رسالة مختصرة كتبها الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وقد اشتملت على تقرير ومعرفة قواعد التوحيد، وقواعد الشرك، ومسألة الحكم على أهل الشرك، والشفاعة المنفية والشفاعة المثبتة. وقد شرحها معالي الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله تعالى.
التفاصيل
أهمية رسالة القواعد الأربع: هذه النبذة المختصرة - القواعد الأربع - من النّبذ المهمة, من مقال إمام هذه الدّعوة - رحمه الله تعالى -, وأهميتها تأتي بمعرفة مضادات تلك القواعد الأربع, وأنّ الإخلال بهذه القواعد الأربع, أو عدم ضبط تلك القواعد يقع معه لَبس عظيم في معرفة حال المشركين, وحال الموحّدين، والابتلاء وقع بحال أهل التوحيد، وبحال أهل الشرك، والله جل وعلا في القرآن بَيَّن ما يجب من حقه في توحيده, وبين الشرك به, بيانا عظيما. وهذه القواعد الأربع مأخوذة من نصوص الكتاب والسنة ومن معرفة حال العرب كما سيأتي، فهي قواعد عظيمة تعصم من حفظها وعلم معناها ممن يكون عنده تردد في مسألة الحكم على أهل الإشراك وعلى وجوب إخلاص الدين لله - جل وعلا - وكيف يكون ذلك؟(1 ) فإذا عرفت هذه القواعد وفهمتها سهُل عليك بعد ذلك معرفة التوحيد الذي بعث الله به رسله وأنزل به كتبه ومعرفة الشرك الذي حذّر الله منه وبيّن خطره وضرره في الدنيا والآخرة. وهذا أمرٌ مهمّ جدًّا، وهو ألزم عليك من معرفة أحكام الصلاة والزكاة والعبادات وسائر الأمور الدينيّة، لأن هذا هو الأمر الأوّلي والأساس، لأنّ الصلاة والزكاة والحج وغيرها من العبادات لا تصحّ إذا لم تُبنَ على أصل العقيدة الصحيحة، وهي التوحيد الخالص لله ـ عزّ وجل ـ.(2 ) 1- شرح القواعد الأربع، لفضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله تعالى -. 2- شرح القواعد الأربع لفضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله تعالى -. وتسهيلاً على الإخوة؛ فقد نقلنا لهم رسالة القواعد الأربع رسالة القواعد الأربع بسم الله الرحمن الرحيم أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتولاك في الدنيا والآخرة، وأن يجعلك مباركاً أينما كنت، وأن يجعلك ممن إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر، فإن هؤلاء الثلاث عنوان السعادة. اعلم أرشدك الله لطاعته: أن الحنيفية ملة إبراهيم أن تعبد الله وحده مخلصاً له الدين، كما قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾[الذاريات:56]. فإذا عرفت أن الله خلقك لعبادته فاعلم أن العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد، كما أن الصلاة لا تسمى صلاة إلا مع الطهارة، فإذا دخل الشرك في العبادة فسدت، كالحدث إذا دخل في الطهارة. فإذا عرفت أن الشرك إذا خالط العبادة أفسدها وأحبط العمل وصار صاحبه من الخالدين في النار، عرفت أن أهم ما عليك: معرفة ذلك، لعل الله أن يخلصك من هذه الشبكة وهي الشرك بالله الذي قال الله تعالى فيه: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ﴾[النساء:48]، وذلك بمعرفة أربعة قواعد ذكرها الله تعالى في كتابه: القاعدة الأولى: أن تعلم أن الكافرين الذين قاتلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مقرون بأن الله تعالى هو الخالق الرازق المدبر، وأن ذلك لم يدخلهم في الإسلام، والدليل قوله تعالى: ﴿قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ﴾[يونس:31]. القاعدة الثانية: أنهم يقولون: ما دعوناهم وتوجهنا إليهم إلا لطلب القربى والشفاعة. فدليل القربة قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ﴾[الزمر:3]. ودليل الشفاعة، قوله تعالى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ﴾[يونس:18]. والشفاعة شفاعتان: شفاعة منفية، وشفاعة مثبتة: فالشفاعة المنفية: ما كانت تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، والدليل قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾[البقرة:254]. والشفاعة المثبتة: هي التي تطلب من الله، والشافع مكرم بالشفاعة، والمشفوع له من رضي الله قوله وعمله - بعد الإذن - كما قال تعالى: ﴿مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ﴾[البقرة:255]. القاعدة الثالثة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ظهر في أناس متفرقين في عباداتهم، منهم من يعبد الملائكة، ومنم من يعبد الأنبياء والصالحين، ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار، ومنهم من يعبد الشمس والقمر، وقاتلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يفرق بينهم، والدليل قوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه﴾[الأنفال:39]. ودليل الشمس والقمر: قوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾[فصلت:37]. ودليل الملائكة: قوله تعالى: ﴿وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً﴾[آل عمران:80]. ودليل الأنبياء: قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ﴾[المائدة:116]. ودليل الصالحين: قوله تعالى: ﴿ أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ﴾[الإسراء:57]. ودليل الأشجار والأحجار: قوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى﴾[النجم:20،19]، وحديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه، قال: { خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى حنين - ونحن حدثاء عهد بكفر - وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله، أجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط } الحديث. القاعدة الرابعة: أن مشركي زماننا أغلظ شركاً من الأولين؛ لأن الأولين يشركون في الرخاء، ويخلصون في الشدة، ومشركي زماننا شركهم دائماً في الرخاء والشدة، والدليل: قوله تعالى: ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ﴾[العنكبوت:65]. تمت وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.