البحث

عبارات مقترحة:

القدير

كلمة (القدير) في اللغة صيغة مبالغة من القدرة، أو من التقدير،...

الصمد

كلمة (الصمد) في اللغة صفة من الفعل (صَمَدَ يصمُدُ) والمصدر منها:...

الغفور

كلمة (غفور) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعول) نحو: شَكور، رؤوف،...


إِفْرِيقِيَّة

بكسر الهمزة: وهو اسم لبلاد واسعة ومملكة كبيرة قبالة جزيرة صقلية، وينتهي آخرها إلى قبالة جزيرة الأندلس، والجزيرتان في شماليها، فصقلية منحرفة إلى الشرق والأندلس منحرفة عنها إلى جهة المغرب. وسميت إفريقية بإفريقيس بن أبرهة ابن الرائش، وقال أبو المنذر هشام بن محمد: هو إفريقيس بن صيفي بن سبأ بن يشجب بن يعرب ابن قحطان وهو الذي اختطّها، وذكروا أنه لما غزا المغرب انتهى إلى موضع واسع رحيب كثير الماء، فأمر أن تبنى هناك مدينة فبنيت وسمّاها إفريقية، اشتقّ اسمها من اسمه ثم نقل إليها الناس ثم نسبت تلك الولاية بأسرها إلى هذه المدينة، ثم انصرف إلى اليمن، فقال بعض أصحابه: سرنا إلى المغرب، في جحفل، بكلّ قرم أريحيّ همام نسري مع افريقيس، ذاك الذي ساد بعزّ الملك أولاد سام نخوض، بالفرسان، في مأقط يكثر فيه ضرب أيد وهام فأضحت البربر في مقعص، نحوسهم بالمشرفيّ الحسام في موقف، يبقى لنا ذكره ما غرّدت، في الأيك، ورق الحمام وذكر أبو عبد الله القضاعي أن إفريقية سمّيت بفارق ابن بيصر بن حام بن نوح، عليه السلام، وأن أخاه مصر لما حاز لنفسه مصر حاز فارق إفريقية، وقد ذكرت ذلك متّسقا في أخبار مصر، قالوا: فلما اختطّ المسلمون القيروان خربت إفريقية وبقي اسمها على الصّقع جميعه، وقال أبو الريحان البيروتي إن أهل مصر يسمّون ما عن أيمانهم إذا استقبلوا الجنوب بلاد المغرب، ولذلك سمّيت بلاد إفريقية وما وراءها بلاد المغرب يعني أنها فرقت بين مصر والمغرب فسميت إفريقية لا أنها مسماة باسم عامرها، وحدّ إفريقية من طرابلس الغرب من جهة برقة والإسكندرية إلى بجاية، وقيل: إلى مليانة، فتكون مسافة طولها نحو شهرين ونصف، وقال أبو عبيد البكري الأندلسي: حدّ إفريقية طولها من برقة شرقا إلى طنجة الخضراء غربا، وعرضها من البحر إلى الرمال التي في أول بلاد السودان، وهي جبال ورمال عظيمة متصلةمن الشرق إلى الغرب، وفيه يصاد الفنك الجيد، وحدث رواة السير ان عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، كتب إلى عمرو بن العاص: لا تدخل إفريقية فإنها مفرّقة لأهلها غير متجمعة، ماؤها قاس ما شربه أحد من العالمين إلا قست قلوبهم، فلما افتتحت في أيام عثمان، رضي الله عنه، وشربوا ماءها قست قلوبهم فرجعوا إلى خليفتهم عثمان فقتلوه. وأما فتحها فذكر أحمد بن يحيى بن جابر أن عثمان بن عفّان، رضي الله عنه، ولّى عبد الله بن سعد بن أبي سرح مصر وأمره بفتح إفريقية، وأمدّه عثمان بجيش فيه معبد بن العباس بن عبد المطّلب، ومروان بن الحكم بن أبي العاص، وأخوه الحارث بن الحكم، وعبيد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن أبي بكر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعبد الله بن الزبير ابن العوّام، والمسور بن مخرمة بن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، وعبد الرحمن بن زيد بن الخطّاب، وعبد الله وعاصم ابنا عمر بن الخطاب، وبسر بن أبي ارطاة العامري، وأبو ذؤيب الهذلي الشاعر، وذلك في سنة 29 وقيل: سنة 28، وقيل: 27، ففتحها عنوة وقتل بطريقها، وكان يملك ما بين أطرابلس إلى طنجة، وغنموا واستاقوا من السبي والمواشي ما قدروا عليه، فصالحهم عظماء إفريقية على ثلاثمائة قنطار من الذهب على أن يكفّ عنهم ويخرج من بلادهم، فقبل ذلك منهم، وقيل: إنه صالحهم على ألف ألف وخمسمائة ألف وعشرين ألف دينار، وهذا يدلّ على أن القنطار الواحد ثمانية آلاف وأربعمائة دينار، ورجع ابن أبي سرح إلى مصر ولم يولّ على إفريقية أحدا، فلما قتل عثمان، رضي الله عنه، عزل عليّ، رضي الله عنه، ابن أبي سرح عن مصر وولّى محمد بن أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة مصر، فلم يوجّه إليها أحدا، فلما ولي معاوية بن أبي سفيان، وولى معاوية بن حديج السّكوني مصر، بعث في سنة 50 عقبة بن نافع بن عبد القيس بن لقيط الفهري، فغزاها وملكها المسلمون فاستقرّوا بها، واختطّ مدينة القيروان، كما نذكره في القيروان إن شاء الله تعالى، ولم تزل بعد ذلك في أيدي المسلمين، فوليها بعد عقبة بن نافع زهير بن قيس البلوي في سنة 69، فقتله الروم في أيام عبد الملك فوليها حسّان بن النعمان الغسّاني فعزل عنها، ووليها موسى بن نصير في أيام الوليد بن عبد الملك، ثم وليها محمد بن يزيد مولى قريش في أيام سليمان بن عبد الملك سنة 99، ثم وليها إسماعيل بن عبد الملك ابن عبد الله بن أبي المهاجر مولى بني مخزوم من قبل عمر بن عبد العزيز، ثم وليها يزيد بن أبي مسلم مولى الحجّاج من قبل يزيد بن عبد الملك، ثم عزله وولّى بشر بن صفوان في أول سنة 103، ثم وليها عبيدة بن عبد الرحمن السلمي ابن أخي أبي الأعور السلمي، فقدمها في سنة 110 من قبل هشام بن عبد الملك، ثم عزله هشام وولّى مكانه عبيد الله بن الحبحاب مولى بني سلول، ثم عزله هشام في سنة 123 وولى كلثوم ابن عياض القشيري فقتله البربر، فولّى هشام حنظلة ابن صفوان الكلبي في سنة 124، ثم قام عبد الرحمن ابن حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري وأخرج حنظلة عن إفريقية عنوة ووليها، وأثر بها آثارا حسنة، وغزا صقلية، وكان الأمر قد انتهى إلى مروان بن محمد فبعث إليه بعهده وأقرّه على أمره، وزالت دولة بني أميّة وعبد الرحمن أمير، وكتب إلى السفاح بطاعته، فلما ولي المنصور خلع طاعته، ثم قتله أخوه الياس بن حبيب غيلة في منزله وقام مقامه، ثم قتل الياس وولي حبيب بن عبد الرحمنفقتل، ثم تغلّب الخوارج حتى ولّى المنصور محمد. ابن الأشعث الخزاعي فقدمها سنة 144، فجرت بينه وبين الخوارج حروب ففارقها ورجع إلى المنصور، فولّى المنصور الأغلب بن سالم بن عقال بن خفاجة بن عبد الله بن عبّاد بن محرّث، وقيل: محارب بن سعد ابن حرام بن سعد بن مالك بن سعد بن زيد مناة بن تميم، فقدمها في جمادى الآخرة سنة 148، وجرت له حروب قتل في آخرها في شعبان سنة 150، وبلغ المنصور فولّى مكانه عمرو بن حفص بن عثمان بن قبيصة بن أبي صفرة أخا المهلّب المعروف بهزارمرد، فقدمها في صفر سنة 151، وكانت بينه وبين البربر وقائع قاتل فيها حتى قتل في منتصف ذي الحجة سنة 154، فولّاها المنصور يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلّب فصلحت البلاد بقدومه، ولم يزل عليها حتى مات المنصور والمهدي والهادي، ثم مات يزيد بن حاتم بالقيروان سنة 170 في أيام الرشيد، واستخلف ابنه داود بن يزيد بن حاتم، ثم ولّى الرشيد روح بن حاتم أخا يزيد، فقدمها وساسها أحسن سياسة حتى مات بالقيروان سنة 174، فولّى الرشيد نصر بن حبيب المهلّبي، ثم عزله وولّى الفضل بن روح بن حاتم، فقدمها في المحرم سنة 177، فقتله الخوارج سنة 178، فكانت عدّة من ولي من آل المهلّب ستة نفر في ثمان وعشرين سنة، ثم ولّى الرشيد هرثمة بن أعين فقدمها في سنة 179، ثم استعفى من ولايتها فأعفاه، وولّى محمد بن مقاتل العكّي فلم يستقم بها أمره فإنه أخرج منها، وولّى ابراهيم ابن الأغلب التميمي المقدم ذكره، فأقام بها إلى أن مات في شوال سنة 196، وولي ابنه عبد الله بن إبراهيم ومات بها ثم ولي أخوه زيادة الله بن إبراهيم في سنة 201 في أول أيام المأمون، ومات في رجب سنة 223، ثم ولي أخوه أبو عقال الأغلب بن ابراهيم، ثم مات سنة 226، فولي ابنه محمد بن الأغلب إلى أن مات في محرم سنة 242، فولي ابنه أبو القاسم إبراهيم بن محمد حتى مات في ذي القعدة سنة 249، فولي ابنه زيادة الله بن إبراهيم إلى أن مات سنة 250، فولي ابن أخيه محمد بن أحمد إلى أن مات سنة 261، فولي أخوه إبراهيم بن أحمد، وكان حسن السيرة شهما، فأقام واليا ثمانيا وعشرين سنة ثم مات في ذي القعدة سنة 289، فولي ابنه عبد الله بن إبراهيم بن أحمد فقتله ثلاثة من عبيده الصقالبة، فولي ابنه أبو نصر زيادة الله بن عبد الله بن إبراهيم، فدخل ابو عبد الله الشيعي فهرب منه إلى مصر، وهو آخرهم، في سنة 296، فكانت مدّة ولاية بني الأغلب على إفريقية مائة واثنتي عشرة سنة، وولي منهم أحد عشر ملكا، ثم انتقلت الدولة إلى بني عبيد الله العلوية، فوليها منهم المهدي والقائم والمنصور والمعز حتى ملك مصر، وانتقل إليها في سنة 362، واستمرت الخطبة لهم بإفريقية إلى سنة 407، ثم وليها بعد خروج المعز عنها يوسف الملقب بلكّين ابن زيري بن مناد الصّنهاجي باستخلاف المعز إلى أن مات في ذي الحجة سنة 373، ووليها ابنه المنصور إلى أن مات في شهر ربيع الأول سنة 386، ووليها ابنه باديس إلى أن مات في سلخ ذي القعدة سنة 406، ووليها ابنه المعز بن باديس وهو الذي أزال خطبة المصريين عن إفريقية، وخطب للقائم بالله وجاءته الخلعة من بغداد، وكاشف المستنصر الذي بمصر بخلع الطاعة، وذلك في سنة 435، وقتل من كان بإفريقية من شيعتهم فسلّط اليازوري وزير المستنصر العرب على إفريقية حتى خرّبوها، ومات المعزّ في سنة 453، وقد ملك سبعا وأربعين سنة، ووليها ابنه تميم ابن المعز إلى أن مات في رجب سنة 501، ووليهاابنه يحيى بن تميم حتى مات سنة 509، ووليها ابنه عليّ بن يحيى إلى أن مات سنة 515، ووليها ابنه الحسن بن عليّ، وفي أيامه أنفذ رجار صاحب صقلية من ملك المهدية فخرج الحسن منها ولحق بعبد المؤمن ابن عليّ، وملك الأفرنج بلاد إفريقية، وذلك في سنة 543، وانتقضت دولتهم، وقد ولي منهم تسعة ملوك في مائة سنة وإحدى وثمانين سنة، وملك الأفرنج إفريقية اثنتي عشرة سنة حتى قدمها عبد المؤمن فاستنقذها منهم في يوم عاشوراء سنة 555، وولّى عليها أبا عبد الله محمد بن فرج أحد أصحابه، ورتّب معه الحسن بن عليّ بن يحيى بن تميم وأقطعه قريتين ورجع إلى المغرب، وهي الآن بيد الولاة من قبل ولده، فهذا كاف من إفريقية وأمرها. وقد خرج منها من العلماء والأئمة والأدباء ما لا يحصى عددهم، منهم: أبو خالد عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي قاضيها، وهو أول مولود ولد في الإسلام بإفريقية، سمع أباه وأبا عبد الرحمن الحبكي وبكر ابن سوادة، روى عنه سفيان الثوري وعبد الله بن لهيعة وعبد الله بن وهب وغيرهم، تكلّموا فيه، قدم على أبي جعفر المنصور ببغداد، قال: كنت أطلب العلم مع أبي جعفر أمير المؤمنين قبل الخلافة فأدخلني يوما منزله فقدّم إليّ طعاما ومريقة من حبوب ليس فيها لحم، ثم قدّم إليّ زبيبا، ثم قال: يا جارية عندك حلواء؟ قالت: لا، قال: ولا التمر؟ قالت: ولا التمر، فاستلقى ثم قرأ هذه الآية: عسى ربّكم أن يهلك عدوّكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون، قال: فلما ولي المنصور الخلافة أرسل إليّ فقدمت عليه فدخلت، والربيع قائم على رأسه، فاستدناني وقال: يا عبد الرحمن بلغني أنك كنت تفد إلى بني أمية؟ قلت: أجل، قال: فكيف رأيت سلطاني من سلطانهم وكيف ما مررت به من أعمالنا حتى وصلت إلينا؟ قال: فقلت يا أمير المؤمنين رأيت أعمالا سيّئة وظلما فاشيا، وو الله يا أمير المؤمنين ما رأيت في سلطانهم شيئا من الجور والظّلم إلّا ورأيته في سلطانك، وكنت ظننته لبعد البلاد منك، فجعلت كلّما دنوت كان الأمر أعظم، أتذكر يا أمير المؤمنين يوم أدخلتني منزلك فقدّمت إليّ طعاما ومريقة من حبوب لم يكن فيها لحم ثم قدّمت زبيبا، ثم قلت: يا جارية عندك حلواء؟ قالت: لا، قلت: ولا التمر؟ قالت: ولا التمر، فاستلقيت ثم تلوت: عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون؟ فقد والله أهلك عدوّك واستخلفك في الأرض، ما تعمل؟ قال: فنكّس رأسه طويلا ثم رفع رأسه إليّ وقال: كيف لي بالرجال؟ قلت: أليس عمر بن عبد العزيز كان يقول: إن الوالي بمنزلة السّوق يجلب إليها ما ينفق فيها، فإن كان برّا أتوه ببرّهم وإن كان فاجرا أتوه بفجورهم؟ فأطرق طويلا، فأومأ إليّ الربيع أن أخرج، فخرجت وما عدت إليه، وتوفي عبد الرحمن سنة 156، وينسب إليها أيضا سحنون بن سعيد الإفريقي من فقهاء أصحاب مالك، جالس مالكا مدة وقدم بمذهبه إلى إفريقية فأظهره فيها، وتوفي سنة 240، وقيل: سنة 241.

[معجم البلدان]

إفريقية

مدينة كبيرة كثيرة الخيرات طيبة التربة وافرة المزارع والأشجار والنخل والزيتون، وكانت افريقية قديماً بلاداً كثيرة، والآن صحارى مسافة أربعين يوماً بأرض المغرب. بها برابر وهم مزاتة ولواتة وهوارة وغيرهم. وماء أكثر بلادها من الصهاريج. وبها معادن الفضة والحديد والنحاس والرصاص والكحل والرخام. ومن عجائبها بحيرة بنزرت، حدثني الفقيه أبو الربيع سليمان الملتاني: انه يظهر في كل شهر من السنة فيها نوع من السمك يخالف النوع الذي كان قبله، فإذا انتهت السنة يستأنف الدور فيرجع النوع الأول، وهكذا كل سنة. وكذلك نهر شلف فإنه في كل سنة في زمان الورد يظهر فيه صنف من السمك يسمى الشهبوق، وهو سمك طوله ذراع، ولحمه طيب إلا أنه كثير الشوك ويبقى شهرين. ويكثر صيدها في هذا الوقت ويرخص ثمنها ثم ينقطع إلى القابل، فلا يوجد في النهر شيء منها إلى السنة القابلة أوان الورد.وذكر أبو الحسن علي الجزري في تاريخه: انه نشأت بافريقية في شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة وأربعمائة سحابة شديدة الرعد والبرق، فأمطرت حجارة كثيرة وأهلكت كل من أصابته.

[آثار البلاد وأخبار العباد]

إفريقية

نقل البكري أن عمرو بن العاص لما افتتح أطرابلس كتب إلى عمر بن الخطاب بما فتح الله عليه وأنه ليس أمامه إلّا إفريقية، فكتب إليه عمر ... سمعت رسول الله يقول:
«إفريقية لأهلها غير مجمّعة، ماؤها قاس، لا يشربه أحد من المسلمين إلّا اختلفت قلوبهم» ولعله لا يريد إفريقية القارة، وإنما أراد ما يسمى اليوم «تونس» والله أعلم

[المعالم الأثيرة في السنة والسيرة]

إفريقية (1)

عمل كبير عظيم في غرب ديار مصر، سميت بافريقس بن أبرهة ملك اليمن لأنه غزاها وافتتحها، قيل كان بالشين المعجمة ثم عرب بالسين وقال قوم: معنى إفريقية صاحبة السماء، وقيل سميت بافريق بن إبراهيم عليه السلام من زوجه قطورا، وقيل أهل إفريقية من ولد فارق بن مصر. وطول إفريقية من برقة شرقاً إلى طنجة غرباً وعرضها من البحر إلى الشرق وبها يصاد الفنك الجيد ورووا عن أبي عبد الرحمن الحبلي قال: بعث رسول الله سرية ففصلوا فذكروا لرسول الله شدة البرد الذي أصابهم، فقال رسول الله : " لكن إفريقية أشد برداً وأعظم أجراً "، وفي رواية أخرى " إن البرد الشديد والأجر العظيم لأهل إفريقية "، وفي خبر آخر أنه عليه السلام قال: ينقطع الجهاد من البلدان كلها فلا يبقى إلا بموضع في المغرب يقال له إفريقية فبينما القوم بازاء عدوهم نظروا إلى الجبال قد سيرت فيخرون لله تبارك وتعالى سجداً فلا ينزع عنهم أخفافهم إلا خدامهم في الجنة ". وغزا إفريقية (2) عبد الله بن سعد بن أبي سرح سنة سبع وعشرين ومعه عبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر ومروان بن الحكم رضي الله عنهم وعدة من أصحاب رسول الله فسميت غزوة العباد أو العبادلة، وبرز جرجير ملك إفريقية لابن الزبير فقتله ابن الزبير رضي الله عنهما وحوى المسلمون غنائم كبيرة وبلغ سهم الفارس ثلاثة آلاف دينار، وغلبوا على كل مدينة فيها وفتحوها عنوة، وكان سلطان جرجير من طرابلس إلى طنجة، وكان جرجير لما عزم على لقاء المسلمين أخرج ديدبانه وهو منظر من خشب، وأمر ابنته فصعدت الديدبان وسفرت عن وجهها وكان معها أربعون خادماً في الحلي والحلل، وقدم كراديسه وهو تحت الديدبان وقال: والمسيح لا قتل عبد الله بن سعد رجل منكم إلا زوجته إياها وسقت إليه ما معها من الخدم والنعمة وأنزلته مني المنزلة التي لا يطمع فيها أحد عندي، وبلغ خبره عبد الله فقال لأهل عسكره: وحق محمد النبي لا قتل أحد منكم جرجير إلا نفلته ابنته وما معها، وكان في عشرين ألفاً وجرجير في عشرين ومائة ألف، وتزاحف الناس، ورأى ابن الزبير رضي الله عنهما عورة من جرجير - رآه خلف أصحابه منقطعاً عنهم على برذون أشهب معه جاريتان تظللانه بريش الطواويس - فدخل على عبد الله بن سعد من كسر خبائه وهو مستلق على فراشه يفكر في أمره فقال له: عورة من عدونا وخشيت الفوت فاخرج فاندب الناس، فخرج فقال: أيها الناس انتدبوا مع ابن الزبير إلى عدوكم، قال: فتسرع إلي جماعة أخذت منهم ثلاثين فارساً قلت: إني حامل فاصرفوا عن ظهري من أرادني فإني سأكفيكم ما أمامي إن شاء الله تعالى: ثم حمل في الوجه الذي هو فيه، وذبوا عنه وابتغوه، فخرق الصفوف إليه فحسب أنه رسول فلما رأى السلاح ثنى برذونه هارباً، وأدركته، قال: فطعنته فسقط ميتاً فرميت بنفسي عليه وألقت جاريتاه أنفسهما فقطعت يد إحداها، وأجهزت عليه ورفعت رأسه على رمحي، وجال أصحابه وحمل المسلمون في ناحيتي وكبروا فقتلوهم كيف شاءوا، وثارت الكمناء من كل ناحية وسبقت خيول المسلمين ورجالهم إلى حصن سبيطلة فمنعوهم من دخوله وركبهم المسلمون يميناً وشمالاً في السهل الوعر، فقتلوا أنجادهم وفرسانهم وأكثروا فيهم الأسر حتى لقد كنت أرى في الموضع الواحد ألف أسير. وذكر أشياخ من أهل إفريقية أن ابنة جرجير لما أشرفت على العرب في عسكرهم قالت لأبيها: لا تسرف في قتل هؤلاء ونفلنيهم، قال: قد نحلتك إياهم. فلما قتل أبوها تنازع الناس في قتله وهي تنظر، فقالت: ما للعرب يتنازعون؟ قيل لها: يتنازعون في قتل أبيك، فبكت وقالت: قد رأيت الذي أدرك أبي فقتله، فقال لها عبد الله بن أبي سرح الأمير: هل تعرفينه؟ قالت: إذا رأيته عرفته، فأخذ عبد الله الناس بالعرض فمروا بين يديها حتى مر عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما فقالت: هذا قاتل أبي، فقال له ابن أبي سرح: كتمت عني قتلك أباها يا أبا بكر، فقال: قد علمه الذي قتلته له، فنفله ابن أبي السرح ابنة الملك فاتخذها أم ولد، وكان ابن الزبير رضي الله عنهما في ذلك الوقت ابن بضع وعشرين سنة، ونزل ابن أبى سرح على باب المدينة فحصرها بمن معه حصاراً شديداً حتى فتحها، فأصاب فيها شيئاً كثيراً وأصاب أكثر أموالهم الذهب والفضة، وهو الذي افترع إفريقية، فكانت توضع بين يديه أكوام الذهب والفضة، فقال للأفارق: من أين لكم هذا؟ فجعل رجل منهم يلتمس شيئاً في الأرض حتى جاء بنواة زيتون فقال: من هذا أصبنا الأموال لأن أهل هذا البحر ليس لهم زيت فكانوا يأتوننا يشترون الزيت منا، وكان سهم الفارس ثلاثة آلاف دينار هرقلي وسهم الراجل ألف ديار وبث ابن أبي سرح السرايا والغارات من مدينة سبيطلة فبلغت خيله قصور قفصة فسبوا وغنموا وحازوها إلى مرماجنة، فأذلت تلك الوقعة الروم بإفريقية وأصابهم رعب شديد، فلجأوا إلى الحصون والقلاع، واجتمع أكثرهم بقصر الأجم، فطلبوا من عبد الله بن أبي سرح أن يأخذ منهم ثلاثمائة قنطار ذهباً على أن يكف عنهم ويخرج من بلادهم، فقبل ذلك منهم وقبض المال، وكان في شرط صلحهم أن ما أصاب المسلمون من قبل الصلح فهو لهم وما أصابوه بعد الصلح ردوه لهم. ودعا عبد الله بن سعد الأمير عبد الله بن الزبير فقال: ما أحد أحق بالبشارة منك فبشر أمير المؤمنين والمسلمين بالمدينة بما أفاء الله تعالى عليهم، فتوجه عبد الله بن الزبير رضي الله عنه، فبعض الناس يقول: دخل المدينة من سبيطلة في ثماني عشرة ليلة، ومنهم من يقول: وافى المدينة في أربعة وعشرين يوماً من خروجه من سبيطلة. ثم انصرف ابن أبي سرح من إفريقية بعد إقامته بها ستة أشهر راجعاً إلى مصر ووصل إلى المدينة فبيع المغنم، فصفق مروان بن الحكم على الخمس وهي خمسمائة ألف دينار فوضعه عثمان رضي الله عنه، فكان ذلك من أسباب القول في عثمان رضي الله عنه وآل الأمر إلى قتله وما تبع ذلك من الفتن، وأصاب الناس ما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه نهى عنه عمرو بن العاص رضي الله عنه من دخول إفريقية في عهده لأنها مفرقة غير مجمعة وأن ماءها قاس ما شربه أحد من المسلمين إلا اختلفت قلوبهم، فلما دخلوها وشربوا ماءها قتلوا خليفتهم عثمان رضي الله عنه، ثم كانت الفتن. وقال أبو عبيد: لما فتح عمرو بن العاص رضي الله عنه طرابلس كتب إلى عمر رضي الله عنه بما فتح الله عليه وأنه ليس أمامه إلا إفريقية، فكتب إليه عمر رضي الله عنه: إذا ورد عليك كتابي هذا فاطو دواوينك ورد علي جندي، ولا تدخل إفريقية في شيء من عهدي، فإني سمعت رسول الله يقول: " إفريقية مفرقة لأهلها غير مجمعة، ماؤها قاس ما شربه أحد من المسلمين إلا اختلفت قلوبهم "، فأمر عمرو بن العاص رضي الله عنه العسكر بالرحيل قافلاً وفي رواية ان عمر رضي الله عنه كتب إليه: إنها ليست بإفريقية ولكنها المفرقة غادرة مغدور بها لا يغزوها أحد ما بقيت. (1) البكري: 21. (2) قارن بما عند ابن عذاري 1: 9، وابن عبد الحكم: 183.

[الروض المعطار في خبر الأقطار]

إفريقية

بالكسر هو اسم لبلاد واسعة ومملكة كبيرة، قبالة جزيرة صقلية، وينتهى آخرها إلى قبالة جزيرة الأندلس، والجزيرتان فى شماليّها، وصقلّية منحرفة إلى الشرق والأندلس إلى الغرب، سمّيت بإفريقية نسبة إلى إفريقس بن أبرهة [بن] الرائش، وقيل إفريقش ابن صيفى بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان، وهو الذي اختطّها. ذكروا أنه لما غزا المغرب انتهى إلى موضع واسع رحب كثير الماء، فأمر أن يبنى هناك مدينة، فبنيت وسمّاها إفريقيّة، ثم نقل إليها الناس، ثم نسبت الولاية بأسرها إلى هذه المدينة، ثم انصرف إلى اليمن. وحدّ إفريقية من طرابلس المغرب من جهة برقة والإسكندرية وإلى بجاية. وقيل إلى مليانة فيكون مسافة طولها نحو من شهرين ونصف. وقيل: طولها من برقة شرقا إلى طنجة الخضراء غربا. وعرضها من البحر إلى الرمال التى فى أول بلاد السودان، وهى جبال ورمال عظيمة متصلة من الشرق إلى الغرب، وفيه يصاد الفنك الجيّد.

[مراصد الاطلاع على اسماء الامكنة والبقاع]