المتكبر
كلمة (المتكبر) في اللغة اسم فاعل من الفعل (تكبَّرَ يتكبَّرُ) وهو...
العربية
المؤلف | محمد بن صالح بن عثيمين |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك - الهدي والأضاحي والعقيقة |
أيها المسلمون: إن بذل الدراهم في الأضاحي أفضل من الصدقة بها. وإن الأضحية سنة مؤكدة جدا؛ لمن يقدر عليها، فضحوا عن أنفسكم وأهليكم من الزوجات والأولاد والوالدين؛ ليحصل الأجر للجميع، وتقتدوا بنبيكم -صلى الله عليه وسلم- حيث ضحى عنه وعن أهل بيته. ولقد كان بعض الناس يـ...
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي شرع لعباده التقرب إليه بذبح القربان، وقرن النحر بالصلاة في محكم القرآن.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الفضل والامتنان، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل من قام بشرائع الإسلام وحقق الإيمان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان، وسلم تسليما.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا ربكم، واشكروه على ما أنعم به عليكم من مشروعية الأضاحي التي تتقربون بها إلى ربكم، وتنفقون بها نفائس أموالكم.
فإن هذه الأضاحي سنة أبيكم إبراهيم، ونبيكم محمد -عليهما الصلاة والسلام-، وإن لكم بكل شعرة منها حسنة، وبكل صوفة حسنة، وفي الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما عمل ابن آدم يوم النحر عملا أحب إلى الله من إراقة دم، وإنه لتأتي يوم القيامة بأظلافها وقرونها وأشعارها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفسا"[الترمذي (1493) ابن ماجة (3126)].
أيها المسلمون: إن بذل الدراهم في الأضاحي أفضل من الصدقة بها.
وإن الأضحية سنة مؤكدة جدا؛ لمن يقدر عليها، فضحوا عن أنفسكم وأهليكم من الزوجات والأولاد والوالدين؛ ليحصل الأجر للجميع، وتقتدوا بنبيكم -صلى الله عليه وسلم- حيث ضحى عنه وعن أهل بيته.
ولقد كان بعض الناس يحرم نفسه، ويتحجر فضل ربه، حيث يضحي عن والديه فقط، ويدع نفسه وأهله وذريته.
والأولى أن يضحي للجميع، وفضل الله واسع.
وهذا فيما يضحي به الإنسان من نفسه.
أما الوصايا، فيمشي فيها على نص الوصية، ولكن إذا كان في الوصية الواحدة عدة ضحايا والريع لا يكفي إلا لواحدة، فإنه لا بأس أن تجمع الأضاحي في أضحية واحدة، ويجعل ثوابها للجميع، إذا كان الموصي واحدا.
ولقد كان بعض الناس يضحي عن الميت في أول سنة من موته، يسمونها: ضحية الحفرة، يجعلونها للميت خاصة.
وهذه بدعة لا أعلم لها أصلا في الشريعة.
كما أن بعض العوام إذا أراد أن يعين الأضحية، أي يسميها لمن هي له، يمسح ظهرها من وجهها إلى قفاها.
والمشروع في تعيين الأضحية أن يعينها عند ذبحها باللفظ من غير مسح عليها، كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ولو ذبحها بالنية من غير تلفظ باسم من هي له أجزأت نيته.
والأضحية من بهيمة الأنعام؛ إما من الإبل، أو البقر، أو الضأن، أو المعز، على اختلاف أصنافها.
ولا تجزئ إلا بشرطين:
الأول: أن تبلغ السن المعتبر شرعا.
الثاني: أن تكون سليمة من العيوب التي تمنع إلإجزاء.
فأما السن، ففي الإبل خمس سنين، وفي البقر سنتان، وفي المعز سنة، وفي الضأن نصف سنة.
وأما العيوب التي تمنع من الإجزاء، فقد بينها النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: "أربع لا تجوز في الأضاحي: العرجاء البين ظلعها، والعوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعجفاء التي لا تنقى"[الترمذي (1497) النسائي (4370) أبو داود (2802) ابن ماجة (3144) أحمد (4/301) مالك (1041) الدارمي (1950)].
فالعرج البين، هو الذي لا تستطيع البهيمة معه معانقة الصحيحات.
والعور البين، هو الذي تبرز معه العين أو تنخسف.
فأما إذا كانت لا تبصر بها، ولكن لا يتبين العور فيها فإنها تجزئ، ولكنها تكره.
والمرض البين هو الذي يظهر أثره على البهيمة، إما في أكلها، أو مشيها، أو غير ذلك من أحوالها.
ومن الأمراض البينة: الجرب، سواء كان قليلا أو كثيرا.
فأما المرض اليسير الذي لا يظهر أثره على البهيمة، فإنه لا يمنع ولكن السلامة منه أفضل.
والعجف الهزل، فإذا كانت البهيمة هزيلة ليس في عظامها مخ، فإنها لا تجزئ عن الأضحية.
فهذه هي العيوب التي تمنع من الإجزاء.
وهناك عيوب أخرى، لا تمنع من الإجزاء، ولكنها توجب الكراهة؛ مثل قطع الأذن وشقها، وكسر القرن.
وأما سقوط الثنايا، أو غيرها من الأسنان، فإنه لا يضر، ولكن كلما كانت الأضحية أكمل في ذاتها وصفاتها فهي أفضل.
والخصي والفحل سواء كلاهما، قد ضحى به النبي -صلى الله عليه وسلم-، لكن إن تميز أحدهما بطيب لحم، أو كبر جسم، كان أفضل من هذه الناحية.
والواحد من الضأن، أو المعز؛ أفضل من سبع البدنة، أو البقرة.
وسبع البدنة، أو البقرة، يقوم مقام الشاة في الإجزاء، فيجوز أن يشرك في ثوابه من شاء، كما يجوز أن يشرك في ثواب الشاة من شاء.
والحامل تجزئ كما تجزئ الحائل.
ومن كان منكم يحسن الذبح، فليذبح أضحيته بيده، ومن كان لا يحسن فليحضر عند ذبحها فذاك أفضل.
فإن ذبحت له، وهو غير حاضر أجزأت.
وإن ذبحها إنسان يظن أنها أضحيته، فتبين أنها لغيره؛ أجزأت لصاحبها لا لذابحها.
يعني لو كان عنده في البيت عدة ضحايا فجاء شخص فأخذ واحدة يظنها أضحيته، فلما ذبحها تبين أنها أضحية شخص آخر، فإنها تجزئ عن صاحبها التي هي له، ويأخذ صاحبها لحمها كأن هذا الذابح صار وكيلا له.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)[الكوثر: 1].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم... إلخ...