البحث

عبارات مقترحة:

الأعلى

كلمة (الأعلى) اسمُ تفضيل من العُلُوِّ، وهو الارتفاع، وهو اسمٌ من...

الآخر

(الآخِر) كلمة تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...

الشهيد

كلمة (شهيد) في اللغة صفة على وزن فعيل، وهى بمعنى (فاعل) أي: شاهد،...

إعلام المسافرين ببعض آداب وأحكام السفر وما يخص الملاحين الجويين

العربية

المؤلف محمد بن صالح العثيمين
القسم كتب وأبحاث
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الآداب - آداب السفر
إعلام المسافرين ببعض آداب وأحكام السفر وما يخص الملاحين الجويين: هذه الرسالة ثمرة تجميع الملاحين الجويين من الطيارين والمهندسين والمُضيفين بالخطوط العربية السعودية مسائلهم ومشكلاتهم التي يُقابلونها في أعمالهم ورحلاتهم وأسفارهم، فقاموا بترتيب هذه المسائل وعرضها على الشيخ - رحمه الله -؛ فخرجت هذه الرسالة القيمة.

التفاصيل

إعــلام المسافــرين  ببعض آداب وأحكام السّفر وما يخصّ الـملّاحين الجويّين تقـديمٌ أحكامٌ في السفر أحكامٌ في الطهارة أحكامٌ في الصلاة أحكام الصّيام أحكامٌ في الإحرام أحكامٌ متفرّقةٌ الأذكار والدّعوات الأذكار الّتي تقال صباحًا ومساءً  إعــلام المسافــرين  ببعض آداب وأحكام السّفر وما يخصّ الـملّاحين الجويّينبسم الله الرحمن الرحيم تقـديمٌالحمـد لله ربّ العالمـين، والصّـلاة والسّـلام علـى أشرف الأنبياء والمرسلين، نبيّنا محمّدٍ، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين.أمّا بعد، فقد كان من جهود صاحب الفضيلة شيخنا محمّد بن صالحٍ العثيمين رحمه الله في سبيل الدّعوة إلى الله جل وعلا حرصه ومثابرته على نشر العلم الشّرعيّ بين النّاس في مختلف فئاتهم، وعقد اللّقاءات معهم؛ من أجل ذلك.وقد كانت تغمره السّعادة والسّرور في لقاءاته بمدينة جدّة مع الملّاحين الجوّيّين من الطّيّارين والمهندسين والمضيفين بالخطوط العربيّة السّعوديّة، أولئك الّذين أبدوا رغبتهم وأدركوا حاجتهم لطرح المسائل الّتي يقابلونها في أعمالهم ورحلاتهم الجويّة، وأسفارهم المتكرّرة.جمع هؤلاء الأفاضل ورتّبوا تلك المسائل الّتي تحتوي على أحكامٍ تهمّ المسافرين في العبادات والمعاملات والآداب والسّلوك، ثمّ عرضت على فضيلة الشّيخ رحمه الله تعالى في تلك اللّقاءات المباركة، وأجاب عنها، فأثمرت هذه الرّسالة النّافعة بإذن الله تعالى.وقد بذل الشّيخ وليد بن محمّدٍ الطّويل حفظه الله جهدًا مشكورًا في إعداد وطباعة هذه الرّسالة عام 1421ﻫ بعنوان: (إعلام المسافرين ببعض آداب وأحكام السّفر وما يخصّ الملّاحين الجوّيّين)، واعتنى بخدمة الكتاب في عزو الآيات، وتخريج الأحاديث، وكتابة الفهرس، وقد شاركه في ذلك مجموعةٌ من طلبة العلم والمختصّين، فجزى الله الجميع خير الجزاء، وأجزل لهم المثوبة والأجر.وإنفاذًا للقواعد والتّوجيهات الّتي قرّرها فضيلة الشّيخ رحمه الله لنشر تراثه العلميّ تمّ إخراج هذه الرّسالة، وأدرج في الخاتمة ما حرّره الشّيخ بقلمه من الأذكار الّتي تقال صباحًا ومساءً.نسأل الله تعالـى أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجـهه الكريم، نافعًا لعباده، وأن يجزي فضيلة شيخنا عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، ويعلي درجته في المهديّين؛ إنّه سميعٌ قريبٌ.وصلّى الله وسلّم وبارك على نبيّنا محمّدٍ، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسانٍ إلى يوم الدّين.اللجنة العلميّةفي مؤسّسة الشّيخ محمّد بن صالحٍ العثيمين الخيريّة15/7/1429ﻫكلمة فضيلة الشّيخ العلاّمة محمد بن صالحٍ العثيمين رحمه اللهالحمد لله ربّ العالمين، وصلـى الله وسلم على نبيّنا محمدٍ وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين.أما بعد: فإنني أشكر الله سبحانه وتعالى أن وفقني للّقاء بإخواني الملاحين الجوّيّين من الطيارين والمهندسين الجوّيين والمضيفين بالخطوط الجويّة العربية السعوديـة، والإجابـة على استفساراتهم، خاصـةً أننا نـرى فيهم من على وجوههم سيماء الخير، ونسمع -أيضًا- ما يسرّنا نحو هذا.وإنّي أوصيهم بتقوى الله عز وجل، والحرص التامّ على راحة الرّكاب، وعلى ما فيه مصلحة الدّين والدّنيا من مراعاة الأمور الشرعية، كأوقات الصلوات إذا حلت وهم في الأجواء، وكذلك أوقات الإحرام بالحجّ أو بالعمرة، بحيث ينبّهون الرّكاب قبل محاذاة الميقات بمدةٍ يتمكنون بها من خلع الثّياب العادية، ولبس الثّياب التي تلبس في الإحرام، وليتوسعوا في ذلك، بمعنى: إذا قدّر أن الوقت الّذي يكفي لهذا العمل عشر دقائق فلينبّهوا على ذلك قبل هذا الوقت بخمس دقائق أو أكثر؛ لأن من الناس من لا يستطيع أن يخلع ملابسه ويلبس ثياب الإحرام بسهولةٍ، ويحتاج إلى مدةٍ أطول.ثم إنّي أقول: الاحتياط في الإحرام قبل الميقات أهون من أن يتجاوز الميقات بدقيقةٍ واحدةٍ؛ لأن الدقيقة الواحدة بالنّسبة للطائرة تبلغ فيها مسافةً كبيرةً يمكن أن يحكم بأن الميقات قد فات الإنسان.كذلك أيضًا لـو قدموا التنبيه على الدّخول في النّسك على الميقات؛ لأنهم إذا لم ينبّهوا الناس إلا والطائرة في حذاء الميقات لم يتمكن من عقد النّية إلا بعد مجاوزة الميقات؛ بحكم سرعة الطائرة.ومن المعلوم أنه لا يضرّ تقدّم الإحرام على الميقات، ولكن الذي يضرّ التأخّر ولو كان يسيرًا.وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم من قادة الخير والإصلاح؛ إنه على كلّ شيءٍ قديرٌ. أحكامٌ في السفرالسّؤال (1): متى يكون السفر سفرًا؟الجواب: يرى بعض العلماء رحمهم الله أن السفر مقيدٌ بالمسافة، وهي بين (81) إلى (83) كيلو متر، ويرى بعضهم أن السفر معتبرٌ بالعرف، فما جرت العادة بأنه سفرٌ فهو سفرٌ وإن قرب، وما لم تجر العادة بأنّه سفرٌ -أي: لا يسمّيه الناس سفرًا- فليس بسفرٍ، وهذا الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو أصح من حيث الدليل، لكنه صعبٌ من حيث التطبيق؛ إذ إن بعض الناس قد يرى هذا سفرًا، والآخر لا يراه سفرًا، لكن تحديد المسافة أضبط وأبين للناس، ومتى ما اجتمع أن يكون هذا السفر سفرًا بالمسافة وبالعرف فلا إشكال، وإذا اختلفت المسافة والعرف فيعمل الإنسان بالأحوط.السّؤال (2): هل السفر يعدّ سفرًا إذا أعددتّ له ما يعدّ له المسافر من المتاع وغيره، أو السفر يعتبر سفرًا بحسب المسافة، أو بحسب مدة البقاء في البلد والمبيت فيه؟ وماذا لو ذهبت من جدة إلى المدينة، ورجعت في نفس اليوم؟الجواب: السفر يعتبر سفرًا؛ إما لطول المسافة، وإما لطول الإقامة، ولا شك أن السفر من جدة إلى المدينة سفرٌ، وعلى كلّ الأحوال فحتى عند القائلين بأنه لا يعدّ سفرًا فليس شرطًا أن يحمل الإنسان المتاع بالفعل، فهذا ليس بضابطٍ؛ فإن الإنسان لو خرج في نزهةٍ إلى أطراف البلد حمل معه المتاع من طعامٍ وشرابٍ وفرشٍ وغيرها، وإن كان الإنسان في وقتنا الحاضر -بحمد الله- يجد كل ما يريد في البلد التي يسافر إليها، ولا يحمل معه متاعًا حتّى ولو سافر إلى بلادٍ بعيدةٍ.المهمّ: متى طالت المسافة فهو سفرٌ وإن قل الزمن، ومتى طال الزمن فهو سفرٌ وإن قربت المسافة، ولا شك أن الذي يسافر من جدة إلى المدينة فهو مسافرٌ.السّؤال (3): ذكرتم أن السفر يعتبر سفرًا إذا طالت المسافة وإن قل الزمن، ومتى طال الزمن فهو سفرٌ وإن قربت المسافة. فحبذا لو تشرحون لنا قولكم: متى طال الزمن فهو سفرٌ وإن قربت المسافة؟الجواب: الظاهر أن طول الزمن يعتبر بيومين؛ بناءً على أن بعض أهل العلم الّذين قيدوه اعتبروا اليومين، فإذا طال مكث الإنسان في قريةٍ غير قريته لمدة يومين فأكثر -ولو قربت من قريته- فهو مسافرٌ.السّؤال (4): نسافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية؛ من أجل القيام بدوراتٍ تدريبيةٍ على الطيران هناك، وقد تستمرّ إقامتنا ثلاثة أشهرٍ أو أكثر، فهل نقصر الصلاة طوال تلك الفترة؟ ومتى يجب علينا إتمام الصلاة؟الجواب: نعم، ما دمتم هناك في الولايات المتحدة أو غيرها من البلاد فأنتم مسافرون حتى ترجعوا إلى وطنكم، أي: إلى بلدكم الّتي تعيشون فيها، طالت المدة أو قصرت؛ لأنه ليس في الكتاب ولا في السّنة ما يدلّ على تحديد المدة التي ينقطع بها حكم المسافر؛ فإن النبي -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم- سافر عدة سفراتٍ، وكان يقصر حتى يرجع إلى المدينة، ولم يتقيد بمدةٍ، فقد أقام في تبوك عشرين يومًا يقصر الصلاة، وأقام في مكة عام الفتح تسعة عشر يومًا يقصر الصلاة، وأقام في مكة عام حجة الوداع عشرة أيامٍ يقصر الصلاة، ولم يأت عنه حرفٌ واحدٌ يقول فيه: من نوى إقامة كذا فليتم. ولو كان الإتمام واجبًا في مثل هذه السفرات لبينه النبيّ -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم-؛ لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة:67].والّذين استدلّوا بأربعة أيام أو خمسة أيّامٍ أو تسعة عشر يومًا أو ما أشبه ذلك لم يستدلّوا بما يشفي ويكفي، فمثلًا: الّذين قالوا: إن المدة التي ينقطع بها حكم السفر هي أربعة أيامٍ. استدلّوا بأن النبي -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم- أقام في مكة عام حجة الوداع قبل أن يخرج إلى منًى، فقد قدم في اليوم الرابع من ذي الحجة، وخرج في اليوم الثامن إلى منًى، ولكن هذا لا دليل فيه؛ لأن أنسًا رضي الله عنه سئل: كم أقام النبيّ -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم- في مكة عام حجة الوداع؟ فقال: أقمنا بها عشرًا. وصدق رضي الله عنه؛ لأن خروج النبيّ -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم- إلى منًى في اليوم الثامن لا يعني أنه انتهى من مكة، بل هو باقٍ فيها.وقول بعضهم: إنه حين خرج إلى منًى ابتدأ السفر إلى المدينة. قولٌ عجيبٌ لا يقوله أحدٌ إلا عند المضايقات والمناظرات؛ ليتخلص، وإلا فمن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما جاء ليحج، فالحجّ هو المقصود، فكيف يقال: إنه شرع في المغادرة حين خرج إلى الحجّ؟!وقد اختلف العلماء في هذه المسألة على أكثر من عشرين قولًا، والمرجع عند النّزاع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وليس فيهما ما يدلّ على تحديد المدة بشيءٍ ينقطع به حكم السفر، على أن هؤلاء الذين قالوا: إنه ينقطع حكم السفر إذا نوى إقامةً أكثر من أربعة أيامٍ يجعلون هذا مسافرًا من وجهٍ، غير مسافرٍ من وجهٍ، ففي الجمعة -مثلًا- يقولون: إنه لا يصحّ أن يكون إمامًا في الجمعة؛ لأنه مسافرٌ، ولا يعتبر من العدد المشترط إذا قلنا باشتراط العدد في الجمعة؛ لأنه مسافرٌ. وأحكام الله تبارك وتعالى مطردةٌ لا تتناقض، وإنّما أطلنا في إجابة هذا السّؤال؛ إزالةً للشّبهة حتى يتبين الأمر.السّؤال (5): طيارٌ عمله في المملكة، وإقامته بها، وعنده منزلٌ في بلدٍ آخر، حيث تعيش زوجته وأولاده، ويسافر إليهم من وقتٍ لآخر، فكيف تكون صلاته هناك؟الجواب: الاحتياط ألّا يترخص برخص السفر لا في المملكة ولا في بلده، وكأن له وطنين، وحينئذٍ نقول له: لا تترخص لا في مقرّ عملك ولا في مقرّ سكن أهلك.السّؤال (6): وهل يقصر الصلاة حين انتقاله بينهما؟ وماذا لو أراد الإحرام للعمرة أو الحج، فمن أين ينشئ؟الجواب: أما التنقّل بين الوطنين فلا شك أنه سفرٌ، فيترخص برخص السفر، وفي الصّيام إذا قدم إلى بلده أو البلد الآخر الّذي له حكم الوطن، وهو مفطرٌ، فإنه يستمرّ على فطره؛ لأن القول الراجح أن الإنسان إذا كان مسافرًا ومفطرًا، وقدم إلى بلده، فإنه لا يلزمه الإمساك، وله أن يأكل ويشرب بقية يومه، وأما بالنّسبة لإحرامه للحجّ أو العمرة فمتى ما مرّ بالميقات فلا بد أن يحرم.السّؤال (7): هل الطيران حول جدة للتدريب يعدّ سفرًا تقصر فيه الصلاة، وتترك من أجله الجمعة، علمًا بأننا نطير حوالي ستّ ساعاتٍ إلى ثماني ساعاتٍ متواصلةٍ، وبحركةٍ دائريةٍ حول مدينة جدة؟الجواب: هؤلاء المتدرّبون -وإن بقوا ست ساعاتٍ أو أكثر- ما داموا على أجواء جدة فإنهم لا يعتبرون مسافرين، وذلك أن العلماء يقولون: إن الهواء تابعٌ للقرار. فإذا كان الهواء تابعًا للقرار فمعناه: أن الّذي فوق المدينة يعتبر كأنه على الأرض وإن كان في الجوّ، أما إذا كانوا يبعدون عنها فإنهم مسافرون.وأما بالنّسبة لبقائهم إلى مدة ستّ ساعاتٍ فلا إشكال إذا كان ذلك من أول الصباح؛ لأنه سوف يأتيهم الظّهر وهم في الجوّ، لكن يمكنهم أن يجمعوا الظّهر إلى العصر جمع تأخيرٍ؛ لأن الجمع بابه واسعٌ؛ فإن النبي -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم- جمع بين الظّهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوفٍ ولا مطرٍ، هكذا رواه ابن عباسٍ رضي الله عنهما، فقيل له: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد ألا يحرج أمته. فمتى كان في الصلاة في وقتها حرجٌ فإنه يجوز للإنسان أن يجمع، إمّا جمع تقديم، وإما جمع تأخيرٍ حسب ما يتيسر له.وأما بالنّسبة ليوم الجمعة فإن كان على أجواء المدينة فإنه ينزل لصلاة الجمعة.السّؤال (8): ما حكم سفر المرأة بدون محرمٍ؛ لأن عملها يتطلب ذلك؟الجواب: حرامٌ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قـال: «لا تسافـر المرأة إلا مع ذي محرمٍ» حتى لو كان عملها يتطلب ذلك، وعليه نقول: إذا كانت لا تجد محرمًا فلا تسافر. أحكامٌ في الطهارةالسّؤال (9): حمامات الطائـرة ضيّقـةٌ، وتكـون في بعض الأحيان أرضيتها وجدرانها نجسةً نجاسةً ظاهرةً، وفي حالة الدّخول للوضوء أشكّ في أن ملابسي تنجست بالملامسة، ولكنّي أصلّي، وعند وصولي إلى البلد المسافر إليه أغيّر ملابسي، وأعيد الصلاة بعد خروج وقتها، فما الحكم؟الجواب: أولًا: لا بد أن نتيقن أن جدران الحمام نجسةٌ.ثانيًا: إذا تيقنا ذلك فإنها لا تنجّس الثوب بمجرد الملامسة، إلا إذا كان الثوب رطبًا أو كانت الجدران رطبةً، بحيث تعلق النجاسة بالثوب.ثالثًا: وإذا تيقنا ذلك فإنه يجب عليه في هذه الحال إزالة عين النجاسة عن الثوب بغسل البقعة المراد تطهيرها، وإذا لم يتمكن من إزالتها ولم يجد ثوبًا طاهرًا فإنه يصلّي في الثوب النجس، ولا إعادة عليه؛ لقول الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16].السّؤال (10): دخلت إلى حمّام الطائرة لقضاء الحاجة، فتساقط شيءٌ من البول على ملابسي، فرششت شيئًا من الماء على موضع النجاسة، ودلكته، هل هذا يكفي للتطهير، مع العلم أنّي توضأت وصليت؟ وما حكم صلاتي؟الجواب: هذا لا يكفـي في التطهير؛ لأن التطهير من نجاسة البول لا بد فيه من غسلٍ وعصرٍ، وبعض العلماء يقول: إنه لابد من غسله سبع مرات. والظاهر أن الثلاث تكفي إن شاء الله، أما مجرد الرشّ فلا ينفع.وأما ما مضى وصلى فيه فإنه معفوٌّ عنه؛ لأنه جاهلٌ بالحكم، وقد قال الله تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286]، فقال الله: «قد فعلت».السّؤال (11): ما الاستجمار؟ وهل يصحّ الاستجمار بالمناديل في الطائرة مع وجود الماء؟ وما الأكمل في الطهارة؟الجواب: الاستجمار: هو تطهير القبل أو الدّبر من البول أو الغائط بأحجارٍ أو ما يقوم مقامها، ومما يقوم مقامها: المناديل، ولكن يشترط: ألّا يقـل عن ثلاث مسحاتٍ، وألا يكـون مما نهي عن الاستجمار به، كالروث والعظام، وما له حرمةٌ كالطعام ونحوه.ويجوز الاستجمار مع وجود الماء وعدمه، قال أهل العلم: والأفضل أن يجمع بينهما؛ لأنه أكمل في الإنقاء.السّؤال (12): يحدث أثناء الرّحلات الطويلة أن ينام بعض المسافرين على مقاعدهم، فيحتلم أحدهم، أو يصعد الراكب إلى الطائرة وهو ناسٍ جنابته، أو أن تطهر المرأة من حيضها أو نفاسها مع دخول وقت صلاة الفجر، علمًا أن وصول الطائرة إلى البلد الآخر لا يكون إلا بعد خروج الوقت، وأنظمة السلامة في الطائرة تمنع الاغتسال في حمام الطائرة منعًا باتًّا؛ لعدم أهليتها لذلك، فما العمل؟الجواب: إذا كان يمكن أن يتيمم على فراش الطائرة تيمم، وإذا لم يمكن -بأن كان خاليًا من الغبار- فإنه يصلّي ولو على غير طهرٍ، فإذا قدر بعد هذا على الطّهر تطهر.السّؤال (13): ما صفة الغسل للجنابة؟الجواب: غسل الجنابة له صفتان: صفةٌ مجزئةٌ، وصفةٌ كاملةٌ.أما الصّفة المجزئة فأن يتمضمض، ويستنشق، ويعمّ بدنه بالماء ولو دفعةً واحدةً، ولو بأن ينغمس في ماءٍ عميقٍ.وأما الكاملة فهي أن يغسل فرجه وما تلوث من آثار الجنابة، ثم يتوضأ وضوءًا كاملًا، ثم يحثو الماء على رأسه ثلاثًا حتى يروّيه إلى أصول شعره، ثم يغسل شقه الأيمن، ثم شقه الأيسر.السّؤال (14): إذا عدم الماء، أو تجمد في الطائـرة، أو حيل دون استعماله؛ خشية تسرّبه ووقوع أضرارٍ منه في الطائرة، أو لم يكـن كافيًا، فكيف يكون وضوء الراكب مع عدم وجود التّراب؟الجواب: الوضوء -حسب ما ذكر- متعذّرٌ أو متعسّرٌ، والله تعالى يقول: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78]، فيتيمم الراكب على فراش الطائرة إن كان فيه غبارٌ.وإن لم يكن فيه غبارٌ فإنه يصلّي ولو بغير طهارةٍ؛ لعجزه عنها، وقد قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16].لكن إذا كان يمكن أن يهبط في المطار في آخر وقت الثانية، وهي مما يجمع إليها ما قبلها، فليؤخّر، أي: فلينو جمع التأخير، ويصلّ الصلاتين إذا هبط في المطار، أما إذا كان لا يمكن -كما لو كان هذا هو وقت الثانية في المجموعتين، أو كانت الصلاة لا تجمع إلى ما بعدها، كصلاة العصر مع المغرب، وصلاة العشاء مع الفجر، وصلاة الفجر مع صلاة الظّهر- فهذا يصلّي على حسب حاله.السّؤال (15): ما صفة التيمّم؟الجواب: صفته: أن يضرب الأرض بيديه، ثم يمسح وجهه كاملًا، ثم يمسح اليدين بعضهما ببعضٍ.السّؤال (16): صليت بغير وضوءٍ نسيانًا، وبعد أن فرغت من صلاتي تذكرت ذلك، فهل علي إعادة الصلاة؟الجواب: نعم، من صلى ناسيًا بغير وضوءٍ وجب عليه إعادة الصلاة؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ»، بخلاف من صلى في ثوبٍ نجسٍ ناسيًا، فإنه لا إعادة عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل عليه السلام أثناء الصلاة، وأخبره أن في نعليه قذرًا، فخلعهما، وبنى على صلاتـه مما يدلّ على أن الجاهل بالنجاسة لا يؤمر بالإعادة، وكذلك الناسي.السّؤال (17): في بعض الأحيان يحدث أن أنسى: هل مسحت على رأسي، أو لا؟ ولم يترجح لي شيءٌ، فهل أتوضأ من جديدٍ؟الجواب: إذا كان هذا الشكّ بعد الفراغ من الوضوء فإنه لا عبرة به، ولا يلتفت إليه، وإذا كان قبل الفراغ، مثل: أن يشك: هل مسح رأسه؟ وهو يغسل رجليه، فإنه يمسح رأسه، ويغسل رجليه، وليس في هذا كلفةٌ، هذا إذا لم يكن مبتلًى بكثرة الشّكوك، فإن كان كثير الشّكوك فإنه لا يلتفت إلى ذلك، ويبني على ما هو عليه الآن، فإن كان في غسل الرّجلين فإنه يبني على أنه مسح رأسه، وكذلك بقية الأعضاء.السّؤال (18): ما كيفية الوضوء؟فأجاب: كيفية الوضوء:1- أن ينوي الوضوء بقلبه بدون نطقٍ بالنّية في وضوئه، ولا صلاته، ولا شيءٍ من عباداته؛ لأن الله يعلم ما في القلب، فلا حاجة أن يخبر عما فيه.2- ثم يسمّي، فيقول: «باسم الله».3- ثم يغسل كفيه ثلاث مراتٍ.4- ثم يتمضمض، ويستنشق، ويستنثر ثلاث مراتٍ.5- ثم يغسل وجهه ثلاث مراتٍ من الأذن إلى الأذن عرضًا، ومن منابت شعر الرأس إلى أسفل اللّحية طولًا.6- ثم يغسل يديه ثلاث مراتٍ من رؤوس الأصابع إلى المرفقين، يبدأ باليمنى، ثمّ اليسرى.7- ثم يمسح رأسه مرةً واحدةً، يبلّ يديه، ثم يمرّرهما من مقدم رأسه إلى مؤخّره، ثم يعود إلى مقدمه، ويمسح أذنيه مرةً واحدةً، يدخل سبابتيه في صماخهما، ويمسح بإبهاميه ظاهرهما.8- ثم يغسل رجليه ثلاث مراتٍ من رؤوس الأصابع إلى الكعبين، يبدأ باليمنى، ثم اليسرى.السّؤال (19): الوضوء في حمامات الطائرة من قبل الرّكاب يجعل الماء يتساقط على أرضية الحمّام؛ مما قد يسبّب أضرارًا فنّيةً للطائرة، فهل يصحّ نصح الرّكاب بأن يتوضؤوا مرةً مرةً، وألا يسرفوا في الماء؟الجواب: هذا في ظنّي أنه غير مسلمٍ؛ لأن الإنسان العارف إذا توضأ فإن المتساقط من وضوئه يكون في نفس الحوض الّذي يصبّ فيه الماء، نعم، بعض الناس قد لا يعرف، فربما يخرج الماء إلى خارج الحوض، وأما الإسراف في الماء فينبغي للإنسان ألا يسرف فيه.السّؤال (20): ما حكـم المسـح على الخفّ والجورب؟ وما دليل مشروعية ذلك من الكتاب والسّنة؟الجواب: المسح عليهما هو السّنة التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن كان لابسًا لهما فالمسح عليهما أفضل من خلعهما لغسل الرّجل، ودليل ذلك: حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، أن النبي -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم- تـوضأ، قـال المغيرة: فـأهويت؛ لأنـزع خفيه، فقـال: «دعهـما؛ فإنّـي أدخلتهما طاهرتين»، فمسح عليهما.ومشروعية المسح على الخفين ثابتةٌ في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما كتاب الله ففي قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ} [المائدة:6]؛ فإن قوله تعالى: {وَأَرْجُلَكُمْ } فيه قراءتان سبعيتان صحيحتان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:إحداهما: {وَأَرْجُلَكُمْ } [سورة المائدة:6] بالنّصب عطفًا على قوله: {وُجُوِهَكُمْ} [سورة البقرة:144] ، فتكون الرّجلان مغسولتين.والثانية: (وأرجلكم) بالجرّ عطفًا على {رُؤُوسَكُمْ } [سورة البقرة:196] ، فتكون الرّجلان ممسوحتين.والّذي بين أن الرجل تكون ممسوحةً أو مغسولةً هي السّنة، فكان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا كانت رجلاه مكشوفتين يغسلهما، وإذا كانتا مستورتين بالخفاف يمسح عليهما.وأما دلالة السّنة على ذلك فالسّنة متواترةٌ في هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الإمام أحمد رحمه الله: «ليس في قلبي من المسح شيءٌ، فيه أربعون حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه».السّؤال (21): ما شروط المسح على الخفين، مع الأدلة على ذلك؟الجواب: يشترط للمسح على الخفين أربعة شروطٍ:الشرط الأول: أن يكون لابسًا لهما على طهارةٍ، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم للمغيرة بن شعبة: «دعهما؛ فإنّي أدخلتهما طاهرتين».الشرط الثاني: أن يكون الخفان أو الجوارب طاهرةً، فإن كانت نجسةً فإنه لا يجوز المسح عليها، ودليل ذلك: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ذات يومٍ بأصحابه وعليه نعلان، فخلعهما في أثناء صلاته، وأخبر أن جبريل أخبره بأن فيهما أذًى أو قذرًا. وهذا يدلّ على أنه لا تجوز الصلاة فيما فيه نجاسةٌ، ولأن النجس إذا مسح عليه تلوث الماسح بالنجاسة، فلا يصحّ أن يكون مطهّرًا.الشرط الثالث: أن يكون مسحهما في الحدث الأصغر، لا في الجنابة أو ما يوجب الغسل، ودليل ذلك: حديث صفوان بن عسالٍ رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا سفرًا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيامٍ ولياليهن إلا من جنابةٍ، ولكن من غائطٍ وبولٍ ونومٍ. فيشترط أن يكون المسح في الحدث الأصغر، ولا يجوز في الحدث الأكبر؛ لهذا الحديث الذي ذكرناه.الشرط الرابع: أن يكون المسح في الوقت المحدد شرعًا، وهو يومٌ وليلةٌ للمقيم، وثلاثة أيامٍ بلياليها للمسافر؛ لحديث عليّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه، قال: جعل النبيّ صلى الله عليه وسلم للمقيم يومًا وليلةً، وللمسافر ثلاثة أيامٍ بلياليهن. يعني: في المسح على الخفين، رواه مسلمٌ.وهذه المدة تبتدئ من أول مرة مسحٍ بعد الحدث، وتنتهي بأربعٍ وعشرين ساعةً بالنّسبة للمقيم، واثنتين وسبعين ساعةً بالنّسبة للمسافر، فإذا قدرنا أن شخصًا تطهر لصلاة الفجر يوم الثّلاثاء، وبقي على طهارته حتى صلى العشاء من ليلة الأربعاء، ونام، ثم قام لصلاة الفجر يوم الأربعاء، ومسح في الساعة الخامسة بالتوقيت الزوالي، فإن ابتداء المدة يكون في الساعة الخامسة من صباح يوم الأربعاء، إلى الساعة الخامسة من صباح يوم الخميس، فلو قدّر أنه مسح يوم الخميس قبل تمام الساعة الخامسة فإن له أن يصلّي الفجر -أي: فجر يوم الخميس- بهذا المسح، ويصلّي ما شاء أيضًا ما دام على طهارته؛ لأن الوضوء لا ينتقض إذا تمت المدة على القول الراجح من أقوال أهل العلم، وذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يوقّت الطهارة، وإنما وقت المسح، فإذا تمت المدة فلا مسح، ولكنه إذا كان على طهارةٍ فطهارته باقيةٌ؛ لأن هذه الطهارة ثبتت بمقتضى دليلٍ شرعيٍّ، وما ثبت بدليلٍ شرعيٍّ فإنه لا يرتفع إلا بدليلٍ شرعيٍّ، ولا دليل على انتقاض الوضوء بتمام مدة المسح، ولأن الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يتبين زواله.فهذه الشّروط التي تشترط للمسح على الخفين، وهناك شروطٌ أخرى ذكرها بعض أهل العلم، وفي بعضها نظرٌ.السّؤال (22): ما حكم المسح على الجزمة أو الشرّاب؟ وما الفرق بين الخفّ والجزمة؟الجواب: ما يسمى بـ: (الجزمة) هي الخفّ، ولكن الجزمة لها ساقٌ قصيرٌ والخفّ ساقه أطول، وأمّا الجوارب فهي الشّرّاب، فإذا مسح الإنسان على الجزمة تعلق الحكم بها، بحيث لو خلعها بعد ذلك فإنه لا بد أن يتوضأ وضوءًا كاملًا عند إرادة الصلاة، وبعد انتقاض وضوئه، بمعنى: أن الإنسان لو مسح على الجزمة، ثم صلى، ثم خلعها بعد ذلك، فله أن يصلّي ما دام على طهارته، لكن إذا انتقض وضوؤه فلا بد أن يخلع الجزمة، ويغسل قدميه؛ لأن القاعدة التي ينبغي أن تفهم أن كل ممسوحٍ إذا نزع بعد مسحه فإنه لا يمكن إعادة المسح عليه إلا بعد الطهارة الكاملة.السّؤال (23): هـل يشترط في المسح على الشرّاب أن يكـون ثخينًا لا يصف البشرة، وأن يكون مغطّيًا للكعبين؟الجواب: لا يشترط أن يكون ثخينًا، بل يجوز المسح على الجوارب الخفيفة الّتي يرى من ورائها الجلد.وأما ما تحت الكعبين فالاحتياط ألا يمسح عليه إلا إذا كان تحته جوارب، فيمسح على الجميع.السّؤال (24): هل يصحّ المسح على الجزمة إذا لم تكن تغطّي محل الفرض من الكعبين؟الجواب: نعم، يصحّ المسح عليها إذا كان تحتها جوارب، ويتعلق الحكم بها، بمعنى: أنه لو خلعها بعد مسحها لم يكن له أن يمسح على الجوارب الّتي تحتها. وأما إذا لم يكن تحتها جوارب فقد اختلف فيها أهل العلم رحمهم الله، فمنهم من يرى الجواز، ومنهم من يرى عدم الجواز، والأقرب: الجواز ما دامت يمكن المشي بها، وقد غطت الرّجل، ولم يبق إلا الكعب وما حوله، فالراجح: جواز المسح عليها.السّؤال (25): ما كيفية المسح على الخفين؟الجواب: كيفية المسح: أن يمر يده من أطراف أصابع الرّجل إلى ساقه فقط، يعني: أن الذي يمسح هو أعلى الخفّ، ويكون المسح باليدين جميعًا على الرّجلين جميعًا، يعني: اليد اليمنى تمسح الرّجل اليمنى، واليد اليسرى تمسح الرّجل اليسرى في نفس اللحظة، كما تمسح الأذنان؛ لأن هذا هو ظاهر السّنة؛ لقول المغيرة بن شعبة: «فمسح عليهما»، ولم يقل: بدأ باليمنى. بل قال: «مسح عليهما»، فظاهر السّنة هو هذا، نعم، لو فرض أن إحدى يديه لا يعمل بها فيبدأ باليمنى قبل اليسرى، وكثيرٌ من الناس يمسح بكلتا يديه على اليمنى، وكلتا يديه على اليسرى، وهذا لا أصل له فيما أعلم، إنما قال العلماء: يمسح باليد اليمنى على اليمنى، واليد اليسرى على اليسرى.السّؤال (26): بعض النّاس يمسح على الجزمة، ويخلعها، ويصلّي بالجورب، فهل فعله صحيحٌ، أو يجب المسح على الجوارب؟ وهل هناك فرقٌ بين الخفّ والحذاء؟الجواب: إذا كان من عادة الإنسان أن يخلع الخف فإننا ننصحه أن يمسح على الجوارب من الأصل؛ حتّى لا يؤثّر عليه خلع الخفّ بعد ذلك، أما إذا مسح على الخفّ، ثم نزعه، فإنه يبقى على طهارته، كما قلنا في جوابٍ سابقٍ، فإذا انتقضت طهارته فلا بد من أن يخلع الخف والجورب الّتي تحتها، ويتوضأ وضوءًا كاملًا.والفرق بين الخفّ والحذاء: أن الخف ساترٌ للقدم بخلاف الحذاء.السّؤال (27): سافـرت من جدة إلى الرّياض، ثم عدت في نفـس اليوم، وكان وصولي إلى جدة عند صلاة العصر، فهل يجوز لي المسح رغم أن النّية كانت من أجل السفر؟الجواب: إذا كانت المدة لم تتم فلا إشكال أن المسح يجوز سواءٌ كان في سفرٍ أو حضرٍ، وأما إذا تمت المدة فإنه يخلع خفيه، ويتوضأ، ويغسل رجليه.السّؤال (28): هل مصافحة المرأة الأجنبية أو الزوجة تنقض الوضوء؟ وما نواقض الوضوء؟الجواب: مصافحة المرأة الأجنبية حرامٌ ولا تجوز، لكنها لا تنقض الوضوء، ومصافحة الزوجة لا تنقض الوضوء، وهي حلالٌ، حتى ولو صافحها أو قبلها بشهوةٍ، فإن وضوءه لا ينتقض إلا إذا خرج منه شيءٌ، على حسب ما يوجبه هذا الخارج.أما نواقض الوضوء فهي: الخارج من السبيلين القبل، أو الدّبر، سواءٌ كان معتادًا كالبول والغائط، أو غير معتادٍ كالدم ونحوه.والثاني: النوم العميق الّذي لا يحسّ الإنسان بنفسه لو أحدث.والثالث: أكل لحم الإبل، سواءٌ كان نيًّا أو مطبوخًا، وسواءٌ كان من اللحم أو كان من الكبد وما أشبه ذلك. فهذه أمهات نواقض الوضوء، وهناك نواقض مختلفٌ فيها.والأصـل: أن الوضـوء باقٍ حتى يوجد دليلٌ صحيـحٌ صريحٌ في انتقاضه؛ لأن ما ثبت بمقتضى الدليل الشرعي لا يمكـن رفعه إلا بدليل شرعيٍّ، ولهذا كان القول الراجح أن الإنسان إذا خلع جواربه بعد المسح عليها، فإن وضوءه لا ينتقض، ويبقى على طهارته حتى ينتقض بالنواقض المعروفة. أحكامٌ في الصلاةالسّؤال (29): إذا أذن المؤذّن في المسجد للصلاة، ونحن مجموعةٌ على سفرٍ، فهل يجوز لنا أن نصلّي جماعةً قبل أن تقام الصلاة في المسجد، إذا خشينا فوات الرّحلة أو تأخّرها، أو نصلّي فرادى، أو ماذا نفعل؟الجواب: يجوز لكم ذلك، لكن تصلّون في غير مسجد الجماعة؛ لئلا تشوّشوا على الناس.السّؤال (30): ما حكم السفر بعد النّداء الثاني من يوم الجمعة؟الجواب: لا يحلّ السفر بعد النّداء الثاني من يوم الجمعة؛ لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون} [الجمعة:9].السّؤال (31): هل يجب الأذان في الطائرة إذا دخل وقت صلاة الفجر، مع تعذّر استعمال مكبّر الصوت؟ وهل يوقظ النائم؟الجواب: نعم، يجب الأذان، وإذا كانت الأنظمة تمنع استعمال مكبّر الصوت في الطائرة فلا يستعمله، ولكن يستطيع أن يقف أمام الناس، ويؤذّن بدون مكبّر الصوت، وإذا كانت الطائرة لها حجرٌ متعدّدةٌ يؤذّن عند الحجرة المتقدّمة، ثم يقف عند كلّ حجرةٍ، ويقول: أذّن للفجر. منبّهًا لهم.ويجب إعلام النائم بدخول الوقت؛ كما لو رأيت إنسانًا يستعمل ماءً نجسًا، أو رأيت في ثوبه نجاسةً، وجب عليك أن تنبّهه.السّؤال (32): هل يجب الأذان للصلاة المفروضة في السفر؟الجواب: نعم، يجب الأذان في السفر للجماعة اثنين فأكثر؛ لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث رضي الله عنه: «إذا حضرت الصلاة فليؤذّن لكم أحدكم».السّؤال (33): ما الحكم إذا وافق وقت الأذان عرض أفلامٍ سينمائيةٍ على الطائرة؟الجواب: إذا كان بالإمكان إيقاف هذه الأفلام فيجب إيقافها، وإذا كان لا يمكن فإنه يؤذّن، ويكون الإثم على هؤلاء الّذين اتخذوها هزوًا ولعبًا؛ كما قال الله عز وجل: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُون} [المائدة:58].السّؤال (34): نكـون أحيانًا في بلادٍ إسلاميةٍ أو كافرةٍ، ولا نسمع الأذان للصلاة، فما الضابط لحضور الجمعة والجماعات؟الجواب: الضابط: هو أن تسمعوا النّداء، فمتى ما سمعتم النّداء وجب عليكم الحضور ما لم يكن في ذلك تعطيلٌ لعملكم، فإن كان فيه تعطيلٌ لعملكم فأنتم معذورون.السّؤال (35): لا يخفى على سماحتكم أن البنيان والمكيّفات ووضع الفنادق يمنع سماع الأذان في أغلب الأحيان، وقد يكون المسجد في ساحة الفندق، فهل يظل الأذان ضابطًا لحضور الجماعة؟الجواب: العبرة في سماع الأذان: أن يكون الإنسان في مكانٍ يسمع فيه النّداء لولا الموانع، وإلا فبإمكان الإنسان أن يدخل حجرته، ولا يسمع الأذان، كما أنه لا عبرة بمكبّر الصوت، وإنما العبرة بالأذان المسموع بالنّداء العادي؛ لأن مكبّر الصوت يسمع به النّداء من مكانٍ بعيدٍ.السّؤال (36): ما أوقات الصلوات؟ وكيف نعرف دخول وقت الصلاة في الطائرة؟الجواب: أوقات الصلوات:أولًا: الفجر: من طلوع الفجر إلى أن تطلع الشمس بازغةً.وأما الظّهر: فمن زوال الشمس -أي: ميلها إلى الأفق الغربيّ بعد أن تتوسط السماء- إلى أن يصير ظلّ كلّ شيءٍ مثله.وأما العصر فيدخل وقتها من حين خروج وقت الظّهر -أي: من أن يصير ظلّ كلّ شيءٍ مثله- إلى أن تغرب الشمس، ولكن لا يجوز تأخيرها إلى اصفرار الشمس إلا للضرورة.وأما المغرب فوقتها: من غروب الشمس، إلى أن يغيب الشفق الأحمر، ومقداره: نحو ساعةٍ ونصفٍ، يزيد أحيانًا أو ينقص.وأما العشاء فمن حين خروج وقت صلاة المغرب إلى منتصف الليل.وعلى هذا، فنصف الليل الآخر ليس وقتًا للعشاء، ومن طلوع الشمس إلى زوالها ليس وقتًا للصلاة المفروضة أيضًا.فيعرف هذا بالعلامات التي وصفتها، ويعـرف كذلك بالتوقيت المعمول به في الوقت الحاضر في بعض الساعات، كساعة «العصر»، وكذلك بالتقاويم.السّؤال (37): ما حكـم من يصلّي الصلـوات في البلاد الكافـرة على حساب توقيت الصلوات في السّعودية؟ وما حكم الصلاة قبل دخول الوقت؟الجواب: الّذي يصلّي الصلوات في البلاد الكافرة على حسب توقيت السّعودية قد أخطأ خطأً كبيرًا إلا إذا كان قريبًا من المملكة، بحيث لا يخرج وقت الصلاة إن كان شرقًا عن المملكة، أو يكون قد دخل وقت الصلاة إن كان غربًا عن المملكة.وأما إذا كان يخرج وقت الصلاة في المملكة قبل أن يدخل في البلد الآخر فإنه إذا صلى فيها بالحال على حسب توقيت المملكة يكون قد صلى قبل الوقت، وإذا صلى قبل الوقت فإنه لا صلاة له؛ لقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} [النساء:103].وحدد النبيّ -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم- هذا الوقت بقوله: «وقت الظّهر إذا زالت الشمس وكان ظلّ الرجل كطوله، ما لم يحضر وقت العصر، ووقت العصر إلى أن تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب إلى مغيب الشفق، ووقت العشاء إلى نصف الليل الأوسط، ووقت الفجر إلى طلوع الشمس».وكذلك من أخر الصلاة عن وقتها عمدًا حتى يخرج وقتها فإنـه لا صلاة له؛ لقول النبيّ -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم-: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ»، ومن المعلوم لكلّ أحدٍ أن الصائمين في بلادهم لا يصومون على حسب توقيت المملكة العربية السّعودية، وإنما يصومون على حسب طلوع الفجر وغروب الشمس في بلادهم، فكذلك الصلاة.السّؤال (38): أحيانًا يقع وقت الإقلاع أو الهبوط في وقت صلاة الفجر، وفي أحوالٍ طارئةٍ نضطرّ لتأخير الصلاة حتى يخرج وقتها؛ لعدم استطاعة تأديتها في وقتها، فما الحكم؟الجواب: إذا لم يمكن تأديتها بهيئتها فبالقلب؛ لأنه لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها، لكن إذا كانت تجمع إلى ما بعدها فالأمر سهلٌ، يعني: لو صادف الظّهر فأخّرها إلى العصر، والمغرب فأخّرها إلى العشاء، لكن إذا كانت لا تجمع -كما لو كان ذلك في وقت العصر، أو في وقت العشاء، أو في وقت الفجر- فهذه تصلّيها ولو بقلبك، ولا تؤخّرها؛ لقول الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16].السّؤال (39): في الرّحلات الطويلة التي قد تستمرّ قرابة اثنتي عشرة ساعةً يجعل لها طاقمان من الطيّارين، فيقوم الأول بقيادة الطائرة إلى نصف المسافة تقريبًا، ويأخذ الطاقم الثاني قسطًا من الراحة بالنوم أثناء ذلك؛ استعدادًا لتكملة الرّحلة بعد منتصف الطريق، فيصادف في الشّتاء أنه بعد إقلاع الطائرة بساعتين أو ثلاثٍ تقريبًا يحصل طلوع الشمس، فيفوت على الطاقم الثاني وقت صلاة الفجر، فما الحكم، علمًا بأنه إذا استيقظ هؤلاء من النوم فقد لا يستطيعون النوم مرةً أخرى، وبذلك لا يأخذون قسطًا كافيًا من الراحة، فما حلّ هذه المشكلة من وجهة الشرع؟الجواب: إذا كانوا ينامون قبل دخول الوقت، ويمكن إيقاظهم عند دخول الوقت، فلا أرى إشكالًا، وأرى لو أنه يحصل تنسيقٌ إذا أمكن، بحيث يكون استيقاظ هؤلاء عند دخول الوقت، ولكن كما جاء في السّؤال قد لا يكون الفرق إلا ساعتين فقط، فأرى أن قولهم: إنه لا يمكن أن نستريح. لا يبرّر لهم أن يؤخّروا الصلاة عن وقتها، فلا بد أن يصلّوا في الوقت، وهم إذا فعلوا ذلك ابتغاء وجه الله أعانهم الله؛ لأن الله قال في كتابه: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق:4].السّؤال (40): لثلاث سنواتٍ مضت كنت لا أصلّي مطلقًا، وعلى درجةٍ كبيرةٍ من التحلّل الخلقيّ، وقريبًا جدًّا منّ الله علي بتوبةٍ أرجو أن تكون نصـوحًا، أخذت أصلّي في المسجد جماعـةً، وتركت كل ما يخدش دينـي أو يمسّ أخلاقي وسلوكي، فما لم أصلّه طيلة السنوات الثلاث الماضية هل أقضيه؟ وكيف؟الجواب: لا قضاء عليك فيما مضى؛ لوجهين:الوجه الأول: أن ترك الصلاة ردةٌ عن الإسلام يكون به الإنسان كافرًا على القول الراجح الذي تدلّ عليه نصوص الكتاب والسّنة، وعلى هذا فإنّ رجوعك إلى الإسلام يمحو ما قبله؛ لقوله تعالى: {قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال:38].الوجه الثاني: أنّ من ترك عبادةً موقّتةً حتى خروج وقتها دون عذرٍ شرعيٍّ كالصلاة والصّيام، ثم تاب، فإنه لا يقضي ما ترك؛ لأن العبادة الموقتة محددةٌ من قبل الشارع بحدٍّ أول وآخر، وقد صح عن النبيّ -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم- أنه قال: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ».ولا يرد على هذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «من نسي الصلاة فليصلّها إذا ذكرها»، وقوله تعالى في الصّيام: {وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:185]؛ لأن التأخير هنا للعذر، وقضاء المعذور بعد الوقت كالأداء في أجره وثوابه، وعلى هذا فلا يلزمك قضاء ما تركته من واجباتٍ مدة السنوات الثلاث التي ذكرتها.السّؤال (41): ما حكم من ترك صلاةً واحدةً عامدًا؟ وماذا عليه؟الجواب: هو كافرٌ مرتدٌّ، وحكمه كاليهود والنصارى والمشركين، وعليه أن يتوب إلى الله.السّؤال (42): ما الأفضل للمسافر: أن يصلي في مكان إقامته، ويجمع الظّهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، أو يصلي كلّ صلاةٍ في وقتها؟الجواب: الأفضل أن يصلّي كل صلاةٍ في وقتها، فإن شقّ عليه فله أن يجمع؛ لأن القول الراجح أنّ الجمع في السفر جائزٌ، وإن لم يكن سائرًا.السّؤال (43): أغادر في بعض الأحيان من مطار جدة إلى الرّياض عصرًا، فأصل الرّياض قبل الغروب، ولا أصلّي العصر في الطائرة، بل أؤخّره حتى أصل الفندق، فهل عملي هذا صحيحٌ؟ وهل لي أن أجمع في بيتي قبل السفر بدون أن أقصر الصلاة إذا خشيت خروج وقت العصر؟الجواب: عملك صحيحٌ ما دمت تقوم من مطار جدة قبل دخول الوقت، وتصل إلى مطار الرّياض في أثناء الوقت، بل حتى في آخر الوقت، فلا حرج أن تؤخّر الصلاة حتى تهبط الطائرة في المطار، فإذا قدّر أنك لن تصل إلى المطار الثاني إلا بعد خروج الوقت فإنه لا بأس أن تجمع بين الظّهر والعصر، فتقدّم صلاة العصر، وإن كنت لم تبدإ الرّحلة؛ لأن تأخير صلاة العصر في هذه الحال فيه نوعٌ من المشقة والخوف من خروج الوقت، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: جمع النبيّ -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم- في المدينة بين الظّهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، من غير خوفٍ أو مطرٍ. فقالوا: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد ألّا يحرج أمته.السّؤال (44): يتغير اتّجاه الطائرة حسب خطوط الملاحة الجوية، وهذا التغيّر يغيّر اتّجاه القبلة، فما حكم الصلاة في الطائرة؟الجواب: الحكم فيما إذا تغيّر اتّجاه الطّائرة في الصّلاة: أن يستدير المصلّي في أثناء صلاته إلى الاتّجاه الصحيح، كما قال ذلك أهل العلم في السفينة في البحر، أنه إذا تغير اتّجاهها فإنه يتجه إلى القبلة، ولو أدى ذلك إلى الاستدارة عدة مراتٍ.والواجب على قائد الطائرة إذا تغير اتّجاه الطائرة أن يقول للناس: قد تغير الاتّجاه، فانحرفوا إلى الاتّجاه الصحيح. هذا في صلاة الفريضة، أما النافلة فلا يشترط ذلك؛ لثبوت ذلك عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.السّؤال (45): هل يبطل الصلاة عدم تحرّي القبلة خلال السفر بالطائرة؟ وما المقصود بقوله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة:144]؟الجواب: يجب على الإنسان أن يتحرى القبلة ما أمكن، ولا يكلّف الله نفسًا إلا وسعها، ولا يجوز أن يصلّي حيثما بدا له بدون اجتهادٍ.وقوله تعالى: {وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ} [سورة البقرة:144] يعني: في أيّ مكانٍ كنتم ولّوا وجوهكم شطر المسجد الحرام، سواءٌ كنتم في البرّ أو في البحر أو في الجوّ أو في أيّ مكانٍ.لكن القاعدة الشرعية: أن جميع الواجبات إنما تجب مع القدرة عليها، ثم إن كثيرًا من العبادات يكتفى فيها بغلبة الظّنّ، ولا يجب فيها اليقين؛ إما لتعذّره، أو لتعسّره، وهذا مثل الاتّجاه إلى القبلة في الطائرة، فيتحرى القبلة، ويستقبلها قدر الإمكان.السّؤال (46): اجتهدتّ في معرفة القبلة وأنا على سفرٍ، وصليت، وعند الانتهاء أخبرت بأنّي صليت إلى غير القبلة، فما الحكم؟الجواب: إن كنت في البلد فالبلد ليس محل اجتهادٍ؛ لأنه بالإمكان أن تسأل من حولك، وأما في البرّ فإذا اجتهدت، فأخطأت، فصلاتك صحيحةٌ، ولا إعادة عليك.السّؤال (47): هل يلزم في صلاة النافلة استقبال القبلة ابتداءً؟ وإذا حصل أن صليت إلى غير القبلة فما الحكم؟الجواب: الصحيح: أن افتتاح النافلة في السفر إلى القبلة ليس بواجبٍ، ولكنه أفضل، وإذا افتتحها إلى غير القبلة فلا حرج.السّؤال (48): صليت على مقعد الطائرة غير مستقبلٍ القبلة في صلاتي كلّها ما عدا تكبيرة الإحرام، فقد وجهت وجهي تجاه القبلة، وكبرت، فما الحكم؟الجواب: إن كانت صلاتك نافلةً فإن المسافر يتنفل حيث كان وجهه، وإن كانت فريضةً فلا بد أن تستقبل القبلة حتى ولو كنت على كرسيّ القيادة، فاجعل زميلك يصلّي أولًا متجهًا إلى القبلة، ويركع ويسجد إن أمكن وإلا فبالإيماء، ثم إذا انتهى يتولى القيادة، ثم تصلّي أنت.السّؤال (49): إذا كنت في بلدٍ المسافة بينه وبين مكة من جهة المشرق هي نفس المسافة بينه وبين مكة من جهة المغرب، فعلى أيّ اتّجاهٍ أصلّي وأنا على الأرض؟الجواب: الذي يظهر في هذه الحال أنه يكون مخيرًا بين أن يتجه شرقًا أو غربًا؛ لأن الكل سواءٌ، فإذا كان بالإمكان قياس المسافة بينهما فإلى أيّ الجهتين أقرب يتجه، ولا أظنّ أن أحدًا يحيط بذلك على وجه التحديد، فيخيّر بين هذا وهذا.وفي (صحيح البخاريّ) في قصة الرجل الذي قتل تسعةً وتسعين نفسًا، ثم سأل عابدًا: هل له من توبةٍ؟ فاستعظم العابد هذا الأمر، وقال: ليس لك توبةٌ، تقتل تسعًا وتسعين نفسًا، ثم تقول: لي توبةٌ؟! فقتل العابد، فأكمل به المئة، ثم سأل عالمًا، فقال له: ومن يحول بينك وبين التوبة؟ ولكنك في أرضٍ أهلها ظالمون، اذهب إلى القرية الفلانية؛ فإن أهلها صالحون. فذهب، وفي أثناء الطريق أتاه الموت، فأنزل الله ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فتخاصموا: أيّهم يقبض روحه؟ فبعث الله ملكًا يحكم بينهم، فقال: قيسوا ما بين القريتين، فإلى أيتهما كان أقرب فهو من أهلها. فقاسوا بينهما، فوجدوه أقرب إلى القرية الصالحة بنحو شبرٍ، حتى قيل: إنه نأى بصدره عند الموت. فلم يكن بينهما إلا هذا الفرق اليسير، فقبضته ملائكة الرحمة، فدل ذلك على أن الفرق معتبرٌ فيما بين الشيئين، فإلى أيّهما كان أقرب كان به أولى.السّؤال (50): في إحدى المرات وصلت إلى جـدة، وكان الناس يصلّـون العشاء جماعةً، ولم أصلّ المغرب بعد، والإمام قـد صلى الركعة الأولى، وقام إلى الثانية، ودخلت معه في الصلاة بنية المغرب، لكن الصلاة اختلفت عن صلاة المغرب، فهل عملي صحيحٌ؟الجواب: هذا العمل صحيحٌ، وكونك جلست في أول ركعةٍ متابعًا للإمام -وهي بالنّسبة للإمام الثانية، وبالنّسبة لك الأولى- ولم تجلس في الثانية متابعةً للإمام، كما لو دخلت مع الإمام في الركعة الثانية في صلاة الظّهر، فسوف تجلس في أول ركعةٍ، وتترك الجلوس في الركعة الثانية، ولن تجلس إذا قام هو للرابعة، وهي الثالثة لك، فتركت التشهّد في محلّه، وتشهدت في غير محلّه، ثم التشهّد الأخير أيضًا في غير محلّه بالنّسبة لك، كلّ ذلك من أجل المتابعة، فلا بأس به، فلو دخلت معه في الركعة الأولى، وهو يصلّي العشاء، وأنت تصلّي المغرب، فإذا قام الإمام للرابعة فاجلس للتشهّد، ثم ادخل معه فيما بقي من العشاء.السّؤال (51): إذا فاتتني صلاةٌ في السفر، مثل: الظّهر، والعصر. ووصلت بلدي عند دخول وقت صلاة المغرب، فهل أصلّي المغرب أولًا، ثم أصلّي الظّهر والعصر، أو ماذا أفعل؟الجواب: ادخل معهم بنية الظّهر، ثمّ إذا سلم الإمام فائت بالركعة الرابعة، ثم صلّ العصر، ثم المغرب.السّؤال (52): كنت أصلّي النافلة، فتذكرت أنّي لم أصلّ فريضة الظّهر، فهل يجوز أن أغيّر نيّتي خلال الصلاة؟الجواب: لا يجوز تغيير النّية؛ لأنك لو نويتها ظهرًا فيعني ذلك: أنك بنيت فريضةً على نافلةٍ، لكن هل يجب أن يقطع النافلة، أو لا؟نقول: لا يجب أن يقطع النافلة، بل يستمرّ فيها، ويكملها، ثم يأتي بالفريضة الّتي فاتته، أما إن كان يصلّي فريضةً، وأراد أن يقلبها إلى نافلةٍ معينةٍ، فلا يصحّ، وإن كانت غير معينةٍ -بأن كان يريد أن يحوّلها من فرضٍ إلى نفلٍ مطلقٍ- نظرنا: إن كان الوقت ضيّقًا فلا يجوز أن يتحول إلى نافلةٍ؛ لأنه يستلزم منه أن يؤخّر صلاة الفريضة عن وقتها، وإن كان في الوقت متسعٌ فلا بأس، لكنه يكره إلا لغرضٍ صحيحٍ، مثل: أن تحضر جماعةٌ، فيقلب صلاته إلى نافلةٍ؛ ليصلّي معهم، فلا بأس.السّؤال (53): أذن المؤذّن لصلاة العصر، وأنا على سفر، ولم أصلّ الظّهر، فهل يجوز لي أن أصلّي الظّهر قصرًا، ثم أذهب؛ لأصلّي العصر مع الجماعة؟الجواب: الصواب: أن تصلّي مع الجماعة ظهرًا، ثم إذا سلم الإمام تصلّي العصر قصرًا، أما إذا لم تقم الصلاة فلا بأس أن تصلّي الظهر قبلها، ثمّ العصر.السّؤال (54): كنت أصلّي صلاة العصر، وتذكرت أنني لم أصل الظّهر، فهل يجوز لي تغيير النّية في الصلاة؟الجواب: لا تغير النّية، بل أكمل صلاة العصر، ثم صلّ الظّهر.السّؤال (55): نرجو من سماحتكم توضيح كيفية أداء صلاة الفرض والنافلة في الطائرة، وهل يشترط في ذلك الاتّجاه إلى القبلة؟ وهل للراكب أن يؤخّر الصلاة -ليجمعها مع الأخرى- حتى تهبط الطائرة في المطار؟ وما يفعل إذا خشي فوات الوقت؟ وهل يتمّ الصلاة، أو يقصرها؟ أفتونا، جزاكم الله خيرًا.الجواب:1- يصلّي النافلة في الطائرة وهو جالسٌ على مقعده حيث كان اتّجاه الطائرة، ويومئ بالرّكوع والسّجود، ويجعل السّجود أخفض من الرّكوع.2- لا يصلّي الفريضـة في الطائـرة إلا إذا كان يتمكـن من الاتّجـاه إلى القبلة في جميع الصلاة، ويتمكـن أيضًا من الرّكـوع والقيام والقعود والسّجود.3- إذا كان لا يتمكن من ذلك، فإنه يؤخّر الصلاة حتى يهبط في المطار، فيصلّي على الأرض، فإن خاف خروج الوقت قبل الهبوط أخرها إلى وقت الثانية إن كانت مما يجمع إليها، كالظّهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، فإن خاف خروج وقت الثانية صلاهما قبل أن يخرج الوقت على متن الطائرة، يفعل ما يستطيع من شروط الصلاة وأركانها وواجباتها.مثلًا: لو أقلعت الطائرة قبيل غروب الشّمس، وغابت الشمس وهو في الجوّ، فإنه لا يصلّي المغرب حتى تهبط في المطار وينزل، فيصلّي على الأرض، فإن خاف خروج وقت المغرب أخرها إلى وقت العشاء، فصلاهما جمع تأخيرٍ بعد نزوله، فإن خاف خروج وقت العشاء -وذلك عند منتصف الليل- صلاهما قبل أن يخرج الوقت.4- وكيفية صلاة الفريضة في الطائرة: أن يقف، ويستقبل القبلة، فيكبّر، ويقرأ الفاتحة وما تسن قراءته قبلها من الاستفتاح أو بعدها من القرآن، وإن لم يعلم القبلة ولم يخبره بها أحدٌ يثق به اجتهد، وتحرى، وصلى حيث يكون اجتهاده، ثم يركع، ثم يرفع من الرّكوع، ويطمئنّ قائمًا، ثم يسجد، ثم يرفع من السّجود، ويطمئنّ جالسًا، ثم يسجد الثانية، ثم يفعل كذلك في بقية صلاته، فإن لم يتمكن من السّجود جلس، وأومأ بالسّجود جالسًا.وتكون صلاة المسافر في الطائرة قصرًا، فيصلّي الرّباعية ركعتين؛ كغيره من المسافرين.السّؤال (56): هل هناك فرقٌ بين الصلاة في الطائرة والصلاة على الأرض؟الجواب: إذا كان الإنسان يأتي بجميع واجبات الصلاة ومكمّلاتها في الطائرة، فإنه لا فرق بين الأرض والطائرة، إلا أن صلاته في أول الوقت أفضل، أما مع عدم التمكّن من أداء الواجبات والمكمّلات ففي الأرض أفضل.السّؤال (57): يقـوم بعض الرّكاب بالصـلاة في الممرات التي في الطائرة مما يعيق المضيفين أثناء خدمتهم للرّكاب، فهل يصحّ منعهم من الصلاة في ممرات الطائرة أثناء الخدمة، خاصةً إذا كان هناك متسعٌ من الوقت لأداء الصلاة، علمًا أن بعض الطائرات بها مكانٌ مهيأٌ للصلاة، وبعضها ليس بها مكانٌ مهيأٌ للصلاة؟الجواب: إذا كان هناك مكانٌ مهيأٌ للصلاة في الطائرة فإنهم لا يصلّون في الممرات؛ لأنهم إذا صلوا في الممرات ضيقوا على غيرهم، ثم انشغلوا بالمارة عن صلاتهم، وأما إذا لم يكن هناك مصلًّى فلا بد من الصلاة، والمضيفون لا يتجاوزون ما دام ليس هناك ضرورةٌ.السّؤال (58): إذا حضر وقت تقديم وجبات الطعام للرّكاب في الطائرات التي ليس بها مكانٌ مهيأٌ للصلاة، وأراد أحد الرّكاب الصلاة في ممرّ الطائرة، فهل لنا منعه خاصّةً وأنه يعيق حركة المضيفين في تلك الفترة، واستدللنا بقول النبيّ -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إذا وضع العشاء، وأقيمت الصلاة، فابدؤوا بالعشاء»؟الجواب: ليس في هذا حرجٌ إذا كان الرّكاب متشوّقين للأكل، وقلوبهم مشغولةٌ به، لكن إذا قلنا للمضيفين: لا تقدّموا العشاء أو الغداء إلا بعد الصلاة. فالرّكاب لا تتعلق قلوبهم به، ولا يحصل انشغالٌ.السّؤال (59): ما حكم من يصلّي قاعدًا صلاة الفريضة على مقعد الطائرة؟الجواب: أولًا: يجب أن نعلم أنه إذا دخل وقت الصلاة الأولى من المجموعتين قبل دخول الطائرة فإنه يجمع الصلاة الثانية إلى الأولى في المطار، وأما إذا قامت الطائرة قبل دخول الأولى فإنه يجمع الأولى إلى الثانية حين يهبط في المطار، فإن تعذر ذلك -بحيث يكون إقلاع الطائرة قبل دخول وقت الأولى، ولا تهبط إلا بعد خروج وقت الثانية- فهنا يجب عليه أن يصلّي الصلاة في الطائرة، ويكون قائمًا وراكعًا ومتجهًا إلى القبلة بحسب الإمكان، هذا في الفريضة، أما في النافلة فيصلّي على كرسيّه حيثما توجهت به الطائرة.السّؤال (60): وما حكم من صلى قاعدًا على كرسيّ الطائرة، مع علمه بوجوب الصلاة قائمًا مع الاستطاعة؟الجواب: لا صلاة له، ويجب عليه الإعادة، وأن يستغفر الله تعالى، ويتوب إليه من مخالفة أمر النبيّ صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال لعمران بن حصينٍ رضي الله عنه: «صلّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنبٍ».السّؤال (61): كنت مسافـرًا على متن إحدى الخطـوط الأجنبية، فقمت للصلاة في ممرٍّ خلفيٍّ في الطائرة، فمنعت من قبل أحد المضيفين في الطائرة، فصليت جالسًا في مقعدي، فما الحكم؟الجواب: صلاتك صحيحـةٌ إن شاء الله؛ لعمـوم قـوله تعالـى: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة:286]، وقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16].السّؤال (62): هل لقائد الطائرة ومساعده والمهندس الجوّيّ رخصةٌ في صلاة الفريضة على المقعد، وإلى غير القبلة، عند عدم تمكّنهم من استقبالها بالأخصّ عند وجود المطبات الهوائية المفاجئة، أو الأعطال الفنّية الحادثة، أو لكون توقيت بعض الرّحلات مع وقت صلاة الفجر، بحيث يتعذر القيام للصلاة مع انشغال ملاحي غرفة القيادة بتجهيز الطائرة للإقلاع، وخشية خروج وقت الصلاة؟الجواب: الواجب أن يتقي الإنسان ربه ما استطاع، ومعلومٌ أن الصلاة ركعتان لا تزيد، فالمدة يسيرةٌ، ثم إذا قلنا: إنه يجب أن يصلّي مستقبلًا القبلة. فلو قدّر أنه حصل في أثناء الصلاة خللٌ يخشى منه الخطر فإنه لا بأس أن يصلحه وهو يصلّي؛ لأن هذه الحركة للضرورة، والحركة للضرورة لا بأس بها، أي: لا تبطل الصلاة، وفي مثل هذه الحوادث التي يتيقن أنه لا بد من بقاء الإنسان على الكرسيّ مربوطًا فإنه يبقى مربوطًا، ويصلّي على حسب حاله، حتى لو فرض أنه ابتدأ الصلاة مستقبلًا القبلة وقائمًا، ثم حصلت هذه الهزات، ولم يتمكن إلا من الجلوس على المقعد، فلا بأس، وكما يقال: «لكلّ حادثٍ حديثٌ» فنقول: اتق الله ما استطعت، ومتى وجدت الاستطاعة وجب القيام بالمأمور على حسب ما أمر به، ومتى تعذرت الاستطاعة سقط الوجوب.السّؤال (63): قبل كلّ حصةٍ تدريبيةٍ في الهيكل التشبيهيّ للطائرة يكون هناك اجتماعٌ تحضيريٌّ للتدريب، لكن يوافق في بعض الأحيان وقت الصلاة، فهل يعذر المرء بترك الجماعة، وتأخير الصلاة، ثم الصلاة مع جماعةٍ ثانيةٍ، أو يجب علينا إجابة النّداء؟ وماذا إذا لم يتسن لنا سماع الأذان، سواءٌ داخل غرفة الاجتماع التحضيريّ للتدريب أم في الهيكل التشبيهيّ للتدريب؟الجواب: إذا كان لا يمكن تأخير الحصة عن وقت الصلاة فلا بأس أن يبقى الإنسان في غرفة التعلّم، ثم يصلّي مع إخوانه بعد انتهاء الدرس، أما إذا كان بالإمكان إيقاف الحصة للصّلاة فلا عذر في ترك الجماعة، فيلزمهم الحضور لجماعة المسجد.السّؤال (64): قبل كلّ رحلةٍ جويّةٍ يكون هناك اجتماعٌ بين قائد الطائرة والملاحين، وفي بعض الأحيان أثناء ذلك تقام الصلاة، فهل يجوز لي ترك الجماعة حتى ينتهي الاجتماع، مع العلم أن هذا الاجتماع لا يحتمل التأخير؟الجواب: إذا كان هذا الاجتماع مما تقتضيه الرّحلة ولا بد، ويفوت لو ذهبتم إلى المسجد، فلا بأس أن تبقوا، وتنهوا موضوعكم، ثم تصلّوا جماعةً في مكانكم.السّؤال (65): هناك أحوال يتعـذر فيها الخروج من غرفـة القيادة للصلاة، منها: الطيران في أجواء بعض المدن أو الأماكن المزدحمة بالطائرات مما يتطلب من قائد الطائرة ومساعده متابعةً شديدةً لحركة الطائرات من حوله في الجوّ، فيصلّي كلّ واحدٍ منهم في غرفة القيادة، هل في ذلك بأسٌ؟الجواب: ليس في ذلك بأسٌ إذا كان لا يمكن أن تهبط الطائرة قبل خروج الوقت، وأما إذا كان يمكن أن تهبط قبل خروج الوقت وجب تأخير الصلاة إلى الهبوط.وكذلك لو كان ذلك في الصلاة الأولى التي تجمع لما بعدها، كما لو كان ذلك في صلاة الظّهر، فإنها تؤخّر إلى صلاة العصر، أو في صلاة المغرب، فإنها تؤخر إلى صلاة العشاء، فإذا لم يمكن إلا بعد خروج الوقت فإنهم يصلّون في غرفة القيادة، ويقومون بما يجب عليهم حسب استطاعتهم.السّؤال (66): طاقم الطائرة مكونٌ من قائدٍ للطائرة، ومساعدٍ له، ومهندس جوّيٍّ في بعض الطائرات، ولأهمّية هؤلاء يتعيّن عليهم عدم مغادرة غرفة القيادة عند الحاجة؛ لأن قائد الطائرة تكمن أهمّيته في حال حدوث طارئٍ مفاجئٍ يهدّد أمن وسلامة الرّكاب، كعطلٍ فنّيٍّ أو اختلالٍ في الضغط الجوّيّ، مما يتطلب منهم في بعض هذه الأحوال اتّخاذ الإجراءات اللازمة في خلال ثوانٍ معدودةٍ، وإلا تكون الطائرة قد تعرضت للخطر، فهل يصلّي طاقم الطائرة واحدًا تلو الآخر قيامًا مستقبلي القبلة إذا كان هناك متسعٌ من المكان في غرفة القيادة؟ وإذا لم يكن هناك متسعٌ من المكان فهل يصلّون في مقاعدهم غير مستقبلي القبلة؟الجواب: إذا كان الأمر يقتضي أن يصلّوا فرادى، كلّ واحدٍ يصلّي وحده؛ من أجل أن يراقب الآخران أحوال الطائرة، فإن هذا عذرٌ في ترك الجماعة؛ لأنه إذا كان حارس الغنم وحارس البستان يعذر في ترك الجماعة، فحارس أرواح بني آدم من باب أولى، أما استقبال القبلة فهو واجبٌ، ولا أظنّ ذلك يمنع من مراقبة الآخرين، وكذلك الرّكوع والسّجود إذا كان يمكن، وإذا لم يمكن الرّكوع ولا السّجود أومأ بالرّكوع قائمًا، وبالسّجود قاعدًا.السّؤال (67): لا يخفى على سماحتكم وجود مكانٍ مهيأٍ للصلاة الآن في الطائرات الجديدة تقام فيه صلاة الجماعة، فهل يلزم بعض أفراد طاقم القيادة الخروج للصلاة جماعةً، مع العلم أنهم يخرجون لقضاء الحاجة؟الجواب: لدينا قاعدةٌ عظيمةٌ من قواعد الشريعة، وهي: أنه يجب على الإنسان أن يقوم بما أوجب الله عليه بقدر الاستطاعة، قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16]، وقال تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة:286]. فإذا كان بإمكان قائد الطائرة أو مساعده أن يخرج من غرفة القيادة إلى محلّ الصلاة ليصلّي، صلى ولو كان وحده، إذا كان يخشى من انتظار الجماعة.السّؤال (68): ما حكم خروج قائد الطائرة لصلاة الجماعة في الطائرة مع بقاء مساعد الطيار في غرفة القيادة، مع العلم أنه يخرج لقضاء الحاجة؟ وماذا لو كان معه مساعد طيارٍ متدرّبٌ؟الجواب: ما دام يمكنه الخروج لقضاء الحاجة فيمكنه الخروج لصلاة ركعتين، والفريضة الشرعية أمرها مهمٌّ، والحكم يتكيف بحسب الحاجة، لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [ التغابن:16].السّؤال (69): إذا كان قائد الطائرة أو مساعده يخرج من غرفة القيادة للصـلاة جماعةً في المكان المهيئ للصلاة في الطائـرة، لكنه يتأخـر أكثر من الوقت المقدر للصلاة، فهل يؤاخذ شرعًا، علمًا أن تواجده في غرفة القيادة مطلوبٌ نظامًا؟الجواب: لا يجوز لقائد الطائرة أن يترك غرفة القيادة ويصلّي، إلا إذا كان هناك من يقوم مقامه، والّذي أعرف أن محل القيادة يكون فيه رجلان، إذا غاب أحدهما قام الآخر مقامه، فهنا نقول: يذهب واحدٌ، ويصلّي، ثم يعود، ويذهب الآخر، ويصلّي، والثاني وإن فاتته الجماعة فلا يضر، ولا يتأخر بعد صلاته للعودة لغرفة القيادة؛ لأن ذكر الله بعد الصلاة لا يشترط فيه أن يكون في مكان الصلاة، قال الله عز وجل: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} [النساء:103] فيقوم، ويذكر الله عز وجل، ويسبّح، وهو يقود الطائرة.السّؤال (70): هل للطيار الصلاة في غرفة القيادة، مع وضع السماعة على مكبّر الصوت، حتى يسمع حركة الطائرات عند الحاجة وهو يصلّي؟الجواب: لا بأس مع الحاجة.السّؤال (71): عمل الطيار يحتّم عليه مراقبة الأجهزة طوال الرّحلة هو ومساعده، وفي الرّحلات الطويلة قد يتنفل أحدهم على كرسيّه أو يقرأ القرآن، فما الأولى له: أن يظل متابعًا الأجهزة طوال الرّحلة هو ومساعده، أو يجمعا بين المتابعة والتنفّل فيما بينهما؟الجواب: إذا كان تنفّلـه أو قراءتـه أو تسبيحه لا يشغلـه عن مراعاة أحوال الطائرة فلا حرج، وهذا يختلف باختلاف الأجواء واختلاف الطائرة، فلكلّ حالٍ مقالٌ، وإذا قدر أن الإنسان آمنٌ وشرع في نافلةٍ، ثم حدثت ظروفٌ تحتاج لمراقبةٍ، فليقطع الصلاة، ولا حرج عليه.السّؤال (72): أنا ملاحٌ جوّيٌّ، وتدركني الصلاة وأنا أقوم بأداء عملي في الطائرة أثناء الرّحلة، فهل يجوز لي أن أقطع عملي، وأقوم بأداء الصلاة، أو أكمل أداء مهامّ عملي، ثم أصلّي، حتّى وإن خرج الوقت؟الجواب: إذا أوشك الوقت على الخروج فصلّ على أيّ حالٍ كنت، أما إذا كان في الأمر سعةٌ فلا بأس أن تشتغل بما أنت ملزمٌ به، ثم تصلّي.السّؤال (73): ما حكم الصلاة داخل غرفة القيادة، مع أن بعض أفراد طاقم الطائرة يدخّن؟الجواب: الصـلاة لا بـد من أن يصلّيها الإنسان ولـو في مكانٍ فيه رائحةٌ كريهةٌ، ولكن أرى أن الذي ابتلي بشرب الدّخان يجب عليه أن يراعي شعور الآخرين، فلا يدخن مطلقًا ما دام في الطائرة؛ لأن الدّخان يتصاعد، وينتشر بين الرّكاب، فيتأذون برائحتـه، وقـد يسبّب أمراضًا لآخرين، وقد بلغني أن الولايات المتحدة الأمريكية تمنع الرّكاب من شرب الدّخان في الطائرة فوق أجوائها، فأقول: لو أننا عملنا بمقتضى ما عندنا من العلم من أن شرب الدّخان محرمٌ ممنوعٌ حسب قـواعد الشريعة الإسلامية؛ لقوله تعالى: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة:195]، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر، ولا ضرار» لكان أقوى من سيف النّظام الذي سنته الولايات المتحدة، ونمنع الناس من التدخين مطلقًا، فيكون ذلك إعانةً لهم على حفظ أنفسهم مما يضرّهم ويضرّ الآخرين.السّؤال (74): إذا كنت في سفرٍ، وسمعت النّداء للصلاة، فهل يجب علي أن أصلّي في المسجد؟ ولو صليت في مكان إقامتي فهل في ذلك شيءٌ؟ وإذا كانت مدة السفـر أكثر من أربعة أيام متواصلةٍ فهـل أقصر الصـلاة، أو أتمّها؟الجواب: إذا سمعت الأذان وأنت في محلّ الإقامة وجب عليك أن تحضر إلى المسجد؛ لأن النبي -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم- قال للرجل الّذي استأذنه في ترك الجماعة: «هل تسمع النّداء؟» قال: نعم. قال: «فأجب» وقال عليه الصلاة والسلام: «من سمع النّداء، فلم يأته، فلا صلاة له إلا من عذرٍ»، وليس هناك دليلٌ على تخصيص المسافر من هذا الحكم، إلا إذا كان في ذهابك للمسجد تفويت مصلحةٍ لك في السفر، مثل: أن تكون محتاجًا إلى الراحة والنوم، فتريد أن تصلّي في مقرّ إقامتك من أجل أن تنام، أو كنت تخشى إذا ذهبت إلى المسجد أن يتأخر الإمام في الإقامة، وأنت تريد أن تسافر، وتخشى من فوات الرّحلة عليك، أو ما أشبه ذلك.وأما تحديد مدة الإقامة فلا حد لها على القول الراجح، بل ما دمت مسافرًا فأنت مسافرٌ ولو بقيت خمسة أيامٍ أو عشرة أيامٍ أو أسبوعًا أو شهرًا؛ لأن النبي -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم- لم يحدّد للأمة وقتًا معينًا ينقطع به حكم السفر، بل هو عليه الصلاة والسلام قد أقام عدة إقاماتٍ مختلفةٍ، وصار يقصر الصلاة فيها، فأقام في تبوك عشرين يومًا يقصر الصلاة، وأقام في مكة تسعة عشر يومًا يقصر الصلاة، وأقام في حجة الوداع عشرة أيامٍ وهو يقصر الصلاة: أربعة أيامٍ في مكة، والبقية في المشاعر.فالصحيح: أنه ليس لذلك حدٌّ ما دمت على سفرٍ، فتترخص برخص السفر ولو طالت المدة.السّؤال (75): نحن من سكان مدينة جدة، فهل يجوز لنا القصر في المطار؟ وماذا عن الصلاة في مطار الرّياض؟الجواب: الظاهر أن المطار الداخلي أصبح من أحياء جدة، فلا يجوز القصر فيه وأنتم من أهل جدة، وأما مطار الرّياض فمنفصلٌ عن مدينة الرّياض، فمن كان من أهل الرّياض، وجلس في المطار ينتظر الرّحلة، فهو في حكم المسافر، يقصر ويجمع.السّؤال (76): يضطـرّ بعـض الملاحين الجويّين من محطـة مـطار الرّياض؛ للبقاء في مطار الرّياض لمدة ستّ ساعاتٍ؛ احتياطيًّا للسفر عند الحاجة إليه على الرّحلات المسافرة، فهل يتمّون الصلاة في مطار الرّياض، أو يقصرونها أثناء انتظارهم فيه؟الجواب: إذا كانـوا من أهل الرّياض فالظاهـر لي أن مـطار الرّياض لا يعتبر من البلد، فلهم أن يقصروا الصلاة.السّؤال (77): إذا صلى مسافرٌ بمقيمٍ فهل يقصر أو يتمّ؟ وهل القصر واجبٌ؟الجواب: إذا صلى مسافرٌ بمقيمٍ فإن الإمام يقصر الصلاة، ويقول للمقيم والمقيمين: أتمّوا الصلاة بعد أن أسلّم. لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلّي بأهل مكة عام الفتح، ويقول: «أتمّوا يا أهل مكة؛ فإنا قومٌ سفرٌ» أي: مسافرون.وأما قول السائل: «هل القصر واجبٌ؟» فجوابه: أن جمهور العلماء على أنه مستحبٌّ، وليس بواجبٍ، وهو الصحيح؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم لما أتم عثمان رضي الله عنه في منًى صاروا يتمّون معه، ولو كان القصر واجبًا لكان تركـه حرامًا، ولما أمكـن للصحابة متابعة عثمان على شيءٍ يرونـه محرمًا.السّؤال (78): كنت في سفـرٍ، وصليت مع إمامٍ مقيمٍ، فـهل أتـمّ صلاتي معه، أو أقصر الصلاة، فأصلّي ركعتين معه، ثم أخرج من الصلاة، وأسلّم؟الجواب: يجب على من ائتم بمقيمٍ وهو مسافرٌ أن يتم الصلاة، سواءٌ أدرك الصلاة من أولها، أو أدرك الركعتين الأخيرتين، أو أدرك ركعةً، حتى لو أدرك التشهّد الأخير يجب عليه أن يتم صلاته؛ لعموم قـول النبيّ صلى الله عليه وسلم: «ما أدركتم فصلّوا، وما فاتكم فأتمّوا».السّؤال (79): ما صفة الصلاة بإيجازٍ؟الجواب: بعـد أن يأتي الإنسان بشروط الصـلاة التي تسبقـها من: الطهارة، وستر العورة، واستقبال القبلة، وغير ذلك، يكبّر، فيقول: «الله أكبر» رافعًا يديه إلى حذو منكبيه أو إلى فروع أذنيه، ثم يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى على صدره، ثم يستفتح بما ورد عن النبيّ صلى الله عليه وسلم من قوله: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدّك، ولا إله غيرك» أو غير ذلك من الاستفتاحات الواردة، ثم يقول: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم»، ويقرأ الفاتحة، ويقف على كلّ آيةٍ منها، ثم يقرأ ما تيسر من القرآن، والأفضل أن يقرأ سورةً تامةً، تكون في الفجر من طوال المفصل، وفي المغرب من قصاره غالبًا، وفي الباقي من أوسطه.ثم يرفع يديه مكبّرًا للرّكوع، فيقول: «الله أكبر»، ويضع يديه مفرجتي الأصابع على ركبتيـه، ويمـدّ ظهـره مستويًا مع رأسه، لا يرفـع رأسـه، ولا يصوّبه، ويقول: «سبحان ربّي العظيم» يكرّرها ثلاثًا، وهو أدنى الكمال، وإن زاد فلا بأس.ثم يرفع رأسه قائلًا: «سمع الله لمن حمده»، ويرفع يديه كذلك، كما رفعهما عند تكبيرة الإحرام وعند الرّكوع، ثم يقول بعد قيامه: «ربنا ولك الحمد، حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه، ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيءٍ بعد».ثم يسجد مكبّرًا، ولا يرفع يديه إذا هوى إلى السّجود، ويسجد على ركبتيه، ثم يديه، ثم جبهته وأنفه، يسجد على أعضائه السبعة: الجبهة والأنف -وهما عضوٌ واحدٌ- والكفين، والرّكبتين، وأطراف القدمين. ويجافي عضديه عن جنبيه، ويرفع ظهره، ولا يمدّه، ويجعل يديه حذاء وجهه، أو حذاء منكبيه مضمومتي الأصابع مبسوطةً، ورؤوس الأصابع نحو القبلة، فيقول: «سبحان ربّي الأعلى»، وأدنى الكمال ثلاثٌ، ويزيد ما شاء، ولكن يغلّب في السّجود جانب الدّعاء؛ لقـول النبيّ -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم-: «أما الرّكوع فعظّموا فيه الرب، وأما السّجود فأكثروا فيه الدّعاء، فقمنٌ أن يستجاب لكم».ثم يرفع من السّجود مكبّرًا، ولا يرفع يديه، ويجلس مفترشًا رجله اليسرى، ناصبًا رجله اليمنى، ويضع يديه على فخذيه أو على ركبتيه، وتكون اليمنى مضمومة الأصابع الثلاثة: الخنصر، والبنصر، والإبهام. وإن شاء حلق الإبهام مع الوسطى، وأما السبّابة فتبقى مفتوحةً، ويحرّكها عند الدّعاء، ويقول: «ربّ اغفر لي، وارحمني، واجبرني، وعافني، وارزقني»، وكلما دعا حرك أصبعه نحو السماء؛ إشارةً إلى علوّ المدعوّ، أما اليد اليسرى فإنها تبقى على الرّجل اليسرى على الفخذ، أو على طرف الرّكبة، مبسوطة الأصابع، متجهًا بها إلى القبلة.ثم يسجد السجدة الثانية كالأولى فيما يقال ويفعل.ثم يرفع من السّجود إلى القيام مكبّرًا، ولا يرفع يديه عند هذا القيام؛ لأن ذلك لم يرد عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في حديثٍ صحيحٍ، ثم يقرأ الفاتحة وما تيسر، لكن قراءته تكون دون القراءة في الركعة الأولى، ويصلّي الركعة الثانية كما صلى الركعة الأولى.ثم يجلس للتشهّد كجلوسه للدّعاء بين السجدتين، أي: يفترش رجله اليسرى، وينصب اليمنى، ويضع يده اليمنى على رجله اليمنى، ويده اليسرى على رجله اليسرى، على صفة ما سبق في الجلوس بين السجدتين، ويقرأ التشهّد: «التحيات لله والصلوات والطيّبات، السلام عليك -أيّها النبيّ- ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد ألا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله»، ثم إن كان في ثنائيةٍ كالفجر والنوافل فإنه يكمل التشهّد، فيستمرّ فيه: «اللهم صل على محمدٍ، وعلى آل محمدٍ؛ كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميدٌ مجيدٌ، اللهم بارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ؛ كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميدٌ مجيدٌ»، ثم يدعو، فيقول: «أعوذ بالله من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال»، ثم إن أحب أطال في الدّعاء ما شاء، ثم يسلّم عن يمينه: «السلام عليكم ورحمة الله»، وعن يساره: «السلام عليكم ورحمة الله».أما إذا كان في ثلاثيةٍ أو رباعية فإنه بعد أن يقول في التشهّد: «أشهد ألا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله» يقوم، فيصلّي ما بقي من صلاته مقتصرًا على قـراءة الفاتحة، أما الرّكـوع والسّجود فكـما سبق في الركعتين الأوليين.ثم يجلس للتشهّد الثاني، وهو التشهّد الأخير، لكن يكون جلوسه تورّكًا، والتورّك له ثلاث صفاتٍ: إما أن ينصب رجله اليمنى، ويخرج اليسرى من تحت ساقها. وإمّا أن يفترش اليمنى، ويخرج الرّجل اليسرى من تحت ساقها، أي: من تحت ساق اليمنى. وإما أن يفترش اليمنـى، ويدخـل اليسرى بين سـاق اليمنـى وفخذها.كلّ ذلك ورد عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، ثم إذا أكمل التشهّد سلم عن يمينه، وعن يساره، كما سبق.وهذه هي صفة الصلاة الواردة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، فليجتهد الإنسان باتّباعها ما استطاع؛ لأن ذلك أكمل في عبادته، وأقوى في إيمانه، وأشدّ في اتّباعه للرسول صلى الله عليه وسلم.السّؤال (80): هل بالإمكان جعل ستارة القماش الموجودة في مصلى الطائرة سترةً للمصلّي، مع العلم أنه يرى أقدام النّساء عند مرورهن من أمام السّتارة؟الجواب: هـذه السّتارة تعتبر سترةً، إذا مرت من ورائـها المرأة فإنها لا تقطع الصلاة.السّؤال (81): رجلٌ مسافرٌ صلى الجمعة في الحضر، فهل يجمع معها العصر قصرًا؟الجواب: لا يجمع معها العصر؛ لأن السّنة إنّما وردت في الجمع بين الظّهـر والعصر، والجمعة ليست ظهـرًا، بل هي صلاةٌ مستقلةٌ في هيئتها وشروطها وأركانها، فلا تجمع إليها العصر.السّؤال (82): ما حكم المسافـر النازل في بلـدٍ، ولا يحضر الجمعة؛ لرغبته في الجمع بين الظّهـر والعصر، فيجلس في غرفته، ويستمـع إلى الخطبة؟الجواب: لا يحلّ له ذلك؛ لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة:9]، وهي عامةٌ لكلّ من سمع نداء الجمعة من المسافرين وغيرهم، والآية نزلت في المدينة، والمدينة فيها مسافرون ومقيمون، ولم يستثن الله المسافرين.فيجب على من سمع النّداء يوم الجمعة -ولو كان مسافرًا- أن يصلّي مع المسلمين، إلا رجـلًا يقـول: أنا لا أستطيع؛ لأنني سأواصـل رحلتي وسفري. فهذا يعذر؛ لأنه يفوته مقصوده لو بقي إلى صلاة الجمعة.فالصحيح: أن الجمعة لا تسقط عن المسافر إلا إذا كان مارًّا بالبلد مواصلًا للسير، ووقف لحاجةٍ، وسمع أذان الجمعة، فلا جمعة عليه، أما المقيم إلى العصر أو إلى الليل فلا تسقط عنه الجمعة.السّؤال (83): رجلٌ مسافـرٌ صلى مع جماعةٍ في الحضر، فهل لـه أن يجمع معها الصلاة التي بعدها؟الجواب: نعم، يجمع إليها الصلاة التي بعدها.مثال ذلك: أنا من أهل القصيم، وجئت إلى جدة، وأريد أن أسافر بعد الظّهر، فأصلّي الظّهر مع الإمام أربعًا، وأصلّي العصر جمعًا ركعتين.السّؤال (84): أنا قائد طائرةٍ، وطبيعة عملي بعض الأحيان تحتّم علي في حال إقامتي ببلدي أن آخذ قسطًا من الراحة، لا يقلّ عن ثماني ساعاتٍ؛ للاستعداد لرحلةٍ أخرى طويلةٍ يكون إقلاعها بعد منتصف الليل، وخلال نومي يمرّ وقت صلاة المغرب والعشاء، فما الحكم؟ هل أقوم لكلّ صلاةٍ في وقتها، علمًا أن هذا سيفوت علي الراحة المطلوبة استعدادًا للسفر القادم، أو أجمع الصلاتين جمع تأخيرٍ؟الجواب: اجمع الصلاتين جمع تأخيرٍ؛ لأن الجمع أمره سهلٌ يحصل بأدنى مشقةٍ، وحديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما دليلٌ في المسألة، فقد قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظّهر والعصر جمعًا بالمدينة من غير خوفٍ ولا سفرٍ. وسئل ابن عباس رضي الله عنهما: لم فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: أراد ألا يحرج أمته. أي: لا يوقع أحدًا من أمته في ضيقٍ.السّؤال (85): واصلت من الرّحلة الماضية إلى رحلةٍ أخرى حتى الصّباح، ولم أنم، وانتظرت صلاة الظّهر، وكنت متعبًا جدًّا، فهل يجوز لي أن أصلّي العصر مع الظّهر جمع تقديم، مع أنني في بلدي؟الجواب: نعم، يجوز لك ذلك؛ لأن الجمع بين الظّهر والعصر أو المغرب والعشاء يجوز مع المشقة بتركه، سواءٌ كان جمع تقديمٍ أو جمع تأخيرٍ.السّؤال (86): بعض النّاس يأخـذ برخصـة السفر في الجمع بين الصلاتين، مثل: الظّهـر، والعصر. فيجمعهما جمع تقـديمٍ، وهو يعلم أنه سيصل إلى مكان إقامته قبل صلاة العصر، فهل هذا جائزٌ؟الجواب: نعم، هذا جائزٌ، لكن إن كان يعلم أو يغلب على ظنّه أنه سيصل قبل صلاة العصر فالأفضل ألا يجمع؛ لأنه ليس هناك حاجةٌ للجمع.السّؤال (87): في بعض الأحيان أقوم بتأخير صلاة المغرب والعشاء بعد وصولي من الرّحلة، فأصلّيها في بيتي، فهل أقصر الصلاة، أو أتمّها؟الجواب: القاعدة في هذا: أن العبرة بفعل الصلاة، إن فعلتها في الحضر فأتم، وإن فعلتها في السفر فاقصر، سواءٌ دخل عليك الوقت في هذا المكان أو قبل.مثال: إنسانٌ سافـر من بلده بعد أذان الظّهر، لكـن صلى الظّهر بعد خروجه من البلد، ففي هذه الحال يصلّي ركعتين، وأما إذا رجع من السفر، ودخل عليه الوقت وهو في السفر، ثم وصل بلده، فإنه يصلّي أربعًا، فالعبرة بفعل الصلاة، إن كنت مقيمًا فأربعٌ، وإن كنت مسافرًا فركعتان.السّؤال (88): ما الحكم إذا نسي صلاة سفرٍ، وذكرها في الحضر، فهل يتمّها كصلاة الحضر قضاءً، أو يقصرها كصلاة المسافر؟الجواب: إذا كان يقضي صلاة سفرٍ في حضرٍ فيصلّي ركعتين، وإذا كانت صلاة حضرٍ في سفرٍ فيصلّي أربعًا؛ لقول النبيّ عليه الصلاة والسلام: «من نسي صلاةً فليصلّها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك»، أي: فليصلّها هي نفسها على الصّفة الّتي كانت عليها، ولهذا لما نام عليه الصلاة والسلام وأصحابه عن صلاة الفجر، وقضوها بعد طلوع الشمس، جهر فيها بالقراءة، فقضاها كما كان يؤدّيها.السّؤال (89): تمرّ بعض الرّحلات في نفس المدينة التي يقيم بها الملاح، ثم تقلع مرةً أخرى؛ لتواصل رحلةً أخرى، فإذا دخل وقت صلاة الظّهر -مثلًا- في نفس بلد الإقامة فهل يجب على الملاح الإتمام، أو يجوز له قصر الصلاة، مثل: رحلة (جدة - المدينة - جدة) وهو من أهل جدة، وبعدها يواصل رحلته إلى أبها؟الجواب: العبرة بفعل الصلاة، إن صليت بعد أن غادرت وطنك فصلّ ركعتين، فإذا وصلت إلى مطار بلدك فصل أربعًا إذا كان المطار متصلًا بالبلد، وإذا كان خارج البلد، ومررت به، فأنت مسافرٌ، فصلّ ركعتين، حتى لو خرجت من البلد بعد الأذان، وصليت في المطار وهو خارج البلد، فصلّ ركعتين.السّؤال (90): هل الأفضل للمسافر: أن يترك قيام الليل والنوافل والسّنن الراتبة، أو يصلّيها كما اعتادها؟الجواب: الأفضل للمسافـر أن يتنفل بالنوافـل كلّها: صلاة الليل، وصلاة الضّحى، والوتر، وراتبة الفجر، والتطوّع المطلق. ولا يترك إلا راتبة الظّهر والمغرب والعشاء فقط، والباقي يصلّيها كما يصلّي في الحضر.السّؤال (91): إذا جمعت بين المغرب والعشاء في السفر جمع تقديم، فهل بالإمكان أن أصلّي الوتر بعدها؟الجواب: نعم، بالإمكان؛ لأن الوتـر تابـعٌ لصلاة العشاء، متى ما صليت صلاة العشاء -سواءٌ جمعت أم لم تجمع- حل الوتر.السّؤال (92): في بعض البلاد الإسلامية تدركنا صلاة الجمعة، فنرى في المسجد بدعًا محدثةً ما أنزل الله بها من سلطانٍ، قد تصل أحيانًا إلى الشّرك، فهل نبقى في المسجد ونصلّي معهم، أو نخرج؟الجواب: إذا كانت البدعة قد تصل إلى الشّرك فلا يجوز أن تبقوا معهم، وأما إذا كانت غير ذلك فصلّوا معهم، وانصحوا للإمام في كلتا الحالين، لعل الله أن يهديه على أيديكم.السّؤال (93): ما حكم الصلاة في المسجد الذي فيه قبرٌ؟الجواب: إذا كان هذا المسجد مبنيًّا على القبر فإن الصلاة فيه محرمةٌ، ويجب هدمه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن اليهود والنصارى؛ حيث اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد؛ تحذيرًا مما صنعوا.أما إذا كان المسجد سابقًا على القبر فإنه يجب إخراج القبر من المسجد، ويدفـن فيما يدفـن فيه الناس، ولا حرج علينا في هذه الحال إذا نبشنا هذا القبر؛ لأنه دفـن في مكانٍ لا يحلّ أن يدفـن فيه؛ فإن المساجد لا يحلّ دفن الموتى فيها.والصـلاة في المسجـد إذا كان سابقًا على القـبر صحيحـةٌ، بشرط: ألا يكون القبر في ناحية القبلة، فيصلّي الناس إليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة إلى القبور.السّؤال (94): هل تجوز الصلاة في مكانٍ فيه خمرٌ؟الجواب: نعم، تجوز الصلاة في مكانٍ فيه خمرٌ؛ لعموم قوله -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم-: «جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا». أحكام الصّيامالسّؤال (95): هل الصّيام أفضل للمسافر، أو الإفطار؟الجواب: الأفضل فعل ما تيسر له، إن كان الأيسر له الصّيام فالأفضل الصّيام، وإن كان الأيسر له الإفطار فالأفضل الإفطار، وإذا تساوى الأمران فالأفضل الصّيام؛ لأن هذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، ولأنه أسرع في إبراء الذّمة؛ ولأنه أهون على الإنسان؛ فإن القضاء يكون ثقيلًا على النفس.إذن، فله ثلاث أحوالٍ:1- أن يكون الإفطار أسهل له، فليفطر.2- أن يكون الصّيام أسهل، فليصم.3- إذا تساوى الأمران فالأفضل أن يصوم.السّؤال (96): إذا كنت مسافرًا في أحد أيام رمضان، ونويت الإفطار، وعند وصولي للمطار ألغيت الرّحلة، فما حكم صومي، علمًا أنّي لم أفطر بعد؟الجواب: ما دمت نويت الإفطار فقد أفطرت، سواءٌ أكلت أم لم تأكل، وعلى هذا فيلزمك القضاء بدل هذا اليوم الذي أفطرته.السّؤال (97): في إحدى المرات كنت في السّعودية، ورئي هلال العيد، وكنت مسافرًا في تلك الليلة إلى باكستان حوالي الساعة الثانية ليلًا، وعلمت أنهم لم يروا هلال شوالٍ، وبالتالي فهم صائمون، فهل أصوم معهم؟الجواب: صم معهم؛ لأنك وقت الإمساك أنت في بلدٍ صائمٍ، حتى لو زاد صيامك على شهرٍ فالزائد تبعٌ، كما أنك لو صمت في جدّة، ثمّ قبيل المغرب أقلعت الطائرة باتّجاه الغرب، وطالت رؤيتك للشمس أكثر من اليوم؛ فإنك لا تفطر حتى تغيب الشمس، فكذلك خروج الشهر، وإن صمت ثلاثين يومًا، ثم سافرت إلى بلدٍ، فوجدتّ شوالًا لم يدخل، فصم معهم، وصومك هذا للتبعية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحّون».السّؤال (98): من صام ثمانيةً وعشرين يومًا، ثمّ سافر إلى بلدٍ آخر قد ثبتت رؤية هلال شوالٍ عندهم، فماذا عليه؟ ومتى يكون صيام ذلك اليوم المتبقّي عليه؟الجواب: إذا سافر قبل التاسع والعشرين، ثم وصل إلى البلد المسافر إليه وهم صائمون، صام معهم، وإن كانوا مفطرين أفطر معهم، ولا إشكال في هذا، ويقضي يومًا بعد يوم العيد.السّؤال (99): يحصل في السفـر أن بعض البلدان تعلـن دخول رمضان أو شوال قبلنا أو بعدنا، وبعضهم لا يعتمد على رؤية الهلال، فهل نتبعهم؟ وكيف نفعل في البلاد الكافرة؟الجواب: الّذين لا يصومون عند رؤية الهلال، ولا يفطرون عند رؤية الهلال، هؤلاء مخالفون للشرع، ولا تجوز متابعتهم، وأما إذا كنت في بلدٍ لا تدري: أرأوا الهلال، أم لا؟ فإنك تبني على الأصل، فإن شككت: هل رئي الهلال، أو لا؟ فإن كنت في شعبان فلا يلزمك الصّوم، وإن كنت في رمضان فلا تفطر.والسّؤال الّذي ورد: نفترض أن الإنسان سافر من المملكة العربية السّعودية إلى باكستان، ونزل في باكستان، وباكستان لم يروا هلال شوّالٍ، والسّعودية ثبت عندها رؤية الهلال، نقول في هذه الحال: تبقى صائمًا؛ لأنك في مكانٍ لم ير فيه الهلال؛ لأن النبي -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته»، فلو فرض أنك رجعت في اليوم نفسه فلك أن تفطر.وبالعكس، إذا ذهبنا إلى الغرب، ونزلنا في بلدٍ رأوا الهلال، ولم ير في السّعودية، فإننا نصوم؛ لأن المكان قد رئي فيه الهلال؛ لأن الله تعالى قال: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة:185]، وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا»، فالعبرة بمكانك الذي أنت فيه، متى رئي فيه الهلال فاعمل به إفطارًا وصومًا.وأما في البلاد الكافرة فإذا رأيته فصم، وإذا لم تره فابن على الأصل، ففي شعبان الأصل بقاء شعبان، وإذا كنت في رمضان فالأصل بقاء رمضان، فإذا أشكل عليكم فابنوا على اليقين، وفي الحقيقة أنتم مسافرون، ولكم أن تفطروا.وليعلم أن الهلال إذا رئي في السّعودية فسيرى في أمريكا قطعًا؛ لأن البلاد الشرقية ترى الهلال قبل البلاد الغربية، والعكس إذا كنتم في الباكستان أو اليابان وما أشبه ذلك.السؤال (100): بحكم سفري المتكرّر يوافق بعض الأحيان وجودي في البلاد الكافرة نهاية شهر شعبان، وأعلم أن غدًا رمضان في السّعودية، فهل أصوم حسب صيام بلادنا، علمًا أنه يصعب علينا معرفة: أدخل شهر رمضان، أم لا؟ في هذه البلاد؟الجواب: هذه ليست مشكلةً، أنتم مسافرون، والمسافر وإن علم أن اليوم رمضان فله أن يفطر، وعلى هذا فلا حاجة إلى أن تقلقوا حول هذه المسألة، أفطروا وعليكم قضاء ما أفطرتم بعد العيد؛ لقوله تعالى: {وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:185].السّؤال (101): بعض البلاد الإسلامية يكون دخول شهر رمضان أو شوال عندهم حسب الحسابات الفلكية، ولا يعوّلون على الرّؤية، فهل نصوم ونفطر معهم إذا كنا في بلادهم؟الجواب: أنتم بالخيار، فأنتم مسافـرون، والسفر كثيرٌ من العلماء يقولون: إن الفطر فيه أفضل من الصّيام، وإن لم يجد المسافر مشقةً. وعلى هذا فالاختيار لكم على هذا القول أن تفطروا ولا تصوموا، وحينئذٍ إذا رجعتم إلى بلادكم فسوف يكون العمل على مقتضى ثبوت الشهر دخولًا وخروجًا في بلادكم.السّؤال (102): إذا كنت في دورةٍ تدريبيةٍ لمدة شهرين أو أكثر في بلادٍ تعتمد على الحسابات الفلكية في دخول شهر رمضان وشوال، فكيف يكون العمل؟الجواب: العمل يسيرٌ -والحمد لله- فأنت مسافرٌ، فلك أن تفطر، وإذا رجعت إلى بلدك فصم قضاءً، وأما إذا كنت تريد ألا يكون عليك قضاءٌ، وأن تصوم رمضان في وقته، فاتبع البلد الذي أنت فيه: إذا صاموا فصم، وإذا أفطروا فأفطر، فإن لم يكونوا بلد إسلامٍ فانظر إلى أقرب البلاد إليك، واتبعهم في صيامك وإفطارك.السّؤال (103): في شهر رمضان يكون إقلاع بعض الرّحلات وقت أذان المغرب فنفطر ونحن على الأرض، وبعد الإقلاع والارتفاع عن مستوى الأرض نشاهد قرص الشمس ظاهرًا، فهل نمسك، أو نكمل إفطارنا على الطائرة؟الجواب: لا تمسك؛ لأنك أفطرت بمقتضى الدليل الشرعيّ؛ لقوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ} [البقرة:187]، وقوله -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إذا أقبل الليل من هاهنا -وأشار إلى المشرق- وأدبر النهار من هاهنا -وأشار إلى المغرب- وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم».السّؤال (104): في شهر رمضان نكون على سفرٍ، ونصوم خلال هذا السفر، فيدركنا الليل ونحن في الجوّ، فهل نفطر حينما نرى اختفاء قرص الشمس من أمامنا، أو نفطر على توقيت أهل البلد الذين نمرّ من فوقهم؟الجواب: أفطر حين تـرى الشمس قد غابت؛ لقول النبيّ -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إذا غابت الشمس من هاهنا، وجاء الليل من هاهنا، فقد أفطر الصائم».السّؤال (105): لو كان هناك غيمٌ، ونحن صيامٌ، فكيف نفطر في الطائرة؟الجواب: إذا غلب على ظنّك أن الشمس غائبةٌ فأفطر؛ لأن النبي -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم- أفطـر ذات يـومٍ هو وأصحابه في المدينة في يـوم غيمٍ، ثم طلعت الشمس بعد إفطـارهم، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإمساك، ولم يأمرهم بالقضاء. أحكامٌ في الإحرامالسّؤال (106): بعض الرّكاب لا ينوي الدّخول في النّسك إلا بعد مجاوزة الميقات غفلةً منه.الجواب: إذا كان لا ينوي إلا بعد مجاوزة الميقات فإن أهـل العلم يقولون: إن من ترك الإحرام من الميقات فعليه دمٌ، يذبح في مكة، ويوزع على فقراء مكة، حتى ولو كان في غفلةٍ؛ لأنه واجبٌ على الإنسان أن ينتبه، ثم إذا خاف أن يغفل أو ينام فإنه لا حرج أن ينوي النّسك قبل محاذاة الميقات، والإنسان الذي يعرف من نفسه أنه كثير الغفلة أو أنه ينام فلينو من قبل أن يصل إلى الميقات، ولا حرج عليه إذا أحرم قبل أن يصل إلى الميقات.السّؤال (107): يكثر سؤال بعض الرّكاب على الرّحلات الجوّية أنهم تركوا ملابس الإحرام في حقائب السفر، فكيف يحرمون؟الجواب: يحرم هؤلاء الذين تركوا ملابس الإحرام في حقائب السفر في جوف الطائرة بخلع الثّياب العليا، وهي القميص، ويبقون السراويل، ويجعل الثوب الأعلى هذا بمنزلة الرّداء، يعني: يلفه على بدنه، ويلبي؛ لأن النبي -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم- قال في الذي لم يجد الإزار، قال: «فليلبس السّراويل».وهذه المسألة تقع كثيرًا حتّى في العمرة، إذا جئنا بالطائرة قال بعض الرّكاب: الثّياب أسفل. فنقول: اخلع القميص، واجعله رداءً، والبس السراويل، ولا حرج، وإذا كان عليه بنطلون فلا يلزمه أن يخلع الملابس الداخلية من السراويل، فإذا نزلتم فبادروا بلبس الإزار.السّؤال (108): إذا نسي الراكب ملابس الإحرام في حقائب سفره في جوف الطائرة، ونزع قميصه؛ ليتخذه رداءً، يخشى أن يتهم في عقله مما يسبّب له الإحراج أمام الناس، فما رأي سماحتكم؟الجواب: رأيي أنه لا يتهم بأنه مصابٌ في عقله؛ لأنه سيقول: «لبيك اللهم لبيك»، وإذا قال هذا عرف.السّؤال (109): أنا قائد طائرةٍ، ونويت الإحرام، وفي اليوم السابع من ذي الحجة كلّفت برحلةٍ إلى المدينة النبوية، فمررت فيها بالميقات، ثم رجعت إلى جدة محلّ إقامتي مرورًا بميقات أهل المدينة، فهل يجب عليّ الإحرام من الميقات؟الجواب: عليك أن تحرم من جدة؛ لأنك حين سافرت إلى المدينة ثم رجعت إلى جدة لم ترجع بقصد العمرة أو الحجّ؛ وإنما رجعت بقصد بلدك جدة ومقرّ سكنك، فمتى ما أردت أن تتلبس بالنّسك فإنك تحرم من حيث أردت أن تتلبس بالنسك.السّؤال (110): نسي قائد الطائرة أن يخبر الرّكاب بالميقات، ماذا عليه؟ وماذا على الرّكاب؟الجواب: أمّا قائد الطائرة فإذا نسي فلا حرج عليه، وكذلك الرّكاب لا حرج عليهم ولا إثم، ولكـن عليهم البدل، وهو فديةٌ تذبح في مكـة، وتوزّع على الفقراء، هكذا قال العلماء فيمن ترك الإحرام من الميقات.السّؤال (111): بعض الرّكاب يأتي إلى جدة من أجل قضاء بعض الأعمال، وفي نيته العمرة، فيقضي أعماله، ثم يعتمر، فهل يصحّ أن يحرم من جدة، أو يرجع إلى الميقات؟الجواب: يرجع إلى الميقات إلا إذا كان له عمـلٌ مستقـرٌّ في جدة، كإنسانٍ موظفٍ، فلا بأس في هذه الحال أن يتجه إلى عمله، ومتى ما تيسر له أن يحرم بالعمرة أحرم من جدة.السّؤال (112): يقوم بعض الرّكاب بالاغتسال قبل محاذاة الميقات في الطائرة اتباعًا للسّنة، مع أن حمامات الطائرة غير مهيأةٍ للاغتسال، والنّظام يمنع من ذلك؛ لما يسبّبه هذا من أضرار فنّيةٍ للطائرة، وبقاء الماء راكدًا في أرضية الحمام يتأذى منه الرّكاب الآخرون، فما حكم منع هؤلاء من الاغتسال؟ وما نصيحتكم لهم؟الجواب: ما دام الاغتسال في حمامات الطائرة يسبب أضرارًا على الطائرة أو الرّكاب فمنعه لا بأس به، ولكن على الحجاج والمعتمرين أن يتأهبوا من قبل، إما في حمّامات المطار، وإما في بيوتهم، وإذا قاربوا الميقات لبسوا الإحرام، وإن لبسوه قبل ذلك فلا بأس، فإذا حاذوا الميقات لبّوا، أي: دخلوا في النسك، وإذا احتاطوا ولبوا قبل محاذاة الميقات فلا حرج، وهذا الاحتياط يحتاج الناس إليه فيما إذا خاف الإنسان أن ينام، فإنه إذا رأى نفسه يميل إلى النوم فليحرم ولو قبل أن يحاذي الميقات. أحكامٌ متفرّقةٌالسّؤال (113): في حقل الطيران يعمل معنا موظّفون ذوو جنسياتٍ متعدّدةٍ بدياناتٍ مختلفةٍ، وطبيعة عملنا تتطلب منا أن نكون متعاونين معهم غاية التعاون داخل الطائرة حتى تسير الرّحلة بسلامٍ بحفظ الله لها، فحدّدوا لنا الضوابط الشرعية في التعاون والتعامل معهم؟الجواب: الضوابط في هذا أن نقول: إن عمل الجميع لمصلحة العمل، فأنت لا تستخدمه إلا لطبيعة العمل، وهو إذا قدّرنا أنه فوقك لا يستخدمك إلا لطبيعة العمل، فهذا لا بأس به، ولا حرج فيه.أما لو أنك خدمته في أمرٍ لا يتعلق بالعمل، مثل: أن تقرّب له ملابسه، أو تغسلها له، أو ما أشبه ذلك، فهنا لا ينبغي أن يذل المسلم نفسه إلى هذا الحدّ.فالخلاصة: أن ما كان خدمةً للعمل، وليس خدمةً للعامل، فهـذا جائزٌ، وأنا لا أنصح بالغلظة في رجلٍ يشاركك في العمل، لكن أنصح بعدم الإكرام؛ لقول النبيّ عليه الصلاة والسلام: «لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا رأيتموهم في طريقٍ فاضطروهم إلى أضيقه»، فهناك فرقٌ بين الإكرام والإهانة، فأنا لا أهينه ولا أكرمه، ولكن من باب المكافأة أن تقول له مثل ما يقول لك.أما الابتداء فلا أرى ذلك؛ لقوله تعالى: {لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين} [الممتحنة:8].وأما في سبيل دعوته -عندما تحسن إليه من باب المعاملة الحسنة؛ كي يقبل منك شريطًا أو كتابًا قد يقرؤه ويطلع عليه، وقد لا يقرؤه- فلا بأس، أما من باب الإكرام فلا تفعل، التأليف له بابٌ آخر، ولهذا قالوا في المؤلفة قلوبهم: هم من يرجى إسلامهم.السّؤال (114): ما حكم السلام على غير المسلمين؟الجواب: البدء بالسلام على غير المسلمين محرّمٌ، ولا يجوز؛ لأن النبي -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: «لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتموهم في طريقٍ فاضطرّوهم إلى أضيقه»، ولكنهم إذا سلموا وجب علينا أن نرد عليهم؛ لعموم قوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء:86]، وكان اليهود يسلّمون على النبيّ -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم-، فيقولون: السام عليك يا محمد. والسام يعني الموت، يدعون على رسول الله -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم- بالموت، فقال النبيّ -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إن اليهود إذا سلموا عليكم فإنما يقول أحدهم: السام عليكم. فقولوا: وعليكم»، فإذا سلم غير المسلم على المسلم، وقال: السام عليكم. فإننا نقول: وعليكم.وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «وعليكم» دليلٌ على أنهم إذا كانوا قد قالوا: السلام عليكم. فإن عليهم السّلام، فكما قالـوا نقول لهم، ولهذا قـال بعض أهل العلم: إن اليهود أو النصارى أو غيرهم من غير المسلمين إذا قالوا بلفظٍ صريحٍ: السلام عليكم. جاز أن تقول: عليكم السلام.ولا يجوز كذلك أن يبدؤوا بالتحية، ﻛ: «أهلًا، وسهلًا» وما أشبهها؛ لأن في ذلك إكرامًا وتعظيمًا لهم، ولكن إذا قالوا لنا مثل هذا فإننا نقول لهم مثل ما يقولون؛ لأن الإسلام جاء بالعدل، وإعطاء كلّ ذي حقٍّ حقه، ومن المعلوم أن المسلمين أعلى مكانًا ومرتبةً عند الله عز وجل؛ فلا ينبغي أن يذلّوا أنفسهم لغير المسلمين، فيبدؤوهم بالسلام.السّؤال (115): بحكم أسفارنا يكون تعاملنا مع النّساء بكثرةٍ، فما الضوابط الشرعية للرجل في التعامل مع المرأة الأجنبية عنه؟الجواب: هذا يختلف في الواقع بحسب حال الرجل، وحال المرأة، وحال الضّرورة.أما حال الرّجال فمن الناس من هو سريع الانفعال بالنّسبة للمرأة، بمجرد أن يـرى المرأة -ولاسيما إن كانت جميلةً- تتحرّك شهوتـه، فهـذا لا يجوز له أن يخاطبها إذا أمكن، وألّا يتكلم معها إلا بالإشارة، فهذا هو الواجب؛ درءًا للفتنة، ومن الناس من هو دون ذلك. ومن النّاس من لا يبالي، وكأنما يخاطب أخته، وليس عنده أدنى شهوةٍ، فالمسألة تختلف باختلاف أحوال الناس، وحال الضرورة، فقد يكون هناك مخاطبةٌ للرجل لا بد منها مع المرأة فلا بأس.ولكن إذا رأى منها أنها تخضع بالقول وجب عليه الكفّ؛ لأن الله تعالى يقول: {فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفًا} [الأحزاب:32]، والمهمّ أنه يجب على الإنسان أن يقلّل من مخاطبته للمرأة، والنظر إليها.السّؤال (116): ما حكم حضور الدورات التدريبية التي يحصل فيها اختلاطٌ بين الرّجال والنّساء؟الجواب: إذا دعت الضرورة إلى ذلك فلا بأس، مع تجنّب الاتّصال بالمرأة، والنظر إليها بشهوةٍ.السّؤال (117): يقوم بعض الطيارين باصطحاب زوجاتهم أثناء أداء عملهم إلى البلاد الكافرة، خاصةً إذا كانت مدة سفرهم ثلاثة أيام أو خمسةً أو أطول، فما نصيحتكم لهم؟الجواب: هذه في الواقع تختلف باختلاف الناس، فقد يكـون هذا الرجل شابًّا يخشى على نفسه هناك أن تسول له بشيءٍ لا يرضي الله ورسوله، وقد يكون رجلًا لا يهتمّ لهذه الأمور، أما الثاني فنقول له: لا تسافر بها؛ لأن بقاءها في بلدها أفضل وأحفظ لها، وأنت لست بحاجةٍ إليها، وأما الأول فنقول: سافر بها؛ لأن فيها مصلحةً لك، وكفًّا عن الشرّ والفساد، وربما تكون هي أيضًا مثلك، وتحتاج أن تسافر معك.فالفتوى في هذه المسألة تختلف بحسب حال الناس، فيجوز لك أن تأخذها إلى بلاد الكفار؛ لأنك ستذهب إلى هذه البلاد بكلّ حالٍ، لا مناص لك من هذا، وستبقى هي معك في الفندق على وجهٍ يحفظها إن شاء الله، وأما الحجاب فتنتقب، أعني: تغطّي وجهها، وتنقّب عينيها.السّؤال (118): لبس الثوب للرجل، والعباءة للمرأة مع غطاء الوجه، يثير الانتباه في بعض البلاد الكافرة، مما يخشى منه المرء على نفسه وأهله، فما رأي سماحتكم؟الجواب: أظنّ أن هذا وهمٌ، وليس بحقيقةٍ؛ لأن الذي بلغنا أن الذين يلبسون ثيابهم المعتادة يكون لهم احترامهم هناك.وسبحان الله! أوليسوا هم إذا قدموا إلى بلادنا يبقون على لباسهم؟! أليس جميع الأجناس يبقون على لباسهم المعتاد في بلادٍ غير بلادهم؟! فما أظنّ هذا إلا وهمًا، وما أظنّ أن الإنسان يخشى عليه إذا بقي على لباسه المعتاد، وهنا نسأل: ما النّسبة الّتي حصلت للإنسان الّذي بقي على لباسه من الخطر على نفسه؟ وأنا لا أعتقد أن هناك خطرًا.ومع هذا أقول: لو لبس لباسهم المعتاد -أي: لباس البلد الذي هو فيه- بشرط: ألا يكون محرمًا جنسه في الإسلام، فإنه لا بأس.أما بالنّسبة للمرأة فتنتقب هناك، وأسمع أن النّقاب لا يؤبه به، ولا يلتفت الناس إليه؛ لأنه معتادٌ كثيرًا.السّؤال (119): من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يطرق الرجل أهله ليلًا، ونحن كثيرو السفر، بل السفر هو طبيعة عملنا، وكثيرًا ما نصادف الرّجوع ليلًا من رحلاتنا، فكيف العمل؟الجواب: النهي ليس واردًا على هذا، فالنهي واردٌ على إنسانٍ يطرق أهله بغير أن يخبرهم، أما إذا أخبرهم فلا حرج في ذلك، وليس فيه نهيٌ؛ لأن النبي -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم- علل النهي، فقال: «كي تمتشط الشعثة، وتستحد المغيبة»، وهذا يدلّ على أن النهي إنما هو لمن لا يعلم أهله بذلك، أما من علموا وباتّفاقٍ بينه وبينهم، ويقول: سآتي في الساعة الثانية عشرة ليلًا. فلا شيء عليه.السّؤال (120): لا يخفى على سماحتكم أن دول أهل الكتاب في هذه الأيام خليطٌ من أجناسٍ ودياناتٍ مختلفةٍ، وشبهة الذّبح على غير الطريقة الشرعية قويةٌ، فما الحكم في أكل ذبائحهم؟ وهل هناك تفصيلٌ في هذه المسألة؟ نرجو منكم توضيح هذا الأمر؛ فإنه محيّرٌ لنا.الجواب: يشترط في الذبح: أن يعلم أو يغلب على الظنّ أن الذابح ممن تحلّ ذبيحته، وهم المسلمون، وأهل الكتاب: اليهود، والنصارى. فإذا شككنا: هل الذابح من اليهود، أو النصارى؟ فإن غلب على الظنّ أن الذابح يهوديٌّ أو نصرانيٌّ فالذبيحة حلالٌ، وإذا كان غالب الظنّ أن الذين يتولون الذبح ليسوا من أهل الكتاب فالذبيحة حرامٌ، وإذا شككنا فالذبيحة حرامٌ، فصارت المراتب خمسًا:1- إذا علمنا أن الذابح من أهل الكتاب، فالذبيحة حلالٌ.2- إذا غلب على الظنّ أن الذابح من أهل الكتاب، فالذبيحة حلالٌ.3- إذا شككنا، فالذبيحة حرامٌ.4- إذا غلب على الظنّ أن الذابح من غير أهل الكتاب، فالذبيحة حرامٌ.5- إذا علمنا أن الذابح من غير أهل الكتاب، فالذبيحة حرامٌ.فهذه خمس أحوالٍ، تحرم الذبيحة في ثلاث أحوالٍ منها، وتحلّ في حالين.وقد سمعنا أنهم في أمريكا يذبحون بالصعق، لكنهم ينهرون الدم قبل أن تموت، وهذا يوجب حل الذبيحة، ما دام يدركها قبل أن تموت فالذبيحة حلالٌ؛ لأن الله تعالى قال: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة:3].وسمعت -أيضًا- من بعض الشباب الذين ذهبوا إلى هناك يقولون: إنّهم بدؤوا يعلمون أنه لا يمكن أن تكون الذبيحة طيّبةً إلا بإنهار الدم، لكن صاروا ينهرونه على غير الوجه الّذي ينهر به المسلمون، فيقولون: إنهم يخرقون الوريد -وهو العرق الغليظ- ويدخلون في الثّاني شيئًا ينفخون به الدم؛ من أجل أن يخرج بغزارةٍ من العرق الآخر، وهي في الحقيقة إنهارٌ للدم، لكن على وجهٍ آخر.ولعلهم في يوم من الأيام يرجعون إلى طريقة المسلمين، يعني: يقطعون الودجين؛ حتى يسيل الدم منها جميعًا.وعلى كلّ حالٍ، إذا أشكل عليك، وأردتّ أن يكون مطعمك طيّبًا لا إشكال فيه، فعليك بالسمك.السّؤال (121): هناك من يـرى أنه لا حرج من أكـل ذبائح أهـل الكتاب في أيّ بلدٍ، ويقول: سمّ الله، وكل. وبعضهم يرى أن القرائن في ذبائح أهل الكتاب تبيّن أنها لم تذك، فما الضابط لهذا الأمر، وخاصة أنه يحدث خلافٌ فيها؟ وماذا عن المسالخ التي تذبح فيها الذبائح، ويوضع بها مسجّلٌ يذكر فيه اسم الله عليها؟الجواب: إذا كان الأمر كما قلت، وأن الذبائح لا تذبح على الطريقة الإسلامية، وكان في البلد لحمٌ كلحم السمك، أو أمكن أن يشترك الإخوان في ذبيحةٍ يذبحونها على الطريقـة الإسلامية، فـلا شك أن الإنسان يترك ما يشك فيه إلى ما لا يشك فيه.وإذا لم يمكن هذا فلا بأس أن يأكل مما ذبحه أهل الكتاب، ولا يسأل، فليس واجبًا عليه أن يسأل، بل وليس مطلوبًا منه أن يسأل؛ لأنه ثبت في (صحيح الإمام البخاريّ) من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أتى قومٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، إن قومًا يأتوننا باللحم، لا ندري: أذكروا اسم الله عليه، أم لا؟ قال: «سمّوا أنتم، وكلوا» قالت: وكانوا حديثي عهدٍ بكفرٍ. فما دام الله أحل لنا طعامهم -وهو ذبائحهم- فلا ينبغي أن نسأل، بل نأكل ونحمد الله، ولكن -كما قلت- إن أمكن وجود لحمٍ ليس فيه إشكالٌ فهذا أحسن.وأما عن المسالخ التي تذبح فيها الذبائح بوضع مسجّلٍ يذكر اسم الله عليها بواسطته، فهذا لا يصحّ، ولا تحلّ به الذبيحة، فلا بد أن يسمّي الذابح حتّى ولو كان أحدهم يذبح، والآخر هو الّذي يسمّي، لم تحل الذبيحة؛ إذ لا بد أن تكون التسمية من الذابح.السّؤال (122): ما حكم أكل الطعام الّذي قد طهي بشيءٍ من شحم الخنزير؟الجواب: لا يحـلّ أكلـه، وما تغير بهذا الشحم فإنـه ينجّس الثّياب والأبدان والأواني.السّؤال (123): ما حكم الأكل في آنية الكفار؟الجواب: قال صلى الله عليه وسلم: «لا تأكلوا في آنيتهم إلا ألا تجدوا غيرها، فاغسلوها، وكلـوا فيها»، وقال صلى الله عليه وسلم ذلك؛ من أجل أن يبتعد الإنسان عن مخالطـة الكفار، وإلا فالطاهر منها طاهرٌ، يعني: لو طهي فيها طعامٌ أو غيره فهي طاهرةٌ، لكن النبي عليه الصلاة والسلام أراد ألّا نخالطهم، وألا تكون أوانيهم أواني لنا، فقال: «لا تأكلوا فيها إلا ألا تجدوا غيرها، فاغسلوها، وكلوا فيها»، وكلما ابتعد الإنسان عن الكفار فهو خيرٌ له، ولا شك.السّؤال (124): نحن نذهب إلى بعض المطاعم الإسلامية في بلاد الكفار أثناء الرّحلات الخارجية، ثم نجد أنهم يقومون بتقديم الخمور، فما حكم الأكل في هذه المطاعم؟ كما أننا نجد خمورًا بصورةٍ مخفيةٍ أو بصورةٍ ظاهرةٍ في غرف الفندق التي ننزل بها، فما الواجب علينا فعله تجاه هذا الأمر؟الجواب: أولًا: لا تسكنوا في هذه الفنادق إلا للحاجة ما دام يعلن فيها شرب الخمر، ولا تأكلوا في هذه المطاعم إلا لحاجةٍ، وإذا احتجتم فمن السهل جدًّا أن تقولوا للخدم: انزعوا هذا، وأبعدوه. سواءٌ في الفندق أو المطعم.السّؤال (125): يتبقى بعد انتهاء الرّحلة بعض الأطعمة الزّائدة عن حاجة الرّكاب، وغالبًا ما تتلف؛ لأن لها مدةً محدودةً لصلاحيتها تقدر بثلاثة ساعاتٍ بعد تسخينها في الطائـرة، فهـل يجوز أخذ هـذه الأطعمـة بعد الانتهاء من الرّحلات القصيرة التي هي دون الثلاث ساعاتٍ؛ علمًا أنها ستتلف؟الجواب: يرجع في هذا الأمر للمسؤول عنها، فإذا قالوا: لا تأخذوا شيئًا ولو كان يتلف. فيشار عليهم بأن إتلافه إضاعةٌ للمال، وإضاعة المال محرمةٌ، والمسألة لا يخشى منها، يعني: لا يقال: يخشى أن المضيفين يؤخّرون الأكل أو ما أشبه ذلك؛ حتى تبقى بقيته لهم. هذه بعيدةٌ، وأنا أرى أن يؤذن بأخذ ما بقي من الطعام إذا كان صالحًا، لكن لو فرض أنه لم يكن، وأنهم ألقوه وطرح في الأرض، فلكلّ إنسانٍ أن يأخذه؛ لأنهم طرحوه في الأرض، وتخلوا عنه.السّؤال (126): لو أخذت قارورتين من ماء الصّحة الموجودة في الطائرة معي للبلد الذي سوف أنزل فيه، فهل علي شيءٌ؟الجواب: أرى ألّا تأخذ شيئًا مما لم تأكله؛ لأن هناك فرقًا بين التمليك والإباحة، فهم يبيحون لك أن تأكل وتشرب ما شئت، لكن لا يملّكونك هذا، ولذلك رخص الشارع لمن مر ببستانٍ فيه نخلٌ أن يأكل ممّا على النخل، ولكن لا يحمل.السّؤال (127): إذا كان المكان المهيأ لوضع كأس الماء في غرفة القيادة للطيار من جهة اليسار، واعتدت على أخذ الكأس بالشّمال، وأشرب بالشّمال نسيانًا، فهل عليّ شيءٌ؟الجواب: سأذكـر قـاعدةً مفيدةً، وهي قول الله تبارك وتعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:286]، فقال الله تعالى: «قد فعلت»، فكلّ محظورٍ يرتكبه الإنسان نسيانًا أو جهلًا فإنه لا شيء عليه، ولا إثم عليه، ولا فدية إن كان مما فيه فديةٌ.لكن في ظنّي -والله أعلم- أنه إن كان الإنسان عنده انتباهٌ، ويعلم أن الشّرب بالشّمال محرمٌ، وليس مكروهًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه، وقال: «إن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله»، وكان قلبه حيًّا، لا يمكن أن ينسى شيئًا مثل هذا، كما أنه لا ينسى أنه عطشان، فلا ينسى أن يشرب باليمين، لكن على كلّ حالٍ، الإنسان معرضٌ للنّسيان، فإذا أكل ناسيًا أو شرب ناسيًا باليسار فلا شيء عليه.السّؤال (128): ما حكم غسل ملابسنا في البلاد الكافرة مع ملابس الكفار؟الجواب: الغالب على ملابس الكـفار النجاسـة؛ لأنهم لا يستنجون ولا يستجمرون كما يجب، فإذا كان بالإمكان غسلها بمفردها فهذا هو المطلوب، وإذا لم يمكن فلا بد أن نعلم أو يغلب على ظنّنا أن هذا الغسال يضخّ عليها الماء عدة مراتٍ، بحيث تطهر في المرة الأولى أو الثانية، وتبقى طاهرةً.السّؤال (129): في خلال رحلاتنا نسافر إلى البلاد الكافرة، ونبقى بها ثلاثة أيامٍ أو أكثر، فنتجول في أسواقها لغير حاجةٍ، فهل في ذلك بأسٌ؟الجواب: إذا كان ليس هناك منكـرٌ تشاهدونـه وتجالسـون فاعله فلا بأس، لكن لماذا لا يكون هناك لكم رحلةٌ إلى خارج البلد، ومعكم ما ينفع من كتبٍ تذاكرونها، ولاسيما كتب التفسير، ﻛ:(تفسير ابن كثيرٍ) حتى تعرفوا كلام الله؟ لأن أكثر الناس اليوم يقرؤون القرآن، ولا يفهمون معناه، وهؤلاء أميون؛ لقول الله تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّون} [البقرة:78]، وقوله تعالى: {إِلاَّ أَمَانِيَّ} يعني: إلا قراءةً. وهذه فرصةٌ لكم؛ لكي تتنزهوا وتقرؤوا ما ينفعكم.السّؤال (130): هل يأثم المضيف أو الطيار بتهرّبه من الرّحلات إذا كان احتياطًا، وكان لديه بعض الأشغال الخاصة؟الجواب: نعم، الذي يتهرب من واجب الوظيفة آثمٌ؛ لقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ} [المائدة:1]، وقوله تعالى: {وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولا} [الإسراء:34]، فالواجب أن يكون مستعدًّا في الوقت الّذي يطلب منه، ولا يحلّ له التهرب، ولا اختلاق الأعذار؛ لأن ذلك نقضٌ للعهد.السّؤال (131): تنقّل المسلم في بلاد العالم بحكم عمله الذي يزاوله يجعله يرى كثيرًا من الضلالات والجهالات والإلحاد والشّرك والفسوق والفجور، فما دور المسلم تجاه ذلك؟الجواب: دور المسلم أن يدعو إلى الله على بصيرةٍ، وأن يأمر بالمعروف، وينهـى عن المنكر بقـدر المستطاع؛ لقـوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16].السّؤال (132): ما حكم حمل القرآن إلى البلاد الكافرة؟الجواب: حمل القرآن إذا حمله الإنسان ليقرأ فيه فلا بأس، سواءٌ كان مسافرًا إلى بلادٍ كافرةٍ أو مسلمةٍ.السّؤال (133): ما حكم إعطاء الكافر معاني القرآن المترجمة وتفسيره؛ رجاء إسلامه؟الجواب: إذا كان الموجود مجرد معانٍ فلا بأس، وأما القرآن الّذي هو المصحف فلا يمكن منه إلا إذا كان الإنسان مشاهدًا له، بمعنى: أنه يدعوه إلى بيته، ويعرض له المصحف، ويفسّر له معانيه، فهذا لا بأس به؛ لأنه لا يخشى في هذه الحال من أن يهين هذا الكافر كلام الله عز وجل، أما مجرد المعاني فلا حرج.السّؤال (134): ما حكم حمـل الجرائـد والمجلات التي فيـها آياتٌ قرآنيةٌ إلى البلاد الكافرة، علمًا بأن كثيرًا منّا يتركها في غرفة الفندق، وعندما يغادر الفندق تتعرض للامتهان من خدم الفندق، وترمى في القمائم؟الجواب: ولم لا يأخذها معه، ويتخلص منها في مكانٍ نظيفٍ؟!السّؤال (135): ما حكم الساعات الإضافيّة في العمل؟ وهل لها ضوابط شرعيةٌ؟ وهل تدخل في المال الحرام إذا لم أعملها، وكتبت أنّي قمت بها؟الجواب: الساعات الإضافية حسب مقتضى النّظام، ولكن الإنسان إذا أخذ عليها مكافأةً، وهو لم يقم بها، فإن هذه المكافأة تكون عليه حرامًا، وهي من أكل المال بالباطل، مع الكذب زيادةً على ذلك، حيث أثبت أنه عاملٌ ولم يعمل، وفيها إضافةٌ إلى ذلك أنه ربما يكون أسوةً وقدوةً لغيره ممن يتردد في هذا العمل المحرم، فإذا رأى غيره يفعله هان عليه الأمر؛ لأن التأسّي يهوّن المصائب ويهوّن المعاصي، كما أن التأسّي -أيضًا- يقوّي على الطاعة، ولهذا من دل على خيرٍ فله مثل أجر من فعله.السّؤال (136): بعض النّاس يقوم بأداء أمر الله عز وجل له، وحين يشكل عليه أمرٌ فإنه يتخذ فيه رأيًا وفق ما يظهر له من فهمه وتقديره، ويقول: «استفت قلبك» مع قلة علمه الشرعيّ، وعندما ينبه إلى أنه يجب عليه أن يسأل أهل العلم فإنه يقول: كلّ إنسانٍ ونيته، فهل يجوز له هذا؟الجواب: هذا لا يجوز له، والواجب على من لا يعلم أن يتعلم، ومن كان جاهلًا أن يسأل.وأما قـول الرسول صلى الله عليه وسلم: «استفت قلبك» فإنـه يخاطب به رجلًا صحابيًّا، قلبه صافٍ، ليس ملطخًا بالبدع والهوى، ولو أن الناس أخذوا هذا الحديث على ظاهره لكان لكلّ واحدٍ مذهبٌ، ولكان لكلّ واحدٍ ملةٌ، ولقلنا: إن أهل البدع كلّهم على حقٍّ؛ لأن قلوبهم استفتوها، فأفتتهم بذلك.والواجب على المسلم أن يسأل عن دينه، ويحرم على الإنسان أن يقول على الله أو على رسوله بلا علمٍ، ومن ذلك: أن يفسّر الآيات أو الأحاديث بغير ما أراد الله ورسوله.السّؤال (137): ما الحكم فيمن ينتقي الأحكام الشرعية من بين فتاوى العلماء، ويحتجّ بأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما خيّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما؟الجواب: أما من تتبع الرّخص فإنه -كما قال العلماء- قد أتى محرمًا، حتى إن بعضهم قال: من اتبع الرّخص فقد تزندق؛ لأنه متلاعبٌ بدين الله.وأما إذا تعارض عنده قول عالمين، ولم يترجّح عنده أحدهما، فهنا اختلف العلماء، فقال بعضهم: يأخذ بالأشدّ؛ لأنه أحوط. ومنهم من قال: يأخـذ بالأيسر؛ لأن الأصـل براءة الذّمة. ومنهم من قـال: يخيّر. وفي ظنّي -والعلم عند الله- أنه لا يمكن أن يتساوى عند الإنسان عالمان من كلّ وجهٍ، والنفس السليمة لا بد أن يكون لها ميلٌ إلى الحقّ؛ لأنه يوافق الفطر، ولهذا قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «البرّ: ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب. والإثم: ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطلع عليه الناس».السّؤال (138): ما حكم وضع الأموال في البنوك الرّبوية، مع العلم أن هناك شركاتٍ مصرفيةً تقوم بالعمل نفسه، وتقدّم تقريبًا نفس الخدمات، سواءٌ داخل المملكة أو خارجها، وتعلن أنها لا تتعامل بالرّبا؟الجواب: لا شك أن وضع الأموال في شركاتٍ لا تتعامـل بالـرّبا أحسن بكثيرٍ، إذا كانت هذه الشركات ثقةً، لا يخاف من ضياع ماله فيها، أما وضع الأموال في البنوك الرّبوية بدون أخذ ربا فلا بأس به عند الحاجة.السّؤال (139): خطوط الطيران الجوّية تدفع لشركة التأمين تأمينًا سنويًّا على طياريها، وبالتالي عند حصول ضررٍ بدنيٍّ أثناء عمله تعطي شركة التأمين مبلغًا من المال؛ تعويضًا لما أصابه، فما حكم أخذ هذا المال؟الجواب: إذا كان الطيار لا يؤخذ منه شيءٌ مقابل ذلك فلا بأس؛ لأن الطيار كاسبٌ ورابحٌ، ولم يؤخذ منه شيءٌ، ومعاملته مع شركته سليمةٌ لا شيء فيها.السّؤال (140): ما حكم استخدام بطاقـات الائتمان (بطاقـات الإقراض) الّتي تشترط عليك الزّيادة في حال تأخّرك عن السداد؛ علمًا أنني أقوم بالسداد فورًا، ولا آخذ قروضًا بها، وبالتالي لا أتعامل بالرّبا معهم، واستخدامي لها إنما هو للحاجة، وخاصةً أن شركات تأجير السيارات في الخارج لا تؤجرك السيارة إلا بهذا النوع من البطاقات، بل كثيرٌ من الفنادق تتبع النّظام نفسه، وبها تقضى مصالح كثيرةٌ، مع الخوف من حمل أموالٍ نقديةٍ في الجيب في بعض البلاد، فما رأي سماحتكم فيها، مع العلم أن عقد التعامل مع هذه الشركات صاحبة البطاقات يكون كالتالي، وهو أن يدفع حامل البطاقة رسومًا سنويةً للشّركة، بموجبها يستطيع أن يستخدم البطاقة لشراء حاجياته من المحلات التّجارية، ويقوم بسدادها كل فترةٍ للشركة؟الجواب: بناءً على ذلك لا أرى جوازها؛ لأنه حتى لـو وفّى الإنسان قبل تمام المدة فقد التزم من الأصل أن يتعامل بالربا إذا تمت المدة، والالتزام بالتعامل بالرّبا -وإن لم يرب- هو محرمٌ، والناس قد مضى عليهم سنواتٌ كثيرةٌ قبل أن تظهر هذه البطاقات، ومن الممكن أن يودع الإنسان ماله عند بنكٍ، ويسحب منه على الحساب الجاري بدون ربًا.السّؤال (141): يقول النبيّ صلى الله عليه وسلم: «السفر قطعةٌ من العذاب، يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه، فإذا قضى نهمته فليعجّل إلى أهله»، ما معنى الحديث؟الجواب: معناه: أن المسافر يلحقه التعب البدنيّ والقلبي والفكريّ، ولا ينبغي للإنسان أن يبقى هكذا في حياته، بل إذا قضى شغله الذي سافر من أجله فليعجّل إلى أهله؛ ليكون ذلك أشدّ اطمئنانًا لخاطره من جهةٍ، وليكون عند أهله، يربّيهم ويرشدهم من جهةٍ أخرى.السّؤال (142): قال بعض أهل العلم: سمّي السفر سفرًا؛ لأنه يسفر عن الأخلاق. نرجو من سماحتكم توضيح هذه العبارة.الجواب: معنى ذلك: أن الإنسان لا يعرف إلا إذا سافر، فإذا سافر عرفت سيرته وحركته ومبادئه؛ لأنه كان في الأول مستورًا في بيته وسوقه، ولا يعرف عنه شيءٌ، فإذا سافر تبينت أحواله، ولهذا يذكر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا زكى أحدٌ شخصًا قال له: هل سافرت معه؟ فإذا قال: لا. قال: إذن لا تعرفه.السّؤال (143): من طبيعة عمل الملاح الجوّيّ -كالطيار، ومساعده، والمهندس الجوّي، والمضيف- التنقـل والسفر الدائم، الأمر الذي يؤدّي إلى الابتعاد عن منزله وزوجته وأولاده، مما يحدث فراغًا في تربية الأسرة، فما نصيحتكم؟الجواب: الغياب عن الأهل لطبيعة العمل هذا أمرٌ لا بد منه، لكن في ظنّي أن هناك إجازاتٍ، ولا يظلّ هؤلاء مسافرين طوال السّنة، بل يرجعون إلى أهليهم في الأسبوع مرةً أو مرتين أو أكثر أو أقل، وهذا كافٍ، وهؤلاء مثل غيرهم في تربية الأولاد، فإذا رجع إلى أهله تفقدهم، وسألهم: ماذا صنعتم في غيابي؟ ماذا حصل لكم؟ ويأتي لهم بالأشياء الناقصة التي تحتاجها الأسرة، ويلاحظهم بقدر المستطاع.السّؤال (144): متى يكون دعاء المسافر مستجابًا؟ ومتى يكتب له ما يعمله في الحضر والسفر؟الجواب: أما الاستجابة فإن السفر من مواطن الإجابة، وهو كغيره من مواطن الإجابة الزمانية والمكانية، فليتحرّ الدّعاء في سفره بما يشاء.وأما ما كان يعمله في حضره من الأعمال الصالحة فإنه يكتب له ما دام مسافرًا.السّؤال (145): ما حكـم أخـذ السماعات المخصصـة للاستـماع للقنوات الإذاعية المسموعة في الطائرة، أو البطانيات، أو أدوات الطعام، أو غيرها من أدوات الطائرة المعدة لخدمة الرّكاب، علمًا أن النّظام يبيح استخدامها في الطائرة، ولا يبيح تملّكها؟الجواب: لا يحل لأحدٍ أن يأخذ شيئًا من هذا؛ لأن الموجود في الطائرة إنما أبيح للرّكاب استعماله فقط، لا تملّكه، إلا ما كان موضوعًا للتملّك، كمجلّة (أهلًا وسهلًا)، فهـذه مكتوبٌ عليها أنها هديـةٌ، وما عدا ذلك فلا يجوز أخذه إلا ما أباح النّظام أخذه.السّؤال (146): ثبت ضرر الجوال على أجهزة الملاحة الجوّية في الطائرة، واستعماله في الطائرة قد يعرّض الطائرة للخطر، فما حكم استخدام الجوال من قبل الرّكاب على متن الطائرة، مع العلم أن النّظام يمنع منعًا باتًّا استعماله على متن الطائرة؟الجواب: إذا كان النّظـام يمنع من استعماله مطلـقًا فإنـه لا يجـوز استعماله، حتى وإن لم يؤثر على الطائرة؛ لأن الطائرة ملكٌ للجهات المسؤولة عنها، فإذا قرر صاحب الطائرة أو المسؤول عنها ألا يستعمل الجوال فإنه لا يجوز استعماله، حتى وإن لم يكن ضررًا على الطائرة، فإن كان ضررًا على الطائرة كان ذلك أشد منعًا، وأشد إثمًا.السّؤال (147): ما حكم مخالطة المسلمين لغيرهم في أعيادهم؟الجواب: مخالطة المسلمين لغيرهم في أعيادهم محرمةٌ؛ لما في ذلك من الإعانة على الإثم والعدوان، وقد قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2]، ولأن هذه الأعياد إن كانت لمناسباتٍ دينيةٍ فإن مشاركتهم تقتضي إقرارهم على هذه الدّيانة، والرّضى بما هم عليه من الكفر، وإن كانت الأعياد والمناسبات غير دينيةٍ فإنه لو كانت هذه الأعياد في المسلمين ما أقيمت، كيف وهي في الكفار؟!لذلك قال أهل العلم رحمهم الله: إنه لا يجوز للمسلمين أن يشاركوا غير المسلمين في أعيادهم؛ لأنّ ذلك إقرارٌ ورضًى بما هم عليه من الدّين الباطل، ثم إنه معاونةٌ على الإثم والعدوان.واختلف العلماء فيما إذا أهدى إليك أحدٌ من غير المسلمين هديةً بمناسبة أعيادهم، هل يجوز لك قبولها، أو لا يجوز؟ فمن العلماء من قال: لا يجوز أن تقبل هديتهم في أعيادهم؛ لأن ذلك عنوان الرّضى بها. ومنهم من قال: لا بأس به.وعلى كلّ حالٍ، إذا لم يكن في ذلك محذورٌ شرعيٌّ -وهو أن يعتقد المهدي إليك أنك راضٍ بما هم عليه- فلا بأس بالقبول، وإلا فعدم القبول أولى.وهنا يحسن أن نذكر ما قاله ابن القيّم في كتاب «أحكام أهل الذّمة» [1/205]: وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرامٌ بالاتّفاق، مثل: أن يهنّئهم بأعيادهم وصومهم فيقول: عيدٌ مباركٌ عليك. أو: تهنأ بهذا العيد. ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنّئه بسجوده للصليب، وكثيرٌ ممن لا قدر للدّين عنده يقع في ذلك. اﻫ.السّؤال (148): لكثرة الأسفار التي هي من طبيعة عملنا، وبالأخصّ إلى البلاد الغربية، يقع الاختلاط بالنّساء، مما يعرّض المرء للفتن، فما الّذي يساعد على الثبات على الاستقامة؟الجواب: الّذي يساعد على هذا: تقوى الله عز وجل، وأن الإنسان إذا سولت له نفسه ما لا يرضي الله عز وجل يذكر الله بقلبه، ويذكر عظمته، ويذكر عقابه، وأن تعلّقه بالنّساء لا يزيده إلا شدةً وبلاءً، ويغضّ البصر؛ كما قال الله عز وجل: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُون} [النور:30].السّؤال (149): ما دور المضيف في إنكار المنكرات التي قد تقع في الطائرة؟الجواب: دوره كدور غيره، أنه يجب عليه الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر بقدر المستطاع، قال النبيّ -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم-: «من رأى منكم منكرًا فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان».السّؤال (150): ما نصيحتكم للمضيفين، خاصةً أن تعاملهم مع جميع فئات الناس تقريبًا؟الجواب: نصيحتي لهم: أن يكونوا على أخلاقٍ فاضلةٍ في معاملة الرّكاب وخدمة الرّكاب، وهم -والحمد لله- بالنّسبة للمضيفين في طائرات السّعودية هم على هذا أو أكثرهم.ثانيًا: أن يبتعدوا كل البعد من محادثة المضيفات فيما لا حاجة إليه، والضحك إليهن، والجلوس إلى جنبهن؛ لأن هذا فتنةٌ عظيمةٌ، لا سيما أنهم شبابٌ، وأنّ من المضيفات من هي شابةٌ، وعلى الإنسان أن يتقي ربه، وأن يغضّ البصر عن التحديق في المضيفة، وأن يبتعد عنها أشد البعد.وإنّي أجزم أن كل مضيفٍ لا يرضى أن تكون أخته أو بنته أو أمّه تتحدث إلى رجلٍ أجنبيٍّ، وتجلس إلى جنبه، وتضحك إليه، ويضحك إليها، إلا من سلبت الغيرة من قلبه، فهذا شيءٌ آخر، وإذا كان لا يرضى هذا لقريبته، فكيف يرضى هذا لقريبة الناس؟!فنصيحتي لإخواني المضيفين: أن يبتعدوا عن المضيفات، وألا يتحدثوا إليهن إلا بقدر الضّرورة، وألا يجلسوا بجنبهن. الأذكار والدّعواتالسّؤال (151): للأذكار الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم -في الصباح والمساء، والخروج والدّخول، والسفر والعودة، وغيرها- فوائد، فهلا ذكرتم لنا بعض فوائد الذّكر إن أمكن؟الجواب: أحيلكم -بارك الله فيكـم- إلى كتاب (الوابـل الصيب) لابن القيّم رحمه الله، فقد ذكر أكثر من مئة فائدةٍ في الذّكر، وأكبر فائدةٍ تحصل للمرء: هي طمأنينة القلب؛ كما قال تعالى: {أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوب} [الرعد:28].ومن الفوائد: أن الإنسان يدخـل في قـوله تعالـى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران:190-191].ومن فوائده: أن فيه حياة القلب، وصلته بالربّ عز وجل، فكم من قلبٍ ميّتٍ أحياه الله بالذّكر! وكم من قلبٍ قاسٍ لينه الله بالذّكر! وكم من قلبٍ غافلٍ أيقظه الله تعالى بالذّكر! فذكر الله كلّه خيرٌ.السّؤال (152): نصادف في بعض الأحيان أحوالًا صعبةً جدًّا بالطائرة في الجوّ، فهل هناك ذكرٌ معينٌ ينصحنا به سماحتكم؟الجواب: الدّعاء بأن ينجّي الله الرجل ومن معه من هذا الخطر، ويدعو بما يناسب الحال والمقام.السّؤال (153): هل هناك أدعيةٌ واردةٌ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم عند رؤية البرق، وسماع الرعد، ونزول المطر، ورؤية الشّهب والنّجوم؟الجواب: أما نزول المطر ففيه سنةٌ فعليةٌ وقوليةٌ، فأما السّنة الفعلية فهو أن يحسر عن بدنه حتى يصيبه المطر؛ كما فعل النبيّ صلى الله عليه وسلم، وقال: «إنه حديث عهدٍ بربّه»، وأما القولية فإنه -صلّى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يقول: «اللهم صيّبًا نافعًا».وأما عند سماع الرعد ورؤية البرق ففيه آثارٌ عن الصحابة، كالّذي أثر عن عبد الله بن الزّبير رضي الله عنهما أنه كان يقول: «سبحان من يسبّح الرّعد بحمده، والملائكة من خيفته».ومنه أثرٌ آخر: «اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك».وأما عند رؤية البرق فيقول: «سبحان الله وبحمده».وكلّها آثارٌ عن بعض الصحابة، وفيها مقالٌ من حيث صحتها.وأما عند رؤية الشّهب والنّجوم فلا أعلم فيها شيئًا.السّؤال (154): متى يقول المسافر دعاء السفر في الطائرة؟الجواب: إذا صعد إلى الطائرة، واستقر على الكرسيّ، قال الدّعاء.والله أعلم، وصلّى الله وسلّم وبارك على عبده ورسوله خاتم النّبيّين، وإمام المتّقين، نبيّنا محمّدٍ، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين.بسم الله الرحمن الرحيم الأذكار الّتي تقال صباحًا ومساءً1-         {الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [البقرة:1-5].2-         {اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيم} [البقرة:255].3-         {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [البقرة:285-286].4-         {حم تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [غافر:1-3].5-         {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الحشر:22-24].6-         {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَق} {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس } السّورة كاملةً ثلاث مرّاتٍ.7-         «أعوذ بكلمات الله التّامّات من شرّ ما خلق» ثلاث مرّاتٍ.8-         «باسم الله الّذي لا يضرّ مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السّماء، وهو السّميع العليم» ثلاث مرّاتٍ.9-         «رضيت بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمّدٍ صلى الله عليه وسلم نبيًّا» ثلاث مرّاتٍ.10-    «أصبحنا وأصبح الملك لله، والحمد لله، لا إله إلّا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ، ربّ أسألك خير ما في هذا اليوم وخير ما بعده، وأعوذ بك من شرّ ما في هذا اليوم، ومن شرّ ما بعده، ربّ أعوذ بك من الكسل والهرم وسوء الكبر، وأعوذ بك من عذابٍ في النّار، وعذابٍ في القبر»، وفي المساء يقول: «أمسينا وأمسى الملك لله»، ويقول: «ربّ أسألك خير ما في هذه اللّيلة ...» إلخ بدلًا عن: «أصبحنا وأصبح»، وعن: «هذا اليوم».11-    «اللّهمّ بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيى، وبك نموت، وإليك النّشور»، وفي المساء يقول: «اللّهمّ بك أمسينا، وبك أصبحنا، وبك نموت، وبك نحيى، وإليك المصير».12-    «اللّهمّ ما أصبح بي من نعمةٍ أو بأحدٍ من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمـد، ولك الشّكـر»، وفي المسـاء يقـول: «ما أمسى بي».13-    «اللّهمّ إنّي أصبحت في نعمةٍ منك وعافيةٍ وسترٍ، فأتمّ نعمتك عليّ وعافيتك وسترك في الدّنيا والآخرة» ثلاث مرّاتٍ، وفي المساء يقول: «اللّهمّ إنّي أمسيت».14-    «اللّهمّ إنّي أعوذ بك من الهمّ والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدّين، ومن قهر الرّجال».15-    «اللّهمّ إنّي أسألك العافية في الدّنيا والآخرة، اللّهمّ إنّي أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللّهمّ استر عوراتي، وآمن روعاتي، اللّهمّ احفظني من بين يديّ ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي».16-    «اللّهمّ أنت ربّي، لا إله إلّا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شرّ ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ، وأبوء بذنبي، فاغفر لي؛ إنّه لا يغفر الذّنوب إلّا أنت».17-    «اللّهمّ فاطر السّماوات والأرض، عالم الغيب والشّهادة، ربّ كلّ شيءٍ ومليكه، أشهد أن لا إله إلّا أنت، أعوذ بك من شرّ نفسي، ومن شرّ الشّيطان وشركه، وأن أقترف على نفسي سوءًا أو أجرّه إلى مسلمٍ».18-    «اللّهمّ إنّي أصبحت أشهدك وأشهد حملة عرشك وملائكتك وأنبياءك وجميع خلقك بأنّك أنت الله لا إله إلّا أنت، وأنّ محمّدًا عبدك ورسولك»، وفي المساء: «اللّهمّ إنّي أمسيت ... إلخ» أربع مرّاتٍ.19-    «لا إله إلّا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ» مئة مرّةٍ في الصّباح أو المساء.20-    «حسبي الله، لا إله إلّا هو، عليه توكّلت، وهو ربّ العرش العظيم» سبع مرّاتٍ.21-    «حسبي الله وكفى، سمع الله لمن دعا، ليس وراء الله مرمى».22-    «سبحان الله وبحمده» مئة مرّةٍ في الصّباح أو المساء، أو فيهما جميعًا.23-    «أستغفر الله، وأتوب إليه» مئة مرّةٍ.هذا ما تيسّر كتابته، أسأل الله تعالى أن ينفع به.كتبه: محمّد الصّالح العثيمينفي 20/1/1418ﻫ