ورد اسم الله تعالى (السميع) في القرآن الكريم في (45) موضعًا، منها: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11] قال ابن الهائم: «ليس كمثله شيء أي: ليس مثله شيء والعرب تقيم المثل مقام النفس فتقول: مثلي لا يقال له هذا أي أنا لا يقال لي هذا . » "التبيان" (ص288). وجاء أيضًا في قوله تعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ [المجادلة: 1]، وفيه لطائفُ كثيرة، يقول القشيريّ: «لمَّا صَدَقَت في شكواها إلى الله وأيِسَتْ من استكشاف ضُرِّها من غير الله - أنزل الله في شأنها : ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ ﴾ . تَضَرَّعَتْ إلى الله، ورَفَعَتْ قِصَّتَها إلى الله، ونَشَرت غُصَّتَها بين يدي الله - فنَظرَ إليها الله، وقال : ﴿ قَدْ سَمِع اللَّهُ ﴾ . ويقال :صارت فرجةً ورخصةً للمسلمين إلى القيامة في مسألة الظِّهار، وليعلم العالِمون أنَّ أحداً لا يخسر عَلَى الله . وفي الخبر :أنها قالت :" يا رسول الله، إنَّ أوساً تزوَّجني شابَّةً غنيةً ذات أهلٍ، ومالٍ كثير، فلما كبرت سِنِّي، وذَهَبَ مالي، وتَفَرَّق أهلي جعلني عليه كظَهْرِ أُمِّه، وقد ندِم وندمِت، وإنَّ لي منه صبيةً صِغَاراً إن ضَمَمْتُهم إليه ضاعوا، وإن ضممتُهم إليّ جاعوا ". فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم - في رواية- :" ما أُمِرْتُ بشيءٍ في شأنك ". وفي رواية أخرى أنه قال لها :" بنْتِ عنه " ( أي حرمت عليه ) . فترددت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، وشكت. . إلى أن أنزل الله حُكْم الظِّهار . » "لطائف الإشارات" (3/548). وعلى المؤمن في كل حوار له ومناقشة أن يتذكر هذه الآية: ﴿والله يسمع تحاوركما﴾ فيُخْلي كلامه من السب والشتم والطعن، ومن الكذب، والغيبة والنميمة وكل كلام محرَّم. وقد اقترن اسم الله (السميع) باسمه (العليم) في مواطن كثيرة، كقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127]، وكقوله: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الحجرات: 1]، وهذا الاقتران يمنح الاسمين مزيدًا من الكمال، فمعلومٌ أن صفة السمع تنبئ بإحاطة سمع الله لكل المسموعات، وأنه تعالى لا يغيب عنه شيء منها، إلا أن الاقتران بالعلم يُنبئ بتجاوز السمع حدود البعد المادي للمسموعات، فالله يسمعها ويعلم حقائقها، فيكون اقتران الاسمين (السميع العليم) صفةَ كمال أخرى، تدل على إحاطة أتمّ. انظر للاستزادة "مطابقة أسماء الله الحسنى مقتضى المقام في القرآن الكريم" لنجلاء كردي (ص247).
الله خالق السماوات والأرض على غير مثال سابق، جعل لكم من أنفسكم أزواجًا، وجعل لكم من الإبل والبقر والغنم أزواجًا، حتى تتكاثر من أجلكم، يخلقكم فيما جعل لكم من أزواجكم بالتزاوج، ويعيشكم فيما جعل لكم من أنعامكم من لحومها وألبانها، لا يماثله شيء من مخلوقاته، هو السميع لأقوال عباده، البصير بأفعالهم، لا يفوته منها شيء، وسيجازيهم على أعمالهم؛ إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشر.
قد سمع الله كلام المرأة (وهي خَوْلة بنت ثعلبة) التي تراجعك - أيها الرسول - في شأن زوجها (وهو أوس بن الصامت) لَمَّا ظاهر منها، وتشتكي إلى الله ما صنع بها زوجها، والله يسمع تراجعكما في الكلام، لا يخفى عليه منه شيء، إن الله سميع لأقوال عباده، بصير بأفعالهم، لا يخفى عليه منها شيء.
تفسير وترجمة الآية
مقترحات لموسوعة الجمهرة
إعدادات العرض
معاينة
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ
الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ
مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ
دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ
حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ
زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ
طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ
وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ
المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ
يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".