الغفار
كلمة (غفّار) في اللغة صيغة مبالغة من الفعل (غَفَرَ يغْفِرُ)،...
العربية
المؤلف | سعد آل مجري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الحج |
مُنْذُ أَنْ أَذَّنَ إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ- بِالْحَجِّ اسْتَجَابَ النَّاسُ لِهَذَا الأَذَانِ، وَأَمُّوا الْبَيْتَ رِجَالاً وَرُكْبَاناً, وَمُنْذُ أَنْ نَادَى نَبِيُّ اللهِ إِبْرَاهِيْمُ -عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ- ذَلِكَ الْنَّدَاءَ الَّذِي تَرَدَّدَ فِي أَرْجَاءِ الْكَوْنِ؛ صَارَ الْوَادِي الْمُقْفِرِ، الَّذِي لَيْسَ بِهِ شَجَرٌ وَلاَ بَشَرٌ، مَهْوىً لأَفْئِدَةِ الْمُسْلِمِينَ، تَحِنُّ إِلَيْهَا قُلُوْبُهُمْ، وَتَشْتَاقُ إِلَيْهَا أَفْئِدَتُهُمْ, بِأَمْرٍ مِنَ الله وَتَدْبِيرٍ مِنْهُ سُبْحَانَهُ، وَإِجَابَةً لِدُعَاءِ خَلِيلِهِ -عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ- ذَلِكَ الدُّعَاءُ...
الخطبة الأولى:
الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَرَضَ عَلَى عِبَادِهِ حَجَّ بَيْتِهِ الحَرَامِ، لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، غَفَرَ لِمَنْ حَجَّ البَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ جَمِيعَ الذُّنُوبِ وَالآثَامِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَصَفْوَةُ رُسُلِهِ الكِرَامِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ إِلَى يَوْمِ العَرْضِ عَلَى ذِي الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ.
أَمَّا بَعْـدُ: فَأُوصِيكُمْ -عِبَادَ اللهِ- وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ؛ فَإِنَّهَا سَبَبُ تَفْرِيجِ الْكُرُوبِ، وَغُفْرَانِ الذُّنُوبِ، وَبَسْطِ الأَرْزَاقِ، وَدُخُولِ جَنَّةِ الكَرِيمِ الرَّزَّاقِ، قَالَ تَعَالَى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)[الطلاق:2-3].
أَمَّا بَعْدُ: فَيَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُوْنَ: أَيَّامٌ قَلاَئِلُ وَيَتَعَالَىَ نِدَاءُ الْتَّلْبِيَةِ "لَبَّيْكَ اللَهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لاَ شَرِيكَ لَكَ"، وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى اخْتِلاَفِ أَجْنَاسِهِمْ، وَتَعَدُّدِ أَلْوَانِهِمْ، وَاخْتِلاَفِ قَبَائِلِهِمْ وَأَنْسَابِهِمْ، مُلَبِّينَ دَعْوةَ أَبِي الأَنْبِيَاءِ وَإِمَامِ الْمُوَحِّدِينَ إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالْسَّلامُ- بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنْ بِنَاءِ الْبَيْتِ، وَبَعْدَ أَنْ أَقَامَهُ عَلَىَ أَسَاسِ التَّوْحِيدِ، حَيْثُ أَمَرَهُ رَبُّهُ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ، وَأَنْ يَدْعُوَهُمْ إِلَى بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ، وَوَعَدَهُ أَنْ يَتَكَفَّلَ بِإِبْلاَغِ دَعْوَتِهِ، وَأَنْ يُلَبِّيَهَا النَّاسُ، فَيَتَقَاطَرُوا عَلَى الْبَيْتِ مِنْ كُلِّ فَجٍّ بَعِيدٍ، رِجَالاً يَسْعَوْنَ عَلَىَ أَقْدَامِهِمْ، وَرُكُوباً عَلَى كُلِّ ضَامِرٍ أَجْهَدَهُ الْسَّيْرُ فَضَمُرَ مِنْ الْجَهْدِ وَالْجُوعِ: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)[الحج: 26-27].
وَمُنْذُ أَنْ أَذَّنَ إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ- بِالْحَجِّ اسْتَجَابَ النَّاسُ لِهَذَا الأَذَانِ، وَأَمُّوا الْبَيْتَ رِجَالاً وَرُكْبَاناً, وَمُنْذُ أَنْ نَادَى نَبِيُّ اللهِ إِبْرَاهِيْمُ -عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ- ذَلِكَ الْنَّدَاءَ الَّذِي تَرَدَّدَ فِي أَرْجَاءِ الْكَوْنِ؛ صَارَ الْوَادِي الْمُقْفِرِ، الَّذِي لَيْسَ بِهِ شَجَرٌ وَلاَ بَشَرٌ، مَهْوىً لأَفْئِدَةِ الْمُسْلِمِينَ، تَحِنُّ إِلَيْهَا قُلُوْبُهُمْ، وَتَشْتَاقُ إِلَيْهَا أَفْئِدَتُهُمْ, بِأَمْرٍ مِنَ الله وَتَدْبِيرٍ مِنْهُ سُبْحَانَهُ، وَإِجَابَةً لِدُعَاءِ خَلِيلِهِ -عَلَيْهِ الْسَّلاَمُ- ذَلِكَ الدُّعَاءُ الَّذِي رَفَعَهُ إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- عِنْدَمَا تَرَكَ زَوْجَهُ وَوَلَدَهُ قائلاً: (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)[إبراهيم: 37]، فَصَارَ النَّاسُ مُنْذُ ذَلِكَ الْحِينِ وَمُنْذُ تِلْكَ الدَّعْوَةِ يَهْوُونَ إِلَىَ ذَلِكَ الْمَكَانِ عَلَى مَرِّ السِّنِينَ وَالأَيَّامِ، وَصَارَ ذَلِكَ الْوَادِي مُلْتَقىً لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، وَبُقْعَةً مُبَارَكَةً تَجْتَمِعُ فِيْهَا الْخَيْرَاتُ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ وَصَوْبٍ؛ اسْتِجَابَةً أَيْضا لِدُعَاءِ الْخَلِيلِ الَّذِي قَالَ فِيْهِ: (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ)[البقرة:126].
وَبَقِيَ الْحَجُّ إِلَىَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَالْطَّوَافُ بِالْبَيْتِ عَلَىَ مَا أَرْسَاهُ عليه إِبْرَاهِيمُ -عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ- مِنْ دِينِ الْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ رَدْحاً مِنَ الزَّمَنِ، ثُمَّ حُرِّفَتْ مَنَاسِكُهُ، وَضَاعَتْ مَلاَمِحُهُ الَّتِي كَانَتْ عَلَىَ عَهْدِ إِبْرَاهِيْمَ، حَتَّى جَاءَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فَعَادَ الْحَجُّ عِبَادَةً إِسْلاَمِيَّةً تَقُومُ عَلَى تَوْحِيدِ اللهِ –سُبْحَانَهُ-، وَتَبْتَعِدُ عَنْ كُلِّ شِرْكٍ أَوْ وَثَنِيَّةٍ.
عِبَادَ اللهِ: الْحَجُّ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى كُل مُكَلَّفٍ مُسْتَطِيعٍ فِي الْعُمُرِ مَرَّةً، وَهُوَ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الإْسْلاَمِ، ثَبَتَتْ فَرْضِيَّتُهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالإِجْمَاعِ.
أَمَّا الْكِتَابُ؛ فَقَدْ قَال اللَّهُ -تَعَالَى-: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)[آل عمران: 97]، فَهَذِهِ الآْيَةُ نَصٌّ فِي إِثْبَاتِ الْفَرْضِيَّةِ، حَيْثُ عَبَّرَ الْقُرْآنُ بِصِيغَةِ: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ) وَهِيَ صِيغَةُ إِلْزَامٍ وَإِيجَابٍ، وَذَلِكَ دَلِيل الْفَرْضِيَّةِ، بَل إِنَّنَا نَجِدُ الْقُرْآنَ يُؤَكِّدُ تِلْكَ الْفَرْضِيَّةَ تَأْكِيدًا قَوِيًّا فِي قَوْله تَعَالَى: (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)[آل عمران: 97]، فَإِنَّهُ جَعَل مُقَابِل الْفَرْضِ الْكُفْرَ، فَأَشْعَرَ بِهَذَا السِّيَاقِ أَنَّ تَرْكَ الْحَجِّ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ الْمُسْلِمِ، وَإِنَّمَا هُوَ شَأْنُ غَيْرِ الْمُسْلِمِ.
وَأَمَّا السُّنَّةُ؛ فَمِنْهَا: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَال: "بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَالْحَجِّ"(رواه البخاري ومسلم)، وَقَدْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ: "بُنِيَ الإِسْلاَمُ" فَدَل عَلَى أَنَّ الْحَجَّ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلاَمِ، ومبانيه العظام.
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَال: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا" فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ، حَتَّى قَالَهَا ثَلاَثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لَوْ قُلْتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ" ثُمَّ قَالَ: "ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ".
وَقَدْ وَرَدَتِ الأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةً جِدًّا حَتَّى بَلَغَتْ مَبْلِغَ التَّوَاتُرِ الَّذِي يُفِيدُ الْيَقِينَ وَالْعِلْمَ الْقَطْعِيَّ الْيَقِينِيَّ الْجَازِمَ بِثُبُوتِ هَذِهِ الْفَرِيضَةِ.
وَأَمَّا الإِجْمَاعُ؛ فَقَدْ أَجْمَعَتْ الأُمَّةُ عَلَى وُجُوبِ الْحَجِّ فِي الْعُمُرِ مَرَّةً عَلَى الْمُسْتَطِيعِ، وَهُوَ مِنَ الأُمُورِ الْمَعْلُومَةِ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ يَكْفُرُ جَاحِدُهُ نقله غيرُ واحد من العلماء.
واخْتَلَف العلماءُ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ عِنْدَ تَحَقُّقِ الشُّرُوطِ هَل هُوَ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ عَلَى التَّرَاخِي؟
فذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ، فَمَنْ تَحَقَّقَ فَرْضُ الْحَجِّ عَلَيْهِ فِي عَامٍ فَأَخَّرَهُ يَكُونُ آثِمًا، وَإِذَا أَدَّاهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ أَدَاءً لاَ قَضَاءً، وَارْتَفَعَ الإِثْمُ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى التَّرَاخِي، فَلاَ يَأْثَمُ الْمُسْتَطِيعُ بِتَأْخِيرِهِ, وَالتَّأْخِيرُ إِنَّمَا يَجُوزُ بِشَرْطِ الْعَزْمِ عَلَى الْفِعْل فِي الْمُسْتَقْبَل، فَلَوْ خَشِيَ الْعَجْزَ أَوْ خَشِيَ هَلاَكَ مَالِهِ حَرُمَ التَّأْخِيرُ، فَإِذَا مَاتَ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ عَاصِيًا مِنْ آخِرِ سَنَوَاتِ الاِسْتِطَاعَةِ.
فَلاَ يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ يَخَافُ اللهَ -سُبْحَانَهُ- وَيَرْجُو لِقَاءَهُ، لَدَيْهِ الْكِفَايَةُ وَالاِسْتِطَاعَةُ؛ أَنْ يُفَرِّطَ فِي هَذَا الأَمْرِ، أَوْ يُؤَجِّلَهُ دُونَ عُذْرٍ مَقْبُولٍ شَرْعاً.
وكَيْفَ تَطِيبُ نَفْسُ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَتْرُكَ الْحَجَّ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بِمَالِهِ وَبَدَنِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْ فَرَائِضِ الإِسْلاَمِ وَأَرْكَانِهِ؟! كَيْفَ يَبْخَلُ بِالْمَالِ أَنْ يُنْفِقَهُ فِي أَدَاءِ هَذِهِ الْفَرِيضَةِ وَهُوَ يُنْفِقُ الْكَثِيرَ مِنْ مَالِهِ فِيمَا تَهْوَاهُ نَفْسُهُ؟! وَكَيْفَ لاَ يَتَحَمَّلُ التَّعَبَ فِي الْحَجِّ وَهُوَ يتعبُ خلفَ حُطامِ الدُنيا أضعافَ ما يتعبُ في الحج؟! وَكَيْفَ يَتَرَاخَى وَيُؤَخِّرُ أَدَاءَهُ وَهُوَ لاَ يَدْرِي لَعَلَّهُ لاَ يَعِيشُ أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ الْوُصُولَ إِلَيْهِ بَعْدَ عَامِهِ؟! فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ؛ فَإِنَّهُ قَدْ يَمْرَضُ الْمَرِيضُ، وَتَضِلُّ الضَّالَّةُ، وَتَعْرِضُ الْحَاجَةُ"(رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ)، وَعَنْهُ أَيْضاً قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "تَعَجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ" يَعْنِي الْفَرِيضَةَ "فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لاَ يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ"(رَوَاهُ أَحْمَدُ).
وَكَيْفَ لاَ يَتَعَجَّلُ الْمُسْلِمُ إِلَى الْحَجِّ؟! وَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ الأَعْمَالِ، وَفِيهِ الْمُبَادَرَةُ إِلَى أَمْرِ اللهِ، وَالْخَوْفُ مِنْ مَبَاغَتَةِ الْمَوْتِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ: "إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ" قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: "الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ" قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: "حَجٌّ مَبْرُورٌ"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ).
وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الصَّالِحِينَ يَتَحَسَّرُ إِذَا فَاتَهُ الْحَجُّ، وَيَقُولُ: "لَئِنْ سَارَ الْقَوْمُ وَقَعَدْنَا، وَقَرُبُوا وَبَعُدْنَا: فَمَا يُؤْمِنُنَا أَنْ نَكُونَ مِمَّنْ: (كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ)[التوبة: 46].
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لقد شُرِعَتِ الْعِبَادَاتُ لإِظْهَارِ عُبُودِيَّةِ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ وَمَدَى امْتِثَالِهِ لأَمْرِهِ، وَلَكِنْ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ -تَعَالَى- أَنَّ أَكْثَرَ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ لَهَا فَوَائِدُ تُدْرِكُهَا الْعُقُول الصَّحِيحَةُ، وَأَظْهَرُ مَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي فَرِيضَةِ الْحَجِّ.
وَتَشْتَمِل هَذِهِ الْفَرِيضَةُ عَلَى حِكَمٍ جَلِيلَةٍ كَثِيرَةٍ؛ تَمْتَدُّ فِي ثَنَايَا حَيَاةِ الْمُؤْمِنَ الرُّوحِيَّةِ، وَمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ جَمِيعِهِمْ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا؛ مِنْهَا: أَنَّ فِي الْحَجِّ إِظْهَارَ التَّذَلُّل لِلَّهِ -تَعَالَى-، وَذَلِكَ لأَنَّ الْحَاجَّ يَرْفُضُ أَسْبَابَ التَّرَفِ وَالتَّزَيُّنِ ، وَيَلْبَسُ ثِيَابَ الإِحْرَامِ مُظْهِرًا فَقْرَهُ لِرَبِّهِ، وَيَتَجَرَّدُ عَنِ الدُّنْيَا وَشَوَاغِلِهَا الَّتِي تَصْرِفُهُ عَنِ الْخُلُوصِ لِمَوْلاَهُ، فَيَتَعَرَّضُ بِذَلِكَ لِمَغْفِرَتِهِ وَرُحْمَاهُ، ثُمَّ يَقِفُ فِي عَرَفَةَ ضَارِعًا لِرَبِّهِ حَامِدًا شَاكِرًا نَعْمَاءَهُ وَفَضْلَهُ، وَمُسْتَغْفِرًا لِذُنُوبِهِ وَعَثَرَاتِهِ، وَفِي الطَّوَافِ حَوْل الْكَعْبَةِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ يَلُوذُ بِجَنَابِ رَبِّهِ وَيَلْجَأُ إِلَيْهِ مِنْ ذُنُوبِهِ، وَمِنْ هَوَى نَفْسِهِ، وَوِسْوَاسِ الشَّيْطَانِ.
ومِنْهَا: أَنَّ أَدَاءَ فَرِيضَةِ الْحَجِّ يُؤَدِّي شُكْرَ نِعْمَةِ الْمَال، وَسَلاَمَةِ ، وَهُمَا أَعْظَمُ مَا يَتَمَتَّعُ بِهِ الإِنْسَانُ مِنْ نِعَمِ الدُّنْيَا، فَفِي الْحَجِّ شُكْرُ هَاتَيْنِ النِّعْمَتَيْنِ الْعَظِيمَتَيْنِ، حَيْثُ يُجْهِدُ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ وَيُنْفِقُ مَالَهُ فِي طَاعَةِ رَبِّهِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ.
ومِنْهَا: أنه يَجْتَمِعُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَقْطَارِ الأَرْضِ فِي مَرْكَزِ اتِّجَاهِ أَرْوَاحِهِمْ، وَمَهْوَى أَفْئِدَتِهِمْ، فَيَتَعَرَّفُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَيَأْلَفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، هُنَاكَ حَيْثُ تَذُوبُ الْفَوَارِقُ بَيْنَ النَّاسِ، فَوَارِقُ الْغِنَى وَالْفَقْرِ، فَوَارِقُ الْجِنْسِ وَاللَّوْنِ، فَوَارِقُ اللِّسَانِ وَاللُّغَةِ، تَتَّحِدُ كَلِمَةُ الإِنْسَانِ فِي أَعْظَمِ مُؤْتَمَرٍ بَشَرِيٍّ اجْتَمَعَتْ كَلِمَةُ أَصْحَابِهِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَعَلَى التَّوَاصِي بِالْحَقِّ وَالتَّوَاصِي بِالصَّبْرِ، هَدَفُهُ الْعَظِيمُ رَبْطُ أَسْبَابِ الْحَيَاةِ بِأَسْبَابِ السَّمَاءِ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى سَيِّدِ الأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ، نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَىَ آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ-، وَتَوَسَّلُوا إِلَيْهِ بِمَا افْتَرَضَهُ عَلَيْكُمْ مِنْ فَضَائِلِ الأَعْمَالِ، وَبِمَا نَدَبَكُمْ إِلَيهِ مِنَ النَّوَافِلِ، تَفُوزُوا بِالتَّقْوَى، يَقُولُ سُبْحَانَهُ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[البقرة: 21].
إِخْوَةَ الإِيمَانِ: وَعَلَى كُلِّ مَنْ يُرِيدُ الْحَجَّ، وَيُرِيدُ أَنْ يَكُونَ حَجُّهُ مَبْرُوراً، وَسَعْيُهُ مَشْكُوراً: أَنْ يُرَاعِيَ أُمُوراً لاَ بُدَّ مِنْهَا، وَأَنْ يَحْرِصَ عَلَيْهَا، فَمِنْ هَذِهِ الأُمُورِ: أَنَّ عَلَى مَنْ نَوَى الْحَجَّ: أَنْ يُلِمَّ بِأَحْكَامِهِ، وَيَتَفَقَّهَ فِي أَرْكَانِهِ وَوَاجِبَاتِهِ، وَيَعْرِفَ مَحْظُورَاتِهِ، وَمَا يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ الْحَاجُّ مِنْ أَخْطَاءٍ، وَذَلِكَ لِيَتَجَنَّبَهَا، وَلِيُؤَدِّيَ النُّسُكَ عَلَى أَكْمَلِ الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ شَرْعاً.
كَمَا يَنْبَغِي لِلْحَاجِّ أنْ يَتَّخِذَ لِحَجِّهِ نَفَقَةً مِنْ حَلاَلٍ؛ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الَّذِي يَحُجُّ بِهِ مَالاً حَرَاماً، فَالنَّفَقَةُ الْحَلاَلُ شَرْطٌ لِلْحَجِّ الْمَبْرُورِ؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ"، فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا)[المؤمنون: 51]، وَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ)[البقرة: 172]، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ؟!"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
فَكَيْفَ يَسُوغُ أَنْ تَتَوَجَّهَ إِلَى اللهِ وَإِلَى بَيْتِهِ الْحَرَامِ طَالِباً عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَأَنْتَ تَصْطَحِبُ لِذَلِكَ مَالاً تَعْلَمُ أَنَّهُ حَرَامٌ؟! فَأَيُّ حَجٍّ هَذَا؟! وَأَيُّ عِبَادَةٍ هَذِهِ؟! وَقَدْ صَدَقَ مَنْ قَالَ:
إِذَا حَجَجْتَ بِمـَالٍ أَصْلُهُ سُحُتٌ | فَمَا حَجَجْتَ وَلَكِنْ حَجَّتِ الْعِيرُ |
لاَ يَقْبَـــلُ اللهُ إِلاَّ كُـلَّ طَيِّـبَـــةٍ | مَا كُلُّ مَنْ حَجَّ بَيْتَ اللهِ مَبْـرُورُ |
كَمَا يَنْبَغِي لِلْحَاجِّ أَنْ تَكُونَ أَعْمَالُهُ خَالِصَةً لِوَجْهِ اللهِ -تَعَالَى-، لَيْسَ مِنْ وَرَائِهَا رِيَاءٌ وَلاَ سُمْعَةٌ، بَلْ لاَ يَبْتَغِي بِهَا إِلاَّ وَجْهَ اللهِ سُبْحَانَهُ، يَقُولُ سُبْحَانَهُ: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)[البقرة: 196]، وَقَالَ تَعَالَى: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)[الكهف: 110]، وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إِلاَّ مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا، وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ"(أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ)، فَالإِخْلاَصُ وَالنِّيَّةُ الصَّادِقَةُ شَرْطٌ لِنَجَاحِ الْعِبَادَةِ وَقَبُولِهَا، وَشَرْطٌ آخَرُ يَجِبُ تَوَفُّرُهُ فِي كُلِّ عِبَادَةٍ، وَمِنْهَا: الْحَجُّ: وَهُوَ مُتَابَعَةُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي جمِيعِ أُمُورِ الْحَجِّ، فَلْيَكُنْ قَوْلُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ" نُصْبَ عَيْنِ الْحَاجِّ مُنْذُ بِدَايَةِ أَعْمَالِ الْحَجِّ إِلَى نِهَايَتِهَا؛ حَتَّى يَحْظَى بِقَبُولِ حَجِّهِ.
وَيَنْبَغِي لِلْحَاجِّ أَيْضاً أَنْ يَتَخَلَّقَ بِالْخُلِقُ الْحَسَنِ أَثْنَاءَ حَجِّهِ، وَأَنْ يَتَحَلَّى بِالصَّبْرِ وَالْحِلْمِ وَالْعَفْوِ وَالأَنَاةِ، وَهَذِهِ الأُمُورُ مِنْ أَهَمِّ الأَسْبَابِ لِلْفَوْزِ بِالْحَجِّ الْمَبْرُورِ، يَقُولُ سُبْحَانَهُ: (فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)[البقرة: 197]، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ؛ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ"(أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ)، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "الْحَجُّ الْمَبْرُورُ: إِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَطِيبُ الْكَلاَمِ"(رَوَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ).
كُلُّ هَذِهِ -إِخْوَةَ الإِيمَانِ- أُمُوْرٌ يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَحْرِصَ عَلَيْهَا إِذَا أَرَادَ التَّوَجُّهَ إِلَى تِلْكَ الرِّحَابِ الطَّاهِرَةِ، وَالبِقَاعِ الْمُبَارَكَةِ، إِنْ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ مِنْهَا بِحَجٍّ مَبْرُورٍ وسَعْيٍ مَشْكُورٍ وَتِجَارَةٍ لَنْ تَبُورَ.
أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُعِينَنِي وَإِيَّاكُمْ عَلَى ذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ؛ إِنَّكَ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِينَ, وَأَذِلَّ الشِّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ، وَدَمِّرِ اللَّهُمَّ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أمرنا لِهُدَاكَ, وَاجَعَلْ عَمَلَهُ فِي رِضَاكَ, وَاجْعَلِ اللَّهُمَّ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.