الوتر
كلمة (الوِتر) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، ومعناها الفرد،...
العربية
المؤلف | عنان مطيع |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | السيرة النبوية - |
عِبادَ اللهِ: ولقدْ كانَ أولُ شيءٍ فعلُهُ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- حينَ وصلَ المدينةَ، بناءَ المسجدِ؛ لأنَّ المساجدَ تُوحدُ صُفوفَ المسلمينَ، وتجمعُهم على الخيرِ والذِكرِ والعبادةِ والطاعةِ، وتفرقُهم أيضا على الخيرِ والطاعةِ. ولأنَّها ساوتْ بينَ النَّاسِ تجدُ الغنيَّ يَقفُ بجنبِ الفقيرِ، والكبيرَ بجنبِ الصغيرِ. ولأنَّها...
الخُطبةُ الأولى:
أمَّا بعد:
فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، فَمنِ اتقى اللهَ، وقاهُ، وأكرمَهُ بالسعادةِ وأولاهُ، ومَنْ أعرضَ عَنْ طَاعتهِ، خَسِرَ دُنياهُ وأُخْراهُ، قَالَ تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)[الأحزاب: 70-71].
وَلَسْتُ أَرَى السَّعَادَةَ جَمْعَ مَالٍ | وَلَكِنَّ التَّقِيَّ هُوَ السَّعِيدُ |
عِبادَ اللهِ: لمَّا اشتدَّ الأذى والعذابُ والنِكالُ في مكةَ، على نبينا محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، أذِنَ اللهُ لهُ بِالهجرةِ، لَيُخففْ عنهُ الأذى والتعبَ والمشقةَ، هوَ وأصحابَهُ -رِضوانُ اللهِ عليهم-، وِحتى يُنشئَ مبادئَ الاسلامَ القيمةَ، ويرسَخَها في عقولِ الناسِ، ولِيؤسسَ هذا الدينَ العظيمَ، ولِيخرجَ الناسَ مِنَ الظُلماتِ إلى النُّورِ، كُلٌّ بِحكمتهِ سبحانه وتعالى.
عِبادَ اللهِ: لقدْ تآمرتْ واجتمعتْ قريشٌ على قَضاء سيدنا محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، قالَ تعالى: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)[الأنفال: 30].
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أَنَّ نَفَرًا مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ أَشْرَافِ كُلِّ قَبِيلَةٍ، اجْتَمَعُوا لِيَدْخُلُوا دَارَ النَّدْوَةِ، فَاعْتَرَضَهُمْ إِبْلِيسُ فِي صُورَةِ شَيْخٍ جَلِيلٍ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: شَيْخٌ مِنْ نَجْدٍ، سَمِعْتُ أَنَّكُمُ اجْتَمَعْتُمْ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَحْضُرَكُمْ وَلَنْ يُعْدِمَكُمْ رَأْيِي وَنُصْحِي. قَالُوا: أَجَلْ، ادْخُلْ فَدَخَلَ مَعَهُمْ فَقَالَ: انْظُرُوا فِي شَأْنِ هَذَا الرَّجُلِ، وَاللَّهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يُوَاثِبَكُمْ فِي أَمْرِكُمْ بِأَمْرِهِ. قَالَ: فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: احْبِسُوهُ فِي وِثَاقٍ، ثُمَّ تَرَبَّصُوا بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ، حَتَّى يَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الشُّعَرَاءِ: زُهَيْرٌ وَالنَّابِغَةٌ، إِنَّمَا هُوَ كَأَحَدِهِمْ، قَالَ: فَصَرَخَ عَدُوُّ اللَّهِ الشَّيْخُ النَّجْدِيُّ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا هَذَا لَكُمْ بِرَأْيٍ، وَاللَّهِ لَيُخْرِجَنَّهُ رَبُّهُ مِنْ مَحْبِسِهِ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَلَيُوشِكَنَّ أَنْ يَثِبُوا عَلَيْهِ حَتَّى يَأْخُذُوهُ مِنْ أَيْدِيكُمْ، فَيَمْنَعُوهُ مِنْكُمْ، فَمَا آمَنُ عَلَيْكُمْ أَنْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ بِلَادِكُمْ. قَالَ: فَانْظُرُوا فِي غَيْرِ هَذَا.
قَالَ: فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: أَخْرِجُوهُ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ تَسْتَرِيحُوا مِنْهُ، فَإِنَّهُ إِذَا خَرَجَ لَنْ يَضُرَّكُمْ مَا صَنَعَ وَأَيْنَ وَقَعَ، إِذَا غَابَ عَنْكُمْ أَذَاهُ وَاسْتَرَحْتُمْ، وَكَانَ أَمْرُهُ فِي غَيْرِكُمْ، فَقَالَ الشَّيْخُ النَّجْدِيُّ: وَاللَّهِ مَا هَذَا لَكُمْ بِرَأْيٍ، أَلَمْ تَرَوْا حَلَاوَةَ -قَوْلِهِ- وَطَلَاوَةَ لِسَانِهِ، وَأَخْذَ الْقُلُوبِ مَا تَسْمَعُ مِنْ حَدِيثِهِ؟ وَاللَّهِ لَئِنْ فَعَلْتُمْ، ثُمَّ اسْتَعْرَضَ الْعَرَبَ، لَيَجْتَمِعَنَّ عَلَيْكُمْ ثُمَّ لَيَأْتِيَنَّ إِلَيْكُمْ حَتَّى يُخْرِجَكُمْ مِنْ بِلَادِكُمْ وَيَقْتُلَ أَشْرَافَكُمْ. قَالُوا: صَدَقَ وَاللَّهِ، فَانْظُرُوا بَابًا غَيْرَ هَذَا.
قَالَ: فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ، لَعَنَهُ اللَّهُ: وَاللَّهِ لَأُشِيرَنَّ عَلَيْكُمْ بِرَأْيٍ مَا أَرَاكُمْ تَصْرِمُونَهُ بَعْدُ، مَا أَرَى غَيْرَهُ. قَالُوا: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: نَأْخُذُ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ غُلَامًا شَابًّا وَسِيطًا نَهِدًا، ثُمَّ يُعْطَى كُلُّ غُلَامٍ مِنْهُمْ سَيْفًا صَارِمًا، ثُمَّ يَضْرِبُونَهُ ضَرْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَإِذَا قَتَلُوهُ تَفَرَّقَ دَمُهُ فِي الْقَبَائِلِ -كُلِّهَا- فَلَا أَظُنُّ هَذَا الْحَيَّ مِنْبَنِي هَاشِمٍ يَقْوَوْنَ عَلَى حَرْبِ قُرَيْشٍ كُلِّهَا. فَإِنَّهُمْ إِذَا رَأَوْا ذَلِكَ قَبِلُوا الْعَقْلَ، وَاسْتَرَحْنَا وَقَطَعْنَا عَنَّا أَذَاهُ.
قَالَ: فَقَالَ الشَّيْخُ النَّجْدِيُّ: هَذَا وَاللَّهِ الرَّأْيُ. الْقَوْلُ مَا قَالَ الْفَتَى لَا رَأْيَ غَيْرَهُ، قَالَ: فَتَفَرَّقُوا عَلَى ذَلِكَ وَهُمْ مُجْمِعُونَ لَهُ. فَأَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَهُ أَلَّا يَبِيتَ فِي مَضْجَعِهِ الَّذِي كَانَ يَبِيتُ فِيهِ، وَأَخْبَرَهُ بِمَكْرِ الْقَوْمِ. فَلَمْ يَبِتْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَيْتِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَأَذِنَ اللَّهُ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ بِالْخُرُوجِ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَعْدَ قُدُومِهِ الْمَدِينَةَ: "الْأَنْفَالَ" يَذْكُرُ نِعَمَهُ عَلَيْهِ وَبَلَاءَهُ عِنْدَهُ: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)[الأنفال: 30][تفسير ابن كثير].
ولمَّا خرجَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ بينِ أيدي المشركينَ، حثَّ على وجوهِهمُ التُّرابَ، وهوَ يقرأُ قولَهُ تعالى: (وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ) [يــس:9].
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ) قَالَ: "تَشَاوَرَتْ قُرَيْشٌ لَيْلَةً بِمَكَّةَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا أَصْبَحَ فَأَثْبِتُوهُ بِالْوِثَاقِ - يُرِيدُونَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلِ اقْتُلُوهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ أَخْرِجُوهُ. فَأَطْلَعُ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَى ذَلِكَ، فَبَاتَ عَلِيٌّ -رضي الله عنه- عَلَى فِرَاشِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، حَتَّى لَحِقَ بِالْغَارِ، وَبَاتَ الْمُشْرِكُونَ يَحْرُسُونَ عَلِيًّا يَحْسَبُونَهُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا أَصْبَحُوا ثَارُوا إِلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَوْا عَلِيًّا رَدَّ اللَّهُ -تعالى- مَكْرَهُمْ، فَقَالُوا: أَيْنَ صَاحِبُكَ هَذَا؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. فَاقْتَصَّا أَثَرَهُ، فَلَمَّا بَلَغُوا الْجَبَلَ اخْتَلَطَ عَلَيْهِمْ، فَصَعَدُوا فِي الْجَبَلِ فَمَرُّوا بِالْغَارِ، فَرَأَوْا عَلَى بَابِهِ نَسْجَ الْعَنْكَبُوتِ، فَقَالُوا: لَوْ دَخَلَ هَاهُنَا لَمْ يَكُنْ نَسْجُ الْعَنْكَبُوتِ عَلَى بَابِهِ، فَمَكَثَ فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ"[رواه أحمد].
عِبادَ اللهِ: ولقدْ رافقَ مَعَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- الهجرةَ، صِدِّيقُ هذهِ الأمةِ أبو بَكرٍ -رضي الله عنه وارضاهُ-؛ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-، قَالَتْ: اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَبُو بَكْرٍ فِي الْخُرُوجِ حِينَ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْأَذَى، فَقَالَ لَهُ: أَقِمْ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَطْمَعُ أَنْ يُؤْذَنَ لَكَ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "إِنِّي لَأَرْجُو ذَلِكَ" قَالَتْ: فَانْتَظَرَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ ظُهْرًا فَنَادَاهُ، فَقَالَ: "أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ" فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا هُمَا ابْنَتَايَ"[رواه البخاري].
ولمَّا وصلَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- هوَ وصاحبُهُ إلى غارِ ثورٍ، لحقهُ المشركونَ حتى وصلوا إلى بابِ الغارِ، عندها خافَ أبو بكرٍ -رضي الله عنه- على النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فقالَ مقولتَهُ الشهيرةَ: "نَظَرْتُ إِلَى أَقْدَامِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رُؤوسِنَا، وَنَحْنُ فِي الْغَارِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ، أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ؟ فَقَالَ: "يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا؟"[رواه مسلم].
فلقدْ نصرَهُ اللهُ، ومكَّنَهُ وأيَّدهُ وحفظهُ سبحانه وتعالى، قالَ سبحانه: (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[التوبة: 40].
ولما كانَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- في الغارِ، كانتْ أسماءُ بنتَ أبي بَكرٍ -رضي الله عنها-، تأتي بالأكلِ إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وأبيِها، وهُما في الغارِ، فسمَّاها النبيُ -صلى الله عليه وسلم- ذاتَ النطاقينِ.
والنِّطاقُ هوَ: حِزامٌ يُشتدُ بهِ الوسطَ.
فكانتْ تَضعُ الأكلَ على قِطعةِ قِماشٍ، وتشُدُّ بِهِ وسطَهَا وتأتي بالأكلِ إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وأبيها، وهُما في الغارِ، ومضى النبيُّ ثلاثةَ أيامٍ وهوَ في الغارِ.
ثُمَّ -يا عِبادَ اللهِ- قالَ أبو بَكرٍ -رضي الله عنه-: "ارْتَحَلْنَا بَعْدَمَا زَالَتْ الشَّمْسُ وَاتَّبَعَنَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: وَنَحْنُ فِي جَلَدٍ مِنْ الْأَرْضِ -أي صُلبة- فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُتِينَا؟ فَقَالَ: لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا، فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَارْتَطَمَتْ فَرَسُهُ إِلَى بَطْنِهَا أُرَى، فَقَالَ: إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمَا قَدْ دَعَوْتُمَا عَلَيَّ فَادْعُوَا لِي، فَاللَّهُ لَكُمَا أَنْ أَرُدَّ عَنْكُمَا الطَّلَبَ، فَدَعَا اللَّهَ فَنَجَا فَرَجَعَ لَا يَلْقَى أَحَدًا إِلَّا قَالَ: قَدْ كَفَيْتُكُمْ مَا هَاهُنَا، فَلَا يَلْقَى أَحَدًا إِلَّا رَدَّهُ، قَالَ: وَوَفَى لَنَا"[رواه البخاري].
عِبادَ اللهِ: إنَّ معيةَ اللهِ وحفظهِ وتأييدهِ للنبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، ليستْ خاصةً لهُ لِوحدهِ، بلْ هيَ لِكلِّ مؤمنٍ موحدٍ مخلصٍ بعملهِ للهِ -عز وجل-، قالَ تعالى: (إنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ)[النحل: 128].
وقالَ: (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) [غافر:51].
وفي الحديثِ الصحيحِ: قالَ صلى الله عليه وسلم: "احفظِ اللهَ يحفظْكَ" أي يحفظُ لكَ نفسَكَ وأهلكَ وذريتَكَ ومالَكَ ومستقبلَكَ، فقطْ أقبلْ على اللهِ، وسوفَ ترى عَجبَ العُجابِ.
نفعني اللهُ وإياكم بما فيهِ مِنَ الآياتِ والذِكرِ الحكيمِ.
أقول قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ لي ولكمْ، فاستغفروهُ وتوبوا إليهِ، إنَّهُ هوَ التُّوابُ الرحيمُ.
الخُطبةُ الثانية:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ، قَالَ: "لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- الْمَدِينَةَ، انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَكُنْتُ فِيمَنْ أَتَى، فَلَمَّا رَأَيْتُ وَجْهَهُ عَرَفْتُ أَنَّه وَجْه غَيْرُ كَذَّابٍ، سَمِعْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ: "أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلامَ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ"[رواه الترمذي وابن ماجة].
عبادَ اللهِ: إنَّما خصَّ النبيُ -صلى الله عليه وسلم- السَّلامَ؛ لأنَّ المجتمعَ لا يتكافلُ ولا يتضامنْ، ولا يتوحدُ ولا يتحابَبُ إلّا بالسلامِ، فإفشاءُ السلامِ سبيلٌ إلى المحبةِ، والمحبةُ سبيلٌ إلى الإيمانِ، والإيمانُ سبيلٌ إلى الجنةِ، قالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "لَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا بِي، وَلَنْ تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَلا أُخْبِرُكُمْ بِشَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ، أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكُمْ"[رواه مسلم].
وخَصَّ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- صِلةَ الأرحامِ؛ لأنَّ صِلةَ الرحمِ سبيلٌ إلى المودةِ والْألفةِ والوئامِ بينَ أفرادِ المجتمعِ، بها تحيا القلوبُ وتتحاببُ، وبها يصلُ النَّاسُ بعضَهم بعضاً، وبها تُزالُ الشحناءُ والبغضاءُ بينَ النَّاسِ، بلْ كانَّ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- حريصاً على أنَّ مَنْ قطعَهُ رَحِمُهُ أنْ يَصلَهمْ، فقالَ: "لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ وَلَكِنْ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا"[رواه البخاري].
وخَصَّ النبيُ -صلى الله عليه وسلم- إطعامَ الطعامِ، حتى يكونَ المجتمعُ مجتمعاً واحداً متكاملاً متماسكاً، فالغنيُّ والفقيرُ في الدنيا عندَ اللهِ سواسيةٌ، وإنْ فضَّلَ بعضَهم على بَعضٍ في الرزقِ.
هذه مِنْ حكمتهِ سبحانه وتعالى أنْ قسَّمَ الأرزاقَ، وجعلَ في الدنيا أغنياءَ وفقراءَ؛ ِحتى تجري الحياةُ، فلو كانَ النَّاسُ سواءً في الرزقِ، لَعُطِّلتْ مصالحُ الدنيا، وأموالُ الاغنياءِ والأثرياءِ تُخرجُ زكاةً في كُلِّ حولٍ لِلفقراءِ والمساكينِ والمحتاجينَ.
فيا أخي: أخرجْ زكاةَ مالِكَ طيبةً بِها نفسُكَ، وتَصدَّقَ ولو بالقليلِ، وأطعمْ الطعامَ، فطاعمُكَ الفاضلُ هناكَ مَنْ يحتاجُ إليهِ، فلقدْ قالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "ليسَ المؤمنُ الذي يَبيتُ شبعاناً وجارُهُ جائعٌ إلى جنبهِ"[صححه الألباني -رحمه الله-].
وخَصَّ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- قيامَ الليلِ؛ لأنَّ هذه العبادةَ لا يَدخُلُها رياءٌ، وهيَ عظيمةٌ عندَ اللهِ وسبيلٌ إلى الجنةِ، وهذهِ العبادةُ تزرعُ الخوفَ والرجاءَ والطمعَ في نفسِ الانسانِ، الخوفُ مِنَ النيرانِ، والرجاءُ مِنْ طُولِ الجِنانِ، والطمعُ فيما عندَ اللهِ -سبحانه وتعالى-، ولقدْ امتدحهم اللهُ -سبحانه وتعالى- في كِتابهِ، فقالَ عنهم: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[السجدة: 16-17].
فأخفوا عِبادتَهم للهِ، فأخفى اللهُ جَزاءَهم وثوابَهم.
عِبادَ اللهِ: إنَّ الصَّاحبَ زادٌ لِصاحبهِ في السَّراءِ والضَّراءِ، ولقدْ اختارَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- خيرَ الأصحابِ، وأحبَّهم إليهِ، فكانَّ نِعْمَ الصاحبُ، ولقدْ خصَّهُ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالذكرِ، فقال: "إنَّهُ ليسَ مِنَ النَّاسِ أحدٌ، أمِنَ عليَّ في نفسهِ ومالهِ مِنْ أبي بَكرٍ بنِ أبي قُحافةَ، ولو كنتُ مُتَّخذَ مِنَ النَّاسِ خليلاً، لاتخذتُ أبا بكرٍ، ولكنْ خُلةَ الإسلامِ أفضلُ".
فاختاروا لأنفسِكم خيرَ الأصحابِ، مَنْ يَسرُكُمْ ذِكرَهم، وينفعُكُمْ عملَهمْ، فلقدْ قالَ رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "خَيرُ الأصحابِ عندَ اللهِ خيرُهم لِصاحبهِ"[صححه الألباني-رحمه الله-].
وإياكم وإياكم أصحابَ السوء، فو الله ما ضلَّ أكثرُ النَّاسِ إلّا بسببِ أصدقاءِ السوءِ؛ كما قالوا: "الصَّاحبُ ساحبٌ".
عِبادَ اللهِ: ولقدْ كانَ أولُ شيءٍ فعلُهُ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- حينَ وصلَ المدينةَ، بناءَ المسجدِ؛ لأنَّ المساجدَ تُوحدُ صُفوفَ المسلمينَ، وتجمعُهم على الخيرِ والذِكرِ والعبادةِ والطاعةِ، وتفرقُهم أيضا على الخيرِ والطاعةِ.
ولأنَّها ساوتْ بينَ النَّاسِ تجدُ الغنيَّ يَقفُ بجنبِ الفقيرِ، والكبيرَ بجنبِ الصغيرِ.
ولأنَّها تقوي إيمانَ العبدِ، وتقوي الصِلةَ التي بينهُ وبينَ اللهِ -عز وجل-، فلقدْ قالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إذا رأيتم الرجلَ يعتادُ المساجدَ، فاشهدوا له بالإيمانِ"[رواه الترمذي، وإنْ كانَ بالسندِ تكلمٍ فمعناه صحيح؛ لأنَّ اللهَ، قالَ: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ)[التوبة:18].
والمساجدُ سبيلٌ إلى الجنةِ؛ لأنَّها تشهدُ بالإيمانِ، والإيمانُ سبيلٌ إلى الجنةِ.
فساهموا في بِناءِ المساجدِ ولو بشيءٍ قليلٍ، ولو وضعتَ كيسَ إسمنتٍ أو رملٍ، ولو حتى طوبةٍ واحدةٍ،
فلقدْ قالَ رسول اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ كَمِفْحَصِ قَطَاةٍ بَنَى اللَّه لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ"[صححه الألباني -رحمه الله-].
عِبادَ اللهِ: ولقدْ آخى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بينَ المُهاجرينَ والأنصارِ، حتى يتآلف المجتمعُ، ويَنسجُ الحُبَّ والمودةَ والوئامَ، حتى امتدحهم اللهُ بِقولهِ: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُو الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ? وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فأولئك هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[الحشر: 9].
فإنَّ الفرقةَ والشحناءَ تَنسجُ الهلاكَ والدمارَ والبوارَ في المجتمعِ المسلمِ، وهيَ المانعةُ مِنْ غُفرانِ الذنوبِ.
فالأخُ الصالحُ خيرٌ مِنَ نَفسِكَ، فالنفسُ تأمُركَ بالشرِ، والأخُ الصالحُ يأمُرُكَ بالخيرِ.
ومِنْ صِفاتهم: أنَّهم يُذكِّرونَ بالآخرةِ، قالَ الحسنُ البصريُّ -رحمه الله-: "إخوانُنَا أحبُّ إلينا مِنْ أهلنا وأولادِنا؛ لأنَّ أهلنا يُذكِّرونا بالدنيا، وإخوانُنَا يُذكِّرونا بالآخرةِ".
والمُسلمُ الفطنُ اللبيبُ الذي يُحبُّ زوجتَهُ وإخوانَهُ وأولادَهُ وأصدقائَهُ في اللهِ؛ لأنَّ كلَّ المحباتِ في الدنيا، سوفَ تنقلبُ يومَ القيامةِ إلى عداواتٍ؛ كما قال تعالى: (الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)[الزخرف: 67].
فالمتحابونَ في اللهِ، على منابرَ مِنْ نورِ اللهِ.
عبادَ اللهِ: ومَنَ الأمورِ التي رسخها النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- في المدينةِ: تنظيمَ العلاقاتِ الإنسانيةِ مع ساكني أهلِ المدينةِ، مِنْ أهلِ الكتابِ وغيرِهم، وضمنَ لهم حقوقَهم وعيشَهم وحريتَهم، وكتبَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- وثيقةً في المدينةِ كميثاقِ بينَ جميعِ مَنْ يَسكُنُ هذه المدينةَ، ومما جاءَ في بنودِ الوثيقة: "أنَّ للمسلمين دينِهم، وأنَّ لِليهودِ دينِهم، ومواليهم وأنفسهم، إلّا مَنْ ظَلمَ واعتدى".
عبادَ اللهِ: ولقدْ اهتمَّ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بعدَ هِجرتهِ بأفرادِ المجتمعِ، على جميعِ مستوياتِهم ومنازِلهم، واهتَمَّ بالفقراءِ والضُعفاءِ اهتماماً بليغاً، وجعلَ النظرَ في مصالحِهم بِراً وعبادةً، امتثالاً لِقولهِ تعالى: (وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ)[البقرة: 177].
وحرصَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- على التَكافلِ بينَ أفرادِ المجتمعِ، وأكد على وجوبِ بِرِ الوالدينِ، وعلى حُسنِ التعاملِ مع الأيتامِ، وحُسنِ الجوارِ دونَ تميزٍ لِجنسٍ أو دينٍ؛ قال تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا)[النساء: 36].
عبادَ اللهِ: لما وقفَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- على أطرافِ مكةَ مُناجياً لها، وهو يقولُ: "قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ خَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبَّ الأَرْضِ إِلَى اللَّهِ، وَلَوَلا أَنَّ أَهْلَكِ أَخَرَجُونِي مَا خَرَجْتُ"[مصنف عبد الرزاق].
شعورٌ بالحنينَ على وطنهِ، الذي لَبِثَ فيهِ ثلاثةُ وخمسينَ سنةً، فقدْ وُلدَ على تُرابهِ، وعاشَ على أكتافهِ، طفلاً صغيراً، وشاباً يافعاً، ورجلاً كبيراً، ذلك؛ لأنَّ حُبَّ الوطنِ غريزةٌ في النَّفسِ.
فاللهَ اللهَ في أوطانِكم، عمروا وطنَكم، وأحرصوا على إصلاحِهِ، وعلى نشرِ الخيرِ فيهِ.
وإياكم والفسادَ فيهِ، فكونوا حريصينَ على قيادتهِ، وعلى عِمارتِهِ، وعلى دوام استقرارهِ وتطورِهِ، وادُّوا عملَكم فيهِ على أكملِ وجهٍ بإتقانٍ وإخلاصٍ، مرتجينَ مِنَ اللهِ -تعالى- أجزلَ الجزاءِ والعطاءَ والثوابَ، يقولُ اللهُ -تعالى-: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[النحل: 97].
عِبادَ اللهِ: اعلموا أنَّ الاسلامَ دينُ سلامٍ، والمهاجرُ مَنْ هجرَ الذنوبَ والخطايا والآثامَ والأوزارَ؛ عَنْ عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو عَنْ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إنَّ المهاجرَ من هجرَ ما نهى اللهُ عنه، والمسلمُ مَنْ سلمَ المسلمونَ مِنْ لِسانهِ ويدهِ"[رواه مسلم].
وقال صلى الله عليه وسلم: "العبادةُ في الهرجِ -أي الفتنة- كَهِجرةٍ إليَّ"[رواه مسلم].
اللهمَّ وفقنا لِطاعتِكَ وطاعةِ نبيكَ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وطاعةِ مَنْ أمرتنا بِطاعتهِ؛ عملاً بِقولكَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ)[النساء:59].
وصلِّ اللهمَّ وبارك على سيدنا محمدٍ، وعلى آلهِ وأصحابهِ وسَلِّمَ تسليماً كثيراً.