سؤال وجواب في التوحيد والإيمان: هذا الكتيب جمعَ معتقد المسلم في صورة أسئلة وأجوبة بطريقةٍ يسهُل على كل مسلمٍ تعلُّمها وحفظها.
التفاصيل
سؤال وجواب في التوحيد والإيمان شروط الإسلام شروط لا إله إلا الله نواقض الإسلام فضل التوحيد والتحذير مما يضاده أنواع الشرك تعريف البدعة كرامات الأولياء حكم زيارة القبور والتوسل بالأضرحة وأخذ أموال للتوسل بها التوسل حكم الاستغاثة بغير الله حكم موالاة الكفار الاستهزاء بالملتزمين بأوامر الله ورسوله سؤال وجواب في التوحيد والإيمانالقسم العلمي بدار القاسم شروط الإسلامالحمد لله.. والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.أما بعد: فاعلم أخي المسلم – رحمنا الله وإياك – أن الأصول الثلاثة التي بجب على كل مسلم ومسلمة تعلمها هي: معرفة العبد ربه، ودينه، ونبيه محمدًا ﷺ.ربنا: الله الذي ربانا وربى جميع العالمين بنعمته، وهو معبودنا.. ليس لنا معبود سواه.ديننا: الإسلام: وهو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله.نبينا: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، وهاشم من قريش، وقريش من العرب، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام.وأصل الدين وقاعدته أمران:الأول: الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له، والحرص على ذلك، والموالاة فيه، وتكفير من تركه.الثاني: الإنذار عن الشرك في عبادة الله والتغليظ في ذلك والمعاداة فيه. شروط لا إله إلا الله1- العلم بمعناها نفيًا وإثباتًا. بحيث يعلم القلب ما ينطق به اللسان.قال تعالى: }فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ{ [محمد: 19]. وقوله: }إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ{ [الزخرف: 86]. وقال ﷺ: «من مات وهو يعلمُ أن لا إله الله دخل الجنة» [رواه مسلم].ومعناها: لا معبود بحق إلا الله. والعبادة: هي كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.2- اليقين: هو كمال العلم بها المنافي للشك والريب.قال تعالى: }إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ{ [الحجرات: 15].وقال ﷺ: «أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، لا يلقى الله بهما عبدٌ غير شاك فيهما إلا دخل الجنة» [رواه مسلم].3- الإخلاص: المنافي للشرك.قال تعالى: }أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ{ [الزمر: 3]. وقوله تعالى: }وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ{ [البينة: 5]. وقال ﷺ: «أسعدُ الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصا مخلصًا من قلبه» [رواه البخاري].4- المحبة لهذه الكلمة ولما دلت عليه، والسرور بذلك.قال تعالى: }وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ{ [البقرة: 165].وقال ﷺ: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار...» [متفق عليه].5- الصدق: المنافي للكذب المانع من النفاق.قال تعالى: }فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ{ [العنكبوت: 3]. وقال تعالى: }وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ{ [الزمر: 33]. وقال ﷺ: «من مات وهو يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله صادقًا من قلبه دخل الجنة» [رواه أحمد].6- الانقياد لحقوقها: وهي الأعمال الواجبة إخلاصًا لله وطلبًا لمرضاته.قال تعالى: }وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ{ [الزمر: 54].وقال تعالى: }وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى{ [لقمان: 22].7- القبول: المنافي للرد... فقد يقولها من يعرفها لكن لا يقبلها ممن دعاه إليها تعصبًا أو تكبرًا.قال تعالى: }إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ{ [الصافات: 35].* * * * نواقض الإسلاماعلم يا أخي المسلم – علمنا الله وإياك – أن أهم نواقض الإسلام عشرة:الأول: الشرك في عبادة الله تعالى: قال تعالى: }إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ{ [النساء: 48]، ومنه الذبح لغير الله.. كمن يذبح للجن أو القبر.الثاني: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم ويتوكل عليهم.الثالث: من لم يكفر المشركين أو يشك في كفرهم، أو صحح مذهبهم، كفر. الرابع: من اعتقد أن غير هدي النبي ﷺ أكمل من هديه، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه، كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه، فهو كافر.الخامس: من أبغض شيئًا مما جاء به الرسول ﷺ ولو عمل به، كفر.السادس: من استهزأ بشيء من الدين أو بثوابه أو بعقابه، كفر. قال تعالى: }قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ{ [التوبة: 65، 66].السابع: السحر: فمن فعله أو رضي به... كفر. قال تعالى: }وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ{ [البقرة: 102].الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين.. قال تعالى: }وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ{ [المائدة: 51].التاسع: من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد ﷺ، فهو كافر.العاشر: الإعراض عن دين الله.. لا يتعلمه ولا يعمل به. قال تعالى: }وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ{ [السجدة: 22].هداك الله إلى الحق.. إنه لا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف.. إلا المكره. وكلها من أعظم ما يكون خطرًا. وأكثر ما يكون وقوعًا.. فينبغي للمسلم أن يحذرها ويخاف منها على نفسه. نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه.وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.* * * * فضل التوحيد والتحذير مما يضادهالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..أخي في الله، إليك كلمات موجزة عن فضل التوحيد والتحذير من ضده وما ينافيه من أنواع الشرك والبدع ما كان منها كبيرًا أو صغيرًا، إن التوحيد هو أول واجب دعا إليه الرسل، وهو أصل دعوتهم قال تعالى: }وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ{ [النحل: 36] والتوحيد هو أعظم حق لله تعالى على عبيده ففي الصحيحين من حديث معاذ t قال: قال رسول الله ﷺ: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا»؛ فمن حقق التوحيد دخل الجنة ومن فعل أو اعتقد ما ينافيه ويناقضه فهو من أهل النار، ومن أجل التوحيد أمر الله الرسل بقتال أقوامهم حتى يعتقدوه، قال ﷺ: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله» [متفق عليه]، وتحقيق التوحيد سبيل السعادة في الدنيا والآخرة. ومخالفته سبيل للشقاوة، وتحقيق التوحيد سبيل لاجتماع الأمة وتوحيد صفوفها، وكلمتها، والخلل في التوحيد سبب الفرقة والتشتت.واعلم أخي – رحمني الله وإياك - أنه ليس كل من قال لا إله إلا الله يكون موحدًا، بل لا بد من توفر شروط سبعة ذكرها أهل العلم:1- العلم بمعناها والمراد منها نفيًا وإثباتًا، فلا معبود بحق إلا الله تعالى.2- اليقين بمدلولها يقينًا جازمًا.3- القبول لما تقتضيه هذه الكلمة بقلبه ولسانه.4- الانقياد لما دلت عليه.5- الصدق، فيقولها بلسانه ويوافق ذلك قلبه.6- الإخلاص المنافي للرياء.7- حب هذه الكلمة وما اقتضته.أخي المسلم: وكما يجب علينا تحقيق التوحيد وتوفير شروط لا إله إلا الله، فيجب علينا أن نخاف من الشرك ونحذره بجميع أنواعه وأبوابه ومداخله أكبره وأصغره، فإن أعظم الظلم الشرك، والله يغفر للعبد كل شيء إلا الشرك، ومن وقع فيه فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار قال تعالى: }إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ{ [النساء: 48].وإليك يا أخي بعض ما ينافي التوحيد أو يخل به كما ذكرهم أهل العلم لتكون على حذر منها:1- لباس الحلقة والخيط أيًا كان نوعها من صفرٍٍ أو نحاس أو حديد أو جلد لرفع بلاء أو دفعه فهو من الشرك.2- الرقى البدعية والتمائم، والرقى البدعية هي: المشتملة على الطلاسم والكلام غير المفهوم، والاستعانة بالجن في معرفة المرض أو فك السحر، أو وضع التمائم وهو: ما يعلق على الإنسان والحيوان من خيط، أو ربطة سواء كان مكتوبًا من الكلام البدعي الذي لم يرد في القرآن والسنة أو حتى الوارد فيهما – على الصحيح – لأنها من أسباب الشرك قال ﷺ: «إن الرقى – أي الشركية – والتمائم والتولة شرك» [رواه أحمد وأبو داود].ومن ذلك: تعليق ورقة أو قطعة من النحاس أو الحديد في داخل السيارة فيها لفظ الجلالة أو آية الكرسي، أو وضع مصحف في داخل السيارة واعتقاد أن ذلك يحفظها ويمنع عنها الشر من عين أو نحوها. ومن ذلك: وضع قطعة على شكل كف أو مرسوم فيها عين فلا يجوز وضعه حيث يعتقد فيه دفع العين قال ﷺ: «من تعلق شيئًا وُكِلَ إليه» [رواه أحمد والترمذي والحاكم].3- ومما يخل بالتوحيد التبرك بالأشخاص والتمسح بهم وطلب بركتهم، أو التبرك بالأشجار والأحجار وغيرها وحتى الكعبة فلا يتمسح بها تبركًا، قال عمر بن الخطاب t وهو يقبل الحجر الأسود: «إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع؛ ولولا أني رأيت رسول الله ﷺ يقبلك ما قبلتك».4- ومما ينافي التوحيد الذبح لغير الله كالأولياء والشياطين والجن لجلب نفعهم أو دفع ضرهم فهذا من الشرك الأكبر، وكما لا يجوز الذبح لغير الله، لا يجوز الذبح في مكان يذبح فيه لغير الله ولو كان قصد الذابح أن يذبح لله عز وجل وذلك سدًا لذريعة الشرك.5- ومن ذلك النذر لغير الله فالنذر عبادة لا يجوز أن تصرف لغير الله سبحانه وتعالى.6- ومن ذلك الاستعانة والاستعاذة بغير الله، قال ﷺ لابن عباس رضي الله عنهما: «وإذا استعنت فاستعن بالله، وإذا سألت فاسأل الله...» وبذلك تعلم المنع من دعاء الجن.7- ومما يخل بالتوحيد الغلو بالأولياء والصالحين، ورفعهم عن منزلهم وذلك بالغلو في تعظيمهم، أو رفع منزلتهم إلى منزلة الرسل، أو ظن العصمة فيهم.8- ومما ينافي التوحيد الطواف بالقبور، فهو من الشرك، ولا تجوز الصلاة عند القبر لأنها وسيلة إلى الشرك فكيف بالصلاة لها وعبادتها والعياذ بالله؟!9- ولحماية التوحيد جاء النهي عن البناء على القبور وجعل القباب والمساجد عليها وتجصيصها.10- ومما ينافي التوحيد، السحر وإتيان السحرة والكهنة والمنجمين ونحوهم، فالسحرة كفار ولا يجوز الذهاب إليهم ولا يجوز سؤالهم، أو تصديقهم، وإن تسموا بالأولياء والمشايخ ونحو ذلك.11- ومما يخل بالتوحيد الطيرة وهي التشاؤم بالطيور أو بيوم من الأيام أو بشهر أو بشخص، كل ذلك لا يجوز، فالطيرة شرك كما جاء في الحديث.12- ومما يخل بالتوحيد التعلق بالأسباب كالطبيب والعلاج والوظيفة وغيرها وعدم التوكل على الله، والمشروع هو أن نبذل الأسباب كطلب العلاج والرزق لكن مع تعلق القلب بالله لا بهذا السبب.13- ومما يخل بالتوحيد التنجيم واستعمال النجوم في غير ما خلقت له، فلا تستخدم في معرفة المستقبل والغيب وكل هذا لا يجوز.14- ومن ذلك الاستسقاء بالنجوم والأنواء والمواسم واعتقاد أن النجوم هي التي تقدم المطر أو تؤخره، بل الذي ينزل المطر ويمنعه هو الله فقل: «مطرنا بفضل الله ورحمته».15- ومما ينافي التوحيد صرف شيء من أنواع العبادة القلبية لغير الله مثل صرف المحبة المطلقة أو الخوف المطلق للمخلوقات.16- ومما يخل بالتوحيد الأمن من مكر الله وعذابه أو القنوط من رحمة الله، فلا تأمن من مكر الله ولا تقنط من رحمته، فكن بين الخوف والرجاء.17- ومما يخل بالتوحيد عدم الصبر على أقدار الله والتجزع ومعارضة القدر بمثل قولهم: «لماذا يا الله تفعل بي كذا، أو بفلان كذا، أو لماذا كل هذا يا الله». ونحو ذلك من النياحة، وشق الجيوب ونثر الشعر.18- ومن ذلك الرياء والسمعة وأن يريد الإنسان بعمله الدنيا.19- ومما ينافي التوحيد طاعة العلماء والأمراء وغيرهم في تحريم الحلال أو تحليل الحرام، فإن طاعتهم نوع من الشرك.20- ومما يخل بالتوحيد قول «ما شاء الله وشئت» أو قول «لولا الله وفلان» أو «توكلت على الله وفلان» فالواجب استعمال «ثم» في جميع ما سبق لأمره ﷺ لهم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: «ورب الكعبة»، وأن يقولوا: «ما شاء الله ثم شئت» [رواه النسائي].21- ومما يخل بالتوحيد سب الدهر والزمان والأيام والشهور.22- ومما ينافي التوحيد، السخرية بالدين أو الرسل أو القرآن أو السنة، أو السخرية بأهل الصلاح والعلم، لما يحملونه من السنة وظهورها عليهم من إعفاء اللحية أو السواك أو تقصير الثوب عن الكعبين، ونحو ذلك.23- ومنها التسمية بـ «عبد النبي» أو «عبد الكعبة» أو «عبد الحسين» وكل هذا لا يجوز بل تكون العبودية لله وحده كقولنا: «عبد الله»، و«عبد الرحمن».24- ومما يخل بالتوحيد تصوير ذوات الأرواح ثم تعظيم هذه الصورة، وتعليقها على الجدار وفي المجالس وغير ذلك.25- ومما ينافي التوحيد وضع الصلبان ورسمها أو تركها موجودة على اللباس إقرارًا لها، والواجب كسر الصليب أو طمسه.26- ومما ينافي التوحيد موالاة الكفار والمنافقين بتعظيمهم واحترامهم وإطلاق لفظ «السيد» عليهم والحفاوة بهم ومودتهم.27- ومما ينافي التوحيد ويناقضه، الحكم بغير ما أنزل الله وتنزيل القوانين منزلة الشرع الحكيم باعتقاد أحقية القانون في الحكم، أو أن القانون مثل الشرع، أو أنه أحسن من الشرع وأنسب للزمن، ورضا الناس بذلك داخل في هذا الحكم.28- ومما يخل بالتوحيد الحلف بغير الله مثل الحلف بـ «النبي» أو «الأمانة» أو غير ذلك، قال النبي ﷺ: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك» [رواه الترمذي وحسنه].وبعد: أخي المسلم وكما يجب علينا أن نحقق التوحيد ونحذر مما يضاده وينافيه، يجب علينا أيضًا أن نكون على منهج أهل السنة والجماعة (الفرقة الناجية) منهج سلف هذه الأمة من الصحابة ومن بدعهم في كل الجوانب العقدية والسلوكية، فكما لأهل السنة منهج في العقيدة في باب الأسماء والصفات وغيره، كذلك لهم منهج في السلوك والأخلاق والتعامل والعبادات، وكل نواحي حياتهم، ولذلك لما ذكر الرسول ﷺ أن هذه الأمة سوف تفترق على ثلاث وسبعين فرقة قال: «كلها في النار إلى واحدة» قيل: من هم؟ قال: «هم مثل ما أنا عليه الآن وأصحابي»، فلم يقل هم من قال كذا أو فعل كذا.. فقط، ولكن هم من وافقوا منهج الرسول ﷺ والصحابة في كل شيء.فيجب عليك أخي:1- في باب الصفات: أن تصف الله عز وجل بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله ﷺ من غير تحريف ولا تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل... إذًا فلا نفي إلا ما نفى الله ولا تشبيه على حد قوله تعالى: }لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ{ [الشورى: 11].2- إن القرآن كلام الله تعالى منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود.3- الإيمان بما يكون بعد الموت من أحوال القبر وغيره.4- الاعتقاد أن الإيمان قول وعمل، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.5- لا نكفر أحدًا بذنب دون الشرك ما لم يستحله، وأن فاعل الكبيرة إن تاب تاب الله عليه، وإن مات ولم يتب فهو تحت مشيئة الله، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه ثم يدخله الجنة، وأنه لا يخلد في النار إلا من وقع في الكفر والشرك، وترك الصلاة من الكفر.5- أهل السنة يحبون الصحابة ويعظمونهم ويتولونهم كلهم، سواء أكانوا من أهل البيت أم من غيرهم من الصحابة، ولا يعتقدون عصمة أحد منهم، وأفضل الصحابة هو أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم وأرضاهم، ويسكتون عما وقع بينهم فكلهم مجتهدون، من أصاب له أجران ومن أخطأ فله أجر واحد.7- وهم يؤمنون بكرامات الأولياء وهم المتقون الصالحون قال تعالى: }أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ{ [يونس: 62، 63].8- وهم لا يرون الخروج على الإمام ما أقام فيهم الصلاة، ولم يروا كفرًا بواحًا عندهم فيه من الله برهان.9- وهم أيضًا، يؤمنون بالقدر خيره وشره بجميع مراتبه، ويعتقدون أن الإنسان مسير ومخير، فهم لم ينفوا القدر ولم ينفوا اختيار البشر، بل أثبتوهما جميعًا.10- وهم يحبون الخير للناس، وهم خير الناس، بل هم أعدل الناس للناس.وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.* * * * أنواع الشركس1: ما هي أنواع الشرك؟جـ1: سبق في غير هذا الموضع أن التوحيد يتضمن إثباتًا ونفيًا، وأن الاقتصار فيه على النفي تعطيل، والاقتصار فيه على الإثبات لا يمنع المشاركة، فلهذا لا بد في التوحيد من النفي والإثبات، فمن لم يثبت حق الله عز وجل على هذا الوجه فقد أشرك.والشرك نوعان: شرك أكبر مخرج من الملة، وشرك دون ذلك.النوع الأول: الشرك الأكبر وهو كل شرك أطلقه الشارع، وهو يتضمن خروج الإنسان عن دينه مثل أن يصرف شيئًا من أنواع العبادة لله عز وجل لغير الله، كأن يصلي لغير الله، أو يصوم لغير الله، أو يذبح لغير الله، وكذلك من الشرك الأكبر أن يدعو غير الله – عز وجل مثل أن يدعو صاحب قبر، أو يدعو غائبًا ليغيثه من أمر لا يقدر عليه إلا الله عز وجل. وأنواع الشرك معلومة فيما كتبه أهل العلم.النوع الثاني: الشرك الأصغر وهو كل عمل قولي أو فعلي أطلق عليه الشرع وصف الشرك ولكنه لا يخرج من الملة، مثل الحلف بغير الله، فإن النبي ﷺ قال: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك» فالحالف بغير الله الذي لا يعتقد أن لغير الله تعالى من العظمة ما يماثل عظمة الله، فهو مشرك شركًا أصغر، سواء كان هذا المحلوف به معظمًا من البشر أم غير معظم، فلا يجوز الحلف بالنبي ﷺ، ولا برئيس، ولا وزير، ولا يجوز الحلف بالكعبة، ولا بجبريل، وميكائيل؛ لأن هذا شرك، لكنه شرك أصغر لا يخرج من الملة.ومن أنواع الشرك الأصغر: الرياء مثل أن يقوم الإنسان يصلي لله عز وجل ولكنه يزين صلاته لأنه يعلم أن أحدًا من الناس ينظر إليه فيزين صلاته من أجل مراءاة الناس، فهذا مشرك شركًا أصغر؛ لأنه فعل العبادة لله لكن أدخل عليها هذا التزيين مراءاة للخلق، وكذلك لو أنفق ماله في شيء يتقرب به إلى الله لكنه أراد أن يمدحه الناس بذلك، فإنه مشرك شركًا أصغر، وأنواع الشرك الأصغر كثيرة معلومة في كتب أهل العلم.* * * * تعريف البدعةس2: اختلف علماؤنا في البدعة، فقال بعضهم: البدعة منها ما هو حسن، ومنها ما هو قبيح، فهل هذا صحيح؟جـ2: البدعة هي كل ما أحدث على غير مثال سابق، ثم منها ما يتعلق بالمعاملات، وشئون الدنيا: كاختراع آلات النقل من طائرات، وسيارات، وقاطرات، وأجهزة الكهرباء. وأدوات الطهي، والمكيفات التي تستعمل للتدفئة والتبريد، وآلات الحرب من قنابل وغواصات ودبابات إلى غير ذلك مما يرجع إلى مصالح العباد في دنياهم، فهذه في نفسها لا حرج فيها ولا إثم في اختراعها، أما بالنسبة للمقصد من اختراعها وما تستعمل فيه فإن قُصد بها خير واستعين بها فهي خير، وإن قصد بها شر من تخريب وتدمير وإفساد في الأرض واستعين بها في ذلك فهي شر وبلاء.وقد تكون البدعة في الدين: عقيدة، أو عبادة قولية، أو فعلية: كبدعة نفي القدر، وبناء المساجد على القبور، وإقامة القباب على القبور وقراءة القرآن عندها للأموات، والاحتفال بالموالد إحياء لذكرى الصالحين والوجهاء، والاستغاثة بغير الله، والطواف حول المزارات، فهذه وأمثالها كلها ضلال؛ لقول النبي ﷺ: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة»، لكن منها ما هو شرك أكبر يخرج من الإسلام: كالاستغاثة بغير الله فيما هو من وراء الأسباب العادية، والذبح، والنذر لغير الله إلى أمثال ذلك مما هو عبادة مختصة بالله، ومنها ما هو ذريعة إلى الشرك: كالتوسل إلى الله بجاه الصالحين، والحلف بغير الله، وقول الشخص ما شاء الله وشئت. ولا تنقسم البدع في العبادات إلى الأحكام الخمسة كما زعم بعض الناس لعموم حديث: «كل بدعة ضلالة».* * * * كرامات الأولياءس3: هل للأولياء كرامة، وهل لهم أن يتصرفوا في عالم الملكوت في السموات والأرض، وهل يشفعون وهم في البرزخ لأهل الدنيا أم لا؟جـ3: الكرامة أمر خارق للعادة يظهره الله تعالى على يد عبد من عباده الصالحين حيًا أو ميتًا إكرامًا له، فيدفع به عنه ضرًا، أو يحقق له نفعًا، أو ينصر به حقًا، وذلك الأمر لا يملك العبد الصالح أن يأتي به إذا أراد. كما أن النبي لا يملك أن يأتي بالمعجزة من عند نفسه، بل كل ذلك إلى الله وحده قال الله تعالى: }وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ{ [العنكبوت: 50].ولا يملك الصالحون أن يتصرفوا في ملكوت السموات والأرض إلا بقدر ما آتاهم الله من الأسباب كسائر البشر من زرع وبناء وتجارة ونحو ذلك مما هو من جنس أعمال البشر بإذن الله تعالى، ولا يملكون أن يشفعوا وهم في البرزخ لأحد من الخلق أحياء وأمواتًا، قال الله تعالى: }قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا{ [الزمر: 44]. وقال: }وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ{ [الزخرف: 86] وقال: }مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ{ [البقرة: 255].ومن اعتقد في أنهم يتصرفون في الكون أو يعلمون الغيب فهو كافر لقول الله عز وجل: }لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{ [المائدة: 120]. وقوله سبحانه: }قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ{ [النمل: 65]. وقوله سبحانه آمرًا نبيه ﷺ بما يزيل اللبس ويوضح الحق: }قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ{ [الأعراف: 188].* * * * حكم زيارة القبور والتوسل بالأضرحة وأخذ أموال للتوسل بهاس4: ما حكم الدين الإسلامي في زيارة القبور، والتوسل بالأضرحة، وأخذ خروف وأموال للتوسل بها، كزيارة السيد البدوي، والحسين والسيدة زينب. أفيدونا أفادكم الله؟جـ4: زيارة القبور نوعان:أحدهما: مشروع ومطلوب لأجل الدعاء للأموات، والترحم عليهم، ولأجل تذكر الموت، والإعداد للآخرة، لقول النبي ﷺ: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة». وكان يزورها ﷺ، وهكذا أصحابه y، وهذا الفرع للرجال خاصة لا للنساء، أما النساء فلا يشرع لهن زيارة القبور، بل يجب نهيهن عن ذلك؛ لأنه قد ثبت عن رسول الله ﷺ لعن زائرات القبور في النساء، ولأن زيارتهن للقبور قد يحصل بها فتنة لهن، أو بهن من قلة الصبر، وكثرة الجزع الذي يغلب عليهن.وهكذا لا يشرع لهن اتباع الجنائز إلى المقبرة، لما ثبت في الصحيح عن أم عطية رضي الله عنها قالت: «نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا» فدل ذلك على أنهن ممنوعات من اتباع الجنائز إلى المقبرة لما يخشى في ذلك من الفتنة لهن وبهن، وقلة الصبر، والأصل في النهي: التحريم لقول الله سبحانه: }وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا{ [الحشر: 7]، أما الصلاة على الميت فمشروعة للرجال والنساء كما صحت بذلك الأحاديث عن رسول الله ﷺ وعن الصحابة y في ذلك، أما قول أم عطية رضي الله عنها (لم يعزم علينا) فهذا لا يدل على جواز اتباع الجنائز للنساء؛ لأن صدور النهي عنه ﷺ كاف في المنع، وأما قوله: (لم يعزم علينا) فهو مبني على اجتهادها وظنها، واجتهادها لا يعارض به السنة.النوع الثاني: بدعي وهو: زيارة القبور لدعاء أهلها، والاستغاثة بهم، أو للذبح لهم، أو للنذر لهم، وهذا منكر وشرك أكبر، نسأل الله العافية، ويلتحق بذلك أن يزورها للدعاء عندها، والصلاة عندها، والقراءة عندها، وهذا بدعة غير مشروعة ومن وسائل الشرك.فصارت في الحقيقة ثلاثة أنواع:النوع الأول: مشروع، وهو أن يزورها للدعاء لأهلها، أو لتذكره الآخرة.النوع الثاني: أن تزار للقراءة عندها، أو للصلاة عندها، أو للذبح عندها، فهذه بدعة، ومن وسائل الشرك.النوع الثالث: أن يزورها للذبح للميت والتقرب إليه بذلك، أو لدعاء الميت من دون الله، أو لطلب المدد منه، أو الغوث، أو النصر، فهذا شرك أكبر، نسأل الله العافية، فيجب الحذر من هذه الزيارات المبتدعة، ولا فرق بين كون المدعو نبيًا، أو صالحًا، أو غيرهما، ويدخل في ذلك ما يفعله بعض الجهال عند قبر النبي ﷺ من دعائه، والاستغاثة به، أو عند قبر الحسين، أو البدوي، أو الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو غيرهم، والله المستعان. التوسلس5: ما حكم النذر، والتبرك بالقبور، والأضرحة، والتوسل والاستشفاع بها، وطلب العون من أهلها، وهل التوسل من مسائل العقيدة أو من مسائل الفقه؟جـ5: هذه من مسائل العقيدة والعبادة، لأن النذر عبادة لا تجوز إلا لله عز وجل وكل من صرف شيئًا من أنواع العبادة لغير الله، فإنه مشرك كافر، قد حرم الله عليه الجنة، ومأواه النار، قال الله تعالى: }إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ{ [المائدة: 72]. وأما التبرك بها: فإن كان يعتقد أنها تنفع من دون الله عز وجل فهذا شرك في الربوبية مخرج عن الملة، وإن كان يعتقد أنها سبب، وليست تنفع من دون الله، فهو ضال غير مُصيب، وما اعتقده فإنه من الشرك الأصغر.فعلى من ابتلي بمثل هذه المسائل أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى، وأن يقلع عن ذلك قبل أن يفاجئه الموت، فينتقل من الدنيا على أسوأ حال، وليعلم أن الذي يملك الضر والنفع هو الله سبحانه وتعالى وأنه هو ملجأ كل أحد، كما قال الله: }أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ{ [النمل: 62]. وبدلاً من أن يتعب نفسه في الالتجاء إلى قبر فلان وفلان، ممن يعتقدونهم أولياء، ليلتفت إلى ربه عز وجل وليسأله جلب النفع ودفع الضر، فإن الله سبحانه وتعالى هو الذي يملك هذا.وبالنسبة للتوسل فهو داخل في العقيدة، لأن المتوسل يعتقد لهذه الوسيلة تأثيرًا في حصول مطلوبه، ودفع مكروهه، فهو في الحقيقة من مسائل العقيدة، لأن الإنسان لا يتوسل بشيء إلا وهو يعتقد أن له تأثيرًا فيما يُريد.والتوسل بالصالحين ينقسم إلى قسمين:القسم الأول: التوسل بدعائهم فهذا لا بأس به، فقد كان الصحابة y يتوسلون برسول الله ﷺ، بدعائه، يدعو الله لهم فينتفعون بذلك، واستسقى عمر بن الخطاب t بعم النبي ﷺ (العباس بن عبد المطلب) بدعائه.والقسم الثاني: فهو التوسل بذواتهم، فهذا ليس بشرعي، بل هو من البدع من وجه، ونوع من الشرك من وجه آخر، فهو من البدع لأنه لم يكن معروفًا في عهد النبي ﷺ وأصحابه، وهو من الشرك لأن كل من اعتقد في أمر من الأمور أنه سبب، ولم يكن سببًا شرعيًا، فإنه قد أتى نوعًا من أنواع الشرك، وعلى هذا لا يجوز التوسل بذات النبي ﷺ، مثل أن يقول: أسألك بنبيك محمد ﷺ، إلا على تقدير أنه يتوسل إلى الله تعالى بالإيمان بالرسول ﷺ ومحبته، فإن ذلك من دين الله ينتفع به العبد، وأما ذات النبي ﷺ فليست وسيلة ينتفع بها العبد، وكذلك على القول الراجح لا يجوز التوسل بجاه النبي ﷺ، لأن جاه النبي ﷺ إنما ينتفع به النبي ﷺ نفسه، ولا ينتفع به غيره، وإذا كان الإنسان يتوسل بجاه النبي ﷺ باعتقاد أن للنبي ﷺ جاهًا عند الله، فليقل: اللهم إني أسألك أن تشفِّع فيَّ نبيَّك محمدًا ﷺ، وما أشبه ذلك من الكلمات التي يدعو بها الله عز وجل. حكم الاستغاثة بغير اللهس6: رجل يستغيث بغير الله، ويزعم أنه ولي الله، فما علامات الولاية؟جـ6: علامات الولاية بينها الله عز وجل في قوله: }أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ{ [يونس: 62]. فهذه علامات الولاية: الإيمان بالله، وتقوى الله عز وجل «فمن كان مؤمنًا تقيًا، كان لله وليًا» أما من أشرك به فليس بولى لله، بل هو عدو لله، كما قال تعالى: }مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ{ [البقرة: 98]. فأي إنسان يدعو غير الله، أو يستغيث بغير الله بما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل، فإنه مشرك كافر، وليس بولي لله، لو ادعى ذلك، بل دعواه أنه ولي مع عدم توحيده وإيمانه وتقواه دعوى كاذبة تنافي الولاية.ونصيحتي لإخواني المسلمين في هذه الأمور أن لا يغتروا بهؤلاء، وأن يكون مرجعهم في ذلك إلى كتاب الله، وإلى ما صح من سنة النبي ﷺ حتى يكون رجاؤهم، وتوكلهم، واعتمادهم على الله وحده، وحتى يؤمِّنوا بذلك لأنفسهم استقرارًا وطمأنينة، وحتى يحفظوا بذلك أموالهم أن يبتزها هؤلاء المخرفون، كما أن في لزوم ما دل عليه الكتاب والسنة في مثل هذه الأمور في ذلك إبعاد لهؤلاء عن الاغترار بأنفسهم، هؤلاء الذين يدعون أنفسهم أحيانًا أسيادًا وأحيانًا أولياء، ولو فكرت، أو تأملت ما هم عليه، لوجدت فيهم بعدًا عن الولاية والسيادة، ولكنك تجد الولي حقيقة أبعد الناس أن يدعو لنفسه، وأن يحيطها بهالة من التعظيم، والتبجيل، وما أشبه ذلك، تجده مؤمنًا، تقيًا، خفيًا لا يظهر نفسه، ولا يحب الإشهار، ولا يحب أن يتجه الناس إليه، أو أن يتعلقوا به خوفًا أو رجاءً. فمجرد كون الإنسان يريد من الناس أن يعظموه، ويحترموه، ويبجلوه، ويكون مرجعًا لهم، ومتعلقًا لهم، هذا في الحقيقة ينافي التقوى وينافي الولاية؛ ولهذا جاء في الحديث عن النبي ﷺ فيمن طلب العلم ليماري به السفهاء، أو يجاري به العلماء، أو ليصرف وجوه الناس إليه فعليه كذا وكذا من الوعيد، فالشاهد في قوله: «أو ليصرف وجوه الناس إليه» فهؤلاء الذين يدعون الولاية ويحاولون أن يصرفوا وجوه الناس إليهم هم أبعد الناس عن الولاية.فنصيحتي لإخواني المسلمين أن لا يغتروا بهؤلاء، وأمثالهم، وأن يرجعوا إلى كتاب الله وسنة رسوله ﷺ وأن يعلقوا آمالهم ورجاءهم بالله وحده.* * * * حكم موالاة الكفارس7: ما حكم موالاة الكفار؟جـ7: موالاة الكفار بالمودة، والمناصرة، واتخاذهم بطانة، حرام منهي عنها بنص القرآن الكريم. قال الله تعالى: }لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ{ [المجادلة: 22]. وقال تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ{ [المائدة: 57] وقال تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ{ [المائدة: 51] وقال تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا{ [آل عمران: 118].وأخبر أنه إذا لم يكن المؤمنون بعضهم أولياء بعض والذين كفروا بعضهم أولياء بعض، ويتميز هؤلاء عن هؤلاء؛ فإنها تكون فتنة في الأرض وفساد كبير. ولا ينبغي أبدًا أن يثق المؤمن بغير المؤمن مهما أظهر المودة، وأبدى من النصح، فإن الله تعالى يقول عنهم: }وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً{ [النساء: 89] ويقول سبحانه لنبيه: }وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ{ [البقرة: 120].والواجب على المؤمن أن يعتمد على الله في تنفيذ شرعه، وألا تأخذه لومة لائم، وألا يخاف من أعدائه فقد قال الله تعالى: }إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ{ [آل عمران: 175] وقال تعالى: }فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ{ [المائدة: 52] وقال سبحانه: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ{ [التوبة: 28] والله الموفق.* * * * الاستهزاء بالملتزمين بأوامر الله ورسولهس8: ما حُكْمُ الاستهزاء بالملتزمين بأوَامِر الله ورسوله؟جـ8: الاستهزاء بالملتزمين بأوامر الله ورسوله لكونهم التزموا بذلك مُحرَّم وخطير جدًا على المرء، لأنَّه يخشى أن تكون كراهته لهم لكراهة ما هم عليه من الاستقامة على دين الله، وحينئذ يكون استهزاؤه بهم استهزاءً بطريقهم الذي هم عليه، فيشبهون من قال الله عنهم: }وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ{ [التوبة: 65، 66]. فإنها نزلت في قوم من المنافقين قالوا: ما رأينا مثل قُرائنا هؤلاء – يعنون رسول الله ﷺ وأصحابه – أرغب بطونًا، ولا أكذب ألسنًا، ولا أجبن عند اللقاء، فأنزل الله فيهم هذه الآية.فليحذر الذين يسخرون من أهل الحق لكونهم من أهل الدين، فإن الله سبحانه وتعالى يقول: }إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ * فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ{ [المطففين: 29-36].