الإِيْوَانُ
آخره نون: وهو إيوان كسرى، قال النحويون: الهمزة في إيوان أصل غير زائدة ولو كانت زائدة لوجب إدغام الياء في الواو وقلبها إلى الياء كما في أيّام، فلما ظهرت الياء ولم تدغم دل على أن الياء عين وإن الفاء همزة وقلبت ياء لكسرة الفاء وكراهية التضعيف، كما قلبت في ديوان وقيراط، وكما أن الدال والقاف فاءان والياءين عينان كذلك التي في إيوان. وإيوان كسرى الذي بالمدائن، مدائن كسرى: زعموا أنه تعاون على بنائه عدة ملوك، وهو من أعظم الأبنية وأعلاها، رأيته وقد بقي منه طاق الإيوان حسب، وهو مبنيّ بآجرّ طول كل آجرّة نحو ذراع في عرض أقلّ من شبر وهو عظيم جدا، قال حمزة بن الحسن: قرأت في الكتاب الذي نقله ابن المقفع أن الإيوان الباقي بالمدائن هو من بناء سابور ابن أردشير، فقال لي الموبذان، موبذان أميد ابن أشوهست: ليس الأمر كما زعم ابن المقفّع، فان ذلك الإيوان خرّبه المنصور أبو جعفر وهذا الباقي هو من بناء كسرى أبرويز. وقد حكي أن المنصور لما أراد بناء بغداد استشار خالد بن برمك في هدم الإيوان وإدخال آلته في عمارة بغداد، فقال له: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فقال: أبيت إلا التّعصّب للفرس! فقال: ما الأمر كما ظن أمير المؤمنين ولكنه أثر عظيم يدلّ على أنّ ملّة ودينا وقوما أذهبوا ملك بانيه لدين وملك عظيم، فلم يصغ إلى رأيه وأمر بهدمه فوجد النفقة عليه أكثر من الفائدة بنقضه فتركه، فقال خالد: الآن أرى يا أمير المؤمنين أن تهدمه لئلا يقال إنك عجزت عن خراب ما عمره غيرك ومعلوم ما بين الخراب والعمارة، فعلى قول الموبذان: إنه خرّب إيوان سابور بن أردشير، وعلى قول غيره: إنه خرّب إيوان سابور بن أردشير، وعلى قول غيره: إنه لم يلتفت إلى قوله أيضا وتركه. وما زلت أسمع أن كسرى لما أراد بناء إيوانه هذا أمر بشراء ما حوله من مساكن الناس وإرغابهم بالثمن الوافر وإدخاله في الإيوان، وأنه كان في جواره عجوز لها دويرة صغيرة فأرادوهاعلى بيعها فامتنعت وقالت: ما كنت لأبيع جوار الملك بالدنيا جميعها، فاستحسن منها هذا الكلام وأمر ببناء الإيوان وترك دارها في موضعها منه وإحكام عمارتها، ولما رأيت الإيوان رأيت في جانب منه قبّة صغيرة محكمة العمارة يعرفها أهل تلك الناحية بقبّة العجوز، فعجبت من قوم كان هذا مذهبهم في العدل والرفق بالرعية كيف ذهبت دولتهم لولا النبوّة التي شرّفها الله تعالى وشرف بها عباده، وقال ابن الحاجب يذكر الإيوان: يا من بناه بشاهق البنيان! أنسيت صنع الدهر بالإيوان؟ هذي المصانع والدساكر والبنا وقصور كسرانا أنو شروان كتب الليالي، في ذراها، أسطرا بيد البلى وأنامل الحدثان إنّ الحوادث والخطوب، إذا سطت أودت بكل موثّق الأركان قلت: ومن أحسن ما قيل في الإيوان قول أبي عبادة البحتري: حضرت رحلي الهموم، فوجّهت إلى أبيض المدائن عنسي أتسلّى عن الحظوظ، وآسى لمحلّ، من آل ساسان درس ذكّرتنيهم الخطوب التّوالي، ولقد تذكر الخطوب وتنسي وهم خافضون في ظلّ عال مشرف، يحسر العيون ويخسي مغلق بابه، على جبل القبق، إلى دارتي خلاط ومكس حلل، لم تكن كأطلال سعدى، في قفار من البسابس ملس ومساع، لولا المحاباة منّي، لم تطقها مسعاة عنس وعبس نقل الدّهر عهد هنّ عن الجدّة، حتّى غدون أنضاء لبس فكأنّ الجرماز، من عدم الأنس وإخلاقه، بنيّة رمس لو تراه، علمت أنّ اللّيالي جعلت فيه مأتما، بعد عرس وهو ينبيك عن عجائب قوم، لا يشاب البيان فيهم بلبس فإذا ما رأيت صورة أنطا كيّة ارتعت بين روم وفرس وقد كان في الإيوان صورة كسرى أنوشروان وقيصر ملك أنطاكية وهو يحاصرها ويحارب أهلها: والمنايا مواثل، وأنوشر وان يزجي الصّفوف تحت الدّرفس في اخضرار من اللّباس، على أصفر يختال في صبيغة ورس وعراك الرّجال، بين يديه، في خفوت منهم وإغماض جرس من مشيح، يهوي بعامل رمح، ومليح من السّنان، بترس تصف العين أنّهم جدّ أحياء، لهم، بينهم، إشارة خرس يغتلي فيهم ارتيابي، حتّى. .. تتقرّاهم يداي بلمسقد سقاني، ولم يصرّد، أبو الغوث، . .. على العسكرين، شربة خلس من مدام، تقولها هي نجم أضوأ اللّيل، أو مجاجة شمس وتراها، إذا أجدّت سرورا وارتياحا للشّارب المتحسّي أفرغت في الزّجاج، من كلّ قلب، فهي محبوبة إلى كلّ نفس وتوهّمت أنّ كسرى أبرويز معاطيّ، والبلهبذ أنسي حلم مطبق على الشّكّ عيني، أم أمان غيّرن ظنّي وحدسي؟ وكأنّ الإيوان من عجب الصّنعة جوب، في جنب أرعن جلس يتظنّى، من الكآبة، أن يبدو لعيني مصبّح أو ممسّ مزعجا بالفراق عن أنس إلف، عزّ، أو مرهقا بتطليق عرس عكست حظّه اللّيالي، وبات ال مشتري فيه، وهو كوكب نحس فهو يبدي تجلّدا، وعليه كلكل من كلاكل الدّهر مرس لم يعبه أن بزّ من بسط الدّي باج، واستلّ من ستور الدّمقس مشمخرّ، تعلو له شرفات، رفعت في رؤوس رضوى وقدس لابسات من البياض، فما تبصر منها إلّا فلائل برس ليس يدرى: أصنع إنس لجنّ سكنوه، أم صنع جنّ لإنس؟ غير أنّي أراه يشهد أن لم يك بانيه، في الملوك، بنكس فكأنّي أرى المراتب والقو م، إذا ما بلغت آخر حسّي وكأنّ الوفود ضاحين حسرى، من وقوف خلف الزّحام، وخنس وكأنّ القيان، وسط المقاصير، يرجّحن بين حوّ ولعس وكأنّ اللّقاء أوّل من أمس ووشك الفراق أوّل أمس وكأنّ الّذي يريد اتّباعا، طامع في لحوقهم صبح خمس عمرت للسّرور دهرا، فصارت للتّعزّي، رباعهم، والتّأسّي فلها أن أعينها بدموع موقفات على الصّبابة حبس ذاك عندي، وليست الدّار داري، باقتراب منها، ولا الجنس جنسي غير نعمى لأهلها عند أهلي، غرسوا من ذكائها خير غرس أيّدوا ملكنا وشدّوا قواه بكماة، تحت السّنوّر، حمس وأعانوا على كتائب أريا ط بطعن على النّحور، ودعس وأراني، من بعد، أكلف بالأشراف. .. طرّا، من كلّ سنخ واسّواجتاز الملك العزيز جلال الدولة البويهي على إيوان كسرى فكتب عليه بخطه من شعره: يا أيّها المغرور بالدنيا اعتبر بديار كسرى، فهي معتبر الورى غنيت زمانا بالملوك وأصبحت من بعد حادثة الزمان كما ترى
[معجم البلدان]
الإيوان
هو إيوان كسرى بدار ملك الأكاسرة المدائن من العراق وبالمدينة العتيقة منها التي كان ينزلها ملوك بني ساسان، ويقال إن سابور ذا الأكتاف هو الذي بناه، وهو من أكابر ملوكهم. وهذا الإيوان هو الذي يقول فيه البحتري من قصيدة وصف في أولها القصر الأبيض فأجاد ما شاء ثم قال يصف الإيوان هذا: وكأن الإيوان من عجب الصن؟. .. عة جوب في جنب أرعن جلس يتظنى من الكآبة إذ يب؟. .. دو لعيني مصبح أو ممسي مزعجاً بالفراق عن أنس ألف. .. عز أو مرهقاً بتطليق عرس عكست حظه الليالي وبات ال؟. .. مشتري فيه وهو كوكب نحس فهو يبدي تجلداً وعليه. .. كلكل من كلاكل الدهر مرس لم يعبه إن بز من بسط الديبا. .. ج واستل من سور الدمقس مشمخر تعلو له شرفات. .. رفعت في رؤوس رضوى وقدس لابسات من البياض فما تب؟. .. صر منها إلا غلائل ورس لست تدري أصنع أنس لجن. .. صنعوه أو صنع جن لأنس غير أني أراه يشهد أن لم. .. يك بانيه في الملوك بنكس وروي أن أبا جعفر المنصور (1) لما أفضت الخلافة إليه هم بنقض هذا الإيوان واستشار في ذلك جلساءه وذوي الرأي عنده من رجاله، فكلهم وافقه على رأيه وأشار عليه بما يطابق هواه إلا خالد بن برمك فإنه قال له: لا تفعل يا أمير المؤمنين فإنه آية الإسلام وإذا رآه من يأتي في مستقبل الزمان علم أن أصحاب مملكته لم يغلبوا عليه إلا بأمر من الله تعالى وتأييد أمد به المسلمين الذين قهروهم، وبقاؤه فخر لكم وذكر ومع ذلك فالمؤونة في هدمه أكثر من العائد منه فاستغشه المنصور في ذلك فقال له: يا خالد أبيت إلا ميلاً مع العجمية ثم أمر بنقض الإيوان، فبلغت النفقة في نقض شيء يسير منه مبلغاً عظيماً، فكتب إليه بذلك فعزم على تركه وقال لخالد بن برمك: قد صرنا إلى رأيك، فقال له خالد: إن رأيي الآن أن تبلغوا به الماء، فقال له المنصور: وكيف ذلك؟ قال: إني آنف لكم أن يكون أولئك بنوا بناء تعجزون أنتم عن هدمه والهدم أسهل من البناء. ففكر المنصور في قوله فعلم أنه قد صدق، ثم نظر فإذا هدمه يتلف الأموال فأمر بالإمساك عنه. وكان بعد يقول: لقد حبب إلي هذا ألا أبني إلا بناء جليلاً يصعب هدمه. وقد بشر رسول الله
ﷺ أصحابه بالاستيلاء على مملكة فارس ووعدهم بافتتاح المدائن فضرب
ﷺ يوم الخندق بمعول أخذه صخرة عظيمة اعترضت عليهم في الخندق، فكسر ثلثها بضربة وقال: " الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام والله إني لأبصر قصورها الحمر الساعة "، ثم ضرب الثانية فكسر ثلثها الثاني وقال: " الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس والله إني لأنظر قصر المدائن الأبيض "، ثم ضرب الثالثة فكسر بقية الحجر وقال: " الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن والله إني لأرى أبواب صنعاء من مكاني الساعة "، فصدق الله وعده وأنجز لأمة محمد
ﷺ ما بشرهم به واستأصل بهم مملكة فارس، وفتح عليهم المدائن في زمان عمر
رضي الله عنه. والمدائن على مسافة يوم من بغداد، ويشتمل مجموعها على مدائن متصلة مبنية على جانبي دجلة شرقاً وغرباً، ودجلة يشق بينهما، ولذلك سميت المدائن، فالغربية منها تسمى بهرسير، والمدينة الشرقية تسمى العتيقة وفيها القصر الأبيض الذي لا يدرى من بناه ويتصل بهذه المدينة العتيقة المدينة الأخرى التي كانت الملوك تنزلها وفيها إيوان كسرى المتقدم الذكر. ونزل الرشيد مرة على قرب من الإيوان فسمع بعض الخدم من وراء السرادق يقول لآخر: هذا الذي بنى هذا البناء أراد أن يصعد إلى السماء، فأمر الرشيد بضربه مائة عصا وقال لمن حضره: إن الملك نسبة بين الملوك لهم به إخوة وإن الغيرة بعثتني على أدبه لصيانة الملك وما يلحق الملوك للملوك. قالوا: ولما بنى أنوشروان سور الباب والأبواب وفدت عليه الملوك بالهدايا فكان في جملتهم رسول قيصر فنظر إلى الإيوان وحسن بنائه وإعجاب صنعته ورأى تعريجاً في ميدانه واعوجاجاً فسأل عن معنى ذلك فقيل له إن عجوزاً لها منزل في جانب الاعوجاج، وأن الملك أرادها على بيعه وأرغبها فأبت فلم يكرهها فقال الرومي: هذا الاعوجاج الآن أحسن من الاستواء. ولما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله
ﷺ ارتج هذا الإيوان وسقط منه أربع عشرة شرفة وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، وغاضت بحيرة ساوة ورأى الموبذان وهو القائم بأمر الدين عندهم خيلاً عراباً قد قطعت دجلة فأفزع ذلك كسرى أنوشروان، وكان مولد رسول الله
ﷺ لاثنتين وأربعين سنة من ملكه، فكتب أنوشروان إلى النعمان بن المنذر وهو ولاه أمر العرب أن يوجه إليه رجلاً من مشاهير العرب يسأله عما يريد فبعث إليه عبد المسيح بن عمرو إلى آخر القصة وهي مشهورة. وللإيوان بناء عال شديد البياض. (1) قارن بما أورده ياقوت، ((الايوان)).
[الروض المعطار في خبر الأقطار]