الرحيم
كلمة (الرحيم) في اللغة صيغة مبالغة من الرحمة على وزن (فعيل) وهي...
العربية
المؤلف | مجموعة مؤلفي بيان الإسلام |
القسم | موسوعة الشبهات المصنفة |
النوع | صورة |
اللغة | العربية |
المفردات | شبهات حول القرآن |
يدعي بعض المتقولين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان رجلا عبقريا، ذا خيال واسع، وإحساس عميق، وكثيرا ما كان وجدانه يطغى على حواسه حتى يخيل إليه أنه يرى ويسمع شخصا يكلمه، وما تلك إلا صورة من وحي أخيلته ووجدانه؛ وعليه فليس هذا القرآن سوى كلامه النابع من نفسه، وإنما جاء كلاما معجزا فصيحا؛ لفصاحة صاحبه ونبوغه وعبقريته. ويبرهنون على ذلك بما يزعمونه من أن القرآن في جملته مما يمكن أن يستنبطه العقل بطول التأمل والتفكر وكثرة التعبد والتحنث.
وهم في ذلك كله يرمون إلى الطعن في سلامة القرآن وإلى التشكيك في نسبته لله - عز وجل - وإلحاقه بوجدان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخيلته؛ بغية تزهيد المسلمين فيه وتشكيكهم في أحكامه وأوامره ونواهيه.
1) ليس كل ما في القرآن مما يمكن للعقل أن يستنبطه، وإطلاق هذا الكلام على جملته يكتنف كثيرا من التعميم والتعامل غير المسوغ؛ ذاك أن في القرآن ما فيه من المعاني الإخبارية والعلمية والغيبية وكلها أمور نقلية لا تنالها يد العقل بحال، وإنما سبيلها الإلهام أو النقل عمن جاءه ذاك الإلهام.
2) لو كان القرآن وحيا نفسيا لما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - جبريل - عليه السلام - بعيني رأسه على صورته الحقيقية ولما أصابه ما أصابه حين نزل عليه من خوف ورعب، ولما انقطع عن ذلك الوحي النفسي بعد المرة الأولى مباشرة مدة ستة أشهر، ولما سكت عن أمور سئل عنها، ولما انتظر حتى يأتيه الوحي بأمر ربه فيها ولأجاب في حينها.
معلوم أن في الوحي جانبا كبيرا من المعاني النقلية البحتة التي لا مجال فيها لاستنباط العقل ولا لذكائه؛ ومن تلك الأمور ما وقف القرآن الكريم فيه على أدق تفاصيل أخبار القرون الأولى ( [1]) وأمام تلك التفاصيل الدقيقة حتى في الأرقام - في قصة نوح - عليه السلام - وقصة أصحاب الكهف - لا يستطيع عاقل أن يقول بأنه - صلى الله عليه وسلم - استوحى عقله واستلهم ضميره في رواية ما حكاه القرآن بمثل تلك التفاصيل الدقيقة؛ فليس ثمة منطق يسوغ نسبة هذا الكلام للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولا سبيل أمام تلك الأنباء التاريخية إلا النقل لا العقل، وأن تجيء من خارج النفس لا من داخلها ( [2]).
ومن الجوانب التي اكتنفها القرآن أيضا ولا سبيل للعقل في إدراكها: الحقائق الدينية الغيبية، فنجد القرآن شارحا حدود الإيمان مفصلة، واصفا بدء الخلق ونهايته، والجنة ونعيمها، والنار وعذابها، والملائكة... إلى آخر هذه الأمور، فعلى أية قاعدة أو نظرية عقلية بنيت تلك الحقائق المحددة الدقيقة؟!
وقريب من هذا الشأن حديث القرآن عن النبوءات المستقبلية التي أخبر بها الواقع بعد ذلك. وبت القرآن في تحديده، وصرامته في الجزم بوقوع ما تنبأ به، وبعد ما أخبر به عن المقدمات والأمارات الظنية، خير شاهد على انتفاء أن يكون القرآن من وحي النبي النفسي، وما قيل فيما سلف يقال في الإعجاز العلمي والبياني والتشريعي أيضا؛ فكلها قريب من قريب.
ومن نافلة القول أن نقر حقيقة كون العقول البشرية محدودة بحد إدراكي تقف عنده ولا تتجاوزه وأن لها في إدراك الأشياء طريقا معينا تسلكه، وكل شيء لم يقع تحت الحس الظاهر أو الباطن مباشرة، ولم يكن مركوزا في غريزة النفس، إنما يكون إدراك العقول إياه عن طريق مقدمات معلومة توصل إلى ذاك المجهول؛ إما بسرعة كما في الحدث، وإما ببطء كما في الاستدلال والمقايسة والاستنباط، وكل ما لم تمهد له هذه الوسائل ولا تلك المقدمات، لا يمكن أن تناله يد العقل بحال، وإنما سبيله الإلهام، أو النقل عمن جاءه ذلك الإلهام ( [3]).
ومن الجدير بالذكر أن نشير في هذا الصدد إلى أن ملاحدة الجاهلية وصناديد الكفر كانوا أكثر ذكاء وأبلغ دقة من أتباعهم المعاصرين؛ إذ لم يقل قائل منهم: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - استقى هذه الأخبار من وحي نفسه، بل قالوا كما حكى القرآن عنهم:
* (وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا (5)) [الفرقان.]
وهذا إقرار منهم بأنه لا يمكن أن يكون هذا وحيا نفسيا؛ بل لا بد أن تكون قد أمليت على النبي - صلى الله عليه وسلم - فتعلم وكتب، وهم أقرب في تصورهم من المعاصرين المشككين، فلقد تعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن من الروح الأمين جبريل فبلغ الوحي عن رب العزة، واكتتب، لكن من صحف مكرمة مرفوعة مطهرة، بأيدي سفرة، كرام بررة.
إن المتأمل لطبيعة اللقاء الأول بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وجبريل، وما أصابه - صلى الله عليه وسلم - بعد ذاك اللقاء؛ ليقف على ثنائية الملقي والمتلقي، ويدرك انفصال ذات النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذات جبريل عليه السلام.
فلقد فوجئ الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو في غار حراء بجبريل أمامه يراه بعينه، وهو يقول له: اقرأ، حتى يتبين أن الوحي ليس أمرا ذاتيا داخليا مرده إلى حديث النفس المجرد، وإنما هو استقبال وتلق لحقيقة خارجية لا علاقة لها بالنفس وداخل الذات، وضم الملك إياه ثم إرساله ثلاث مرات قائلا في كل مرة: اقرأ، يعد تأكيدا لهذا التلقي الخارجي، ومبالغة في نفي ما قد يتصور من أنه خيال أو وهم أو اضطراب نفسي.
ولقد داخله - صلى الله عليه وسلم - الخوف والرعب مما سمع ورأى، حتى إنه قطع خلوته في الغار، وأسرع عائدا إلى البيت، يرجف فؤاده، لكي يتضح لكل مفكر عاقل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن متوقعا للرسالة التي سيدعى إلى حملها، وبثها في العالم، وأن ظاهرة الوحي هذه لم تأت منسجمة أو متممة لشيء مما قد يتصوره أو يخطر في باله، وإنما طرأت طروءا مثيرا على حياته، وفوجئ بها دون أي توقع سابق، ولا شك أن ليس هذا من شأن من يتدرج في التأمل والتفكير إلى أن تتكون في نفسه - بطريقة الكشف التدريجي المستمر - عقيدة يؤمن بالدعوة إليها!
ثم إن شيئا من حالات الإلهام، أو حديث النفس، أو الإشراق الروحي، أو التأملات العلوية، لا يستدعي الخوف والرعب وتغيير اللون، وليس ثمة انسجام بين التدرج في التفكير والتأمل من ناحية، وبين مفاجأة الخوف والرعب من ناحية أخرى، وإلا لاقتضى ذلك أن يعيش عامة المفكرين والمتأملين نهبا لدفعات الرعب والخوف المفاجئة المتلاحقة.
ومعلوم أن الخوف والرعب ورجفان الجسم وتغير اللون، كل ذلك من الانفعالات القسرية التي لا سبيل إلى اصطناعها، حتى لو افترضنا - جدلا - إمكان صدور المخادعة والتمثيل منه - صلى الله عليه وسلم - وفرضنا المستحيل من انقلاب طباعه المعروفة قبل البعثة، إلى عكس ذلك.
ويتجلى مزيد من صور المفاجأة المخيفة لديه - صلى الله عليه وسلم - في توهمه أن هذا الذي رآه وغطه وكلمه في الغار قد يكون آتيا من الجن؛ إذ قال لخديجة بعد أن أخبرها الخبر:
* «لقد خشيت على نفسي». [ [4]]
أي: من الجان "، ولكنها - رضي الله عنها - طمأنته بأنه ليس ممن يطولهم أذى الشياطين والجان؛ لما له من الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة.
وقد كان الله - عز وجل - قادرا أن يربط على قلب رسوله، ويطمئن نفسه بأن هذا الذي كلمه ليس إلا جبريل - ملك من الملائكة - جاء ليخبره أنه رسول الله إلى الناس، ولكن الحكمة الإلهية اقتضت إظهار الانفصال التام بين شخصية محمد - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة وشخصيته بعدها، وبيان أن شيئا من أركان العقيدة الإسلامية أو التشريع الإسلامي لم يوجد في ذهن الرسول - صلى الله عليه وسلم - سابقا، ولم يتصور الدعوة إليه سلفا بتأكيد ثنائية الملقي والمتلقي بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وجبريل عليه السلام.
أما انقطاع الوحي بعد ذلك وتلبثه ستة أشهر - أو أكثر على الخلاف المعروف فيه - فينطوي على حكمة بالغة، وقد قضت الحكمة الإلهية أن يحتجب عنه الملك الذي رآه لأول مرة في غار حراء مدة طويلة، وأن يستبد به القلق من أجل ذلك، ثم يتحول القلق لديه إلى خوف في نفسه من أن الله - عز وجل - قد قلاه بعد أن أراد تشريفه بالوحي والرسالة؛ لسوء قد صدر منه، حتى لقد ضاقت الدنيا عليه، إلى أن رأى ذات يوم الملك الذي رآه في حراء - وقد ملأ شكله ما بين السماء والأرض - بعد أن سمع صوتا من السماء، فعاد مرة أخرى - وقد استبد به الخوف والرعب - إلى البيت وهو يقول:«زملوني زملوني، فدثروه
* فأنزل الله سبحانه وتعالى: (يا أيها المدثر (1) قم فأنذر (2)) (المدثر)» [ [5].]
إن هذه الحالة التي مر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تجعل مجرد التفكير في كون الوحي إلهاما نفسيا ضربا من الجنون؛ إذ من البداهة بمكان أن صاحب الإلهامات النفسية، والتأملات الفكرية لا يمر إلهامه أو تأمله بمثل هذه الحالات من الفتور غير المرغوب فيه من قبله.
وربما يعودون يسألون: لماذا نزل الوحي عليه بعد ذلك، وهو بين الكثير من أصحابه فلا يرى الملك أحد سوى النبي صلى الله عليه وسلم؟ والجواب: أنه ليس من شرط وجود الموجودات أن ترى بالأبصار؛ إذ إن وسيلة الإبصار في البشر محدودة بحد معين، وإلا لاقتضى ذلك أن يصبح الشيء معدوما، إذا ابتعد عن البصر بعدا يمنع من رؤيته، على أن من اليسير على الله - عز وجل - وهو الخالق لهذه العيون المبصرة - أن يزيد في قوة ما شاء منها، فترى ما لا تراه العيون الأخرى.
يقول مالك بن نبي في هذا الصدد: "إن عمى الألوان مثل يقدم لنا حالة نموذجية لا يمكن أن ترى فيها بعض الألوان بالنسبة لكل العيون، وهناك أيضا مجموعة من الإشعاعات الضوئية دون الضوء الأحمر، وفوق الضوء البنفسجي لا تراها أعيننا، ولا شيء يثبت علميا أنها كذلك بالنسبة لجميع العيون؛ فقد توجد عيون تكون أقل حساسية أو أكثر".
ثم إن في استمرار الوحي بعد ذلك ما يحمل الدلالة على حقيقة الوحي، وينفي ما روجه المشككون من أنه ظاهرة نفسية محضة، ونستطيع أن نجمل هذه الدلالة فيما يأتي:
• التمييز الواضح بين القرآن والحديث، إذ كان يأمر بتسجيل الأول فورا على حين يكتفي بأن يستودع الثاني ذاكرة أصحابه، لا لأن الحديث كلام من عنده لا علاقة للنبوة به، بل لأن القرآن موحى به إليه بنفس اللفظ والحروف بواسطة جبريل - عليه السلام - أما الحديث فمعناه وحي من الله - عز وجل - لكن لفظه وتركيبه من عنده - صلى الله عليه وسلم - فكان يحاذر أن يختلط كلام الله - عز وجل - الذي يتلقاه من جبريل بكلامه هو صلى الله عليه وسلم.
• كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأل عن بعض الأمور، فلا يجيب عنها، وربما مر على سكوته زمن طويل، حتى إذا نزلت آية في شأن ذلك السؤال، استدعى السائل وتلا عليه ما نزل من القرآن في شأن سؤاله، وربما تصرف في بعض الأمور على وجه معين، فنزلت آيات من القرآن تصرفه عن ذلك الوجه، وربما انطوت على عتب له أو لوم.
• إن صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعين سنة بين قومه واشتهاره فيهم بالصادق الأمين؛ ليستدعي أن يكون من قبل ذلك صادقا مع نفسه، ولذا لا بد أن يكون قد قضى في دراسته لظاهرة الوحي على أي شك يخايل عينيه أو فكره وكأن هذه الآية جاءت ردا لدراسته الأولى، لشأن تفسير ما حدث مع الوحي،
* (فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين (94)) [يونس]
، وحاشاه - صلى الله عليه وسلم - أن يشك أو يسأل وهو المنزه المعصوم، وإنما الخطاب خرج مخرج الخاص وأريد به العام ( [6]).
• يضاف إلى ما سبق: أنه لو افترضنا أن القرآن وحي نفسي، فهل يعقل أن يكرر الرسول - صلى الله عليه وسلم - كل عام هذا الكم الهائل دون أن يغير فيه بتقديم أو تأخير أو تعديل؟! هذا مع الأخذ في الاعتبار والإقرار من كلينا بأمية النبي - صلى الله عليه وسلم - أفلن تخونه ذاكرته البشرية، فيخالف ما أملاه على الكتبة في عدد من المواضع؟!
• الوحي الإلهي - الذي يمارون فيه - قوة خارجية تتصل بالنفس المحمدية حينا بعد حين، وهذه القوة أعلى من قوته - صلى الله عليه وسلم - بدليل ما تحدثه في نفسه - صلى الله عليه وسلم - وفي بدنه من الآثار العظيمة، وهي قوة خيرة معصومة؛ لأنها لا توحي إلا الحق، ولا تأمر إلا بالرشد، إنها قوة ملك كريم.
• ثمة بون شاسع بين الوحي النبوي ووحي الناس بعضهم لبعض، فالناس قد يوحون زخرف القول غرورا، وكثيرا ما يترك وحيهم في نفس متلقيه أعراضا عقلية أو بدنية يصعب علاجها. فأين هذا من الوحي بين رسولين مؤيدين اصطفاهما الله لرسالته: رسول من الملائكة ورسول من الناس؟ فأما الرسول الملائكي فإنه - كما هو معلوم - لا يوحي إلا الحق، ولا يأمر إلا بالخير. وأما الرسول البشري فإنه لا يزال من بعد كما كان من قبل، ثابت الفؤاد كامل العقل قوي النفس والبدن:
* وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّىٰ نُؤْتَىٰ مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ ۘ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ۗ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ [الأنعام: 124]
• لا يقال: إنه - صلى الله عليه وسلم - أراد بنسبة القرآن إلى الوحي الإلهي أن يجعل لكلامه حرمة تفوق كلامه حتى يستعين بهذا على استجابة الناس لطاعته وإنفاذ أوامره، فإنه صدر عنه كلام نسبه لنفسه فيما يسمى بالحديث النبوي ولم ينقص ذلك من لزوم طاعته شيئا، ولو كان الأمر كما يتوهمون لجعل كل أقواله من كلام الله سبحانه وتعالى.
• إن الجانب الإخباري - وهو قسم كبير من القرآن - لا يماري عاقل في أنه لا يعتمد إلا على التلقي والتعلم؛ فلقد ذكر القرآن أنباء من سبق من الأمم والجماعات، والأنبياء والأحداث التاريخية بوقائعها الصحيحة الدقيقة مع طول الزمن الضارب في أغوار التاريخ، ونشأة الكون الأولى بما لا يدع مجالا لإعمال الفكر ودقة الفراسة، ولم يعاصر محمد - صلى الله عليه وسلم - تلك الأمم في قرونها المختلفة؛ حتى يشهد وقائعها وينقل أنباءها، كما لم يتوارث كتبها ليدرس دقائقها ويروي أخبارها.
• في القرآن أنباء دقيقة تتناول الأرقام الحسابية التي لا يعلمها إلا الدارس البصير ففي قصة نوح عليه السلام:
* (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون (14)) [العنكبوت.]
وهذا موافق لما جاء في سفر التكوين من التوراة، وفي قصة أصحاب الكهف:
* (ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا (25)) [الكهف]
، وهي عند أهل الكتاب ثلاثمائة سنة شمسية، والسنون التسع هي فرق ما بين عدد السنين الشمسية والقمرية، فمن أين أتى محمد - صلى الله عليه وسلم - بهذه الدقائق الصحيحة لو لم يكن يوحى إليه وهو الرجل الأمي الذي عاش في أمة أمية لا تكتب ولا تحسب في الأعم الأغلب؟
• إن قسم العقائد يتناول كذلك أمورا تفصيلية عن بدء الخلق ونهايته، والحياة الآخرة وما فيها من الجنة ونعيمها، والنار وعذابها، وما يتبع ذلك من الملائكة وأوصافهم ووظائفهم، وهذه معلومات لا مجال فيها لذكاء العقل، ولا لقوة الفراسة ألبتة.
• إن المتأمل لطبيعة ما انضوى عليه اللقاء الأول بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وجبريل - عليه السلام - وما أصاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أثناءه وبعده من خوف وما أصابه من فتور الوحي - ليعلم أن كل هذا شاهد صدق على انفصال مصدر الوحي عن نفسه وخياله - صلى الله عليه وسلم - وحواره مع جبريل: "اقرأ"، "ما أنا بقارئ" يؤكد ثنائية الملقي والمتلقي وانفصال ذات جبريل - عليه السلام - عن ذات النبي صلى الله عليه وسلم.