البحث

عبارات مقترحة:

القدير

كلمة (القدير) في اللغة صيغة مبالغة من القدرة، أو من التقدير،...

الفتاح

كلمة (الفتّاح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من الفعل...

السلام

كلمة (السلام) في اللغة مصدر من الفعل (سَلِمَ يَسْلَمُ) وهي...

فيصل بن عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود

فيصل بن عبد العزيز

[الأعلام للزركلي]


فيصل بن عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود، الابن الثالث لوالده الملك عبد العزيز. ولد في مدينة الرياض في 14 صفر سنة 1324 هـ (1906 م) شارك في سنّ مبكّرة في المعارك والأحداث التي واكبت نشوء المملكة، فكان له في كل ذلك خير إعداد لما تمرّس به بعد من مهمّات. في عام 1345 هـ - 1927 م ندبه والده لينوب عنه في المباحثات مع بريطانية التي انتهت بالتوقيع على معاهد جدة في 18 /11 /1345 هـ (20 /5 /1927 م) التي اعترفت بريطانية بمقتضاها بحكومة الملك عبد العزيز. قام بعدها بزيارة معظم دول أوربة وآسية، ممثلا بلاده في مختلف المؤتمرات. وتوالت مجالات بروز أثره العالمي، فرئس مؤتمر القمة العربية الثاني ومؤتمر الدول غير المنحازة في مصر، عام 1964. وكان هذا الحضور الفاعل الّذي مارسه الفيصل في المجالات الواسعة، العربية والعالمية، عاملا لبلورة ملكة القيادة لديه، التي برزت في أخذه المملكة نحو آفاق التطوير المدني العلمي الحديث السليم، أثناء توليه رئاسة الحكومة في نواح من المملكة، أو نيابته عن والده أو رئاسته لمجلس الشورى أو تولّيه وزارة الخارجية أو رئاسة مجلس الوكلاء ثم رئاسة مجلس الوزراء، إلى أن بويع - أثر انتقال والده إلى رحمته الله وتولّي أخيه للملك - بولاية العهد وذلك في 11 /3 /1373 هـ الموافق 9 /11 /1953 م. وفي يوم الإثنين 27 جمادي الآخرة عام 1384 هـ الموافق 3 /11 /1964، بايع الشعب العربيّ السعودي بالإجماع جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز ملكا شرعيّا على المملكة العربية السعودية. كان تصور الملك فيصل لدوره في قيادة بلاده، ودور بلاده التي اتخذت أقيسة عالمية في قدراتها وأثر تحركاتها - يدور على ثلاثة محاور، الأول: النهوض بالمملكة العربية السعودية. الثاني: إحياء مجد الإسلام. الثالث: دعم التضامن العربيّ والإسلامي، والدفاع عن الحقوق المغتصبة من العرب والشعور والعمل الأوفيان للنصرة الحقيقية لقضيتهم الأولى، قضية فلسطين. ففي المجال الداخلي كانت الشريعة الإسلامية الراية والمنطلق والهدف، التي تحدد الإطار لعمل الدولة العام، وذلك في وضع وتنفيذ قواعد تنظّم علاقات مختلف سلطات الحكم بعضها ببعض. كما تجعل الفعاليات المختلفة للدولة تنهج سبلا حديثة وأسسا حضارية طبيعية: هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فقد كانت الشريعة الإسلامية تؤمّن تحقيق العلاقات الشرعية العادلة بين الفرد والفرد وبين الحاكم والمحكوم. كان ذلك الإطار العامّ لمشاريع تغطّي أنشطة المجتمع كافة، وذلك ضمن خطط خمسية تعمل على تطوير العنصر البشري في المملكة والنواحي الاقتصادية والعمرانية المختلفة فيها، تهيئة لاضطلاعها بمسؤولياتها الجسام في الشرق وفي العالم أجمع. من هنا كانت النهضة العملاقة - الصعبة التصور على غير الّذي عايشها عن كثب - في جميع أركان المجتمع، كما كان العمب بدأب وتضحية ومثابرة على تحقيق كل ما يلزم لقيام البلاد بدور المنتجع لمسلمي العالم لأداء ركن من أركان دينهم، ضمن شروط يطّرد تحسينها. ولكن الله لم يشأ أن يتم تحقيق هذا البرنامج الفذّ في حياة الملك فيصل، فانتقلت مسيرة البلاد إلى الملك خالد ومعاونة ولي العهد الأمير فهد بن عبد العزيز، وذلك إثر وفاة الملك فيصل فجأة، صباح الثلاثاء الواقع فيه 13 /3 1395 هـ (25 آذار 1975 م) متأثرا من جراحة التي خلّفها حادث الاعتداء الأثيم عليه من قبل الأمير فيصل بن مساعد بن عبد العزيز، المعروف باختلال عقله. وقد خلّف، رحمه الله، من الأنجال، الأمراء: عبد الله، وسعودا ومحمدا وخالدا وعبد الرحمن وسعدا وبندر وتركيّا. ولعل أوضح ما يوجز ما قام به، وما كان يقوم به، وما كان ينوي أن يقوم به، تصريحه لمحطة التلفزيون قبل يومين من وفاته الّذي جاء فيه ما يلي: قد لا يكون تطور المملكة الّذي أنجز حتى اليوم مرضيا لطموحنا، ولكنه يتميز بأنه مدروس، وأنه أقصى ما يمكن تنفيذه عملا، ونحن نريد أن تكون هذه المملكة، الآن، وبعد خمسين سنة من الآن، إن شاء الله، مصدر إشعاع للإنسانية والسلام، يسكنها شعب مؤمن باللَّه. يجب أن تشكل الدولة الفلسطينية على الأرض الفلسطينية، وتعود الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، كما أن عودة القدس إلى الإدارة العربية أمر حيوي في نظرنا، ولا يمكن أن نقبل بغير ذلك. وصفه أحد معايشيه فقال عنه: " كان رجلا كلّه جدّ في وداعة، وتواضع في ترفّع، يعمل لمواجهة ما يضمره المستقبل مع الإيمان به. طويل الصبر والحلم والأناة، دون أن يستكين أو يتواكل أو يغفو، يستمع إلى ما يدور في أعماق الناس أكثر مما يستمع إلى ما يقولون، يقف في شهامة إلى جانب الحق حيثما كان، مع عفة لسان ودون جلية، أذناه أعمل من لسانه، وأغواره أعمق من مظهرة، يجلوه وقار، دون تجهّم في غضب، أو قهقهة في التعبير عن سروره، لا يزعزع إيمانه لا غضب ولا انشراح، تجلس إليه لأول مرّة فتشعر بأنه صديق قديم. كان أبعد الناس عن الميدان - مع شهامة دائمة - حينما يكون الميدان عبثا، حتى إذا استشعر الجد كان في الطليعة. لم ير النفط في بلاده هبة للاستمتاع، بل فرصة محدودة للإنقاذ والبناء في كل مجال. وقد وهبه الله سعة في القدرة على الخدمة لم يقصرها على بلاده، بل وزّعها ما وسعه العدل بين جميع الأهداف التي وقف عليها حياته " 1. مجلة " المنهل " - جدّة، الجزآن، الثاني والثالث، صفر وربيع الأول سنة 1395 هـ.