السيد
كلمة (السيد) في اللغة صيغة مبالغة من السيادة أو السُّؤْدَد،...
العربية
المؤلف | محمد بن صالح بن عثيمين |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الحياة الآخرة |
استعدوا لليوم الآخر، فقد أنذرتموه، واستقبلوه بالأعمال الصالحة، واخشوا من عقابه واحذروه. وقد قدم الله -تعالى- بين يدي هذا اليوم أشراطا وعلامات، وذلك لعظم هوله وشدته، فإنه اليوم الذي يجازي فيه الخلائق، فيجزي المؤمن بحسناته، ويجزي المسيء بالسيئات. ألا وإن من أشراط الساعة...
الخطبة الأولى:
الحمد لله العلي القدير، السميع البصير، الذي أحاط بكل شيء علما وهو اللطيف الخبير، علم ما كان وما يكون وخلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة نرجو بها النجاة في يوم النشور، وأشهد أن محمدا عبده وسوله، البشير النذير، السراج المنير، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وأصحابه ومن على طريقتهم يسير، وسلم تسليما.
أما بعد:
أيها المؤمنون: اتقوا الله -تعالى-، واستعدوا لليوم الآخر، فقد أنذرتموه، واستقبلوه بالأعمال الصالحة، واخشوا من عقابه واحذروه.
وقد قدم الله -تعالى- بين يدي هذا اليوم أشراطا وعلامات، وذلك لعظم هوله وشدته، فإنه اليوم الذي يجازي فيه الخلائق، فيجزي المؤمن بحسناته، ويجزي المسيء بالسيئات.
ألا وإن من أشراط الساعة: خروج يأجوج ومأجوج، وهم قوم من بني آدم على صفة الآدميين.
وأما ما يعتقده بعض الناس من أن فيهم: الطويل المفرط، وفيهم القصير جدا، وأنهم على أشكال غريبة، فإن هذا الاعتقاد مبني على غير دليل صحيح، وقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنهم عراض الوجوه، صغار العيون، صهب الشعور.
وقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- العرب من خروج يأجوج ومأجوج؛ لأنهم مفسدون في الأرض، والعرب حملة راية الإصلاح إلى العالم؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعث فيهم؛ فعن زينب أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: "استيقظ النبي -صلى الله عليه وسلم- من نومه محمرا وجهه، وهو يقول: "لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه" وحلق بأصبعه الإبهام والتي تليها، قالت زينب فقلت: يا رسول الله أفنهلك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم إذا كثر الخبث"[البخاري (6650) مسلم (2880) الترمذي (2187) ابن ماجة (3953) أحمد (6/429)].
فأما وقت خروجهم الذي تكون به نهايتهم وهلاكهم، فإنه إذا قتل عيسى ابن مريم الدجال أوحى الله إليه إني قد أخرجت عبادا لي لا قوة لأحد على قتالهم، يعني يأجوج ومأجوج، فيبعثهم الله من كل حدب ينسلون، أي من كل موضع مرتفع، يأتون سراعا.
وهذا دليل على كثرتهم وقوتهم وجشعهم، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية، فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم على البحيرة، وقد شرب ماؤها، فيقولون: لقد كان في هذه مرة ماء، ثم يسيرون حتى يصلوا إلى جبل بيت المقدس، فيقولون: لقد قتلنا من في الأرض، هلم فلنقتل من في السماء، فيرمون بنشابهم إلى السماء، فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دما، فتنة لهم، وينحصر نبي الله عيسى -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه في الطور، ويضيق عيشهم.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مئة دينار لأحدكم اليوم، فيبتهل النبي -صلى الله عليه وسلم- عيسى وأصحابه إلى الله -تعالى- أن يهلك يأجوج ومأجوج، فيرسل الله عليهم دودا في رقابهم، فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه من الطور، فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا وقد ملأه زهم يأجوج ومأجوج، ونتنهم، فيبتهل عيسى وأصحابه إلى الله -تعالى-، فيرسل على جثث يأجوج ومأجوج طيرا كأعناق الإبل البخت، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله -تعالى-، ثم يرسل الله -تعالى- مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر، فيغسل الأرض حتى يدعها كالمرآة في نظافتها، ثم يقال لها: أنبتي ثمرتك، وردي بركتك، فتنزل البركة في الثمرات والدر، حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس.
فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيبة، فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمير، فعليهم تقوم الساعة.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمأجوج وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ)[الأنبياء: 96 - 97].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم | الخ |