البحث

عبارات مقترحة:

الشهيد

كلمة (شهيد) في اللغة صفة على وزن فعيل، وهى بمعنى (فاعل) أي: شاهد،...

الشاكر

كلمة (شاكر) في اللغة اسم فاعل من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

الحكيم

اسمُ (الحكيم) اسمٌ جليل من أسماء الله الحسنى، وكلمةُ (الحكيم) في...

لا تأمنوا

العربية

المؤلف عبد الله حماد الرسي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - المنجيات
عناصر الخطبة
  1. غفلة القلوب وقسوتها .
  2. بواعث لين القلوب وخشوعها .
  3. وجوب الاستعداد للموت .
  4. وجوب طاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- والتحذير من معصيته .
  5. بعض مظاهر مخالفة السنة النبوية .

اقتباس

عباد الله: كيف لا تحزن القلوب ولا تدمع العيون إذا رأت تلك الجثث الهامدة، بينما كانت في صحة متمتعة، فرحة بقوتها وشبابها، لا يخطر لها الضعف على قلب، ولا الموت على بال إذ هجم عليها المرض، وجاء الضعف بعد القوة، وحل الهم من نفسه محل الفرح، والكدر محل الصفاء، ولم يعد...

الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لم يزل بصفات الكمال متصفاً، وبآثار ربوبيته وآلائه إلى عباده متعرفاً، أحمده وأشكره، ولا أحصي ثناءً عليه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

أيها الناس: اتقوا الله -عزَّ وجلَّ-.

عباد الله: لقد استولت على القلوب الغفلة؛ حتى أمرضتها، بل أماتت بعض القلوب، فأصبحت لا تخشع عند ذكر الله ولا تلين ولا تعتبر فيما يحدث في هذا الكون من العبر والمحن، فإن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار.

عباد الله: ألا نعتبر بهذه الرياح التي تهب؟ فإنها تكون على بعض الناس نقمة، وتكون لبعضهم رحمة.

ألا نعتبر بهذه الأمطار التي تنـزل من السماء بقدرة الله -عزَّ وجلَّ-؟ فإنها تكون على بعض الناس نقمة، ولبعضهم رحمة من الله -تعالى-.

هل نعتبر بذلك -يا عباد الله- أم نقول: فيضانات، وغيرها من التعبيرات التي أماتت القلوب- ولا حول ولا قوة إلا بالله-؟!

هل نعتبر بكسوف الشمس وبخسوف القمر؟

إن الشمس لا تَكْسِف عبثاً، ولا القمر يخسف عبثاً، بل سوف يأتي يوم ينخسف القمر والشمس، فلا يريا بعد ذلك اليوم.

يا عباد الله: كل ذلك فيه عبرة لمن يعتبر.

كنا إذا رأينا الأموات قبل سنين أصابنا الرعب، وانصرفت هِمَمُنا عن الأكل والشرب؛ لما نرى من هذه الجثث الهامدة التي ارتحلت عن الدنيا وانتقلت.

لما كانت القلوب واعية تعتبر وتبصر، كنا إذا رأينا الميت، هلَّت العيون بالدمع، وشعُر القلب بالحزن، وجعل البعض يقول، بل كلنا: نسترجع، ونحوقل: إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

أما الآن، لما قست القلوب، بل مات بعضها، صار البعض من الناس يأخذ تلك الأعضاء -الرأس، والأيدي، والأرجل من ناحية في تلك الحوادث التي تقع كل حين بعد حين- ولا تلين القلوب، ولا تعتبر، ونخرج الأموات من سلة الثلاجة في المستشفى، ولا نعتبر بذلك -يا عباد الله-، لماذا؟

لأن القلوب مرضت وغفلت، وابتعدت عن الله -عزَّ وجلَّ-، وأبعد القلوب من الله: القلب القاسي.

عباد الله: كيف لا تحزن القلوب ولا تدمع العيون إذا رأت تلك الجثث الهامدة، بينما كانت في صحة متمتعة، فرحة بقوتها وشبابها، لا يخطر لها الضعف على قلب، ولا الموت على بال إذ هجم عليها المرض، وجاء الضعف بعد القوة، وحل الهم من نفسه محل الفرح، والكدر محل الصفاء، ولم يعد يؤنسه جليس، ولا أهل ولا أولاد ولا مال ولا آلات لهو من أغانٍ وغيرها مما كان يفكر فيه ويرغبه في أيام الصحة والفراغ.

ثم بعد تلك الصحة والفرح ينـزل به هادم اللذات، ثم يكون جثة هامدة، يفقد القوى، ويفقد الصحة، ولا يستأنس بأحد: (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ) [ق: 19].

نعم، ألا تخشع القلوب؟ ألا تَهْمُل العيون بالدمع وهي ترى إنساناً قد استفحل به المرض، ولم يعد الطبيب والدواء يفيد به؟ ترى ذلك عند قرب الموت، يستشعر الندم على ما مضى وفات من التفريط والإهمال، وقد نزل به ملك الموت وتغير اللون وغارت العينان ومال العنق والأنف، وذهب الحُسن والجمال، وخَرُس اللسان، وصار لا ينطق بالكلام، وصار بين أهله وأصدقائه ينظر ولا يفعل، ويسمع ولا ينطق، إنها جثة هامدة.

كيف لا تخشع القلوب ولا تدمع العيون ونحن نرى تلك الجثث -يا عباد الله-؟! صار يقلب بصره في من حوله من الأولاد والأهل والأقارب؟ ألا ترحمه -يا عبد الله-! وهو يقلب بصره فيمن حوله من الأهل والأولاد، وهم كذلك ينظرون ما يقاسيه من كرب السياط، وشدة السكرات؟ ولكنهم عن إنقاذه عاجزون، يقول تعالى: (فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ) [الواقعة: 83-85].

ويقول أيضاً: (كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ) [المدثر: 26-27].

ائتونا بالطبيب، ائتوا بالأطباء جميعاً، احملوه إلى بلد غير بلده، ابحثوا عن الأطباء: (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ) [ق: 19].

ويقول تعالى: (كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِـرَاقُ * وَالْتَفَّـتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ * إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ) [القيامة: 27-30].

ألا تخشع القلوب -يا عباد الله-؟ ألا تَهْمُل العيون بالدمع من هذا المنظر الفظيع، من إنسان يعالج سكرات الموت، ثم لا يزال يعالج سكرات الموت وشدائده حتى يتتابع النَّفَس، ويختل نبض القلب، ويتعطل السمع والبصر، ويحلُّ الأجل، وينفذ القضاء، وتفيض الروح إلى السماء، خرجت الروح إلى السماء من ذلك الجسد، ثم صار جثة هامدة، وجيفة بين أهله وعشيرته؟.

قبل أن تخرج روحه يعاني مما حصل منه في حياته، إن كان مرابياً محارباً لله ولرسوله، يعاني من ذلك، ويقول: يا ويلتاه!، يا ويلتاه!، مما أمامي من الحساب والعذاب الشديد، يا ويلتاه! من عناء تلك الأموال التي جمعتُها من الربا!.

إن كان غاشاً، إن كان مخادعاً، إن كان حلاَّفاً فإنه يقول كذلك -نسأل الله العفو والعافية-.

إن كان من الذين أدخل على أهله الملاهي، فهو يتوجع في حال موته، يريد أن يقول لأهله: أخرجوا هذه الملاهي التي فتنتكم بها عن بيتي؛ ولكنهم لا يفقهون ذلك، ثم يموت، ويكون وزره مثل أوزارهم، باستعمالهم تلك الملاهي -والعياذ بالله-.

يا عبد الله: أعد للسؤال جواباً أمام رب العالمين، أنت أدخلتَ الفيديو وما فيه، أفسدتَ النساء، أفسدتَ أخلاق النساء، جعلتهن في محل دعارة وهن في بيت حصين، تذكر -يا عبد الله- أن بيتك بوجود الفيديو صار بيت دعارة، صار بيت زنا وأنت لا تدري؛ ولكن هل تدري متى تدري؟ تدري إذا نزل بك هادم اللذات، وصرتَ تقلب بصرك في نواحي البيت.

تريد أن تقول: أخرجوا الفيديو، أخرجوا الفيديو، أخرجوا الفيديو؛ ولكن هيهات لك من مجيب! هيهات لك أن تنطق، وقد نزل بك هادم اللذات! تريد أن تقول: أخرجوا الخادمة، أخرجوا الخادمة التي جئتُ بها، وجعلتُها بين الشباب في بيتي، يعتقبون عليها طول الليالي يزنون بها؛ ولكن لا تستطيع أن تقول ذلك.

تريد أن تقول: أخرجوا الطباخ، أخرجوا السائق من بيتي، الذي ربما زنا بزوجتك وبالبنات؛ ولكن لا تستطيع أن تقول ذلك.

فمتى -يا عباد الله-؟ متى نستيقظ هل إذا حل بنا هادم اللذات؟

نعم، لا يفيدك الكلام -يا عبد الله-! إذا لم تأخذ الأُهْبَة وتستعد له قبل أن ينـزل بك، ثم بعد ذلك صرتَ جيفة هامدة، بين الأهل والعشيرة، قد استوحشوا من جانبك، بعدما كانوا يتواعدون للجلوس معك، صاروا يقولون: ائتونا بغاسل يغسله حتى ندفنه بالتراب، وتباعدوا من جنبك، ومات اسمك فلان بن فلان، الذي كانوا يعرفونك به، كما مات شخصك الذي كانوا يأنسون به، وأصبحوا وقد خيم الحزن عليهم، وضاقوا به ذرعاً.

فأسرعوا إلى المغسل، وقد جاؤوا بالمغسل -يا عبد الله-، وجردك من الثياب، وصار يقلبك عرياناً، وقد كنت تستحي من قبل أن تُرى عورتُك.

ثم أدرجك بالأكفان، وحنطك بالحنوط، واحتملك الرجال على أكتافهم سراعاً، ثم صلوا عليك صلاة لا ركوع لها ولا سجود.

ثم حملوك على أكتافهم إلى مثواك قبل الأخير، إلى قصرك الذي عمرته، إن كنتَ عمرته بالأعمال الصالحة، فهنيئاً لك قصراً مشيداً وسيعاً فسيحاً، وإن كنت عمرته بالأعمال السيئة، فيا ويلك من حفرة ضيقة مظلمة موحشة.

ثم تذكر -يا عبد الله-! إذا صفوا عليك اللبنات، وأهلوا عليك التراب، وقَفَّوا من عندك، وأنت تسمع قرع نعالهم، وقد جاءك منكر ونكير.

تذكر ما هو الجواب -يا عبد الله-! تذكر إذا جاءك منكر ونكير، هل تجيب، وتقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبي محمد؟ أم تقول: هاه! هاه! لا أدري! ولا يستويان!.

فإن كان الجواب الأول: يقال لك: أبشر، فهذا منـزلك من النار قد أبدلك الله به منـزلاً من الجنة، ويأتيك عملك الصالح شاب حسن الثياب، طيب الريح.

وإن كان الجواب الثاني: هاه! هاه! لا أدري! فيقال لك: انظر إلى مقعدك من الجنة قد أبدلك الله به مقعداً من النار، ويأتيك عملك السيء الخبيث.

فيا عباد الله: علينا جميعاً أن نستعد لهذا الموت الفاجع، والخطب الفادح؛ فإنه يأتي على غرة، وبدون سابق إنذار، فاعتبروا بمن اخترمتهم المنية من الشيوخ، والكهول، والشباب، والأطفال، والملوك، والمملوك، والغني، والفقير، كلهم يموتون، قال الله فيهم: (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) [الأعراف: 34].

وقال تعالى: (قل إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [الجمعة: 8].

فاستعدوا -يا عباد الله-! وتوبوا إلى الله، جددوا توبة نصوحاً: (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) [الذاريات: 50].

وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلِّم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

يا أيها الناس: اتقوا الله -عزَّ وجلَّ-.

عباد الله: استعدوا لهادم اللذات، استعدوا للموت؛ فإنه يأتي على غرة، أطيعوا الله وأطيعوا الرسول، واعلموا أن بطاعة الله ورسوله الفلاح والسعادة والأجر في الدنيا والآخرة، يقول الله تعالى: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) [النساء: 80].

ويقول جل وعلا: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ) [آل عمران: 31-32].

ويقول جل وعلا: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الحشر: 7].

عباد الله: في هذه الآيات الكريمة يتبين لنا معنى شهادة: أن محمداً عبده ورسوله، وهي: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وأن لا يُعبد الله إلا بما شرعه محمدٌ -صلى الله عليه وسلم-، فهو خاتم الأنبياء والمرسلين، ورسالتُه خاتمة الرسالات، وهو الذي بُعث إلى الناس كافة بشيراً ونذيراً، فمن أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار.

أجَل -يا عباد الله-! أجَل -يا أمة الإسلام-! كم نسمع من التحذير من ارتكاب جريمة الربا، وأنها محاربة لله ولرسوله؟!

كم نسمع من جريمة الزنا وأنها تجر الويلات والدمار، وأنها تخرب البلاد العامرات؟!

كم نسمع من جريمة اللواط، وأنها عارٌ مستطير، قد حلَّت بأمم عيَّرهم الله في القرآن, وأنـزل بهم عقوبة لم يعاقب بها مثلهم أمة من الأمم؟!

كم نسمع من الغش، والخداع والحلف الكاذبة، التي عمَّت المسلمين إلا من شاء الله؟!

كم نرى ونسمع من الذين يحلقون لحاهم، ويعتذرون بأعذار واهية ليس لهم بها حُجة ولا مخرج من كتاب الله ولا من سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إن حلق اللحية حرام -يا عباد الله-! إن حلق اللحية حرام شاؤوا أم أبوا.

إخوتي في الله: ويقترن مع حلق اللحية أمر عظيم وجريمة كبيرة تفشت بين الناس ولم يعتبروها جريمة، إلا من جعل الله في قلبه إيماناً، أتدرون ما هي -يا عباد الله-؟!

هي الإسبال، جر الثياب والمشالح والسراويل من الرجال.

واسمعوا -يا عباد الله- النهي الشديد من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، اسمع يا من تخشى أن تموت وأنت على تلك الحال، فتب إلى الله -عزَّ وجلَّ- ولن يقع عليك هذا الوعيد الأكيد، وهو قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطراً" [حديث متفق عليه].

ويقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أيضاً: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم" ثم يكرر صلى الله عليه وسلم ويقول: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم" ثم يكرر الثالثة صلى الله عليه وسلم، ويقول: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم" قال أبو ذر: خابوا وخسروا! من هم يا رسول الله؟! قال: "المُسْبِل، والمنَّان، والمنفق سلعتَه بالحلف الكاذب" [رواه مسلم].

يا عبد الله: اسمع -أيضاً- من رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم-، حيث قال: "أزرة المسلم إلى نصف الساق، ولا جناح فيما بينه وبين الكعبين، فما كان أسفل من الكعبين فهو في النار، ومن جر إزاره بطراً لم ينظر الله إليه" [حديث صحيح، رواه أبو داود].

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "مررتُ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفي إزاري استرخاء، فقال: "يا عبد الله، ارفع إزارك فرفعتُه، ثم قال: زد فزدتُ، فما زلتُ أتحراها بعدُ، فقال بعض القوم: إلى أين؟ فقال: إلى أنصاف الساقين" [رواه مسلم].

عبد الله: هل بعد هذا البلاغ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عذر للمعاندين الذين اعتادوا أن يسحبوا الثياب؟ هل لهم عذر إذا وقفوا بين يدي الله -عزَّ وجلَّ-؟

لا.

إن البعض من المعاندين، يقولون: لم نجره خيلاء ولكن زينة.

فنقول لهم: ليست الزينة ولا الجمال فيما حرم الله ورسوله، مثل الذين إذا قيل لهم اتركوا اللحية، قالوا: "النظافة من الإيمان" والله إنها لمقالة شنعاء، كذبوا بها على الله ورسوله: (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ) [الكهف: 5].

يقولون: "النظافة من الإيمان" مع الأسف أصبح تغيير سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- من الإيمان؟ بل أنت ناقص الإيمان عندما غيرت سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

البعض من الناس إذا قيل له: لا تجر الثوب، قال: أنا لا أجره خيلاء ولا بطراً؛ ولكن أجره زينة، فنقول له قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار" [حديث صحيح، رواه البخاري].

واسمعوا -يا عباد الله- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من جر ثوبة خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة" فقالت أم سلمة -رضي الله عنها-: فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال: "يرخين شبراً" قالت: إذاً، تنكشف أقدامهن؟ قال: "فيرخينه ذراعاً ولا يزدن" [رواه أبو داود والترمذي، وقال: "حديث حسن صحيح"].

عباد الله: لقد عَظُمَت المصيبة، وكلنا نرى في هذا الزمان الذي انعكس الأمر فيه وانتكس، فالمرأة هي التي قصرت ثيابها، وكشفت عن مفاتنها، والرجل حل محلها، فأسبل الثياب، وستر القدمين، فلا يظهر منه إلا الوجه، وأطراف القدمين، فما نقول إلا: لا حول ولا قوة إلا بالله، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

عاقبة من عصى النبي -صلى الله عليه وسلم-، يقول الله عزَّ وجلَّ: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً) [النساء: 115].

هل لديك طاقة -يا عبد الله- بجهنم؟!

(وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً) [النساء: 115].

فما ظنكم -يا عباد الله- بأناس يرون أولادهم يجرون الثياب وهم يصبون لهم القهوة، ويقدمون لهم الطعام، ولا يغيرون هذا المنكر العظيم؟!

ما ظنك ببعض الآباء وأولاده يقفون أمام الخياط ليأخذ مقاساتهم والولد ويوصيه أن يجعل الثوب أو الإزار طويلاً يلامس الأرض، ولا ينكر عليه هذا؟! فهذا -والله يا إخواني- من عدم الغيرة الإيمانية، ومن عدم الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فلا حول ولا قوة إلا بالله!.

أسأل الله أن يحيي قلوبنا بالإيمان، وأن يغيثها بالإيمان، وأسأل الله أن يشفي مرض قلوبنا، وأن يردنا إليه رداً جميلاً، إنه على كل شيء قدير.

عباد الله: صلوا وسلموا على الناصح الأمين، امتثالاً لأمر الله ربكم، حيث يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب: 56].

ويقول صلى الله عليه وسلم: "من صلى عليَّ صلاة، صلى الله عليه بها عشراً".

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، الذي ترك الأمة على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك: "ومن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين".

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين؛ أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، عاجلاً غير آجل.

اللهم أذل الشرك والمشركين، اللهم دمر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين، اللهم دمر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين.

اللهم انصر المجاهدين من المسلمين في سبيلك، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك من المسلمين، في مشارق الأرض ومغاربها، يا رب العالمين.

اللهم أيدهم بتأييدك، وانصرهم بنصرك، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم أصلحنا، وأصلح لنا، وأصلح بنا، اللهم أصلحنا وأصلح ولاة أمورنا، واجعلنا وإياهم هداة مهتدين، اللهم اجعلنا وإياهم هداة مهتدين، اللهم ارزقهم الجلساء الصالحين الناصحين، اللهم ارزقهم الجلساء الصالحين الناصحين، الذين يذكرونهم إذا نسوا، ويعينونهم إذا ذكروا، يا رب العالمين.

اللهم رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار.

اللهم اشف مرض قلوبنا، اللهم اشف مرض قلوبنا، اللهم اشف مرض قلوبنا، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم, واجمعنا والمسلمين في جنات النعيم.

(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الأعراف: 23].

عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا) [النحل: 90-91].

واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على وافر نعمه يزدكم: (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) [العنكبوت: 45].