البحث

عبارات مقترحة:

الحفي

كلمةُ (الحَفِيِّ) في اللغة هي صفةٌ من الحفاوة، وهي الاهتمامُ...

الفتاح

كلمة (الفتّاح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من الفعل...

المتكبر

كلمة (المتكبر) في اللغة اسم فاعل من الفعل (تكبَّرَ يتكبَّرُ) وهو...

حكم استعمال المياه النجسة بعد تطهيرها

أفضى التوسع الكبير في المباني وإفراط الناس في استعمال كميات كبيرة من المياه في أغراض النظافة، إلى هدر كميات كبيرة منها، مما حمل الدول إلى أجراء مجاري لهذه المياه سميت فيما بعد: (مياه الصرف الصحي)، أو (مياه المجاري). ونظراً لشحة المياه وسوء الاستعمال لها وهدرها؛ بدأت الحكومات بمعالجة المياه المتنجسة وتنقيتها بوسائل حديثة فعالة، بحيث يعود الماء إلى أصل خلقته. فما حكم هذه المياه بعد معالجتها؟ هل تصبح طاهرة يجوز استعمالها والتطهر بها؟

التعريف

التعريف لغة

النَّجَس لغة القَذَر، والنَّجَاسة هي القَذَارَة. " معجم مقاييس اللغة" لابن فارس (5/393)، "لسان العرب" لابن منظور (6/226). والمياه والنَّجِسة: هي المياه التي تغيرت بمخالطتها لشيئ نجس كالبول أو الغائط ونحوه من النجاسات.

التعريف اصطلاحًا

واصطلاحاً: هي المياه التي تغيرت بنجاسة بحيث يتغير بها طعه أو لونه أو ريحه. " الشرح الممتع" لابن عثيمين(1/54). كأن يخالطها شيئ نجس كالبول أو الغائط ونحوه من النجاسات. و(مياه الصرف الصحي)، أو (مياه المجاري)، وهي خليط من النجاسات والأوساخ مع المياه النقية. " الموسوعة الميسرة في فقه القضايا المعاصرة" قسم العبادات (ص15)، أو هي " المياه الحاملة للفضلات والنفايات التي مصدرها المساكن والمباني التجارية والحكومية والمؤسسات والمصانع، وأي كمية من المياه الجوفية والسطحية، التي يمكن أن تتسرب إلى شبكة مياه الصرف الصحي العامة. " نظام مياه الصرف الصحي السعودي" الصادر بتاريخ 06/04/2000 مـ.

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

التعريف اللغوي في معنى التعريف الاصطلاحي

صورة المسألة

من الوسائل الحديثة ما تقوم به بعض المؤسسات من تنقية مياه الصرف الصحي والمجاري؛ بغرض التخلص من نجاستها بعدة وسائل فنية حديثة حيث تقوم بمعالجة تلك المياه وتنقيتها بوسائل حديثة فعالة بحيث يعود الماء إلى أصل خلقته دون رائحة ولا لون ولا طعم للنجاسة فيه، بعد عمليات الترسيب، ثم التهوية، ثم التنقية، ثم التعقيم. "الموسوعة الميسرة في فقه القضايا المعاصرة" قسم العبادات (ص15). فهل نقول: إن هذه المياه بعد هذه المعالجة أصبحت طاهرة يجوز استعمالها والتطهر بها؟

التكييف الفقهي للمسألة

هذه المسألة مبنية على مسألة تعين الماء لإزالة النجاسة، فهل تزول النجاسة بكل مزيل أو يتعين الماء لإزالتها؟ اختلف أهل العلم فيها على قولين: الأول: أنه يتعين الماء لإزالة النجاسة، وهذا مذهب الجمهور، و القول الثاني: أنه لا يتعين الماء لإزالة النجاسة، بل يمكن أن تزول النجاسة بأي مزيل، وهذا مذهب الحنفية، رواية عند الحنابلة، وقول عند المالكية والشافعية، واختيار المجد ابن تيمية، وحفيده ابن تيمية، وابن القيم. انظر: " البناية شرح الهداية" للعيني (1 /703)، "حاشية الصاوي على الشرح الصغير" (1 /24)، " المجموع" للنووي (1 /95)، "الإنصاف" للمرداوي (1 /309). شرح فقه النوازل (ص: 32)

فتاوى أهل العلم المعاصرين

اللجنة الدائمة
«س: في هذه الأيام تجمع المياه النازلة في المجاري مع النجاسات في بعض البلدان وتكرر لتعود للبيوت مرة ثانية هل طهر عين النجاسة في هذه المياه؟ جـ: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه.. وبعد: الأصل في الماء الطهارة وما ذكرت من مياه المجاري إنما صارت متنجسة بما خالطها من البول والغائط ونحوهما، فإذا كررت وخلصت من النجاسة وزال منها ريح النجاسة وطعمها ولونها صارت طاهرة وإلا فهي متنجسة بما بقي فيها من آثار النجاسة ومظاهرها» "فتاوى اللجنة الدائمة" - 1 (5 /98)
ابن عثيمين
«س. نحن مجموعة من الشباب نلعب في ملعب مزروع زراعة طبيعية ولكنه يسقى من مياه المجاري أعزكم الله وإخواني المستمعين بعد تكريرها فهل علينا الاغتسال قبل الصلاة لأنه يحصل أن يسقط أحدنا على الزرع فأرجو الإفادة بهذا؟ فأجاب رحمه الله تعالى: ليس عليكم الاغتسال يعني أن تغسلوا ثيابكم أو أبدانكم من هذا الماء المكرر لأن هذا الماء المكرر قد زالت نجاسته بما أضيف إليه من المواد الكيماوية التي ذهبت بالنجاسة والماء النجس يكون تطهيره بإضافة شيء إليه يزول به أثر النجاسة من طعم أو لون أو ريح بل قال العلماء إن الماء النجس إذا زال تغيره بنفسه صار طهورا لكن بعض العلماء اشترط أن يكون كثيرا أي بالغاً للقلتين فإذا زال تغيره بنفسه وقد بلغ القلتين فهو طهور وإن كان دون القلتين فإنه لا يطهر إلا بإضافة ماء طهور كثير إليه ولكن القول الراجح أنه متى زالت النجاسة من الماء النجس بأي مزيل فإنه يكون طهورا لا ينجس الثياب ولا الأبدان» فتاوى نور على الدرب للعثيمين (7 /2، بترقيم الشاملة آليا).

قرارات المجامع الفقهية

المجمع الفقهي الإسلامي
قرار رقم: 64 (5/11) بشأن حكم التطهر بمياه المجاري بعد تنقيتها. «الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد: فإن مجلس المجمع الفقهي الإسلامي، برابطة العالم الإسلامي، في دورته الحادية عشرة، المنعقدة بمكة المكرمة، في الفترة من يوم الأحد 13رجب1409هـ الموافق 19 فبراير 1989م إلى يوم الأحد 20 رجب 1409هـ الموافق 26 فبراير 1989م: قد نظر في السؤال عن حكم ماء المجاري، بعد تنقيته: هل يجوز رفع الحدث بالوضوء والغسل به؟ وهل تجوز إزالة النجاسة به؟ وبعد مراجعة المختصين بالتنقية بالطرق الكيماوية، وما قرروه من أن التنقية تتم بإزالة النجاسة منه على مراحل أربعة: وهي الترسيب، والتهوية، وقتل الجراثيم، وتعقيمه بالكلور، بحيث لا يبقى للنجاسة أثر في طعمه، ولونه، وريحه، وهم مسلمون عدول، موثوق بصدقهم وأمانتهم. قرر المجمع ما يلي: أن ماء المجاري إذا نقي بالطرق المذكورة أو ما يماثلها، ولم يبق للنجاسة أثر في طعمه، ولا في لونه، ولا في ريحه: صار طهورًا يجوز رفع الحدث وإزالة النجاسة به، بناء على القاعدة الفقهية التي تقرر: أن الماء الكثير، الذي وقعت فيه نجاسة، يطهر بزوال هذه النجاسة منه، إذا لم يبق لها أثر فيه. والله أعلم. وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، والحمد لله رب العالمين. وجهة نظر في الاستعمالات الشرعية والمباحة لمياه المجاري المنقاة: الحمد لله، وبعد... فإن المجاري معدة، في الأصل، لصرف ما يضر الناس، في الدين والبدن، طلبًا للطهارة ودفعًا لتلوث البيئة. وبحكم الوسائل الحديثة لاستصلاح ومعالجة مشمولها، لتحويله إلى مياه عذبة، منقاة، صالحة للاستعمالات المشروعة، والمباحة مثل: التطهر بها، وشربها وسقي الحرث منها، بحكم ذلك، صار السبر للعلل، والأوصاف القاضية بالمنع، في كل أو بعض الاستعمالات، فتحصل أن مياه المجاري قبل التنقية معلة بأمور: الأول: الفضلات النجسة بالطعم واللون والرائحة. الثاني: فضلات الأمراض المعدية، وكثافة الأدواء والجراثيم (البكتريا). الثالث: علة الاستخباث والاستقذار، لما تتحول إليه باعتبار أصلها، ولما يتولد عنها في ذات المجاري، من الدواب والحشرات المستقذرة طبعًا وشرعًا. ولذا صار النظر بعد التنقية في مدى زوال تلكم العلل، وعليه: فإن استحالتها من النجاسة- بزوال طعمها ولونها وريحها- لا يعني ذلك زوال ما فيها من العلل والجراثيم الضارة. والجهات الزراعية توالي الإعلام بعدم سقي ما يؤكل نتاجه من الخضار، بدون طبخ، فكيف بشربها مباشرة؟ ومن مقاصد الإسلام: المحافظة على الأجسام، ولذا لا يورد ممرض على مصح، والمنع لاستصلاح الأبدان واجب، كالمنع لاستصلاح الأديان. ولو زالت هذه العلل، لبقيت علة الاستخباث والاستقذار، باعتبار الأصل، الماء يعتصر من البول والغائط، فيستعمل في الشرعيات والعادات على قدم التساوي. وقد علم من مذهب الشافعية، والمعتمد لدى الحنبلية، أن الاستحالة هنا لا تؤول إلى الطهارة، مستدلين بحديث النهي عن ركوب الجلالة وحليبها، رواه أصحاب السنن وغيرهم، ولعلل أخرى. مع العلم: أن الخلاف الجاري بين متقدمي العلماء، في التحول من نجس إلى طاهر، هو في قضايا أعيان، وعلى سبيل القطع، لم يفرعوا حكم التحول على ما هو موجود حاليًّا في المجاري، من ذلك الزخم الهائل من النجاسات، والقاذورات، وفضلات المصحات، والمستشفيات، وحال المسلمين لم تصل بهم إلى هذا الحد من الاضطرار، لتنقية الرجيع، للتطهر به، وشربه، ولا عبرة بتسويغه في البلاد الكافرة، لفساد طبائعهم بالكفر، وهناك البديل، بتنقية مياه البحار، وتغطية أكبر قدر ممكن من التكاليف، وذلك بزيادة سعر الاستهلاك للماء، بما لا ضرر فيه، وينتج إعمال قاعدة الشريعة في النهي عن الإسراف في الماء. والله أعلم»
هيئة كبار العلماء
«بعد البحث والمداولة والمناقشة قرر المجلس ما يلي: بناء على ما ذكره أهل العلم من أن الماء الكثير المتغير بنجاسة يطهر إذا زال تغيره بنفسه أو بإضافة ماء طهور إليه أو زال تغيره بطول مكث أو تأثير الشمس ومرور الرياح عليه أو نحو ذلك لزوال الحكم بزوال علته. وحيث إن المياه المتنجسة يمكن التخلص من نجاستها بعدة وسائل وحيث إن تنقيتها وتخليصها مما طرأ عليها من النجاسات بواسطة الطرق الفنية الحديثة لأعمال التنقية يعتبر من أحسن وسائل الترشيح والتطهير حيث يبذل الكثير من الأسباب المادية لتخليص هذه المياه من النجاسات كما يشهد ذلك ويقرره الخبراء المختصون بذلك ممن لا يتطرق الشك إليهم في عملهم وخبرتهم وتجاربهم. لذلك فإن المجلس يرى طهارتها بعد تنقيتها التنقية الكاملة بحيث تعود إلى خلقتها الأولى لا يرى فيها تغير بنجاسة في طعم ولا لون ولا ريح ويجوز استعمالها في إزالة الأحداث والأخباث وتحصل الطهارة بها منها كما يجوز شربها إلا إذا كانت هناك أضرار صحية تنشأ عن استعمالها فيمتنع ذلك محافظة على النفس وتفاديا للضرر لا لنجاستها. والمجلس إذ يقرر ذلك يستحسن الاستغناء عنها في استعمالها للشرب متى وجد إلى ذلك سبيل احتياطا للصحة واتقاء للضرر وتنزها عما تستقذره النفوس وتنفر منه الطباع» قرار رقم (64) 25 /10 /1398 ه

الآراء والاتجاهات

حقل نصي طويل

اتجه المعاصرون فيه على جهتين: الأولى: جواز ذلك بعد تنقيتها، وتعد مياها طاهرة، وهو اختيار أكثر المعاصرين، وهيئة كبار العلماء، والمجامع الفقهية. الثانية: لا يجوز استعمالها ولو بعد تنقيتها فهي مستقذرة طبعا، وهو اختيار بعض المعاصرين، كبكر أبو زيد. انظر: "موسوعة فقه القضايا الفقهية المعاصرة - قسم العبادات" (ص: 16).

الخلاصة الفقهية

يجوز استعمال المياه النجسة بعد تطهيرها، في الشرب والتطهر، إلا إذا نشأت عنها أضرار صحية، ويحصل بها رفع الحدث، وإزالة الخبث، والأولى اجتنابها، والاكتفاء بالمياه الأخرى ما وجدوا إلى ذلك سبيلا، احتياطا للصحة، وتنزها عما تستقذره النفوس، وهذا قرار هيئة كبار العلماء رقم (64)، وقرار المجمع الفقهي في دورته الحادية عشرة، وعليه أكثر الفتاوى المعاصرة. انظر: "فقه النوازل" للجيزاني (1 /239)، "موسوعة فقه القضايا الفقهية المعاصرة - قسم العبادات" (ص: 16).