العربية
المؤلف | عبدالرحمن بن عبدالله آل فريان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - التوحيد |
شهادة أن لا إله إلا الله هي كلمة التوحيد وهي أصل الأصول، وعلى صحتها مدار القبول وبها توزن الأعمال، في مفتاح الجنة وعنوان السعادة، ولكن ما من مفتاح إلا وله أسنان، فلا تصح الأعمال إلا بوجودها ولا يسعد صاحبها بدون الأعمال.
الحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله، والحمد لله الذي جعل أركان الإسلام خمسة كما قسمها رسول الله، أحمده سبحانه على ما منّ به وما أولاه، وأشكره على جميع نعمه وآلائه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا رب لنا سواه، وأشهد أنّ نبينا محمداً صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تمسك بهداه إلى يوم لقاه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد،
فيا أيها الناس اتقوا الله حق تقواه، وسارعوا إلى مغفرته ورضاه، واعلموا أنّ نبيكم صلى الله عليه وسلم أقام في مكة عشر سنين بعد البعثة وقبل الهجرة يدعو إلى التوحيد وينذر عن الشرك بالله، ويدعوا الأمة إلى طاعة الله وينهاهم عن معصية الله، وبين لأمته أركان الإسلام الذي لا يقبل الله من أحد سواه.
فقال في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهم المتفق على صحته وعلى فهم لفظه ومعناه، قال: "بني الإسلام على خمس، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام".
فشهادة أن لا إله إلا الله هي كلمة التوحيد وهي أصل الأصول، وعلى صحتها مدار القبول وبها توزن الأعمال، في مفتاح الجنة وعنوان السعادة، ولكن ما من مفتاح إلا وله أسنان، فلا تصح الأعمال إلا بوجودها ولا يسعد صاحبها بدون الأعمال.
ولها ركنان، هما النفي والإثبات.
ولها أيضاً سبعة شروط ذكرها العلماء الأعلام وهي:
العلم، واليقين، والإخلاص، والصدق، والمحبة، والانقياد، القبول.
فالعلم ضد الجهل.
واليقين ضد الشك.
والإخلاص ضد الشرك.
والصدق ضد الكذب.
والمحبة ضد الكراهية.
والانقياد ضد التوقف.
والقبول ضد الرد.
ونظم هذه الشروط بعض العلماء فقال:
علمٌ يقينٌ وإخلاص وصدقك مع محبة وانقياد والقبول لها
فلا ينفع قول "لا إله إلا الله" صاحبه إلا بوجود هذه الشروط السبعة، كما في حديث صاحب البطاقة الذي رجحت بسيئاته لما قالها وأتى بها بكامل شروطها.
وأما إذا لم توجد هذه الشروط السبعة أو فقد بعضها فإنه لا ينفع قول "لا إله إلا الله" شيئاً، كالمنافقين فإنهم يقولونها ولكن لا تنفهم عند الله، لأنهم ما قالوها عن صدق ومحبة، ولهذا صاروا في الدرك الأسفل من النار تحت الكفار لأنهم كذبوا على الله فأعمى الله قلوبهم.
نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة.
فإنْ أختلت شهادة أن لا إله إلا الله من العبد كان مشركاً، وإن أختلت منه متابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مبتدعاً، فلا بد للعمل أن يكون لله ولابد أيضاً أن يكون على وفق سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنّ للعمل ميزاناً في باطنه وهو أن يكون لله، وميزاناً في ظاهره وهو أن يكون على سنة رسول الله صلى الله عليه وسم، وهذا هو الإخلاص والمتابعة.
فلا يغرنكم أيها المسلمون من كان في هذه الدنيا على الإعراض والمخالفة فإنّ السالم والمستقيم هو القليل كما قال تعالى: (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) [سـبأ: 13].
وهذا أفضل الخلق على الإطلاق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يخاف من هذا الداء الوبيل ويدعو الله بتثبيت قلبه على الصراط المستقيم قالت عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من –يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك-".
وكذلك خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام يقول: (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ) [إبراهيم: 35].
فما أكثر أهل الشرك في هذه الأزمان، رزقنا الله وإياكم والمسلمين التمسك بالإسلام.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال الله تعالى في كتابه الكريم: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ) [محمد:19].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.