الباسط
كلمة (الباسط) في اللغة اسم فاعل من البسط، وهو النشر والمدّ، وهو...
العربية
المؤلف | منديل بن محمد آل قناعي الفقيه |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك |
إنَّ المصيبةَ الكُبرى، والبليَّةَ العُظْمى، هي ما بُلِيَ به المسلمون في هذا الزمان من تقليد الكفَرة، ومحاكاتِهم، والتشبُّهِ بهم، والتخلُّق بأخلاقهم، واتِّباع عاداتهم الوافدة، وتقليد أفكارهم الفاسدة؛ وذلك دليل على موالاتِهِم، ومَحَبَّتِهِم، فإن التشبُّهَ في الظاهر دليلٌ على التعظيمِ في الباطن، وكما...
الخطبة الأولى:
أما بعد: أيها المسلمون، اتقوا الله حق تقاته، وتخلَّقوا بأخلاق الإسلام، وتأدبوا بآداب خير الأنام، واعلموا أننا أعزاء بإسلامنا، وأقوياء بعقيدتنا، وأغنياء بتراثنا، ولسنا بحاجة إلى أن نقلد غيرنا؛ بل غيرنا هو المحتاج إلى أن يقلدنا فيما نتصف به من تعاليم ديننا السامية، وأخلاقنا الرفيعة التي أهملها وزهد فيها الكثيرون منا.
إن أعظم ما أصيب به المسلمون اليوم هو ما سيطر عليهم من روح الانهزام والتبعية أمام الأعداء، وضعف الهمة عن بعث روح المقاومة والمغالبة، والعجز عن مجرد التفكير في ذلك، حتى بلغت الأمة من الانحطاط والذلة مبلغاً عظيماً، واستسلمت للغزاة، وتخلفت عن القيام بالواجب، واستحلت الإخلاد إلى الدعة والراحة والسكون؛ طمعاً في العاجلة، ورغبة في المزيد من الانغماس في الترف الذي غرقت فيه الأمة، ولا حول ولا قوة إلا بالله!.
أيها المسلمون: إن المتتبع لتاريخ الأمة الإسلامية والقارئ لأمجادها لتأخذه الدهشة ويتملكه العجب وهو يقرأ أمجادها الزاهية التي ظهر فيها تمسك الأمة بالإسلام، وتخلقها بأخلاق القرآن، وتعلقها بالآخرة، وبُعدها عن الدنيا وحطامها؛ جهاداً في سبيل الله، ونشراً لدين الله، وبيعاً للأنفس لله، حرصاً على هداية الناس إلى رحاب دين الله الذي أكرمهم الله به.
ثم إذا نظر إلى واقع الأمة اليوم سائلا نفسه: أين تلك الأمجاد؟ وأين تلك الصور الزاهية التي عطَّرت أجواء التاريخ؟ لا يرى من ذلك شيئاً!.
لقد أصيب المسلمون بالهزيمة النفسية المريرة، لقد أصيب كثير من المسلمين حين قلدوا أعداءهم وأعداء دينهم، وعظمت المصيبة حين كانت في أعز شيء لدينا، في شبابنا، رجال غدنا ومستقبلنا.
أيها المسلمون: وللهزيمة النفسية التي أصيب بها المسلمون اليوم مظاهر شتى، أشهرها وأخطرها الهزيمة في مجال السلوك المسمى بالتقليد الأعمى للكفار، ومصدر خطورته كونه إلغاءً للشخصية, وإذابة لمقومات الاستقلالية التي هي من لوازم التكريم الإلهي للإنسان.
فالمقلد يلغي وجوده بتقليده لغيره، ويقضي على كيانه، ويغمض عينيه ليرى بعيون الآخرين، ويصم أذنيه ليسمع بآذان من قلده, ويُوقِف حركة عقله وتفكيره ليفكر بعقولهم.
فبعض الناس، وخاصة الشباب منهم، قد أشرب قلبه حب التقليد للغرب الكافر في مظاهر حياتهم وسلوكهم، وفي ذلك قتل للإنسانية، ونزول إلى درك الحيوانات التي يقود القطيعَ واحدٌ منها فيسقط القطيع كله متتابعاً إن سقط ذلك الواحد، ويستمر مستقيماً في سيره إن استقام.
فخطورة التقليد الأعمى في كون المقلد يظن أنه مهتد وهو ضال، ويرى نفسه على حق وهو مرتكس في حمأة الباطل، ويرى نفسه متطوراً متحضراً مع أنه دخل جحر الضب الذي حذر منه النبي -صلى الله عليه وسلم-.
فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ"، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: "فَمَنْ" رواه البخاري مسلم.
أيها المسلمون: لقد نعى الإسلام على التقليد، وذمه، وحذر منه؛ خاصة إذا كان التقليد بلا علم ولا بصيرة ولا هدى ولا إعمالِ عقل.
لقد كان الناس قبل الإسلام يعيشون في جاهلية جهلاء، وضلالة عمياء، يعظمون الآباء والأجداد، ويتغنون بمفاخر القبائل، ومآثر العشائر، فهم أكثر الناس عدداً، وأعلاهم نسباً، وأقواهم شكيمة؛ فالكِبْر ديدنهم، والتغني بمفاخر الآباء شعارهم.
فلما جاء الإسلام اصطدم بهذه الشعارات الجاهلية، وتلك العصبية القبلية؛ فحذر منها وحاربها وندد بفعل أصحابها، وحذر من الوقوع في غوائلها بعد نعمة الإسلام.
ففي الحديث، عن أَبي مَالِكٍ الأَشْعَرِىَ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "أَرْبَعٌ فِى أُمَّتِى مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لاَ يَتْرُكُونَهُنَّ: الْفَخْرُ فِى الأَحْسَابِ، وَالطَّعْنُ فِى الأَنْسَابِ، وَالاِسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ، وَالنِّيَاحَةُ" رواه مسلم.
لقد أبطل الإسلام حمية الجاهلية وتفاخرها بالأحساب والأنساب، وجعل الناس ينقسمون إلى قسمين: مؤمن تقي، وفاجر شقي.
ولكن؛ مع مرور الأعوام، وتتابع الأيام، وضعف الإيمان، ظهر من ينعق في هذه الأيام بإحياء تلك الشعارات الجاهلية؛ بل تعدوا في ذلك أسلافهم، فهم يفتخرون بمآثر الآباء وفضائل الأجداد ومفاخر العشائر والقبائل مع عدم تمثلهم بتلك المآثر والمفاخر.
فكم نسمع من يقول: كان جدي! وكان أبي! وإذا نظرت إليه لم تجد منه مما فاخر به من الصفات! وصدق من قال:
لئن فخرْتَ بأقوامٍ لهم شَرَفٌ | لقد صَدَقْتَ؛ ولكنْ بئس ما ولَدوا! |
لقد كان لتعظيم الآباء والأجداد أثرٌ كبيرٌ في رفض كثير من المقلدين الإيمان والاستجابة لله والرسول، فلقد كان دين الجاهليين مبنياً على أصول وقواعد جاهلية أعظمها التقليد والمحاكاة للآباء والأجداد، حتى ولو كانوا على ضلال ومخالفة للحق والصواب.
أيها المسلمون: إن التقليد للآباء والأجداد هو الحجة العظمى التي وقف بها الكفار على مَرِّ العصور في وجوه الرسل، كما قال تعالى: (وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ) [الزخرف:23]، (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ) [البقرة:170].
أضف إلى ذلك التعلق بالعادات والتقاليد، فقد كان سبباً مباشراً في ترك المشركين للهدى وعدم اتباع الرسول الأمين، يظهر ذلك جلياً في أبي طالب عم النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي ترك الإسلام اتباعاً لملة الآباء والأجداد، رغم قناعته التامة بصدق النبي، وثقته بما كان عليه من حق وهدى، حتى كان من آخر ما قال: بل على ملة عبد المطلب! فعل كل ذلك عصبية لما كان عليه الآباء، واتباعا للعادات والتقاليد الفاسدة.
بل ذلك من أبرز العوامل التي حالت بين أبي جهل والإسلام، فهو القائل: "إني لأعلم أن محمداً صادق؛ ولكن تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف، أطعموا الحجيج فأطعمنا، وحملوا فحملنا وأعطوا فأعطينا، حتى إذا تحاذينا بالركب وكنا كفرسي رهان قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء! ولم يظهر منا نبي! والله لا نؤمن به أبداً ولا نصدقه".
إن اتباع العادات الباطلة والتقاليد الفاسدة هو السبب الأساس في ترك كثير من الحق وعدم اتباعه؛ علماً بأن علماء الأمة قد بينوا أن من ترك الحق وسلك طريقاً غير طريقه فإن فيه خصلة من خصال الجاهلية؛ ذلك أن المسلم مأمور باتباع النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتقديم أمر الله ونهيه على أمر من عداه، حتى ولو خالف كل ما تهواه النفوس.
وما أكثر الذين يرتكبون المحرمات لحجة أن غيرهم يفعلها! فكم من الناس يتعامل بالربا لأن فلاناً من الناس يفعله فلو كان محرماً لم يفعله فلان! وبعض الناس يستمع للأغاني وآلات اللهو ويدخلها إلى بيته مع ما فيها من فساد بحجة أن فلاناً مع صلاحه أدخلها لبيته! وكم نرى كثيراً من هواة الدخان وشربه يتعاطونه وهم يقولون: لو كان محرماً لما أتى إلينا ولما سمح ببيعه في أسواقنا! وكم نسمع عن مَن يُدخل الخادمة إلى بيته من غير حاجة غير أن فلاناً من الناس فعل! ثم اختلط بها وأكل معها أو خلا بها أو بعض أبنائه؛ إلى غير ذلك.
ولا شك أن تلك هي طريقة الجاهليين قديماً وحديثاً، متعللين في ذلك بأفعال الجهلة وأهل الأهواء والشهوات؛ بل ربما حكموا العادات والتقاليد و"سلوم" القبائل وقدموها على شرع الله، حتى صارت العادات والتقاليد و"سلوم" القبائل ديناً يتبع، وخلقاً يحتذى، فلا يجوز المساس بها، ولا الخروج عنها، حتى كاد بعض العقلاء يلغي عقله أمام شبح العادات الموروثة والتقاليد المتحكمة في النفوس والمجتمعات التي عدها الشيخ محمد بن إبراهيم من نواقض الإسلام.
قال الشيخ محمد بن إبراهيم: السادس: ما يحكم كثيراً من رؤساء العشائر والقبائل من البوادي ونحوهم من حكايات آبائهم وأجدادهم وعاداتهم التي يسمونها سلومهم، يتوارثون ذلك منهم، ويحكمون به، ويحرصون على التحاكم إليه عند النزاع، بقاء على أحكام الجاهلية، وإعراضاً ورغبة عن حكم الله تعالى ورسوله. فلا حول ولا قوة إلا بالله!.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) [النساء:115].
الخطبة الثانية:
أما بعد أيها المسلمون: إنَّ المصيبةَ الكُبرى، والبليَّةَ العُظْمى، هي ما بُلِيَ به المسلمون في هذا الزمان من تقليد الكفَرة، ومحاكاتِهم، والتشبُّهِ بهم، والتخلُّق بأخلاقهم، واتِّباع عاداتهم الوافدة، وتقليد أفكارهم الفاسدة؛ وذلك دليل على موالاتِهِم، ومَحَبَّتِهِم، فإن التشبُّهَ في الظاهر دليلٌ على التعظيمِ في الباطن، و كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ تَشَبَّهَ بقومٍ فهُو منهم".
وإن المسلم ليصاب بالأسى ويتملكه الحزن على أحوال كثير من أبناء المسلمين الذين يلهثون خلف العادات الوافدة من الأعداء، فقبلها الكثير منهم بسبب ضعف الإيمان وضعف مبدأ الولاء والبراء، ويظنون أنهم يحسنون صنعا بذلك من قصات للشعر تعافها سوائم الحيوانات، ومشاكلة في اللباس والهيئة مما تعافه الأذواق السليمة، كإطالة الشوارب، وحلق اللحى.
متناسين يذلك ما ورد عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ ..." رواه أبو داود والترمذي.
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ، وَفِّرُوا اللِّحَى وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ"، وفي لفظ: "انْهَكُوا الشَّوَارِبَ وَأَعْفُوا اللِّحَى" رواه البخاري.
يُتبع ذلك تقليداً لهم في الكلام والتصرفات، حتى أصبحنا في أحيان كثيرة لا نفرق بين شبابنا وشبابهم.
وقس على ذلك ما وقع فيه بعض بنات ونساء مجتمعاتنا من محاكاة للكافرات في ألبسة الشهرة والتعري والتفسخ والانحلال، فقد قلدت بعض بنات ونساء المسلمين بنات ونساء الغرب الكافر في التبرج والإسراف في استعمال الزينة وغيرها.
حتى نسيت المرأة جوهرها وقيمتها ولم تتذكر سوى شكلها، فراحت تغير خلق الله فتنمص شعرها، وتطيل أظافرها، وتشق ملابسها من الأسفل والجانبين في تحدٍّ صارخ للفطرة، واستجابة محمومة لمصانع أدوات التجميل والمساحيق والأصبغة والألبسة اليهودية والغربية، فما رأت المرأة الغربية تفعله فعلت مثلها.
بل لقد وصل الحال ببعض المنتسبين للإسلام إلى تقليد اليهود والنصارى حتى في التفاهات، حتى لو ظهر منهم من يمشي عريانا لوجدتهم يمشون عراة ظنا منهم أن ذلك "موضة" حديثة وتقدم ورقيّ! وصدق من قال:
وَمَنْ يكُنِ الغُرابُ لَهُ دليلاً | يَمُرُّ بِهِ عَلَى جِيَفِ الْكِلَابِ |
ولقد قلد كثير من نساء المسلمين نساء الغرب في اللباس، فكان دليلهن مجلات الأزياء التي صممت في تلك البلاد الكافرة، حتى رأينا أنماطا كثيرة من ثياب النساء مليئة بالمخالفات الشرعية، فلبس بعض نسائنا القصير لأن المرأة الغربية تلبسه، ولبست شفافا ووضعت فتحات على جانبي ساقيها وجعلت النحر عاريا والذراعين كاشفة؛ بل لبس بعض بناتنا ونسائنا البنطال المجسم للعورة، إلى غير ذلك من الفساد الذي تلقفته بعض بناتنا ونسائنا من نساء الغرب.
وإن أردتم مصداق ما أقول فسلوا بناتكم ونساءكم عن ما يحدث في مناسبات الأعراس من التكشف والتعري المنذر بالخطر والعقوبة، وإلى الله المشتكى!.
وصدق الرسول -صلى الله عليه وسلم- في تحذيره، فعن حذيفة، قال -صلى الله عليه وسلم-: "وَلَتَسْلُكُنَّ طَرِيقَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ، وَحَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ، لاَ تُخْطِئُونَ طَرِيقَهُمْ" صححه الحاكم.
وعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِى جُحْرِ ضَبٍّ لاَتَّبَعْتُمُوهُمْ". قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آلْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ: "فَمَنْ"؟ رواه البخاري ومسلم.
أيها المسلمون: إن التقليد والمحاكاة مولعة به النفوس، ولكن الفرق كبير بين من يقلد مهتديا صالحا يجني ثمار صلاحه وفلاحه، وبين من يقلد ضالا فاسدا يتجرع غصص ضلاله وفساده؛ علما بأنه ما من معصية ارتكبت، ولا سيئة اقترفت إلا بسبب التقليد والمحاكاة والمتابعة.
والشيطان هو المزين للجميع ارتكاب المعاصي، والوقوع في السيئات، وإيقاع أصحاب النفوس الضعيفة والمريضة في حبائله وشراكه.
فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن الخير كله والعز كله في السير على منهج الله، والاهتداء بهداه، والتمسك بآدابنا وأخلاقنا الإسلامية.
ولن يكمل إيمان العبد حتى يصدق في ولائه ومحبته للمؤمنين، وبراءته ومجانبته للمشركين وأخلاقهم.
وما ابتلي به الكثير من الناس من حب التقليد الأعمى، وأخذ ما جاء عن الأعداء دون تمحيص وتمييز، واعتبار ذلك تقدما ورقيا على ما فيه من شرور وأضرار ومخالفة لتعاليم ديننا الحنيف، ما ابتلوا بذلك إلا لإحساسهم بالنقص والضعف، وشعورهم بالانهزامية.
وكل ذلك يؤدي إلى الاستخفاف بدينهم، والانسلاخ منه، والثورة عليه، ومحبة من قلده من الكافرين؛ ولذا حرص الإسلام على المنع من التشبه بالكفار، واعتبار ذلك كفرا؛ فمن تشبه بقوم فهو منهم؛ عياذا بالله من غضبه وعقابه.
أيها المسلمون: صلوا وسلموا على رسول الله، فقد أمركم ربكم بذلك.