البحث

عبارات مقترحة:

الملك

كلمة (المَلِك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعِل) وهي مشتقة من...

القدير

كلمة (القدير) في اللغة صيغة مبالغة من القدرة، أو من التقدير،...

المجيد

كلمة (المجيد) في اللغة صيغة مبالغة من المجد، ومعناه لغةً: كرم...

الحفرة والتوبة

العربية

المؤلف صالح بن مقبل العصيمي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - المنجيات
عناصر الخطبة
  1. توبة فريدة وعجيبة .
  2. فضائل التوبة في القرآن والسنة .
  3. الحث على تجديد التوبة بصفة مستمرة .
  4. شروط قبول التوبة .
  5. خطورة الاستخفاف بالمعاصي والمجاهرة بها. .

اقتباس

خَبَرٌ مِنْ أَخْبَارِ صِدْقِ التَّوْبَةِ عَظِيمٌ؛ خَبَرٌ ثَابِتٌ عَمَّنْ تَابَتْ مِنْ جَرِيمَةِ الزِّنَا؛ فَبَعْدَ اِعْتِرَافِهَا، وَفِطَامِ رَضِيعِهَا؛ شُدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، بَعْدَمَا حُفِرَتْ لَهَا حُفْرَةٌ، وَأُنْزِلَتْ فِيهَا، مِنْ أَجِلِ رَجْمِهَا بِالْحِجَارَةِ، ثُمَّ يُقبلُ جَمْعٌ مِنَ الْأَصْحَابِ -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ- لِرَمْيِهَا؛.. فَتُلْقَى الْحِجَارَةُ عَلَى جَسَدِهَا لِتُطَهِّرَهُ، فَيَتَطَايَرُ دَمُهَا، فَيُصِيبُ خَالِدًا، -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-فَسَبَّهَا، فَسَمِعَه النَّبِيُّ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: "مَهْلًا يَا خَالِدُ، فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ؛ لَغُفِرَ لَهُ". اللهُ أَكْبَرُ! مَا أَرْحَمَ هَذَا النَّبِيَّ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-! وَمَا أَعْظَمَ هَذَا الدِّينِ!..

الْخُطْبَةُ الْأُولى:

إنَّ الحمدُ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

أمَّا بَعْدُ... فَاتَّقُوا اللهَ- عِبَادَ اللهِ- حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثُاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 عِبَادَ اللهِ، إِلَيْكُمْ خَبَرٌ مِنْ أَخْبَارِ صِدْقِ التَّوْبَةِ عَظِيمٌ؛ خَبَرٌ ثَابِتٌ عَمَّنْ تَابَتْ مِنْ جَرِيمَةِ الزِّنَا؛ فَبَعْدَ اِعْتِرَافِهَا، وَفِطَامِ رَضِيعِهَا؛ شُدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، بَعْدَمَا حُفِرَتْ لَهَا حُفْرَةٌ، وَأُنْزِلَتْ فِيهَا، مِنْ أَجِلِ رَجْمِهَا بِالْحِجَارَةِ، ثُمَّ يُقبلُ جَمْعٌ مِنَ الْأَصْحَابِ -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ- لِرَمْيِهَا؛ إِنْفَاذًا لِأَمْرِ اللهِ: (وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ)[النور: 2]؛ فَتُلْقَى الْحِجَارَةُ عَلَى جَسَدِهَا لِتُطَهِّرَهُ، فَيَتَطَايَرُ دَمُهَا، فَيُصِيبُ خَالِدًا، -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-فَسَبَّهَا، فَسَمِعَه النَّبِيُّ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: "مَهْلًا يَا خَالِدُ، فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ؛ لَغُفِرَ لَهُ" (رَوَاهُ مُسْلِمٌ 1695).

اللهُ أَكْبَرُ! مَا أَرْحَمَ هَذَا النَّبِيَّ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-! وَمَا أَعْظَمَ هَذَا الدِّينِ! مَعَ وُقُوعِهَا بِالْفَاحِشَةِ الْكُبْرَى، إِلَّا أَنَّ تَوْبَتَهَا كَانَتْ تَوْبَةً صَادِقَةً، وَلَيْسَ أَدَلُّ عَلَى صِدْقِ هَذِهِ التَّوْبَةِ، وَقُبُولِ اللهِ لَهَا؛ مِنْ أَنَّهَا لَو وُفِّقَ لِمِثْلِهَا صَاحِبُ الذَّنْبِ الْعَظِيمِ لَوَسِعَتْهُ. فَهَلِ اِقْتَصَرَ أَمْرُ صِدْقِ تَوْبَتِهَا عَلَى هَذَا الْفِضلِ الْعَظِيمِ؟ لاَ، بَلْ هَا هِيَ تُقَدَّمُ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ، وَيَتَقَدَّمُ لإِمَامَةِ صَلاَةِ الْجِنَازَةِ نَبِيُّ الْهُدَى، نَبِيُّ الرَّحْمَةِ، إِمَامُ التُّقَى، أَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ، خَلِيلُ الرَّحْمَنِ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-.

 فَيَتَعَجَّبُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ مِنْ ذَلِكَ؛ فَيَقُولُ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، تُصَلِّي عَلَيْهَا وَقَدْ زَنَتْ؟ فَقَالَ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: "يَا عُمَرُ، لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ، وَهَلْ وَجَدْتَ تَوْبَةً أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ تَعَالَى؟" (رَوَاهُ مُسْلِمٌ 1696).

اللهُ أَكْبَرُ! تَابَتْ تَوْبَةً مِنْ صِدْقِهَا، وَعِظَمِهَا، لَوْ وُزِّعَتْ عَلَى سَبْعِينَ مُذْنِبٍ، وَمُقَصِّرٍ، وَمُفَرِّطٍ لَوَسِعَتْهُمْ؛ فَغُفِرَ لَهُمْ.

إِنَّ هَذِهِ الْأَخْبَارَ الصَّحِيحَةَ لَتُؤَكِّدُ سِعَةَ رَحْمَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَقُبُولَهُ تَوْبَةَ التَّائِبِينَ، مَهْمَا عَظُمَتْ. إِنَّ مِنْ صِدْقِ تَوْبَةِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ اِعْتِرَافَهِا بِذَنْبِهَا، وَإِقْرَارَهَا بِخَطَئِهَا؛ فَأَعْقَبَهُ تَوْبَتُهَا مِنْ هَذَا الذَّنْبِ. وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا وَقَعَ فِي شَيءٍ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ أَنْ يَفْضَحَ نَفْسَهُ، وَيُطَالِبُ بِتَطْهِيرِهِ؛ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ، وَيَتُوبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ، لِقَوْلِهِ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، بَعْدَ أَنْ رَجَمَ الْأَسْلَمِيَّ: "اجْتَنِبُوا هَذِهِ الْقَاذُورَةَ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنْهَا؛ فَمَنْ أَلَمَّ؛ فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ، وَلْيُتُبْ إِلَى اللَّهِ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-"(رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ 8158).

 قَالَ اِبْنُ بَطَّالٍ، -رَحِمَهُ اللهُ-: "وَفِى سَتْرِ الْمُؤْمِنِ عَلَى نَفْسِهِ مَنَافِعُ. مِنْهَا: إِنَّهُ إِذَا اِخْتَفَى بِالذَّنْبِ عَنِ الْعِبَادِ؛ لَمْ يَسْتَخِفُّوا بِهِ، وَلَا اِسْتَذَلُّوهُ؛ لِأَنَّ الْمَعَاصِي تُذِلُّ أَهْلَهَا. وَمِنْهَا: إِنَّهُ كَانَ ذَنْبًا يُوجِبُ الْحَدَّ سَقَطَتْ عَنْهُ الْمُطَالَبَةُ فِي الدُّنْيَا". (شرح ابن بطال على صحيح البخاري: 9/263).

 إِنَّمَا الْمَقْصُودُ أَنَّ الْاِعْتِرَافَ بِالذَّنْبِ، وَالْإِقْرَارَ بِالْخَطَأِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ، هُوَ الْبَوَّابَةُ الْأُولَى الْمُوَصِّلَةُ لِلتَّوْبَةِ. قَالَ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [آل عمران: 135]، وَقَالَ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللهَ لِذَلِكَ الذَّنْبِ، إِلَّا غَفَرَ لَهُ". (رواه أحمد في المسند (1/219 رقم 47)، وقال شعيب الأرناءوط: إسناده صحيح).

 عِبَادَ اللهِ، إِنَّ الْخَطَأَ الْكَبِيرَ أَنْ يُذْنِبَ الْعَبْدُ، ثُمَّ يَظُنُّ أَنَّهُ عَلَى حَقٍّ وَصَوَابٍ؛ فَيُحِلُّ مَا حَرَّمَ اللهُ، إِمَّا لِجَهْلِهِ، أَوْ اِعْتِدَادِهِ بِنَفْسِهِ، أَوْ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ، قَالَ تَعَالَى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ) [البقرة: 206].

عِبَادَ اللهِ، إِنَّ التَّقَرُّبِ بِالْقَبِيحِ إِلَى رَبِّ الْعِالَمِينِ، لَا يَفْعَلُهُ إِلَّا جَاهِلٌ؛ فَهُنَاكَ مَنْ يَقَعُونَ فِي الْبِدَعِ، وَيَقَعُونَ فِي الْمَعَاصِي، وَيُشَجِّعُونَ النِّسَاءِ عَلَى كَشْفِ الْوَجُوهِ وَالتَّبَرُّجِ وَالسُّفُورِ، وَالْاِخْتِلَاطِ الْمُحَرَّمِ، وَالتَّمَرُّدِ عَلَى الْأَزْوَاجِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا، قَالَ تَعَالَى: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) [الكهف: 103- 104].

وَمَا أَرْضَى صَنِيعُهُمْ هَذَا إِلَّا أَعَدَّاءَ الْإِسْلَامِ، مِنْ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجَانِّ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، -رَحِمَهُ اللهُ-: "مَنْ تَقَرَّبَ إِلَى اللهِ بِمَا لَيْسَ مِنَ الْحَسَنَاتِ الْمَأْمُورِ بِهَا؛ فَهُوَ ضَالٌّ مُتَّبِعٌ لِلشَّيْطَانِ، وَسَبِيلُهُ مِنْ سَبِيلِ الشَّيْطَانِ" (مجموع الفتاوى: 1/162).

 عِبَادَ اللهِ، يَظُنُّ الْبَعْضُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي حَاجَةٍ إِلَى التَّوْبَةِ، وَهَذَا ضَلَالٌ مُبِينٌ، وَجَهْلٌ عَظِيمٌ؛ فَالتَّوْبَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ؛ لِأَنَّ الْبَشَرَ لَا يَسْلَمُونَ مِنَ الْأَخْطَاءِ، قَالَ تَعَالَى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور: 31]، وَقَاَل، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي، وَإِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللهَ، فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ" (رَوَاهُ مُسَلِّمٌ 2702).

 وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، -رَحِمَهُ اللهُ-: "لاَ بُدَّ لِكُلِّ عَبْدٍ مِنْ تَوْبَةٍ، وَاِسْتِغْفَارٍ يُكْمِلُ بِذَلِكَ مَقَامَهُ" (المستدرك على مجموع الفتاوى لابن تيمية (1/164).

 قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: اِتَّفَقَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ فَرْضٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ)( تفسير القرطبي، باب سورة النساء (5/90).

 لِذَا بَادَرَ النَّبِيُّ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، بِالتَّوْبَةِ، وَهُوَ الْمَعْصُومُ، الْمَغْفُورُ لَهُ؛ وَلِذَا كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: "اللهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي، وَجَهْلِي، وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، اللهُمَّ اغْفِرْ لِي جِدِّي وَهَزْلِي، وَخَطَئِي وَعَمْدِي، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي، اللهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"(رَوْاهُ مُسْلِمٌ 2719).

فَالتَّوْبَةُ هِيَ وَظِيفَةُ الْعُمْرِ.

وَلاَبُدَّ لَهَا مِنْ شُرُوطٍ، وَهِي:

 أَوْلًا: أَنْ تَكُونَ التَّوْبَةُ قَبْلَ الْغَرْغَرَةِ، لِقَوْلِهِ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- لَيَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ، مَا لَمْ يُغَرْغِرْ" (رواه ابن ماجه 4253، وحسنه الألباني).

ثَانِيًا: أَنْ تَكُونَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا؛، لِقَوْلِهِ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا؛ تَابَ اللهُ عَلَيْهِ"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ 2703).

ثَالِثًا: أَنْ يَعْتَرِفَ الْعَبْدُ بِالذَّنْبِ؛ لِقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: "فَإِنَّ العَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ ثُمَّ تَابَ إِلَى اللَّهِ؛ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ 2770).

 قَالَ اِبْنُ مَسْعُودٍ، -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "إِنَّ المُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ" (رواه البخاري 6308).

 وَهَذَا الشَّرْطُ يَفْتَقِدُهُ بَعْضُ الْمُذْنِبِينَ، الَّذِينَ لَا يَعْتَرِفُونَ بِذُنُوبِهِمْ؛ وَلِذَا لاَ يُوفَّقُونَ للتَّوْبَةِ؛ لِأَنَّهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا، كَالْمُبْتَدَعَةِ وَبَعْضِ أَصْحَابِ الْمَعَاصِي.

رَابِعًا: الْإِقْلَاعُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ؛ فَالَّذِي يَتُوبُ إِلَى اللهِ، وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى نَفْسِ الذَّنْبِ، لَا يُعَدُّ تَائِبًا، مِنْهُ، وَمِثَالُ ذَلِكَ: مَنْ يَشْرَبُ الْخَمْرَةَ ثُمَّ يَقُولُ: تُبْتُ مِنْهَا. وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَيْهَا، فَلَا يُعَدُّ تَائِبًا إِلَّا إِذَا أَقْلَعَ عَنْهَا إِقْلَاعًا صَادِقًا.

خَامِسًا: أَنْ يَنْدَمَ عَلَى ذَنْبِهِ؛ وَمِثَالُ ذَلِكَ مَنْ عَقَّ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا، ثُمَّ شَعَرَ بِأسىً، وَحَسْرَةٍ، وَأَسَفٍ، وَنَدمٍ، عَلَى مَا فَعَلَهُ، لِقَوْلِهِ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: "النَّدَمُ تَوْبَةٌ"(رَوَاهُ اِبْنُ مَاجَه 4252، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).

سَادِسًا: أَنْ يَعْزِمَ عَلَى أَلَّا يَعُودَ إِلَى تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ مَرَّةً أُخْرَى، قَالَ تَعَالَى: (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ). فِإِنْ عَادَ بَعْدَ صِدْقِ تَوْبَةٍ لِتَلْكَ الْمَعْصِيَةِ؛ غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا مَضَى، وَعَلَيْهِ أَنْ يُجَاهِدَ نَفْسَهُ بِالْإِقْلَاعِ عَنْهَا مُسْتَعِينًا بِاللهِ جَلَّ وَعَلَا. قَالَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: " إِنَّ عَبْدًا أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَقَالَ: رَبِّ أَذْنَبْتُ ذَنْبًا فَاغْفِرْ لِي، فَقَالَ رَبُّهُ: أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا؛ فَقَالَ: رَبِّ أَذْنَبْتُ آخَرَ، فَاغْفِرْهُ؟ فَقَالَ: أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا، قَالَ: رَبِّ أَذْنَبْتُ آخَرَ، فَاغْفِرْهُ لِي، فَقَالَ: أَعَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ؟ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثَلاَثًا، فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ 7507).

سَابِعًا: رَدُّ الْمَظَالِمِ إِلَى أَهْلِهَا، قَالَ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ" (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ 6534).

ثَامِنًا: الْإِصْلَاحُ، وَذَلِكَ بِالْحِرْصِ عَلَى أَدَاءِ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بَعْدَ التَّوْبَةِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ) وَقَالَ تَعَالَى: (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً) [الفرقان: 70].

فَهَذِهِ الشُّرُوطُ الَّتِي يَجِبُ أَنْ تَتَوَفَّرَ عِنْدَ التَّوْبَةِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ تَكُونَ تَوْبَتُهُ صَادِقَةً.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوه.

 الخطبة الثانية:

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً.

 أمَّا بَعْدُ.. فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

 عِبَادَ اللهِ، سَارِعُوا إِلَى التَّوْبَةَ؛ لِتَنَالُوا الْمَغْفِرَةَ مِنَ اللهِ، قَالَ تَعَالَى: (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) [آل عمران: 133]؛ سَارِعُوا إِلَى رَبٍّ غَفُورٍ رَحِيمٍ، يَفْرَحُ بِتَوْبَتِكُمْ؛ لِقَوْلِهِ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: "لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا، قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا، قَائِمَةً عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: اللهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ" (رَوَاهُ مُسْلِمٌ 2747).

عِبَادَ اللهِ، أَلَا يَكْفِي التَّائِبَ دَافِعًا لِلتَّوْبَةِ؛ أَنَّ اللهَ يُحِبُّ أَهْلَ التَّوْبَةَ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)؟ أَفَلَا نَفْعَلُ أُمُورًا يُحِبُّهَا اللهُ، وَيَفْرَحُ بِهَا؟

 عِبَادَ اللهِ، عَلَيْنَا أَلَّا نَسْتَهِينَ بِمَا يَحْصُلُ الْآنَ مِنْ فِتَنٍ، تَتَخَطَّفُ النَّاسَ مِنْ حَوْلِنَا؛؛ فَهِيَ مِنْ عَلَامَاتِ السَّاعَةِ وَأَمَارَاتِهَا؛ لِقَوْلِهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: "لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ، وَتَكْثُرَ الزَّلاَزِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الهَرْجُ - وَهُوَ القَتْلُ- حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمُ المَالُ فَيَفِيضَ"(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ 1036).

وَهَذِهِ الْفِتَنُ وَالْمِحَنُ نِتَاجُ الْمَعَاصِي وَالذُّنُوبِ؛ فَلَابُدَّ مِنْ تَوْبَةٍ صَادِقَةٍ، مَعَ الْاِسْتِغْفَارِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيِّ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَأَلَّا يُزَكِّيَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ؛ فَيَتَّهِمُ النَّاسَ بِأَنَّهُمْ أَسْبَابُ الْهَلَاكِ، وَبِأَنَّهُمْ هَالِكُونَ فِي ذُنُوبِهِمْ، أَمَّا هُوَ فَلَا. قَالَ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: "إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ 2623).

وَاِحْذَرْ أَنْ يَقُودَكَ الشَّيْطَانُ إِلَى الْمُجَاهَرَةِ بِالْمَعْصِيَةِ، فَالعَّاصِي الَّذِي يَتَسَتَّرُ بِمَعْصِيَتِهِ؛ وَإِنْ كَانَ عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ؛ إِلَّا إِنَّ أَمْرَهُ أَهْوَنُ مِنَ الْمُجَاهِرِ بِالْمَعْصِيَةِ؛ لِأَنَّ الْمُجَاهِرَ يُغْرِي غَيْرَهُ بِالذَّنْبِ، وَيَفْتَحَ عَيْنَهُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: "كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا المُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: يَا فُلاَنُ، عَمِلْتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ "(رَوَاهُ الْبُخَاِريُّ 6069).

 قَالَ اِبْنُ بَطَّالٍ، -رَحِمَهُ اللهُ-: "وَفِي الْمُجَاهَرَةِ بِالْمَعَاصِي اِسْتِخْفَافٌ بِحَقِّ اللهِ، وَحَقِّ رَسُولِهِ، وَضَرْبٌ مِنَ الْعِنَادِ لَهُمَا؛ فَلِذَلِكَ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا المُجَاهِرِينَ)" (شرح ابن بطال على صحيح البخاري (9/263).

 يا نَفسُ تُوبي قَبلَ أنْ

لَا تَستَطيعي أنْ تَتُوبِي

 وَاِستَغفِري لِذُنوبِكِ

الرَحمَنَ غَفّارَ الذُنوبِ

 والسّعْيُ في طَلَبِ التُّقَى

مِنْ خَيْرِ مَكْسَبَةِ الْكَسُوبِ

جَعَلَنِي اللهُ وَإيَّاكُمْ مِنَ التَّائِبِينَ الْمُنِيبِينَ.

 الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ.

"اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ".

اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرَ، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ، وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ..