البحث

عبارات مقترحة:

الحفيظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحفيظ) اسمٌ...

الوهاب

كلمة (الوهاب) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) مشتق من الفعل...

الخبير

كلمةُ (الخبير) في اللغةِ صفة مشبَّهة، مشتقة من الفعل (خبَرَ)،...


الكُوفَةُ

بالضم: المصر المشهور بأرض بابل من سواد العراق ويسمّيها قوم خدّ العذراء، قال أبو بكر محمد ابن القاسم: سميت الكوفة لاستدارتها أخذا من قول العرب: رأيت كوفانا وكوفانا، بضم الكاف وفتحها، للرميلة المستديرة، وقيل: سميت الكوفة كوفة لاجتماع الناس بها من قولهم: قد تكوّف الرمل، وطول الكوفة تسع وستون درجة ونصف، وعرضها إحدى وثلاثون درجة وثلثان، وهي في الإقليم الثالث، يتكوّف تكوّفا إذا ركب بعضه بعضا، ويقال: أخذت الكوفة من الكوفان، يقال: هم فيكوفان أي في بلاء وشر، وقيل: سميت كوفة لأنها قطعة من البلاد، من قول العرب: قد أعطيت فلانا كيفة أي قطعة، ويقال: كفت أكيف كيفا إذا قطعت، فالكوفة قطعة من هذا انقلبت الياء فيها واوا لسكونها وانضمام ما قبلها، وقال قطرب: يقال القوم في كوفان أي في أمر يجمعهم، قال أبو القاسم: قد ذهبت جماعة إلى أنها سميت كوفة بموضعها من الأرض وذلك أن كل رملة يخالطها حصباء تسمى كوفة، وقال آخرون: سميت كوفة لأن جبل ساتيدما يحيط بها كالكفاف عليها، وقال ابن الكلبي: سميت بجبل صغير في وسطها كان يقال له كوفان وعليه اختطت مهرة موضعها وكان هذا الجبل مرتفعا عليها فسمّيت به، فهذا في اشتقاقها كاف، وقد سمّاها عبدة بن الطبيب كوفة الجند فقال: إن التي وضعت بيتا مهاجرة بكوفة الجند غالت ودّها غول وأما تمصيرها وأوّليته فكانت في أيام عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، في السنة التي مصرّت فيها البصرة وهي سنة 17، وقال قوم: إنها مصّرت بعد البصرة بعامين في سنة 19، وقيل سنة 18، قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: لما فرغ سعد بن أبي وقّاص من وقعة رستم بالقادسية وضمّن أرباب القرى ما عليهم بعث من أحصاهم ولم يسمهم حتى يرى عمر فيهم رأيه، وكان الدهاقين ناصحوا المسلمين ودلوهم على عورات فارس وأهدوا لهم وأقاموا لهم الأسواق ثم توجه سعد نحو المدائن إلى يزدجرد وقدم خالد بن عرفطة حليف بني زهرة بن كلاب فلم يقدر عليه سعد حتى فتح خالد ساباط المدائن ثم توجه إلى المدائن فلم يجد معابر فدلوه على مخاضة عند قرية الصيادين أسفل المدائن فأخاضوها الخيل حتى عبروا وهرب يزدجرد إلى إصطخر فأخذ خالد كربلاء عنوة وسبى أهلها فقسّمها سعد بين أصحابه ونزل كل قوم في الناحية التي خرج بها سهمه فأحيوها فكتب بذلك سعد إلى عمر فكتب إليه عمر أن حوّلهم، فحوّلهم إلى سوق حكمة، ويقال إلى كويفة ابن عمر دون الكوفة، فنقضوا فكتب سعد إلى عمر بذلك، فكتب إليه: إن العرب لا يصلحها من البلدان إلا ما أصلح الشاة والبعير فلا تجعل بيني وبينهم بحرا وعليك بالريف، فأتاه ابن بقيلة فقال له: أدلك على أرض انحدرت عن الفلاة وارتفعت عن المبقّة؟ قال: نعم، فدلّه على موضع الكوفة اليوم وكان يقال له سورستان، فانتهى إلى موضع مسجدها فأمر غاليا فرمى بسهم قبل مهبّ القبلة فعلم على موقعه ثم غلا بسهم قبل مهب الشمال فعلم على موقعه ثم علم دار إمارتها ومسجدها في مقام الغالي وفيما حوله، ثم أسهم لنزار وأهل اليمن سهمين فمن خرج اسمه أولا فله الجانب الشرقي وهو خيرهما فخرج سهم أهل اليمن فصارت خططهم في الجانب الشرقي وصارت خطط نزار في الجانب الغربي من وراء تلك الغايات والعلامات وترك ما دون تلك العلامات فخط المسجد ودار الإمارة فلم يزل على ذلك، وقال ابن عباس: كانت منازل أهل الكوفة قبل أن تبنى أخصاصا من قصب إذا غزوا قلعوها وتصدّقوا بها فإذا عادوا بنوها فكانوا يغزون ونساؤهم معهم، فلما كان في أيام المغيرة بن شعبة بنت القبائل باللّبن من غير ارتفاع ولم يكن لهم غرف، فلما كان في أيام إمارة زياد بنوا أبواب الآجرّ فلم يكن في الكوفة أكثر أبواب الآجرّ من مراد والخزرج، وكتب عمر بن الخطاب إلى سعد أن اختط موضع المسجد الجامع على عدة مقاتلتكم، فخط على أربعين ألف إنسان، فلما قدم زياد زاد فيه عشرين ألف إنسان وجاء بالآجرّ وجاء بأساطينه من الأهواز، قال أبو الحسن محمد بن علي بن عامر الكندي البندار أنبأنا علي بن الحسن بن صبيح البزاز قال: سمعت بشر ابن عبد الوهاب القرشي مولى بني أمية وكان صاحب خير وفضل وكان ينزل دمشق ذكر أنه قدر الكوفة فكانت ستة عشر ميلا وثلثي ميل وذكر أن فيها خمسين ألف دار للعرب من ربيعة ومضر وأربعة وعشرين ألف دار لسائر العرب وستة آلاف دار لليمن، أخبرني بذلك سنة 264، وقال الشعبي: كنّا نعدّ أهل اليمن اثني عشر ألفا وكانت نزار ثمانية آلاف، وولى سعد بن أبي وقاص السائب بن الأقرع وأبا الهيّاج الأسدي خطط الكوفة فقال ابن الأقرع لجميل بن بصبهري دهقان الفلوجة: اختر لي مكانا من القرية، قال: ما بين الماء إلى دار الإمارة، فاختط لثقيف في ذلك الموضع، وقال الكلبي: قدم الحجاج بن يوسف على عبد الملك بن مروان ومعه أشراف العراقيين، فلما دخلوا على عبد الملك بن مروان تذاكروا أمر الكوفة والبصرة فقال محمد بن عمير العطاردي: الكوفة سفلت عن الشام ووبائها وارتفعت عن البصرة وحرّها فهي بريّة مريئة مريعة إذا أتتنا الشمال ذهبت مسيرة شهر على مثل رضراض الكافور وإذا هبّت الجنوب جاءتنا ريح السواد وورده وياسمينه وأترنجه، ماؤنا عذب وعيشنا خصب، فقال عبد الملك بن الأهتم السعدي: نحن والله يا أمير المؤمنين أوسع منهم بريّة وأعدّ منهم في السرية وأكثر منهم ذرّيّة وأعظم منهم نفرا، يأتينا ماؤنا عفوا صفوا ولا يخرج من عندنا إلا سائق أو قائد، فقال الحجاج: يا أمير المؤمنين إن لي بالبلدين خبرا، فقال: هات غير متّهم فيهم، فقال: أما البصرة فعجوز شمطاء بخراء دفراء أوتيت من كل حليّ، وأما الكوفة فبكر عاطل عيطاء لا حليّ لها ولا زينة، فقال عبد الملك: ما أراك إلا قد فضّلت الكوفة، وكان عليّ، عليه السلام، يقول: الكوفة كنز الإيمان وحجة الإسلام وسيف الله ورمحه يضعه حيث شاء، والذي نفسي بيده لينتصرن الله بأهلها في شرق الأرض وغربها كما انتصر بالحجاز، وكان سلمان الفارسي يقول: أهل الكوفة أهل الله وهي قبّة الإسلام يحنّ إليها كلّ مؤمن، وأما مسجدها فقد رويت فيه فضائل كثيرة، روى حبّة العرني قال: كنت جالسا عند عليّ، عليه السّلام، فأتاه رجل فقال: يا أمير المؤمنين هذه راحلتي وزادي أريد هذا البيت أعني بيت المقدس، فقال، عليه السّلام: كل زادك وبع راحلتك وعليك بهذا المسجد، يعني مسجد الكوفة، فإنه أحد المساجد الأربعة ركعتان فيه تعدلان عشرا فيما سواه من المساجد والبركة منه إلى اثني عشر ميلا من حيث ما أتيته وهي نازلة من كذا ألف ذراع، وفي زاويته فار التنور وعند الأسطوانة الخامسة صلى إبراهيم، عليه السّلام، وقد صلى فيه ألف نبيّ وألف وصيّ، وفيه عصا موسى والشجرة اليقطين، وفيه هلك يغوث ويعوق وهو الفاروق، وفيه مسير لجبل الأهواز، وفيه مصلّى نوح عليه السّلام، ويحشر منه يوم القيامة سبعون ألفا ليس عليهم حساب ووسطه على روضة من رياض الجنة وفيه ثلاث أعين من الجنة تذهب الرّجس وتطهّر المؤمنين، لو علم الناس ما فيه من الفضل لأتوه حبوا، وقال الشعبي: مسجد الكوفة ستة أجربة وأقفزة، وقال زادانفرّوخ: هو تسعة أجربة، ولما بنى عبيد الله بن زياد مسجد الكوفة جمع الناس ثم صعد المنبر وقال: يا أهل الكوفة قد بنيت لكم مسجدا لم يبن على وجه الأرض مثله وقد أنفقت على كل أسطوانة سبع عشرة مائة ولا يهدمه إلا باغ أو جاحد، وقال عبد الملك بن عمير: شهدت زيادا وطاف بالمسجد فطاف به وقال: ما أشبهه بالمساجدقد أنفقت على كل أسطوانة ثماني عشرة مائة، ثم سقط منه شيء فهدمه الحجاج وبناه ثم سقط بعد ذلك الحائط الذي يلي دار المختار فبناه يوسف بن عمر، وقال السيد إسماعيل بن محمد الحميري يذكر مسجد الكوفة: لعمرك! ما من مسجد بعد مسجد بمكة ظهرا أو مصلّى بيثرب بشرق ولا غرب علمنا مكانه من الأرض معمورا ولا متجنّب بأبين فضلا من مصلّى مبارك بكوفان رحب ذي أواس ومخصب مصلّى، به نوح تأثّل وابتنى به ذات حيزوم وصدر محنّب وفار به التنور ماء وعنده له قيل أيا نوح في الفلك فاركب وباب أمير المؤمنين الذي به ممرّ أمير المؤمنين المهذّب عن مالك بن دينار قال: كان علي بن أبي طالب إذا أشرف على الكوفة قال: يا حبّذا مقالنا بالكوفة أرض سواء سهلة معروفه تعرفها جمالنا العلوفه وقال سفيان بن عيينة: خذوا المناسك عن أهل مكة وخذوا القراءة عن أهل المدينة وخذوا الحلال والحرام عن أهل الكوفة، ومعما قدّمنا من صفاتها الحميدة فلن تخلو الحسناء من ذامّ، قال النجاشي يهجو أهلها: إذا سقى الله قوما صوب غادية فلا سقى الله أهل الكوفة المطرا التاركين على طهر نساءهم، والنائكين بشاطي دجلة البقرا والسارقين إذا ما جنّ ليلهم، والدارسين إذا ما أصبحوا السّورا ألق العداوة والبغضاء بينهم حتى يكونوا لمن عاداهم جزرا وأما ظاهر الكوفة فإنها منازل النعمان بن المنذر والحيرة والنجف والخورنق والسدير والغريّان وما هناك من المتنزهات والديرة الكبيرة فقد ذكرت في هذا الكتاب حيث ما اقتضاه ترتيب أسمائها، ووردت رامة بنت الحسين بن المنقذ بن الطمّاح الكوفة فاستوبلتها فقالت: ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة وبيني وبين الكوفة النّهران؟ فإن ينجني منها الذي ساقني لها فلا بدّ من غمر ومن شنآن وأما المسافات فمن الكوفة إلى المدينة نحو عشرين مرحلة، ومن المدينة إلى مكة نحو عشر مراحل في طريق الجادّة، ومن الكوفة إلى مكة أقصر من هذا الطريق نحو من ثلاث مراحل لأنه إذا انتهى الحاجّ إلى معدن النّقرة عدل عن المدينة حتى يخرج إلى معدن بني سليم ثم إلى ذات عرق حتى ينتهي إلى مكة، ومن حفّاظ الكوفة محمد بن العلاء بن كريب الهمداني الكوفي، سمع بالكوفة عبد الله بن المبارك وعبد الله ابن إدريس وحفص بن غياث ووكيع بن الجرّاح وخلقا غيرهم، وروى عنه محمد بن يحيى الذّهلي وعبد الله بن يحيى الذهلي وعبد الله بن يحيى بن حنبل وأبو يعلى الموصلي والحسن بن سفيان الثوري وأبو عبد الله البخاري ومسلم بن الحجاج وأبو داود السجستاني وأبو عيسى الترمذي وأبو عبد الرحمن النسائي وابن ماجة القزويني وأبو عروة المراي وخلق سواهم، وكان ابن عقدة يقدّمه على جميع مشايخ الكوفة في الحفظ والكثرة فيقول: ظهر لابن كريب بالكوفة ثلاثمائة ألف حديث، وكان ثقة مجمعا عليه، ومات لثلاث بقين من جمادى الأولى سنة 243، وأوصى أن تدفن كتبه فدفنت.

[معجم البلدان]

الكوفة

هي المدينة المشهورة التي مصرها الإسلاميون بعد البصرة بسنتين، قال ابن الكلبي: اجتمع أهل الكوفة والبصرة وكل قوم يرجع بلده فقال الحجاج: يا أمير المؤمنين، إن لي بالبلدين خبراً؛ قال: هات غير متهم! قال: أما الكوفة فبكر عاطل لا حلي لها ولا زينة، وأما البصرة فعجوز شمطاء بخراء دفراء أوتيت من كل حلي وزينة! فاستحسن الحاضرون وصفه إياهما. قال ابن عباس الهمداني: الكوفة مثل اللهاة من البدن يأتيها الماء بعذوبة وبرودة، والبصرة مثل المثانة يأتيها الماء بعد تغيره وفساده. ولمسجدها فضائل كثيرة، منها ما روى حبة العرني قال: كنت جالساً عند علي فجاءه رجل وقال: هذا زادي وهذه راحلتي أريد زيارة بيت المقدس! فقال له: كل زادك وبع راحلتك وعليك بهذا المسجد، يريد مسجد الكوفة، ففي زاويته فار التنور، وعند الأسطوانة الخامسة صلى إبراهيم، وفيه عصا موسى وشجرة اليقطين ومصلى نوح، عليه السلام. ووسطه على روضة من رياض الجنة، وفيه ثلاث أعين من الجنة، لو علم الناس ما فيه من الفضل لأتوه حبواً. بها مسجد السهلة؛ قال أبو حمزة الثمالي: قال لي جعفر بن محمد الصادق: يا أبا حمزة، أتعرف مسجد السهلة؟ قلت: عندنا مسجد يسمى مسجد السهلة. قال: لم أرد سواه! لو ان زيداً أتاه وصلى فيه واستجار فيه بربه من القتللأجاره! ان فيه موضع البيت الذي كان يخيط فيه ادريس، عليه السلام، ومنه رفع إلى السماء، ومنه خرج إبراهيم إلى العمالقة، وهو موضع مناخ الخضر، وما أتاه مغموم إلا فرج الله عنه. كان بها قصر اسمه طمار يسكنه الولاة. أمر عبيد الله بن زياد بإلقاء مسلم ابن عقيل بن أبي طالب من أعلاه قبل مقتل الحسين، وكان بالكوفة رجل اسمه هانيء يميل إلى الحسين، فجاء مسلم إليه فأرادوا إخراجه من داره فقاتل حتى قتل؛ قال عبد الله بن الزبير الأسدي: إذا كنت لا تدرين ما الموت فانظري إلى هانيءٍ في السّوق وابن عقيل إلى بطلٍ قد عفّر السّيف وجهه وآخر يلقى من طمار قتيل وكان في هذا القصر قبة ينزلها الأمراء، فدخل عبد الملك بن عمير على عبد الملك بن مروان وهو في هذه القبة على سرير، وعن يمينه ترس عليه رأس مصعب بن الزبير، فقال: يا أمير المؤمنين، رأيت في هذه القبة عجباً! فقال: ما ذاك؟ قال: رأيت عبيد الله بن زياد على هذا السرير، وعن يمينه ترس عليه رأس الحسين، ثم دخلت على المختار بن عبيد وهو على هذا السرير، وعن يمينه ترس عليه رأس عبيد الله بن زياد، ثم دخلت على مصعب بن الزبير وهو على هذا السرير، وعن يمينه ترس عليه رأس المختار، ثم دخلت عليك يا أمير المؤمنين وأنت على هذا السرير، وعن يمينك ترس عليه رأس مصعب! فوثب عبد الملك عن السرير وأمر بهدم القبة. زعموا أن من أصدق ما يقوله الناس في أهل كل بلدة قولهم: الكوفي لا يوفي! ومما نقم على أهل الكوفة أنهم طعنوا الحسن بن علي ونهبوا عسكره، وخذلوا الحسين بعد أن استدعوه، وشكوا من سعد بن أبي وقاص إلى عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وقالوا: انه ما يحسن الصلاة! فدعا عليهم سعد أن لا يرضيهم الله عن وال ولا يرضي والياً عنهم، ودعا علي عليهم وقال: اللهم أمرهم بالغلام الثقفي! يعني الحجاج. وادعى النبوة منهم كثيرون. ولما قتل مصعب بن الزبير، أرادت زوجته سكينة بنت الحسين الرجوع إلى المدينة، فاجتمع عليها أهل الكوفة وقالوا: حسن الله صحابتك يا ابنة رسول الله! فقالت: لا جزاكم الله عني خيراً ولا أحسن إليكم الخلافة! قتلتم أبي وجدي وعمي وأخي! أيتمتموني صغيرة وأرملتموني كبيرةً! تظلم أهل الكوفة إلى المأمون من واليهم فقال: ما علمت من عمالي أعدل وأقوم بأمر الرعية منه! فقال أحدهم: يا أمير المؤمنين ليس أحد أولى بالعدل والانصاف منك! فإن كان هو بهذه الصفة فعلى الأمير أن يوليه بلداً بلداً ليلحق كل بلدة من عدله ما لحقناه، فإذا فعل الأمير ذلك لا يصيبنا أكثر من ثلاث سنين! فضحك المأمون وأمر بصرفه. ينسب إليها الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت، كان عابداً زاهداً خائفاً من الله تعالى. ودعي أبو حنيفة إلى القضاء فقال: إني لا أصلح لذلك! فقيل: لم؟ فقال: إن كنت صادقاً فلا أصلح لها، وإن كنت كاذباً فالكاذب لا يصلح للقضاء. وأراد عمر بن هبيرة أبا حنيفة للقضاء فأبى، فحلف ليضربنه بالسياط على رأسه وليحبسنه، ففعل ذلك حتى انتفخ وجه أبي حنيفة ورأسه من الضرب، فقال: الضرب بالسياط في الدنيا أهون من مقامع الحديد في الآخرة! قال عبد الله بن المبارك: لقد زان البلاد ومن عليها إمام المسلمين أبو حنيفه بآثار رفقه في حديثٍ كآيات الزّبور على الصّحيفه فما إن بالعراق له نظيرٌ ولا بالمشرقين ولا بكوفه وحكي أن الربيع صاحب المنصور كان لا يرى أبا حنيفة، فقال له يوماً: يا أمير المؤمنين، هذا أبو حنيفة يخالف جدك عبد الله بن عباس، فإن جدك يقول إذا حلف الرجل واستثنى بعد يوم أو يومين جاز، وأبو حنيفة يقول: لا يجوز! فقال أبو حنيفة: هذا الربيع يقول ليس لك في رقاب جندك بيعة! قال: كيف؟ قال: يحلفون عندك ويرجعون إلى منازلهم يستثنون فتبطل اليمين! فضحك المنصور وقال: يا ربيع لا تتعرض لأبي حنيفة، فلما خرج من عند المنصور قال له الربيع: أردت أن تشط بدمي! قال: لا، ولكنك أردت أن تشط بدمي فخلصتك وخلصت نفسي! وحكى قاضي نهروان أن رجلاً استودع رجلاً بالكوفة وديعةً ومضى إلى الحج. فلما عاد طلبها، فأنكر المودع وكان يجالس أبا حنيفة، فجاء المظلوم وشكا إلى أبي حنيفة فقال له: اذهب لا تعلم أحداً بجحوده! ثم طلب الظالم وقال: إن هؤلاء بعثوا إلي يطلبون رجلاً للقضاء فهل تنشط لها؟ فتمانع الرجل قليلاً ثم رغب فيها. فعند ذلك بعث أبو حنيفة إلى المظلوم وقال: مر إليه وقل له: أظنك نسيت، أليس كان في يوم كذا وفي موضع كذا؟ فذهب المظلوم إليه وقال ذلك، فردها إليه. فجاء الظالم إلى أبي حنيفة يريد القضاء فقال: نظرت في قدرك أريد أن أرفعه بأجل من هذا. وذكر أن أبا العباس الطوسي كان سيء الرأي في أبي حنيفة، وأبو حنيفة يعلم ذلك. فرآه يوماً عند المنصور فقال: اليوم اقتل أبا حنيفة! فقال له: يا أبا حنيفة، ما تقول في أن أمير المؤمنين يدعو أحداً إلى قتل أحد، ولا ندري ما هو، أيسع لنا أن نضرب عنقه؟ قال أبو حنيفة: يا أبا العباس، الأمير يأمر بالحق أو بالباطل؟ قال: بالحق! قال: انفذ الحق حيث كان ولا تسأل عنه! ثم قال لمن كان بجنبه: هذا أراد أن يوبقني فربطته! توفي سنة خمسين ومائة عن اثنتين وسبعين. ينسب إليها أبو عبد الله سفيان بن سعيد الثوري منسوب إلى ثور أطحل، كان من أكثر الناس علماً وورعاً. وكان إماماً مجتهداً، وجنيد البغدادي يفتي علىمذهبه، كان يصاحب المهدي، فلما ولي الخلافة انقطع عنه، فقال له المهدي: إن لم تصاحبني فعظني! قال: إن في القرآن سورة، أولها: ويل للمطففين! والتطفيف لا يكون إلا شيئاً نزراً فكيف من يأخذ أموالاً كثيرة؟ وحكي أن المنصور رآه في الطواف فضرب يده على عاتقه فقال: ما منعك أن تأتينا؟ قال: قول الله تعالى: ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار! فالتفت المنصور إلى أصحابه وقال: القينا الحب إلى العلماء فلقطوا إلا ما كان من سفيان فإنه أعيانا! ثم قال له: سلني حاجتك يا أبا عبد الله! فقال: وتقضيها يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم. قال: حاجتي أن لا ترسل إلي حتى آتيك، وأن لا تعطيني شيئاً حتى أسألك. وخرج ليلة أراد العبور على دجلة فوجد شطيها قد التصقا، فقال: وعزتك لا أعبر إلا في زورق! وكان في مرض موته يبكي كثيراً، فقال له: أراك كثير الذنوب! فرفع شيئاً من الأرض وقال: ذنوبي أهون علي من هذا وإنما أخاف سلب الإيمان قبل أن أموت. وقال حماد بن سلمة: لما حضر سفيان الوفاة كنت عنده، قلت: يا أبا عبد الله ابشر فقد نجوت مما كنت تخاف، وإنك تقدم على رب غفور! فقال: يا أبا سلمة، أترى يغفر الله لمثلي؟ قلت: إي والذي لا إله إلا هو! فكأنما سري عنه. توفي سنة إحدى وستين ومائة عن ست وستين سنة بالبصرة. وينسب إليها أبو أمية شريح بن الحرث القاضي، يضرب به المثل في العدل وتدقيق الأمور، بقي في قضاء الكوفة خمساً وسبعين سنة، استقضاه عمر وعلي، واستعفى من الحجاج فأعفاه، ذكر أن امرأة خاصمت زوجها عنده وكانت تبكي بكاء شديداً فقال له الشعبي: أصلح الله القاضي! أما ترى شدة بكائها؟ فقال: أما علمت أن اخوة يوسف جاؤوا أباهم عشاء يبكون وهم ظلمة؟ الحكم إنما يكون بالبينة لا بالبكاء. وشهد رجل عنده شهادة فقال: ممن الرجل؟ قال: من بني فلان. قال: أتعرف قائل هذا الشعر: ماذا أؤمّل بعد آل محرّقٍ تركوا منازلهم وبعد إياد قال: لا! فقال: توقف يا وكيل في شهادته فإن من كان في قومه رجل له هذه النباهة وهو لا يعرفه أظنه ضعيفاً. وكتب مسروق بن عبد الله إلى القاضي شريح، وقد دخل زياد ابن أبيه في مرض موته ومنعوا الناس عنه، وكتب إليه: أخبرنا عن حال الأمير فإن القلوب لبطء مرضه مجروحة، والصدور لنا حزينة غير مشروحة! فأجابه القاضي: تركت الأمير وهو يأمر وينهى! فقال: أما تعلمون أن القاضي صاحب تعريض؟ يقول: تركته يأمر الوصية وينهى عن الجزع! وكان كما ظن. والقاضي شريح توفي سنة اثنتين وثمانين عن مائة وعشرين سنة. وينسب إليها أبو عبد الله سعيد بن جبير، كان الناس إذا سألوا بالكوفة ابن عباس يقول: أتسألونني وفيكم سعيد بن جبير؟ وكان سعيد ممن خرج على الحجاج وشهد دير الجماجم، فلما انهزم ابن الأشعث لحق سعيد بمكة، وبعد مدة بعثه خالد بن عبد الله القسري، وكان والياً على مكة من قبل الوليد ابن عبد الملك، إلى الحجاج تحت الاستظهار، وكان في طريقه يصوم نهاراً ويقوم ليلاً، فقال له الموكل به: إني لا أحب أن أحملك إلى من يقتلك، فاذهب أي طريق شئت! فقال له سعيد: انه يبلغ الحجاج أنك خليتني وأخاف أن يقتلك! فلما دخل على الحجاج قال له: من أنت؟ قال: سعيد بن جبير! قال: بل أنت شقي بن كسير! قال: سمتني أمي! قال: شقيت! قال: الغيب يعلمه غيرك! فقال له الحجاج: لأبدلنك من دنياك ناراً تتلظى! فقال سعيد: لو علمت أن ذاك إليك ما اتخذت إلهاً غيرك! قال: ما تقول في الأمير؟ قال: إن كان محسناً فعند الله ثواب إحسانه، وإن كان مسيئاً فلن يعجز الله! قال: فما تقول في؟ قال: أنت أعلم بنفسك! فقال: تب في علمك! فقال: اذمأسوءك ولا أسرك. قال: تب! قال: ظهر منك جور في حد الله وجرأة على معاصيه بقتلك أولياء الله! قال: والله لأقطعنك قطعاً قطعاً ولأفرقن أعضاءك عضواً عضواً! قال: فإذن تفسد علي دنياي وأفسد عليك آخرتك والقصاص أمامك! قال: الويل لك من الله! قال: الويل لمن زحزح عن الجنة وأدخل النار! فقال: اذهبوا به واضربوا عنقه. فقال سعيد: اني أشهدك اني أشهد ان لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، لتستحفظه حتى ألقاك بها يوم القيامة! فذهبوا به فتبسم، فقال الحجاج: لم تبسمت؟ فقال: لجرأتك على الله تعالى! فقال الحجاج: اضجعوه للذبح! فأضجع. فقال: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض. فقال الحجاج: اقلبوا ظهره إلى القبلة. قال سعيد: فأينما تولوا فثم وجه الله! قال: كبوه على وجهه. فقال: مها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى! فذبح من قفاه، فبلغ ذلك الحسن البصري فقال: الله يا قاصم الجبارة اقصم الحجاج. وعن خالد بن خليفة عن أبيه قال: شهدت مقتل سعيد بن جبير، فلما بان رأسه قال: لا إله إلا الله مرتين والثالثة لم يتمها، وعاش الحجاج بعده خمسة عشر يوماً، وقع الدود في بطنه، وكان يقول: ما لي ولسعيد بن جبير؟ كلما أردت النوم أخذ برجلي! وتوفي سعيد سنة خمس وتسعين عن سبع وخمسين سنة. وينسب إليها أبو الطيب أحمد المتنبي. كان نادر الدهر شاعراً مفلقاً فصيحاً بليغاً، أشعاره تشتمل على الحكم والأمثال، قال ابن جني: سمعت أبا الطيب يقول: إنما لقبت بالمتنبي لقولي: ما مقامي بأرض نخلة إلاّ كمقام المسيح بين اليهود أنا في أمّةٍ، تداركها اللّ هـ، غريبٌ كصالحٍ في ثمود وكان لا يمدح إلا الملوك العظماء، وإذا سمع قصيدة حفظها بمرة واحدة، وابنه يحفظها بمرتين، وغلامه يحفظها بثلاث مرات، فربما قرأ أحد على ممدوح قصيدة بحضوره فيقول: هذا الشعر لي! ويعيدها ثم يقول: وابني أيضاً يحفظها، ثم يقول: وغلامي أيضاً يحفظها. اتصل بسيف الدولة وقرأ عليه: أجاب دمعي وما الدّاعي سوى طلل فلما انتهى إلى قوله: أقل أنل اقطع احمل سلّ علّ أعد زد هشّ بشّ تفضّل ادن سرّ صل أمر سيف الدولة أن يفعل جميع هذه الأوامر التي ذكرها فيقول المتنبي: أمرّ إلى إقطاعه في ثيابه على طرفه من داره بحسامه حكى ابن جني عن أبي علي النسوي قال: خرجت من حلب فإذا أنا بفارس متلثم قد أهوى نحوي برمح طويل سدده في صدري، فكدت أرمي نفسي من الدابة، فثنى السنان وحس لثامه فإذا المتنبي يقول: نثرت رؤساً بالأحيداب منهم كما نثرت فوق العروس دراهم ثم قال: كيف ترى هذا البيت أحسن هو؟ قلت: ويحك قتلني! قال ابن جني: حكيت هذا بمدينة السلام لأبي الطيب فضحك. وحكى الثعالبي أن المتنبي لما قدم بغداد ترفع عن مدح الوزير المهلبي، ذهاباً بنفسه إلى أنه لا يمدح غير الملوك، فشق ذلك على الوزير فأغرى به شعراء بغداد في هجوه، ومنهم ابن سكرة الهاشمي والحاتمي وابن لنكك، فلم يجبهم بشيء وقال: اني قد فرغت عن جوابهم بقولي لمن هو أرفع طبقة منهم في الشعر: أفي كلّ يوم تحت ضبني شويعرٌ ضعيفٌ يقاويني قصيرٌ يطاول لساني بنطقي صامتٌ عنه عادلٌ وقلبي بصمتي ضاحكٌ منه هازل وأتعب من ناداك من لا تجيبه وأغيظ من عاداك من لا تشاكل وما التّيه طبّي فيهم غير أنّني بغيضٌ إليّ الجاهل المتعاقل وفارق بغداد قاصداً عضد الدولة بفارس ومدحه بقصائده المذكورة في ديوانه، وربحت تجارته عند عضد الدولة، وبقي عنده مدة، ووصل إليه من مبراته أكثر من مائتي ألف درهم، فاستأذن في المسير ليقضي حوائجه فأذن له وأمر له بالخلع والصلات، فقرأ عليه قصيدته الكافية وكأنه نعى فيها نفسه ويقول: ولو أني استطعت حفظت طرفي ولم أبصر به حتّى أراكا وفي الأحباب مختصٌّ بوجدٍ وآخر يدّعي معه اشتراكا إذا اجتمع الدّموع على خدودٍ تبيّن من بكى ممّن تباكى وأنّى شئت يا طرقي فكوني أذاةً أو نجاةً أو هلاكا وهذه الأبيات مما يتطير بها، وجعل قافية آخر شعره هلاكا فهلك. ولما ارتحل من شيراز بحسن حال ووفور مال، فلما فارق أعمال فارس حسب أن السلامة تستمر كما كانت في أعمال عضد الدولة، فخرج عليه سرية من الأعراب فحاربهم حتى انكشفت الوقعة عن قتله، وقتل ابنه محسد، ونفر من غلمانه في سنة أربع وخمسين وثلاثمائة.

[آثار البلاد وأخبار العباد]

الكوفة

مدينة أسسها المسلمون أيام عمر بن الخطاب نحو سنة 17هـ (638 م) لتكون معسكرا للجيش في الجانب الغربي من نهر الفرات، البادية.

[تعريف بالأماكن الواردة في البداية والنهاية لابن كثير]

باب كوفة ولرقة

أما اْلأَوَّلُ: - بِضَمِّ الكاف وبعد الواو فاء -: البلدة المشهورة، خطها سعد بن أبي وقاص، زمن عمر رضي الله عنه، وقد نزلها الجم الغفيرُ من الصحابة، فمن بعدهم من أهل العلم، ولهم تاريخ. وأما الثَّاني: - أوله لامٌ مَضْمُومَة ثُمَّ راء سَاكِنَة بَعْدَهَا قاف مَفْتُوحةٌ -: حصنٌ في شرقي الأندلس بين مرسية والمرية، يُنْسَبُ إليها خلف بن هاشم اللرقي أَبُو القاسم، روى عن مُحَمَّد بن أحمد المُعيني. 743 -

[الأماكن، ما اتفق لفظه وافترق مسماه للحازمي]

الكوفة:

المدينة الكبرى بالعراق والمصر الأعظم وقبة الإسلام، وهي أول مدينة اختطها المسلمون بالعراق في سنة أربع عشرة، وهي على معظم الفرات ومنه شرب أهلها، ومن بغداد إلى الكوفة ثلاثون فرسخاً، وهي ثلاث مراحل، والمسافات من بغداد إلى الكوفة في عمارات وقرى عظام متصلة عامرة فيها أخلاط من العجم ونفر من العرب سميت بجبل صغير في وسطها كان يقال له كوفان وعليه اختطت. ونزلها جماعة من أصحاب رسول الله منهم علي بن أبي طالب وابنه الحسين رضي الله عنهما وغيرهما، ويقال لها كوفان أيضاً، ولها ضياع ومزارع ونخل كثير، وأهلها مياسير، ومياهها عذبة، وماؤها صحيح، وأهلها من صرح العرب لكنهم الآن متحضرون. وعلى ستة أميال (1) من الكوفة قبة عظيمة مرتفعة الأركان من كل جانب لها باب مغلق، وهي مسورة من كل ناحية بفاخر الستور، وأرضها مفروشة بالحصر السامانية، يذكر أن بها قبر علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وما استدار بالعقبة مدفن لآل علي وآل أبي طالب، وبنى هذه القبة أبو الهيجاء عبد الله بن حمدان في دولة بني العباس، وكان في دولة بني أمية مخفياً لا يؤبه له والكوفة والقادسية والحيرة في أقل من مرحلة. وقال محمد بن جعفر عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: كانت الكوفة منزل نوح عليه السلام، والكوف الاجتماع. وكتب عمر (2) بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما: أنبئني ما الذي غير ألوان العرب ولحومهم، فكتب إليه: إن العرب غير ألوانها وخومة المدائن ودجلة، فأجابه: إن العرب لا يوافقها إلا ما يوافق إبلها من البلاد، فابعث بسلمان وحذيفة رضي الله عنهما، وكانا رائدي الجيش، فليرتادا منزلاً ليس بيني وبينكم فيه بحر ولا جسر، فبعث سعد حذيفة وسلمان رضي الله عنهم، فسار كل واحد منهما لا يرضى شيئاً حتى أتيا الكوفة فأكبا عليها، وفيها ديارات ثلاثة، فأعجبتهما البقعة فنزلا وصليا، ودعا كل واحد منهما: اللهم رب السموات وما أظلت، ورب الأرضين وما أقلت، ورب الرياح وما أذرت، والنجوم وما هوت، والبحار وما حوت، بارك لنا في هذه الكوفة، واجعله منزل ثبات. ثم رجعا إلى سعد رضي الله عنه بالخبر، وكتب عمر إلى سعد رضي الله عنهما يأمره بنزوله، فارتحل سعد رضي الله عنه بالناس من المدائن حتى عسكر بالكوفة في محرم سنة سبع عشرة. قالوا (3) : وبصرت البصرة سنة أربع عشرة وكوفت الكوفة سنة سبع عشرة، ثم استأذنوا عمر رضي الله عنه في بنيان القصب، فقال: العسكر أجد لحربكم وأزكى لكم، وما أحب أن أخالفكم فشأنكم، فابتنى أهل المصرين بالقصب، ثم وقع الحريق بالكوفة والبصرة، وكان أشدهما حريقاً الكوفة، احترق فيها ثمانون عروساً ولم تبق فيها قصبة، فبعث سعد إلى عمر رضي الله عنهما نفراً يستأذنونه في البناء باللبن ويخبرونه عن الحريق، فأذن لهم وقال: لا يزيد أحدكم على ثلاثة أبيات، ولا تطاولوا في البنيان والزموا السنة تلزمكم الدولة، ولا ترفعوا بنياناً فوق القدر، قالوا: وما القدر؟ قال: ما لا يقربكم إلى السرف ولا يخرجكم عن القصد، وأن يكون الطريق أربعين ذراعاً، وما بين ذلك عشرين، والأزقة سبع أذرع. وأول شيء خط بالكوفة المسجد، فوضع في موضع التمارين من السوق، ثم قام رجل في وسطه رام شديد النزع، فرمى عن يمينه وعن يساره وبين يديه ومن خلفه، وأمر من شاء أن يبني وراء موقع السهام، وترك المسجد في مربعة غلوتين في غلوتين وبني على أساطين رخام كانت للأكاسرة ولم يجعلوا في المسجد مجنبات ولا مواخير، وكذلك كانت المساجد ما خلا المسجد الحرام، فكانوا لا يشبهون به المساجد تعظيماً. ثم أمر سعد رضي الله عنه الناس بالنزول، وأظن أن أكثر هذا تقدم في ذكر البصرة. وشأن هذين المصرين أعظم وأشهر من أن نطول ذكره فلنقتصر على هذا القدر. وذكر بعضهم (4) أن الخراب استولى على أكثرها، ومن أسباب خرابها قبيلة خفاجة المجاورين لها، لا يزالون يضربون عليها. وبناء هذه المدينة بالآجر خاصة ولا سور لها، وجامعها العتيق كبير في الجانب القبلي منها خمسة أبلطة، ولهذا الجامع آثار كريمة منها بيت إزاء المحراب يقال إنه كان مصلى الخليل عليه السلام، وعلى مقربة منه مما يلي الجانب الأيمن من القبلة محراب محلق عليه بأعواد الساج، هو محراب علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وفي ذلك الموضع ضربه عبد الرحمن بن ملجم الخارجي أخزاه الله تعالى، ويقال إن فيه موضعاً فيه فار التنور، وفيه موضع فيه كان متعبد إدريس عليه السلام، وفي شرقي هذا الجامع قبر مسلم بن عقيل. (1) نزهة المشتاق: 120. (2) تكرار لما أورده في مادة ((البصرة)). (3) راجع مادة ((البصرة)) أيضاً. (4) عن رحلة ابن جبير: 211.

[الروض المعطار في خبر الأقطار]

الكوفة

جَاءَتْ فِي النَّصِّ: قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَحَدَّثَنِي خَلَّادُ بْنُ قُرَّةَ عَنْ جُنَادٍ، أَوْ عَنْ بَعْضِ عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ بِالنَّسَبِ، أَنَّهُ قَالَ: إنَّ النُّعْمَانَ بْنَ الْمُنْذِرِ مِنْ وَلَدِ سَاطِرُونَ مَلِكِ الْحَضْرِ. وَالْحَضْرُ: قَصْرٌ ذُكِرَ فِي مَوْضِعِهِ. قُلْت: الْكُوفَةُ - وَكَانَتْ تُسَمَّى أَحَدَ الْعِرَاقَيْنِ، وَالْآخَرُ الْبَصْرَةُ - مَدِينَةٌ أَسَّسَهَا الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ فَتْحِ الْعِرَاقِ أَسَّسَهَا سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ سَنَةَ 17 لِلْهِجْرَةِ، فَكَانَ يُعَيَّنُ لَهَا وَالٍ مِنْ قِبَلِ الْخَلِيفَةِ بِالْمَدِينَة ِ، وَكَانَ الْعَرَبُ أَقَامُوهَا عَلَى أَمْيَالٍ مِنْ الْحِيرَةِ عَاصِمَةِ الْمَنَاذِرَةِ، فَقَضَتْ عَلَى الْحِيرَةِ، وَلَمَّا تَوَلَّى الْخِلَافَةَ الْإِمَامُ عَلِيٌّ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ اتَّخَذَ الْكُوفَةَ عَاصِمَةً لَهُ، فَلَمَّا قُتِلَ دُفِنَ بِظَاهِرِهَا فِي مَوْضِعٍ يُدْعَى النَّجَفَ، وَظَلَّتْ الْكُوفَةُ رَدْحًا مِنْ الزَّمَنِ تُنَافِسُ الْبَصْرَةَ، وَخَرَجَ فِيهِمَا مَدْرَسَتَا النَّحْوِ: الْكُوفِيَّةُ وَالْبَصْرِيَّةُ، وَلَمَّا تَقَدَّمَتْ بَغْدَادُ أَخَذَ كُلٌّ مِنْ النَّجَفِ وَالْبَصْرَةِ تَفْقِدُ مَكَانَتَهَا، ثُمَّ اتَّخَذَ الشِّيعَةُ النَّجَفَ مَزَارًا فَتَكَوَّنَتْ بِهِ مَدِينَةُ «النَّجَفِ الْأَشْرَفِ». كَمَا يُسَمِّيهَا الْعِرَاقِيُّونَ، فَقَضَتْ عَلَى آخِرِ الْكُوفَةِ، وَتُوجَدُ آثَارُهَا بِظَاهِرِ النَّجَفِ قُرْبَ الْتِقَاءِ خَطَّيْ: 32 عَرْضًا و25 و44 طُولًا وَكِلَاهُمَا عَلَى الضَّفَّةِ الْغَرْبِيَّةِ لِنَهْرِ الْفُرَاتِ، وَمَا زَالَ بَعْضُهَا مَغْمُورًا. وَنَشَرَ الْأُسْتَاذُ حَسَنٌ الدُّجَيْلِيّ بَحْثًا فِي «مَجَلَّةِ الْفَيْصَلِ السُّعُودِيَّةِ» عَدَدُ 56، جَاءَ فِيهِ: تَقَعُ الْكُوفَةُ عَلَى نَهْرِ الْفُرَاتِ، وَعَلَى مَسَافَةِ ثَمَانِيَةِ كِيلُو مِتْرَاتٍ مِنْ مَدِينَةِ النَّجَفِ، و156 كِيلُو مِتْرًا مِنْ بَغْدَادَ، وَسِتِّينَ كِيلُو مِتْرًا جَنُوبِيَّ مَدِينَةِ كَرْبَلَاءَ. وَأَرْضُهَا سَهْلَةٌ عَالِيَةٌ، تَرْتَفِعُ عَنْ سَطْحِ الْبَحْرِ ب22 مِتْرًا، وَشَاطِئُهَا الْغَرْبِيُّ أَعْلَى مِنْ الشَّرْقِيِّ بِسِتَّةِ أَمْتَارٍ تَقْرِيبًا، مِمَّا يَجْعَلُهَا فِي مَأْمَنٍ مِنْ الْفَيَضَانَاتِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا. وَكُلَّمَا سِرْنَا غَرْبًا ارْتَفَعَتْ الْأَرْضُ عَنْ سَطْحِ الْبَحْرِ تَدْرِيجِيًّا لِتَصِلَ إلَى سِتِّينَ مِتْرًا وَنِصْفِ الْمِتْرِ. ثُمَّ تَنْحَدِرُ انْحِدَارًا شَدِيدًا نَحْوَ الْجَنُوبِ الْغَرْبِيِّ لِتَمْتَدَّ إلَى بُحَيْرَةٍ مَالِحَةٍ ضَحْلَةٍ عُرِفَتْ بِبَحْرِ النَّجَفِ غَرْبًا. لَمْ تَكُنْ الْكُوفَةُ مَعْرُوفَةً بِهَذَا الِاسْمِ قَبْلَ تَعْمِيرِهَا، وَلَيْسَ فِي مَوْقِعِهَا مَا يُشِيرُ إلَى أَنَّهَا كَانَتْ فِي يَوْمٍ مِنْ الْأَيَّامِ مُسْتَوْطَنًا مِنْ الْمُسْتَوْطَنَاتِ الْعَرَبِيَّةِ أَوْ الْعِرَاقِيَّةِ الْقَدِيمَةِ. «وَلَمْ نَعْثُرْ فِي حَفَائِرِهَا أَوْ فِي أَرْضِهَا عَلَى آثَارٍ أَوْ أَبْنِيَةٍ تَعُودُ إلَى عُصُورِ مَا قَبْلَ التَّارِيخِ أَوْ بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا كَانَ مَوْضِعُهَا جُزْءًا سَهْلِيًّا مِنْ الضَّفَّةِ الْيُمْنَى لِلْفُرَاتِ الْأَوْسَطِ وَإِلَى الْجِهَةِ الشَّمَالِيَّةِ الشَّرْقِيَّةِ مِنْ مَدِينَةِ الْحِيرَةِ، وَيُدْعَى سُورَسْتَانَ». إلَى أَنْ يَقُولَ: وَبِتَأْسِيسِ مَدِينَةِ بَغْدَادَ سَنَةَ 145 هـ، أَخَذَتْ الْكُوفَةُ تَفْقِدُ قَرْنًا بَعْدَ قَرْنٍ كَثِيرًا مِنْ رَصِيدِهَا الْعِلْمِيِّ، وَتَحَوَّلَتْ إلَى قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ تَسْكُنُهَا الْأَشْبَاحُ وَالذِّكْرَيَاتُ، وَتُطَوِّقُهَا الْخَرَائِبُ وَالْآكَامُ، وَتَعْصِفُ بِهَا رِيَاحُ الزَّمَنِ الْعَاتِيَةُ، إلَّا مَسْجِدَهَا الْكَبِيرَ الَّذِي ظَلَّ صَامِدًا يُقَارِعُ الْعَادِيَاتِ لِيَبْعَثَهَا مِنْ جَدِيدٍ. لَقَدْ ظَلَّ مَسْجِدُهَا الْكَبِيرُ، شَاهِدًا عَلَى عُنْفُوَانِهَا وَعَظَمَتِهَا، وَصَارَ لَهَا رَصِيدًا رُوحِيًّا، وَرَمْزًا لِلتَّضْحِيَةِ وَالِاسْتِشْهَادِ، وَاصْطَبَغَ أَدِيَمُهَا بِدِمَاءِ الشُّهَدَاءِ. فَفِي مَسْجِدِهَا اُغْتِيلَ الْإِمَامُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَفِي أَرْضِ الطَّفِّ الْقَرِيبَةِ اُسْتُشْهِدَ الْإِمَامُ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَهْلُ بَيْتِهِ فِي وَاقِعَةِ كَرْبَلَاءَ الْمُرَوِّعَةِ، وَفِيهَا قُتِلَ وَسُحِلَ وَصُلِبَ حَفِيدُهُ الْإِمَامُ زَيْدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، هَذَا فَضْلًا عَنْ عَشَرَاتِ الشُّهَدَاءِ الطَّالِبِيِّينَ وَغَيْرِ الطَّالِبِيِّينَ. وَقَدْ أَنْجَبَتْ الْكُوفَةُ عَدَدًا كَبِيرًا مِنْ عَبَاقِرَةِ الْعِلْمِ وَالشِّعْرِ وَاللُّغَةِ وَالْأَدَبِ.. فَقَدْ أَنْجَبَتْ «أَبَا الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيّ، وَجَابِرَ بْنَ حَيَّانَ، وَالْأَصْمَعِيَّ، وَالْكِسَائِيَّ، وَالْإِمَامَ أَبَا حَنِيفَةَ النُّعْمَانَ، وَالْفَيْلَسُوفَ الْكِنْدِيَّ».

[معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية]

خطط الكوفة

كتب عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص لما افتتح العراق يأمره أن ينزل بالكوفة ويأمر الناس أن يختطوها، فاختطت كل قبيلة مع رئيسها، فأقطع عمر أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فكانت عبس إلى جانب المسجد، ثم تحول قوم منهم إلى أقصى الكوفة. واختط سلمان بن ربيعة الباهلي ، والمسيب بن نجبة الفزاري ، وناس من قيس حيال دار ابن مسعود. واختط عبد الله بن مسعود ، وطلحة بن عبيد الله ، وعمرو بن حريث الدور حول المسجد. وأقطع عمر جبير بن مطعم ، فبنى دارا، ثم باعها من موسى بن طلحة. وأقطع سعد بن قيس عند دار سلمان بن ربيعة بينهما الطريق، واستقطع سعد بن أبي وقاص لنفسه الدار التي بدار عمر بن سعد. وأقطع خالد بن عرفطة، وخباب بن الأرت ، وعمرو بن الحارث بن أبي ضرار وعمارة بن رويبة التميمي. وأقطع أبا مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري ، وأقطع بني شمخ بن فزارة مما يلي جهينة ، وأقطع هاشم بن عتبة بن أبي وقاص شهار سوج خنيس. وأقطع شريح بن الحارث الطائي ، وأقطع عمر أسامة بن زيد دارا ما بين المسجد إلى دار عمرو بن الحارث بن أبي ضرار. وأقطع أبا موسى الأشعري نصف الآري وكان فضاء عند المسجد، وأقطع حذيفة بن اليمان مع جماعة من عبس نصف الآري وهو فضاء كانت فيه خيل المسلمين. وأقطع عمرو بن ميمون الأودي الرحبة التي تعرف بعلي بن أبي طالب عليه السّلام، وأقطع أبا جبيرة الأنصاري وكان على ديوان الجند. وأقطع عدي بن حاتم وسائر طيّىء ناحية جبانة بشر، وأقطع الزبير بن العوام، وأقطع جرير بن عبد الله البجلي وسائر بجيلة قطيعة واسعة كبيرة. وأقطع الأشعث بن قيس الكندي وكندة من ناحية جهينة إلى بني أود، وجاء قوم من الأزد فوجدوا فرجة فيما بين بجيلة وكندة فنزلوا، وتفرقت همدان بالكوفة، وجاءت تميم وبكر وأسد فنزلوا الأطراف. وأقطع أبا عبد الله الجدلي في بجيلة فقال جرير بن عبد الله لم نزل هذا فينا وليس منا، فقال له عمر انتقل ما خير لك فانتقل إلى البصرة وانتقلت عامة أحمس عن جرير بن عبد الله إلى الجبانة. وقد تغيرت الخطط وصارت تعرف بقوم اشتروا بعد ذلك وبنوا، وكان لكل قبيلة جبانة تعرف بهم وبرؤسائهم، منها: جبانة عرزم، وجبانة بشر، وجبانة أزد، وجبانة سالم، وجبانة مراد، وجبانة كندة، وجبانة الصائديين، وصحراء أثير، وصحراء بني يشكر، وصحراء بني عامر. وكتب عمر بن الخطاب إلى سعد أن يجعل سكك الكوفة خمسين ذراعا بالسواء، وجعلت السوق من القصر، والمسجد إلى دار الوليد إلى القلائين إلى دور ثقيف وأشجع وعليها ظلال بواري إلى أيام خالد بن عبد الله القسري فإنه بنى الأسواق وجعل لأهل كل بياعة دارا وطاقا وجعل غلالها للجند، وكان ينزلها عشرة آلاف مقاتل.

[البلدان لليعقوبي]

المنازل من الكوفة إلى المدينة ومكة

من أراد أن يخرج من الكوفة إلى الحجاز خرج على سمت القبلة في منازل عامرة ومناهل قائمة. فيها قصور لخلفاء بني هاشم، فأول المنازل القادسية ، ثم المغيثة ، ثم القرعاء، ثم واقصة، ثم العقبة، ثم القاع، ثم زبالة، ثم الشقوق، ثم بطان، وهي قبر العبادي. وهذه الأربعة الأماكن ديار بني أسد والثعلبية، وهي مدينة عليها سور، وزرود والأجفر منازل طيّىء، ثم مدينة فيد ، وهي المدينة التي ينزلها عمال طريق مكة وأهلها طيّىء وهي في سفح جبلهم المعروف بسلمى، وتوز وهي منازل طيّىء، وسميراء والحاجر. وأهلهما قيس وأكثرهم بنو عبس، والنقرة ومعدن النقرة وأهلها أخلاط من قيس وغيرهم. ومنها يعطف من أراد مدينة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على بطن نخل، ومن قصد مكة فإلى مغيثة الماوان وهي ديار محارب، ثم الربذة، ثم السليلة، ثم العمق، ثم معدن بني سليم، ثم أفيعية، ثم المسلح، ثم غمرة، ومنها يهل بالحج، ثم ذات عرق، ثم بستان ابن عامر، ثم مكة.

[البلدان لليعقوبي]

الكوفة

بالضم، المصر المشهور بأرض بابل من سواد العراق، سمّيت الكوفة لاستدارتها أو لاجتماع الناس بها. وقيل: سمّيت كوفة بموضعها من الأرض، وذلك أنّ كل رملة يخالطها حصى سمّى كوفة، وقيل غير ذلك. [وكوفة الخلد، بضم الخاء، وبعد اللام دال مهملة: موضع وقع فى الشعر. قال الأصمعى: إنما هو كوفة الجند، والأول تصحيف].

[مراصد الاطلاع على اسماء الامكنة والبقاع]