البحث

عبارات مقترحة:

القاهر

كلمة (القاهر) في اللغة اسم فاعل من القهر، ومعناه الإجبار،...

الرفيق

كلمة (الرفيق) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) من الرفق، وهو...

السميع

كلمة السميع في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...

النفقة الواجبة بالقرابة

يجب على الوالد - وإن علا- نفقة ولده، وإن سفل. فالأب مكلف بالإنفاق - على اختلاف أنواع النفقة - على أولاده ذكوراً وإناثاً، فإن لم يكن لهم أب، كلَّف بالإنفاق عليهم الجد أبو الأب القريب، ثم الذي يليه ودليل ذلك من الكتاب قول الله عز وجل: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [الطلاق: 6] فإيجاب الأُجرة على الزوج لرضاعة أولاده، يقتضي إيجاب مؤونتهم المباشرة من باب أولى. وقال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: 233]. فإن نسبة الولد إلى أبيه بلام الاختصاص، وهي (له) تقتضي مسؤولية صاحب الاختصاص، وهو الأب، عن نفقة ولده ومؤونته. وكذلك وجوب نفقة المُرضِعة للوليد وكسوتها تدلّ على وجوب نفقة الولد وكسوته من باب أولى كما علمت. وأما دليل ذلك من السنّة: فما رواه البخاري (النفقات، باب: إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ.، رقم: 5049)، ومسلم (الأقضية، باب: قضية هند، رقم: 1714) عن عائشة رضي الله عنها، أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي، إلا ما أخذت منه، وهو لا يعلم، فقال، " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ". يقصد: خذي من مال أبي سفيان. هذا، ويلحق الأحفاد بالأولاد بجامع النسبة والحاجة في كل. شروط وجوب نفقة الفروع على الأصول: ويشترط لوجوب نفقة الفروع على الأصول تحقّق الشروط التالية: أولاً: أن يكون الأصل موسراً بما يزيد عن قوت نفسه، وقوت زوجته مدّة يوم وليلة. فلو كان الذي يملكه لا يكفي - خلال هذه المدة - غير نفسه هو، أو غير نفسه وزوجته، لم يكن مكلفاً بالإنفاق على فروعة. ودليل ذلك قوله : " ابدأ بنفسك ". رواه مسلم (الزكاة، باب: الابتداء في النفقة بالنفس. .. ، رقم 997). ثانياً: أن يكون الفرع فقيراً، ويشترط مع فقره، واحد من الأوصاف الثلاثة: 1ـ فقر، وصغر. 2ـ فقر، وزمانة. 3ـ فقر، وجنون. فالصغير الفقير يكلّف أبوه، بالإنفاق عليه، فإن لم يكن أبوه فجده. وكذلك الفقير الزمن، وهو العاجز عن العمل. وكذلك الفقير المجنون. والمقصود بالفقر: العجز عن الاكتساب. فلو كان الولد صحيحاً بالغاً، قادراً على الاكتساب، لم تجب نفقته على أبيه، وإن لم يكن مكتسباً بالفعل. فإن عاقه عن الاكتساب اشتغال بالعلم مثلاُ، فإنه ينظر: فإن كان العلم متعلقاً بواجباته الشخصية: كأمور العقيدة، والعبادة، فذلك يُعدّ عجزاً عن الكسب، وتجب نفقته على أبيه. أما إن كان العلم الذي يشتغل به من العلوم الكفائية التي يحتاج إليها المجتمع، كالطب، والصناعة، وغيرهما، فلا يخرج الولد بالاشتغال بها عن كونه قادراً على الكسب، والأب عندئذ مخيّر: بين أن يمكِّنه من العكوف على ذلك العلم الذي يشتغل به وينفق عليه، وبين أن يقطع عنه النفقة، ويلجئه بذلك إلى الكسب والعمل. مقدار النفقة: ليس لهذه النفقة حدّ تقدّر به إلا الكفاية، والكفاية تكون حسب العُرْف، ضمن طاقة المنفق، قال الله عزّ وجل: ﴿لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً﴾ [الطلاق: 7] هل تصير هذه النفقة ديناً على الأصل إذا فات وقتها: لا تصير نفقة الفروع بمضي الزمان ديناً على المنفق، لأنها مواساة من الأصل لفرعه، فهي ليست تمليكاً لحق معين، ولكنها تمكين له بدافع صلة القربى. أي يتناول حاجته من النفقة، فإذا مرّت الحاجة، ولم يشأ أن يسّدها بما قد مكّنة الأصل منه، تعففاً، أو نسياناً، أو غير ذلك، فإن ذمّة أبيه لا يعقل أن تنشغل بدين لولده مقابل الحاجة التي تعفّف ولده عنها، أو شغل عنها، أو نسيها حتى فات وقتها. هذا هو الأصل، وهو الحكم، عندما تكون الأمور بين الأولاد وأبيهم جارية على سَننها الطبيعي. فأما إذا وقع خلاف، تدخل القاضي بسببه فيما بينهم، وفرض القاضي على الأب نفقة معينة، أو أذِنَ للأولاد أن يستقرضوا على ذمّة أبيهم ديناً معيناً من المال، أو القدر الذي يحتاجون إليه، فإن هذه النفقة تصبح ديناً بذمة الوالد، إذا فات وقتها، ولا تسقط بمضي الزمن، لأنها قد آلت، بحكم القاضي، إلى تمليك، بعد أن كانت مجرد مواساة وتمكين. 3ـ نفقة الأصول على الفروع: كما تجب نفقة الفروع على أصولهم بالأدلة والشروط التي أوضحناها. كذلك تجب نفقة الأصول ـ أي الأب والأم، والجدّ والجدّة، وإن علَا كل منهما ـ على فروعهم، بناءً على الأدلة التالية، وطبقاً للشروط التي سنذكرها. الأدلة على وجوب هذه النفقة: ويستدل لوجوب النفقة على الأصول، بأدلة من الكتاب والسنّة، والقياس: ـ أما من الكتاب: فقول الله عزّ وجلّ: ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً﴾ [لقمان: 15] وقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَاّ تَعْبُدُواْ إِلَاّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً﴾ [الإسراء: 23]. والمعروف الذي يقدّمه الولد لوالديه، والإحسان الذي يحسنه إليهما، لا يكون إلاّ بنهوض الولد بمسؤولية نفقتهما عند الاحتياج. ـ وأما من السنّة: فما رواه أبو داود (البيوع والإجارات، باب: في الرجل يأكل من مال ولده، رقم: (3528) والترمذي (الأحكام، باب: الوالد يأخذ من مال ولده، رقم: (1358) وغيرهما، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله : " إن من أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وولده من كسبه ". وقال : " أنت ومالك لوالدك، إن أولادكم من أطيب كسبكم، فكلوا من كسب أولادكم ". رواه أبو داود (البيوع والإجازات، باب: في الرجل يأكل من مال ولده، رقم: 3530). وروى النسائي (الزكاة، باب: أيّتهما اليد العليا: 5 /61) عن طارق المحاربي رضي الله عنه قال: قَدِمت المدينة، فإذا رسول الله قائم على المنبر يخطب الناس، وهو يقول: " يد المُعطي العليا، وابدأ بمن تعول، أُمك وأباك، وأُختك وأخاك، ثم أدناك أدناك ". وروى أبو داود (الأدب، باب: في برِّ الوالدين، رقم: 5140) عن كليب بن منفعة عن جده رضي الله عنه: أنه أتى النبي فقال: يا رسول الله، مَن أبر؟ قال: " أُمك وأباك، وأختك وأخاك، ومولاك الذي يلي ذاك، حق واجب، ورحم موصولة ". ـ أما دليل القياس والاجتهاد: فقياس الأصول على الفروع، إذ كما وجبت نفقة الفروع ـ عند العجز ـ على الأصول كذلك تجب نفقة الأصول عند العجز على الفروع، بجامع شيوع البعضية بينهما، وهي أساس القرابة التي هي ثابتة الأصول والفروع. شروط وجوب نفقة الأصول على الفروع: أولاً: أن يكون الفرع موسراً بما يزيد عن الضروري من نفقته، ونفقة زوجته، يومه وليلته، فلو كان الذي عنده من النفقة لا يكفي لأكثر من حاجته، وحاجة زوجته، مدة يوم وليلة، لم يكلّف الإنفاق على أبيه وأُمه، لأن نفقة الفقير لا تجب على فقير مثله، فإن أيسر بجزء من نفقتهما الضرورية تقدم بها إليهما، فإن ضاقت عنهما قدّم أمه على أبيه، ذلك لأن ما لا يدرك كله لا ينبغي أن يترك كله. ثانياً: أن يكون الأصل فقيراً، والمراد بالفقر هنا: أن لا يكتسب ما يسدّ حاجته الضرورية، سواء كان قادراً على الكسب، أم لا. بخلاف ما مرّ الزمانة، أو الجنون، أي مع صفة العجز. والفرق بينهما: أن الأصل لا يقبح منه تكليف الفرع القادر على الاكتساب. ولكن الفرع يقبح منه أن يكلف أصله ـ الذي طالما اكتسب وجدّ من أجله ـ بالاكتساب، ولا سيما مع كبر السن. ثالثاً: أن لا تكون الأم مكفيّة بنفقة زوجها فعلاً، أو حكماً. ومعنى هذا الشرط: أن نفقة الأُم تجب على ولدها في حالتين: الحالة الأولى: أن يكون والده عاجزاً عن الإنفاق عليها. الحالة الثانية: أن يكون والده متوفى، وهي خليّة على الزوج. وقدرتها على النكاح لا يلغي هذا الواجب أي يجب على ولدها أن ينفق عليها حتى ولو كان ثمّة كفء يتقدم بطلب الزواج منها. كما أن معنى هذا الشرط أن نفقتها تسقط في حالتين: الحالة الأولى: أن يكون والده قادراً على الإنفاق عليها. الحالة الثانية: أن تكون متزوجة من غير أبيه، سواء كان زوجها موسراً بنفقتها، أو مسعراً بها. فإذا طالبت الأم في حالة إعسار زوجها بالفسخ، وفسخ النكاح، وجب حينئذ أن ينفق عليها ابنها. لا تتأثر نفقة الفروع والأصول باختلاف الدين: إذا لاحظت هذه الشروط، سواء ما شرط منها لنفقة الأصول على الفروع، وما شرط منها لنفقة الفروع على الأصول، أدركت أن وحدة الدين بين الأصول والفروع لا تعتبر شرطاً لوجوب هذه النفقة. إذاً فإن وجوب هذه النفقة من الأصل والفرع، ومن الفرع للأصل لا يتأثر باختلاف الدين]. فيكلف الولد المسلم بالإنفاق على والديه غير المسلمين، ويكلُف الوالد المسلم بالإنفاق على أولاده غير المسلمين، إذا تحققت باقي الشروط التي ذكرناها. ولكن يستثنى من ذلك المرتد، فلا تجري النفقة عليه، سواء كان أصلاً للمنفق، أو فرعاً له ودليل جواز النفقة على الأصل، ولو كان مشركاً: ما رواه البخاري (الأب، باب: صلة الوالد المشرك، رقم: 5633)، ومسلم (الزكاة، باب: فضل النفقة والصدقة على الأقربين. .. ، رقم: 1003) وغيره عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، قالت: قدمت عليّ أُمي، وهي مشركة، في عهد قريش إذ عاهَدَهُم، فاستفتيت رسول الله فقلت: يا رسول الله، قدمت عليّ أمي، وهي راغبة، أفأصلُ أمي؟ قال: " نعم، صِلِي أُمك ". [وهي راغبة: أي راغبة بالصلة، أو راغبة عن الإسلام. في عهد قريش: أي ما بين صلح الحديبية وفتح مكة]. مقدار نفقة الأصول على الفروع: هذه النفقة أيضا ليست مقّدرة بحد معين، وإنما هي مقدرة بالعرف المتبع. وهي أيضاً لا تصبح ديناً في ذمة الفرع إذا مرّ وقتها، ولم يتمتع الأصل بها. إلا إذا وقع خلاف بين الأصل والفرع، ففرض القاضي بموجبه جراية معينة على الفرع، فإنها تصبح حينئذ ـ كما قلنا سالفاً ـ ديناً في ذمته بمرور الوقت. ترتيب الأصول والفروع في الإنفاق: إذا كان الوالدين فقيرين، وكان لهما فروع، واستووا في القُرب، أنفقوا عليهما، لأن عّلة إيجاب النفقة تشملهم جميعاً. وتكون حصة الأُنثى من النفقة كنصف حصة الذكر، كالإرث. وإن اختلفوا في درجة القُرب، كابن، وابن ابن، فإن النفقة إنما تجب على الأقرب، وارثاً كان أو غير وارث، ذَكَراً كان أو أُنثى، لأن القُرْب أولى بالاعتبار. ومَن كان فقيراً، وله أبوان موسران فنفقته على الأب، لأنه هوودليل جواز النفقة على الأصل، ولو كان مشركاً: ما رواه البخاري (الأب، باب: صلة الوالد المشرك، رقم: 5633)، ومسلم (الزكاة، باب: فضل النفقة والصدقة على الأقربين. .. ، رقم: 1003) وغيره عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، قالت: قدمت عليّ أُمي، وهي مشركة، في عهد قريش إذ عاهَدَهُم، فاستفتيت رسول الله فقلت: يا رسول الله، قدمت عليّ أمي، وهي راغبة، أفأصلُ أمي؟ قال: " نعم، صِلِي أُمك ". [وهي راغبة: أي راغبة بالصلة، أو راغبة عن الإسلام. في عهد قريش: أي ما بين صلح الحديبية وفتح مكة]. مقدار نفقة الأصول على الفروع: هذه النفقة أيضا ليست مقّدرة بحد معين، وإنما هي مقدرة بالعرف المتبع. وهي أيضاً لا تصبح ديناً في ذمة الفرع إذا مرّ وقتها، ولم يتمتع الأصل بها. إلا إذا وقع خلاف بين الأصل والفرع، ففرض القاضي بموجبه جراية معينة على الفرع، فإنها تصبح حينئذ ـ كما قلنا سالفاً ـ ديناً في ذمته بمرور الوقت. ترتيب الأصول والفروع في الإنفاق: إذا كان الوالدين فقيرين، وكان لهما فروع، واستووا في القُرب، أنفقوا عليهما، لأن عّلة إيجاب النفقة تشملهم جميعاً. وتكون حصة الأُنثى من النفقة كنصف حصة الذكر، كالإرث. وإن اختلفوا في درجة القُرب، كابن، وابن ابن، فإن النفقة إنما تجب على الأقرب، وارثاً كان أو غير وارث، ذَكَراً كان أو أُنثى، لأن القُرْب أولى بالاعتبار. ومَن كان فقيراً، وله أبوان موسران فنفقته على الأب، لأنه هو المكلف بالإنفاق على ولده الصغير، بدليل قوله تعالى: ﴿فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [الطلاق: 6]. وأما نفقة على الكبير الفقير، فاستصحاباً لما كان في الصغر. ومن كان فقيراً، وله أًصل وفرع غنيّان، قدم الفرع في وجوب النفقة، وإن بعد، لأن عصوبة الفرع أقوى من عصوبة الأصل، وهو أولى بالقيام بشأن أبيه، لعظم حرمته. وإذا تعدّد المحتاجون من أُصول وفروع وغيرهم، وكان ما يفضل عن حاجته لا يتسع لنفقة جميعهم، فإنه يقدّم بعضهم على بعض وفق الترتيب التالي: يقدم بعد نفسه: أـ زوجته، لأن نفقتها آكد، فإنها لا تسقط بمضي الزمان، بخلاف نفقة الأصول والفروع، فإنها تسقط بمضي الوقت، كما ذكرنا سابقاً. ب ـ ولده الصغير، ومثله البالغ المجنون، وذلك لشدّة عجزهما عن الكسب. ج ـ الأُم، لعجزها أيضاً، ولتأكيد حقها بالحمل والوضع، والإرضاع والتربية. د ـ الأب، لعظيم فضله أيضاً. هـ ـ الابن الكبير الفقير، لقربه من أبيه، وللقرب مزية فضيلة. وـ الجد وإن علا، لأن حرمته من حرمة الأب، وهو أصل تجب رعاية حقوقه. "الفقه المنهجي" لمجموعة من المؤلفين.