المعطي
كلمة (المعطي) في اللغة اسم فاعل من الإعطاء، الذي ينوّل غيره...
العربية
المؤلف | السيد مراد سلامة |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | السيرة النبوية - أركان الإيمان |
فضَّله على العالمين، وفطَره على صفات وأخلاق عظيمة، ظهرت على معاملاته الطيبة مع الصديق والعدو، والموافق والمخالف، وكان من أثر ذلك أن القلوب فاضت بحبُّه، بما لا تعرف الدنيا لرجل غيره، فالذين عاشروه أحبُّوه، لما رأوا من كمال خُلُقِه...
الخطبة الأولى:
أما بعد: اصطفى الله -عز وجل- نبيَّه محمداً -صلى الله عليه وسلم-، وفضَّله على العالمين، وفطَره على صفات وأخلاق عظيمة، ظهرت على معاملاته الطيبة مع الصديق والعدو، والموافق والمخالف، وكان من أثر ذلك أن القلوب فاضت بحبُّه، بما لا تعرف الدنيا لرجل غيره، فالذين عاشروه أحبُّوه، لما رأوا من كمال خُلُقِه، فقد أدَّبه ربُّه فأحسن تأديبه، حتى خاطبه مثنياً عليه، فقال: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)[القلم:4]. ومن جميل وعظيم أخلاقه -صلى الله عليه وسلم- أنَّ حلمه مع مَن أساء إليه وجهل عليه اتسع حتى جاوز العدل إلى الفضل.
أيها الإخوة الأعزاء: ما بين الفينة والفينة نرى أقزاما تتطاول على سيد الرجال -صلى الله عليه وسلم- ويكيلون له ولدعوته التهم والشتائم في الأندية وفي الأسواق وتلك هي سنة الكافرين كما اخبرنا رب العالمين في غير ما اية من كتابه الكريم قال الله -سبحانه-: (كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ * أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ)[الذاريات:52-53].
(أَتَوَاصَوْا بِهِ)؛ أي: هل أوصى بعضهم بعضًا بهذه الكلمات، فيرددها الأولون والآخرون؟، هل أوصى بعضهم بعضًا بهذه الكلمات المكررة التي يرددها الجميع وجاءت على لسان الكل؟
الجواب لا قطعًا؛ لأنهم متباعدون في الفترة والمكان، وخاصة في الأزمنة المتقدمة حيث لا توجد لديهم وسائل اتصالات حديثة حتى يُعلّم بعضهم بعضًا هذه التُّهم أو يسمعها هؤلاء من هؤلاء، وليس من المعقول أن يعلم الذين في المشرق ما قاله إخوانهم في المغرب لرسولهم فيعيدون له ما قال أولئك.
إذن فما السر؟ وكيف توارثت أجيال الكفر والنفاق أساليب السخرية دون أن يكون بينها وصايا مخطوطة أو مسموعة؟ اسمعوا الإجابة: (بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ)[الذاريات:53].
وهيا لنتعرف على هدي خير العباد مع أهل الكفر والعناد:
الموقف الأول عن عائشة قالت: "بَيْنَا أنا عندَ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، إذِ استَأذَنَ رَجلٌ منَ اليَهودِ، فأَذِنَ له، فقال: السامُ عليكَ، فقال النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: وعليكَ، قالت: فهمَمْتُ أنْ أتكَلَّمَ، قالت: ثُم دخَلَ الثانيةَ، فقال مثلَ ذلك، فقال النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: وعليكَ، قالت: ثُم دخَلَ الثالثةَ، فقال: السامُ عليكَ، قالت: فقُلْتُ: بلِ السامُ عليكم، وغَضبُ اللهِ، إخوانَ القِرَدةِ والخَنازيرِ، أتُحَيُّونَ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بما لم يُحَيِّهِ به اللهُ؟ قالت: فنظَرَ إليَّ، فقال: مَهْ، إنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الفُحشَ ولا التفَحُّشَ، قالوا قَولًا، فردَدْناهُ عليهم، فلم يَضُرَّنا شيءٌ، ولزِمَهم إلى يومِ القيامةِ، إنَّهم لا يَحسُدونا على شيءٍ كما يَحسُدونا على يومِ الجمُعةِ التي هَدانا اللهُ لها، وضَلُّوا عنها، وعلى القِبلةِ التي هَدانا اللهُ لها، وضَلُّوا عنها، وعلى قولِنا خلفَ الإمامِ: آمينَ"(أخرجه البخاري:٦٣٩٥، ومسلم: ٢١٦٥).
"فقالوا السام" هو الموت. وقيل الموت العاجل. وجاءت الرواية في الجواب بالواو وحذفها. والحذف لرد قولهم عليهم؛ لأن مرادهم الدعاء على المؤمنين. فينبغي للمؤمن رد ذلك الدعاء عليهم. وأما الواو فإنما ذُكِرَتْ تشبيهًا بالجواب. والمقصود هو الرد.
الموقف الثاني: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ؛ قَالَ: "كُنْتُ أَمْشِى مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَعَليْهِ رِدَاءٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيُّ، فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، نَظَرْتُ إِلى صَفْحَةِ عُنُقِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَقَدْ أثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللهِ الذِى عِنْدَكَ، فَالتَفَتَ إِليْهِ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ"(متفق عليه).
لقد جبذ الأعرابي النبي -صلى الله عليه وسلم- بردائه جبذة شديدة، أثَّرت في عاتقه، ولم يتلطَّف في طلب مسألته بل قال: "يا محمد! مُر لي من مال الله الذي عندك"، فناداه باسمه، وفي هذا جفاء وغلظة وسوء أدب مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد قال الله -تعالى-: (لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا)[النور:63].
روى ابن كثير عن ابن عباس، قال: كانوا يقولون: يا محمد! يا أبا القاسم! فنهاهم الله -عز وجل-، عن ذلك؛ إعظاماً لنبيه -صلوات الله وسلامه عليه-. قال: فقالوا: يا رسول الله! يا نبي الله. وقال مقاتل بن حيان في قوله: (لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا)، يقول: "لا تسمّوه إذا دعوتموه: يا محمد! ولا تقولوا: يا ابن عبد الله! ولكن شَرِّفُوه، فقولوا: يا نبي الله! يا رسول الله".
ومع ما فعله الأعرابي من الغلظة والإساءة باليد واللسان إليه -صلى الله عليه وسلم-، فقد التفت إليه مبتسماً، وأمر له بعطاء، قال النووي: "فيه احتمال الجاهلين، والإعراض عن مقابلتهم، ودفع السيئة بالحسنة، وإعطاء مَن يُتألف قلبه، والعفو عن مرتكب كبيرة لا حدّ فيها بجهله، وإباحة الضحك عند الأمور التي يُتعجَّب منها في العادة، وفيه كمال خُلُق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحلمه وصفحه".
الموقف الثالث: اختبار اليهودي زيد بن سَعْنَةَ للرسول؛ حيث كان زيد يريد أن يُسلم، ولكن قبل إسلامه أراد أن يختبر الرسول الكريم في عدة صفات، فقال: ما مِن علامات النبوة شيءٌ إلا وقد عرفتها في وجه محمد -صلى الله عليه وسلم- حين نظرت إليه، إلا اثنتين لم أَخْبُرهما منه -أي: لم أختبره ولم أكشفهما فيه": "يَسْبِقُ حِلْمُهُ جَهْلَهُ، وَلا يَزِيدُهُ شِدَّةُ الْجَهْلِ عَلَيْهِ إِلا حِلْمًا، فَكُنْتُ أَلْطُفُ لَهُ لأنْ أُخَالِطَهُ فَأَعْرِفُ حِلْمَهُ مِنْ جَهْلِه".
فاتفق زيد مع النبي على صفقة مادية على أن يأخذ زيد حقّه في أجل معلوم، تعالوا نسمع القصة كاملةً؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: إنَّ اللهَ -تبارَك وتعالى- لمَّا أراد هُدى زيدِ بنِ سَعْنةَ قال زيدُ بنُ سَعْنةَ: إنَّه لم يبقَ مِن علاماتِ النُّبوَّةِ شيءٌ إلَّا وقد عرَفْتُها في وجهِ محمَّدٍ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- حينَ نظَرْتُ إليه إلَّا أثنين لم أخبُرْهما منه: يسبِقُ حِلْمُه جهلَه ولا يزيدُه شدَّةُ الجهلِ عليه إلَّا حِلمًا فكُنْتُ أتلطَّفُ له لِأنْ أُخالِطَه فأعرِفَ حِلْمَه وجهلَه قال: فخرَج رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- مِن الحُجُراتِ ومعه عليُّ بنُ أبي طالبٍ فأتاه رجلٌ على راحلتِه كالبدويِّ فقال: يا رسولَ اللهِ قريةُ بني فلانٍ قد أسلَموا ودخَلوا في الإسلامِ كُنْتُ أخبرته أنَّهم إنْ أسلَموا أتاهم الرِّزقُ رغدًا وقد أصابهم شدَّةٌ وقحطٌ مِن الغيثِ وأنا أخشى يا رسولَ اللهِ أنْ يخرُجوا مِن الإسلامِ طمَعًا كما دخَلوا فيه طمَعًا فإنْ رأَيْتَ أنْ تُرسِلَ إليهم مَن يُغيثُهم به فعَلْتَ.
قال: فنظَر رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- إلى رجلٍ إلى جانبِه أراه عمرَ فقال: ما بقي منه شيءٌ يا رسولَ اللهِ قال زيدُ بنُ سَعْنةَ: فدنَوْتُ إليه فقُلْتُ له: يا محمَّدُ هل لك أنْ تبيعَني تمرًا معلومًا مِن حائطِ بني فلانٍ إلى أجلِ كذا وكذا ؟ فقال: "لا يا يهوديُّ ولكنْ أبيعُك تمرًا معلومًا إلى أجلِ كذا وكذا ولا أُسمِّي حائطَ بن فلانٍ"، قُلْتُ: نَعم فبايَعني -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فأطلَقْتُ هِمياني فأعطَيْتُه ثمانينَ مثقالاً مِن ذهبٍ في تمرٍ معلومٍ إلى أجلِ كذا وكذا قال: فأعطاها الرَّجلَ وقال: "اعجَلْ عليهم وأغِثْهم بها".
قال زيدُ بنُ سَعْنةَ: فلمَّا كان قبْلَ محلِّ الأجلِ بيومينِ أو ثلاثةٍ خرَج رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- في جِنازةِ رجلٍ مِن الأنصارِ ومعه أبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ ونفرٌ مِن أصحابِه فلمَّا صلَّى على الجِنازةِ دنا مِن جدارٍ فجلَس إليه فأخَذْتُ بمجامعِ قميصِه ونظَرْتُ إليه بوجهٍ غليظٍ ثمَّ قُلْتُ: ألا تقضيني يا محمَّدُ حقِّي؟ فواللهِ ما علِمْتُكم بني عبدِ المطَّلبِ - بمُطلٍ ولقد كان لي بمُخالَطتِكم عِلمٌ.
قال: ونظَرْتُ إلى عمرَ بنِ الخطَّابِ وعيناه تدورانِ في وجهِه كالفلَكِ المستديرِ ثمَّ رماني ببصرِه وقال: أيْ عدوَّ اللهِ أتقولُ لرسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- ما أسمَعُ وتفعَلُ به ما أرى ؟ فوالَّذي بعَثه بالحقِّ لولا ما أُحاذِرُ فَوْتَه لضرَبْتُ بسيفي هذا عنقَك ورسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- ينظُرُ إلى عمرَ في سكونٍ وتُؤدةٍ.
ثمَّ قال: "إنَّا كنَّا أحوجَ إلى غيرِ هذا منك يا عمرُ أنْ تأمُرَني بحُسنِ الأداءِ وتأمُرَه بحُسنِ التِّباعةِ، اذهَبْ به يا عمرُ فاقضِه حقَّه وزِدْه عشرينَ صاعًا مِن غير مكانَ ما رُعْتَه"، قال زيدٌ: فذهَب بي عمرُ فقضاني حقِّي وزادني عشرينَ صاعًا مِن تمرٍ فقُلْتُ: ما هذه الزِّيادةُ ؟ قال: أمَرني رسولُ الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أنْ أزيدَك مكانَ ما رُعْتُك فقُلْتُ: أتعرِفُني يا عمرُ؟ قال: لا، فمَن أنتَ؟
قُلْتُ: أنا زيدُ بنُ سَعْنةَ قال: الحبرُ؟ قُلْتُ: نَعم، الحبرُ، قال: فما دعاك أنْ تقولَ لرسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- ما قُلْتَ وتفعَلَ به ما فعَلْتَ فقُلْتُ: يا عمرُ كلُّ علاماتِ النُّبوَّةِ قد عرَفْتُها في وجهِ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- حينَ نظَرْتُ إليه إلَّا اثنتينِ لم أختبِرْهما منه: يسبِقُ حِلْمُه جهلَه ولا يزيدُه شدَّةُ الجهلِ عليه إلَّا حِلْمًا فقد اختبَرْتُهما فأُشهِدُك يا عمرُ أنِّي قد رضيتُ باللهِ ربًّا وبالإسلامِ دينًا وبمحمَّدٍ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- نبيًّا وأُشهِدُك أنَّ شَطْرَ مالي -فإنِّي أكثرُها مالًا- صدقةٌ على أمَّةِ محمَّدٍ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، فقال عمرُ أو على بعضِهم فإنَّك لا تسَعُهم كلَّهم قُلْتُ: أو على بعضِهم.
فرجَع عمرُ وزيدٌ إلى رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فقال زيدٌ: أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فآمَن به وصدَّقه وشهِد مع رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- مشاهدَ كثيرةً ثمَّ توفِّي في غزوةِ تبوكَ مُقبِلًا غيرَ مُدبِرٍ، رحِم اللهُ زيدًا"(أخرجه الطبراني:5147، وقال الهيثمي: رجاله ثقات. ورواه الحاكم: 6547، وقال: صحيح الإسناد).
بارك الله لي ولكم…
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا مزيدًا.
أيها المسلمون: إليكم شيء من عاقبة من استهزاء برسل رب الأرباب: (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ)[الأنعام:10]، وقال -تعالى-: (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ)[الرعد:32].
وقال -سبحانه وتعالى- (َذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ * أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ * قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ * أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُمْ بِهَذَا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ * أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ * فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ)[الطور:29-34].
ومن جنود الرحمن التي دافعت عن سيد ولد عدنان -صلى الله عليه وسلم- ذلك الكلب الذي سطَّر التاريخ ذِكْره كما سطر الله -تعالى- ذِكْر كلب أصحاب الكهف في سورة الكهف، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ * وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ)[المدثر:31-32].
يقول ابن حجر -رحمه الله-: "ذُكِرَ عن جمال الدين إبراهيم بن محمد الطيبي أن بعض أمراء المغول تنصَّر فحضر عنده جماعة من كبار النصارى والمغول، فجعل واحد منهم ينتقص النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهناك كلب صيد مربوط، فلما أكثر من ذلك وثب عليه الكلب فخمشه فخلصوه منه، وقال بعض من حضر: هذا بكلامك في محمد -صلى الله عليه وسلم-. فقال: كلا، بل هذا الكلب عزيز النفس رآني أشير بيدي فظن أني أريد أن أضربه. ثم عاد إلى ما كان فيه فأطال؛ فوثب الكلب مرة أخرى فقبض على زردمته فقلعها فمات من حينه، فأسلم بسبب ذلك نحو أربعين ألفًا من المغول"(الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة:1/386).
وصلوا وسلموا....