البحث

عبارات مقترحة:

التواب

التوبةُ هي الرجوع عن الذَّنب، و(التَّوَّاب) اسمٌ من أسماء الله...

الشكور

كلمة (شكور) في اللغة صيغة مبالغة من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...

الرزاق

كلمة (الرزاق) في اللغة صيغة مبالغة من الرزق على وزن (فعّال)، تدل...

علامات لكشف العلة من منهج المتقدمين

وهي أسباب تكتسب بالدراية بعلوم الحديث، وفهم ما ترد عليه الأسانيد والمتون، استعملها أئمة النقاد لمعرفة علة الحديث، وهي علامات ظنية، لا يجوز القطع بتخطئة الثقة بمجرد ورودها على فكر الناقد حتى يستدل لها. نعم، قد يقوم الدليل عند الناقد على علة الحديث، ولم يتبين بمن يلصق الوهم فيه من رواته، لكن ينبغي في هذه الحال أن يتوجه حمله على أدناهم حفظاً. ومن أمثلته: ما نقله ابن أبي حاتم الرازي، قال: سألت أبي وأبا زرعة عن حديث، رواه علي بن هاشم بن مرزوق، عن يزيد بن هارون، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن سالم مولى دوس: قلت لكعب: أكنت تقبل وأنت صائم؟ قال: نعم، وآخذ به؟ فقالا: " هذا خطأ، إنما هو عن سالم مولى دوس، قال: قلت لسعد بن أبي وقاص "، قال أبو زرعة: " وأخطأ علي بن هاشم؛ لأن يزيد بن هارون لا يذهب عليه مثل هذا ". قلت: يقول: يزيد لحفظه وإتقانه لا يقع له مثل هذا الوهم، ولا يحمل فيه عليه الخطأ وفيمن دونه أولى بحمل الخطأ عليه منه مع صدقه، وهو علي بن هاشم الرازي. لكن إذا لم يتبين ما يمكن أن يحمل عليه الوهم من رواته، فتكون الرواية معلولة، دون إلحاق المأخذ فيها على معين. وتلك العلامات المساعدة المستفادة من طرق النقاد في التعليل، منها ما يعرف من الفصل السابق، إذ التفرد، والزيادة، والمخالفة، والاختلاف، ودخول حديث في حديث، والتصحيف، والقلب، والتدليس، جميعها تكون بملحظ الناقد، بل يقصد إلى تقصيها في الرواية، حتى تسلم له منها، فوقوع الشيء منها في الرواية علامة على العلة، فإن استقرت بحجتها كانت هي العلة. لكن قد بينت من قبل أنه ليس كل تفرد علة، ولا كل مخالفة مؤثرة، ولا كل اختلاف قادحاً، فما لم يكن من قبيل ما بينت قبل أنه قادح بمجرد تلك الأسباب، فإن الناقد قد يهتدي بعلامات أخرى للتوصل إلى العلة، ترجع أصولها إلى ما يلي: ‌ ‌ أولاً: أن يأتي أحد وجهي الرواية على الجادة، والآخر خارجاً عنها. ومن عباراتهم فيه: (لزم فلان الطريق). و (أخذ طريق المجرة فيه). و (وهذا الطريق كان أسهل عليه). والمعنى فيه: أن يروي الحديث ثقتان، فيجريه أحدهما على المعتاد في أسانيد شيخه، والآخر على غير المعتاد منها. فمن خرج به عن المعتاد، فذلك قرينة على إتقانه للرواية، إذ مثل ذلك يحتاج حفظه إلى مزيد احتياط، ولا يتفطن إليه متيقظ، بخلاف ما جاء على الجادة. وقد قال أحمد بن حنبل في مثال هذا: " أهل المدينة إذا كان حديث غلط يقولون: ابن المنكدر عن جابر، وأهل البصرة يقولون: ثابت عن أنس، يحيلون عليهما ". "تحرير علوم الحديث" للجديع.