البحث

عبارات مقترحة:

العزيز

كلمة (عزيز) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) وهو من العزّة،...

الوكيل

كلمة (الوكيل) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (مفعول) أي:...

الشكور

كلمة (شكور) في اللغة صيغة مبالغة من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

العلم والتربية والتعليم

العربية

المؤلف عبد الله بن جار الله بن إبراهيم الجار الله
القسم كتب وأبحاث
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التعليم والمدارس - تربية الأولاد
في هذه الرسالة بيان طرق التعلم، وأسباب فهم الدروس وتربية الأبناء كما يجب أن تكون، وبيان مسؤولية المدرس وكونه تحمل مسؤولية كبرى، وأمانة عظمى سيُسأل عنها أمام الله يوم القيامة نحو طلبته، وبيان واجب الآباء نحو الأبناء من التربية، والقدوة الحسنة، والتعليم النافع، والكلام الطيب، والأدب الحسن، وبيان مسؤولية الطالب تجاه مدرسيه وزملائه ووالديه بالبر والإحسان، والأدب والأخلاق الطيبة. كما اشتملت هذه الرسالة على الحث على اختيار الجليس الصالح المطيع لله ورسوله والقائم بحقوق الله وحقوق عباده؛ حيث إن المرء معتبر بقرينه وسوف يكون على دين خليله، فلينظر من يخالل.

التفاصيل

العلم والتربية والتعليم مقدمة كتاب العلم باب فضل العلم العلم وفوائده طريق التعلم وأسباب فهم الدروس تربية الأبناء كما يجب أن تكون مسئولية المدرس واجب الآباء نحو الأبناء مسئولية الطالب القدوة الحسنة اغتنام فرصة الشباب  العلم والتربية والتعليمجمع وتحقيق الفقير إلى الله تعالىعبد الله بن جار الله بن إبراهيم الجار اللهغفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمينبسم الله الرحمن الرحيم مقدمةالحمد لله الذي رفع أهل العلم والإيمان فوق العالمين درجات ووصفهم بأنهم هم الذين يخشون الله تعالى ويخافونه، ونفى التسوية بين العلماء والجهال، وأمر الله رسوله أن يسأله الزيادة من العلم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي علم العلم وعمل به وعلمه ودعا إليه e وحشرنا في زمرته وأدخلنا في شفاعته وأوردنا حوضه وسقانا منه شربة لا نظمأ بعدها أبدًا وجمعنا به ووالدينا وأولادنا وإخواننا المسلمين في جنات النعيم مع âالَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًاá والحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى وكما ينبغي لجلاله وعظيم سلطانه.أما بعد: فلأهمية العلم في حياة الإنسان وكونه نورًا يهتدى به في ظلمات الجهل وبناء على وجوب العلم والعمل به والدعوة إليه والصبر على الأذى فيه. ولكون طالب العلم النافع سائر في سبيل الله وفي طريق الجنة بناء على ذلك ألفت هذه الرسالة الطيبة المباركة المشتملة على فضل تعلم العلم وتعليمه والعمل به وبيان فوائده وثمراته، العاجلة والآجلة في الدنيا والآخرة.وحيث إن زكاته وثمرته هي العمل به وتعليمه فقد كتبت فيه موضعين مهمين في هذه الرسالة وبينت فيها طريق التعلم وأسباب فهم الدروس وتربية الأبناء كما يجب أن تكون وبيان مسئولية المدرس وكونه تحمل مسئولية كبرى وأمانة عظمى سيسأل عنها أمام الله يوم القيامة نحو طلبته وبيان واجب الآباء نحو الأبناء من التربية والقدوة الحسنة والتعليم النافع والكلام الطيب والأدب الحسن.وبيان مسئولية الطالب تجاه مدرسية وزملائه ووالديه بالبر والإحسان والأدب والأخلاق الطيبة وقبل ذلك وبعده مسئولية المدرس والطالب وولي أمره أمام أوامر الله وأوامر رسول الله e ونواهيه بالامتثال والطاعة والاستسلام والانقياد وأن يقول كل مسلم كما قال إمام الحنفاء ووالد الأنبياء âإِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَá وأن يقول أمام أوامر الله وأوامر رسوله عليه الصلاة والسلام âسَمِعْنَا وَأَطَعْنَاá كما قال المؤمنون قبلنا.كما اشتملت هذه الرسالة على الحث على اختيار الجليس الصالح المطيع لله ورسوله والقائم بحقوق الله وحقوق عباده حيث إن المرء معتبر بقرينه وسوف يكون على دين خليله فلينظر من يخالل.كما اشتملت على الحث على بر الوالدين والإحسان إليهما والقيام بحقوقهما بكل أنواع البر القولية والعملية والمالية، وعدم إذاهما بالقول والفعل حيث إنهما السبب بعد الله في وجود الإنسان وحيث ربياه صغيرًا وعطفا عليه وأحسنا إليه بالأكل والشرب واللباس والعلاج والحنو والشفقة والرحمة، لذا أمر الله بشكرهما وقرن شكرهما بشكره وأوجب طاعتهما في غير معصية كما أمر بالدعا لهما في الحياة وبعد الممات âوَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًاá [الإسراء: 24].كما اشتملت هذه الرسالة الطيبة المباركة على دور الشباب المسلم في الحياة في جميع المجالات، وأن يكون الإنسان قدوة حسنة لأبنائه وطلابه وأقاربه ومجتمعه وذلك بالتمسك بتعاليم الإسلام الحنيف المشتمل على كل خير وبر وإحسان واغتنام فرصة الشباب والصحة والحياة والفراغ فيما يسعد الإنسان ويقربه إلى الله من الإيمان الصادق والعمل الصالح الخالص لله الموافق لسنة نبيه e والتواصي بالحق والصبر عليه وقراءة القرآن الكريم والاستماع إليه وتدبره والعمل به والإكثار من ذكر الله تعالى قائمًا وقاعدًا وعلى جنبه كما وصف الله المؤمنين بذلك ولنا في رسول الله e أسوة حسنة فقد كان يذكر الله على كل أحيانه.كما اشتملت على وصية طالب العلم بأن يعمل به ويدعو إليه، وعلى بعض الأبيات الإرشادية الوعظية المفيدة النافعة وعلى نداء إلى شباب الإسلام بأن يتمسكوا بكتاب ربهم وسنة نبيهم وأن يستعدوا لما أمامهم من الجزاء والحساب والثواب والعقاب والجنة والنار، وهي مستفادة من كلام الله تعالى وكلام رسوله e وكلام المحققين من أهل العلم أسأل الله تعالى أن ينفع بها وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين. كتاب العلم باب فضل العلمقال الله تعالى: âوَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًاá [طه: 114] وقال تعالى: âقُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَá [الزمر: 9] وقال تعالى: âيَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍá [المجادلة: 11] وقال تعالى: âإِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُá [فاطر: 28].1- وعن معاوية رضي الله عنه قال: قال رسول الله e "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" متفق عليه([1]).2- وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله e: "لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها" متفق عليه([2]).3- وعن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال النبي e "مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث([3]) أصاب أرضا، فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ، والعشب الكثير، وكان من أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس، فشربوا منها وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان، لا تمسك ماء، ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه ما بعثني الله به، فعلم وعلَّم، ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به" متفق عليه([4]).4- وعن سهل بن سعد رضي الله عنه، أن النبي e قال لعلي رضي الله عنه: "فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حمر النعم([5])" متفق عليه([6]).5- وعن عبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما، أن النبي e قال: "بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل، ولا حرج([7]) ومن كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار" رواه البخاري([8]).6- وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول e قال: "ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهل الله له به طريقًا إلى الجنة" رواه مسلم([9]).8- وعنه أيضًا رضي الله عنه، أن رسول الله e قال: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا" رواه مسلم([10]).8- وعنه قال: قال رسول الله e: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له"([11]).9- وعنه قال: سمعت رسول الله e يقول: "الدنيا معلونة([12]) معلون ما فيها، إلا ذكر الله تعالى، وما والاه، وعالمًا، أو متعلمًا" رواه الترمذي([13]) وقال: حديث حسن. قوله: "وما والاه" أي طاعة الله.10- وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله e: "من خرج في طلب العلم كان في سبيل الله حتى يرجع" رواه الترمذي، وقال: حديث حسن([14]).11- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن رسول الله e قال: "لن يشبع مؤمن من خير حتى يكون منتهاه الجنة" رواه الترمذي([15]) وقال: حديث حسن.12- وعن أبي أمامة رضي الله عنه، أن رسول الله e قال: "فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم" ثم قال رسول الله e: "إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في حجرها وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير" رواه الترمذي([16]) وقال: حديث حسن.13- وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله e يقول: "من سلك طريقًا يبتغي فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا وإنما ورثوا العلم فمن أخذه بحظ وافر" رواه أبو داود والترمذي([17]).14- وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله e يقول: "نضر الله امرأً سمع([18]) منا شيئًا فبلغه كما سمعه، فرب مبلغ أوعى من سامع".رواه الترمذي([19]) وقال: حديث حسن صحيح.15- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله e: "من سئل عن علم فكتمه، ألجم يوم القيامة بلجام من نار" رواه أبو داود والترمذي([20]) وقال: حديث حسن. 16- وعنه قال: قال رسول الله e: "من تعلم علما مما يبتغي به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضًا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة " يعني: ريحها. رواه أبو داود([21]) بإسناد صحيح. 17- وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله e يقول: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالمًا، اتخذ الناس رؤوسًا جهالاً، فسئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا" متفق عليه([22])([23]).  العلم وفوائدهقال تعالى: âقُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَá وقال: âيَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍá وفي الصحيحين عنه e قال: "من يرد الله به خيرًا يفقه في الدين"، "إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" رواه مسلم. حد العلم ما قامت به الأدلة والبراهين، والنافع منه ما تعلق بالدين وكان من العلوم المعينة على الدين، وقد تواترت نصوص الكتاب والسنة على فضل العلم وشرفه وفضل أهله، وإن كل شيء يفتقر إليه، وأن الناس كلهم في الظلمات إلا من استنار بنور العلم النافع ومن الأعمال الصالحة.العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، العلم يصحبك في دورك الثلاث: في الدنيا وفي البرزخ ويوم يقوم الأشهاد، والمال إن فرض وجوده صحبك صحبة منكدة في حال الحياة الدنيا، العلم نور يهتدى به في ظلمات الشكوك والجهالات، وحياة تقيم العبد وتوصله إلى الجنات، وما زال علم العالم يعلم أو يعمل به أو يستفاد منه، فصحيفة حسناته في ازدياد في حال الحياة وبعد الممات، بأي شيء يعرف الله ويهتدي إلى صراط الله، وبأي شيء يهتدي إلى الفرق بين الأحكام الخمسة التابعة لجميع الحركات والسكنات وبأي شيء يهتدي إلى الفرقان بين الهدي والضلال والغي والرشاد، وبأي شيء تعرف الأعمال النافعة، والله لا يتمكن من شيء من ذلك إلا بالعلم، العلم هو الأساس الأعظم لجميع المعاملات وهو الشرط لصحة الأقوال والأعمال، الجهل داء قاتل، والعلم حياة ودواء نافع، حاجة الناس إلى العلم أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب، الاشتغال بالعلم من أفضل الطاعات وأجل القربات، مذاكرة العلم تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعلمه وتعليمه ودراسته توجب رضا رب العباد. قال e: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة" رواه مسلم. وقال: إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا وما رياض الجنة؟ قال حلق الذكر، فرياض العلوم النافعة فيها من كل زوج بهيج. فيها أجل المعارف وأفضلها، وهو العلم بأسماء الله وصفاته وأفعاله وآلائه. وفيها علم الحلال والحرام، والنافع والضار. وفيها تشخيص ما في النفوس من الخير والرغبات والرهبات. وفيها كيفيات توجيهها إلى فعل الخيرات وترك المنكرات وإلى ما يناسبها من الأمور النافعات. فيها علوم العربية الجليلة على اختلاف منافعها وفوائدها وثمرتها تقيم لك اللسان وتهديك إلى أوضح العبارات وحسن البيان، وتستعين بها على معرفة معاني كلام الله وكلام رسوله، وتكون آلة لك في كل علم وعمل تسلكه. وفي هذه الرياض علم أحوال التواريخ والدول وأصناف الأمم، تتمكن فيها من اجتلاء القرون السالفة، ومعاصرة الأمم الغابرة، ثم هكذا تنتقل من قرن إلى قرن حتى تصل بأحوال الأمم الموجودين وتعتبر فيها حكمة الله وسنته في السالفين واللاحقين، فترى الخير والفضل عنوان شرف وسعادة وذكرى جميلة حيث كان، والشر والظلم عنوان شقاء وفضيحة وخزي في جميع الأزمان. ثم تتجلى فيها عقول الأولين والآخرين، وكيف كان التفاوت الذي لا ينضبط ولا يدرك منتهاه بين أفراد البشر، فهذا لا يتميز عن البهائم إلا بالشكل والنطق من خسته ودناءته، وهذا يفوق أمة عظيمة في عقله ومعارفه وأخلاقه العالية، وهذا قد سيطرت عليه الشهوات البهيمية فانقاد لها عقله وهواه، وهذا قد ارتفعت همته فوق الثريا فلم تملكه العادات ولم يقدم شيئًا على رضا مولاه. وهكذا تجد في رياض العلوم كثيرًا من نصوص الكتاب والسنة بنصها أو فحوها أو لازمها، ما يدل على اعتبار جميع العلوم النافعة للدنيا والدين. وفيها الحث على تعليم الصناعات والمخترعات وامتنان الله علينا بتسخير ما على الأرض وما في باطنها لنستخرج منه جميع ما نقدر عليه من المنافع التي لا يزال الله يعلمها الإنسان شيئًا بعد شيء. وتجد أن الله أمرنا أن نعلم الجهال والسفهاء كيفية حفظ الأموال وكيفية التكسب فيها واستحصال منافعها، قال تعالى: âوَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْá فأمرنا أن نعلمهم ونختبرهم فيما يليق بأحوالهم، فإذا مهروا في هذا العلم وأبصرنا رشدهم دفعنا إليهم أموالهم، وما داموا في جهلهم يعمهون وفي سفههم يتيهون لا نمكنهم من أموالهم حذر الضياع والنقص، ففي هذا دليل على أن العلم نافع حتى العلوم الدنيوية، وأنه حفاظ للمنافع ودافع للمضار. لولا العلم لكان الناس كالبهائم في ظلمات الجهالة، ولولا العلم لما عرفت المقاصد والوسائل، ولولا العلم ما عرفت البراهين على المطالب كلها ولا الدلائل، العلم هو النور في الظلمات، وهو الدليل في المتاهات والشبهات وهو المميز بين الحقائق، وهو الهادي لأكمل الطرائق، بالعلم يرفع الله العبد درجات، وبالجهل يهوي إلى أسفل الدركات([24]). 1- العلم والعملالحمد لله الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم. وصلى الله وسلم على محمد القائل فيما روي عنه "طلب العلم فريضة على كل مسلم"([25]). وبعد: فقد أوجد الله الإنسان وأخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئًا وجعل له السمع والبصر والعقل والفؤاد واللسان وعلمه ما لم يكن يعلم كما قال تعالى: âوَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَá [النحل: 78]. وقال تعالى: âالرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَá [الرحمن: 1-4]. وقال تعالى: âاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْá [العلق: 1-5]. وقال تعالى: âأَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِá [البلد: 8-10]. وقال في فضل العلماء والمتعلمين: âهَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِá [الزمر: 9]. وقال تعالى: âيَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍá [المجادلة: 11]. وأمر نبيه أن يسأله الزيادة من العلم فقال تعالى: âوَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًاá [طه: 114]. وقال e: " من سلك طريقًا يبتغي فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما صنع وفضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وأن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر"([26]) وقال e: "من يرد الله به خيرًا يفقه في الدين"([27])، وقال e: "من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع". رواه الترمذي وقال حديث حسن. وقال الشاعر: العلم يرفع بيتا لا عماد له والجهل يهدم بيت العز والشرف وقال آخر: اطلب العلم ولا تكسل فما أبعد الخير على أهل الكسل في ازدياد العلم إرغام العدا وجمال العلم إصلاح العمل لا تقل قد ذهبت أربابه كل من سار على الدرب وصل واهجر النوم وحصله فمن يعرف المطلوب يحقر ما بذل فالعلم حياة والجهل موت وما يستوي الأحياء والأموات والعلم نور والجهل ظلمات وما يستوي الظلمات والنور، والعالم بمنزلة البصير والجاهل بمنزلة الأعمى: âوَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُá [فاطر: 19]. وطلب العلم على قسمين فرض عين على كل مسلم ومسلمة وفرض كفاية إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين كعلم القضاء والإفتاء ففرض العين هو الذي تحصل به معرفة الله سبحانه وتعالى ومعرفة نبيه e ومعرفة دين الإسلام بالأدلة فمعرفة الله بأنه واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد وأنه لا إله غيره ولا رب سواه وأنه تعالى يرانا ويسمعنا ويعلم سرنا وعلانيتنا وأنه أمرنا ونهانا وأنه يثيب الطائعين ويعاقب العاصين، والإيمان بالله يتضمن محبته وخوفه ورجاه وطاعته بامتثال أمره واجتناب نهيه. ومعرفة نبيه محمد e بأنه عبد لا يعبد ورسول لا يكذب بل يطاع ويتبع، شَرَّفَه الله بالعبودية والرسالة. وأنه يجب علينا محبته وتصديقه وامتثال أمره واجتناب نهيه، ويجب علينا أن نعرف دين الإسلام بالأدلة من القرآن والسنة ونعرف ما فيه من أوامر فنمتثلها ونواه فنجتنبها وفي مقدمة ذلك القيام بأركان الإسلام الخمسة علمًا وعملاً واعتقادًا ودعوة وأصول الإيمان الستة الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والإيمان بالقدر خيره وشره. ومعرفة الإحسان وهو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. فإذا عرفنا أولاً ربنا ونبينا وعرفنا دين الإسلام بالأدلة وجب ثانيًا علينا العمل بهذا العلم وثالثًا يجب علينا الدعوة إلى الله ورابعًا يجب علينا أن نصبر على ما يصيبنا في ذلك كما قال تعالى: âوَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِá فأقسم الله في هذه السورة الكريمة أن كل إنسان خاسر إلا من اتصف بأربع صفات وهي الإيمان الصادق المثمر للعمل الصالح وهو الخالص لله الموافق لسنة نبيه ثم التواصي بالحق أي بما أمر الله به ورسوله والانتهاء عما نهى عنه ورسوله والتواصي بالصبر على طاعة الله والصبر عمَّا حرم الله والصبر على أقدار الله فدلت هذه السورة العظيمة سورة العصر قليلة الألفاظ كثيرة المعاني دلت على وجوب تعلم العلم النافع والعمل به والدعوة إليه والصبر على الأذى فيه ودلت على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على ذلك وأن من فقد هذه العناصر الأربعة التي تضمنتها السورة أو فقد بعضها فقد خسر كما دلت على ربح وفوز من اتصف بها ولهذا قال فيها الإمام الشافعي رحمه الله لو فكر الناس فيها لكفتهم. ودلت على وجوب جهاد النفس وأنه أربع مراتب كما قال الإمام ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد في هدي خير العباد e. 1- جهادها على تعلم الهدي ودين الحق الذي لا صلاح لها في معاشها ومعادها إلا به ومتى فاتها علمه شقيت في الدارين. 2- أن يجاهدها على العمل به بعد علمه وإلا فمجرد العلم بدون عمل إن لم يضرها لم ينفعها فإن اليهود علماء فلم يعملوا بعلمهم فغضب الله عليهم والنصارى يعبدون الله على جهل وضلال ولهذا شرع لنا في دعاء الفاتحة سؤال الهداية إلى الصراط المستقيم وأن يجنبنا ربنا طريق اليهود والنصارى المغضوب عليهم والضالين. 3- الثالث من جهاد النفس الذي دلت عليه سورة العصر جهادها على الدعوة إلى الله بقوله تعالى: âوَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّá وكما قال تعالى: âوَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِá [المائدة: 2] وكما قال تعالى: âقُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِيá [يوسف: 108] فالدعوة إلى الله هي طريقة النبي eوهي طريقة الخلفاء الراشدين وأتباعهم إلى يوم القيامة فواجب المتعلم أن يتعلم لينقذ نفسه وغيره من زمرة الجاهلين وواجب العالم أن ينشر علمه في الناس ليفوز بعظم الأجر ويسلم من الإثم والوزر ولئلا يقع في الكتمان قال تعالى: âوَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُá [آل عمران: 187].وقال e "بلغوا عني ولو آية"([28]) ودعا لمن بلغ فقال عليه الصلاة والسلام: "نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها فرب مبلغ أوعى من سامع"([29]) وقال أيضًا: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا"([30]) وعكس ذلك من دعا إلى ضلالة وإذا لم يقم العالم بما أوجب الله عليه من العمل بعلمه والدعوة إليه كان من الذين يكتمون ما أنزل الله ولا ينفعه علمه ولا ينجيه من عذاب الله وفي الحديث: "أشد الناس عذابًا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه"([31]) وقال e: "إن الله وملائكته وأهل السماوات وأهل الأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير"([32]).وقال الشاعر:وكن عاملا بالعلم فيما استطعته ليهدي بك المرأ الذي بك يقتديحريضا على نفع الورى وهداهمواتنل كل خير في نعيم مؤبد 4- أن يجاهد نفسه على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله وأذى الخلق في سبيل دعوته فإذا استكمل المسلم هذه المراتب الأربع التي هي العلم والعمل به والدعوة إليه والصبر على الأذى فيه كان من الربانيين قال تعالى: âوَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَá [آل عمران: 79] فمن علم وعمل وعلَّم فذلك يدعى عظيمًا في ملكوت السماء([33]).2- العلم والعملالعلم شجرة تثمر كل خلق جميل وعمل صالح ووصف محمود، أخرج الله الإنسان من بطن أمه لا يعلم شيئًا فأمده بالقوى الحسية والمعنوية وجعله سميعًا بصيرًا متكلمًا عاقلاً فميزه بذلك على سائر المخلوقات، وعلمه ما لم يكن يعلم وخلق له ما في الأرض جميعًا ليستعين به على طاعته وليشكره على نعمه بأداء ما افترضه عليه فينال بذلك أوفر الجزاء وجزيل الأجر والثواب: âوَاللهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَá [النحل: 78] âاللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْá [الروم: 40] âهُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًاá [البقرة: 29] âالرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَá [الرحمن: 1-4] âاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْá [العلق: 1-5] ثم أوجب على الإنسان أن يتعلم ما لا يستغني عنه من العلوم النافعة له في دينه ودنياه ليكون على بينة من أمره بنية خالصة لله تعالى قال e: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"([34]) ومن سلك طريقًا يبتغي فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما صنع وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر([35]) وقد رفع الله من أراد به خيرًا بالعلم والإيمان قال تعالى: âيَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍá [المجادلة: 11] وتقوى الله التي أوصى بها الأولين والآخرين لا تحصل إلا بمعرفة ما يتقى من الكفر والفسوق والمعاصي ولا تستقيم إلا بفعل الواجبات وترك المحرمات وامتثال الأوامر واجتناب النواهي فطلب العلم من أفرض الفرائض وأوجب الواجبات، قال e "من يرد الله به خيرًا يفقه في الدين"([36]) فيعرف الحق من الباطل والهدي من الضلال والحلال من الحرام والنافع من الضار، وقد قال النبي e "إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: الذكر"([37]) رياض ناضرة فيها من كل زوج بهيج وفيها يعرف الله ويهتدى إلى الصراط المستقيم وفيها يعرف الحلال من الحرام والصلاح من الفساد ويعرف سبيل الغي والضلال وسبيل الهدى والرشاد فكيف يعتاض المسلم عنها مجالس اللهو واللعب وتضييع الوقت، فما هو عذر المسلم عند الله بعدم طلب العلم وهو يتمتع بالعافية والعقل والسمع والبصر وأصناف النعم.وهو بحمد الله أيسر شيء كتاب الله وسنة رسوله وهي بحمد الله مظبوطة محفوظة وأصول الأحكام التي تدور عليها نحو خمسمائة حديث وتفاصيلها نحو أربعة آلاف حديث([38]).أيرضى المعرض عن العلم أن يكون كالبهائم السائمة لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا ولا يميز حقًا من باطل، أيرضى إذا قيل له من ربك وما دينك ومن نبيك لا يدري ما الجواب، وإذا قيل له كيف تصلي وكيف تتعبد أجاب بغير الصواب وكيف تبيع وتشتري وتعامل الناس لم يعرف الحلال من الحرام. إن الاشتغال بالعلم من أجل العبادات وأفضل الطاعات وفي الحديث: "تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية ودراسته تسبيح والبحث عنه جهاد وطلبه عبادة وتعليمه صدقة وبذله قربه لأنه معالم الحلال والحرام"، وبيان سبيل الجنة والمؤنس في الوحشة والمحدث في الخلوة والجليس في الوحدة والصاحب في الغربة والدليل على السراء والمعين على الضراء والزين عند الإخلاء والسلاح على الأعداء يرفع الله به أقوامًا فيجعلهم في الخير قادة وفي الهدي أئمة تقتفى آثارهم ويقتدى بأفعالهم وينتهى إلى رأيهم وترغب الملائكة في خلتهم وبأجنحتها تحفهم وفي صلاتها تستغفر لهم ويصلي عليهم كل رطب ويابس حتى حيتان البحر وهوامه وسباع البر وأنعامه والسماء ونجومها والأرض وخزانها([39]) والعلم النافع هو الذي يثمر الخشية والتواضع وينفع صاحبه في حياته ويفيده بعد مماته âإِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُá [فاطر: 82] "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له"([40]).وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله e يقول: "الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه أو عالمًا أو متعلمًا"([41]) وعن أنس قال: قال رسول الله e "ومن خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع "([42]).وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: "كن عالمًا أو متعلمًا أو محبًا أو مستمعًا ولا تكن الخامس فتهلك"([43]) وهو الذي لا يعلم ولا يتعلم ولا يحب العلماء والمتعلمين ولا يحضر مجالس العلم فهذا هو الهالك، هذا وإن العلوم في الوقت الحاضر قد انتشرت والمعارف قد اتسعت ولكنه قَلَّ العمل والانتفاع بها وثمرة العلم العمل والعلم بلا عمل كشجرة بلا ثمر والعلم ينمو بشيئين العمل به وتعليمه وبذلك تثبت المعلومات وترسخ في الذهن وقد قيل العلم يهتف بالعمل فإن وافقه وإلا ارتحل.ومن عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم فلا نجاة ولا سعادة للعبد في الدنيا والآخرة إلا بأن يتعلم العلم الشرعي الذي بعث الله به محمدًا e ثم يعمل به ويعلمه الناس ويصبر على ذلك كما قال تعالى: âوَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِá ومراتب العلم أربعة سماعه ثم عقله ثم تعاهده ثم تبليغه ومراتب العلم والعمل ثلاثة:1- رواية وهي مجرد نقل وحمل المروي.2- ودراية وهي فهمه وتعقل معناه.3- ورعاية وهي العمل بموجب ما علمه.وأكمل أنواع طلب العلم أن تكون همة الطالب مصروفة في تلقي العلم الموروث عن النبي e وفهم مقاصد الرسول في أمره ونهيه وسائر كلامه واتباع ذلك وتقديمه على غيره ويعتصم في كل باب من أبواب العلم بحديث عن الرسول e من الأحاديث الصحيحة.والعلم النافع المقصود وغيره وسيلة إليه ثلاثة أقسام:1- علم بأسماء الله وصفاته.2- وعلم بما أخبر الله به من الأمور الماضية والحاضرة والمستقبلة.3- وعلم بما أمر الله به من الأمور المتعلقة بالقلوب والجوارح من الإيمان بالله ومن معارف القلوب وأحوالها وأحوال الجوارح وأعمالها قال ابن القيم رحمه الله تعالى:والعلم أقسام ثلاث مالها                 من رابع والحق ذو تبيان علم بأوصاف الإله وفعله                 وكذلك الأسماء للرحمن والأمر والنهي الذي هو دينه         وجزاؤه يوم المعاد الثاني والكل في القرآن والسنن التي جاءت عن المبعوث بالفرقان والله ما قال امرؤ متحذلق بسواهما إلا من الهذيان  طريق التعلم وأسباب فهم الدروسالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد فإن للتعلم طرقًا ينبغي للطالب مراعاتها العمل بها ليدرك مطلوبه ويفوز بالنجاح فمنها: 1- حسن النية بأن يتعلم لإنقاذ نفسه من الجهل وليعرف الخير فيفعله والشر فيتركه و من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم وفي الحديث: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقًا إلى الجنة" رواه مسلم "إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى" متفق عليه.2- مذاكرة الدروس قبل شرحها ليعرف السهل والصعب فيشتاق إلى شرحه وفهمه.3- الإصغاء إلى شرح المدرس بجميع الحواس.4- سؤال المدرس عما أشكل بعد الشرح في نفس الموضوع شرح بأدب وحسن قصد.وقد قيل: مفتاح العلم شيئان: (أ) حسن السؤال.(ب) وحسن الإصغاء.5- مذاكرة الدروس بعد شرحها لترسخ في الذهن.6- تقوى الله تعالى وطاعته بفعل ما أمر واجتناب ما نهى قال تعالى: âوَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُá [البقرة: 282] وقال تعالى: âيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًاá [الأنفال: 29] أي علما تفرقون به بين الحق والباطل والهدى والضلال والحلال والحرام.7- الجد والاجتهاد والمواظبة وحل الواجبات وحفظ الأوقات وتنظيمها والاستفادة منها، وقد قيل من جَدَّ وَجَدَ ومن زرع حصد وعند الامتحان يكرم المرء أو يهان([44]).شروط تحصيل العلم:قال الشاعر:أخي لن تنال العلم إلا بستة سأنبيك عن تفصيلها ببيان ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة وإرشاد أستاذ وطول زمان وقال آخر:بتسع ينال العلم قوت وصحة وحرص وفهم ثاقب في التعلم وحفظ ودرس للعلوم وهمة وشرخ شباب واجتهاد معلم ثمرة العلم: العلم شجرة لا بد لها من زكاة وثمرة وزكاة العلم وثمرته العمل به وتعليمه من لا يعلمه وبذلك يثمر وينمو ويزداد وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم وبالله التوفيق وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم. تربية الأبناء كما يجب أن تكونسؤال يدور بين أولياء أمور الطلبة ومدرسيهم عن ذلك والواقع أن الكل مسئول أمام الله عمَّا تحت يده، والأولاد نعمة من الله أنعم الله بها وكلف الخلق بشكرها ورعايتها وحفظها، وقد ولدوا على الفطرة السليمة قابلين للخير والشر الذي يلقى عليهم ولذا قال النبي e: «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه»([45]).ويقول الشاعر:وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه فبصلاح الناس وحسن توجيههم يصلح أولادهم بإذن الله وتوفيقه وقد قال الله تعالى: âيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُو أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُá [التحريم: 6] فوقاية الأنفس من النار تكون بتقوى الله وطاعته بفعل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه.ووقاية الأهل بتعليمهم ما ينفعهم وتحذيرهم مما يضرهم وتأديبهم الأدب الحسن على وفق تعاليم الإسلام أمرًا ونهيًا وفعلاً وتركًا، فما دام الولد في البيت لم يدخل المدرسة فالمسئولية خاصة بولي أمره، عليه أن يرعاه حق الرعاية ويصونه غاية الصيانة وأن يحسن تربيته بقدر المستطاع تربية إسلامية صحيحة فإذا بلغ سن التمييز عَلَّمَه الطهارة وأمره بالصلاة فإذا بلغ عشر سنين ضربه عليها وهدده على تركها، امتثالاً لقوله e: "مروا أولادكم بالصلاة لسبع سنين واضربوهم عليها لعشر"([46]) وذلك لكي يألفها ويتمرن عليها ويدخل حبها في قلبه قبل بلوغه، وعلى ولي أمره أن لا يترك له الحبل على الغارب في فعل ما يهواه ويريده بل يكون رقيبًا عليه يتعهده في تعليمه ما ينفعه وتحذيره مما يضره كما يتعهد البستاني بستانه بالسقي وإزالة الأعشاب الضارة حتى يبدو صلاحه، وكما يتعهد الراعي غنمه يحفظها من الذئاب والسباع في أرض مسبعة ويتذكر قول الشاعر:ومن رعى غنما في أرض مسبعة فنام عنها تولى رعيها الأسد فإذا سلم الولد إلى المدرسة اشترك في تربيته المدرسون من ناحية وأولياء الأمور من ناحية أخرى، وحينئذ يميل الطالب إلى تقليد المدرس والتأثر بأقواله وأفعاله أكثر مما يميل إلى والديه فعلى المدرس تقوى الله في ذلك وإصلاح نفسه قبل أن يكون مدرسًا وليعلم أنه مسئول مؤتمن فليؤد الأمانة وليحذر من الخيانة فيها في توجيه الطلبة وتعليمهم وتأديبهم وليكن قدوة صالحة للطلبة في قوله وفعله وعمله فهو محط أنظار الطلبة وقدوتهم في الخير والشر والهدى والضلالة إن أحسن وإن أساء.فالبيت والمدرسة هما الأساس لتكوين الأجيال الصالحة وليست كل البيوت صالحة فليكن المدرس أداة إصلاح كما أن بعض البيوت الصالحة يتأثر أولادهم بمن لم يكن صالحًا فالكل راع ومسئول عن رعيته فليعد للسؤال جوابًا وللجواب صوابًا.قال العلامة ابن القيم في كتابه القيم: "تحفة الودود بأحكام المولود" من أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى فقد أساء إليه غاية الإساءة وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه فأضاعوهم صغارًا فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارًا كما عاتب بعضهم ولده على العقوق فقال: يا أبت إنك عققتني صغيرًا فعققتك كبيرًا وأضعتني صغيرًا فأضعتك شيخًا.. إلى أن قال: ومما يحتاج إليه غاية الاحتياج الاعتناء بأمر خلقه فإنه ينشأ على ما عوده عليه المربي في صغره فيصعب عليه تلافي ذلك في كبره وتصير الأخلاق هيئات راسخة له فلو تحرز منها غاية التحرز فضحته ولا بد يومًا ما ولذلك تجد أكثر الناس منحرفة أخلاقهم وذلك من قبل التربية التي نشئوا عليها ولذلك يجب أن يجنب الصبي إذا عقل مجالس اللهو والباطل وسماع الفحش والبدع ومنطق السوء فإنه إذا علق بسمعه عز عليه مفارقته في الكبر، وعز على وليه استنقاذه منه فتغيير العوائد من أصعب الأمور ويحتاج صاحبه إلى استجداد طبيعة ثانية والخروج من حكم الطبيعة عسر جدًا وينبغي لوليه أن يجنبه الكذب والخيانة أعظم مما يجنبه السم الناقع فإنه متى سهل له سبيل الكذب والخيانة أفسد عليه سعادة الدنيا والآخرة وحرمه كل خير، ويجنبه الكسل والبطالة والدعة والراحة بل يأخذه بأضدادها ولا يريحه إلا بما تستجم به نفسه وبدنه فإن الكسل والبطالة لها عواقب سوء وندم وللجد والتعب عواقب حميدة إما في الدنيا وإما في الآخرة وإما فيهما فأروح الناس أتعب الناس وأتعب الناس أروح الناس. فالسيادة في الدنيا والسعادة في الآخرة لا يوصل إليها إلا على جسر من التعب.قال بعضهم: لا ينال العلم براحة الجسد قال: ويعوده الانتباه آخر الليل فإنه وقت قسم الغنائم وتفريق الجوائز فمستقل ومستكثر ومحروم، فمن اعتاد ذلك صغيرًا سهل عليه كبيرًا.ويجنبه فضول الطعام والكلام والمنام ومخالطة الأنام فإن الخسارة في هذه الفضلات، وهي تفوت على العبد خير دنياه وآخرته.ويجنبه مضان الشهوات المتعلقة بالبطن والفرج غاية التجنب فإن تمكينه من أسبابها والفسح له فيها يفسده فسادًا يعسر عليه بعده صلاحه وكم من أفسد ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة، وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيته من قبل الآباء، وليحذر كل الحذر من تمكينه مما يزيل عقله من مسكر أو غيره أو عشرة من يخشى فساده أو كلامه له أو الأخذ من يده فإن في ذلك الهلاك كله ومتى سهل عليه ذلك فقد سهل عليه الدياثة ولا يدخل الجنة ديوث.فما أفسد الأبناء مثل تغفل الآباء وإهمالهم واستسهالهم شرر النار بين الثياب فأكثر الآباء يعتمدون مع الأولاد أعظم مما يعتمده العدو الشديد العداوة مع عدوه وهم لا يشعرون، فكم من والد خسر الدنيا والآخرة وعرضه هلاك الدنيا والآخرة وكل هذا عواقب تفريط الآباء في حقوق الله وإضاعتهم لها وإعراضهم عما أوجبه الله عليهم من العلم النافع والعمل الصالح حرمهم من الانتفاع بأولادهم وحرم لأولاد خيرهم ونفعهم لهم وهو من عقوبة الآباء([47]).انتهى كلام ابن القيم رحمه الله قال هذا في زمانه في القرن الثامن الهجري فكيف لو رأى جاهلية القرن العشرين وما هي عليه شبابًا وشيوخًا من الانحلال والتدهور في الأخلاق وإضاعة أمر الله ونبذ الحياء بارتكاب محارم الله وترك ما أوجب إلا من عصمه الله، وأصبح الناس في هذا الوقت ثلاثة أقسام: قسم صالحون.. مصلحون وهداة مهتدون وهم الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة وقسم صالحون بأنفسهم ولكن أهملوا أولادهم وذويهم وتركوا لهم الحبل على الغارب فتحملوا أوزارهم وقسم غير صالحين بل انحرفوا في أنفسهم عن الصراط المستقيم فضلوا من يقتدي بهم فتحملوا أثقالهم وأثقالاً مع أثقالهم.فنسأل الله تعالى لنا وللمسلمين الهداية والتوفيق لما يحب ويرضى وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم. مسئولية المدرسأخي المدرس: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد..غير خاف عليك وأنت تتمتع بالعقل والسمع والبصر والعلم والمعرفة، إن المدرس قد تحمل مسئولية كبرى وفي عنقه أمانة عظمى سيسأل عنها أمام الله يوم القيامة تلك أمانة العلم والعمل والتعليم والتربية والتوجيه لهؤلاء الطلبة.يجب على المدرس أن يكون قدوة حسنة لطلابه بأقواله وأفعاله، يجب أن يكون مثلاً أعلى في أخلاقه وفي أعماله وفي مظهره، يجب أن يتحلى بالفضائل والمحاسن وأن يتخلى عن المساوئ والرذائل وأن يحافظ على الواجبات والمستحبات ويترك المحرمات والمكروهات، يجب أن يتجنب كل ما يقدح في الدين أو يخل بالمروءة فإن الله أباح لنا الطيبات النافعة وحرم علينا الخبائث الضارة لأجسامنا وصحتنا، وعقولنا وأموالنا رحمة بنا وإحسانًا إلينا. فالحلال ما أحله الله ورسوله والحرام ما حرمه الله ورسوله يجب أن نحافظ على شعائر ديننا عمومًا وعلى الصلوات الخمس في أوقاتها خصوصًا لأنها عماد الدين الذي يقوم عليه، وإن نصلح أنفسنا ونلزمها التقوى والاستقامة لنفوز برضا الله وجنته ونسلم من عذابه وسخطه ولنقود أولادنا وطلابنا إلى الطريق السوي والعمل الصالح فنحن قدوتهم في القول والعمل.فيا أيها الآباء والمعلمون خذوا بأيدي هؤلاء الشباب واهدوهم إلى محاسن الدين بغرس محبته في قلوبهم وتعظيمه في نفوسهم بشرح محاسنه وفضائله وما امتاز به على غيره. إن على المدرس واجب توجيه وتربية هؤلاء الشباب تربية إسلامية صحيحة حتى ينشئ جيلاً صالحًا ينفع نفسه وأمته وبلاده ويسعد في دينه ودنياه ولن يكون ذلك حتى يستقيم بنفسه ويقود الطلبة إلى الخير بأفعاله قبل أقواله فالقول وحده لا يجدي، إن على المدرس تقويم دين الطلبة وأخلاقهم وحسن تربيتهم وتنشئتهم على الفضيلة فإن تعليم الولد في صغره عبارة عن تغذية روحه بما تتهذب به أخلاقه وتزكو أعماله وتحسن مقاصده بحيث يكون ميله إلى الخير ومحبته له ونفرته من الشر وبغضه له ملكة ثابتة في نفسه، وقد أوجب الله على كل مسلم أن يتعلم العلم الشرعي ويعمل به ويدعو إليه ويصبر على ذلك وأن يراقب الله في علمه وتعليمه وفي جميع مجالات حياته: âقُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَá [الأنعام: 162] إن العلم شجرة لا بد لها من زكاة وثمرة وزكاة العلم وثمرته العمل به وتعليمه من لا يعلمه قال الشاعر:وكن عاملا بالعلم فيما استطعته ليهدي بك المرء الذي بك يقتدي حريصًا على نفع الورى وهداهم تنل كل خير في نعيم مؤبد إن واجب المسلم أن يقابل نعم الله بشكرها بأداء ما افترض عليه وأن يقابل أوامر الله ورسوله بالاستجابة والسمع والطاعة راجيًا ثواب الله خائفًا من عقابه.إن العلم بدون عمل طريق اليهود (المغضوب عليهم) الذين قالوا (سمعنا وعصينا).أعاذنا الله والمسلمين من طريقهم. أيها الأساتذة الكرام: إن بناء الأمة أمانة في أعناقكم وديعة بين أيديكم فاتقوا الله فيهم ووجهوهم التوجيه السليم وربوهم التربية الصحيحة على ضوء الكتاب والسنة اللذين لن يضل من تمسك بهما ولن يشقى âيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَá [الأنفال: 20، 21].وفقكم الله لما يحبه ويرضاه وجعلنا وإياكم هداة مهتدين وهدانا جميعًا سواء السبيل.ملاحظةلوحظ أن بعض الأساتذة هدانا الله وإياهم يتهاونون بالصلاة وهذه معصية كبرى توجب الكفر ودخول النار. ومعلوم أن الصلاة هي عماد الدين الذي يقوم عليه لا يفيد تاركها صوم ولا صدقة ولا أي عمل، وهي الفارقة بين الإسلام والكفر "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" رواه أهل السنن، والمدرسون مطلوب منهم تقويم دين الطلاب وأخلاقهم. وفاقد الشيء لا يعطيه، لذا يلزمنا ويتأكد علينا أن نتوب إلى الله تعالى توبة نصوحًا وأن نحافظ على شعائر ديننا عمومًا وصلاتنا خصوصًا وأن نصلح أنفسنا ونلزمها التقوى والاستقامة لنفوز برضا الله وجنته ونسلم من عذابه وسخطه وأن نقود أولادنا وطلابنا إلى الطريق السوي والعمل الصالح بأقوالنا وأفعالنا وأخلاقنا فعيونهم إلينا ناظرة وآذانهم إلينا سامعة ونحن قدوتهم في القول والعمل والخير والشر وعلينا أن نفكر في نعم الله علينا وإحسانه إلينا بكل أنواع الإحسان حيث خلقنا ورزقنا وعافانا وعلمنا ما لم نكن نعلم وخلق لنا ما في الأرض جميعًا وأنعم علينا بالنعم الظاهرة والباطنة لكي نشكره بأداء ما افترضه علينا، فهل يليق بنا بعد ذلك أن نعصيه وâهَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُá [الرحمن: 60] أنه لا ينفع عند الله ولا ينجي من عذابه إلا الإيمان الصادق والعمل الصالح âوَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًاá [سبأ: 37] وطاعة الله ورسوله: âوَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌá [النساء: 13، 14] هذا وإن تمني رحمة الله من غير عمل صالح غرور من الشيطان وعجز بالإنسان وقد بين الله من يستحق رحمته بقوله: âإِنَّ رَحْمَةَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَá [الأعراف: 56] وقوله: âإِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللهِá [البقرة: 56] وقوله: âوَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَá [النور: 218] إلى غير ذلك من الآيات.وقال e: "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني"([48]).وأخبر النبي e أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي من كان على مثل ما كان عليه النبي e وأصحابه وهم المتمسكون بالكتاب والسنة علمًا وعملاً واعتقادًا ودعوة وحبًا وبغضًا وفعلا وتركا فهل سلكنا طريق محمد e وعملنا صالحًا لننجو؟؟ أم فينا صبر وجلد على النار؟ أم نحن ممن يكذب بيوم الدين؟ إن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل والموت أقرب إلى أحدنا من حبل الوريد وليس بعد الموت إلا الجنة في نعيم أبدي أو النار في عذاب سرمدي، فاتقوا الله أيها الأساتذة الكرام في أنفسكم وأولادكم وطلابكم. وقوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها الناس والحجارة. ولا تكونوا كالذين اتخذوا دينهم لعبًا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا âوَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَá إخواني هذه ملاحظة أخ لكم دعاه إليها العمل بحديث "أحب لأخيك ما تحب لنفسك"([49]) وحديث "المؤمن مرآة أخيه"([50]) وقوله e: "الدين النصيحة" قلنا لمن يا رسول الله قال: لله ولكتابه ولرسوله والمسلمين وعامتهم([51]) فتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. واجب الآباء نحو الأبناءإخواني الكرام أولادكم وفلذات أكبادكم شباب اليوم ورجال المستقبل أمانة في أعناقكم سوف تسألون عنها أمام الله يوم القيامة. قال e: "كلكم راع ومسئول عن رعيته" متفق عليه. ألستم تقونهم برد الشتاء وحر الصيف فنار جهنم أشد حرًا âيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُو أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُá وقد قمتم بتغذية أجسامهم منذ الصغر بالطعام والشراب وستر عوراتهم باللباس وإذا مرض أحدهم أسرعتم به إلى الطبيب المعالج وبذلتم في سبيل ذلك أغلى ما تملكون محافظة على صحتهم وبذلك تستحقون الشكر والثناء والبر والدعاء إلا أن هناك ما هو أهم من ذلك كله وأعظم وهو تغذية أرواحهم وإيمانهم والعمل على إصلاح قلوبهم التي بصلاحها صلاح الأجساد وبفسادها فساد الأجساد كما قال الهادي البشير e "ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب" رواه البخاري ومسلم.لذا نلفت أنظاركم إلى ضرورة استعمال ما يلي في حقهم: 1- القدوة الحسنة في القول والعمل قال e: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" رواه أبو يعلي في مسنده والطبراني في الكبير والبيهقي في السنن وقال الشاعر:وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه 2- حملهم على أداء الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة في المساجد عمومًا وخصوصًا صلاة العشاء وصلاة الفجر قال e "ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا" متفق عليه. وقال تعالى: âوَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَاá فيجب علينا أن نمتثل أمر الله ورسوله e فيهم حيث قال: "مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر" رواه أحمد وأبو داود، وغير خاف عليكم منزلة الصلاة من الدين الإسلامي وأهميتها وعظيم شأنها وما أعد لمن حافظ عليها من الثواب ولمن تهاون بها من العقاب وإنها شعار المسلم وعماد الدين والفارقة بين الإسلام والكفر.3- العناية بالقرآن الكريم: تلاوة وحفظًا وتفسيرًا وعملاً وإن مما يجز في النفس ويؤلم القلب أن أكثر الطلبة لا يحسنون قراءة القرآن الكريم من المصحف نتيجة التساهل والإهمال من الآباء والمدرسين ومن الطلبة أنفسهم لهذا الكتاب العزيز الذي تضمن السعادة والنور والهدى والشفاء لمن تمسك به، وقد تكفل الله لمن قرأ القرآن، وعمل بما فيه أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، وقد كان أصحاب رسول الله e إذا تعلموا عشر آيات من القرآن لم يتجاوزوها حتى يتعلموا معانيها ويعملوا بها.لذا ننصح أبناءنا الطلبة أن يلتحقوا بالمدارس الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم الموجودة في كثير من المساجد بعد صلاة العصر وخصوصًا في الإجازة الصيفية حيث تفتح هذه المدارس أبوابها للطلبة صباحًا ومساءً والتدريس فيها بالمجان فليحفظوا أوقاتهم فيها حتى يكونوا من خير الناس قال e: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" رواه البخاري.وليتوجوا آباءهم بذلك ففي الحديث عن النبي e أنه قال: "من قرأ القرآن وعمل به ألبس والداه تاجًا يوم القيامة ضوءه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا فما ظنكم بالذي عمل بهذا" رواه أبو داود.4- حملهم على صحبة الأخيار الصالحين الذين عرفوا الحق واتبعوه، وتحذيرهم من صحبة الأشرار والمنحرفين في دينهم وأخلاقهم فالمرء معتبر بقرينه وسوف يكون على دين خليله فلينظر من يخالل فكما يقلد الإنسان من حوله في أزيائهم يقلدهم في أعمالهم ويتخلق بأخلاقهم قال حكيم (نبئني عمن تصاحب أنبئك من أنت، وقال الشاعر: واختر من الأصحاب كل مرشد إن القرين بالقرين يقتدي 5- حفظ الأوقات فيما ينفع في الدين والدنيا في مذاكرة الدروس وفي تلاوة القرآن الكريم وفي القراءة بالكتب النافعة فإن الأوقات محدودة والأنفاس معدودة وسوف يسأل الإنسان عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيم أبلاه وعن علمه ماذا عمل فيه فالعلم شجرة لا بد لها من زكاة وثمرة وزكاة العلم وثمرته العمل به وتعليمه من لا يعلمه.أيها الآباء الكرام اعتنوا بأولادكم وربوهم بتربية الإسلام الصحيحة على وفق ما جاء في الكتاب العزيز والسنة المطهرة والسيرة النبوية: أيها الآباء الكرام: اعدلوا بين أولادكم في العطية ولا تفضلوا بعضهم على بعض فإن ذلك من أسباب الحقد والعقوق، أيها الإخوة الكرام: إن مسئوليتنا كبيرة أمام الله في أولادنا وأهلينا ذكورًا وإناثًا لنغرس في قلوبهم محبة الله ومحبة رسوله e وصحابته الكرام وعباده الصالحين فإن المرء مع من أحب يوم القيامة، علموهم الصدق في القول والعمل والوفاء بالوعد وأداء الأمانة وكونوا قدوة لهم في ذلك.أيها الأبناء الكرام انتهزوا فرصة الشباب والصحة والفراغ فيما يسعدكم في الدين والدنيا والآخرة وذلك بالتمسك بتعاليم الإسلام الحنيف قولاً واعتقادًا وعملا وصدق الله العظيم إذ يقول: âقُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَá [الأنعام: 162-163] وليكن همكم طاعة الله ورسوله: âوَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًاá [الأحزاب: 71] ثم طاعة الوالدين في غير معصية الله قال e: "رضا الله في رضا الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين" رواه الترمذي وصححه وابن حبان والحاكم. وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه. مسئولية الطالبأخي الطالب: درست من أجل العلم والعمل والنجاح والفوز والكرامة ومن أجل ذلك يجب عليك ملاحظة ما يلي:1- حسن النية في التعلم بأن تعلم العلم لوجه الله وإنقاذ نفسك ومجتمعك من الجهل ولتعرف الحق فتعمل به والباطل فتجتنبه ولا يكن همك الحصول على الشهادة أو الوظيفة فقط فإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.2- العناية بدروسك ومذاكراتها وفهمها وأن تجد وتجتهد في ذلك مع الاستعانة بالله والتوكل عليه فمن جد وجد ومن زرع حصد ومن توكل على الله كفاه ومن استعان بالله أعانه، و من أسباب الفهم والنجاح: أن تذاكر دروسك قبل شرحها ثم تنتبه إلى شرح المدرس بجميع الحواس ثم تسأله عما أشكل عليك ثم تذاكر دروسك بعد الخروج من المدرسة لترسخ في ذهنك.3- العناية بالقرآن الكريم دراسة وتدبرًا وحفظًا وتفسيرًا وعملاً ليكون حجة لك عند ربك وشفيعًا لك يوم القيامة ولتكون من خير الناس قال e "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" رواه البخاري والقرآن الكريم خير كتاب أنزل على أشرف رسول إلى خير أمة أخرجت للناس بأفضل الشرائع وأسمحها وأسماها وأكملها، كما قال الله تعالى: âالْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًاá وقد تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة.4- المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة في المساجد فهي عماد الدين والصلة برب العالمين والفارقة بين الإسلام والكفر.5- لا بد لك من أصدقاء فإن وفقت لمصادقة الأخيار وإلا ابتليت بمصادقة الأشرار فعليك بصحبة الأخيار (المطيعين لله) ومحبتهم ومجالستهم وزيارتهم والبعد عن الأشرار (العصاة لله) فالمرء معتبر بقرينه وسوف يكون على دين خليله فلينظر من يخالل وأنت مع من أحببت يوم القيامة.6- حفظ الأوقات فيما ينفع وصونها عما يضر لأنك مسئول عنها ومحاسب عليها ومجزي على ما عملت فيها والأوقات محدودة والأنفاس معدودة فاغتنم حياتك النفيسة واحتفظ بأوقاتك العزيزة فلا تضيعها بغير عمل ولا تفرط بساعات عمرك الذاهب بغير عوض واحفظ الله يحفظك واتق الله حيثما كنت واشغل لسانك بذكر الله وجوارحك بطاعة الله واغتنم شبابك قبل هرمك وصحتك قبل مرضك وحياتك قبل موتك وفراغك قبل شغلك وغناك قبل فقرك وتذكر قوله تعالى: âإِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًاá [الإسراء: 36].7- بر الوالدين والإحسان إليهما واللطف بهما والشفقة عليهما وامتثال أمرهما ما لم يأمرا بمعصية الله واجتناب نهيهما وتذكر عطفهما عليك وإحسانهما إليك منذ الصغر بالطعام والشراب واللباس والعلاج والعطف والشفقة والحنان والتربية والتعليم وغير ذلك من أنواع الإحسان، وادع الله لهما في الحياة وبعد الممات وتذكر قول تعالى: âوَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًاá وقوله e "رضا الله في رضا الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين"([52]) وإذا رضي الله عنك فأنت من السعداء وقوله e: "بروا آباءكم تبركم أبناؤكم"([53]) فالجزاء من جنس العمل وما ربك بظلام للعبيد.8- احترام المدرسين وتوقيرهم وإجلالهم والإنصات لهم والتأدب معهم وقبول نصحهم فليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه، وبقدر تأدب الطالب مع المدرسين يكون انتفاعه بالعلم وفهمه له والمعلم شعلة تحرق نفسها لتضيء للناس فلنعرف للمدرسين العاملين المخلصين فضلهم ولنقدر لهم كرامتهم ولنشكرهم على إخلاصهم ونصحهم في سبيل مصلحة أبنائهم الطلبة ولندعو الله لهم بالتوفيق ولنتذكر قول الشاعر:إن المعلم والطبيب كليهما لا ينصحان إذا هما لم يكرما فاصبر لدائك إن جفوت طبيبه واصبر لجهلك إن جفوت معلما 9- العمل بالعلم والدعوة إليه والصبر على ذلك ليثمر علمك ويزكو وينمو فتنتفع به، وينتفع به غيرك ومن عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم فالعلم شجرة لا بد لها من زكاة وثمرة وزكاة العلم وثمرته العمل به وتعليمه من لا يعلمه ومراتب العلم: سماعه ثم عقله ثم تعاهده ثم تبليغه، ومراتب العلم والعمل ثلاثة: رواية وهي حمل المروي ودراية: وهي فهمه، ورعاية: وهي العمل به، وقد قال e: "بلغوا عني ولو آية" رواه البخاري، وقال: "نضر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها فرب مبلغ أوعى من سامع" رواه الترمذي. وقال حديث حسن صحيح، وقال تعالى: âفَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَá [التوبة: 122].وفي فضل العلم والعلماء قال الله تعالى: âوَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًاá [طه: 114] âقُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَá [الزمر: 9] âيَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍá [المجادلة: 11] âإِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُá [فاطر: 28].وقال e: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" متفق عليه. "ومن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة" رواه مسلم. وقال: "من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع" رواه الترمذي.فهنيئا لطلاب العلم العاملين به بهذا الفضل العظيم والثواب الجسيم.أخي الطالب: أرجو أن تتذكر دائما هذه النقاط المهمة وأن تقول سمعنا وأطعنا لتفوز بسعادة الدنيا والآخرة، وفقنا الله جميعًا للعلم النافع المقرون بالعمل الصالح. وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه. القدوة الحسنةأخي المسلم.. غير خاف عليك وأنت تتمتع بالعقل والسمع والبصر والعلم والمعرفة أن الله تعالى أوجب طاعته وطاعة رسوله ورتب عليها سعادة الدنيا والآخرة.. ونهى عن معصيته ومعصية رسوله ورتب عليها شقاوة الدنيا والآخرة قال تعالى: âوَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًاá [الأحزاب: 71] وقال تعالى: âوَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًاá [الأحزاب: 36] وغير خاف عليك أنك قدوة لأولادك وأقاربك، ومن يحيط بك وإذا كنت مدرسًا فأنت قدوة لطلابك بأقوالك وأفعالك، وغير خاف عليك الشيء الذي أوجدك الله من أجله وما أمرك به ونهاك عنه، وغير خاف عليك الحلال والحرام، وأن الحلال ما أحله الله ورسوله والحرام ما حرمه الله ورسوله وأن الله أحل لنا الطيبات النافعة وحرم علينا الخبائث الضالة رحمة بنا وإحسانا إلينا فلم يحرم علينا ما ينفعنا ولم يبح لنا ما يضر بأجسامنا وصحتنا وعقولنا وأموالنا، لذا وذاك أذكر نفسي وأذكر إخواني المسلمين عمومًا والمدرسين خصوصًا بضرورة ملاحظة ما يلي:1- أن نكون قدوة حسنة لأولادنا وطلابنا ومجتمعنا بأقوالنا وأفعالنا لنقودهم إلى الخير والسعادة ولن يتسنى لنا ذلك حتى نحقق القدوة برسول الله e: âلَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌá [الأحزاب: 21].2- العناية بالقرآن الكريم والسنة المطهرة اللذين لن يضل من تمسك بهما ولن يشقى.3- المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة فهي عماد الدين والصلة برب العالمين.4- لزوم تقوى الله تعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه عمومًا وخصوصًا ما قد وقع فيه أكثر الناس اليوم من:(أ) مخالفة السنة بحلق اللحية وهي اسم للشعر النابت على الخدين والعارضين والذقن كما في كتب اللغة على الرغم من ورود الأحاديث الصحيحة عن النبي e بالأمر بإعفاء اللحية ونهيه عن حلقها وأمره للوجوب ونهيه للتحريم.(ب) عادة التدخين الضار بالدين والبدن والصحة والعقل والمال والمجتمع فهو من جملة الخبائث المحرمة بنص القرآن الكريم والمجاهرة به من المجاهرة بالمعصية وقد اتفق على تحريمه ومضرته والمنع منه العلماء المحققون والأطباء المعتبرون.(ج) تصوير ذوات الأرواح من الآدميين، والبهائم وقد صح عن النبي e أنه لعن المصورين وأخبر أنهم أشد الناس عذابًا يوم القيامة وأن كل مصور في النار وهي تعم أنواع التصوير بأي وسيلة لما فيه من المشابهة بخلق الله.(د) تبرج النساء وسفورهن ومخالطتهن الرجال وهن عورة وفتنة وقد قال e: "ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء"([54]).(هـ) استماع الأغاني الصادة عن ذكر الله وعن الصلاة وخصوصًا أغاني النساء الفاتنات المفتونات وهي تنبت النفاق في القلب وتدعو إلى الوقوع في جريمة الزنا لما فيها من وصف الحب والغرام والهجر والوصال وتؤثر في القلب والإيمان كتأثير السم في الأبدان عافانا الله والمسلمين من ذلك.(و) لبس الذهب للرجال وإسبال الثياب والسراويل أسفل من الكعبين وما كان أسفل من الكعبين فهو في النار ولا يقبل الله صلاة رجل مسبل كما في الحديث([55]) وقد رأى النبي e في يد رجل خاتمًا من ذهب فنزعه وطرحه وقال: "يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده" رواه مسلم.أخي المسلم: هذه ملاحظات من أخ لك في الإسلام يحب لك ما يحب لنفسه ويكره لك ما يكره لنفسه.فتب إلى ربك من هذه الأشياء وغيرها قبل أن تموت.. والله ولي التوفيق. اغتنام فرصة الشبابهذه أرجوزة لطيفة للعلامة عبد الله بن حسين بن طاهر المتوفى عام 1272 هـ، وهي مأخوذة من رسالة (منهاج السعادة) نقدمها لمحبي الخير لما تشتمل عليه من وصايا عظيمة ونصائح حكيمة لمن كان له قلب... والله الموفق..أوصيكم يا معشر الإخوان عليكم بطاعة الديان إياكم أن تهملوا أوقاتكم فتندموا يوما على ما فاتكم وإنما غنيمة الإنسان شبابه والخسر في التواني ما أحسن الطاعات للشبان فاسعوا لتقوى الله يا إخواني وأعمروا أوقاتكم بالطاعة والذكر كل لحظة وساعة ومن تفته ساعة من عمره تكن عليه حسرة في قبره ومن يكن فرط في شبابه حتى مضى عجبت من تبابه ويا سعادة امرئ قضاه في عمل يرضى به مولاه أحب ربي طاعة الشبان يا فوزهم بجنة الرضوان فتب إلى مولاك يا إنسان من قبل أن يفوتك الأوان ومن يقل إني صغير أصبر ثم أطيع الله حين أكبر فإن ذاك غره إبليس وقلبه مغلق مطموس لا خير في من لم يتب صغيرًا ولم يكن بعيبه بصيرا مجانبًا للإثم والعصيان مخالفًا للنفس والشيطان ملازمًا تلاوة القرآن مستعصما بالذكر من نسيان مراقبًا لله في الشئون محاذرا من سائر الفتون مجانبًا رذائل الأخلاق مجافيًا كل عدا الخلاق محاربًا لنزعة الضلال وصولة الأهواء وسوء الحال فإن أردت الفوز بالنجاة فاسلك سبيل الحق والهداة يا من يروم الفوز في الجنات بالمشتهى وسائر اللذات انهض إلى السجدات في الأسحار واحرص على الأوراد والأذكار واحذر رياء الناس في الطاعات في سائر الأحوال والأوقات واختر من الأصحاب كل مرشد إن القرين بالقرين يقتدي وصحبة الأشرار داء وعمى تزيد في القلب السقيم السقما فإن تبعت سنة النبي فاجتنبن قرناء السوء واختر من الزوجات ذات الدين وكن شجاعًا في حمى العرين وزود الأولاد بالآداب تحفظ قلوبهم من الأوصاب وهذب النفوس بالقرآن ولا تدعها نهبة الشيطان واحرص على ما سنة الرسول فهو الهدى والحق إذ يقول دع عنك ما يقوله الضلال ففيه كل الخسر والوبال وأصدق الحديث قول ربنا وخير هدي الله عن نبينا يا أيها الغفلان عن مولاه انظر بأي سيئ تلقاه أما علمت الموت يأتي مسرعا وليس للإنسان إلا ما سعى وليس للإنسان من بعد الأجل إلا الذي قدمه من العمل فبادر التوبة في إمكانها  من قبل أن تصد عن إتيانها يا أيها المغرور ما هذا العمل إلى متى هذا التراخي والكسل لو يعلم الإنسان قدر موته ما ذاق طول الدهر طعم قوته ما لي أراك لم تفد فيك العبر ويحل هذا القلب أقسى من حجر وأفلس الناس طويل الأمل مضيع العمر كثير الخطل نهاره يمضيه في البطالة وليله في النوم بئس الحالة ادع لنا يا سامعًا وصيتي بالعفو والصفح مع العطية والستر فضلاً منه للعيوب والمحو في الكتاب للذنوب يا رب جد بالفضل والإحسان والروح والريحان والجنان ولا تؤاخذنا على النسيان ولا على الأخطاء ولا العصيان يا رب واحفظنا من الفتان ولا تذقنا حرقة النيران يا رب وانصرنا على الأعداء واحم الحمى من هيشة الغوغاء ودينك احفظه مع الأمان للأهل في الأقطار والأوطان والحمد لله على الختام والشكر لله على الإنعام ما أعظم الإنعام من مولانا وأجزل الأفضال إذ هدانا لنعمة الإيمان والإسلام والاقتداء بسيد الأنام ثم صلاة الله والسلام ما ناح طير الأيك والحمام على النبي المصطفى البشير الهاشمي المجتبى النذير وآله ما انبلج الصباح وصحبه ما هبت الرياح تمت بخير والحمد للهأبيات رائعة مختارة من منظومة الآداب لابن عبد القويألا من له في العلم والدين رغبة ليصغ بقلب حاضر مترصد ألا كل من رام السلامة فليصن جوارحه عما نهى الله يهتدي يكب الفتى في النار حصد لسانه فحافظ على ضبط اللسان وقيد ويحرم بهت واغتياب نميمة وإفشاء سر ثم لعن فقيد وفحش ومكر والبذا وخديعة وسخرية والهزأ والكذب قيد ويحرم مزمار وشبابة وما يضاهيهما من آلة اللهو والرد فبادر هجوم الموت في كسب ما به تفز به يوم القيامة واجهد كفى زاجرًا للمرء موت محتم وقبر وأهوال تشاهد في غد وبادر متابًا قبل موت معجل يفاجئك لا تدري أفي اليوم أو غد فكن بين الخوف والرجاء عاملا لما تخاف ولا تقنط وقوفًا بموعد على الصلوات الخمس حافظ فإنها لآكد مفروض على كل مهتدي فلا رخصة في تركها لمكلف وأول ما عنها يحاسب في غد عليك بتقوى الله في كل حالة تحز قصبات السبق في اليوم مع غد فكابد إلى أن تبلغ النفس عذرها وكن في اكتساب العلم طلاع أنجد([56]) ولا تطلبن العلم للمال والرياء فإن ملاك الأمر في حسن مقصدي([57]) وكن عاملاً بالعلم فيما استطعته ليهدي بك المرء الذي بك يقتدي حريصا على نفع الورى وهداهم تنل كل خير في نعيم مؤبد وفي قمع أهواء النفوس اعتزازها وفي نيلها ما تشتهي ذل سرمد وخير جليس المرء كتب تفيده  علومًا وآدابًا كعقل مؤبد وخالط إذا خالطت كل موفق من العلماء أهل التقى والتسدد يفيدك من علم وينهاك عن هوى فخالطه تهدي من هداه وترشد وخير مقام قمت فيه وحلية تحليتها ذكر الإله بمسجد وواظب على درس القرآن فإنه يلين قلبا قاسيًا مثل جلمد وحافظ على فعل الفروض بوقتها وخذ بنصيبك في الدجا من تهجد وحصن عن الفحشاء الجوارح كلها تكن لك في يوم الجزاء خير شهد وأزكى صلاة الله جل ثناؤه وعز على خير البرايا محمد وصية طالب العلمللشيخ حافظ بن أحمد الحكمي رحمه الله تعالىيا طالب العلم لا تبغي به بدلاً فقد ظفرت ورب اللوح والقلم وقدس العلم واعرف قدر حرمته في القول والفعل والآداب فالتزم وانهض بعزم قوي لا انثناء له لو يعلم المرء قدر العلم لم ينم والنصح فابذله للطلاب محتسبا في السر والجهر والأستاذ فاحترم ومرحبا قل لمن يأتيك بطلبه وفيهم احفظ وصايا المصطفى بهم والنية اجعل لوجه الله خالصة إن البناء بدون الأصل لم يقم ومن يكن ليقول الناس يطلبه أخسر بصفقته في موقف الندم ومن به يبتغي الدنيا فليس له يوم القيامة من حظ ولا قسم كفى بما كان في شورى وهو دوفي الإسراء موعظة للحاذق الفهم([58]) إياك واحذر مماراة السفيه به كذا مباهاة أهل العلم لا ترم فإن أبغض كل الخلق أجمعهم إلى الإله ألد الناس في الخصم والعجب فاحذره إن العجب مجترف أعمال صاحبه في سيله العرم وبالمهم المهم ابدأ لتدركه وقدم النص والآراء فاتهم قدم وجوبا علوم الدين إن بها يبين نهج الهدى من موجب النقم وكل كسر الفتى فالدين جابره والكسر في الدين صعب غير ملتئم دع عنك ما قاله العصري منتحلا وبالعتيق تمسك قط واعتصم ما العلم إلا كتاب الله أو أثر يجلو بنور هداه كل منبهم ما ثم علم سوى الوحي المبين ما منه استمد ألا طوبى لمغتنم والكتم للعلم فاحذر إن كاتمه في لعنة الله والأقوام كلهم ومن عقوبته أن في الخلد له من الجحيم لجامًا ليس كاللجم وصائن العلم عمن ليس يحمله ماذا بكتمان بل صون فلا تلم وإنما الكتم منع العلم طالبه من مستحق له فافهم ولا تهم واتبع العلم بالأعمال وادع إلى سبيل ربك بالتبيان والحكم واصبر على لاحق من فتنة وأذى فيه وفي الرسل ذكرى فاقتده بهم لواحد بك يهديه الإله لذا خير غدا لك من حمر من النعم واسلك سواء الصراط المستقيم ولا تعدل وقل ربي الرحمن واستقم ثم الصلاة على المعصوم من خطا محمد خير رسل الله كلهم([59]) بيات رائعة مختارة من النونية القحطانيةقال رحمه الله تعالى:يا أيها السني خذ بوصيتي وأخصص بذلك جملة الإخوان واقبل وصية مشفق متودد واسمع بفهم حاضر يقظان كن في أمورك كلها متوسطًا عدلا بلا نقص ولا رجحان فأقصد هديت ولا تكن متغاليًا إن القدور تفور بالغليان دن بالشريعة والكتاب كليهما فكلاهما للدين واسطتان لا تعص ربك قائلا أو فاعلا فكلاهما في الصحف مكتوبان جمل زمانك بالسكوت فإنه زين الحليم وسترة الحيران كن حلس بيت إن سمعت بفتنة وتوق كل منافق فتان أد الفرائض لا تكن متوانيًا فتكون عند الله شر مهان أدم السواك مع الوضوء فإنه مرضي الإله مطهر الأسنان سم الإله لدى الوضوء بنية ثم استعذ من فتنة الولهان([60]) فأساس أعمال الورى نياتهم وعلى الأساس قواعد البنيان غسل الجنابة في الرقاب أمانة فأداؤها من أكمل الإيمان فإذا ابتليت فبادرن بغسلها لا خير في متثبط كسلان مس النساء على الرجال محرم حرث السباخ خسارة الحرثان لا تلق ربك سارقًا أو خائنًا أو شاربًا أو ظالمًا أو زان أيقن بأشراط القيامة كلها واسمع هديت نصيحتي وبياني كالشمس تطلع من مكان غروبها وخروج دجال وهول دخان وخروج يأجوج ومأجوج معا  من كل صقع شاسع ومكان ونزول عيسى قاتلا دجالهم يقضي بحكم العدل والإحسان واذكر خروج فصيل ناقة صالح يسم الورى بالكفر والإيمان والوحي يرفع والصلاة من الورى وهما لعقد الدين واستطان وحياتنا في القبر بعد مماتنا حق ويسألنا به الملكان والقبر صح نعيمه وعذابه وكلاهما للناس مدخران والبعث بعد الموت وعد صادق بإعادة الأرواح في الأبدان وصراطنا حق وحوض نبينا صدق له عدد النجوم أوان يسقى بها السني أعذب شربة ويزاد عنه كل منافق فتان وكذلك الأعمال يومئذ ترى موضوعة في كفة الميزان والكتب يومئذ تطاير في الورى بشمائل الأيدي وبالأيمان والله يومئذ يجيء لعرضنا مع أنه في كل وقت دان وعليه عرض الخلق يوم معادهم للحكم كي يتناصف الخصمان والله يومئذ نراه كما نرى قمرًا بدا لست بعد ثمان يوم القيامة لو علمت بهوله لفررت من أهل ومن أوطان يوم تشققت السماء لهوله وتشيب منه مفارق الولدان يوم عبوس قمطرير شره منتشر في الخلق عظيم الشأن والجنة العليا ونار جهنم داران للخصمين دائمتان يوم يجيء المتقون لربهم وفدا على نجب من العقيان ويجيء المجرمون إلى لظى يتلمظون تلمظ العطشان وإذا دعيت إلى أداء فريضة فانشط ولا تك في الإجابة وان قم بالصلاة الخمس واعرف قدرها فلهن عند الله أعظم شان لا تمنعن زكاة مالك ظالمًا فصلاتنا وزكاتنا أختان وصيامنا رمضان فرض واجب وقيامنا المسنون في رمضان والحج مفترض عليك وشرطه أمن الطريق وصحة الأبدان قل إن خير الأنبياء محمد وأجل من يمشي على الكثبان وأجل صحب الرسل صحب محمد قل: وأجل صحبه العمران([61]) قل خير قول في صحابة أحمد وامدح جميع الآل والنسوان دع ما جرى بين الصحابة في الوغي بسيوفهم يوم التقى الجمعان فقتيلهم منهم وقاتلهم لهم وكلاهما في الحشر مرحومان لسنا نكفر مسلما بكبيرة فالله ذو عفو وذو غفران حب الصحابة والقرابة سنة ألقا بها ربي إذا أحياني احذر عقاب الله وارج ثوابه حتى تكون كمن له قلبان إيماننا بالله بين ثلاثة عمل وقول واعتقاد جنان ويزيد بالتقوى وينقص بالردى وكلاهما في القلب يعتلجان وإذا خلوت بريبة في ظلمة والنفس داعية إلى الطغيان فاستح من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني كن طالبًا للعلم واعمل صالحًا فهما إلى سبل الهدى سببان وعليك بالفقه المبين شرعنا وفرائض الميراث والقرآن ركن الديانة أن تصدق بالقضا لا خير في بيت بلا أركان لا تلق مبتدعًا ولا متزندقا إلا بعبسة مالك الغضبان حصن صيامك بالسكوت عن الخنا اطبق على عينيك بالأجفان لا تمش ذا وجهين من بين الورى شر البرية من له وجهان لا تسع بين الصاحبين نميمة فلأجلها يتباغض الخلان وتحر بر الوالدين فإنه فرض عليك وطاعة السلطان الدين رأس المال فاستمسك به فضياعه من أعظم الخسران واغضض جفونك عن ملاحظة النساء ومحاسن الأحداث والصبيان إن الرجال الناظرين إلى النساء مثل الكلاب تطوف باللحمان إن لم تصن تلك اللحوم أسودها أكلت بلا عوض ولا أثمان لا تحقرن من الذنوب صغارها فالقطر منه تدفق الخلجان وإن نذرت فكن لنذرك موفيًا فالنذر مثل العهد مسئولان لا تشغلن بعيب غيرك غافلا عن عيب نفسك إنه عيبان لا تفن عمرك بالجدال مخاصمًا إن الجدال يخل بالأديان واحذر مجادلة الرجال فإنها  تدعو إلى الشحناء والشنآن واثبت بصبرك تحت ألوية الهدى فالصبر أوثق عدة الإنسان كن طول دهرك ساكتًا متواضعًا فهما لكل فضيلة بابان واخلع رداء الكبر عنك فإنه لا يستقل بحمله الكفتان كن فاعلاً للخير قوالاً له فالقول مثل الفعل مقترنان من غوث ملهوف وشبعة جائع ودثار عريان وفدية عان فإذا فعلت الخير لا تمنن به لا خير في متمدح منان اشكر على النعماء واصبر للبلاء فكلاهما خلقان ممدوحان لا تشكون بعلة أو قلة فهما لعرض المرء فاضحتان صن حر وجهك بالقناعة إنما صون الوجوه مرءوة الفتيان بالله ثق وله أنب وبه استعن فإذا فعلت فأنت خير معان وإذا ابتليت بعسرة فاصبر لها فالعسر فرد بعده يسران لا تتبع شهوات نفسك مسرفًا فالله يبغض عابد شهوان أقلل طعامك ما استطعت فإنه نفع الجسوم وصحة الأبدان حصن التداوي المجاعة والظمأ وهما لفك نفوسنا قيدان حسن الغذا ينوب عن شرب الدواء سيما مع التقليل والإدمان وتداو بالعسل المصفى واحتجم فهما لداءك كله برآن لا خير في صور المعازف كلها والرقص والإيقاع في القضبان إن التقي لربه متنزه عن صوت أوتار وسمع أغان اصدق ولا تحلف بربك كاذبًا وتحر في كفارة الأيمان لا تنهب أموال اليتامى ظالمًا ودع الربا فكلاهما فسقان واحفظ لجارك حقه وذمامه ولكل جار مسلم حقان واضحك لضيفك حين ينزل رحله إن الكريم يسر بالضيفان واصل ذوي الأرحام وإن هم جفوا فوصالهم خير من الهجران وتوق إيمان الغموس فإنها تدع الديار بلاقع الحيطان كن محسنا فيما استطعت فربما تجزى عن الإحسان إحسان واعمل لجنات النعيم وطيبها فنعيمها باق وليس بفان وإذا عصيت فتب لربك مسرعًا حذر الممات ولا تقل لم يأن فلربما تأتي المنية بغتة فتساق من فرش إلى أكفان والله ينزل كل آخر ليلة لسمائه الدنيا بلا كتمان فيقول هل من سائل فأجيبه فأنا القريب أجيب من نادان وأختم قولي بالصلاة مسلما على النبي المصطفى العدنان ([1]) البخاري (1/ 150، 151) (6/ 152) ومسلم (1037).([2]) البخاري (1/ 152، 153) ومسلم (816).([3]) الغيث: المطر، والكلا: المرعي، والعشب: الكلأ الرطب في أول الربيع، والأجادب: الأرض التي لا تنبت.([4]) البخاري (1/ 160، 162) ومسلم (2282) وأخرجه أحمد (4/ 399).([5]) حمر: النعم: الإبل الحمر، وهي أشرف أموال العرب.([6]) البخاري (7/ 58) ومسلم (2406).([7]) هذا الإذن محمول على الأخبار المسكوت عنها عندنا، فليس عندنا ما يصدقها، ولا ما يكذبها، فيجوز روايتها للاعتبار، فأما ما شهد له شرعنا بالصدق، فلا حاجة بنا إليه استغناء بما عندنا، وما شهد له شرعنا بالبطلان، فذاك مردود لا تجوز حكايته إلا على سبيل الإنكار والإبطال وانظر ما قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في "البداية والنهاية" (1/ 706) و"تفسير القرآن العظيم" (1/ 4، 141، 2/ 275) (3/ 181) (366، 416).([8]) البخاري (6/ 361).([9]) مسلم (2699).([10]) مسلم (2674) وأبو داود (4609) والترمذي (2674) وابن ماجة (206).([11]) مسلم (1631).([12]) المعنى: الدنيا مذمومة لا يحمد مما فيها إلا ذكر الله وما يحبه الله من طاعته واتباع أمره وتجنب نهيه، وعالم ومتعلم، والمقصود بالعالم والمتعلم: العلماء بالله الجامعون بين العلم والعمل، فيخرج الجهلاء وعالم لم يعمل بعلمه.([13]) الترمذي (2323) وأخرجه ابن ماجة (4112) وسنده حسن، وله شاهد من حديث ابن مسعود عند الطبراني في "الأوسط" يتقوى به.([14]) الترمذي (2649) وفي سنده ضعف، لكن له شاهد بمعناه عند ابن ماجة (227) من حديث أبي هريرة بلفظ من جاء مسجدي هذا لم يأته إلا لخير يتعلمه أو يعلمه، فهو بمنزلة المجاهد في سبيل الله وسنده حسن، وصححه ابن حبان (81).([15]) الترمذي (2687) من حديث دراج عن أبي الهيثم، ودراج في روايته عن أبي الهيثم ضعيف.([16]) الترمذي (2686) وهو صحيح.([17]) أبو داود (3641) (3642) والترمذي (2683) وأخرجه ابن ماجه (223) وصححه ابن حبان (80).([18]) نضر الله امرأً: نعمه من النضارة وهي الحسن، والمراد: حسن خلقه وقدره.([19]) الترمذي: (2659) وأخرجه أحمد (1/ 437) وابن ماجة (230) و (3506) وصححه ابن حبان (74، 75) وفي الباب عن جبير بن مطعم عند أحمد (1/ 183) والدارمي (1/ 75) وصححه ابن حبان (72، 73).([20]) أبو داود (3658)، والترمذي (2651)، وأخرجه ابن ماجه (261)، وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (95) وفي الباب عن عبد الله بن عمر، وعند ابن حبان (96). ([21]) أبو داود (3664)، وأخرجه ابن ماجه (252)، وصححه ابن حبان (89)، والحاكم 1/85 ، ووافقه الذهبي. ([22]) البخاري 1/174،175 ومسلم (2673)، والترمذي (2652). ([23]) رياض الصالحين من أحاديث سيد المرسلين e بتحقيق وتعليق شعيب الأرنؤوط ص 523،527.([24]) الرياض الناضرة للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ص 69-73. ([25]) رواه الطبراني وغيره ورمز السيوطي لصحته.([26]) رواه أبو داود والترمذي وأصله في مسلم. ([27]) متفق عليه. ([28]) رواه البخاري.([29]) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح.([30]) رواه مسلم وغيره.([31]) رواه الطبراني والبيهقي وابن عدي وضعفه السيوطي والمنذري وله أصل أصيل عند الحاكم في المستدرك.([32]) رواه الترمذي وقال حديث حسن.([33]) انظر زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم (2/ 106، 107).([34]) رواه البخاري ومسلم.([35]) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وصححه ابن حبان.([36]) متفق عليه.([37]) رواه الترمذي، وقال حديث حسن.([38]) انظر الأحكام في شرح أصول الأحكام لابن قاسم (ج1/ص 9).([39]) رواه ابن عبد البر في كتاب جامع العلم وفضله وقال هو حديث حسن وروي موقوفا ولعله أشبه.([40]) رواه مسلم.([41]) رواه الترمذي وقال حديث حسن.([42]) رواه الترمذي وقال حديث حسن.([43]) انظر كبائر الذهبي ص (60).([44]) من أسباب تحصيل العلم أيضًا الدعاء بحصوله: âوَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًاá [طه: 114] âوَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْá تقول يا عليم علمني، اللهم إني أسألك علمًا نافعًا وأعوذ بك من علم لا ينفع اللهم انفعني بما علمتني وعلمني ما ينفعني وارزقني علمًا ينفعني يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام. ([45]) رواه أبو يعلى في مسنده والبيهقي في السنن والطبراني في الكبير ورمز السيوطي لصحته.([46]) رواه أحمد وأبو داود والحاكم ورمز السيوطي لصحته.([47]) تحفة الودود بأحكام المولد (167، 175-177).([48]) رواه أحمد والترمذي وابن ماجة والحاكم ورمز السيوطي لصحته.([49]) رواه أحمد والترمذي بلفظ أحب للناس ما تحبه لنفسك.([50]) أخرجه الطبراني بإسناد حسن بلفظ المؤمن مرآت المؤمن.([51]) رواه مسلم.([52]) رواه الترمذي وصححه وابن حبان والحاكم.([53]) رواه الطبراني في الكبير الأوسط والحاكم في المستدرك.([54]) رواه البخاري ومسلم وغيرهما.([55]) الذي رواه أبو داود بإسناد صحيح.([56]) جمع نجد: وهو ما ارتفع من الأرض.([57]) أي حسن نية فإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.([58]) في الإسراء قوله تعالى: âمَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًاá [الإسراء: 18] وفي هود قوله تعالى: âمَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُá [15، 16].وفي الشورى قوله تعالى: âمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍá [الشورى: 20]. والمعنى في هذه الآيات من كان يريد بعمل الآخرة الدنيا فهو متوعد بهذا الوعيد الشديد.([59]) ميمية الآداب في الوصايا العلمية للشيخ حافظ بن أحمد الحكمي.([60]) الولهان شيطان الوضوء.([61]) أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.