البحث

عبارات مقترحة:

السميع

كلمة السميع في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...

الجواد

كلمة (الجواد) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعال) وهو الكريم...

الغني

كلمة (غَنِيّ) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (غَنِيَ...

استقيموا ولن تحصوه

العربية

المؤلف ملتقى الخطباء - الفريق العلمي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - الحياة الآخرة
عناصر الخطبة
  1. منزلة الاستقامة وفضائلها .
  2. أركان الاستقامة وأقسامها .
  3. لله على كل قلب هجرتان .
  4. الاستقامة وأصول الدين .
  5. ضوابط استقامة الأمة المسلمة .
  6. ثمرات الاستقامة وفوائدها .

اقتباس

وأهل الاستقامة هم الذين استقاموا على أن الله ربهم وحده، واستقاموا على طاعته وأداء فرائضه، واستقاموا على إخلاص الدين والعمل إلى الموت، واستقاموا في أقوالهم وأفعالهم، واستقاموا في سرهم وجهرهم، وإن أصل الاستقامة استقامة القلب على ..

الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي لم يزل بالمعروف والجود معروفًا، وبالكرم والإحسان موصوفاً، أحمده -سبحانه- وأشكره، كل يوم هو في شأن، ييسر عسيراً ويجبر كسيراً، ويغفر ذنوباً ويستر عيوباً، ويكشف كروباً، ويدفع خطوباً، ويغيث ملهوفاً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةً خالصةً لمن فطر السماوات والأرض حنيفا،ً وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، جعله الله صادقاً أميناً شريفاً عفيفاً، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، صلاةً وسلاماً تزيدهم تفضيلاً وتكريماً وتشريفاً.

أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- واعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.

عباد الله: الاستقامة على الدين أمر عظيم، جدير بكل مؤمن أن يعتني به، ويحرص عليه في جميع الأوقات، ويكثر من سؤال الله -جل وعلا- ويتضرع إليه أن يرزقه الاستقامة والتوفيق إليها، والاستقامة تعني القيام بين يدي الله على حقيقة الصدق والطاعة، والوفاء بالعهد، وأن يعبد المؤمن ربه وحده لا شريك له، ويستقيم على الأمر والنهي، فيعمل بطاعته، ويجتنب معصيته، ويؤدي فرائضه.

أيها الإخوة: ومن أجل رفعة الاستقامة وأهميتها فقد أمر الله نبيه -صلى الله عليه وسلم- بلزوم الاستقامة، والأمر للنبي -صلى الله عليه وسلم- أمر لنا وتعليم وإرشاد لأمته، قال -جل وعلا-: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [هود:112]، وقد مدح الله الاستقامة في كتابه وأثنى على أهله، فقال -تبارك وتعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) [فصلت:30-32].

أيها الإخوة: والاستقامة تتعلق بالنيات والأقوال والأعمال والأحوال، والاستقامة في كل ذلك وقوعها لله، وبالله، وعلى أمر الله، والاستقامة للحال بمنزلة الروح للبدن، فكما أن البدن إذا خلا عن الروح مات، فكذلك الحال إذا خلا عن الاستقامة فهو فاسد.

وكي يكون العبد مستقيمًا، فعليه أن يتخذ وسائل وطرقًا لذلك، منها أن يلزم السداد في النيات والأقوال والأعمال، فإن لم يقدر عليها فالمقاربة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاعْلَمُوا أنْ لَنْ يُدْخِلَ أحَدَكُمْ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ، وَأنَّ أحَبَّ الأعْمَالِ أدْوَمُهَا إِلَى الله وَإِنْ قَلَّ" [البخاري:6464]، فأمرهم بالاستقامة ثم بين أنهم لا يطيقونها، فنقلهم إلى المقاربة، وهي أن يقربوا من الاستقامة بحسب طاقتهم، ومع هذا فأخبرهم أن الاستقامة والمقاربة لا تنجي يوم القيامة، فلا يركن أحد إلى عمله ولا يعجب به، ولا يرى أن نجاته به، بل إنما نجاته برحمة الله وعفوه وفضله.

وتحصل الاستقامة بثلاثة أشياء: الأول: تحقيق (لا إله إلا الله) في قلب العبد فيتيقن أن الخالق الرازق المالك المتصرف في الكون كله هو الله وحده لا شريك له، فيتوجه إليه وحده في جميع أحواله.

الثاني: تحقيق شهادة (أن محمداً رسول الله) بأن يعلم أن الوصول إلى الله عن طريق هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فيؤثر حياته على حياة الشهوة والهوى واللعب واللهو.

الثالث: أن يعيش حياته بالإيمان والأعمال الصالحة كأنه عابر سبيل ومسافر من هذه الدنيا كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-، قال: "كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأنَّكَ غَرِيبٌ أوْ عَابِرُ سَبِيلٍ" [البخاري:6416].

عباد الله: إن هذه الأمة لها مقصد وهو العبادة، ولها وظيفة وهي الدعوة إلى الله، وكلما تجاوز الإنسان مقصده، وترك وظيفته أصيب بآفتين: الإحساس بالتعب، ومرافقة الشيطان له، فإذا غفل عن الرحمن وأعرض عنه، رافقه الشيطان يزين له المعاصي والمنكرات، والقبائح والكبائر ويؤزه إليها كما قال -سبحانه-: (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) [الزخرف:36-37].

وهذه الأمة الآن في كثير من البلاد قد تجاوزت مقصد حياتها، وتركت وظيفتها، وظلمت نفسها، وظلمت غيرها، واستقلت المراكب لعمارة الدنيا؛ فماذا حصل؟! عامة بلاد الإسلام في شقاء وتعب، وذل وهوان؛ ملوكها وأمراؤها، تجارها وفقراؤها، رجالها ونساؤها، أبناؤها وبناتها.

أيها الإخوة: إن الأمة الإسلامية في أغلب ديار الإسلام قد تجاوزت مقصد حياتها، وسافرت إلى الدنيا، فهي الآن عليلة تشكو من كل شيء في أخلاقها ومعاشراتها، في معاملاتها وكسبها، في بيوتها وأسواقها؛ لأنها تجاوزت مقصد حياتها فرافقها الشيطان في جميع أحوالها، لا يبيع الإنسان ويشتري إلا والشيطان معه، ولا يأكل ولا يشرب إلا والشيطان معه، ولا يلبس إلا والشيطان معه، ولا ينفق إلا والشيطان معه، ولا يقوم ولا يقعد ولا يمشي إلا والشيطان معه.

والبشرية لا صلاح لها إلا بأن ترجع الأمة الإسلامية إلى مقصدها ووظيفتها، بعبادة الله وحده لا شريك له، وطاعة الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- والدعوة إلى الله، وقد منَّ الله على هذه الأمة، وطلب منها أن تستقيم في جميع أمورها، وأن تعيش كما عاش الأنبياء والمرسلون؛ لأنها قدوة البشرية إلى يوم القيامة كما قال -سبحانه-: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) [آل عمران:110].

ولكن أكثر الأمة تركوا مقصد حياتهم؛ فصار كثير من المسلمين اليوم يعيشون عيشة اليهود والنصارى في أفكارهم وأعمالهم، وفي كسبهم ومعاملاتهم، وفي سائر شعب حياتهم في الدنيا يرافقون ويشاركون اليهود والنصارى والشياطين في طريقة حياتهم، وفي الآخرة يريدون مرافقة الأنبياء والمرسلين في الجنة، وهذا ليس من سنة الله، بل سنة الله معلومة لا تتبدل: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا) [النساء:69-70].

فالأمة إذا تركت الحق حرّكها الشيطان بالباطل، وإذا لم تقتدِ بالأنبياء والمرسلين ابتُليت بالاقتداء بأحفاد القردة والخنازير والشياطين كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ". قُلْنَا: يَا رَسُولَ الله الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قال: "فَمَنْ" [البخاري:3456] نعوذ بالله من تولي أهل الضلال.

عباد الله: ولله على كل قلب هجرتان:

الأولى: هجرة إلى الله بالتوحيد والإيمان، والإخلاص والتقوى، والإنابة والمحبة، والخوف والرجاء، والتوكل والاستعانة، وعدم الالتفات إلى ما سواه.

والثانية: هجرة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالتحكيم له، والتسليم والانقياد لحكمه، وتلقي الأحكام من مشكاته؛ فمن قام بهذه الهجرة فهو من أسعد الناس في الدنيا والآخرة كما قال الله -سبحانه-: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل:97].

أيها الإخوة: وأصول الدين الإسلامي ثلاثة: الإيمان، والأحكام، والأخلاق. فالإيمان: هو اليقين على ذات الله وأسمائه وصفاته وأفعاله، وأساسه العلم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله، وملائكته وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره. أما الأحكام: فهي ما شرعه الله لعباده من الأعمال والأوامر التي يسيرون عليها، والمراد بها الأعمال الظاهرة التي تقوم بها الجوارح؛ كالعبادات والمعاملات، والشريعة لا تنفك عن العقيدة، ولا يتم قبول العمل إلا بهما جميعاً، والعقيدة لن تثمر والشريعة لن تؤثر في حياة الإنسان إلا حين يتحلى الإنسان بصفة الإحسان في كل شيء.

فالإحسان أعظم الأخلاق وأعلاها، وهو أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، فيجب على العبد أن يحسن المعاملة مع ربه، ومع الناس، وأن يحسن في عبادته كلها، وأن يحسن في جميع أموره كما أمر الله ورسوله.

أيها الإخوة: والاستقامة: ثمرة الإيمان، وبها يحصل كمال التقوى، وكمال العمل، وكمال العمل يحصل بتطبيق حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، والقيام بجهد محمد -صلى الله عليه وسلم- في العبادة والدعوة إلى الله.

وإن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل ممن لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم، وعند الفتن يلزم جماعة المسلمين وإمامهم، فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام اعتزلهم، لكن ينبغي أن ينوي بعزلته كفّ شره عن الناس، ثم طلب السلامة من شر الأشرار، ثم الخلاص من آفة القصور عن القيام بحقوق المسلمين، ثم تجريد الهمة لعبادة الله أبداً، ثم ليكن في خلوته مواظباً على العلم والعمل، والذكر والفكر، والاستغناء عن الناس، وعدم الإصغاء إلى أراجيف البلد، والقناعة باليسير من المعيشة، وتذكر الموت، والعزلة والخلطة تختلف بحسب الأحوال والأشخاص، لكن في الأصل الخلطة أفضل.

ولا كمال للعبد أعلى وأشرف من كونه مستقيمًا على دين الله، مستغرق القلب بمعرفة الله عزَّ وجلَّ، مستغرق اللسان بذكره، مستغرق الأعضاء والجوارح بعبودية الله، فإذا كان كذلك أحبه الله، ثم أنزل له القبول والمحبة في الأرض، فصارت الألسنة جارية بمدحه، والقلوب مجبولة على حبه كما قال -سبحانه-: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا) [مريم:96] اللهم اجعلنا منهم.

أيها الإخوة: واستقامة الأمة المسلمة تقوم على أمرين: الأول: الإيمان والتقوى، التقوى التي تبلغ أن توفي بحق الله الجليل، التقوى الدائمة المستمرة حتى يبلغ الكتاب أجله كما قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102].

الثاني: الأخوة في الله على منهج الله، والتعاون لتحقيق منهج الله، بالاعتصام بحبل الله، لا بأي حبل من حبال الجاهلية الكثيرة كما قال سبحانه: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا) [آل عمران:103]،  وبهذين الأمرين تحقق الأمة وجودها، وتؤدي دورها وفق مراد ربها، وبدون ذلك يكون تجمعها جاهلياً يمزق الأمة، ويفسد الأخلاق، ويعبث في حياة الأمة بلا منازع.

والحياة البشرية لا تستقيم إلا إذا تلقت العقيدة والشعائر والشرائع من مصدر واحد، يملك السلطان على القلوب والأبدان، ويملك السلطان على الظواهر والبواطن، ويملك السلطان على الحركة والسلوك، ويجزي الناس وفق شرائعه في الحياة الدنيا، كما يجزيهم وفق حسابه في الآخرة، وذلك لا يكون إلا لله وحده لا شريك له.

وإنما تشقى البشرية وتفسد حياتها وتضطرب أحوالها حين تتوزع السلطة، وتتعدد مصادر التلقي، حين تكون السلطة لله في القلوب والشعائر، بينما السلطة لغيره في الأنظمة والشرائع، وحين تكون السلطة لله في جزاء الآخرة، بينما السلطة لغيره في عقوبات الدنيا، وبمثل هذا تفسد الحياة، وتتمزق النفس البشرية بين سلطتين مختلفتين، فيحصل التصادم بين أوامر الله، وأهواء البشر، ويحصل لمن فعل ذلك الخزي في الدنيا، والعذاب الشديد في الآخرة كما قال سبحانه: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ) [البقرة:85].

ومن أجل هذا جاء كل دين من عند الله ليكون منهج حياة، سواء كان هذا الدين لقرية من القرى، أو لأمة من الأمم، أو للبشرية كافة في جميع أجيالها. فقد جاء ومعه شريعة معينة تحكم واقع الحياة، إلى جانب عقيدة تنشئ التصور الصحيح بالإيمان بالله، إلى جانب الشعائر التعبدية التي تربط القلوب بالله، والتي تذكره بربه فيُقبل على طاعته ويحذر معصيته، وهذه الجوانب الثلاثة قوام دين الله حيثما جاء دين من عند الله.

والحياة البشرية لا يمكن أن تصلح وتستقيم، حتى يكون دين الله هو منهج الحياة كلها، والحكم بما أنزل الله، وإقامة الحياة وفق شريعة الله سيواجه في كل زمان ومكان معارضة من بعض الناس، ولن تقبله نفوس هذا البعض بالرضى والقبول والاستسلام.

أيها الإخوة: إن كل إنسان في العالم هالك وخاسر إلا من قضى حياته في أمرين: إصلاح نفسه، وإصلاح غيره؛ فإصلاح النفس تزكيتها وتربيتها حتى تستقيم على أوامر الله، وإصلاح الغير دعوة الناس إلى الحق والصبر على ذلك كما قال سبحانه: (إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) [العصر:2-3].

فاحرص عبد الله، على الخير، وبادر إليه وكن من أهله، واحذر الشر وابتعد عنه وعن وسائله وأسبابه، وعليك بسؤال ربك والضراعة إليه: أن يمنحك العون والتوفيق. وإذا تصور بعض المحرومين والمحرومات أن الراحة والسعادة في المال والمنصب والسفر إلى الخارج وهكذا، فاعلم أنه لا راحة للقلب ولا استقرار إلا في رحاب الله، إلا في الهداية، إلا في الاستقامة والالتزام بأوامر الله.

نسأل الله أن يرزقنا حلاوة الإيمان والاستقامة على دينه، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله الذي أوضح لنا سبيل الهداية، وأزاح عن بصائرنا ظلمة الغواية، والصلاة والسلام على النبي المصطفى والرسول المجتبى، المبعوث رحمة للعالمين، وقدوة للسالكين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أمّا بعد:

فيا عباد الله: اتّقوا الله حقَّ التقوى، وأخلِصوا له العمل، واذكروا وقوفَكم بين يديه في يومٍ تشخص فيه الأبصار، يومَ يتذكّر الإنسان ما سعى، يومَ لا تملك نفسٌ لنفس شيئًا والأمر يومئذ لله.

عباد الله: والاستقامة هي سلوك الصراط المستقيم الموصل إلى الله، وهو العدل الذي يجمع الحكمة والعفة والشجاعة، فالله -عزَّ وجلَّ- لما أسكن الروح في البدن المعرض للمهالك أودع فيه ثلاث قوى: القوة الشهوانية البهيمية الجالبة للمنافع، والقوة الغضبية السبعية الدافعة للمضار، والقوة العقلية الملكية المميزة بين النافع والضار، والله بحكمته لم يحدد تلك القوى، فيحصل فيها إما الزيادة، أو النقصان، أو العدل -وهو الوسط-.

فتفريط القوة العقلية الغباوة والبلادة، وإفراطها التدقيق في سفاسف الأمور، ووسطها الحكمة، وتفريط القوة الشهوانية الخمود وعدم الاشتياق إلى شيء، وإفراطها الفجور، بأن يشتهي ما صادف، حَلّ أو حَرُم، ووسطها العفة، بأن يرغب في الحلال، ويهرب من الحرام، وتفريط القوة الغضبية الجبن والخوف مما لا يخاف منه، وإفراطها التهور، ووسطها الشجاعة لإعلاء كلمة الله، فالأطراف الستة ظلم، والأوساط الثلاثة هي العدل الذي هو الصراط المستقيم.

وقد أرسل الله الأنبياء بالدين الذي جاء بتنظيم وتحسين حياة الناس عامة في العبادات والمعاملات، والمعاشرات والأخلاق، فمن استقام على ذلك أسعده الله في الدنيا والآخرة، ومن انحرف عن ذلك شقي في الدنيا والآخرة.

ولهذا بعث الله الأنبياء والرسل لإصلاح أحوال سكان هذا البيت الكبير بالإيمان بالله، وفعل ما يرضيه، واجتناب ما يسخطه، وحياة الناس في الجاهلية فاسدة ومضطربة بسبب تعطيل هذه المسئوليات الثلاث، فلما جاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالدين من عند الله أفهمهم مسئوليتهم، فعاشوا بترتيب الإنسان، وتركوا حياة الحيوان والشيطان، ونقلهم بأمر الله وبدين الله من شر القرون إلى خير القرون: نقلهم من الشرك إلى التوحيد، ومن الكفر إلى الإيمان، ومن الجهل إلى العلم، ومن الظلم إلى العدل، ومن القسوة إلى الرحمة، فكانوا أحسن الناس استقامة كما قال الله عنهم: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) [آل عمران:110].

فعلينا القيام بأداء هذه المسئوليات لتصلح أحوال هذا البيت الكبير ومن فيه، وتنكشف عنه الغموم والهموم، وتزول عنه الأسقام والآلام كما أمر الله سبحانه بقوله: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران:104].

أيها الإخوة: ومما يعين على الاستقامة: تذكر الموت والرحيل والمصير، فإذا فكرنا في الموت والآخرة، وتذكرنا نعيم الجنة وعذاب الآخرة، سهل علينا التضحية بالدنيا، وامتثال أوامر الله وتقديمها على ما سواها.

وإن طالب الله والدار الآخرة لا يستقيم له سيره وطلبه إلا بحبسين: الأول: حبس قلبه في طلبه ومطلوبه بذكر الله وطاعته، وفعل الواجبات والمندوبات التي يحبها الله. الثاني: حبس قلبه عن الالتفات إلى غيره، كحبس جوارحه عن المعاصي والشهوات بترك المحرمات والمكروهات. وكل خارج من الدنيا إما متخلص من الحبس وهو المؤمن، أو سائر إلى الحبس وهو الكافر: (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ) [الروم:15-16].

أيها الإخوة: وأهل الاستقامة هم أهل السعادة في الدنيا والآخرة، وقد ربى الله بالقرآن الكريم وبهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- جيلاً كريماً مستقيماً رضِيَ اللهُ عنهُ ورضوا عنه، فهم قدوة البشرية إلى يوم القيامة، إنهم خير القرون، وخير جيل عرفته الأرض، إنه عالم يصدر عن الله، ويتجه إلى الله، ويليق أن ينتسب إلى الله، عالم عالي الصفات، نقي القلب، طيب المشاعر، عف اللسان، عف السريرة، له أدب مع الله، وأدب مع رسول الله، وأدب مع نفسه، وأدب مع غيره، أدب في هواجس قلبه، وفي حركات جوارحه، له شرائعه المنظمة لأوضاعه، وله أحكام تضبط استقراره، وتكفل صيانته.

إنه عالم كريم له أدب مع الله، ومع رسول الله، يتمثل هذا الأدب في إدراك حدود العبد أمام الرب، وأمام الرسول الذي يبلغ عن الرب، فلا يسبق المؤمن إلهه في أمر ولا نهي، ولا يقترح عليه في قضاء أو حكم، ولا يتجاوز ما يأمر به، وما ينهى عنه، ولا يجعل لنفسه إرادة، أو رأياً مع خالقه تقوى منه وخشية، وحياءً وأدباً، فلا يقول في أمر قبل قول الله وقول رسوله فيه؛ وذلك أدب مع الله ورسوله، وهو منهج في التلقي والتنفيذ.

وهو أصل من أصول التشريع والعمل، وهو منبثق من تقوى الله، النابعة من الشعور بأن الله سميع عليم، وكذلك أدب المؤمنين مع ربهم ومع رسولهم، فلا يقترح منهم مقترح على الله ورسوله، ولا يدلي منهم أحد برأي لم يطلب منه أن يدلي به، ولا يقضي برأيه في أمر أو حكم إلا أن يرجع قبل ذلك إلى قول الله وقول رسوله؛ حتى كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسألهم عما يعلمونه قطعاً في حجة الوداع، فيتحرجون أن يجيبوا إلا بقولهم: الله ورسوله أعلم، خشية أن يكون في قولهم تقدم بين يدي الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-،  وهو ما نهى الله عنه بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الحجرات: 1].

عباد الله: فعلى المسلمين متى أرادوا الاستقامة أن يدخلوا في السلم كافة، وأن يتركوا أمرهم لله ورسوله، ويستسلموا لقدر الله وتدبيره، ويتلقوا عنه ولا يقترحوا عليه، ويشكروا ربهم على نعمة الإيمان الذي هداهم إليه، وحرك قلوبهم لحبه، وكشف لهم عن جماله وفضله، وعلق أرواحهم به، وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان، وهذا كله من رحمة الله وفيضه، فهو الذي أراد بهم هذا الخير، وخلص قلوبهم من ذلك الشر، وهو الذي جعلهم بهذا راشدين فضلاً منه ونعمة.

وليطمئنوا إلى قضاء الله وتدبيره، فالله يختار لهم الخير، ورسول الله يأخذ بأيديهم إلى هذا الخير: (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [الحجرات:7-8].

أيها الإخوة: والاستقامة تقتضي الاعتدال والمضي على النهج دون انحراف، ولذلك لا بد لها من اليقظة الدائمة، والتدبر الدائم، والتحري الدائم لحدود الطريق، وضبط الانفعالات البشرية التي تميل الاتجاه قليلاً أو كثيراً، ومن ثم فهي شغل دائم في كل حركة من حركات الحياة، ليكون على منهج الله وفق أمر الله، وهذا ما أمر الله به رسوله ومن تاب معه بقوله: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [هود:112].

ثم أعقب الأمر بالاستقامة بالنهي عن القصور والتقصير، بل بالنهي عن الطغيان والمجاوزة؛ وذلك أن الأمر بالاستقامة وما يتبعه من يقظة القلب قد ينتهي إلى الغلو والمبالغة التي تحول هذا الدين من يسر إلى عسر، والله يريد دينه كما أنزله، ويريد الاستقامة على ما أمر دون إفراط ولا غلو، فالإفراط والغلو يخرجان هذا الدين عن طبيعته، والله مطلع على القلوب والأعمال.

ولا يجوز لأهل الإيمان والاستقامة أن يركنوا إلى الذين ظلموا من الجبارين، والطغاة المفسدين، الذين يقهرون العباد بقوتهم، ويعبدونهم لغير الله من العبيد: (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ) [هود:113]، فركون المؤمنين إليهم يعني إقرارهم على هذا المنكر الأكبر الذي يزاولونه، ومشاركتهم إثم ذلك المنكر الأكبر، وجزاء هذا الانحراف أن تمسهم النار، وليس لهم من الله والٍ ولا ناصر.

عباد الله: والاستقامة على الطريق في فترات الشدة وتكالب الأعداء أمر شاقّ عسير يحتاج إلى زاد يعين، والله يرشد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومن معه من المؤمنين إلى زاد الطريق بقوله: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) [هود:114].

وهذا الزاد هو الذي يبقى حين يفنى كل زاد، والذي يقيم البنية الروحية، ويمسك القلوب على الحق الشاق التكاليف؛ ذلك أنه يصل القلوب المؤمنة بربها الرحيم الودود، القريب المجيب، وينسم عليها نسمة الأنس في وحشتها وعزلتها في تلك الجاهلية.

والاستقامة في حاجة إلى الصبر، كما أن انتظار الأجل لتحقيق سنة الله في المكذبين يحتاج إلى الصبر، فالاستقامة إحسان، وإقامة الصلاة في أوقاتها إحسان، والصبر على كيد المكذبين إحسان، والله لا يضيع أجر المحسنين (وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) [هود:115].

وأهل الاستقامة هم الذين استقاموا على أن الله ربهم وحده، واستقاموا على طاعته وأداء فرائضه، واستقاموا على إخلاص الدين والعمل إلى الموت، واستقاموا في أقوالهم وأفعالهم، واستقاموا في سرهم وجهرهم، وإن أصل الاستقامة استقامة القلب على التوحيد، فمتى استقام القلب على التوحيد ومعرفة الله وخشيته وإجلاله ومهابته استقامت الجوارح كلها على طاعته. فعظموا أيها الإخوة ربكم ووقروه، واستقيموا على أمره.

أسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في الأقوال والأعمال، وأن يحسن لنا الختام، وألا يتوفانا إلا وهو راضٍ عنا، الله ارزقنا قبل الموت توبة، وعند الموت شهادة، وبعد الموت جنة ونعيمًا.

اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحينا ما علمت الحياة خيرًا لنا وتوفنا إذا كانت الوفاة خيرًا لنا، اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، ونسألك القصد في الغنى والفقر، ونسألك نعيمًا لا ينفد ونسألك قرة عين لا تنقطع، ونسألك الرضا بعد القضاء وبرد العيش بعد الموت ونسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين.

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق والأعمال لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنها سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت، اللهم وفقنا لفعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا وإن أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين، اللهم إنا نسألك حبك، وحب من أحبك وحب عمل يقربنا إلى حبك.

اللهم لا تدع لأحد منا في هذا المقام ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا ميتاً لنا إلا رحمته، ولا هماً إلا فرجته، ولا غماً إلا أزلته، ولا عاصياً إلا هديته، ولا طائعاً إلا زدته وثبته، ولا حاجة هي لك رضاً ولنا فيها صلاح إلا قضيتها يا رب العالمين.

اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل فينا شقياً ولا محروماً، اللهم اهدنا واهد بنا، واجعلنا سبباً لمن اهتدى.

اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، اللهم اشف صدور قوم مؤمنين بنصرة الإسلام وعز الموحدين، برحمتك يا أرحم الراحمين!