الحكم
كلمة (الحَكَم) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعَل) كـ (بَطَل) وهي من...
العربية
المؤلف | عبدالله بن حسن القعود |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | أركان الإيمان |
واشكروا الله أن جعلكم مسلمين، وحققوا إسلامكم بمحبته والاغتباط به والدعوة إليه، فمن أحب شيئاً سرّ به ودعا إليه، حققوه بإقامة تعاليمه في واقع حياتكم وأعمالكم وعباداتكم ومعاملتكم وحكمكم وتحاكمكم تسعدوا وتفوزوا بما وعد أهله من عز وعلو في الدنيا، ونعيم ولذة وأنس في الأخرى...
الخطبة الأولى:
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله ولي المؤمنين وناصر المتّقين، أحمده سبحانه وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من رضي بالله ربًّا وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله آمن بربه خير إيمان صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين أنابوا إلى ربهم وأسلموا له وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فإن الله جلت قدرته وتعالت أسماؤه أكرمنا –أمة محمد- بنعمة كبرى لا مثيل لها في النعم أبداً هي نعمة الإسلام، النعمة العظمى التي لا يعدلها أي نعمة، النعمة التي من عقلها حقاً عاش في دنياه مطمئن النفس قرير العين (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) [الزمر:22] من عقلها حقاً عاش في دنياه محترماً في نفسه، وأمام حكم الإسلام الذي يظله, محترماً في نفسه بصيانتها والسمو بها عما قد يعرضها لسوء أي سوء، إهانة أو إذلال أو نحوهما.
وأمام حكم الإسلام الذي يظله بحرمة ماله ودمه وعرضه، من عقلها حقاً عاش عيشة راضية عيشة راحة وهناء، مسروراً بواقعه الذي يعيشه، مغتبطاً بما أوتيه من هذه النعمة التي امتلأت بها نفسه وانشرح لها صدره ورضيها له ربه، مستزيداً منها حقاً استزادة من حيا ومات لله، من تنطق أعماله ولسان حاله ومقالة في دنياه بمدلول ما أمر به في قول الله عز شأنه: (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام:162-163].
فيا لها من نعمة –أيها المسلمون- يجب عقلها وتذكرها والتحدث بها (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) [الضحى:11], يا لها من نعمة ترفع أهلها إلى عليين ومنازل النبيين، يا لها من نعمة يسعد ويعز بشكرها أقوام ويذل بكفرها آخرون، يا لها من نعمة تمكن لأهلها في الدنيا وترفعهم في الأخرى، ترفعهم إلى منازل عالية خالدة ينعم فيها المسلم مع أحب الناس إليه وألصقهم به من والد وولد وزوج. يقول سبحانه: (الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ * ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ) [الزخرف:69-70] ويقول: (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ) [الرعد:23] ويقول منوهاً على حقارة ما في الدنيا وهوانه وقصر عمره بجانب ما أعد للمسلم الملتزم فيها لتعاليم الإسلام، المسلم في مظهره ومخبره، المسلم في اعتقاده وعبادته ومعاملته وسلوكه (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) [آل عمران:14] (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ) [آل عمران:15-17].
فاتّقوا الله –أيُّها المسلمون- واشكروا الله أن جعلكم مسلمين، وحققوا إسلامكم بمحبته والاغتباط به والدعوة إليه، فمن أحب شيئاً سرّ به ودعا إليه، حققوه بإقامة تعاليمه في واقع حياتكم وأعمالكم وعباداتكم ومعاملتكم وحكمكم وتحاكمكم تسعدوا وتفوزوا بما وعد أهله من عز وعلو في الدنيا، ونعيم ولذة وأنس في الأخرى.
وأستغفر الله لي ولكم وأسأله تعالى بأسمائه الحسنى أن يجعلنا مسلمين له ومن ذريتنا أمة مسلمة له وأن يرينا مناسكنا ويتوب علينا إنه هو التواب الرحيم.