قصر العَبّاس
بن عمرو الغنوي: كان أميرا مشهورا في أيام المقتدر بالله يتولّى أعمال ديار مضر في وزارة ابن الفرات، وأنفذ العباس بن عمرو في أيام المعتضد في سنة 278 إلى البحرين لقتال أبي سعيد الجنّابي فالتقيا فظفر الجنّابيّ وقتل جميع من كان مع العباس وأسر العباس ثم أطلقه ثم ولي عدة ولايات، ومات في سنة 305 وهو يتقلد أمور الحرب بديار مضر، فرتب مكانه وصيف البكتمري فلم يقدر على ضبط العمل فعزل وولي مكانه جنّي الصفواني، وقرأت في كتاب ألفه عميد الدولة أبو سعد محمد بن الحسين بن عبد الرحيم الوزير: حدثني أبو الهيجاء بن عمران بن شاهين أمير البطيحة قال: كنت أساير معتمد الدولة أبا المنيع قرواش بن المقلّد ما بين سنجار ونصيبين ثم نزلنا فاستدعاني بعد النزول وقد نزل بقصر هناك مطلّ على بساتين ومياه كثيرة يعرف بقصر العباس بن عمرو الغنوي، فدخلت عليه وهو قائم في القصر يتأمل كتابة على الحائط، فلما وقع بصره عليّ قال: اقرأ ما ههنا، فتأملت فإذا على الحائط مكتوب: يا قصر عباس بن عم رو كيف فارقك ابن عمرك؟ قد كنت تغتال الدّهور فكيف غالك ريب دهرك؟ واها لعزك بل لجودك بل لمجدك بل لفخرك! وتحته مكتوب: وكتب علي بن عبد الله بن حمدان بخطه في سنة 331 وهو سيف الدولة، وتحته ثلاثة أبيات: يا قصر ضعضعك الزّما ن وحطّ من علياء فخرك ومحا محاسن أسطر شرفت بهنّ متون جدرك واها لكاتبها الكري م وقدرها الموفي بقدرك! وتحته: وكتب الغضنفر بن الحسن بن عبد الله بن حمدان بخطه سنة 362، قلت أنا: وهو أبو تغلبناصر الدولة ابن أخي سيف الدولة، وتحته مكتوب: يا قصر ما فعل الألى ضربت قبابهم بقعرك؟ أخنى الزمان عليهم وطواهم تطويل نشرك واها لقاصر عمر من يحتال فيك وطول عمرك وتحته مكتوب: وكتب المقلد بن المسيب بن رافع بخطه سنة 388، قلت: هذا والد قرواش بن المقلد أحد أمراء بني عقيل العظماء، وتحت ذلك مكتوب: يا قصر أين ثوى الكرا م الساكنون قديم عصرك؟ عاصرتهم فبددتهم، وشأوتهم طرّا بصبرك ولقد أطال تفجّعي، يا ابن المسيّب، رقم سطرك وعلمت أني لاحق بك مدئب في قفي إثرك وتحته مكتوب: وكتب قرواش بن المقلد سنة 401، قال أبو الهيجاء: فعجبت من ذلك وقلت له متى كتب الأمير هذا؟ قال: الساعة وقد هممت بهدم هذا القصر فإنه مشؤوم إذ دفن الجماعة، فدعوت له بالسلامة وانصرفت ثم ارتحلنا بعد ثلاث ولم يهدم القصر، وبين ما كتب سيف الدولة ومعتمدها سبعون سنة كاملة فعل الزمان بأعيانه ما ترى، قال: وكتب الأمير أبو الهيجاء تحت الجميع: إنّ الذي قسم المعيشة في الورى قد خصّنى بالسير في الآفاق متردّدا لا أستريح من العنا، في كل يوم أبتلى بفراق
[معجم البلدان]