مسينا (1) :
هي مدينة في ركن جزيرة صقلية في شرقيها، والجبال من الناحية الغربية محيطة (2) بها، وهي إحدى قواعدها، ساحلها بهيج وأرضها طيبة المنابت، وبها جنات وبساتين ذات ثمار كثيرة، وعليها أنهار غزيرة عليها أرحاء كثيرة، وهي من أجل البلاد وأكثرها عمارة، والسفر منها وإليها قصداً، وهي دار إنشاء وبها حط وإقلاع وبها إرساء، من جميع بلاد الروم الساحلية، وبها تجتمع السفن الكبار والمسافرون والتجار من بلاد الروم والإسلام، وأسواقها رائقة وسلعها نافقة وقاصدوها كثير؛ وفي جبلها معدن الحديد الذي يتجهز به إلى جميع البلاد المجاورة لها، ومرساها عجيب مشهور ترسي به السفن العظام وتكون من الشاطئ بحيث يتناول ما فيها من البر بالأيدي، وبها المجاز الذي يعبر منه إلى بلد قلورية، وبحره صعب المجاز لا سيما إذا خالف الريح الماء وإذا التقت المياه الداخلة والخارجة في وقت واحد لا يكاد يسلم مركب إلا أن يشاء الله تعالى، ومسافة الواسع من هذا المجاز عشرة أميال، وسعة الضيق منه ثلاثة أميال، وبينها وبين طبرمين مرحلة. هي مشهورة بالخمر الطيبة وفي مطلع قصيدة لابن قلاقس (3) : من ذا يمسيني على مسيني. .. وقال الأديب أبو عبد الله محمد بن الشيخ أبي تميم من أهل العصر: يا سيدي قد جاء مسيني. .. أرق من حالي ومن ديني جاء به مرتين في دنه. .. لا عطبت أجفان مرتين وليس يدنيني من دنه. .. إلا ندى موسى بن ياسين وهذه المدينة مسينة (4) رأس جزيرة صقلية وبها دار صنعة لإنشاء الأساطيل. (1) (Messina) الإدريسي (م) : 26. (2) الإدريسي: محدقة. (3) أبو الفتح نصر الله بن عبد الله بن مخلوف الإسكندري المعروف بابن قلاقس (- 576)، عن علاقته بصقلية دراسة في كتابي ((العرب في صقلية)) : 287 - 295، وليس هذا مطلع قصيدة، وصدر البيت ((وأظل أنشد حين أنشد صاحبي)). (4) اتبع هذا الرسم ابن جبير: 323 وقد تكتب أيضاً ((مسيني)) و ((مسين)) عند الزهري: 130.
[الروض المعطار في خبر الأقطار]