زره كران
معناه صناع الدرع: قريتان فوق باب الأبواب على تل عال، وحواليه قرى ومزارع ورساتيق وجبال وآجام. أهلها طوال القدود شقر الوجوه خزر العيون، ليس لهم صنعة سوى عمل الدروع والجواشن. وهم أغنياء أسخياء يحبون الغرباء لا سيما من يعرف شيئاً من العلوم أو الخط، أو يعرف شيئاً من الصناعات، ولا يقبلون الخراج لأحد لحصانة موضعهم. وليس لهم ملة ولا مذهب. وفي كل قرية من تلك القرى بيتان كبيران تحت الأرض مثل السراديب: أحدهما للرجال، والآخر للنساء. وفي كل بيت عدة رجال معهم سكاكين، فإذا مات أحدهم فإن كان رجلاً حملوه إلى بيت الرجال، وإن كانت امرأة إلى بيت النساء، فيأخذه أولئك الرجال ويقطعون أعضاءه، ويعرقون ما عليها من اللحم، ويخرجون ما فيها من النقي ثم يجمعون تلك العظام وما فيها من بلل ولا درن في كيس، إن كان من الأغنياء في كيس ديباج، وإن كان من الفقراء في كيس خام، ويكتبون على الكيس اسم صاحب العظام واسم أبويه، وتاريخ ولادته ووقت موته، ويعلقون الكيس في تلك البيوت، ويأخذون لحم الرجال إلى تل خارج القرية وعليه الغربان السود فيطعمونها ذلك اللحم، ولا يخلون طيراً آخر يأكله، فإن جاء طير آخر ليأكله رموه بالنشاب، ويأخذون لحم النساء إلى مكان آخر ويطعمون الحدأة ويمنعون غيرها من الطيور. وحكى أبو حامد الأندلسي أنه سمع أهل دربند أنهم جهزوا ذات مرة العساكر، وذهبوا إلى زره كران فذهبوا حتى دخلوا القرية، فخرج من تحت الأرض رجال دخلوا تلك البيوت، فهبت ريح عاصف وجاء ثلج كثير حتىلم يعرف أحد من تلك العساكر صاحبه، فجعل بعضهم يقتل بعضاً، وضلوا عن الطريق وهلك منهم خلق كثير، ونجا بعضهم بعدما عاينوا الهلاك. وذكروا أن صاحب شروان، وكان ملكاً جباراً صاحب شوكة وقوة، قصدهم ذات يوم طمعاً فيهم فأصابه مثل ما أصاب أصحاب دربند، فامتنع الملوك عن غزوهم.
[آثار البلاد وأخبار العباد]