البحث

عبارات مقترحة:

السبوح

كلمة (سُبُّوح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فُعُّول) من التسبيح،...

الحافظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحافظ) اسمٌ...

الغفار

كلمة (غفّار) في اللغة صيغة مبالغة من الفعل (غَفَرَ يغْفِرُ)،...

الإعصار آية من آيات الجبار

العربية

المؤلف مراد كرامة سعيد باخريصة
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - التاريخ وتقويم البلدان
عناصر الخطبة
  1. آيات الله في هذا الكون كثيرة وعظيمة .
  2. الإعصار جندي من جنود الله .
  3. تتجلى خطورة الأعاصير في ثلاث قوى .
  4. خوف نبينا -صلى الله عليه وسلم- من التقلبات الكونية .
  5. كثرة انتشار الذنوب والفواحش في المجتمع .
  6. الحث على التوبة لرفع العقوبات .
  7. الحكمة من خلق الأعاصير .
  8. خطورة الاستخفاف بآيات الله في الكون .

اقتباس

إن مما يؤسف له أن تجد بعض اللاهين العابثين، وخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي كالواتساب والفيس بوك وتويتر وغيرها تجدهم يسخرون من هذه الآيات ويستهزئون بها، ويختلقون الطرائف والنكات عليها، وينظرون لها بمنظار المستهزئ المستخفّ، وكأنها طرفة وليست عبرة أو فرحة، وليست آية، وهؤلاء يُخشى عليهم من قول الله -سبحانه وتعالى-: (وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا) وقوله تعالى: (وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ)؟!...

الخطبة الأولى:

إن آيات الله -سبحانه وتعالى- في هذا الكون كثيرة وعظيمة، ومن هذه الآيات التي يخوف الله -جل وعلا- بها عباده آية الأعاصير والرياح العاتية.

فالإعصار جندي من جنود الله، يبتلي الله به مَن يشاء مِن عباده، ويعاقب به مَن يريد ويسلّطه على من يستحق، وإذا كنا نخاف من الإعصار فلنخف من غضب الجبار؛ لأن الإعصار مخلوق من مخلوقات الله وجندي من جنوده يغار على حرماته (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ) [المدثر : 31].

إن الإعصار عبارة عن منخفض جوي عميق تحيط به سحب هائلة تحمل بين طياتها أمطاراً غزيرة ورياحاً شديدة، وتعتبر الأعاصير هي الأقوى والأشد تدميراً على وجه الأرض، وتعد من أخطر الكوارث البيئية التي تصيب البشرية، ويموت بسببها في كل عام مئات البشر أو آلاف البشر في هذه المعمورة خاصة إذا ارتفعت درجة خطورة الإعصار إلى الدرجة الخامسة التي تُعتبر درجة خطيرة ومدمرة.

وتتجلى خطورة الأعاصير في ثلاث قوى؛ القوة الأولى هي ارتفاع موجات البحر التي تتسبب في فيضانات بحرية، ربما تمتد إلى اليابسة، فتُحدث دماراً هائلاً وكبيراً، والثانية قوة الرياح العاصفة التي تصحب هذه الأعاصير، والثالثة هي قوة المطر المصاحبة لتلك الرياح؛ حيث تعادل كمية الأمطار الهاطلة مع الإعصار كمية الأمطار التي تسقط خلال العام بأكمله فتقع السيول الجارفة والفيضانات المدمرة.

يقول الله -سبحانه وتعالى- عن طوفان قوم نوح: (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ * وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [هود: 42- 44].

عباد الله: إن هذه الأعاصير تتحرك بأمر الله، وتمشي بإذن الله، والذي سخرها هو الله، والذي يمدها بالقوة والحركة هو الله -جل جلاله وعز كماله-، فالأمر كله بيده وكله من عنده، ولله الأمر من قبل ومن بعد، فلا بد أن نجعل رجاءنا فيه وخوفنا منه فهو القادر وحده -سبحانه وتعالى- على أن يجعل هذه الرياح العاتية نعمة لنا، وانتعاش وتلقيح زروعنا، وقادر -جل جلاله وعز كماله- أن يحولها عذاباً علينا ودماراً وخراباً لنا ولمزارعنا وكل شئوننا (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ) [الحجر : 22].

ويقول: (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ) [الحاقة: 6- 7].

لقد كان نبينا -صلى الله عليه وسلم- يخاف ويرتعد إذا رأى السحابة في السماء يخشى أن يكون فيها عذاب الله، ومقته وغضبه، وسخطه، فإذا أمطرت وتيقن أنها سحابة خير ومطر رحمة سُرِّي عنه -صلى الله عليه وسلم- وفرح، وقال: "مُطرنا بفضل الله ورحمته".

تقول أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا رَأَى مَخِيلَةً فِي السَّمَاءِ أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ وَدَخَلَ وَخَرَجَ وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، فَإِذَا أَمْطَرَتِ السَّمَاءُ سُرِّىَ عَنْهُ، فَعَرَّفَتْهُ عَائِشَةُ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا أَدْرِى لَعَلَّهُ كَمَا قَالَ قَوْمٌ (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ) [الأحقاف: 24]" (رواه البخاري ومسلم).

وتقول -رضي الله عنها- كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ، قَالَ: «اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ».

فلله الحمد والشكر، وله الفضل والمنة، وله جزيل الامتنان، وأعظم الشكر والعرفان أن جعل هذا الإعصار يمر علينا بخير وسلام وأمن وأمان، بعد أن كانت التقارير الجوية تتحدث عنه بشكل مهيب، وتذكر عن سرعته وحدته الشيء الكثير، وأنه مصحوب بصواعق رعدية وأشياء مخيفة، ومع هذا كله إلا أن الله -سبحانه وتعالى- سلم وسهل ويسر، ولم نصب بكثير مما كنا نتوقعه، بل ولا عُشر معشاره، فهذه نعمة بحد ذاتها يجب أن نشكر الله -تبارك وتعالى- عليها ونحمده -جل جلاله- أن سلمنا من أخطاره، وحرف عنا أضراره، وأبعد عنا شروره ودماره، فلله الحمد والشكر حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه.

يقول الله -سبحانه وتعالى-: (اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ) [الشورى : 19]، ويقول: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [يونس : 107].

روى الترمذي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا سمع صوت الرعد والصواعق قال: "اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك" (رواه الترمذي وصححه أحمد شاكر).

 وروى البخاري ومسلم عن أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال عندما اشتد عليهم المطر «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا، اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ».

إن مثل هذه الآيات العظام تستدعي منا أن نتوب إلى الله الواحد العلام، وأن نتفقد أحوالنا وحياتنا لننظر هل تمشي على مراد الله، وبما يرضي الله أم تمشي حياتنا في ظلمات وجهالات تُسخط الله وتغضبه، فإنه "ما نزل بلاء إلا بذنب وما رُفع إلا بتوبة".

إننا لو تأملنا في واقعنا لوجدنا عجباً عجاباً، فالشرك الأكبر والأصغر موجود في حياتنا بكثرة، فكم منا وفينا من يدعو غير الله، ويتوجه إلى غير الله، وتتعلق قلوبنا بغير الله ونتوكل على سواه، ونخاف من غيره ونرجو من هو دونه، ونتحاكم إلى غير منهجه وشرعه، ونعظمه ونعظم غيره، ونحلف به وبغيره؛ (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ -سبحانه وتعالى- عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الزمر : 67].

وإذا أتينا إلى الصلاة فحدِّث ولا حرج، فهناك رجال ونساء كثير لا يصلون، أو يصلون ويتركون، وبعضهم لا يصلي إلا صلاة الجمعة، والبعض الآخر لا يدخل المسجد إلا في رمضان، وكثير منا مَن يضيّع صلاة الفجر، وينام عنها، ويصليها بعد شروق الشمس وربما لا يصليها أبداً، وبعضنا لا يعرف صلاة الفجر في المسجد إلا من رمضان إلى رمضان.

أما الربا والبيوع المحرمة وأكل الحرام، والتحايل على الشريعة في بعض المعاملات المالية؛ فهو أمر واقع وموجود يتم عبرها تحليل الحرام، والتلاعب بالنصوص الشرعية وليّها ليّاً لتوافق أهواءنا ورغباتنا لنحقق بها جشعنا وطمعنا.

وأما الفساد الاجتماعي، وانتشار اللواط ووجود الزنا، وانتشار المقاطع الإباحية، والأفلام الجنسية، ومشاهدة العهر والعري في القنوات وعلى صفحات المجلات ومواقع الإنترنت؛ فإنه شيء يفوق الوصف والخيال، والله المستعان.

يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يا أمة محمد! والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أَمَته، يا أمة محمد! والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً".

لهذا لزاماً علينا يا عباد الله أن نعود إلى الله، ونكثر من التوبة، ورفع أكف الضراعة إلى الله، والتذلل بين يدي الله، ونزيد من ذكر الله ودعائه واستغفاره، واستحضار عظمته وعفوه، والاجتهاد في الانكسار والتذلل له حتى يرحمنا الله برحمته، ويعفو عنا بعفوه ويستر علينا بستره، ولا يعذبنا بذنوبنا ومعاصينا، وأن نسعى دائماً إلى الإصلاح والتغيير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن نشجع أهل الاحتساب على المنكرات ونعاونهم؛ فإن في ذلك خيرًا كبيرًا لنا وحفظًا من الله -سبحانه وتعالى- لبلدنا وسفينة مجتمعنا يقول الله -تبارك وتعالى-: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الأنفال : 33]، ويقول: (وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) [الأعراف : 164].

بارك الله لي ولكم في القرآن ..

الخطبة الثانية:

إن الحكمة من خلق الأعاصير، فوق أنها آية من آيات الله العظيمة التي ينذر الله بها عبيده، ويخوفهم بها؛ فلها أيضًا حكمة بالغة كما يقول علماء الفلك بأن الأعاصير عنصر أساس في النظام المناخي للأرض؛ لأن المسطحات البحرية المدارية تنال الكثير من حرارة الشمس، وتتأثر جداً بهذه الحرارة، فيقوم الإعصار بنقل الطاقة الحرارية من هذه المسطحات المدارية عبر الرياح العلوية؛ لينقلها إلى قريب من المناطق القطبية الباردة، وذلك من أجل إحداث التوازن المطلوب على وجه الأرض لتكون الأرض صالحة للحياة، وصدق الله -سبحانه وتعالى- إذ يقول: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ) [ص: 27].

ويقول: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [آل عمران: 190- 191].

إن مما يؤسف له أن تجد بعض اللاهين العابثين، وخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي كالواتساب والفيس بوك وتويتر وغيرها تجدهم يسخرون من هذه الآيات ويستهزئون بها، ويختلقون الطرائف والنكات عليها، وينظرون لها بمنظار المستهزئ المستخفّ، وكأنها طرفة وليست عبرة أو فرحة، وليست آية، وهؤلاء يُخشى عليهم من قول الله -سبحانه وتعالى-: (وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [البقرة : 231].

ويقول: (وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ) [غافر : 81].

ومما رأينا ولاحظناه من بعضنا الخوف الزائد والقلق المبالغ فيه –ليس خوفاً من هذه الآيات والاعتبار بها– فهذا شيء مطلوب ومحمود، وإنما هو قلق من التقارير الإعلامية والمواقع الإخبارية وتبادل الأخبار الكاذبة، وانتشار الصور المكذوبة وتخويف الآخرين بها، وكل هذا إن دلَّ على شيء؛ فإنما يدل على ضعف في التوكل، ونقص في الإيمان بالقضاء والقدر وعدم الاستسلام لإرادة الله وأمره، ومهما حصل فإنما هو بإذن الله وإرادته وقضائه وقدره، فلِمَ الخوف والقلق الزائد، والله -سبحانه وتعالى- يقول: (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [التوبة : 51].

ويقول -سبحانه وتعالى-: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [التغابن : 11]، ويقول: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ* لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) [الحديد: 22- 23].

يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ» (مسلم: 2999).

وفي الأخير نشكر كل من ساهم في إعانة الناس، وتخفيف الضرر عنهم، ورفع مخلفات السيول والأمطار من الشوارع والطرقات، فجزى الله الجميع خير الجزاء، وبارك الله في هذه الجهود الطيبة المباركة التي تغنينا عن الحاجة إلى غيرنا، والإذلال والتسول عند الآخرين من منظمات الصليب الأحمر والمؤسسات المشبوهة.

هذا وصلوا وسلموا، وأكثروا من الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، ...