البحث

عبارات مقترحة:

البارئ

(البارئ): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (البَرْءِ)، وهو...

الله

أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...

الشهيد

كلمة (شهيد) في اللغة صفة على وزن فعيل، وهى بمعنى (فاعل) أي: شاهد،...

الحفيظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحفيظ) اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (الحفظ) الثابتة لله تعالى؛ فهو يَحفَظ خَلْقَه، ويَعلَم أعمالَ عباده، ويُحصِيها عليهم.

وهو اسمٌ ثابت لله في الكتاب، والسُّنة، وقد أجمعت عليه الأمةُ، ودل عليه العقلُ.

التعريف

التعريف لغة

الحفظُ: هو تعاهُدُ الشيء، وتذكُّره، وعدم نسيانه.

وأجمَعُ ما يقال في معنى الحفظ: هو ما ذكَره ابنُ فارس في مادة (حفظ)؛ حيث قال: «الحاء والفاء والظاء: أصلٌ واحد يدل على مراعاة الشيء. يقال: حَفِظتُ الشيء حفظًا. والغضبُ: الحفيظة؛ وذلك أن تلك الحالَ تدعو إلى مراعاة الشيء. يقال للغضب: الإحفاظ؛ يقال: أحفَظني: أي: أغضَبني. والتحفُّظ: قلَّةُ الغفلة. والحِفاظ: المحافظة على الأمور». "المقاييس" (2 /87).

ومنه: حراسةُ الشيء، ومراقبته. انظر: "الصحاح" للجوهري (3 /1172).

وقال الزَّجاجي: «(الحفيظ): الحافظُ، فعيلٌ بمعنى فاعل». "اشتقاق الأسماء" (ص146).

و(الحفيظ): صيغةُ مبالغةٍ من اسم الفاعل (الحافظ)؛ ومثاله: قولُ يوسفَ عليه السلام: ﴿اْجْعَلْنِي ‌عَلَىٰ ‌خَزَآئِنِ اْلْأَرْضِۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٞ﴾ [يوسف: 55]؛ قال السعديُّ: «﴿حَفِيظٌ لِلَّذي أتولَّاه؛ فلا يَضِيعُ منه شيء في غير مَحَلِّه، وضابطٌ للداخل والخارج». "تفسير السعدي" (ص401).

التعريف اصطلاحًا

هو اسمٌ من أسماء الله الحسنى، معناه: أنه سبحانه يَحفَظ السمواتِ والأرض، ويحرُسُهما وما فيهما؛ لتَبقَى مدة بقائها، فلا تزُولَ ولا تَبِيدَ؛ كما قال تعالى: ﴿وَلَا ‌يَـُٔودُهُۥ حِفْظُهُمَاۚ﴾ [البقرة: 255]، قال ابن عباس رضي الله عنهما: «لا يثقُلُ عليه حِفْظُهما»؛ فهذا من حفظِه.

ومِن حفظِه: أنه يَمنَع عبدَه من المصائب والمهالك، وأولياءَه من الفِتَن ومواقعة الذُّنوب؛ ومنه قوله تعالى: ﴿لَهُۥ ‌مُعَقِّبَٰتٞ ‌مِّنۢ ‌بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِۦ يَحْفَظُونَهُۥ مِنْ أَمْرِ اْللَّهِۗ﴾ [الرعد: 11].

ومِن حفظِه أيضًا: حفظُ الأعمال وإحصاؤها؛ كما قال عز وجل: ﴿إِن ‌كُلُّ ‌نَفْسٖ ‌لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٞ﴾ [الطارق: 4]. انظر للاستزادة: "شأن الدعاء" للخطابي (ص 67).

وقال القُرْطُبي: «وقد يكونُ بمعنى الرِّقْبةِ - أي المراقبة -؛ ومنه قوله تعالى: ﴿وَاْلَّذِينَ ‌اْتَّخَذُواْ ‌مِن ‌دُونِهِۦٓ أَوْلِيَآءَ اْللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ﴾ [الشورى: 6]». "الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى" (1 /310).

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

إن الأصلَ اللُّغَوي الذي ذكره ابنُ فارس - وهو (المراعاة) - يتفق مع جميعِ الوجوه الاصطلاحية التي ذُكِرت في تفسير اسم الله (الحفيظ).

الصفة التي يدل عليها الاسم

يدل على إثباتِ صفة (الحفظ) لله سبحانه وتعالى.

الأدلة

القرآن الكريم

الحفيظ في القرآن الكريم
ورَد اسمُ الله (الحفيظ) في كتابِ الله في ثلاثة مواضع:

أولها: قوله سبحانه: ﴿وَيَسْتَخْلِفُ ‌رَبِّي ‌قَوْمًا ‌غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُۥ شَيْـًٔاۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٞ﴾ [هود: 57].

والثاني: قوله سبحانه: ﴿وَرَبُّكَ ‌عَلَىٰ ‌كُلِّ ‌شَيْءٍ ‌حَفِيظٞ﴾ [سبأ: 21].

والثالث: قوله سبحانه: ﴿وَاْلَّذِينَ ‌اْتَّخَذُواْ ‌مِن ‌دُونِهِۦٓ أَوْلِيَآءَ اْللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٖ﴾ [الشورى: 6].

السنة النبوية

الحفيظ في السنة النبوية

لم يَرِدْ لفظُ اسم الله (الحفيظ) في السُّنة الشريفة، ولكن وردت صفةُ (الحفظ) الثابتة لله تعالى، والتي يدل عليها هذا الاسمُ؛ وذلك في:

* حديثِ عبدِ اللهِ بن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: «كنتُ خلفَ رسولِ اللهِ يومًا، فقال: «يا غلامُ، إنِّي أُعلِّمُك كلماتٍ:

- احفَظِ اللهَ يَحفَظْك، احفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجاهَك.

- إذا سألتَ فاسألِ اللهَ، وإذا استعَنْتَ فاستعِنْ باللهِ.

- واعلَمْ أنَّ الأمَّةَ لو اجتمَعتْ على أن يَنفَعوك بشيءٍ لم يَنفَعوك إلا بشيءٍ قد كتَبَه اللهُ لك، ولو اجتمَعوا على أن يضُرُّوك بشيءٍ لم يضُرُّوك إلا بشيءٍ قد كتَبَه اللهُ عليك؛ رُفِعتِ الأقلامُ، وجَفَّتِ الصُّحُفُ»». أخرجه التِّرمذي (2516).

الإجماع

هو اسمٌ من أسمائه سبحانه مُجمَعٌ عليه؛ قال القُرْطُبي في كلامه عن اسمَيِ الله (الحافظ) و(الحفيظ): «وكلاهما أجمعت عليه الأمَّةُ». "الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى" (1 /307).

العقل

اسمُ الله (الحفيظ) ثابتٌ لله جل وعلا بقياس الأَوْلى؛ فـ(الحفظُ) صفةُ كمالٍ، وخلافُه صفةُ نقصٍ، ومن المعلوم أن كلَّ كمالٍ لا نقصَ فيه يكون لبعضِ الموجودات المخلوقة المُحدَثة: فالربُّ الخالق هو أَوْلى به، وكلُّ نقصٍ أو عيب يجب أن يُنزَّهَ عنه بعضُ المخلوقات المُحدَثة: فالربُّ الخالق هو أَوْلى أن يُنزَّهَ عنه. انظر: "شرح الأصفهانية" لابن تيمية (ص74).

الآثار والمظاهر

الآثار السلوكية

إن للإيمانِ باسم الله (الحفيظ) آثارًا إيمانية وسلوكية عظيمة؛ أبرَزُها:

* دوامُ مراقبةِ الله عز وجل في كلِّ قول وعمل، وفي السرِّ والإعلان، والجلاء والخفاء، والخوفُ من اللهِ أن يراه على حالٍ لا تُرضِيه؛ ومن ذلك: أن يصُونَ العبدُ أعمالَه عما يُحبِطها ويُضيِّع ثوابَها؛ كالرياء، والنفاق، وغيرهما مما يَعلَمه اللهُ، وإن خَفِيَ على الناس؛ قال ابن القيِّم رحمه الله: «المراقَبة: هي التعبُّد باسمه (الرقيب، الحفيظ، العليم، السميع، البصير)؛ فمَن عقَل هذه الأسماءَ وتعبَّد بمقتضاها، حصَلت له المراقبةُ، والله أعلم». "المدارج" (2 /69).

* أن يُعظِّمَ العبدُ ربَّه ويقدُرَه حقَّ قَدْرِه؛ لأنه هو المستقِلُّ بخَلْقِ الوجود، وحِفْظِه من الزوال.

* أن يفعلَ العبدُ ما يستحِقُّ به حِفْظَ الله عز وجل؛ وهو توحيدُه، وفعلُ ما يُحِبُّه اللهُ ويرضاه، واجتنابُ ما يَكرَهه ويُسخِطه، وحفظُ حُرماتِ الله ودِينه وشرعه، وقولُ النبيِّ لابن عباسٍ جامعٌ في هذا الباب: «احفَظِ اللهَ يَحفَظْك، احفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجاهَك». أخرجه الترمذي (2516).

المظاهر في الكون والحياة

* من مظاهرِ حفظِ الله سبحانه وتعالى: أنه جعَل من ملائكته مَن وظيفتُه تسجيلُ أعمال العباد، وإحصاؤها عليهم؛ قال تعالى: ﴿مَّا ‌يَلْفِظُ ‌مِن ‌قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٞ﴾ [ق: 18]، وقال النبيُّ في الحديث الذي يرويه أبو هُرَيرةَ رضي الله عنه: «يَتعاقَبون فيكم ملائكةٌ بالليلِ، وملائكةٌ بالنهارِ، ويجتمِعون في صلاةِ الصُّبْحِ وصلاةِ العصرِ، ثم يعرُجُ الذين باتوا فيكم، فيَسألُهم اللهُ - وهو أعلَمُ بهم -: كيف ترَكْتم عبادي؟ فيقولون: ترَكْناهم وهم يُصَلُّون، وأتَيْناهم وهم يُصَلُّون». أخرجه البخاري (7486)، ومسلم (632).

قال ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما: «وهؤلاء الملائكةُ يكتُبون كلَّ ما يتكلم به الناسُ مِن خيرٍ أو شرٍّ، حتى إنه ليكتُبُ قولَه: أكَلْتُ، شَرِبْتُ، ذهَبْتُ، جِئْتُ، رأيتُ، حتى إذا كان يومُ الخميسِ، عرَضَ قولَه وعمَلَه، فأقَرَّ منه ما كان فيه مِن خيرٍ أو شرٍّ، وألقَى سائرَه؛ وذلك قولُه تعالى: ﴿يَمْحُواْ ‌اْللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُۖ وَعِندَهُۥٓ أُمُّ اْلْكِتَٰبِ﴾ [الرعد: 39]». انظر: "تفسير ابن كثير" (4 /224).

* ومن مظاهرِ حفظِ الله أيضًا: انتظامُ الكون واتساقُه منذ نشأته وحتى الآن، لم يَتغيَّرْ ولم يَتبدَّلْ ولم يختلِفْ؛ كما قال تعالى: ﴿اْلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٖ طِبَاقٗاۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ اْلرَّحْمَٰنِ مِن تَفَٰوُتٖۖ فَاْرْجِعِ اْلْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٖ﴾ [الملك: 3]، ولو رفَع اللهُ حِفْظَه، وألغى صَوْنَه للسموات والأرض؛ لانهَدَّتْ واضمحَلَّتْ؛ قال تعالى: ﴿إِنَّ اْللَّهَ يُمْسِكُ اْلسَّمَٰوَٰتِ وَاْلْأَرْضَ أَن تَزُولَاۚ وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٖ مِّنۢ بَعْدِهِۦٓۚ إِنَّهُۥ كَانَ حَلِيمًا غَفُورٗا﴾ [فاطر: 41]، ولولا رحمةُ الله بالناس، وحفظُه للوجود؛ لَأَذِنَ للسماء أن تقعَ على الأرض، لكنه قال: ﴿وَيُمْسِكُ اْلسَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى اْلْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِۦٓۚ إِنَّ اْللَّهَ بِاْلنَّاسِ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ﴾ [الحج: 65]؛ فله الحمدُ على حفظِه!

أقوال أهل العلم

«مَن حَفِظَ للهِ جوارحَه حَفِظَ اللهُ عليه قلبَه، ومَن حَفِظَ لله حَقَّه حَفِظ اللهُ عليه حَظَّه، وفي حديثِ ابن عباسٍ: أن النبيَّ قال: «يا بُنَيَّ، احفَظِ اللهَ يَحفَظْك، احفَظِ اللهَ تَجِدْه أمامَك»».

القُرْطُبي "الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى" (1 /312).

«هو أقرَبُ شهيدٍ، وأدنى حفيظٍ، وأعظَمُ رقيبٍ، وأرأَفُ رحيمٍ».

ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة "شفاء العليل" (1 /42).

«ثم تأمَّلْ في دِينك ودنياك:

أما الدِّين: فانظُرْ إلى الأكابرِ الذين زاغُوا بأدنى شبهةٍ: أما إبليسُ فانظر كم عبَد اللهَ، وكم أطاعه، ثم ضَلَّ بأدنى شبهةٍ! وانظُرْ إلى أكابرِ الطبيعيِّين، وحُذَّاق المهندِسين والمنجِّمين، كيف زاغوا بأخَسِّ شبهةٍ؛ حتى تَعرِفَ أنك إنما بَقِيتَ على الحقِّ بحفظِ الحقِّ وعنايته! وانظُرْ إلى الخليلِ عليه السلام - مع جلالة قَدْره - كيف قال: ﴿رَبِّ هَبْ لِي حُكْمٗا وَأَلْحِقْنِي بِاْلصَّٰلِحِينَ﴾ [الشعراء: 83]، وقال: ﴿رَبَّنَا وَاْجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ﴾ [البقرة: 128]، وقال الكليمُ عليه السلام: ﴿رَبِّ اْشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ [طه: 25]، وقال تعالى لمُحمَّد : ﴿وَلَوْلَآ أَن ثَبَّتْنَٰكَ﴾ [الإسراء: 74]، وقال: ﴿وَاْللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ اْلنَّاسِۗ﴾ [المائدة: 67]، وقال المؤمنون: ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾ [آل عمران: 8]».

الفَخْر الرَّازِي "لوامع البينات" (ص199).