فمُ الصِّلْحِ
قال النحويون: وأما فو وفي وفا فالأصل في بنائها فوه حذفت الهاء من آخرها وحملت الواو على الرفع والنصب والجر فاجترت الواو ضروب النحو إلى نفسها فصارت كأنها مدّة تتبع الفاء، وإنما يستحسنون هذا اللفظ في الإضافة فأما إذا لم يضف فإن الميم تجعل عمادا للفاء لأن الواو والياء والألف يسقطن مع التنوين فكرهوا أن يكون اسم بحرف معلق فعمدت الفاء بالميم فقيل فم، وقد اضطر العجاج إلى أن قال: خالط من سلمى خياشيم وفا وهو شاذّ، وأما الصّلح فما أحسبه إلا مقصورا من الصّلاح يعني المصالحة وإلا فهو عجميّ أو مرتجل: وهو نهر كبير فوق واسط بينها وبين جبّل عليه عدة قرى، وفيه كانت دار الحسن بن سهل وزير المأمون، وفيه بنى المأمون ببوران، وقد نسب إليه جماعة من الرواة والمحدثين وغيرهم، وهو الآن خراب إلا قليلا.
[معجم البلدان]
فم الصلح
مدينة تقع على نهر الصلح الذى يصب في نهر دجلة، وهي مبنية على فمه أي (مصبه). تقع فوق مدينة واسط اشتهرت في التاريخ الإسلامي بالقصر الفخم الذي بناه فيها الحسن بن سهل، وزير الخليفة المأمون، وفيه بني المأمون ببيوران بنت الحسن بن سهل، ثم خربت فم الصلح.
[تعريف بالأماكن الواردة في البداية والنهاية لابن كثير]
فم الصلح (1) :
بكسر الصاد، نهر ميسان من أعمال واسط، وفي " مختصر العين " (2) الصلح: نهر ميسان. قالوا: والصلح منزل القرن المبارك، والمبارك هو نهر خالد بن عبد الله القسري، وهو الذي أعرس بفمه المأمون إذ بنى على بوران بنت الحسن بن سهل وزيره (3)، وهو من أرض السواد، ووصل الحسن بن سهل أباها بعشرة آلاف ألف درهم وأقطعه الصلح، فلما أن انصرف خرج مشيعاً، فقال له: يا أبا محمد سل حاجتك، فقال له: أسألك يا أمير المؤمنين أن تحفظ لي من قلبك ما لا أستطيع حفظه إلا بك، فتبسم المأمون ثم قال: شهدت جعفر بن يحيى وقد ودع الرشيد فقال: سل حاجتك يا أبا الفضل، فقال: تجعل بيني وبينك بيت كثير حيث يقول (4) : وكوني على الواشين لداء شغبة. .. كما أنا للواشي ألد شغوب وهذه الحاجة ما قدر أن تقضى. وكان المأمون خرج إلى البناء ببوران فعسكر بفم الصلح، فدخل بها في عقب رمضان، واسمها خديجة، وعاد إلى بغداد لست مضين من شوال، وكانت نفقة الحسن عليها عظيمة جداً، قال الحسن بن رجاء: كنا نجري على الملاحين مدة الأيام التي كان المأمون مقيماً فيها بفم الصلح، فكانوا ستة وثلاثين ألف ملاح، ولقد عز الحطب يوماً على عظم مقدار ما استعد منه مما أعد حولاً كريتاً فجعلنا نوقد تحت القدور بخيش كنا أعددناه للصيف بعد أن نغمسه في الزيت، وجليت بوران على المأمون وقد فرش لها حصير من ذهب، وجيء بمكتل من ذهب مرصع بجوهر فيه در كبار فنثر على من حضر من النساء وفيهن رشيدة وحمدونة بنت الرشيد وأشباههما، فما مس من حضر منهن شيئاً منه حتى قال المأمون لهن: شرفن أبا محمد وأكرمن عروسنا، فمدت كل واحدة منهن يدها فأخذت درة، وبقي سائر الدر يلوح على حصير الذهب، فقال المأمون: قاتل الله الحسن بن هانئ، كأنه رأى هذا المنظر حيث يقول: كأن صغرى وكبرى من فواقعها. .. حصباء در على أرض من الذهب قيل: وأنفق الحسن بن سهل حين أعرس المأمون ببوران بنته ثمانية وثلاثين ألف ألف درهم، قيل وأخذت شمعتا عنبر ودخل بهما ليلاً فأوقدتا بين يديه فكثر دخانهما وأفرط، فقال المأمون: ارفعوهما فقد آذانا الدخان وهاتوا الشمع. ودخل الحسن على ابنته بوران لما اجتلاها المأمون وأجلست إلى جنبه ومعه ست لآل عظيمة الخطر لم توجد لهن سابعة فنثرن عليها، فالتقط المأمون منهن اثنتين إعجاباً بهما وأخذ الأربع من حضر من الكبراء، وكانت وليمة المأمون هذه تدعى وليمة الإسلام إذ لم يكن في ولائم الإسلام قط مثلها. (1) معجم ما استعجم 3: 893، وانظر ابن خلكان 1: 290. (2) ع: وفي مختصر عين الصلح؛ ص: وفي منحصر عين الصلح. (3) أخبار زولج المأمون ييوران مفصلة في مصادر كثيرة منها الطبري 3: 1081، وابن طيفور 113، وشرح البسامة: 270، وانظر ترجمة بوران في ابن خلكان: 1: 287. (4) ديوان كثير: 523، وهو في الأغاني 4: 269، ونسبه ابن سلام في طبقاته: 590 ليزيد ابن الطثرية.
[الروض المعطار في خبر الأقطار]