كتيب نافع يُعنى بإثبات ضعف الإنسان بالمقارنة مع ما حوله من مخلوقات وقوى الطبيعة، وحتى الكائنات الدقيقة والتي تٌقرر مصيره بإذن الله، والتي قد تقضي عليه من خلال الأمراض الفتاكة، كل ذلك يدفع بفطرة الإنسان للبحث عن أسرار هذه القوى، أو من يقف وراء هذه الطبيعة بهدف إدامة الخير والنعيم له ودفع الشر عنه، وتثبت بالبراهين أنه مهما حاول الإنسان في عصرنا الحالي وبعد ظهور العلوم والتكنولوجيا، أنه تمكن بالعلم المادي كشف كثير من السنن والقوانين التي تتحكم بالطبيعة في نظره، وأن الرسالة المقصودة بهذا الابتلاء أنه لا يمكن استبدال الدين بالعلم المادي؛ لأن الدين والعلم ببساطة مفهومان مختلفان، ويمكن تشبيه ذلك بالكتاب والمؤلف، فالخالق واضع قوانين العلم والعلم نفسه ليسوا بدائل، فاكتشاف الكتاب لا يدحض وُجود المُؤلف.
التفاصيل
هذا الكتاب يٌعنى بإثبات ضعف الإنسان بالمقارنة مع ما حوله من مخلوقات وقوى الطبيعة، وحتى الكائنات الدقيقة والتي تٌقرر مصيره، والتي قد تقضي عليه من خلال الأمراض الفتاكة، كل ذلك يدفع بفطرة الإنسان للبحث عن أسرار هذه القوى أو من يقف وراء هذه الطبيعة بهدف ادامة الخير والنعيم له ودفع الشر عنه. فقد خُلق الإنسان على الأرض وتوفرت له جميع وسائل الخير والراحة، وتم تسخير جميع ما يٌحيط به لقضاء حاجاته، وتدعوه إلى التفكر في الأسباب وراء هذا النعيم والتكريم على كثير من المخلوقات من حوله. هدف هذا الكتاب هو تقديم البراهين على أنه مهما حاول الإنسان في عصرنا الحالي وبعد ظهور العلوم والتكنولوجيا، إثبات أنه تمكن بالعلم المادي كشف كثير من السنن والقوانين التي تتحكم بالطبيعة في نظره، وأن ما توصل إليه من وسائل راحة وأمان وطرق نقل حديثة ووسائل اتصال سريعة خير دليل على ذلك، وأنه تمكن من القضاء على كثير من الأمراض والأوبئة التي تعكر حياته، أنه بذلك يمكنه جلب الخير والسعادة لنفسه ودفع الشر دون الحاجة إلى الدين أو الإله، فهو وهم كبير. لأنه مع كل هذا، لم يتمكن بعد من استيعاب حكمة الخالق وراء ذلك كله، ولم يستوعب أن في هذه الحياة سٌنن وقوانين لا يمكن الخروج عنها بالعلوم والتكنولوجيا. فالتطور الإنساني يكشف لنا عن القوانين وكيفية الاستفادة منها، لكنه لا يستطيع تغييرها، كقوة الرياح مثلا، يمكن الاستفادة منها لكن لا يمكن تغيير القوانين التي تتسبب في وجود الرياح. كما أن الأوبئة والأمراض وغيرها من الظواهر الموجودة في الطبيعة، والتي قد تتسبب في القضاء على الإنسان، لكن لا يمكن بأي حال إلغاء وجودها وحتى إن تمكن من إيجاد لقاحات أو أمصال أو مضادات تحميه من هذه الأوبئة، فالإنسان لا يعرف الحكمة من ظهورها بين الحين والآخر. وحتى القوانين الوضعية التي يشرعها الانسان لنفسه والتي تحكم وتنظم تصرفاته ليست مثالية ولا تكفل العدالة الكاملة له، فالقوانين لا يمكن أن تتواجد مع الإنسان وتضبط تصرفاته في كل مكان وحين. إن هذه الحياة خُلقت وهي تجمع الأضداد والمتناقضات مثل الخير والشر، الحر والبرد، المرض والدواء، القوة والضعف، النصر والهزيمة كل هذه أدلة على أنها وٌجدت للابتلاء وليس للجزاء. وهي قوانين وحقائق لا يمكن تغييرها بأي حال من الأحوال ومهما اختلف الزمان والمكان ومها أُتي الانسان من علم. إن ما فاجأ العالم من انتشار لمرض الكورونا لخير مثال على مدى ضعف الإنسان. وإني على يقين أن الله سيهيأ من الظروف ما يتمكن به الإنسان من القضاء على هذا المرض، فرب العالمين لا يبغي إلا كل الخير لعباده في نهاية المطاف. فهو أرحم بهم من أمهاتهم، ولكن من الواضح جلياً أن ظهور هذا الوباء هو تذكرة للإنسان لكي يتواضع ويستسلم لربه. أن الرسالة المقصودة بهذا الابتلاء أنه لا يمكن استبدال الدين بالعلم المادي، لأنه ببساطة الدين والعلم مفهومان مختلفان. بالعلم المادي نكتشف روعة الخلق وهو غذاء للعقول، ويمكن بالعلم ان نكتشف ونطور وسائل وطرق ونشرح كيفية استخدامها والاستفادة منها. لكن الدين شفاء للقلوب ويفسر لنا الايمان بالخالق ويضع لنا الأسباب من حكمة الخلق ووجود الحياة، ويبين السبب أو المبرر الذي يسعى لأجله الانسان، ويُفسر لنا أن الحياة هي للامتحان والابتلاء وما فيها من تناقضات ومحن تُرك ليجعل للإنسان فرصة للنجاح والتفوق وإثبات ذاته. وقد جعله الله خليفة في الأرض وأتاه من العلم ما يمكن به أن يدفع عن نفسه من الشرور والمحن وأن يوفر لنفسه أقصى درجات الراحة والحياة السعيدة لنفسه وذريته وللآخرين من حوله. فالعلم المادي بدون الدين يقدم للإنسان العصري أسباب الحياة، ولكنه لا يقدم له معنى للحياة. العلم المادي في الواقع تجريبي وبحاجة لإثبات ولا يمكن استخدامه كبديل للدين. حتى لو افترضنا أن جميع ما اكتشف من العلم مثبت ودقيق، يبقى لدينا مشكلة، وهي أن العلم في الوقت الحاضر يعطي كل المجد للمكتشف ويتجاهل الصانع. على سبيل المثال - نفترض أن شخصا ما يدخل إلى غرفة ويكتشف لوحة جميلة شديدة الاتقان، ثم يخرج هذا الشخص ليخبر الناس عن هذا الاكتشاف. فيعجب الجميع بالرجل الذي اكتشف اللوحة وينسى أن يسأل السؤال الأكثر أهمية: "من رسمها؟" هذا ما يفعله البشر، حيث أنهم يعجبون جدا بالاكتشافات العلمية لقوانين الطبيعة والفضاء وينسون فيها إبداع الخالق لهذه القوانين. ويمكن تشبيه ذلك بالكتاب والمؤلف، فالخالق واضع قوانين العلم والعلم نفسه ليسوا بدائل، فاكتشاف الكتاب لا يدحض وٌجود المٌؤلف. فالدين حاجة فطرية غريزية دفينه في نفوسنا وقلوبنا، حتى أن الملحد يُشبع هذه الغريزة وبدون أن يدرك من خلال رسم تصور في مخيلته يعلق عليه أسباب الوجود وأسباب التزامه بالقيم والأخلاق. لم يستوعب الانسان حكمة الخالق من كشف أسرار الكون للإنسان "سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ" ( فصلت 53 ). أنه من المؤسف ان يعتبر الانسان أن ما فُتح عليه من أسرار علم ومعارف هو للاكتفاء والاستغناء عن ربه وليس للدلالة على وجود ومعرفة خالقه.