البحث

عبارات مقترحة:

القدير

كلمة (القدير) في اللغة صيغة مبالغة من القدرة، أو من التقدير،...

الخالق

كلمة (خالق) في اللغة هي اسمُ فاعلٍ من (الخَلْقِ)، وهو يَرجِع إلى...

الحليم

كلمةُ (الحليم) في اللغة صفةٌ مشبَّهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل)؛...

سلاح الأعداء المرأة

العربية

المؤلف صلاح الدين بورنان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. خطر فتنة النساء على الرجال .
  2. مكانة المرأة في الإسلام .
  3. الواقع المرير للمرأة في عصرنا .
  4. ضوابط خروج المرأة من بيتها .
  5. مسؤوليتنا تجاه نسائنا .
  6. وصايا للمرأة المسلمة. .

اقتباس

حال المرأة في واقعنا اليوم حال يبعث على الحزن والأسى والشفقة لما آل إليه حال النساء, فقد خرجت من بيتها مستعطرة وفي كامل زينتها, وبلباس ضيق شفاف يحدد مقاطع وتقاطيع الجسم, من غير حياء ولا حشمة ولا خوف من الله, وكأننا في مكان عرض الأزياء, ويزداد العجب عندما ترى امرأة في سبعين من عمرها محجبة منقبة لا يُرَى منها شيء, وبنتها إلى جانبها متبرجة مستعطرة سافرة...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71]

أما بعد: فإنَّ خير الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

عباد الله: قال الله -تعالى-: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم: 6].

اتقوا الله -سبحانه وتعالى- وأطيعوه امتثلوا أمره ولا تعصوه, وقوموا بما كلّفكم الله -تعالى- به من رعاية أهليكم وأحسنوا رعاية من استرعاكم الله إيّاهم؛ ويكون ذلك بفعل ما أمر الله واجتناب ما نهى عنه.

عباد الله: لقد درس أعداء الإسلام أحوال المسلمين وتعرفوا على أماكن القوة ومواطن الضعف في شخصية المسلمين, ثم اجتهدوا في توهين نواحي القوة وتحطيمها بكل ما أوتوا من مكر ودهاء وخبث, فعلموا أنّ المرأة من أعظم أسباب القوة في المجتمع الإسلامي, وأنها سلاح ذو حدّين, وأنّها قابلة لأن تكون أخطر أسلحة الفتنة والتدمير, ومن هنا كان لها النصيب الأكبر من حجم المؤامرات الكثيرة التى ترى بوادرها في مجتمعات المسلمين يوما بعد يوم.

عباد الله: ولقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من فتنة النساء, فقال: "إِنَّ الدُّنْيَا خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ سَيُخْلُفُكُمْ فِيهَا لِيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا، وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فتنة بني إسرائيل كانت النساء", وقال: "مَا تَرَكْتُ بَعْدِى فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ".

وقد انتفعت الأمة بهذا الحدّ النافع من سلاح المرأة في قرونها الخيرة, ثم لم تلبث أن تدهورت شيئا فشيئا, وجرحت الأمة بالحد المهلك من سلاح المرأة,  فاتقوا الله -عباد الله- واحذروا الفتنة التي حذر منها النبي -صلى الله عليه وسلم-, واقضوا على أسباب الشرّ قبل أن تقضي عليكم, وسدّوا أبواب الفساد قبل أن تنهار عليكم.

إنّ الإسلام كرّم المرأة أمًّا وزوجةً وبنتاً وأختاً, وأعطاها حقوقها كاملة ممالم تظفر به امرأة في غير الإسلام, ولقد ساوى الإسلام بين الرجل والمرأة في جزاء الآخرة, (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل: 97].

عباد الله: إنّ واقع المرأة اليوم مرير؛ لقد رفضت بعض النساء تكريم الإسلام لها, وأصبحت صريعة لجاهلية هذا القرن, فاندفعت إندفاعا محموما وراء كل سراب, وعاشت بعدها واقعا مريرا, وقد ساعد في تخلف المرأة وجريها وراء السّراب تخلي الكثير من الرّجال عن مسؤوليتهم وترك الحبل على الغارب؛ فتنصلن من تعاليم الإسلام, وتلقين تعاليم الغرب عن طريق غزو  إعلامه المنظور والمقروء والمسموع.

ولم تفكر من انساقت من النساء خلف تلك التيارات في حال المرأة الغربية, وما تعيشه من شقاء وتعاسة, حيث كانت المرأة في الغرب فريسة لذئاب من البشر؛ عبثوا بكرامتها وتاجروا بها, وأصبحت المرأة بصفة عامة وسيلة لرواج الكاسد من البضائع والسلع, وجلب الزبائن, وهناك مقولة عظيمة تقول: "إذا علَّمت رجلاً فقد علمت فردا, وإذا علَّمت امرأة فقد علمت جيلا".

ثُم إنّك لو نظرت إلى بلادنا الإسلامية نظرة تأمل لوجدت أنّ كل ما حدث فيها من التبرج والسفور والانحلال,  وراءه امرأة ممن درسن في الخارج, فكثير منهن  عندما رجعن من فرنسا وبريطانيا وغيرها من البلاد المنحلة، قمن بإحراق العباءة وإلغاء الخمار, وخلعن الحجاب الشرعي, وظهرن متبرجات متسكعات, يدعين النساء إلى مثل فعلهن من المنكر, فَحَدَثَ ماَ تَرَى, فكيف تبنى الأجيال على أيدى هؤلاء الساقطين والساقطات؛ أمثال هدى شعراوي وقاسم أمين,  الذين دعو صراحة إلى تحرير المرأة؟!.

انظروا إلى حال المرأة في واقعنا اليوم, حال يبعث على الحزن والأسى والشفقة لما آل إليه حال النساء, فقد خرجت من بيتها مستعطرة وفي كامل زينتها, وبلباس ضيق شفاف يحدد مقاطع وتقاطيع الجسم, من غير حياء ولا حشمة ولا خوف من الله, وكأننا في مكان عرض الأزياء,  ويزداد العجب عندما ترى امرأة في سبعين من عمرها محجبة منقبة لا يُرَى منها شيء, وبنتها إلى جانبها متبرجة مستعطرة سافرة, تناقض عجيب!.

عباد الله: لا مانع أن تعمل المرأة كممرضة أو معلمة أومربية, أو غيرها من الأعمال والوظائف, أو تذهب المرأة إلى السوق إذا لم تجد من يشتري لها, كأن تكون أرملة أو مطلقة أو يتيمة, أو تذهب إلى المستشفى إذا كانت مريضة, أو تدرس وتقرأ وتطلب العلم في المسجد أو أماكن التعليم, لكن في حدود الحياء والحشمة والستر, متحجبة ومن غير تبرج ولا سفور, ومن غير أن يخضعن بالقول؛ فيطمع الذي في قلبه مرض.

عباد الله: إذا تُرِكَ الحال على ما هو عليه من غير توجيه ولا توعية ولا نصيحة؛ فإن مستقبل أبنائنا وبناتنا سيكون مستقبلا مظلما ومجهولا, والثّمن سيدفعه الأولياء غَالٍ وغَالٍ جدا نتيجة الإهمال واللامبالاة وعدم تحمل المسؤولية, فمن غير المعقول أن ترمي أحداً في الماء وتقول له: "إيّاك أن تبتل", أو تضع الكبريت أمام البنزين وتقول له: "إيّاك أن تشتعل".

نسأل الله العافية والستر والسلامة, وأستغفر الله؛ فاستغفروه.

الخطبة الثانية:

الحمدُ لله على إِحسانِه، والشّكرُ له على توفيقِه وامتِنانِهِ، وأشهَد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شَريكَ لَه تعظيمًا لشأنِه، وأَشهَد أنّ نبيَّنا وسيّدنا محمَّدًا عبده ورسولُه الداعِي إلى رضوانِه، صلّى الله عليه وعلى آلِه وأَصحابه وإخوانِه، وسلّم تسليمًا كثيرًا.

أيها المؤمنون: لقد أصبحت المرأة في هذا الزمن كالكرة تتناولها أرجل اللاعبين, لقد بات وضع المرأة المسلمة في مهب الأعاصير, فليس من الحكمة أن يترك زمامه للأمواج تقذف به حيث يشاء أولوا الأهواء، ولا ريب أنّه على كل واحد منّا نصيبه من المسؤولية لا يستثنى من ذلك صغير ولا كبير, كل على حسب استطاعته وقدرته.

والنصيحة عندما توجه للمرأة تكون باللين والحكمة والموعظة الحسنة, وضرب الأمثلة وبالحجة والإقناع, ولا تكون النصيحة بالقوة والإكراه والإجبار والقهر والضرب؛ فإن ذلك يؤدي إلى فساد أعظم من الأول.

المسؤولية عظيمة والواقع مرّ والله هو المعين على ذلك, فالمرأة تحتاج إلى توجيه صحيح وتربية صالحة, وتحتاج إلى من يأخذ بيدها إلى برّ الآمان, فبصلاح المرأة يصلح الجيل وبفساد المرأة يفسد الجيل.

آن للنساء أن يقتدين بالطهر والعفاف والفضيلة بـ "صفية وأسماء وعائشة وفاطمة" فهؤلاء يصلحن أن يكن نبراسا وأنموذجا لفتياتنا وأمهاتنا وأخواتنا, في وقت أصبحت مصممة الأزياء والممثلة والرّاقصة والفنانة العاهرة الفاجرة هي القدوة وهي الأسوة لكثير من النساء إلاّ من رحمهن الله -عزّ وجل-, وصدق من قال:

الأم مدرسة إذا أعددتها

أعددت شعبا طيب الأعراق

الأم روض إذا تعهده الحيا

بالري أورق أيّما إيـــراق

الأم أستاذ الأساتذة الأُلى

شغلت مآثرهم مدى الأفـاق

اللهمَّ إنَّا نسألُك إيماناً يُباشرُ قلوبنا, ويقيناً صادقاً, وتوبةً قبلَ الموتِ, وراحةً بعد الموتِ, ونسألُكَ لذةَ النظرِ إلى وجهكَ الكريمِ, والشوق إلى لقائِكَ في غيِر ضراءَ مُضرة, ولا فتنةً مضلة.

اللهمَّ زينا بزينةِ الإيمانِ, واجعلنا هُداةً مهتدين,لا ضاليَن ولا مُضلين, بالمعروف آمرين, وعن المنكر ناهين, يا ربَّ العالمين.

اللهمَّ آمنا في الأوطانِ والدُور, وأصلحِ الأئمةَ وولاةِ الأمورِ, يا عزيزُ يا غفور, سبحان ربك رب العزة عما يصفون.

ألا وصلوا وسلموا على من أُمرتم بالصلاة عليه, إمام المتقين, وقائد الغرِّ المحجلين وعلى ألهِ وصحابته أجمعين, وأرض اللهمَّ عن الخلفاءِ الراشدين؛ أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي.