البحث

عبارات مقترحة:

البصير

(البصير): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على إثباتِ صفة...

الشكور

كلمة (شكور) في اللغة صيغة مبالغة من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

الوهاب

كلمة (الوهاب) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) مشتق من الفعل...

دية ما دون النفس

الجناية على ما دون النفس على ثلاثة أنواع: الأول: الجناية بالجرح. الثاني: قطع الطرف. الثالث: إبطال المنافع. ‌‌النوع الأول: الجناية بالجرح: الجراح الواقعة على البدن على ضربين: أحدهما: الواقعة على الوجه والرأس، وتسمى الشجاع. والثاني: الجراحات في سائر البدن. وفيما يلي نوضح كل ضرب من هذين، ونبين ما يتعلق به من أحكام. أ - الشجاج الواقعة على الرأس والوجه، وهي عشر: إحداها: الحارصة، وهي التي تشق الجلد قليلاً كالخدش، وتسمى القاشرة. ثانيها: الدامية، وهي التي تدمي موضعها من الشق والخدش، ولا يقطر منها دم، فإن سال فهي دامعة، وهذه قسم آخر يزيد على العشر. الثالثة: الباضعة، وهي التي تبضع اللحم بعد الجلد، أي تشق اللحم بعد الجلد شقاً خفيفاً، مأخوذ من البضع وهو القطع. الرابعة: المتلاحمة، وهي التي تغوص في اللحم ولا تبلغ الجلدة بين اللحم والعظم، سميت بذلك تفاؤلاً بما يؤول إليه من الالتحام. وتسمي أيضا اللاحمة. الخامسة: السمحاق، وهي التي تبلغ تلك الجلدة، وتسمي تلك الجلدة السمحاق. السادسة: الموضحة، وهي التي تخرق السمحاق، وتوضح العظم، أي تكشفه، بحيث يقرع بالمرود، وإن لم يشاهد العظم من أجل الدم الذي يستره. السابعة: الهاشمة، وهي التي تهشم العظم أي تكسره، سواء أوضحته أم لا. الثامنة: المنقلة، وهي التي تنقل العظم من موضع إلى موضع، سواء أوضحته وهشمته أو لا. التاسعة: المأمومة، وهي التي تبلغ أم الرأس، وهي خريطة الدماغ المحيطة به، ويقال لها الآمة. العاشرة: الدامغة، وهي التي تخرق خريطة الدماغ، وتصل إليه، وهي مذففة غالباً. إذا علمت ذلك فالعلم أن القصاص يجب في الموضحة فقط، لتيسر ضبطها واستيفاء مثلها، ولا قصاص فيما عداها من الهاشمة والمنقلة وغيرهما إذ لا يؤمن فيها الزيادة والنقصان في طول الجراحة وعرضها، ولا يوثق باستيفاء المثل. ب - الجراحات في سائر البدن: فما لا قصاص فيه إذا كان في الرأس أو الوجه، لا قصاص فيه إذا كان على غيرهما، فالموضحة التي تقع في جزء من أجزاء البدن كالصدر والعنق والساعد والأصابع هي التي يكون فيها القصاص، وما لا فلا قصاص فيه لما ذكرنا آنفاً من صعوبة الحصول على المماثلة. ‌‌النوع الثاني: الجناية بقطع الطرف: أقسام قطع الطرف ثلاثة أقسام كالقتل، فكما أن القتل ثلاثة أقسام عمد وشبه عمد وخطأ، كذلك ينقسم قطع الطرف إلى ثلاثة أقسام عمد وشبه عمد وخطأ، وكما أنه لا يجب القصاص في النفس إلا بالعمد فكذلك قطع الطرف لا يجب إلا بالعمد، وأما شبه العمد بقطع الطرف والخطأ به فلا يجب فيه القصاص. ‌‌شروط القصاص بالطرف: يجري القصاص بقطع الطرف بشرط إمكان المماثلة وأمن استيفاء الزيادة، ويحصل ذلك بطريقتين: أحدهما: أن يكون للعضو مفصل توضع عليه الحديدة وبيان، والمفصل موضع اتصال عضو بعضو على منقطع عظمين، وقد يكون ذلك بمجاورة محضة وقد يكون مع دخول عضو في عضو، كالمرفق والركبة، فمن المفاصل: الأنامل، والكوع وهو مفصل الكف، والمرفق، ومفصل القدم، والركبة، فإذا وقع القطع على بعضها، اقتص من الجاني، ومن المفاصل أصل الفخذ والمنكب. الطريق الثاني، أن يكون للعضو حد مضبوط ينقاد لآلة الإبانة، فيجب القصاص من فقء العين، وفي الأذن، وفي الجفن، وفي المارن وهو ما لان من الأنف، وفي الذكر، وفي الأنثيين، وفي الشفة، وفي الشفرين إذا كان القطع من امرأة ـ والشفران طرفا الفرج ـ، وفي الأليين، وفي اللسان. وعلى هذا لو قطع بعض الأذن أو بعض المارن من غير إبانة وجب القصاص لإحاطة الهواء بهما وإمكان الاطلاع عليهما من الجانبين، ويقدر المقطوع بالجزئية كالثلث والربع، لا بالمساحة. ولو قطع الكوع أو بعض مفصل الساق والقدم ولم يبن فلا القصاص لأنها تجمع العروق والأعصاب، وهي مختلفة الوضع تسفلاً وتصعداً، فلا يوثق بالمماثلة فيها بخلاف المارن. ‌‌القصاص بكسر العظام: لا قصاص بكسر العظام لعدم الوثوق بالمماثلة، بل عليه الدية كما سيأتي، لكن لو كسر عظماً وأبانه فللمجني عليه قطع أقرب مفصل إلى المكسور، وأخذ حكومة عن الباقي ـ والحكومة هي مال مقدر على حسب الجناية يقدره الخبراء وأصحاب المعرفة بهذا الشأن ـ وعلى هذا فلو كسر يده من العضد كان له أن يقطع يده من المرفق، وله على الباقي حكومة. ولو كسر يده من الساعد فله قطع اليد من الكف، وله على الباقي حكومة، وهكذا. ‌‌النوع الثالث: إبطال منافع العضو: قد تكون الجناية بإبطال منفعة عضو من الأعضاء، أو قسم منها، فعند ذلك يجب فيها دية، على حسب ما يلي: أولاً: إزالة العقل، فإذا أزال إنسان عقل إنسان بسبب ما، وجب كمال الدية في ذلك، وسيأتي بيان كمال الدية. ولا يجب فيه قصاص لعدم إمكان ذلك، ولو نقص عقله ولم تستقم أحواله نظر في ذلك، فإن أمكن الضبط، وجب قسط الزائل، والضبط قد يأتي بالزمان بأن يجن يوماً ويفيق يوماً، فيجب نصف الدية، أو يجن يوماً ويفيق يومين فيجب ثلث الدية، وقد يتأتي الضبط بغير الزمان، بأن يقابل صواب قوله ومنظوم فعله بالخطأ المطروح منهما، وتعرف النسبة بينهما، فيجب قسط الزائل. وإن لم يمكن الضبط بأن كان يفزع أحياناً مما يفزع، أو يستوحش إذا خلا وجبت حكومة يقدرها الحاكم باجتهاده. وهذا الحكم إذا قال أهل الخبرة إن هذا العارض لا يتوقع زواله، أما إذا ذكر أهل الخبرة أن هذا العارض قد يزول، فيتوقف في الدية، فإن عاد إليه عقله سقطت الدية، وإن لم يعد وجبت الدية. ثانياً: السمع، فإذا أبطل السمع من الأذنين وجب كمال الدية، وإن أبطله من أذن واحدة وجب نصف الدية، ولو قطع الأذن وأبطل السمع وجب ديتان، دية للقطع ودية لإبطال السمع. وذلك لأن السمع ليس في الأذن. ولو قال أهل الخبرة: لطيفة السمع باقية في مقرها، ولكن ارتتق داخل الأذن بالجناية، وامتنع نفوذ الصوت، ولم يتوقعوا زوال الارتتاق فالواجب حكومة، وقيل دية. هذا إذا ذهب السمع، أما إذا نقص السمع من الأذنين أو من أحدهما، نظر فإن عرف مقدار النقص وجب قسطه من الدية، وإن لم يعلم وجب في ذلك حكومة يقدرها الحاكم باجتهاده. ثالثاً: البصر، ففي إذهابه من العينين دية كاملة، وفي إذهابه من واحدة منهما يجب نصف الدية، سواء في ذلك ضعيف البصر وغيره، وسواء في ذلك الأحول والأخفش وغيرهم (والخفش صغر في العين وضعف البصر خلقة). ولو فقأ عينيه لم يجب إلا دية واحدة، كما لو قطع يديه، وهذا بخلاف الأذن كما مر. ويمتحنه أهل الخبرة لمعرفة زوال البصر إذا ادعي ذلك المجني عليه، وأنكر ذلك الجاني. هذا إذا ذهب البصر بالكلية، وأما إذا نقص ولم يذهب، فإن عرف قدره بأن كان يرى الشخص من مسافة فصار لا يراه إلا من بعضها، وجب ممن الدية قسط الذاهب، وإن لم يعرف قدره وجب في ذلك حكومة يقدرها الحاكم باجتهاده. هذا وإذا كان الجني عليه أعشى ـ وهو من يبصر بالنهار دون الليل ـ فذهب ضوء عينيه، وجبت الدية كاملة، وفي ذهاب ضوء إحداهما نصف الدية، ولو جنى عليه فصار أعشى وجب نصف الدية. رابعاً: إبطال الشم، وفي إبطال بالكلية الدية كاملة، وأن أبطال الشم من أحد المنخرين وجب نصف الدية، وإن نقص الشم وأمكن ضبطه وجب قسط الناقص من الدية، وإن لم يمكن ضبطه وجب فيه حكومة يقدرها الحاكم باجتهاده، كما مر مثل ذلك في السمع والبصر. خامساً: ذهاب النطق، إذا جنى على لسانه فأبطل كلامه، وجبت الدية كاملة هذا إذا قال أهل الخبرة إنه لا يعود نطقه. ولو بطل بالجناية بعض الحروف وزعت الدية عليها، وسواء في ذلك ما خف على اللسان من الحروف وما ثقل. والحروف مختلفة في اللغات، فكل من تكلم بلغة فالنظر عند التوزيع إلي حروف تلك اللغة فإن تكلم بلغتين فبطل بالجناية حروف من هذه، وحروف من تلك، وجب التوزيع على أكثرهما حروفاً. هذا إذا ذهب بعض الحروف، وبقي في البقية كلام مفهوم، أما إذا لم يبق في البقية كلام مفهوم كان ذلك كذهاب جميع النطق، فيجب في ذلك الدية كاملة. وإذا جنى عليه جناية فصار يبدل حرفاً بحرف وجب قسط الحرف الذي أبطله، ولو ثقل لسانه بالجناية أ, حدث به عيب فالواجب حكومة لبقاء المنفعة. وإن كان لا يحسن بعض الحروف كالأرت والألثغ الذي لا يتكلم إلا بعشرين حرفاً مثلاً إذا ذهب بالجناية كلامه وجبت الدية كاملة. سادساً: ذهاب الصوت، فإذا جنى على شخص فأبطل صوته وبقي اللسان على اعتداله ويمكنه من التقطيع والترديد، لزمه لإبطال الصوت كمال الدية، فإن أبطل معه حركة اللسان حتى عجز عن التقطيع والترديد وجب ديتان: دية للصوت ودية للسان. سابعاً: ذهاب الذوق، فإذا أذهبه شخص بجناية وجبت الدية كاملة. والمدرك بالذوق خمسة أشياء: الحلاوة والحموضة والمرارة والملوحة والعذوبة، والدية تتوزع عليها، فإذا أبطل إدراك واحد منها، وجب فيه خمس الدية، ولو نقص الإحساس فلم يدرك الطعوم على كمالها، فالواجب حينذاك حكومة يقدرها الحاكم. ولو ضربه ضربة فزال بها ذوقه ونطقه وجب ديتان. "الفقه المنهجي" لمجموعة من المؤلفين.