البحث

عبارات مقترحة:

المتعالي

كلمة المتعالي في اللغة اسم فاعل من الفعل (تعالى)، واسم الله...

السبوح

كلمة (سُبُّوح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فُعُّول) من التسبيح،...

المتكبر

كلمة (المتكبر) في اللغة اسم فاعل من الفعل (تكبَّرَ يتكبَّرُ) وهو...

جعلوها تشجع الكرة

العربية

المؤلف مشعل العتيبي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. نزع الحجاب وحملات التغريبيين .
  2. حصاد الاختلاط والشاشات .
  3. تبرج النساء ومباريات الكرة .
  4. نصائح مهمة إلى نساء الأمة .
  5. لماذا الحجاب؟ .
  6. الحجاب شعار المؤمنات الصالحات .
  7. نداء ونصائح إلى الآباء والأولياء .
  8. أين الغيرة على الأعراض؟! .

اقتباس

ماذا يريدون بها وهي تخلع جلباب الحياء؟! ماذا يريدون بها وهي تظهر على الشاشات ممثلة أو عارضة أو مطربة أو مشجعة للكرة تشجع الفريق الفلاني وتصفق للاعب الفلاني. خدعوها وقالوا لها: هذه هي أنت، هكذا يجب أن تكوني، هذه حريتك، هذه شخصيتك.. ماذا يريدون بها؟ فتاة تتفاخر بخلع العباءة في مدرجات بلاد أخرى، وكأن رب هذه البلدة ليس هو رب البلدة الأخرى، خرجت سافرة وعن وجهها كاشفة تشجع، أين كرامتها؟ أين حياؤها؟! أين احترامها لنفسها؟!

الخطبة الأولى:

أما بعد: اتقوا الله عباد الله اتقوا الله أيها المسلمون واعلموا أنكم إليه راجعون وبأعمالكم مجزيون وعليها محاسبون وأن المصير إلى جنة أو إلى نار.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70- 71].

عباد الله: ما طعم الطاعمون كالحلال الكفاف، وما رداءٌ خير من رداء الحياء والعفاف، العفاف والعفة شيم الأنبياء وحلية العلماء وتاج العباد والصلحاء.

العفاف سلطان من تاج وغني من غير مال وقوة من غير بطش وخُلق كريم وصفة نبيلة، عنوان الأسرة الكريمة والنفوس الزكية ودليل التربية الصالحة القوية.

هو موجب لظل عرش الرحمن ذي الجلال كما في الحديث الذي "دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف"، والعفة -عباد الله- والعفاف سبب إجابة الدعاء وتجاوز الأخطار كما ورد في حديث الثلاثة الذين انطبقت عليهم صخرة الغار.

الحرص عليه جِبِلّة في البشر وطبع عند أصحاب العقول وسليمي الفِطَر، إن الحياة الطاهرة تحتاج إلى عزائم الأخيار، وأما عيشة الرذيلة فطريقها سهل الانحدار.

والبيوت التي تظلها العفة والحشمة تورق بالعزة والكرامة، أما البيوت التي يملأها الفحشاء والمنكر فلن تنبت إلا بالذل والمهانة.

حديثنا -عباد الله- حديثنا عن المرأة؛ عن أمي وأمك، وأختي وأختك، وابنتي وابنتك، هذه المرأة ماذا يريدون بها؟ بل ماذا يريدون لها؟

امرأة أكرمها الله بهذا الدين، وقد كانت من قبل كالسلعة تُباع وتشترى يتشاءم منها ويزدرى تُبَاع كالبهيمة والمتاع تُكره على الزواج والبغاء تُورث ولا تَرث، تُملَك ولا تَمْلِك فتعدد الجاهليات جاهلية تبيح للوالد حق بين ابنته، بل له حق قتلها ووأدها في مهدها، ثم لا قِصاص ولا قَصاص في من قتلها ولا دِيَة.

إن بُشِّر بها ظلَّ وجهه مسوداً وهو كظيم: (يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ) [النحل:59]، كانت هذه المرأة عند اليهود إذا حاضت يعتبرونها نجسة، تنجس البيت، وكل ما تَمسُّه من طعام أو إنسان أو حيوان، وبعضهم يطردها من بيته؛ لأنها نجسة، فإذا تطهَّرت عادت لبيتها، وكان بعضهم ينصب لها خيمة عند بابه، ويضع أمامها خبزاً وماءً كالدابة، ويجعلها فيها حتى تطهر.

وعند الهنود الوثنيين عُبَّاد البقر: يجب على كل زوجة يموت زوجها أن يُحرَق جسدها حية على جسد زوجها المحروق.

والمرأة عند بعض النصارى: هي ينبوع المعاصي، وأصل السيئات، وهي للرجل باب من أبواب جهنم، هذا كله قبل بعثة محمد -صلى الله عليه وسلم-، أرسله الله ليرفع مكانة المرأة ويعلي شأنها، فإذا به -صلى الله عليه وسلم- يبايع النساء بيعة مستقلة عن الرجال، وإذا بالآيات تتنزل، وإذا المرأة فيها إلى جانب الرجل تكُلَّف كما يُكَلَّف الرجل إلا فيما اختصت به فتأتيه النداءات والآيات: (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) [الحجرات:13].

كلها نداءات وآيات تنادي لكرامة المرأة (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً) [النحل:72]، (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) [النحل:97]، صفات صالحة في الرجال، ما ذكرها الله إلا وذكر في جانبها النساء  (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ) [التوبة:71] (وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ) [النور:26] .

وإذا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد مدة ليست باليسيرة يقول: "إنما النساء شقائق الرجال"، وإذا به -صلى الله عليه وسلم- بعدها يقولها في خطبته المشهورة "استوصوا بالنساء خيراً فإنهن عندكم عَوَان" يعني: أسيرات.

ثم يقول -صلى الله عليه وسلم- رافعاً شأن المرأة، وشأن من اهتم بالمرأة على ضوابط الشرع؛ خياركم خياركم لنسائهم: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" صلوات الله وسلامه عليه.

المرأة في الإسلام بنتٌ ودودة، وأم تحت أقدامها الجنة، وزوجة صالحة حانية، وجدة محنيٌ عليها، فأي عظمة لهذا الدين الذي جاء ليضع حدًّا وسدًّا لحماية المرأة من عبث الفساق ومقامع أهل الزيغ والنفاق وستظل في الإسلام في إطار الشرف والفخار درة مصونة وزعيمة شريفة، وحرة عفيفة، وشقيقة كريمة، حجابها جمالها، وسترها جلالها، وجلبابها عزها وكمالها، من الإسلام تستمد هديها ولسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تشق طريقها.

هكذا المرأة عندنا، وهكذا يجب أن تكون.

إن ما تشهده مجتمعات المسلمين اليوم من حملة محمومة مسمومة من الذين يتبعون الشهوات على المرأة المسلمة وحجابها وحيائها وقرارها في بيتها، وذلك في غفلة وقلة إنكار من أهل العلم والصالحين حتى أصبح الكثير من هذه المجتمعات تعجّ بالسفور والاختلاط والفساد المستطير مما أفسد الأعراض والأخلاق، وبقيت بقية من بلدان المسلمين لا زال فيها -ولله الحمد- يقظة من أهل العلم الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر حالت بين دعاة السفور وبين كثير مما يرمون إليه وهذه سنة الله –عز وجل- في الصراع بين الحق والباطل والمدافعة بين المصلحين والمفسدين.

إنهم يريدون إلغاء دور الأسرة، ومسح الهوية الاجتماعية للأمة، وإشاعة روح الانحلال والفساد، أصبح الإعلام اليوم بجميع ألوانه سلاحًا يفتك بالمرأة ويغريها على الفساد، ماذا يريدون بها  إلا أن تكون حرة من قيود الشريعة؟!

أراد أن يحرروا قيدوها ليخرجوها من حيائها لتكون فنانة تخالط الرجال وتظهر على الشاشات بالمسلسلات، خليجية أو قالوا سعودية تخرج المرأة مع الرجل الأجنبي كأنها زوجته على سرير واحد، والكل يشاهد، والكل يصوّر، والكل يرى، تصوروا بأقبح صورة خدعوها؛ تشبهي بالغرب تشبهي بمن تشبه بالغرب، أظهري مفاتن الأنثى، تحرري من مراقبة الله ولا تبالي.

شاشات تصور وقنوات تعرض لتبقى رصيدًا لها بعد مماتها تفتن الرجال وتزرع شبهة في قلوب البنات، وتزعزع ثبات الغافلات، ولا تبالي مغضبة رب الأرض والسماوات، فهيمن رواد الإعلام الغششة الضُّلال وزجّوا ببعض النساء الغافلات بصورة الفساد والإفساد ضد المجتمع المسلم الطاهر وضد المرأة العفيفة لإسقاط حجابها وتدنيس شرفها وإنزالها في ميادين الرجال، وزجها في جميع الوظائف والأعمال، وتأسيس الاختلاط وغرس نبتته الخبيثة، ووضع نبتته النجسة، ويحلفون إن أردنا إلا الحسنى، والله يشهد إنهم لكاذبون، وإذا قلت لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا: إنما نحن مصلحون، ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون.

فلن تجني المرأة من الاختلاط، ولن تجني المرأة من الظهور والتقشف إلا النظرات المتلطخة والتحرشات العابثة والاعتداءات الفاحشة والكلام والنكال والوبال (وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا) [النساء: 119]، (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا) [الكهف: 50].

من أين انتشر التحرش والابتزاز إلا من اختلال المرأة وسقوط حيائها، وتهاون الذئاب بكرامتها؟ من أين انتشر الزنا في الشقق والاستراحات إلا من تهاون النساء في الاختلاط وعدم الهيبة من العقاب.

لقد قامت الدعوات الآثمة والشعارات المضللة لتحرير المرأة بغابر من الزمن لعدد من الأمصار والأقطار، ونجع مناصروها في إنزال المرأة من قصرها المنيع وحصنها الرفيع، فخلعت حجابها، وغادرت حصنها ومخدعها، وتحررت من كل سلطان وانطلقت في كل مكان، وعملت في كل ميدان، فماذا كانت النتيجة؟! انحدار في أخس دركات العبث والفجور، وانغماس في أسفل المجون، وحُق لنا أن نتساءل: ماذا أضحت المرأة المتحررة كما زعموها والمرأة الحديثة كما نعتوها والمرأة العصرية كما وصفوها؟!

لقد ابتُذلت غاية الابتذال، واستُغلت غاية الاستغلال، واستُعبدت واستُرِقّت، وغدت أداة لهو وتسلية في يد العابثين الفُجّار والفسقة الأشرار، تعمل بثدييها قبل يديها، راقصة في دور البغاء، وعارضة في دور الأزياء، وغانية في دور الدعارة والتمثيل، فأين أكذوبة تحريرها وتكريمها، وصدق عليه الصلاة والسلام: "ما تركت بعدي فتنة أضرّ على الرجال من النساء، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء".

ماذا يريدون بها؟! والحملات الإفسادية لا تقف ولا تنتهي، تأتي من كل باب وعبر كل جهة وجبهة، أصبحت وسائل الإعلام بكل ما فيها من هيمنة وانتشار لغاية واحدة غايتهم إفساد المجتمع المسلم بأكمله، فعلموا أن أسرع بوابة لفساد المجتمع عبر تلك المرأة الضعيفة؛ لأن فساد المرأة فساد للأسرة كلها وللمجتمع بأسره، فبدأ الدفع والتأثير وبدأ التسهيل والتحفيز للمرأة المسلمة بكل وسائلهم بألسنتهم بأقلامهم بحشودهم بأموالهم.

 فيأتي ذلك الإعلام الفاسد الرخيص ليجعل 90% من الإعلانات تُستخدَم فيها المرأة وتُستغَل كأنثى للترويج لسلع ليس لها بها علاقة وتقوم فيها بحركات وأفعال تحطّ من كرامتها كإنسان، ماذا يريدون بها وهي تخلع جلباب الحياء؟! ماذا يريدون بها وهي تظهر على الشاشات ممثلة أو عارضة أو مطربة أو مشجعة للكرة تشجع الفريق الفلاني وتصفق للاعب الفلاني.

خدعوها وقالوا لها: هذه هي أنت، هكذا يجب أن تكوني، هذه حريتك، هذه شخصيتك..

ماذا يريدون بها؟ فتاة تتفاخر بخلع العباءة في مدرجات بلاد أخرى، وكأن رب هذه البلدة ليس هو رب البلدة الأخرى، خرجت سافرة وعن وجهها كاشفة تشجع، أين كرامتها؟ أين حياؤها؟! أين احترامها لنفسها؟!

إن سكتنا عن كشف وجهها أو حجابها هل نسكت عن مكياجها أو لبسها لبنطالها، أو خروجها على الشاشات مشجّعة تتراقص من هنا وهناك، هل نسكت عن تشجيعها أم رقصها على المدرجات وعلى شاشات وقنوات لم يُعرَف عنها إلا الفجور تتنقل بكاميراتها تصور فتيات يتبرجن وكأن هذا هو طبع بنات المسلمين ..

اكشفي عن وجهك البسي البنطال أمام الشاشات ..

شجعي وارقصي لكن قسمًا برب الهدى ستجدين عقاب ذلك في قبرك..

في ظلمة قبرك ثم في عرصات يوم القيامة إذا وقفتِ أمام ربك..

أما تخافي هذه وتلك من تحذير نبيها -عليه الصلاة والسلام- وهو يرددها: "صنفان من أهل النار لم أرهما؛ قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس. ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رءوسهن كأسنمة البخت المائلة؛ لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا".

"العنوهن فإنهن ملعونات" هكذا يقول عليه الصلاة والسلام، هكذا يقول نبي الرحمة يطردها من الرحمة، وهو يقول: "العنوهن فإنهن ملعونات"، هذا مصير العارية من خشية الله، هذا مصير العارية من شكر نعمة الله، هذا مصير العارية من الأخلاق الكريمة، هذا مصير من تبرجت وترجلت وبرزت وتكشفت وفتنت وافتتنت.

تقول عائشة -رضي الله عنها-: "لَوْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَأَى مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ الْمَسْجِدَ كَمَا مُنِعَتْ نِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ": قيل لِعَمْرَةَ: "أَنِسَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُنِعْنَ الْمَسْجِدَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ".

المرأة الشريفة العفيفة -يا عباد الله- لا تقبل أن تكون مبعث إثارة أو مسار فتنة للأعين الشرهة والنظرات الوقحة والنفوس السافلة الدنيئة والأقوال المهينة البذيئة.

المرأة الشريفة لا ترضى بغضب الله ولا ترضى بسخط الله، قال جل في علاه: (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ)، ويقول الله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) [الأحزاب:59]، فأين الامتثال؟!

مسكينة والله قولوا لها، نبهوها، يا فتاة الإسلام: كوني كما أراد الله لك، لا كما يريد دعاة الفتنة والتبرج والاختلاط، فأنت فينا مربية أجيال، وصناعة رجال، وغارسة فضائل وكريم خصال، ومرضعة المكارم، وبانية الأماجد، فحاشاكِ حشاكِ أن تكوني معول هدم وأداة تغريب في بلاد الإسلام الطاهرة وربوعه العامرة ضد أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-.

ذكّروهن وقولوا لهن: إن الله رفعكن وشرفكن وأعلى قدركن ومكانتكن، وحفظ حقوقكن، فاشكرن النعمة واشكرن المنة، فما ضُرب الحجاب ولا فُرض الجلباب ولا شُرع النقاب إلا حمايةً لأعراضكن وصيانةً لأنفسكن وطهارة لقلوبكن وعصمة لكن من دواعي الفتنة وسبل والانحدار.

فعليكن بالاختمار والاستتار واغضضن أبصاركن، واحفظن فروجكن، فعليكم بالاختمار والاستتار، فاحفظن ما يلفت الأنظار ويغري مرضى القلوب والأشرار (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى).

استرن وجوهكن وزينتكن ومحسنتكن عن الرجال الأجانب عنكن، قولوا لهن وحذروهم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "المرأةُ عَوْرةٌ، فإذا خَرَجَت استَشْرَفَها الشَيطانُ، وأَقْرَبُ ما تَكُونُ المرأةُ إلى وَجْهِ اللهِ إذا كانَت في قَعْرِ بَيْتِها".

حذّروا المرأة المسلمة أن تمر على الرجال متعطرة متبخرة، يقول عليه الصلاة والسلام: "إذا استعطرت المرأة فمرت بالقوم ليجدوا ريحها فهي زانية".

عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الفجر متلفعات بمروطهن، ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفهن أحد من الغلس".

اسمعوا عباد الله: "لا يعرفهن أحد من الغلس" أين التي تتكشف على الشاشات والقنوات؟! أين التي أصبحت لا تبالي بغضب رب الأرض والسماوات؟! لا يعرفهن أحد من الغلس، لا يعرفهن أحد من الظلام على الطريق، لكن طريقهن ومسارهن نور يتبعه نور، ظلام لا يري لباسهن، لكن لباسهن نور الإيمان، نور الحياء، نور الخشية والخضوع، نور التقوى (وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ).

لماذا الحجاب عباد الله؟ لأن الله يقول: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) [الأحزاب:36].

 لماذا الحجاب؟ لأنه طاعة للرحمن وإرغام للشيطان.

لماذا الحجاب؟ لأن الذي خلقها أعرف بسترها وعفافها.

لماذا الحجاب؟ به يُدفع البلاء ويُستدفع الأذى يقول مشرع الحجاب: (ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ).

الحجاب شعار المؤمنات الصالحات القانتات التائبات العابدات السائحات، ونقيض هذا بنقيض ذاك، رحم الله كل امرأة قال لها ربها: (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ) فأدنته حبًّا وكرامة.

رحم الله كل امرأة قال لها ربها (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ) فضربت خمارها وأخفت زينتها حبًّا وكرامة وتعبدًا واستقامة.

(وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا)، فاحذري أختاه، احذري أختاه قولوا لها، نبهوها، حذروها.

إنهم يخدعونك حين قالوا لك: الحجاب وسيلة لإخفاء الشخصية، أيَّ شخصية يقصدون؟! أهي الشخصيةُ التي خلقها الله، ثم أمرنا بما يجب علينا بها؟! أم ماذا؟! ما هي الشخصية التي يريدون؟

إنهم يخدعونك حين قالوا: إنه زمن التنفس بالهواء الطلق، وكأنك تتنفسين من ثقب أنفاسهم، أو كأن الزمن الذي قبلك تتنفس النساء فيه من الماء!

سليه:

جَهْلٌ وتضليلُ أحلامٍ وسَفْسَطَةٌ

والخادعون هواءٌ كلُّهُ نَتَنُ

أين مَن كانت الزهراءُ أُسْوَتَهَا

مِمَّنْ تَقَفَّتْ خُطَا حَمَّالَة الحَطَبِ؟!

أنتِ ابنةُ العُرْبِ والإسلام عشتِ بِهِ

في حُضْنِ أطهرِ أُمٍّ مِن أَعَزِّ أَبِ

فلا تبالي بما يُلقُونَ مِنْ شُبَهٍ

وَعِنْدَكِ الْعَقْلُ إِنْ تَدعيهِ يسْتَجِب
من أنا؟ أهلي؟ لمن نسبي؟ للغرب, أم أنا للإسلام والعرب؟

 لمن ولائي؟ لمن حبي؟ لمن عملي؟

لله؟ أم لدعاة الإثم والكذب؟

قد هيؤوك لأمر لو فطنتِ له!

فاستكْبِري النفسَ أن ترعي مع الهمَلِ!

أيها الآباء والأولياء صونوا نساءكم، واحفظوا أعراضكم، واجتنِبوا التفريط والتشاغل، وحاذِروا التقصير والتساهل، الذي لا تؤمن لواحقه وتوابعه، وتواليه وعواقبه، فأن عاقبته بوار، وخاتمته خسار.

كونوا أُباة العار، وحُماة العرين.. كونوا كمحافظٍ مُتنبهٍ لا يغفل، ومراعٍ مُتيقظٍ لا يهمل؛ واعلموا أن أشرف الناس أشدهم غيرة على نفسه وأهله وعرضه، ومن لا غيرة عنده فبطن الأرض أوْلى به من ظهرها، فعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله سائلٌ كل راعٍ عما استرعاه حفِظَ أم ضيَّع، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته"، وفي الصحيح: "والرجل راعٍ على أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها".

اللهم استرنا فوق الأرض واسترنا تحت الأرض، واسترنا يوم العرض، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على من اصطفى..

اعلم أيها الأب أنك أنتَ المسئول عن أختك وابنتك وزوجتك، وأن أعداء الله كثر وأمرك لابنتك بالحجاب سلاحٌ ضدهم أشدّ من عشرات الخطب في المساجد، وأنفع من مائة محاضرات، فهؤلاء يريدون التمتع بالمرأة المسلمة كما يتمتع الغربيون بنسائهم.

إنهم يزينون لها الظواهر ويكيدون لها بالباطن:

خدعوها بقولهم حسناء

والغواني يغرهن الثناء

 نظرة فابتسامة فكلام

فموعد فلقاء

فَاتّقوا الله في قُلوبِ اَلْعَذَارَى

فالعذارى قُلوبُهُـن هَـواءُ

اتقوا الله وكونوا ممن لا يرضى بغضب الله، اتقوا الله وكونوا ممن لا يرضى بسخط الله،  ما المانع بأن تكون رقيبًا وقد جعلك الله رقيبًا على بناتك وعلى زوجتك، أتستحي أن تسألها عن لباسها؟! أتستحي أن تسألها عن ذهابها وإيابها؟! أنت لا تشك فيها، ولكنها ضعيفة تغرّها العواطف، وتدغدغها الكلمات الحسان، فالذئاب كُثُر وأعداء الإسلام كُثُر، وأنت الذي تخاف أن يُؤْتَى الإسلام مِن قِبلك وأن يُؤتى هذا الدين من قِبلك.

فالله الله أحبتي في الله إذا كنت ممن لا يرضى بغضب الله، إذا كنت ممن ينصح ويوجه ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فأبشر بخير..

أسأل الله أن يستر بنات المسلمين وأمهات المسلمين وأخوات المسلمين ..