فَاسُ
بالسين المهملة، بلفظ فاس النجّار: مدينة مشهورة كبيرة على برّ المغرب من بلاد البربر، وهي حاضرة البحر وأجلّ مدنه قبل أن تختطّ مرّاكش، وفاس مختطّة بين ثنيّتين عظيمتين وقد تصاعدت العمارة في جنبيها على الجبل حتى بلغت مستواها من رأسه وقد تفجّرت كلها عيونا تسيل إلى قرارة واديها إلى نهر متوسط مستنبط على الأرض منبجس من عيون في غربيها على ثلثي فرسخ منها بجزيرة دوي ثم ينساب يمينا وشمالا في مروج خضر فإذا انتهى النهر إلى المدينة طلب قرارتها فيفترق منه ثمانية أنهار تشقّ المدينة عليها نحو ستمائة رحى في داخل المدينة كلها دائرة لا تبطل ليلا ولا نهارا، تدخل من تلك الأنهار في كل دار ساقية ماء كبار وصغار، وليس بالمغرب مدينة يتخللها الماء غيرها إلا غرناطة بالأندلس، وبفاس يصبغ الأرجوان والأكسية القرمزيّة، وقلعتها في أرفع موضع فيها يشقّها نهر يسمى الماء المفروش إذا تجاوز القلعة أدار رحى هناك، وفيها ثلاثة جوامع يخطب يوم الجمعة في جميعها، قال أبو عبيد البكري: مدينة فاس مدينتان مفترقتان مسوّرتان، وهي مدينتان: عدوة القرويّين وعدوة الأندلسيين، وعلى باب دار الرجل رحاه وبستانه بأنواع الثمر وجداول الماء تخترق في داره، وبالمدينتين أكثر من ثلاثمائة رحى وبها نحو عشرين حماما، وهي أكثر بلاد المغرب يهودا يختلفون منها إلى جميع الآفاق، ومن أمثال أهل المغرب: فاس بلد بلا ناس، وكلتا عدوتي فاس في سفح جبل، والنهر الذي بينهما مخرجه من عين في وسط بلد من عسرة على مسيرة نصف يوم من فاس، وأسست عدوة الأندلسيين في سنة 192 وعدوة القرويّين في سنة 193 في ولاية إدريس بن إدريس، ومات إدريس بمدينة وليلى من أرض فاس على مسافة يوم من جانب الغرب في سنة 213، وبعدوة الأندلسيين تفّاح حلو يعرف بالأطرابلسي جليل حسن الطعم يصلح بها ولا يصلح بعدوة القرويّين، وسميد عدوة الأندلسيين أطيب من سميد القرويين لحذقهم بصنعته، وكذلك رجال عدوة الأندلسيين أشجع وأنجب وأنجد من القرويين، ونساؤهم أجمل من نساء القرويين، ورجال القرويين أجمل من رجال الأندلسيين، وفي كل واحدة من العدوتين جامع مفرد، وقال محمد بن إسحاق المعروف بالجليلي: يا عدوة القرويين التي كرمت، لا زال جانبك المحبوب ممطورا ولا سرى الله عنها ثوب نعمته، أرض تجنبت الآثام والزورا وقال إبراهيم بن محمد الأصيلي والد الفقيه أبي محمد عبد الله: دخلت فاسا وبي شوق إلى فاس، والحين يأخذ بالعينين والراس فلست أدخل فاسا ما حييت ولو أعطيت فاسا بما فيها من الناس وقال أحمد بن فتح قاضي تاهرت في قصيدة طويلة: اسلح على كلّ فاسيّ مررت به بالعدوتين معا، لا تبقين أحدا قوم غذوا اللّؤم حتى قال قائلهم: . .. من لا يكون لئيما لم يعش رغداومنها إلى سبتة عشرة أيام، وسبتة أقرب منها إلى الشرق، وقال البكّي يهجو أهل فاس: فراق الهمّ عند خروج فاس لكلّ ملمّة تخشى وباس فأما أرضها فأجلّ أرض، وأما أهلها فأخسّ ناس بلاد لم تكن وطنا لحرّ، ولا اشتملت على رجل مواسي
[معجم البلدان]
فاس
مدينة كبيرة مشهورة في بلاد بربر على بر المغرب بين ثنيتين عظيمتين، والعمارة قد تصاعدت حتى بلغت مستواها، وقد تفجرت كلها عيوناً تسيل إلى قرارة إلى نهر منبسط إلى الأرض ينساب إلى مروج خضر، وعليها داخل المدينة تمائة رحىً، ولها قهندز في أرفع موضع منها، ويسقيها نهر يسمى المفروش. قال أبو عبيد البكرى: فاس منقسمة قسمين، وهي مدينتان مسورتان، يقال لإحداهما عدوة القروبيين وللأخرى عدوة الأندلسيين، وفي كل دار جدول ماء وعلى بابها رحىً وبستان، وهي من أكثر بلاد المغرب ثماراً وخيراًوأكثر بلاد المغرب يهوداً، منها يختلفون إلى سائر الآفاق، بها تفاح حلو يعرف بالاطرابلسي حسن الطعم جداً، يصلح بعدوة الأندلسيين ولا يصلح بعدوة القروبيين، وسميذ عدوة الأندلسيين أطيب من سميذ عدوة القروبيين، ورجال الأندلسيين أشجع من رجال القروبيين، ونساؤهم أجمل، ورجال القروبيين أحمد من رجال الأندلسيين؛ قال إبراهيم الأصيلي: دخلت فاساً وبي شوقٌ إلى فاس والجبن يأخذ بالعينين والرّاس فلست أدخل فاساً ما حييت ولو أعطيت فاساً وما فيها من النّاس
[آثار البلاد وأخبار العباد]
فاس
مدينة من أهم مدن المغرب الأقصى، بناها إدريس بن عبد الله بن الحسن المثنى سنة 172هـ أول ملوك الأدارسة وأتم بناءها ابنه إدريس الثاني سنة 193 هـ كانت في القديم بلدين، لكل منهما سور يحيط به وأبوب تختص به، والنهر فاصل بينهما، وكانت كل بلدة تقوم على عدوة (مرتفع)، فكانت إحدى العدوتين تسمى عدوة القرويين لنزول العرب الوافدين من القيروان إليها، وسميت الأخرى عدوة الأندلسيين لنزول العرب الوافدين من الأندلس فيها. كانت عاصمة لعدة دول في المغرب، ثم تحولت العاصمة منها إلى الرباط.
[تعريف بالأماكن الواردة في البداية والنهاية لابن كثير]
فاس (1) :
مدينة عظيمة، وهي قاعدة المغرب، وهما مدينتان مقترنتان يشق بينهما نهر كبير يسمى وادي فاس، يأتي من عيون تسمى عيون صنهاجة، وفي كل زقاق ساقية يجرونها متى شاءوا، وفي كل دار صغيرة كانت أو كبيرة ساقية ماء، وبين أهل المدينتين فتن ومصاولات، وفيهما معاً ضياع ومعايش ومبان سامية وقصور، ولأهلها اهتمام بحوائجهم، ونعمها كثيرة، والحنطة بها رخيصة، وفواكهها كثيرة، وخصبها زائد، وفي أهلها عزة ومنعة، ومنها إلى سجلماسة ثلاث عشرة مرحلة. وبالجملة فمدينة فاس (2) قطب بلاد المغرب الأقصى ويسكن حولها قبائل من البربر، لكنهم يتكلمون بالعربية، فهي حضرة المغرب الكبرى وإليها تشد الركائب وتقصد القوافل، وتجلب إلى حضرتها كل غريبة من الثياب والبضائع والأمتعة، وأهلها مياسير ولها من كل شيء حسن أوفر حظ. ويدور عليها سور عظيم، وبين المدينتين قناطر كثيرة، وتطَّرِد فيها جداول لا تحصى تخترق كلتا المدينتين، وفيها عيون كثيرة لا تحصى، وهي أبداً تتزيد في مواضع الانخفاض من المدينة، وفيها أرحاء للماء نحو ثلثمائة وستين رحىً يضمها السور، سوى الأرحاء التي خلف السور، وهي في التزيد، وربما وصلت أربعمائة، والنهر الذي يخترق مدينتي فاس ينبعث من عين عظيمة لها منظر عجيب، فيها نحو الستين فوارة في دائرة يجتمع منها هذا النهر الكبير، بينها وبين المدينة نحو عشرة أميال في بساط من الأرض لا يكاد يتبين جري الماء فيه لاستواء أرضه. ومدينة فاس (3) محدثة، أسست عدوة الأندلسيين في سنة اثنتين وتسعين ومائة، وعدوة القرويين في سنة ثلاث وتسعين ومائة، في ولاية ادريس بن ادريس الفاطمي، ومن ذريته بقايا إلى اليوم (4)، ومدينة فاس اليوم في نهاية العمارة والصلاح، قد بنيت أكثر جنانها الملاصقة لها دوراً وأضيفت إليها، وفيها اليوم ثلاثة جوامع بثلاث خطب، جامع عدوة الأندلس، وهو جامع كبير متقن البناء، يقال إن ابن أبي عامر زاد فيه، وجامع عدوة القرويين أكبر من جامع عدوة الأندلس، وزيد في العهد القريب في هذا الجامع باب كبير مشرف جميل المنظر من جهة الجوف، وسقاية متقنة البناء ملاصقة له، ماؤها من الوادي، وجلب لها ماء عين هو في أيام الحر في نهاية البرد، وفي أيام البرد فيه بعض الحرارة، وكذلك صنع بجوفيّ جامع القرويين سقاية متقنة البناء ومياه جارية مع عتبة الباب الجوفي، وفوارة مرتفعة نصف قامة داخل الصحن، فعل كل ذلك في حدود سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، وكذلك بقصبة السلطان جامع شريف معظم فيه الخطبة، أحدثها فيه خلفاء بني عبد المؤمن لأن القصبة منحازة عن البلد بسور، فوجب أن يكون فيها جامع وفي كل عدوة شريعة لخطبة العيد. ومدينة فاس كثيرة الخصب والرخاء كثيرة البساتين والمزدرعات والفواكه وجميع الثمار، ولها أنظار واسعة متصلة العمائر، وعدوة القرويين من هذه المدينة أكثر بساتين وأشجاراً ومياهاً وعيوناً (5) من عدوة الأندلسيين، وكلاهما خصيبة عظيمة القدر، ويقال إن رجال عدوة الأندلس أشجع وأنجد من رجال عدوة القرويين ونساؤهم أجمل من نساء القرويين، ورجال القرويين أجمل من رجال الأندلسيين، ويقال أن بعدوة الأندلسيين تفاحاً حلواً (6) يعرف بالاطرابلسي جليل حسن الطعم والرائحة، يصلح بها ولا يصلح بعدوة القرويين، وكذلك بعدوة القرويين أترج جليل يجود بها ولا يجود بعدوة الأندلسيين، وكذلك سميد عدوة الأندلسيين أطيب من سميد عدوة القرويين، وهذه المدينة قصبة (7) بلاد المغرب، وكملت بهجتها في أيام بني عبد المؤمن، ومنها يتجهز إلى بلاد السودان وإلى بلاد المشرق، ومنها يحمل النحاس الأصفر إلى جميع الآفاق. وموقع (8) وادي فاس بوادي سبو على نحو ثلاثة أميال من المدينة، ووادي سبو هذا نهر عظيم من أعظم أنهار بلاد المغرب منبعه من جبل بني وارتين ورأس العين في شعراء (9) غامضة يهاب الداخل الدخول فيها، وهي دهسة عظيمة لا يدرك لها قعر، وللبربر المجاورين لذلك الموضع فيها تجارب، منها أن المريض إذا أرادوا أن يعلموا هل يعيش أو يموت حملوه لرأس العين فيغطسونه في ذلك الموضع المهول حتى يقرب أن يهلك ثم يخرجونه، فإذا خرج على فيه دم استبشروا بحياته وإلا أيقنوا بهلاكه وهذا عندهم متعارف لا ينكر. ويتصيّد في هذا الوادي الشابل الكثير ويطلع إلى رأس العين أو قريب منه، ويدخل في ذلك الوادي الحوت الكثير. وبين فاس وتلمسان عشرة أيام في عمائر متصلة، وكانت فاس دار مملكة بني ادريس العلويين وملكوا منها بلاد المغرب كلها إلى أقصى بلاد السوس طاعة في معصية، وكانت في أيامهم دولة برغواطة الذين تدينوا بديانة القدري صالح بن طريف البرغواطي، وملك العلويون بعض بلاد الأندلس، وتسمّوا بأمراء المؤمنين، وخطب لهم بالإمامة. ومن فاس أبو عمران الفاسي الفقيه الإمام المشهور بالعلْم والصلاح وهو أبو عمران موسى بن عيسى بن أبي حجاج الغفجومي الفاسي (10)، توفي بالقيروان في الثالث عشر من شهر رمضان سنة تسع وعشرين وأربعمائة، وقال أبو عمر بن عبد البر: وُلِدْتُ مع أبي عمران في سنة واحدة، سنة ثمان وستين وثلثمائة. (1) الإدريسي (د /ب) : 75 /50، وقارن بالبكري: 115 وما بعدها، في كل المادة، وابن الوردي: 14، وفي صبح الأعشى 5: 154، نقل عن الروض. (2) الإدريسي (د /ب) : 79 53. (3) الاستبصار: 180. (4) يعني في عهد صاحب الاستبصار، وعلى وجه الدقة سنة 587. (5) ص ع: أكثر بساتين وأشجار ومياه وعيون. (6) ص ع: تفاح حلو. (7) ص ع: قطر. (8) النقل مستمر عن الاستبصار: 184 بعد الاستغناء عن تفصيلات كثيرة وردت فيه. (9) الاستبصار: بئر. (10) انظر الديباج المذهب: 344.
[الروض المعطار في خبر الأقطار]
فاس
بالسين المهملة، بلفظ فأس النجار: مدينة كبيرة مشهورة على برّ المغرب فى بلاد البربر، وهى حاضرة البحر، وأجلّ مدنه قبل أن تختطّ مرّاكش، وهى مختطة بين ثنيتين عظيمتين. وقد تصاعدت العمارة فى جنبيها على الجبل، حتى بلغت مستواهما. وقد تفجرت كلها عيونا فى غربيها على ثلثى فرسخ منها نهر، وينساب يمينا وشمالا فى مروج خضر، فإذا انتهى إلى المدينة افترق منه ثمانية أنهر، تشقّ المدينة، عليها نحو ستمائة رحى دائرة كلها، وهى مدينتان فى كل جهة مدينة فى سفح الجبل، وهما عدوة الأندلسيين وعدوة القرويين ، ولكل واحدة من العدوتين خاصيّة ليست فى الأخرى، وهى غربىّ سبتة، وبينهما مسيرة عشرة أيام.
[مراصد الاطلاع على اسماء الامكنة والبقاع]