البحث

عبارات مقترحة:

الجبار

الجَبْرُ في اللغة عكسُ الكسرِ، وهو التسويةُ، والإجبار القهر،...

المصور

كلمة (المصور) في اللغة اسم فاعل من الفعل صوَّر ومضارعه يُصَوِّر،...

العليم

كلمة (عليم) في اللغة صيغة مبالغة من الفعل (عَلِمَ يَعلَمُ) والعلم...

الاعتصام بالله وبحبله المتين

العربية

المؤلف عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك
عناصر الخطبة
  1. الأمر بالاعتصام بالله وبحبله المتين .
  2. حقيقة الاعتصام بالله تعالى وبحبله .
  3. ثمرات الاعتصام .

اقتباس

والاعتصام بالله هو التوكل عليه -جل في علاه-، والاستعانة به، والاعتماد عليه وحده، وصدق الالتجاء إليه، ودوام التوجه إليه بالدعاء والسؤال ذلًّا وافتقارًا، ورجاءً وطمعًا، وإلحاحًا وتضرعًا. وأما الاعتصام بحبله: فهو التمسك بكتابه العظيم وشرعه القويم، ولزوم هدي النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-، والبُعد عن الأهواء والبدع المحدثات، ومن اعتصم بالله نجا من الهلكة، ومن اعتصم بحبل الله نجا من الضلال.

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ بلَّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فما ترك خيرًا إلا دل الأمة عليه، ولا شرًا إلا حذَّرها منه، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

أيها المؤمنون عباد الله: اتقوا الله تعالى، وراقبوه سبحانه مراقبة من يعلم أن ربَّه يسمعُه ويراه. وتقوى الله -جلَّ وعلا- هي خير زادٍ يبلغ إلى رضوان الله؛ قال الله تعالى: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) [البقرة:197].

أيها المؤمنون عباد الله: اعتصموا بالله، واعتصموا بحبله المتين؛ فهما نوعان من الاعتصام دعا الله -تبارك وتعالى- إليهما في كتابه ورتب على تحقيقهما سعادة الدنيا والآخرة، فأمَّا أمْره -جل وعلا- بالاعتصام به؛ ففي قوله -جل وعلا-: (وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) [الحج:78]، وأمَّا أمره -جل وعلا- بالاعتصام بحبله المتين ففي قوله -جل وعلا-: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)[آل عمران:103]. وفي صحيح مسلم من حديث جابر -رضي الله عنه- في سياق حجة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنه -عليه الصلاة والسلام- قال في خطبته: "تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ؛ كِتَابَ اللهِ". وفي صحيح مسلم ومسند الإمام أحمد من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا؛ يَرْضَى لَكُمْ: أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَأَنْ تُنَاصِحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ، وَيَكْرَهُ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ".

أيها المؤمنون عباد الله: والاعتصام بالله هو التوكل عليه -جل في علاه-، والاستعانة به، والاعتماد عليه وحده، وصدق الالتجاء إليه، ودوام التوجه إليه بالدعاء والسؤال ذلًّا وافتقارًا، ورجاءً وطمعًا، وإلحاحًا وتضرعًا.

وأما الاعتصام بحبله: فهو التمسك بكتابه العظيم وشرعه القويم، ولزوم هدي النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم-، والبُعد عن الأهواء والبدع المحدثات، ومن اعتصم بالله نجا من الهلكة، ومن اعتصم بحبل الله نجا من الضلال.

أيها المؤمنون عباد الله: وإن مثَل السائر إلى الله -تبارك وتعالى- كرجلٍ خرج مسافرًا إلى وِجهةٍ معيَّنة، فهو يحتاج في سفره إلى هداية في الطريق لئلا يضل، وإلى سلامةٍ في الطريق لئلا يهلك؛ ولا بلوغ له إلى مقصده إلا بهذين الأمرين، فالاعتصام بالله سبحانه نجاة وسلامة من الهلكة، والاعتصام بحبل الله -جل وعلا- نجاةٌ ووقايةٌ من الضلال.

أما الثمار -عباد الله- للاعتصام بالله والاعتصام بحبله المتين فلا حدَّ لها ولا عد، بل إن سعادة الدنيا والآخرة مدارها على هذين الاعتصامين، ولا نجاة في الدنيا والآخرة إلا بهذين الاعتصامين، قال الله تعالى: (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [آل عمران:101]، وقال الله -جل وعلا-: (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا) [النساء: 175].

اللهم -يا ربنا- اجعلنا أجمعين بك معتصمين، وبشرعك متمسِّكين، ولهدي نبيك -صلى الله عليه وسلم- ملازمين، وعن البدع والأهواء مجانبين ومبتعدين، وأصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه يغفر لكم، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلاً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله وسلَّم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

أمَّا بعد:

عباد الله: اتّقوا الله تعالى.

عباد الله: ما أعظم شأن الاعتصام بالله والاعتصام بحبله القويم!! إذ بهما نجاة العبد وفلاحه وسعادته في الدنيا والآخرة، يقول الإمام الزهري -رحمه الله تعالى-: "قال من مضى من علمائنا: الاعتصام بالسنة نجاة". وقال الإمام مالك إمام دار الهجرة -رحمه الله تعالى-: "السنة سفينة نوح؛ من ركبها نجا، ومن تخلَّف عنها هلك". وهذا حق؛ فإن مثل من لزم السنة -سنة النبي عليه الصلاة والسلام- كمثل الذين ركبوا مع نوح وهم الذين صدَّقوا به واتبعوه، ومثل الذين تركوا السنة كالذين تخلَّفوا عن نوح وهم الذين كذَّبوا به ولم يصدقوه، وهذا يُظهِر لنا -عباد الله- أهمية السنة والاعتصام بها، وأن بها نجاة العبد وفلاحه في الدنيا والآخرة، وخطورة البدع والأهواء وأنها هلكةٌ للعبد في دنياه وأخراه.

ونسأل الله -جل وعلا- أن يصلح لنا شأننا كله، وأن يهدينا إليه صراطًا مستقيمًا.

واعلموا -رعاكم الله- أنَّ أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدى هُدى محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشرَّ الأمور محدثاتها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وعليكم بالجماعة فإنَّ يد الله على الجماعة.

وصلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب:56]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".

اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين الأئمة المهديِّين؛ أبي بكرٍ الصديق وعمرَ الفاروق وعثمان وأبي الحسنين علي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم انصر من نصر دينك وكتابك وسنة نبيك محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، اللهم انصر إخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان، اللهم كن لهم ناصرًا ومُعينًا وحافظًا ومؤيِّدًا، اللهم وعليك بأعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، اللهم إنَّا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك اللهم من شرورهم.