يوسف بن أيوب بن شاذي، أبو المظفر، صلاح الدين الأيوبي، الملقب...
صلاح الدين الأيوبي
[الأعلام للزركلي]
يوسف بن أيوب بن شاذي، أبو المظفر، صلاح الدين الأيوبي، الملقب بالملك الناصر: من أشهر ملوك الإسلام. كان أبوه وأهله من قرية دُوين (في شرقي أذربيجان) وهم بطن من الروادية، من قبيلة الهذانية، من الأكراد. نزلوا بتكريت، وولد بها صلاح الدين، وتوفي فيها جده شاذي. ثم ولي أبوه (أيوب) أعمالا في بغداد والموصل ودمشق. ونشأ هو في دمشق، وتفقه وتأدب وروى الحديث بها وبمصر والإسكندرية، وحدّث في القدس. ودخل مع أبيه (نجم الدين) وعمه (شيركوه) في خدمة نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي (صاحب دمشق وحلب والموصل) واشترك صلاح الدين مع عمه شيركوه في حملة وجهها نور الدين للاستيلاء على مصر (سنة 559 هـ فكانت وقائع ظهرت فيها مزايا صلاح الدين العسكرية. وتم لشيركوه الظفر أخيرا، باسم السلطان نور الدين، فاستولى على زمام الأمور بمصر، واستوزره خليفتها العاضد الفاطمي. ولكن شيركوه ما لبث أن مات. فاختار العاضد للوزارة وقيادة الجيش صلاح الدين، ولقبه بالملك الناصر. وهاجم الفرنج دمياط، فصدهم صلاح الدين. ثم استقل بملك مصر، مع اعترافه بسيادة نور الدين. ومرض العاضد مرض موته، فقطع صلاح الدين خطبته، وخطب للعباسيين، وانتهى بذلك أمر الفاطميين. ومات نور الدين (سنة 569) فاضطربت البلاد الشامية والجزيرة، ودُعى صلاح الدين لضبطها، فأقبل على دمشق (سنة 570) فاستقبلته بحفاوة. وانصرف إلى ما وراءها، فاستولى على بعلبكّ وحمص وحماة وحلب. ثم ترك حلب للملك الصالح إسماعيل بن نور الدين، وانصرف إلى عملين جديين: أحدهما الإصلاح الداخلي في مصر والشام، بحيث كان يتردد بين القطرين، والثاني دفع غارات الصليبيين ومهاجمة حصونهم وقلاعهم في بلاد الشام. فبدأ بعمارة قلعة مصر، وأنشأ مدارس وآثارا فيها. ثم انقطع عن مصر بعد رحيله عنها سنة 578 إذ تتابعت أمامه حوادث الغارات وصد الاعتداآت الفرنجية في الديار الشامية، فشغلته بقية حياته. ودانت لصلاح الدين البلاد من آخر حدود النوبة جنوبا وبرقة غربا إلى بلاد الأرمن شمالا، وبلاد الجزيرة والموصل شرقا. وكان أعظم انتصار له على الفرنج في فلسطين والساحل الشامي " يوم حطين " الّذي تلاه استرداد طبرية وعكا ويافا إلى ما بعد بيروت، ثم افتتاح القدس (سنة 583) ووقائع على أبواب صور، فدفاع مجيد عن عكا انتهى بخروجها من يده (سنة 587) بعد أن اجتمع لحربه ملكا فرنسا وانكلترة بجيشيهما وأسطوليهما. وأخيرا عقد الصلح بينه وبين كبير الفرنج ريكارد قلب الأسد Richard Coeur de Lion (ملك انكلترة) على أن يحتفظ الفرنج بالساحل من عكا إلى يافا، وأن يسمح لحجاجهم بزيارة بيت القدس وأن تخرب عسقلان ويكون الساحل من أولها إلى الجنوب لصلاح الدين. وعاد " ريكارد " إلى بلاده. وانصرف صلاح الدين من القدس، بعد أن بني فيها مدارس ومستشفيات. ومكث في دمشق مدة قصيرة انتهت بوفاته. وكان رقيق النفس والقلب، على شدة بطولته، رجل سياسة وحرب، بعيد النظر، متواضعا مع جنده وأمراء جيشه، لا يستطيع المتقرب منه إلا أن يحس بحب له ممزوج بهيبة. اطلع على جانب حسن من الحديث والفقه والأدب ولا سيما أنساب العرب ووقائعهم، وحفظ ديوان الحماسة. ولم يدخر لنفسه مالا ولا عقارا. وكانت مدة حكمه بمصر 24 سنة، وبسورية 19 سنة، وخلف من الأولاد 17 ذكرا وأنثى واحدة. وللمصنفين كتب كثيرة في سيرته، منها: كتاب"الروضتين - ط " ل أبي شامة، في تاريخ دولته ودولة نور الدين، و " النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية - ط " لابن شداد، ويسمى " سيرة صلاح الدين " و " البرق الشامي - خ " سبعة أجزاء، في أخباره وفتوحاته وحوادث الشام في أيامه، لعماد الدين الكاتب، و " النفح القُسى في الفتح القدسي - ط " لعماد الدين أيضا، و " صلاح الدين الأيوبي وعصره - ط " لمحمد فريد أبي حديد، و " حياة صلاح الدين الأيوبي - ط " لأحمد بيلي المصري 1. المصادر المذكورة في الترجمة. وانظر وفيات الأعيان 2: 376 وتاريخ الخميس 2: 387 وابن إياس 1: 69 وابن خلدون 4: 79 و 5: 250 - 330 وابن الأثير 12: 37 والسلوك للمقريزي 1: 41 - 114 والإسلام والحضارة العربية 1: 281، 290 و 2: 289 وطبقات السبكي 4: 325 والدارس 2: 178 - 188 ومرآة الزمان 8: 425 ومفرج الكروب 1: 168 وما بعدها. وترويح القلوب 87، 88 وحلى القاهرة 107 - 194 والإعلام، لابن قاضي شهبة - خ. والنجوم الزاهرة 6: 3 - 63 وشذرات الذهب 4: 298 والفاطميون في مصر 308 والشرفنامه 80 - 91 و 189 Huart ومختصر تاريخ العرب والتمدن الإسلامي، لسيد أمير علي 303 - 320 ودوائر المعارف البريطانية والفرنسية والإسلامية.