بكر صدقي العسكري
بَكْر صِدْقي
[الأعلام للزركلي]
بكر صدقي العسكري: قائد عراقي حكم العراق حكما عسكريا تسعة أشهر ونحو عشرين يوما. تعلم ببغداد، ثم بمدرسة أركان الحرب في الآستانة. وكان من ضباط الجيش العثماني مدة الحرب العامة الأولى، واشترك في كثير من المعارك. والتحق بالجيش السوري، بعد تلك الحرب، فأقام في حلب. وانتقل إلى الجيش العراقي سنة 1921 برتبة (رئيس) وانتهز بعض الفرص لاستكمال دراساته العسكرية في مدرسة إنكليزية بالهند ثم بمدرسة الأركان الانكليزية (كامبرلي) في انجلترة سنة 1932 وبلغ رتبة (فريق) في الجيش العراقي. ونيط به قمع بعض الثورات، فبرز اسمه. وقويت صلته بالملك الشاب غازي بن فيصل بن الحسين. وكان قد آل إلى هذا عرش العراق بعد وفاة أبيه (سنة 1352 هـ 1933 م) وشعر بأن رئيس وزارئه ياسين الهاشمي أكبر ساسة تلك البلاد وأقواهم ينظر إليه نظرته إلى (طفل) له، يحوطه برعايته ويكبح جماحه. وتسرّب إلى كبير قواد الجيش (بكر صدقي) ما في نفس الملك من تململ. وكانت لبكر صدقي أهداف ومطامح، فتلاقت الفكرتان. وخرج الجيش من بغداد للقام ب (مناورات) على حدود إيران، وعلى رأسه الجنرال (بكر صدقي) فلما كان صباح 13 شعبان 1355 (29 أكتوبر 1936) والجيش بعيد عن بغداد نحو خمسين ميلا، حلقت في سماء بغداد بضع طائرات عراقية، وألقت نشرات بإمضاء (بكر صدقي العسكري قائد القوة الوطنية الإصلاحية) خلاصة ما فيها أن الجيش العراقي قد نفد صبره مما تعانيه البلاد، ويطلب من الملك إقالة الوزارة القائمة وتأليف وزارة أخرى برئاسة حكمت سليمان. وإلا فهو زاحف على بغداد. وخرج جعفر العسكري (انظر ترجمته) لإقناع بكر بالعدول عن حركته، فقتله بعض الثائرين. ولم يجد ياسين الهاشمي مندوحة عن الاستقالة، فاستقال، وتألفت وزارة (حكمت سليمان) في صباح اليوم التالي (14 شعبان) وأمرت ياسين وبعض أنصاره بمغادرة العراق، فمضى ياسين إلى سورية، وتوفي ببيروت. وظل حكمت سليمان رئيسا للوزارة، وكل أمور الدولة في يد (بكر) وحل مجلس النواب وانتخب مجلس آخر، أكثر أعضائه من مؤيديه. ولم ينعم العراق بالهدوء في أيامه، ففي صفر 1356 قامت حركة عصيان في (لواء الديوانية) وفي أوااخر ربيع الآخر ثارت قبائل (السماوة) وقمع الثورتين بشدة. وكره بعض الوزارء ممن كانوا مع حكمت سليمان، أن تكون عليهم التبعات وفي أيدي العسكريين مقاليد الحكم، فاستقال أربعة منهم (في 12 ربيع الآخر) مستنكرين (إهراق الدماء في البلاد) لسياسة يجهلونها، وحل محلهم غيرهم. ودعت حكومة (تركيا) بكرا لزيارتها وإحكام سياسته بها، وكذلك فعلت حكومت هتلر الألمانية (وكانت في إبان شدتها) فأجاب بكر الدعوتين، وغادر بغداد إلى الموصل، في طريقه إلى أنقرة. وبينما هو في مطار الموصل يوم 4 جمادى الثانية 1356 (11 أغسطس 1937) وإلى جانبه عدد من الضباط، تقدم منه جندي من أكراد الموصل، اسمه (عبد الله إبراهيم) فصبّ عليه رصاص مسدسه، فسقط صريعا، وحملته الطائرة إلى بغداد فدفن فيها. وكانت ثورته هذه هي الأولى من نوعها في تاريخ الشرق العربيّ الحديث. وله كتب عسكرية بالعربية والتركية.