البحث

عبارات مقترحة:

القدوس

كلمة (قُدُّوس) في اللغة صيغة مبالغة من القداسة، ومعناها في...

السميع

كلمة السميع في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...

المتين

كلمة (المتين) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل على وزن (فعيل) وهو...

لماذا تُنسَخُ التلاوةُ، ويَبْقى الحكمُ؟

العربية

المؤلف باحثو مركز أصول
القسم موسوعة الشبهات المصنفة
النوع صورة
اللغة العربية
المفردات شبهات حول القرآن
الجواب المختصر:

مختصَرُ الإجابة:

- الأحكامُ الشرعيَّةُ لا تثبُتُ بنصِّ القرآنِ وحده، بل هناك السنَّةُ، والإجماعُ، والقياسُ، وغيرُ ذلك.

- رَفْعُ الحُكْمِ وجعلُهُ قويًّا قطعيًّا، وكذلك إنزالُهُ وجعلُهُ ظنيًّا، هذه شؤونٌ يَختَصُّ بها اللهُ سبحانه؛ يَعرِفُ ذلك مَن لدَيْهِ معرفةٌ بالشرائعِ، وبدِينِ اللهِ عزَّ وجلَّ.

والحُكْمُ الذي نُسِخَتْ تلاوتُهُ، وبَقِيَ حُكْمُه، إنما يُعمَلُ به إذا صَحَّ سَنَدُه، وتَلقَّتْهُ الأُمَّةُ بالقَبول.

والحكمةُ مِن هذا النسخِ: أن يَظهَرَ به مِقْدارُ طاعةِ هذه الأُمَّةِ في المسارَعةِ إلى بذلِ النفوسِ بطريقِ الظنِّ مِن غيرِ استفصالٍ لطلَبِ طريقٍ مقطوعٍ به؛ فيُسرِعون بأيسَرِ شيءٍ؛ كما سارَعَ الخليلُ إلى ذبحِ ولدِهِ بمنامٍ، وهو أَدْنى طُرُقِ الوحي.


الجواب التفصيلي:

النَّسْخُ جائزٌ عقلًا، وواقعٌ سمعًا؛ وإلا لما ثبَتَتْ رسالةُ نبيٍّ لاحقٍ على رسالةِ نبيٍّ سابقٍ؛ ويتَّضِحُ ذلك مِن خلالِ ما يلي:

أوَّلًا: النَّسْخُ يعني: «رَفْعَ الحُكْمِ الشرعيِّ بدليلٍ شرعيٍّ متأخِّرٍ عنه»، والنَّسْخُ جائزٌ عقلًا، وواقعٌ سمعًا، وعليه إجماعُ المسلِمينَ مِن قبلِ أن يَظهَرَ أبو مسلِمٍ الأصفهانيُّ - والذي يُنكِرُ النسخَ - ومَن شايَعه.

فإن قيل: «ما الحكمةُ مِن نسخِ التلاوة، وبقاءِ الحُكْم؟»:

فالجوابُ: إنما كان كذلك؛ لِيَظهَرَ به مِقْدارُ طاعةِ هذه الأُمَّةِ في المسارَعةِ إلى بذلِ النفوسِ بطريقِ الظنِّ مِن غيرِ استفصالٍ؛ لطلَبِ طريقٍ مقطوعٍ به؛ فيُسرِعون بأيسَرِ شيءٍ؛ كما سارَعَ الخليلُ إلى ذبحِ ولدِهِ بمنامٍ، وهو أَدْنى طُرُقِ الوحي.

وفي بيانِ ذلك أكثَرَ نقولُ:

إن اللهَ تعالى فرَضَ الأحكامَ بطرُقٍ قطعيَّةٍ متواتِرةٍ؛ كالقرآنِ، والأحاديثِ المتواتِرة.

وفرَضَ الأحكامَ كذلك بطُرُقٍ ظنِّيَّةٍ؛ كالسنَّةِ الآحادِ، والقياسِ، وما شابَهَها؛ مثلُ: «الحُكْمِ منسوخِ التلاوةِ، وباقي الحُكْمِ».

ولم يَشرَعِ اللهُ تعالى جميعَ الأحكامِ بطريقةٍ قطعيَّةٍ؛ لأسبابٍ، منها:

1- أن الأحكامَ لا تنتهي؛ فهي تستجِدُّ بحسَبِ الحوادثِ، ومع تغيُّرِ الأحوالِ والأماكنِ والأزمانِ، وما طرَأَ على الناسِ مِن مستجِدَّاتٍ، بينما النصوصُ محصورةٌ.

2- أن في ذلك تيسيرًا على الناسِ؛ فالأوامرُ والنواهي القطعيَّةُ لا مجالَ لمخالَفتِها، ولا لإنكارِها، بخلافِ الظنِّيَّات.

3- اختبارُ الناسِ، ومعرفةُ مَدَى مسارَعتِهم في طاعةِ اللهِ تعالى، واتِّباعِ مَراضيهِ بمجرَّدِ الظنِّ؛ كما سارَعَ سيِّدُنا إبراهيمُ الخليلُ إلى ذَبْحِ ولَدِهِ بمجرَّدِ منامٍ جاءَهُ، وهو أَدْنى طُرُقِ الوحي.

ثانيًا: أن مَن لدَيْهِ معرفةٌ بالشرائعِ، وبدِينِ اللهِ عزَّ وجلَّ يَعرِفُ تمامَ المعرفةِ أن للهِ عزَّ وجلَّ أن يبدِّلَ ما شاء كما شاء؛ فله أن يَرفَعَ الحُكْمَ؛ لِيَجعَلَهُ قويًّا قطعيًّا، وله أن يُنزِلَهُ؛ فيَجعَلَهُ ظنِّيًّا:

وهنا نشيرُ إلى أن الحُكْمَ الذي نُسِخَتْ تلاوتُهُ، وبَقِيَ حُكْمُه، إنما يُعمَلُ به إذا صَحَّ سَنَدُه، وتَلقَّتْهُ الأُمَّةُ بالقَبول. والحاصلُ: أن مَن يَتأمَّلُ في كثرةِ الكلامِ على النَّسْخِ، إنما هو مِن أجلِ أن في إثباتِهِ دليلًا على بطلانِ دِينِ النصارى، وأنه لا يُمكِنُ تصحيحُ وجودِ الدِّينَيْنِ معًا، واعتبارِ كلَيْهما موصِّلًا إلى اللهِ تعالى؛ فالنَّسْخُ لو لم يكن جائزًا عقلًا، وواقعًا سمعًا، لما ثَبَتَتْ رسالةُ سيِّدِنا محمَّدٍ ﷺ إلى الناسِ كافَّةً، لكنَّ رسالتَهُ العامَّةَ للناسِ ثابتةٌ بالأدلَّةِ القاطعةِ، والبراهينِ الساطعةِ التي يطُولُ شرحُها؛ إذَنْ فالشرائعُ السابقةُ ليست باقيةً، بل هي منسوخةٌ بهذه الشريعةِ الختاميَّة.