الرفيق
كلمة (الرفيق) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) من الرفق، وهو...
العربية
المؤلف | عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة |
المنصب والولاية أمانة ومسؤولية عظيمة، وخزي وندامه يوم القيامة لمن لم يؤدّ حقها، إن كل مسؤول سيسأل يوم القيامة عن مسؤوليته التي كلف بها، وعن من تحته من رعيته: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الحجر:92-93]، وفي الحديث: "كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ".
إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه، ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا؛ ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أنْ لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آلهِ وصحبِهِ، وسلَّمَ تسليماً كثيراً إلى يومِ الدين.
أمَّا بعد: فيا أيُّها النَّاس، اتَّقوا اللهَ -تعالى- حَقَّ التقوى.
عباد الله: المنصب والولاية أمانة ومسؤولية عظيمة، وخزي وندامه يوم القيامة لمن لم يؤدّ حقها، إن كل مسؤول سيسأل يوم القيامة عن مسؤوليته التي كلف بها، وعن من تحته من رعيته: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الحجر:92-93]، وفي الحديث: "كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ".
وإن على المسؤول أن يتحلى بآداب الإسلام في مسؤوليته؛ ليؤدي الواجب الذي أنيط به على الوجه الأكمل، ليخرج منها بنجاح.
وللمسؤولية في الإسلام آداب عظيمة، فمنها: إن هذه المناصب أمانة في عنق من تولاها، فيجب أن يؤديها على الوجه الأكمل، قال الله -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) [النساء:58]، وقال: (وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) [المؤمنون:8، المعارج:32]، وفي الحديث: "أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ".
وليعلم أن هذه المناصب تكليف لا تشريف، وأنها لا تدوم لأحد، والعمر لا يدوم، فعليه أن يتقي الله في مسؤوليته، ويعرف حقوق من تحت يده، ويحافظ على الممتلكات العامة بأمانة وإخلاص.
ومن الآداب التي يتحلى بها المسؤول: التواضع وخفض الجناح، والبعد عن الكبر والتعالي والتعاظم، فإن المتكبر ينفر الناس منه، ولا يطمئنون إليه، وينفرون من محادثته، فعلى المسؤول أن يتقي الله ويبتعد عن هذا، وينقاد للحق، ويتواضع للخلق، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَىَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لاَ يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ".
والله -تعالى- يقول: (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [لقمان:18]، فكلما المسؤول كان متواضعا قرب الناس منه، وبلغوا حاجاتهم، وتفاهموا معه فيما يعود بالخير في الحاضر والمستقبل.
ومن الآداب التي يجب أن يتحلى بها المسؤول: المحافظة على الأموال العامة، والبعد عن الحرام، فحرام على المسؤول أن يتخذ منصبه وولايته مطيةً للتكسب، والتحايل على أكل المال بغير حق بطريق التحايل والحيل، والسرقة والنهب، وأخذ الرشوة، وقبول الهدايا، كل هذا حرام عليه، فالمال العام أمانة في عنقه، الله سيسأله عن ذلك المال، فيما أنفقه؟ هل أنفقه في مصالح الأمة أم خادع وخان وقبِل الرشوة وتغاضى عن الأخطاء التنفيذية لأجل مصالح نالها من ذلك العمل؟.
ولهذا حرمت هدايا العمال، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ"؛ لأنهم إنما أهدوا إليه ليكسبوا وده وتهاونه ليتغاضى عن كل العيوب وينفذ المشروع على أية حال، لا يحاسب ولا يسأل ولا يستفسر؛ لأن اللسان أخرس بما أخذه من أموال.
ويقول -صلى الله عليه وسلم-: "مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقْنَاهُ رِزْقًا فَمَا أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ غُلُولٌ"، والله يقول: (وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) [آل عمران:161]، سيأتي به يحمله على رقبته، يوم القيامة يعذب بذلك المال الذي أخذه بغير حقه، فالأموال العامة أمانة عند من وُلِّي عليها، والله سائل كلا عن ولايته وعن ما أنفق في هذه المشاريع العامة، هل أنفقها بأمانة وإخلاص أم تغاضى عن العيوب وتهاون وتساهل؟.
ومن الآداب التي يتحلى بها المسؤول العدل في كل الأحوال، والله -جلَّ وعلا- أمرنا بالعدل: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ) [النحل:90]، وقال -جلَّ جلاله-: (وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [الحجرات:9]، وقال: (وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) [آل عمران:57، 140]، وفي الحديث: "اتَّقُوا الظُّلْمَ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".
أيها المسلم: فالعدل مطلوب منك أيها المسؤول، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "الْمُقْسِطُونَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا"، يعدلون في أحكامهم، ويعدلون في أهليهم، ويعدلون فيما ولوا، فيعاملون من تحت أيديهم بالعدل في كل الأحوال.
ليس من العدل أن تفرغ أناسا من موظفيك وتشغل آخرين، ليس من العدل أن تكتب أسماء أشخاص وهم غير موجودين، أسماؤهم موجودة في البيان وهم غير موجودين في المكان، كل هذا خلاف للعدل...
ومن الآداب التي يتحلى بها المسؤولُ أيضا: البشاشة والرفق واللين في التعامل مع مراجعيه، والتعامل مع من تحت يديه، فإن المسؤول إذا وفق للين والبشاشة في وجوه من يخاطبهم، وثقوا به واطمأنوا إليه؛ ولهذا النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ، وَمَنْ وَلِي مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ".
ومن الآداب المهمة أيضا أن يكون المسؤول عفيفا في أقواله وفي أعماله، عفيف اللسان، بعيدا عن أكل المال الحرام والتعامل به، أقواله طيبة، عفيف اللسان لا يخاطب الناس بأقوال سيئة، ولا يخاطب من تحت يديه بأقوال سيئة، ولا يسيء بهم الظن، ولا يلفق بهم من العيوب ما هم منه برآء...
ومن الآداب العظيمة أيضا: كون المسؤول موفقا للمشورة، فيسأل المختصين وذوي الخبرات فيما يريد أن يعمله، فلا يستقل برأي، فالاستقلال بالرأي أحيانا يوجب له الفشل والتقصير وعدم القيام بالواجب، وفي الأثر: "ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار".
فكل قرار متخذ بمشورة وتروٍّ وبصيرة يكون له من النفوذ ما ليس لقرار اتخذ بطريق الاستعجال والانفراد، فالآراء المتعددة ينتج منها فكر حسن يكون سببا لصلاح ذلك القرار.
ومن الآداب المطلوبة أيضا: القدوة الحسنة، فالمسؤول قدوة لمن تحت يده في أعماله وأقواله، يقودهم بالخير قولا وعملا، أعماله جميلة، أعماله طيبة، أعماله حسنة، أقواله مهذبة، فيقتدون ويتأسون به، فالنفوس مجبولة على بغض من يخالف قوله عمله، فمن كانت أعماله تخالف أقواله لا يوثق به؛ لكن إذا كان هذا المسؤول يعمل أعمالا طيبة ويقول أقولا طيبة فإن من تحت يده سيتأسون به في أعماله الطيبة وأقواله الحسنة، وسيكونون له عونا.
ومن الآداب أيضا: أن يقبل المسؤول نصيحة من ينصحه، فإذا كان من ينصحه رجلا صالحا أدى نصيحة صادقا فيها لله خالصا فيها لله، لا يطلب من وراء هذه النصيحة تشهيرا ولا تبريرا ولا عيبا؛ ولكنها نصيحة يوصلها إلى أذن من ينصحه طاعة لله واستجابة لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الدِّينُ النَّصِيحَةُ"، قَالُوا لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ".
فهذا الناصح المخلص يؤدي هذه النصيحة سرا إلى ذلك المسؤول لينبهه لأخطاء في نفسه، أخطاء في عمله، أخطاء فيمن تحت يده، لتكون هذه النصيحة سببا يتوصل به إلى تصحيح الأخطاء وتقويم السلوك، فصدق الناصح وإخلاص الناصح ومحبة المنصوح للنصيحة كلها أمور مطلوبة، وأمور خيرة ينبغي التخلق بها، والتحلي بها.
ومن الآداب التي يتحلى بها أيضا: تشجيعه للمحسنين، تشجيعه للمنتجين، فيشجعهم ويثني عليهم ويقربهم إذا لقي منهم إخلاصا وصدقا وتفانيا في الأعمال، فالثناء على المحسن ووصفه بالخير مما يشجع الآخرين ويحثهم على التفاني والإخلاص في الأمور كلها.
ومن الآداب أيضا: توزيع الأعمال على مَن تحت يده، على قدر إنتاجهم واستطاعتهم، فكل يولَّى ما يستطيع، فإسناد العمل لإنسان لا يقدر عليه، هذا من خيانة العمل، لا بد أن تكون الأعمال مسندة إلى من يستحقها بكل أمانة لمن يقدر على القيام بها.
ومن الآداب أيضا: أن يوفق المسؤول لتمكين العامل من أداء واجبات الإسلام، فيمكنهم من أداء الصلاة جماعة مع الإمكان، ويمكنهم من أداء الصوم والحج، ويمكنهم من القيام بمشاعر الدين، وهذا أمر مطلوب، ولا ينافي ذلك قوة العمل، فإن من وفق بأن يحمل من تحت يده على أداء فرائض الإسلام لا ينقص ذلك من عمله، ولا يخل ذلك بأداء الواجب.
ومنها أيضا: أن لا يخل بنظام، وأن لا يسن نظاما يحمل به موظفيه على عدم الالتزام بشرع الله، بأن يحملهم على مخالفة السنة، فيفرض على كل فتاة أن تكون سافرة تختلط مع الرجال، ولو كان عملها لا يقتضي ذلك، يفرض عليها أن تكون في عملها متبرجة سافرة بعيدة عن الحشمة والعفاف، مختلطة مع الرجال في كل الأمور، ولو لم يكن ذلك مرتبطا بعملها، لكنه يريد بهذا النظام السيئ إفساد الأخلاق، إفساد القيم والفضائل، وهذا أمر لا يجوز.
فأي مسؤول سن نظاما يخالف شرع الله والأخلاق والفضائل فإن هذا أمر مردود عليه، فيجب على كل مسؤول مسلم أن يتصور أي نظام يسن، وأي قانون يضع، لأجل أن لا يخالف المرء شريعة الإسلام، المرأة في مظهرها وباختلاطها مع الرجال وامتزاجها معهم، ولم يكن ذلك من ضمن عملها، فإن هذا من الأمور الخطيرة؛ بل يجب أن تعزل المرأة عن الرجل ما أمكن، لأن هذا هو الدين القيم، حفظ الرجال وحفظ العورات من السوء والفساد، نسأل الله التوفيق والسداد.
ومن الآداب أيضا: النصيحة السرية بين الرئيس ومن تحت يده، عندما يشعر بنقص أو تقصير من أحد ممن تحت يده، فالنصيحة السرية بينهما وتبيين أخطائه وتصويره للأخطاء التي وقع فيها ليجتنبها إن كانت حقا ويبتعد عنها، فإن النصيحة في السر لها أثر عظيم.
أما فضحه والتشهير به ونشر معايبه هذا لا يؤدي إلى خير، أنت تريد الإصلاح، فاتق الله وأصلح ذات البين، واستفسر من هذا المقصر، ما هي أسباب التقصير في عمله وحضوره والالتزام بالدوام؟ حتى تبين له الخطأ الذي وقع فيه، فإن المقصود التعامل على الرقي بالمسؤوليات بما يحقق سعادة الأمة في حاضرها ومستقبلها.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) [الأحزاب:72].
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إنَّه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله رب العالمين، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهد أنْ لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ.
أما بعدُ: فيا أيُّها النَّاس، اتَّقوا اللهَ -تعالى- حَقَّ التقوى.
عباد الله: إن المتحلي بآداب الإسلام والمتصف بها هو أهل للمسؤولية، ذلك الذي يحقق بتوفيق الله الخير والنجاح لأمته ويسعى في إصلاحهم، ذلك الذي تولى الأمانة بمسؤولية وخوف من الله وحرص على أداء العمل يوفقه الله في نجاح أعماله وتحقيق ما فيه مصلحة الأمة في الحاضر والمستقبل.
أيها المسؤول في شركة أو دائرة حكومية: اتقِ الله في مسؤوليتك، تخلق بالرفق والأناة والحلم في أمورك، اجعل أعمالك الموكلة إليك نصب عينيك ولا تقدم عليها أعمالك الشخصية، ومصالحك الخاصة، اهتم بأمر موظفيك اهتماما عظيما، فالله سائلك عنهم يوم القيامة، إياك أن تجعل منصبك مطية للتكسب وتكثير الأموال! فأي مال أخذت بغير حق حرام عليك، وحطب يتهجم عليك يوم القيامة، إن هذا المال ستفارقه ولا بد، وأنت مسؤول عنه يوم القيامة: "يَتْبَعُ الْمَيِّتَ ثَلاَثَةٌ: أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ؛ فَيَرْجِعُ اثْنَانِ: أَهْلُهُ وَمَالُهُ، وَيَبْقَى وَاحِدٌ: عَمَلُهُ".
فاتق الله، لا يهمك كثرة الرصيد، اهتم بما دخل عليك به المال؛ أبطريق مشروع فتأخذه طيبة به نفسك، أم كان حراما فتبتعد عنه.
نفذ ما أمرت بتنفيذه، وما أوكل إليك بمسؤولية، بأمانة وإخلاص، واعلم أن خيانتك للأمة أعظم من سرقة الأفراد، السرقة من واحد جريمة، ولكن أعظم منها سرقة الأموال العامة وخيانة الأموال العامة التي تضر بالأمة في حاضرها ومستقبلها.
الزم العدل واجعل العدل نصب عينيك، لا تكن علاقتك مبنية على القرابة والمصالح الشخصية والمجاملة؛ بل اجعل الأمر المهم العمل والإنتاج وأداء الواجب.
راقب الله في أحوالك كلها، واعلم أن الله سيسألك يوم القيامة عن هذه الأموال: من أين اكتسبتها؟ وفيما أنفقتها؟ تخلص من الأموال الحرام التي لا يحل لك أخذها بغير حق، اتق الله فيها.
وراقب الله في أمتك، فإن هذه أمانة سيسألك الله عنها، فعلينا بتقوى الله في أنفسنا، ولنراقب الله في سرنا وعلانيتنا، فمن اتقى الله وراقبه أدى ذلك إلى صدقه وإخلاصه وتنفيذه ما أمر بتنفيذه بطيب نفس وإخلاص. نسأل الله لنا ولكم الثبات على الحق، والاستقامة عليه.
واعلموا -رحمكم الله- أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ اللهِ على الجماعةِ، ومن شذَّ شذَّ في النار.
وصَلُّوا -رحمكم الله- على محمد بن عبد الله كما أمركم بذلك ربكم، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].
اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك محمد...