ونعوذ بك من سيئها، فإنه لا يبعدنا عنها إلا أنت، اللهم أنت الرحيم فارحمنا، وأنت الحليم فاحلم علينا، وأنت التواب فتب علينا، أنت المقدم وأنت المؤخر، بيدك الخير إنك على كل شيء قدير.

اللهم يا عزيز يا حكيم أعز الإسلام والمسلمين، وانصر إخواننا المجاهدين، وارفع البأس والظلم والجوع عن إخواننا المستضعفين.

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح ولاة أمورنا، ووفقهم لإصلاح رعاياهم، اللهم أيدهم بالحق وأيد الحق بهم، واجعلهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، سلما لأوليائك حربا على أعدائك.

اللهم فك أسرى المسلمين، واقض الدين عن المدينين، واهد ضالهم، وهيئ لأمة الإسلام أمرا رشدا يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر.

اللهم بارك لنا فيما أعطيتنا، وأغننا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك، وأغننا برحمتك يا حي يا قيوم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين واجعلنا من أهل جنة النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله الطاهرين، وصحبه أجمعين، وعنا معهم برحمتك وفضلك ومنك يا أكرم الأكرمين.