البحث

عبارات مقترحة:

القاهر

كلمة (القاهر) في اللغة اسم فاعل من القهر، ومعناه الإجبار،...

السبوح

كلمة (سُبُّوح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فُعُّول) من التسبيح،...

العالم

كلمة (عالم) في اللغة اسم فاعل من الفعل (عَلِمَ يَعلَمُ) والعلم...

استعمال الروائح العطرية (الكولونيا)

لا زال الناس يستخدمون الطيب والعطور، ويستحدثون أنواعًا متعددة، ومن تلك الأنواع ما يسمى بــ (الكولونيا)، فما حكم استعمالها؟ وما أثرها على الطهارة؟

التعريف

التعريف اصطلاحًا

الكولونيا: أحد أنواع الروائح العطرية، سمي بذلك نسبة إلى مدينة (كولونيا) حيث حصل اكتشافه فيها، وهو مزيج من الزيوت العطرية والكحول وبعض العناصر، يحضّر بتقطير الكحول المخلوط بأعشاب وأزهار وعقاقير معينة، وتتراوح نسبة الكحول فيه ما بين 50% إلى 98%. انظر: لباب النقول" للحميري (ص: 101).

صورة المسألة

ما حكم استعمال الروائح العطرية (الكولونيا) الممزوجة بالكحول؟ وما أثر ذلك على طهارة الأشياء التي أصابها شيء من هذه المادة؟

التكييف الفقهي للمسألة

تكييف المسألة يرجع إلى الكولونيا هل تعد خمرا أو لا؟ فإن لم تكن خمرا فهي من جنس الأعيان الطاهرة، وإن كانت خمرا فعامة الفقهاء على نجاستها، وينبني هذا على مسألة أخرى، وهي حكم استعمال الخمر في غير الشرب، واختلف فيه على قولين: أن النهي خاص بالشرب، وما عداه مباح، والثاني: حرمة الانتفاع بالخمر مطلقا. انظر: "لباب النقول" للحميري (ص: 109-112)، " مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" جمع السليمان (11 /252). وانظر: حكم الانتفاع بالخمر: " شرح مختصر الطحاوي" للجصاص (6 /385)، "نهاية المطلب" للجويني (18 /221)، "القوانين الفقهية" لابن جزي (ص: 295)، " مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" جمع السليمان (11 /252).

فتاوى أهل العلم المعاصرين

فتوى الشيخ ابن باز
قال الشيخ ابن باز: «استعمال الروائح العطرية المسماة (بالكولونيا) المشتملة على مادة الكحول لا يجوز، لأنه ثبت لدينا بقول أهل الخبرة من الأطباء أنها مسكرة لما فيها من مادة (السبيرتو) المعروفة، وبذلك يحرم استعمالها على الرجال والنساء. أما الوضوء فلا ينتقض بها، وأما الصلاة ففي صحتها نظر؛ لأن الجمهور يرون نجاسةَ المُسكر، ويرون أن من صلى متلبِّسًا بالنجاسة ذاكرًا عامدًا لم تصح صلاته، وذهب بعض أهل العلم إلى عدم تنجيس المسكر، وبذلك يعلم أن من صلى وهي في ثيابه أو بعض بدنه ناسيًا أو جاهلًا حكمها أو معتقدًا طهارتها فصلاته صحيحة، والأحوط غسل ما أصاب البدن والثوب منها خروجًا من خلاف العلماء فإن وجد من الكولونيا نوع لا يسكر لم يحرم استعماله؛ لأن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، والله ولي التوفيق» " مجموع فتاوى ابن باز" (6 /396)
فتوى الشيخ ابن عثيمين
قال ابن عثيمين بعد ذكر حكم نجاسة الخمر، وأنها طاهرة، وخرج على ذلك حكم الكولونيا فقال: «نقول في الكولونيا وشبهها: إنها ليست بنجسة؛ لأن الخمر ذاته ليس بنجس على هذا القول الذي ذكرناه أدلته، فتكون الكولونيا وشبهها ليست بنجسة أيضا، وإذا لم تكن نجسة، فإنه لا يجب تطهير الثياب منها. ولكن يبقى النظر: هل يحرم استعمال الكولونيا كطيب يتطيب به الإنسان أو لا يحرم؟ لننظر، يقول الله تعالى في الخمر: ﴿فَاجْتَنِبُوهُ﴾ وهذا الاجتناب مُطلَق، لم يقل اجتنبُوه شُربًا أو استعمالًا أو ما أشبه ذلك، فالله أمر أمرا مطلقا بالاجتناب، فهل يشمل ذلك مالو استعمله الإنسان كطيب؟ أو نقول: إن الاجتناب المأمور به هو ما علل به الحكم وهو اجتناب شربه، لقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ [المائدة: 91] وهذه العلة لا تثبت فيما إذا استعمله الإنسان في غير الشرب. ولكننا نقول: إن الأحوط للإنسان أن يتجنبه حتى للتطيب، وأن يبتعد عنه لأن هذا أحوط وأبرأ للذمة». " مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (11 /252).
اللجنة الدائمة
سُئلت اللجنة الدائمة عن استعمال الكولونيا لأغراض طبية، كتطهير الجروح، فأجابت : «الكولونيا والكحول إذا استعمل لأغراض طبية، كتطهير جروح وتعقيم فلا بأس بذلك، والبيرة إذا كانت مشتملة على شيء من الكحول - ولو كان قليلًا - إذا كان كثيرُه يُسكر فلا يجُوز استعمالها، وإذا كانت خاليةً من الكحول فالأصل في الأشياء الحل. وبالله التوفيق» "فتاوى اللجنة الدائمة - 1 (22 /119)"

الخلاصة الفقهية

استعمال الكولونيا مبني على حكم الخمر في غير الشرب، ونجاستها، وقد اختلف المعاصرون في استعمالها للتطيب على قولين: الأول: حرمة ذلك ، وذهب عدد من المعاصرين كابن باز، والشنقيطي، ومنهم من يرى نجاستها ووجوب غسل ما أصاب البدن منها، ومنهم من يرى ذلك احتياطا، ومستند هذا القول أنها ملحقة بالخمر، فلها حكمه. انظر: "أضواء البيان" (1 /428)، " مجموع فتاوى ابن باز" (6 /396) "لباب النقول" للحميري (ص: 109-112). الثاني: جواز استعمالها في غير الشرب، وطهارتها ، وذهب إليه كثير من المعاصرين، كعبد الفتاح أبو غدة، وأحمد الزرقا، وهو لازم لكل من قال بطهارة الخمر من جهة طهارتها، ومستند هذا القول طهارة الخمر، ومن ثم طهارة الكولونيا، ومنهم من يرى أنها لا تندرج تحت حكم الخمر، فهي مصنوعة من مواد طاهرة عبر معالجات كيميائية، والأصل في الأشياء الطهارة. انظر: "لباب النقول" للحميري (ص: 109-112)، " موسوعة أحكام الطهارة" للديبان (13 /417). الثالث: التفريق بين نسبة الكحول إذا كانت قليلة جاز ذلك ، وإن كانت كثيرة حرم استعمالها، ولا بأس في استعمالها في الأمور الطبية للحاجة، وذهب إلى ذلك ابن عثيمين، والألباني. انظر: " جامع تراث العلامة الألباني في الفقه" جمع آل نعمان (17 /366)، "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" جمع السليمان (11 /253).